اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مقالات تنويريه ...


Recommended Posts

ماذا تعرف عن ديانة الـ "ساينتولوجي" التي يعتنقها توم كروز؟

هافينغتون بوست عربي |  حامد العظم
تم النشر: 16:59 11/01/2016 ASTتم التحديث: 16:59 11/01/2016 AST
SCIENTOLOGY
 
 
 

رغم من أن الديانات الإبراهيمية والشرقية هي الأكثر انتشاراً في العالم، فإن خارطة الأديان لا تخلو من ديانات أخرى تكتسب حضوراً ملحوظاً بغض النظر عن مضمونها.

هذا ما شهده القرن الـ 20، حين ظهرت ديانة جديدة باسم "ساينتولوجي" أو حسب بعض الترجمات العربيّة (العلمولوجيا)، والتي انتشرت بكثرة مؤخراً في أميركا.

 

المؤسس والبدايات

 



ron hubbard

ل. رون. هابرد

 

يعود تأسيس ساينتولوجي إلى كاتب الخيال العلمي الأميريكي ل. رون. هابرد، الذي بدأ حياته ككاتب وشبه طبيب نفسي ومنوّم مغناطيسي. بالرغم من الكثير من الدعاوى ضده لأنه ليس طبيباً، وأن أهم أفكاره ليست طبيّة أو علميّة، إلا أنه تمكن من تحقيق الانتشار وتحويل أفكاره إلى دين.

أسست في العام 1953 أول كنيسة للساينتولوجي في ولاية نيوجيرسي الأميركية، وتُعتبر الرؤية، التي "نزلت" عليه إثر اقترابه من الموت مرة نتيجة خطأ طبي، السبب الرئيسي لتأسيسيه هذه الديانة.

 

ساينتولوجي كمؤسسة

 

الانتشار الأكبر للساينتولوجي كان في أميركا، فحوالي ثلاثة أرباع المؤمنين بها موجودون هناك، كما لا يوجد عدد دقيق لأعداد المنتمين لهذه الكنيسة أو مؤسساتها، فالبعض يقول أنها تضم 10 ملايين في كل أنحاء العالم، في حين يعتقد آخرون أن عدد متبعيها لا يتجاوز الآلاف أو حوالي 4 ملايين حسب موقع الكنيسة.

إلى جانب ذلك، فإن الكثيرين يرون في ساينتولوجي شركةً ربحيةً، أو حتى شركة تجارية، حيث نقرأ حسب الموقع الرسمي لهم أنه في العام 2010 بلغت ممتلكات الكنيسة ما يقارب الـ 12 مليون متر مربع من الأرض، ولديها حوالي 70 مركزاً في أهم عواصم العالم. إلى جانب 11 ألف كنيسة ومركزاً منتشراً في 167 بلداً.

 

أبرز المعتقدات والممارسات

 

تعرف ساينتولوجي نفسها بأنها دراسة المعرفة، وذلك حسب المعنى اللاتيني للكلمة، فهي تدمج الرياضيات مع علم النفس مع الممارسات الروحية والفيزياء الذرية، لتفسير العلاقات الاجتماعية والأسريّة، إلى جانب العلاقة مع الغيب، فجوهر الإيمان فيها قائم على أن الذاكرة البشرية أو الإنسانية تعود إلى مليارات السنين، وتتجاوز في القدم عمر الكون والعالم الذي نعرفه، إذ كان هناك حينها كائنات فضائية باسم الثيتين، وهي كائنات روحية خالدة، إلا أنها انتقلت بين الأكوان وتلبست أشكال الحياة المختلفة وفقدت ذاكرتها حين حلت في أجساد البشر والكائنات التي نراها حالياً، والانعتاق منها سيوصل المرء لمرحلة المراقب الأعلى، التي تمكنه من التواصل مع الآخرين من دون استخدام جسده، فما نمتلكه اليوم من صور، هي ذاكرة العنف والتي زرعها الدكتاتور زينو في الكائنات التي تتلبسها الثيتين، ولابد من التخلص منها للوصول، إلى النقاء والصفاء الفكري.

لكن، من هو زينو؟ بحسب معتقدات ساينتولوجي هو طاغية المجرّات الذي شرّد الثيتين من كوكبهم وما زال يلاحقهم ويؤثر على ذاكرتهم، حيث استبدلها بذاكرة البشر والأديان والمفاهيم البشرية.

بالإضافة إلى ذلك هناك ممارسات يقوم بها أتباع ساينتولوجي، وهي استخدامهم لأجهزة تقيس مدى التلوث لدى الكائن البشري الـ e-meter، وتسعى لتخليصه من السموم في جسمه، إلى جانب جلسات ساونا مكثفة للتخلص مما يحمله من سموم، وتعاطي عقاقير خاصة موافق عليها طبياً بوصفها مزيجاً مركزاً من الفيتامينات لتطهير الجسد.

ساينتولوجي ترى علم النفس عدواً لها، بوصفه يخرب العقول، يستخدم الصور والذكريات السيئة ويساهم في تمكينها في الروح، ما يزيد من سيطرة الجسد على الثيتين، كما يرى هابرد أن مهنة التحليل النفسي بربرية وفاسدة.

 

مشاهير ساينتولوجي

 



tom cruise
 

اجتذبت ساينتولوجي الكثير من المشاهير في أميركا، يعد أبرزهم الممثل توم كروز، الذي كرّمته الكنيسة بوصفه وصل إلى أعلى مرحلة في الهرم الديني، ونال في العام 2004 ميدالية الحريّة التي تقدمها الكنيسة، أما المرحلة التي وصل لها فهي القدرة على التخاطر والتحكم بروحه خارج قيود الجسد.

إلى جانب كروز، هناك العديد من المنتمين للكنيسة والمشاركين في حملاتها الدعائية، كالممثل الأميركي جون ترافولتا، كذلك ليسا ماري بريسلي ابنة ملك الروك اند رول الفيس بريسلي. وعلى النقيض أعلن الكثيرون انفكاكهم عن المؤسسة كالممثلة شارون ستون، وكريستوفر ريفز، و المغني ريكي مارتن، وبراد بيت، والممثل الكوميدي جيري ساينفلد، وكذلك الممثل باتريك سويزي الذي وجد نفسه فجأة عضواً دون أن يعلم إثر تغريدة قام بها أحدهم.

 

انتقاد ساينتولوجي

 

تعرضت الساينتولجي للكثير من الانتقادات، خصوصاً من قبل زوجة هابرد الثانية (سارة)، التي اتهمته بالجنون وبتعنيفها وبخطف ابنتهما أثناء إجراءات الطلاق بينهما.

كذلك تم انتقادها من النواحي العقائدية، وأخرى من نواحي اقتصادية بوصف ساينتولوجي مؤسسة ربحية تهدف لجمع النقود فقط، كما أنها تعرضت للمحاربة في كل من ألمانيا وفرنسا، إلى جانب قضية التجسس والابتزاز التي قامت بها الكنيسة على العديد من دوائر الحكومة الأميركية كي تنال الإعفاء من الضرائب وهذا ما حدث في العام 1993.

بعض ما يقال عن ممارساتها مع أتباعها مثلاً منعهم من استخدام الأدوية الطبية، بوصف العلاج الروحي هو الحل، والتعامل مع أطفال الرعية بوصفهم جواسيس للكنيسة فيما يخص أسرهم، ومدى التزامهم بتعاليم الكنيسة.

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

  • الردود 166
  • البداية
  • اخر رد

أكثر المشاركين في هذا الموضوع

الحرب بين الشيعة والسنة لم تتوقف أبداً..
هي حرب قديمة قدم الإسلام نفسه، وإن شئت الدقة فهي حرب مستعرة قبل أن يظهر الإسلام أصلاً !

الفترات اللي توقفت فيها الحرب بينهم، أو الفتن، بالتعبير الإسلامي، كانت فترات قليلة جداً، تكاد لا تذكر، ولا تخرج عن ثلاثة أسباب: 

إما بسبب وجود حاكم قوي أو مستنير، زي ما حصل في عهد عمر بن الخطاب بقوته المعهودة أو عهد صدام حسين مثلا، أو زي ما حصل في بدايات العصر العباسي الأول، في عهد المأمون الحاكم العلماني المستنير، أو بسبب احتلال أجنبي طاح في الفرقتين، فـ مكنش حد فيهم فاضي للتاني، وكل فرقة كانت ملهية على عينها.

الحرب السنية الشيعية هي في الأصل خلاف بين عائلتين علي السلطة، تم تدجينه لاحقاً  كخلاف ديني!  

واقعة الجمل، اللي مات فيها 10 ألاف صحابي مسلم، لم تكن في حقيقة الأمر سوي خلاف عائلي، وواقعة صفين اللي مات فيها 70 ألف مسلم، علي أقل تقدير، كانت كذلك أيضاً. 

الواقعتين كانوا خناقة علي كرسي الخلافة بين عيلتين، نتج عنهم سيطرة عائلة الأمويين علي الحكم، اللي هما "السنة" يعني.. بعدها وعلي مدار ما يقارب القرن لم تتوقف حركات التمرد علي الجبهة الشيعية، المعروفة بإسم "الهاشمية"، بفرعها "الطالبي" علي وجه التحديد، ضد جبهة "الأمويين" المسيطرين علي الحكم. ومن جانبهم استن الأمويين "سنة" لعلن علي بن أبي طالب علي المنابر كسلاح ديني للتصدي لتمرد شيعته السياسي. 

كل حركات التمرد تقريباً تم قمعها بقوة مفرطة، ونجحت الدولة في القضاء عليها، إلا أن واحدة من هذه الحركات، لفرط بشاعتها أدت إلى زرع بذرة أدلجة الصراع من سياسي إلي ديني، بشكله اللي باقي عليه لحد النهاردة، وهي واقعة "كربلاء"، اللي قتل فيها الحسين " الهاشمي"، وحملت رأسه بعد أن قطعت و 72 رأس أخرى من العراق إلي الشام، ثم وضعت أمام يزيد بن معاوية " الأموي"، فصرخ من فرط ورعه وتقواه وإيمانه قائلاً : قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء!

واحدة من حركات التمرد دي انتصر فيها الشيعة علي السنة، إلا أن الانتصار العسكري لم يتوج بنصر سياسي، رغم إن " المختار الثقفي" أسر من الأمويين 500 رجل وذبح منهم 240، وحرق الباقين وقطع أوصالهم وتركهم ينزفون لتروي دمائهم رمال العراق. 

وهكذا يخبرنا التاريخ: ليس هناك طرف ظالم و أخر أشد ظلماً، فكلما تحكم أحدهم في الأخر، أعمل فيه القتل الصلب والتنكيل. 

بداية النصر الحاسم للسنة، كمذهب ديني، كان في عهد المتوكل، اللي فرض أهل الحديث بصفتهم الكهنوت المعتمد، وأطاح بالمعتزلة وكل ما له علاقة بالعقل في الإسلام. وكان رد الجميل من طبقة الكهنوت أنها طوعت الدين لتكفير كل من يفكر في الخروج عن الحاكم. منذ ذاك الحين؛ ظهرت أدبيات تكفير الشيعة، بصفتهم "روافض" وبدورهم لم يتورع الشيعة عن تكفير السنة بصفتهم "نواصب". 

في منتصف القرن الرابع، وبعد توالي عقود من تنكيل السنة بالشيعة، اللي مبقوش منذ ذاك الحين أمويين، بل صاروا هاشميين، بما يعني إن الصراع أصبح هاشمي هاشمي، بين الفرع العباسي والطالبي، صار طبيعياً أن تدجن الشيعة نفسها كطائفة مظلومة علي الدوام، ففي هذه الفترة ظهرت لأول مرة علي مسرح التاريخ الإسلامي طقوس عاشوراء والمآتم الكربلائية.. 

وعلي الفور استدعى السنة أصل الصراع، وعادت الذاكرة الجمعية لهم إلى بداياته الأولي، فجاءوا بـ امرأة وأركبوها جملاً وسموها "عائشة"، وسموا أحدهم "طلحة" والأخر "زبير"، وقالوا هيا بنا نحارب أصحاب علي! 

وبالفعل أعادوا تكرار موقعة الجمل مرة أخرى، ويعجز "بن كثير" عن التعقيب عن هذه الواقعة ويكتفي بالقول أنه قتل فيها خلق كثير وساد السلب والنهب وعاث العيارون في البلاد فساداً !! 

وتوالت المعارك بين الطائفيتين (كل عـام) تقريباً، من غير توقف، ولم تنتهي إلا في منتصف القرن السابع، أي أنها أستمرت  300 سنة بلا إنقطاع يذكر، لحد ما جه "هولاكو"، فـ طربقها علي رؤوسهم، سنة وشيعة!!

يتبقي القول أن كل ما حدث لاحقاً كان مجرد تكرار لهذا المسلسل السخيف!!

محمود جمال

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

الأحد ١٩ يونيو ٢٠١٦ - ٠٩:٥٥:٥٣ م

خبراء: نؤدي الصلاة قبل موعدها بـ 20 دقيقة.. الإفتاء على علم بالتوقيت الخاطئ.. البحوث الفلكية: الإعلان عن نتائج مشروع التحقق من الموعد في 2017

سلمى كحيل
 
بعد أن انفردت "فيتو"، في عام 2014، بتحقيق تحت عنوان "100 سنة بنصلي الفجر غلط"، وعليه بدأ المعهد القومي للبحوث الفلكية البدء في مشروع مع دار الإفتاء للتحقق من صحة الموعد من عدمه، عاد خبراء الفلك مرة أخرى ليفجروا مفاجأة مدوية، حول توقيت صلاة الفجر، مؤكدين أن المصريين منذ 100 عام يصلون الفجر قبل موعده المحدد شرعا، ويرجع سبب الخطأ إلى عدم تحديد الوقت الصحيح لانخفاض الشمس تحت خط الأفق، وهو الأمر الذي يوضح وقت الفجر، ويستطيع من خلاله الباحثون التمييز بين الخيط الأبيض والخيط الأسود كما ورد بالقرآن.
 

نصلى قبل الأذان بـ 20 دقيقة

وأضاف الخبراء، في تصريح خاص لـ«فيتو»، أن مسلمي مصر والدول العربية يصلون الفجر قبل موعده الحقيقي بفترة تترواح ما بين 20 إلى 30 دقيقة، لافتين إلى أن وقت صلاة الفجر المعمول به حاليا، يسبق الموعد الحقيقي بـ20 دقيقة.
 
وتابع الخبراء: «إن مسلمي أوروبا ومصر والدول العربية يصلون الفجر قبل موعده، خطأ أما مسلمو شمال أمريكا فقط فهم من يصلون الفجر في موعده الصحيح، بسبب معدل انخفاض الشمس تحت خط الأفق».
 

دار الإفتاء

وأوضح الخبراء أن دار الإفتاء على علم بأن موعد أذان صلاة الفجر بمصر خطأ وتأكدت من الموضوع علميا منذ عام.
 
وأضاف الخبراء لـ"فيتو" أن سبب عدم تصحيح صلاة الفجر حتى الآن والإعلان عن الموعد الحقيقي له هو عدم إثارة البلبلة في الشارع المصري، وتابعوا: "مسئولو دار الإفتاء قالوا لنا: خلوا الناس تصلي زي ما هي عارفة مش ناقصين بلبلة".
 
وأشار الخبراء إلى أنه تم تدشين مشروع تعاون بين دار الإفتاء والمعهد القومي للبحوث الفلكية عندما اكتشف أحد الباحثين بالمعهد عام 2014 أن موعد صلاة الفجر خاطئ.
 

نتائج المشروع في 2017

أكد الدكتور حاتم عودة، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية، أن موعد نتائج مشروع التحقق من صلاة الفجر سيكون بحلول عام 2017.
 
وأضاف، في تصريح خاص لـ"فيتو"، أن مشروع التحقق من موعد صلاة الفجر مدته عامان وبدأ في أوائل 2015، بالتعاون مع دار الإفتاء المصرية وبمشاركة هيئة المساحة، مشيرا إلى أنه يشارك في المشروع عدد من العلماء والباحثين على أعلى مستوى.
 
وتابع: "مثل هذه الأمور تثير البلبلة في الشاعر المصري بشكل كبير ويجب على المصريين انتظار نتائج المشروع، فمن المحتمل أن يتم الإعلان عن أن المواعيد الحالية هي الصحيحة".
 
ولفت أنه يشارك في المشروع المعهد القومي للبحوث الفلكية وهيئة المساحة ودار الإفتاء، مشيرا إلى أن المعهد اشترى جهازا علميا تكلفته مليون و250 ألف جنيه لرصد كافة أنحاء الجمهورية.
وكان مسئولون قد طالبوا وسائل الإعلام بعدم الإفصاح عن الخطأ في توقيت صلاة الفجر في مصر، حتى لا يتسبب الأمر في أزمة كبيرة داخل المجتمع، خاصة في أوساط المتدينين.

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

الوهابية 
برزت الوهابية في السنوات الأخيرة كدين يدعو للعنف وينكر كل ما هو قبله وما هو بعده، وتَعتبر العقيدة الوهابية كل شخص يخالفها عدوًا للدين، ويتم الحكم عليه بالقتل، كما أن الوهابية تجيز قتل أتباع باقي المذاهب والأديان، وتعود نشأة الفكر الوهابي إلى القرن الثامن عشر الميلادي على يد محمد بن عبد الوهاب الذي يعد واضع بنيان هذا المذهب الذي برز دوره التدميري في المنطقة في الفترة الأخيرة وذلك من خلال ما يمكن أن نطلق عليه "حرب الفتاوى".
حرب الفتاوى:
اشتهرت فتاوى الوهابية في الآونة الأخيرة وخاصة بعد الأزمة السورية إذ لعبت دورًا كبيرًا في تأجيج الصراع داخل الأراضي السورية كما وساهمت في التحاق العديد من الشبان من بلدان مختلفة بالجماعات التكفيرية في سورية والعراق ودول أخرى، وتستند الجماعات التكفيرية في حربها ضد الشعب السوري على الفتاوى الوهابية والتي من أشهرها فتوى ابن تيمية التي يقول فيها "هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم.....وقد اتفق علماء المسلمين على أن هؤلاء لا تجوز مناكحتهم، ولا يجوز أن ينكح الرجل مولاته منهم ولا يتزوج منهم امرأة ولا تباح ذبائحهم....ولا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب، فإن جهاد هؤلاء من جنس جهاد المرتدين".
تعتبر أفكار ابن تيمية هي الأساس الذي بنى عليه محمد بن عبد الوهاب دعائم المذهب الوهابي، وهي المنهج الذي تتبعه السعودية في الوقت الحاضر لإدارة الحرمين الشريفين، فهي تمنع زيارة القبور والأدعية وهذه الأفكار مأخوذة من ابن تيمية الذي كان يعتبر زيارة القبور والاستشفاع بالنبي وبأهل بيته شركًا وارتدادًا، ويؤكد الكاتب والباحث الأردني "أحمد جرادات" أن تمام الفتاوى الصادرة عن الوهابية لا تملك أي برهان أو دليل، فهي لا تستند إلا على فتاوى ابن تيمية التي تستغلها الجماعات التكفيرية لجذب الأفراد إليها وخاصة في الساحة السورية.
فتاوى "النكاح":
لجأت الوهابية إلى إصدار العديد من الفتاوي لحماية الجماعات التكفيرية في سورية، وكان من أشهر هذه الفتاوى "جهاد اللواط" "وجهاد النكاح" بالإضافة إلى "جهاد نكاح النفس" الذي يجيز شراء أغراض وأدوات الشذوذ الجنسي ويمكن للمسلحين استخدامها للتنفيس عن أنفسهم، وكل هذه الفتاوى كانت لجذب أفراد جدد للجماعات التكفيرية ولتقديم المغريات لهم، وقد أيد العديد من كبار مفتي الوهابية هذه الفتاوى ومن بينهم "ناصر العمر" و"محمد العريفي".
ومن الفتاوى المثيرة للجدل ما أطلقه "ناصر العمر" إذ أجاز لمن سماهم مجاهدين أن يتزوجوا بمحارمهم وأخواتهم عند الحاجة، ورغم أن الفتوى تخالف صريح القرآن إلا أنها لاقت استقبالا واسعًا بين الجماعات التكفيرية حتى أن جبهة النصرة أصدرت أعلنت بأنها تؤمن بحكم المفتي الوهابي وستقوم بتطبيقه، وقد قال "العمر" أنه لا يمكن استئصال الشيعة إلا بحكومة إسلامية جهادية، معتبرًا أنه لن يكون أمام الشيعة وقتها سوى خيارين، إما قبول الإسلام أو تقطع رؤوسهم.
ومن فتاوى الوهابية الغريبة ما أطلقه الداعية السعودي المعروف صالح المغامسي وهو إمام وخطيب مسجد "قباء" في المدينة المنورة، حيث أجاز المغامسي شرب بول من أسماهم "المجاهدين" في سورية وذلك من أجل غسل الذنوب، واعتبر المغامسي أنه "على المؤمن والمجاهد وخصوصًا في سورية أن يتزود بأعمال الخير وغسل الذنوب، وهذا امتحان للمجاهد لغسل ذنوبه في تنفيذ حكم شراب البول"، وحول فتوى جهاد النكاح قال المغامسي :"سمعت العديد ينتقد هذه الفتوى ولكن ما المشكلة بها وهي صادرة عن عقيدة إيمانية، وأنا أؤيد هذه الفتوى".
يمكن تقسيم الوهابية إلى أربع أقسام، القسم الأول يتمثل بالوهابية الدينية وهي تمثل المذهب الوهابي الذي يكفر باقي الأديان والمذاهب ويحاربها بالفتاوى، ووهابية سياسية وهي تيار يسياسي يدعو إلى العنف ويتمثل بالتيارات السلفية السياسية، ووهابية عسكرية وهي الجماعات التكفيرية التي تستخدم القوة لتطبيق العقيدة الوهابية ولإعمال الفتاوى الوهابية بالقوة وهي أشبه بـ"بلاك واتر الإسلام"، والقسم الرابع هو الوهابية الاجتماعية، وتعني الجهل الذي تنشره الوهابية في المجتمع بهدف القضاء على حركات التحرر والثورات ولإنهاء النهضات التي تقوم بها الشعوب وإجهاضها.
الغرب والوهابية:
في 27 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2014 نشرت "هافنغتون بوست" مقالا تحت عنوان "بدون معرفة تاريخ الوهابية في السعودية لا يمكن أن تعرف داعش"، وقد نشرت هذه المقالة أفكار الوهابية ومعتقداتها ومن جملة ما ذكرته:
- كان ابن تيمية الذي عاش في القرن 14 ميلادي قد أعلن الحرب على الشيعة، كما أنه كان يقف في وجه من يزور قبر النبي ويحتفل بيوم ميلاده.
- محمد بن عبد الوهاب سار على نهج ابن تيمية وخيَّر الناس إما الموت أو الالتحاق بالوهابية، ولهذا نُفي فترة من الزمن إلى أن ظهر "ابن سعود" الذي سانده في نشر دعوته.
- اعتبر ابن سعود أن عقيدة محمد بن عبد الوهاب لازمة لكسب القدرة والسلطة، إذ استطاع ابن سعود أن يستفيد من فتاوى محمد بن عبد الوهاب لتبرير غاراته على القبائل والمناطق المجاورة.
-هزم الوهابيون القبائل المجاورة لهم واستطاعوا فرض عقيدتهم، كما هجموا مرارا على سورية والعراق وارتكبوا مجازر بحق الشيعة في مناطق عديدة من بينها مدينة كربلاء العراقية، وقد كتب "عثمان بن بشیر نجدي" مؤرخ أول حكومة سعودية "نحن ذبحنا شعب كربلاء واستعبدنا أهلها، الحمد لله رب العالمين نحن لن نعتذر عن هذا الموضوع ونقول للكفار أن مصيرًا مشابهًا ينتظرهم".
- قام أتباع محمد بن عبد الوهاب بهدم الأبنية التاريخية والمقابر الإسلامية، كما دمروا ميراثًأ معماريًا يعود إلى عدة قرون مضت.
رغم أن الغرب يدرك حقيقة الفكر الوهابي إلا أن الحكومات الغربية لا تبرز أي عداء لهذا الفكر بل على العكس فعندما كان محمد بن عبد الوهاب يعمل على نشر دينه تحالفت معه بريطانيا التي رأت في الفكر الوهابي وسيلةً ناجحةً لحرف بوصلة الجهاد في القاموس الإسلامي، وفعلا هذا ما حصل إذ تحول الجهاد في عقيدة الوهابيين إلى حرب بين المسلمين، الأمر الذي مكّن البريطانيين من النفوذ إلى المنطقة دون التعرض لمقاومة من الشعوب، وقد كُتب في الوهابية عدة كتب تكشف زيف هذا الدين، ومن أبرز هذه الكتب كتاب "الوهابية تشوه الاسلام" بقلم نخبة من علماء مصر، ويتحدث هذا الكتاب عن ارتباط الوهابية بالاستعمار البريطاني، كما أنه يفند المباني الدينية الباطلة التي تقوم على أساسها الوهابية.
في النهاية يمكن القول أن تاريخ الوهابية لم يسجل أي معركة مع المسيحيين أو اليهود ولا حتى مع الكيان الإسرائيلي، هذا التاريخ الذي يفتقر لمقاومة الاستعمار والتصدي للاحتلال يذخر بالحروب ضد المسلمين وارتكاب المجازر في حقهم في مكة المكرمة والطائف والمدينة المنورة وقطر والبصرة وکربلاء والنجف والأردن وبلاد الشام ومناطق أخرى، وكل فتاوى الوهابية تصب في خدمة هذا الخط والنهج الذي يفتخرون به ويتباهون بسيرهم عليه.
منقول...

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

الإمبراطورية البريطانية (British Empire) هي أكبر 
الإمبراطوريات في تاريخ العالم حتى الآن،وبسبب اتساع حجمها في 
أوج قوتها ،قيل أنها " الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" 
ويؤكد اتساع الإمبراطورية على طول العالم أن الشمس كانت تشرق دائما 
على واحدة على الأقل من مستعمراتها العديدة.
ومازالت بريطانيا  حتى اليوم هى العقل المُدبر للسياسات الإستعمارية 
للولايات المتحدة الأمريكية  
وسيتضح لكم هذا جليا عندما تقرؤون هذه المذكرات للجاسوس البريطانى 
" همفر" الذى لعب دورا كبيرا لصالح الإمبراطورية البريطانية خلال 
القرن الثامن عشر ...
 و في سنة 1913 م 
بسطت الإمبراطورية البريطانية 
سلطتها على ما يقارب 458 مليون شخص ..
وغطت ما يقارب 33 مليون كيلو متر مربع 
[ أي حوالي ربع الأرض ] ..!

يقول الجاسوس البريطاني همفر:

كانت دولة بريطانيا العظمى تفكر منذ وقت طويل حول إبقاء الإمبراطورية وسيعة 
كبيرة كما هي عليها الآن، من إشراق الشمس على بحارها حين تشرق وغروب 
الشمس في بحارها حين تغرب.
فإن دولتنا كانت صغيرة بالنسبة إلى المستعمرات الكثيرة التي كنا نسيطر عليها في 
الهند والصين وفي الشرق الأوسط وغيرها. صحيح أننا لم نكن نسيطر سيطرة فعلية 
على أجزاء كبيرة من هذه البلاد لأنها كانت بيد أهاليها، إلا أن سياستنا فيها كانت 
سياسة ناجحة وفعالة، وكانت في طريق سقوطها بأيدينا كليا فكان اللازم علينا أن 
نفكر مرتين. مرة لأجل إبقاء السيطرة على ما تم السيطرة عليه فعل . 
ومرة لأجل ضَم ما لم تتُم السيطرة عليه فعلا إلى ممتلكاتنا ومستعمراتنا .
وقد خصصت وزارة المستعمرات لكل قسم من أقسام هذه البلاد لجانا خاصة 
لأجل دراسة هذه المهمة، وكنت أنا من حسن الحظ مورد ثقة الوزير منذ دخلنا 
هذه الوزارة .
 
 بريطانيا تهدف إلى ضرب وحدة المسلمين وتدمير خلافتهم : 

ولذا كنا نضع الخطط الطويلة الأمد لأجل سيطرة التفرقة والجهل والفقر وأحيانا 
المرض على هذه البلاد.
لكن الذي كان يقلق بالنا هي البلاد الإسلامية، فإننا وإن كنا قد عقدنا مع الرجل 
المريض (الإمبراطورية العثمانية) عدة من المعاهدات كلها كانت في صالحنا، 
وكانت تقديرات خبراء وزارة المستعمرات أن الرجل المريض 
(الإمبراطورية العثمانية) يلفظ نفسه في أقل من قرن.
 
أوفدتني وزارة المستعمرات عام (1710) إلى كل من مصر والعراق وطهران 
والحجاز والآستانة لأجمع المعلومات الكافية التي تعزز سبل تمزيقنا للمسلمين، 
ونشر السيطرة على بلاد الإسلام.
وبعد سفرة مضنية وصلت إلى أستانة وسميت نفسي (محمدا) وأخذت أحضر 
المسجد (مكان اجتماع المسلمين لعبادتهم) وراقني النظام والنظافة والطاعة التي 
وجدتها عندهم، وقلت في نفسي: لماذا نحارب نحن هؤلاء البشر؟ ولماذا نعمل 
من أجل تمزيقهم وسلب نعمهم؟ هل أوصانا المسيح بذلك؟...
بعد إتمام سنتين من مكثي في (الآستانة)، استأذنت العودة إلى وطني ... 
الواجب الوطني كان يجبرني بالرجوع إلى لندن لتقديم تقرير مفصل عن
 الأوضاع في عاصمة الخلافة، ولأتزود بأوامر جديدة حول مهمتي.
وقد جَرَتْ العادة طيلة مكثي في الآستانة أن أقدّم كل شهر تقريرا عن حالي 
وعن التطورات وعما شاهدته إلى وزارة المستعمرات...
 
ذات مرة ذكرت لبعض رؤسائي في الوزارة اختلاف السنة والشيعة وقلت لهم 
أنهم لو كانوا يفهمون الحياة لتركوا النزاع ووحدوا كلمتهم. فنهرني الرئيس 
قائلا الواجب عليك أن تزيد الشقة لا أن تحاول جمع كلمة المسلمين. 
وبهذه المناسبة أن السكرتير قال لي في إحدى الجلسات التي اجتمعت معه 
قبل سفري إلى العراق : اعلم يا همفر أن هناك نزاعات طبيعية بين البشر منذ 
أن خلق الله (هابيل وقابيل) وستبقى هذه النزاعات إلى أن يعود المسيح :
فمن النزاعات لونية ومن النزاعات قبَلية ومن النزاعات إقليمية ومن النزاعات 
قومية ومن النزاعات دينية ومهمتك في هذه السفرة أن تتعرف على هذه 
النزاعات بين المسلمين وتعرف البركان المستعد للانفجار منها، وتزود 
الوزارة بالمعلومات الدقيقة حول ذلك، وإن تمكّنت من تفجير النزاع كنت 
في قمة الخدمة لبريطانيا العظمى.

 ابن عبد الوهاب والوثيقة البريطانية معه
قال لى  سكرتير وزارة المستعمرات : 
لقد وضعت الوزارة خطة دقيقة لأن ينفذها الشيخ وهي:
 
1-) تكفير كل المسلمين وإباحة قتلهم وسلب أموالهم وهتك أعراضهم وبيعهم 
في أسواق النخاسة، رجالهم جعلهم عبيدا ونسائهم جواري.
2-) وهدم الكعبة باسم أنها آثار وثنية إن أمكن ومنع الناس عن الحج وإغراء 
القبائل بسلب الحجاج وقتلهم.
3-) والسعي لخلع طاعة الخليفة، والإغراء لمحاربته وتجهيز الجيوش لذلك، 
ومن اللازم أيضا محاربة (أشراف الحجاز) بكل الوسائل الممكنة، والتقليل 
من نفوذهم.
4-) وهدم القباب والأضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين في مكة والمدينة 
وسائر البلاد التي يمكنه ذلك فيها باسم أنها وثنية وشرك والاستهانة بشخصية 
النبي (محمد) وخلفائه ورجال الإسلام بما يتيسّر.
5-) ونشر الفوضى والإرهاب في البلاد حسب ما يمكنه.
6-) ونشر قرآن فيه التعديل الذي ثبت في الأحاديث من زيادة ونقيصة.
 
 نصائح وزارة المستعمرات البريطانية لـ همفر
قال السكرتير لي بعدما بيّن البرنامج المذكور: 

لا يهولنّك هذا البرنامج الضخم فإن الواجب علينا أن نبذر البذرة وستأتي 
الأجيال الآتية ليكملوا المسيرة، وقد اعتادت حكومة بريطانيا العظمى على
 النفس الطويل، والسير خطوة خطوة، وهل محمد النبي إلا رجل واحد 
تمكن من ذلك الانقلاب المذهل؟ فليكن (محمد عبد الوهاب) مثل نبيّه 
(محمد) ليتمكن من هذا الانقلاب المنشود .
______________________________________
سؤال مُلح للأمة العربية :
إلى متى سنظل مفعول به 
كم قرن من الزمان ؟

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

FB_IMG_1466980233083.jpgFB_IMG_1466980226355.jpg

فى مثل ها اليوم 20 مايو 1919م..
هزمت القوات السعودية الوهابية المتمركزة في إمارة نجد قوات الحجاز الهاشمية. ..
المملكة العربية السعودية بحدودها المعروفة الان – تقريبا- رسمتها سيوف الأخوان ،سواء في مرحلتي الضم والفتح ،او في مرحلة إقرار الحدود مع الجيران في الكويت والعراق والأردن . نتعرض هنا لمرحلة الضم والفتح .

ظهر الأخوان عسكريا منذ معركة جراب 1914 ،وادي ظهورهم الي تغيير جذري في توازن القوى في المنطقة ،فانهزم أمامهم الشريف حسين بجيشه النظامي الحديث ،كما اندحر أمامهم جيش آل رشيد المكون من قبائل شمر ،وتفوق الأخوان علي الجميع بالقدرة علي التحرك وإتقان حروب الصحراء وبالتربية العقائدية التي تجعلهم متشوقين للفداء والموت في سبيل النصر او الجنة ..

ونتتبع بإيجاز دور الأخوان في تأسيس الدولة السعودية الثالثة :

ضم الاحساء ( وهى الآن المنطقة الشرقية التى تتركز فيها الثروة البترولية فى المملكة السعودية ) :

وجد عبد العزيز نفسه محاصرا في نجد يحيط به أعداؤه من كل جانب ، فكان لابد أن يتحرك خارج نجد لحماية نفسه فى نجد ، وليختبر قوة الأخوان الوليدة ، واختار الاحساء اضعف النقاط من حوله ، وليجد له متنفسا بحريا نحو الخليج ، بالاضافة الي اهمية المنطقة اقتصاديا بالرعي والامطار والتجارة البحرية ( قبل إكتشاف البترول فيها ) ،وقد استولى عليها آل سعود فترة من قبل ، ثم عادت للدولة العثمانية ، وحين تطلع عبد العزيز للإستيلاء عليها كان العثمانيون يضمدون جراحهم بعد هزيمتهم فى حربهم في البلقان سنة 1913 وتمتعهم بالكراهية فى اوربا وبين القبائل النجدية في المنطقة . إنتهز عبد العزيز هذه الظروف المواتية ليستولى على الاحساء ، ومعظم أهلها من الشيعة الذين يعتبرهم الوهابيون كفارا .

وتحرك عبد العزيز في مارس 1913 نحو الاحساء ،واستولي علي الهفوف ومعه 600 محارب من الأخوان في 8/مايو ،وانسحبت حاميتها التركية الي البحرين ،ثم استولي علي القطيف بسرية تتكون من 150 رجلا وانسحب الأتراك من الاحساء وحاولوا استرجاعها بالقوة وبالديبلوماسية وفشلوا .

وباستيلاء عبد العزيز علي الاحساء زادت المخاوف منه فى شبه الجزيرة العربية ، وازداد ايراد المملكة الناشئة ،ونجح الأخوان في أول تجربة حربية ،واختير عبد الله بن جلوى نائبا لعبد العزيز في الاحساء . وباستيلائه علي الاحساء اتصل بالإنجليز مباشرة في الخليج العربي ، حيث يتركز نفوذهم فى الخليج ، الممر الهام للهند جوهرة التاج البريطانى يومئذ ،وبدأ علنيا التحالف بين عبد العزيز و بريطانيا التى عقدت معه معاهدة العقير 1915، و اعترفت لعبد العزيز بملكيته لنجد والاحساء وأعطته أعانه مالية مقابل ألا يعتدي علي الإمارات التابعة لها في الخليج ..

المرحلة الأولى للقتال مع آل الرشيد 1915: إنتهز عبد العزيز خصومة آل الرشيد للإنجليز و للأشراف حكام الحجاز ليغزو حائل التى كان يحكمها خصومه آل الرشيد ، بالإضافة الي حاجته لحائل اقتصاديا. كان الاخوان يريدون الاستيلاء على الحجاز ، وفيه الشريف حسين الحليف القوى لبريطانيا ، وهذا يدمر تحالف عبد العزيز السرى مع الانجليز ، ولكى يهدىء الاخوان ويستغل حماسهم الجهادى قام بتوجيه طاقتهم الحربية نحو حائل ، وفى نفس الوقت أخذ تعهدا بريطانيا بالا تسمح للشريف حسن بأن يهاجمه من الخلف أثناء حربه مع آل الرشيد . والتقي الطرفان في موقعة جراب 1915 ، وكاد النصر يتم لعبد العزيز لولا ان انقلب عليه العجمان فهاجموه بدلا من ان يهاجموا آل الرشيد . وانتهت المعركة بدون تحقيق نصر حاسم للطرفين . واستعد عبد العزيز للانتقام من الأعراب من قبائل العجمان بتأكيد من شيخ الكويت بالا يهاجمه او يعاون العجمان ، وتقدم في نوفمبر 1915 نحو الاحساء لمقاتلتهم ، وبعد عدة معارك طاحنة ( تبين فيها انحياز شيخ الكويت للعجمان ) هرب أعراب العجمان الي الكويت . تربة والخرمة 1919.

ورث عبد العزيز العداء التاريخي بين السعوديين والأشراف منذ أن استولى السعوديون فى دولتهم الأولى على الحجاز ، ثم عاد الحجاز للأشراف والسيطرة المصرية والتبعية الاسمية للعثمانيين بعد أن دمّر الوالى محمد على الدولة السعودية الأولى عام 1818 ، وزاد من العداء التاريخى بين السعوديين وحكام الحجاز من ( الأشراف ) حُمق السياسة التي اتبعها الشريف حسين حاكم الحجاز الذي ما كاد يدخل مكة سنة 1909 حتي بدأ في مضايقة عبد العزيز والإغارة علي نجد ،وعجل النزاع بينهما حول موضوع تربة وخرمة ليقع الصدام المسلح الذي كان يتوق إليه الأخوان .

وقد اشتهرت تربة وخرمة بأهمية الموقع والثراء الاقتصادي ،وقد انضم أمير تربة وخرمه الشريف خالد بن المنصور بن لؤى الي الدعوة الوهابية ،وأصبح من قواد عبد العزيز ، مما أوجد عاملا إصافيا للحقد بين السعوديين والشريف حسين . ولكون المنطقة واقعة علي تخوم الحجاز ونجد فان ولاء السكان تأرجح بين السعوديون والأشراف ،مما دعي عبد العزيز والشريف حسين الي التنازع بشأنها ،وادي إعلان الشريف حسين نفسه ملكا علي العرب سنة 1916 الي تأجيج الخصومة بينه وبين عبد العزيز .

وبدأت العمليات الحربية بين الفريقين مع صيف 1918 حيث هزم الأخوان جيشا يقوده الشريف حمود بن زيد في موقعة حوقان ، ثم هزم الأخوان (بقيادة الشريف خالد بن لؤى المنشق علي أسرته ) جيشا آخر للأشراف يقوده الشريف حمود بن زيد للمرة الثانية في موقعة جبار بعد الهزيمة السابقة بشهر واحد في يونية 1918. وفي العام نفسه لحقت هزيمة منكرة بجيش الأشراف الذي يقوده شاكر بن زيد عند آبار الحنو في سبتمبر 1918 .

وأدت تلك الهزائم المتكررة الي تصميم الفريقين علي معركة فاصلة في تربة . قاد جيش الأشراف الأمير عبد الله بن الحسين ( الذى أسست له بريطانيا فيما بعد إمارة شرق الأردن والتى تحولت الآن الى ما يعرف بالمملكة الاردنية الهاشمية ) قوات والده الشريف حسين ، وقاد ابن عمه المنشق على أهله الشريف خالد بن لؤى قوات الأخوان ، وبدأ الاخوان الهجوم الليلي في مايو 1919 واندفع الأخوان الي معسكر الشريف يقتلون ويدمرون وينهبون ، وكانت هزيمة منكرة ، ولم ينج من جيش الأشراف إلا الأمير عبد الله ونفر قليل معه تمكنوا من الهرب ،وضاع جيش الشريف وضاعت معه خرمه وتربة وأهميتها الاقتصادية .

وألحّ الاخوان على عبد العزيز أن يواصل الهجوم وأن يزحف على الحجاز مستغلا تدمير جيش الشريف حسين ، ولكن تحالف عبد العزيز مع الانجليز منعه من إنتهاز هذه الفرصة السانحة فأمر الاخوان بالتراجع بعد ضم تربة والخرمة ، حتى لا يفقد كل ما أحرزه من فبل ، وأجّل الاستيلاء على الحجاز الى فرصة أخرى مواتية يضمن فيها رضى بريطانيا . أدى هذا الموقف الى تذمر الإخوان وبداية معارضتهم لعبد العزيز ، كما أدى هذا الانتصار الهائل مع وحشية الاخوان فى قتل الأسرى وإستئصال الجيش المعادى الى شيوع شهرتهم الحربية وشدة الرعب منهم ..

فتح حائل:

وأدت موقعة تربة الي التعجيل بفتح حائل وفتح الحجاز فيما بعد، إذ تحالف الشريف حسين بعد هزيمته مع خصومه آل الرشيد لمواجهة عبد العزيز عدوهما المشترك الذى يهدد وجودهما . وعمل عبد العزيز مبكرا على زرع جواسيسه فى حائل ونشر الدعاة الوهابيين فى أرجائها ، فتحول كثيرون من سكانها الى الوهابية ، وصاروا طابورا خامسا لعبد العزيز فتعرضوا لاضطهاد حكام حائل ، وأدى هذا الى توجيه شهية الأخوان للقتال نحو حائل . وكالعادة إنتهز عبد العزيز الوقت المناسب لإنجاح غزه لحائل . إذ ضعف آل الرشيد بسبب قتل الأمير متعب بن عبد العزيز آل الرشيد وتولي ابنه عبد الملك ،وما نتج عن ذلك من خلاف عائلي داخل البيت الحاكم .مما حدا بزعيم قبائل الرولا في سوريا للاستيلاء علي منطقة الجوف التابعة لآل الرشيد ،ثم مات شيخ الكويت المناوئ لأبن سعود ، ودخل الشريف حسين في مصاعب داخلية وخارجية جعلته ينشغل عن تحالفه مع آل الرشيد ، وكانت بريطانيا تكره آل الرشيد لتحالفهم مع تركيا في الحرب العالمية الأولى ،وتريد أن تنتقم منهم عن طريق عبد العزيز . وبلغ تحمس الأخوان الى قمته لقتال آل الرشيد والانتقام منهم بسبب اضطهادهم للوهابيين في حائل .

وفي بداية صيف 1921 تحرك جيش ابن سعود في ثلاثة اتجاهات :الفرقة الأولى يقودها الأمير محمد بن عبد الرحمن ( أخ عبد العزيز ) لإخضاع شمال شمر وقطع خطوط الإمدادات القادمة من سوريا ،والفرقة الثانية يقودها فيصل الدويش زعيم قبائل مطير بعد ان انضم الي الأخوان ، واتجهت فرقته جنوبا ،اما عبد العزيز فقد قاد الفرقة الثالثة في اتجاه مؤخرة الوسط لتدعيم الفرقتين إذا لزم الأمر .

واقترب فيصل الدويش من حائل ، وعسكر في المناطق القريبة منها ،وبدأ في محاولة اختراق المدينة ،ولكن أمير حائل خدع الدويش متظاهرا باعتناق الوهابية، فاسترخي الأخوان ليفاجئوا بهجوم مدفعي من حائل أوقعهم في ارتباك ، واستنجد الدويش بعبد العزيز الذي أسرع بنجدته وهاجم حائل واستمر في حصارها ،وطلب أمير حائل (ابن طلال ) تدخل إنجلترا فرفضت ، فاضطر للاستسلام في 20/11/ 1921 خصوصا بعد نجاح الأخوان في التسلل الي المدينة ،وتدفق جند ابن سعود أليها ، واستولي عليها عبد العزيز . وحتى يتجنب المتاعب والقلاقل منع عبد العزيز الأخوان من سلب حائل وقتل أهلها من غير الوهابيين ،وعامل أهل حائل برفق ، بل تزوج أرملة زعيمهم وضم كبار حائل الي حاشيته . وباستيلائه علي حائل وبلاد شمر اصبح عبد العزيز سلطانا علي كل نجد وملحقاتها ،وتبدل ميزان القوى في الجزيرة لصالحة ، واتصلت أملاكه مباشرة بالهاشميين في شمال وغرب الجزيرة مما حتم المواجهة الأخيرة بينهم . كما ان الاستيلاء علي شمر فتح شهية الاخوان لفتح الجوف ووادي سرحان بل وفتح الطريق لهم نحو فلسطين وسوريا ، وارسال جماعات من الاخوان لتغير على جنوب الشام ، وارسال الدعاة الوهابيين لنشر الوهابية ، كما أدى الاستيلاء على حائل وبلاد شمر الى الفصل بين الحجاز وشرق الأردن ..

الاستيلاء علي عسير :

بعد الاستيلاء علي شمر أصبح لقب عبد العزيز الرسمى ( سلطان نجد وملحقاتها ) ، ولم يعد ممكنا أمامه وقتها إلّا غزو عسير والاستيلاء عليها ، حيث لا يمكن الاتجاه الي الكويت او إمارة شرق الأردن او نحو الحجاز،حيث تعارض بريطانيا تهديد هذه الإمارات الواقعة تحت نفوذها وبالتالي لم يعد أمامه في ذلك الوقت إلا الاتجاه جنوبا نحو عسير التي توطدت فيها الدعوة الوهابية منذ الطور الأول للدولة السعودية ،وكثرة الوهابيين فيها خصوصا بعد إنشاء الأخوان هجرة الرهبة في شمال شرق نجران ، وارتبط ذلك بقلاقل سياسية بين الوهابيين في عسير وآل عائص المسيطرين عليها ، فقد أصبح معلوما أن وجود وهابيين فى منطقة ما يكون نذيرا باستيلاء عبد العزيز عليها . وكالعادة استنجد وهابيو عسير بعبد العزيز الذي رآها فرصة لأن يستولى على عسير ليستفيد من ثرواتها الاقتصادية .

وقد جهز ابن سعود حملتين للاستيلاء علي عسير: الأولى قادها ابن عمه عبد العزيز بن مساعد ومعه ألفان من الاخوان ،وذلك في مايو 1921 ،وقد هزم قوات بني عائص في حجلة ،واعتقل زعيمها حسن وابن عمه محمد ،وارسلهما الي ابن سعود، . وولي ابن سعود محمدا العائصى علي مدينة ( ابها ) وأهمل الأخر وهو حسن العائصى ، فذهب حسن الي حريملا واستولي عليها معلنا الحرب ضد ابن سعود حين كان الأخير منشغلا في فتح حائل وخرجت عسير من التبعية لابن سعود . أما الحملة الثانية فقد بدأت مهمتها في اعادة الاستيلاء علي عسير بعد فتح حائل ، بقيادة الأمير فيصل بن عبد العزيز في يونية 1921، وقد استولي علي اهم مدن عسير وهي بيشة وخميس ،نشيط ،وحجلة ثم أخيرا ( ابها ) ،وفر آل عائص الي حر يملا .وقد دمر الاخوان تحصينات ( ابها ) حتي لا تعود للتمرد .

وادي استيلاء ابن سعود علي عسير الي غضب الإمام يحيى حاكم اليمن ،فانتهز فرصة انشغال عبد العزيز مع الشريف في الحجاز واستولي علي الجزء الاكبر من تهامة ،فنشبت الحرب بين ابن سعود وحاكم اليمن 1926،وظلت الاضطرابات مستمرة في عسير واستمر معها التوتر بين اليمن وآل سعود الي ان عقد عبد العزيز اتفاقية لبسط حمايته علي عسير مع الادريسي، ولم يعترف إمام اليمن بهذه الاتفاقية، فنشبت الحرب بين السعوديين واليمن وانتهت بتوقيع اتفاقية الطائف 1934 التي كانت بداية تحسين العلاقة بين الطرفين ..

الاستيلاء علي الحجاز:

تفرغ ابن سعود للحجاز بعد تأمين حدوده في الشرق والشمال وآن له تحقيق أمنيته بضم الحجاز الذي إستولى عليه السعوديون من قبل فى دولتهم الأولى . وادي حمق السياسة التي يتبعها الشريف حسين وحسن سياسة عبد العزيز الي وقوف بريطانيا علي الحياد ، بعد أن ضاقت بحماقات الشريف حسين ودلاله عليها . كما تجمعت عوامل أخري عجلت بالصدام ، مثل منعه للإخوان من الحج ، واعتداء ابن الشريف حسين علي مجموعات من الأخوان في منتصف 1923 ، واحتكاكات أخرى بين الفريقين ألهبت حماس الأخوان وجعلتهم يضغطون علي عبد العزيز لفتح الحجاز .

ولقد كان الصدام حتميا بين السلطان السعودي الطموح والشريف الحجازي إذ لا يمكن ان تتسع الجزيرة العربية لهما معا نظرا لتجاورهما ونزاعهما علي زعامة المنطقة ، وهناك سبب أهم ،وهو اختلاف نوعية الدين بينهما ،وكل منهما يعتبر الأخر كافرا ، والأخوان بالذات يعتبرون الشريف حسين ممثلا للصوفية والشيعة والخضوع للغرب وكل ما يمثل الشرك لديهم ،وفي ظل هذا النفي المتبادل لابد من صدام يسفر عن إزلة طرف للطرف للآخر . وعمل عبد العزيز على إستغلال الظروف المناسبة لكى ينفرد بالشريف حسين ويجرده من الحماية البريطانية ومن التعاطف ( الاسلامى ) ، فبذل جهده فى ارضاء بريطانيا فى الوقت الذى كان فيه حمق سياسة الشريف حسين يضايق ساسة بريطانيا مما دفعهم فى النهاية للتخلى عنه .

لتهدئة الشريف حسين تدخلت بريطانيا لوضع حد للصراع الحدودي بين الأسرتين المتنافستين بعقد مؤتمر في العقير علي الخليج العربي لتخطيط الحدود بين نجد والعراق سنة 1922 تأكيدا لاتفاقية المحمرة التي لم تنفذ بدقة ،حيث تم الاتفاق علي إقامة منطقة محايدة بين البلدين ( العراق ونجد ) وتكون خالية من التحصينات العسكرية ، مع السماح لقبائل الطرفين بالتنقل داخل الحدود كما كان يحدث من قبل ، وبالتالي هدأت مخاوف الشريف حسين من تهديد الأخوان لسكة حديد الحجاز التابع له . ولكن فشل مؤتمر الكويت الذي عقدته بريطانيا لبحث الحدود بين نجد والهاشميين في الأردن والعراق والحجاز .وتم تأجيله مرتين ، وفشل في انعقاده الثالث 1924،واصبح الشريف حسن مملا لبريطانيا بسب حمق سياسته ورفضه التوقيع علي معاهدة الصلح سنة 1919 وإعلانه الخلافة سنة 1924، وتزمته في مؤتمرات الكويت، هذا في الوقت الذي اشتدت فيه دعاية ابن سعود ضد الشريف حسين، وجاء تأييد مسلمي الهند لأبن سعود بسبب عداء المسلمين هناك للشريف حسين الذى اشتهر بمعاملته السيئة للحجاج الهنود .وأدت هذه الظروف الي تدعيم موقف ابن سعود الدولي.

وبعد تدعيم موقفه الخارجي اتجه ابن سعود لتدعيم جبهته الداخلية ، فعقد مؤتمر الرياض يوم عيد الأضحى 1342هـ 5 يوليه 1924 برئاسة والده عبد الرحمن الفيصل آل سعود ، وحضره زعماء القبائل النجدية وكبار العلماء، حيث أكد الجميع ضرورة التوجه نحو الحجاز بعد مرور خمس سنوات علي معركة تربة وخرمة ، وهم محرومون من تأدية فريضة الحج ، وصمموا علي دخول مكة بالقوة إذا منعهم الشريف من الدخول .ومع اختتام المؤتمر اصدر بيانا للعالم الاسلامي يهاجم الشريف حسين، ويفضح دوره في الاحتكارات المتعلقة بالحج وما يشكله ذلك من استغلال للحجاج ، واصدر المؤتمر قرارا أخر بمقاتلة الشريف حسين .

وفي العام الثاني اعد عبد العزيز جيشه وقسمه الي ثلاثة أقسام ،أرسل الأول والثاني باتجاه العراق والأردن ليمنع أى عون للشريف يأتى من العراق ، بينما زحف الجيش الأكبر باتجاه الحجاز منطلقا من تربة ،يقوده الشريف خالد بن لؤي وسلطان بن بجاد، وتحرك في سبتمبر 1924 بعشرة ألوية .وفي الطريق الي الطائف استولي الجيش علي مخفري كلاخ والاخيضر الي ان وصل الطائف . لم يهتم الشريف حسين بالجيش القادم ، ولكن دارت موقعة (الحوية) بين الفريقين خارج أسوار الطائف ،واستطاعت مدافع الهاشميين ان ترد الأخوان ،ثم استؤنفت المعارك لمدة ثلاثة أيام تقهقر بعدها جيش الشريف ،وحاصر الأخوان الطائف ثم اقتحموها يوم الجمعة 7 صفر /7 سبتمبر 1924 ،وحدثت مذبحة الطائف المشهورة التي صارت وصمة فى تاريخ عبد العزيز بسبب وحشية الاخوان فى قتل سكان الطائف ، وأدت أخبار الصحف التى نشرت بعض أنباء المذبحة الى خوف عبد العزيز من تدخل بريطانيا فأمر بوقف القتال ، واستنكر ما حدث وهدد بقتل من يستمر من الاخوان فى قتل من تبقى من سكان الطائف . ولأن هذا الأمر من عبد العزيز يخالف فقه الجهاد الذى تعلمه الاخوان فى ( الهجر ) على يد دعاة عبد العزيز ، فقد إهتزت صورة عبد العزيز لدى أتباعه الاخوان ، فكيف يهددهم بالقتل وهم يطبقون ما تعلموه من الجهاد الوهابى . وكان هذا بداية الخلاف الحقيقي بين عبد العزيز و الأخوان .

وبسقوط الطائف اتضح ان الحجاز اصبح في حكم الدخول في حكم ابن سعود . وحتى يتمكن عبد العزيز من الاستيلاء على بقية الحجاز خصوصا مكة والمدينة كان لا بد من شلّ يد الاخوان من ممارسة جهادهم الوهابى فى قتل السكان المدنيين ، وعدم تكرار المذابح التي حدثت في الطائف . على أن وحشية الاخوان فى الطائف أرعب مدن الحجاز فاستسلمت . فاستولي عبد العزيز علي مكة بدون طلقة واحدة . وكان الملك حسين قد تنازل عن ملكه لأبنه علي ، ودخل عبد العزيز مكة في 18/10/1924 وهو يرتدي ملابس الإحرام ويصاحبه مجموعة من العلماء وبعض العسكر.

وبهذه الطريقة السلمية فى الاستيلاء على مكة ضمن عبد العزيز سكوت المجتمع الدولى وتمسكت إنجلترا وأوربا بموقف حيادي تجاه الأحداث ،، وتأهب للاستيلاء على جدة والمدينة ( المنورة ) ، وبعد ان تأكد ابن سعود من موقفه الدولي والإسلامي أرسل جيشا معظمه من الأخوان للاستيلاء علي جدة ،والمدينة المنورة .

وكان الجيش السعودي المتجه الي المدينة ( المنورة ) يقوده فيصل الدويش زعيم الاخوان والذي أصبح فيما بعد قائد المعارضة الاخوانية ضد عبد العزيز . أراد فيصل الدويش ان يقيم مذبحة فى المدينة ( المنورة ) مخالفا أوامر عبد العزيز باستعمال اللين مع سكان المدينة ،فلما رفض الدويش أوامر عبد العزيز عزله عبد العزيز عن القيادة ،فانسحب الدويش الي الارطاوية ، تاركا المعركة ، ولحقه بعض اتباعه من الاخوان ، فبدأ بذلك أول مظهر للمعارضة العلنية العملية لعبد العزيز . تولي قيادة القوات بعد الدويش الابن الأكبر لعبد العزيز ، وهو الأمير محمد بن عبد العزيز، وادي موقف عبد العزيز هذا الي استسلام أهل المدينة ( المنورة ) بدون قتال بعد ان تعهد الأمير محمد لهم بعدم دخول الأخوان إليها. ثم دخلت قوات عبد العزيز الي المدينة ( المنورة ) في 5/12/1925.ثم لحقت ينبع بالمدينة .

ولم يبق إلا جدة التي حوصر فيها الملك علي بن الشريف حسين ، التي اضطر في النهاية الي الاستسلام بتوسط بريطانيا وبتعهد ألا يدخلها الأخوان حرصا على سلامة السكان ، فتنازل عن الملك على بن الشريف عن الحجاز ، وغادر جدة الي أخيه الملك فيصل بالعراق في 3/1/1926 .واصبح عبد العزيز ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها في 8/1/1926. وهى التى صارت عام 1932 معروفة باسم المملكة العربية السعودية ...!!

سامح جمال

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

FB_IMG_1466980391787.jpg

برزت أهمية فكرة توطين قبائل البدو، وإعادة تأهيلها دينيا وسياسيا وعسكريا، وإدماجها في الحياة الحضرية وفي مشروع الدولة، وابتداءً من سنة (1330- 1912م)، أقامت السلطات عدة مستوطنات مبنية من الطين، حول منابع الماء، أطلق عليها اسم الهجر (جمع هجرة)، من أجل توطين القبائل البدوية فيها، واختيار مفردة (هجرة) لتسمية تلك المستوطنات، له دلالة رمزية؛ حيث يستدعي في المخيال الإسلامي، شعيرة الهجرة الدينية، والتي يكون فيها الانتقال من حياة الكفر ومجاله والالتحاق للعيش حيث يطبّق الدين الحق..

لقد تم ما بين عامي 1912 و 1926، إنشاء المئات من الهجر، وتوطين نحو مائة وخمسين ألفا من البدو فيها(16)، وقد ترافق مع هذا التوطين -وبدعم غير مشروط من الملك عبد العزيز- قيام علماء الوهابية بالانخراط في عملية جادة وكثيفة لغرس الأفكار الدينية، حيث تم إرسال دعاة دينيين يسمون بـ (المطاوعة)، مكلفين بتعليم أبناء القبائل قواعد الدين (الحق)، وتبني الحنبلية الوهابية واستبطان رؤيتها للعالم؛ كما قام العلماء بإجراء زيارات عديدة وكثيرة لمختلف أماكن التوطين بغية الإشراف والتأكد من عملية التعليم والتهيئة الدينية...

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

FB_IMG_1466980489967.jpg

ولأجل عملية التعبئة للجهاد والقتال، تم استدعاء المفاهيم الوهابية، التي كانت قد تبلورت أثناء التحديات السياسية التي رافقت تأسيس الدولة السعودية الأولى: كالتكفير، والجهاد، والولاء والبراء، وذلك لأجل التمييز ثقافيا وجغرافيا، بين مجتمعات الدين الحق ومجتمعات الدين الباطل. فعلى سبيل المثال، “كان العالم حسن بن حسين آل الشيخ (ت1339) المساهم بنشاط في بناء هجرة الأرطاوية، وهي واحدة من أهم وأكبر الهجر في البلاد، قد كتب رسالة، استعاد فيها كل تلك الأفكار التي تبنتها الوهابية في القرن التاسع عشر، إذ حرّم كل اتصال سلمي مع أراضي الكفار وساكنيها، وخصّ بالذكر جنوب العراق والكويت، وأنه لا اتصال معهم إلا في ميدان القتال في إطار الجهاد”..
اعتبر الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، أن آل الرشيد وأنصارهم كفّار مرتدون؛ لأنهم طلبوا العون العسكري والمالي من (المشركين العثمانيين)، ولهذا لا يكفي الحكم بتكفيرهم فحسب، بل يجب قتالهم أيضا في إطار الجهاد في سبيل الله: “ومن يعرف كفر الدولة (العثمانية) ولم يفرق بينهم وبين البغاة من المسلمين، لم يعرف معنى لا إله إلا الله، فإن اعتقد مع ذلك أن الدولة (العثمانية) مسلمون، فهو أشدّ وأعظم، وهذا هو الشك في كفر من كفر بالله أو أشرك به، ومن جرّهم أو أعانهم على المسلمين بأي إعانة، فهي ردّة صريحة” وأكَّد أن “هؤلاء الذين قاموا في عداوة أهل التوحيد، واستنصروا بالكفار عليكم، وأدخلوهم إلى بلاد نجد، وعادوا أهل التوحيد وأهله أشدّ العداوة، وهم (الرشيد) ومن انضمَّ إليهم من أعوانهم= لا يشك في كفرهم، ووجوب قتالهم على المسلمين، إلا من لم يشمَّ روائح الدين، أو صاحب نفاق، أو شك في هذه الدعوة الإسلامية”..

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

FB_IMG_1466980588437.jpg

كما أصدر مجموعة من علماء الوهابية، فتوى بتكفير الأشخاص الذين يدعون إلى ولاية الشريف على الحجاز، وجاء فيها: “فهؤلاء لاشك في ردتهم والحال ما ذكر، لأنهم دعاة إلى الدخول تحت ولاية المشركين، فيجب على جميع المسلمين جهادهم، وقتالهم، وكذلك من آواهم ونصرهم، فحكمه حكمهم”..

بل قرّر الشيخ سليمان بن سحيمان، وهو أحد كبار العلماء وقتها، بأن منْ هم تحت ولاية الملك عبد العزيز؛ الأصل فيهم أنهم مسلمون، بخلاف من هم ليسوا تحت ولايته، فالأصل فيهم أنهم ليسوا على الإسلام، يقول: “من في جزيرة العرب لا نعلم ما هم عليه جميعهم، بل الظاهر أن غالبهم وأكثرهم ليسوا على الإسلام! فلا نحكم على جميعهم بالكفر، لاحتمال أن يكون فيهم مسلم، وأما من كان في ولاية إمام المسلمين [أي نجد وما حولها]، فالغالب على أكثرهم الإسلام، لقيامهم بشرائع الإسلام الظاهرة… وأما من لم يكن في ولاية إمام المسلمين، فلا ندري بجميع أحوالهم وما هم عليه، لكن الغالب على أكثرهم ما ذكرناه أولا، من عدم الإسلام"..

هذه الأدبيات العقائدية، وقبلها الأدبيات السابقة لعلماء الدعوة، في مرحلة الدولة السعودية الأولى، والثانية، كانت هي المغذية لعقلية (الإخوان) المقاتلة. لقد نتج عن هذه التهيئة التثقيفية والتعبئة العقائدية الجهادية، أن تحولت القبائل البدوية خلال بضع سنين إلى السلفية الوهابية، بعد عقود من العداء وعدم الثقة والارتياح، وقد كان من أكبر دلائل هذا النجاح، هو إنشاء جيش عقائدي من البدو الموطّنين، أصبح يعرف باسم (الإخوان)، وسيساهمون بفعالية في عملية توحيد مناطق الجزيرة العربية تحت سلطان الملك عبد العزيز..

“لقد استفاد عبد العزيز، من خياله وجرأته، بأن غيّر البدو تغييرا جوهريا، خلال سنوات قلائل، ليحولهم إلى قوة خفيفة الحركة، تستطيع أن تجوب شبه الجزيرة العربية، بطولها وعرضها، كما جعل من البدو قوة مستقرة يمكن وضعها في مكان بعينه، إذا ما أراد لها ذلك، فعل عبد العزيز ذلك بدون جعجعة أو جلبة، إلى أن ظهرت هذه القوة على المسرح العربي، لأول مرة، جاهزة ومتشوقة لقتال، تحت اسم حركة (الإخوان)”..

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

وقد بدأ المسرح الدولي حينها، ممثلا في الحكومة البريطانية والعثمانية، يستشعر بخطورة هذه الحركة السرية التي أسسها الملك عبد العزيز، وقد كتب الشريف حسين 1918 إلى القائم بعمل المندوب البريطاني في جدة، يناشده قائلا: “… ومن ثمّ، فإن ما يقلقني قبل أي شيء آخر، هو أن صاحب جلالة الملك [البريطاني]، ينبغي أن يجبر الأمير [عبد العزيز]، على إلغاء وتسريح، ذلك التنظيم الذي يطلق عليه اسم (الإخوان)، تلك الجمعية السياسية التي ترتدي عباءة الدين”....

ويحتفظ مكتب السجلات العامة البريطاني، بتقرير كتبه ديكسون في اليوم الثاني من شهر سبتمبر/ أيلول من العام 1929، عندما كان مندوبا سياسيا في الكويت، حيث كتب يقول في ذلك الوقت: “الإخوان تأسست من ناحية أخرى على يدي ابن سعود، لتخوض له معاركه، وتنتصر فيها باسم الدين… ونظرا لأنهم كانوا إخوانا وتستعر داخلهم جذوة الدين، فقد أصبحوا بحق لا يقهرون، ويمكن تشبيههم بمدرعات كروميل، أو قوات العاصفة الألمانية”..
كما يحتفظ مكتب السجلات البريطانية لوزارة الخارجية، بتقرير مطول كتبه الرحالة جون فليبي، عن حركة الإخوان، وكان وقتها المسؤول البريطاني على المكتب السياسي ببغداد، ومما قال فيه: “وخلاصة القول هو، أن هدف ابن سعود من تقوية وإنشاء حركة الإخوان، هو زيادة قوته العسكرية، باستخدام أكبر عدد من رعاياه، حتى يمكن له تعويض الضعف الذي يكمن في الدولة البدوية وفي الجيش البدوي، والاقتصاد في موارده عن طريق إحلال الأمل في ثوب الآخرة محل الاعتبارات الارتزاقية”..

كما استنتج ريجنالد وينجات، المندوب السامي البريطاني في مصر، في تقرير كتبه سنة 1918، أن حركة الإخوان البدوية، جمعية سرية مغلقة، ذات طابع عقائدي وقتالي، ومما جاء فيه: “وليس لدي معلومات كافية عن قوة الإخوان وأهدافهم، حتى أتمكن من تقدير مدى تخوَّف الملك حسين من نفوذ الإخوان حق قدره، ولكني تعلمت من تجربتي في السودان، مدى الخطر الذي يشكّله تنظيم سرّي تحت عباءة الدين بين سكّان غير متحضرين، ففي وقت الشدة يلجأ مثل هذا المسلم إلى الدين، مثلما يلجأ بعض أفراد الدول النصرانية إلى المشرب الروحي، ويكون ذلك المسلم أيضا أكثر تعرضا لالتقاط الشرارة الأولى، من شرر التشدد الذي يتحول إلى حريق إذا ما أذكاه زعيمٌ غير حصيف، أو مضلل يستحيل السيطرة عليه، بأي حال من  الأحوال"..

وفي العام نفسه، كتب أحد الموظفين في وزارة الخارجية بلندن، الملاحظة التالية: “إن تقييم الملك حسين لحركة الإخوان تقييم صحيح، وسوف تكون هذه الجمعية معادية للحضارة في منطقة ما بين الرافدين وفي سوريا..

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

FB_IMG_1466980771329.jpg

وفي اليوم الثاني عشر، من شهر مايو/ أيار، لعام 1918، وصف الضابط السياسي البريطاني في بغداد، حركة الإخوان بأنها: “حركة اشتراكية، بمعنى أن الأغنياء يتعين عليهم أن يقتسموا بضاعتهم وسلعهم مع الناس” وفي أواخر عام 1924، وصفت إحدى الصحف الأوروبية، حركة الإخوان بأنها: “حركة الإخوان الشيوعية تقريبا”(30).

لقد قال الملك عبد العزيز مرةً للرحّال البريطاني جون فليبي: “إنه يكفي أن أصدر النداء، ليهبَّ للقتال تحت رايتي ألوف، من بيشة  إلى نجران، ومن رنية إلى تثليث، ليس فيهم من لا يحب الموت في سبيل العقيدة، وكلهم يؤمنون بأن الفرار من الزحف يدخلهم النار”

نحن إذن، أمام جيش عسكري عقائدي، يشبه إلى حدّ ما، ما كان يعرف في العصور الأوربية الوسطى بـ (فرسان المعبد)؛ أي الأشخاص العقائديين الذي تفرغوا للقتال المقدس، وانقطعوا عن كل ملذات الحياة. إذْ “لم تكن حياة البدو البائسة، تسمح لهم إلا بالقليل جدا من المباهج والملذات، ولم تكن هناك غرابة في أن يسعى البدو إلى الاستشهاد في ميدان القتال لكي يضمنوا لأنفسهم مكانا في الجنة”..

وبما أن الإخوان، اضطروا إلى بيع إبلهم وأغنامهم، المصدر الرئيس لحياتهم الاقتصادية، فقد صاروا يعتمدون إلى حدّ بعيد، إلى الإعانات التي كانوا يحصلون عليها من (بيت المال)، وتلك الإعانات الحكومية لم تكن نظير البطالة، وإنما هي أجر لتحقيق متطلب مهم من متطلبات الدولة، وهو الاستعداد العسكري والتعبئة الفورية، وتعرف هذه الإعانات بـ (العطايا)، وكان تصرف للشيوخ وأمراء القبائل وفرسانها وعموم المقيمين في المستوطنات (الهجر)، وكانت أسماؤهم مسجلة في ديوان الملك، تعرض عليه بشكل دوري، ويحدد فيها مقدار العطية والهبة لكل فئة...

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

FB_IMG_1466980845670.jpg

لقد أصبح الإخوان، بعد سنوات قليلة، يشكلون نوعا من أنواع الطبقة المتميزة في الدولة الجديدة، فقد كانوا يعتبرون أنفسهم، أوصياء على أمن الدولة وعلى أخلاقها، وقد ولَّدت قوتهم السياسية والعسكرية المتزايدة بين صفوفهم شكلا من أشكال الغطرسة والتفوق الطبقي، الذي بدأ ينافس بل يتفوق أحيانا، طبقة الجماعات الأخرى مثل العلماء وأعيان المدن والقرى..

إضافةً إلى ما كان يتصف به الإخوان من التشدد، والحَرْفية في تطبيق المبادئ الوهابية، وعدم وجود الحلّ الوسط في ذهنيتهم، الأمر الذي تجلى في تنفيذ الأحكام القاسية على كل من يقصّر أو يتهاون في تطبيق السلوك الديني القويم(34)، كالتأخير في الحضور للصلاة، أو ممارسة بعض السلوكيات المحرّمة في نظر الوهابية، كالدخان والغناء وحلق اللحية وإسبال الثوب، أو عدم التزام المرأة بالحشمة ونحو ذلك، حيث كان يتم التعامل مع هذه (الانحرافات) بالضرب أو الجلد أو السجن.

وقد تصل العقوبة إلى القتل أحيانًا، إذا ظهر من المخالف ما يعتقد الإخوان بأنه ردة وكفر. إضافة إلى اعتقادهم بأنهم مسلمون، فثروة الكفّار المحيطين بهم، حلال وغنائم لهم.

ويبدو أن تشدد الإخوان، وتسلطهم على السكان، توسع وأصبح ظاهرة ملفتة، إلى الدرجة التي بدأت الحكومة البريطانية، والمتواجدة في أطراف المنطقة، ترصد ظاهرة ما تسميه في تقاريرها بــ(الهداية القسرية)، التي كان يمارسها الإخوان، ضد عامة المسلمين. فعلى سبيل المثال، رفع المفوّض البريطاني في الكويت هارولد ديكسون مذكرة يصف فيها الموقف على النحو التالي: “كانت الهداية القسرية إلى عهد قريب جدا أداة من أدوات الإيمان بين الإخوان، ومن المؤكد أن أداوتهم هي التي أحدثت تبرما بين أهل الحجاز والبلاد المجاورة”..

وكتب النقيب جارلند بأن هناك اعترضا شديدا “على الأساليب الوحشية التي يلجأ الإخوان إليها، لتنفيذ الهداية القسرية ومعاقبة المخطئين، أكثر من الاعتراض على مبادئ المذهب نفسه، وليس هناك من شك في أن البدو أنفسهم [الذين لم ينضموا إلى الإخوان كان يتم ترويعهم بطريقة منظمة من خلال عملية الهداية القسرية، وأن ممارسة الهداية القسرية ومعاقبة المخطئين كانا يصلان إلى حدّ الموت”..

“لقد أصبح واضحا لعبد العزيز، أن الإخوان خرجوا عن السيطرة، وأصبحوا متغطرسين”، ويستخدمون السلطة في فرض الشريعة بالقوة دون أخذ الإذن منه، خصوصا بعد إنجازاتهم العسكرية المبهرة، في إسقاط إمارة الشريف بالحجاز، وإمارة آل الرشيد بحائل، وإخماد بعض التمردات والانشقاقات التي كانت تحصل في الجنوب الغربي من الجزيرة، فكانوا دائما يعزون هذه الانتصارات لقوتهم وتضحياتهم وشدة بسالتهم في القتال...

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

في مثل هذا الوضع، من الطبيعي أن تذهب الأمور، إلى الاختلاف والتوتر والنزاع بين تنظيم الإخوان والسلطات المركزية في الإمارة، وقد بدأ الإخوان بالفعل يتذمرون من الملك شخصيا، وينكرون عليه سياساته الحديثة التي كان الواقع الجديد يفرضها عليه، كمسألة الحدود الجغرافية السياسية للدولة، حيث كان الملك حريصا على إنجازها من خلال اتصالاته وتفاهماته مع الحكومة البريطانية، التي كانت مهيمنة على المناطق المجاورة حينها… ولكن الإخوان يعتقدون بأن الدين الحق لا ينبغي أن يُحدّ بجغرافيا معينة تسمى الدولة، بل سلطة الدين القويم والعقيدة الصحيحة يجب أن تمتد وتتسع جغرافيا بحسب القدرة على القتال، ولهذا استمروا في الجهاد ضد البدو والمناطق المجاورة في جنوب العراق والكويت والأردن، يفرضون عليهم الجزية، ويغنمون منهم، بدون أخذ الأذن من الملك.

ويضاف إلى ذلك، إنكارهم استعمال الحكومة لبعض المخترعات الحديثة، كالتلغراف، والتليفون، والسيارة، والدراجة، والساعة ونحو ذلك، وبعضهم كان يعتقد بأنها قد تكون نوعا من السحر المحرّم..
إضافة إلى انخراطهم في تطبيق الشريعة على الناس في بعض المناطق، بصرامة وقسوة، وإنْ ترتب عليها الاعتداء على السكان، كما حكموا بالردة والكفر على كثير من رعايا الملك ممن دخلوا تحت دولته، علما بأنهم كانوا ينطلقون في ذلك من كتابات وفتاوى علماء الوهابية، قديما وحديثا، كما سبق معنا.

لكن أنشئت  في عام 1928 ، و هذه الأحداث قبل أنشائها ، و أثناء حكم الأخوان لمصر لم ترحب بهم السعودية ولم تتعاون معهم .

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

FB_IMG_1466980974469.jpg

عندها اضطر كبار علماء الوهابية أن يتدخلوا، وقد أعلنوا سلفا تحالفهم وتضامنهم المطلق مع الملك ومباركتهم لدولته الحديثة، والتي رأوها امتدادا طبيعيا لحالة التعاقد بين (الأمير والشيخ). لقد كان تدخلهم حازما وسريعا، حتى لا تنفلت الأمور أكثر من اللازم، حيث وجدوا أنفسهم لأول مرة أمام تمرَّد ديني من داخل مجتمع الدعوة، من الأتباع الذين كانوا قد تتلمذوا على تعاليمهم وقاتلوا معهم ضد (الكفار والمشركين) وساهموا في إقامة دولة التوحيد، فكان لا بدَّ من فرض السلطة المركزية في إدارة المعنى الديني وتفسير التعاليم الوهابية، حتى لا تكون متاحة لكل من هبّ ودب، فالعلماء الكبار (من ذرية محمد بن عبد الوهاب أو من أتباعه المشهورين والمعترف بهم) هم المالكون الحقيقيون لإصدار التعاليم والفتاوى، ولا سبيل للنجاة في الدارين إلا باتباع تعاليمهم وتنفيذ أوامرهم؛ “فمن زهد في الأخذ عنهم، ولم يقبل ما نقلوه، فقد زهد في ميراث سيّد المرسلين، واعتاض عنه بأقوال الجاهلين الخابطين، الذين لا دراية لهم بأحكام الشريعة”..؛ إذ “ليس كل من انتسب إلى العلم، وتزيّا بزيّه، يُسأل ويستفتى وتأمنونه على دينكم”..

كما أنكروا عليهم، تطاولهم في مخاطباتهم للملك عبد العزيز، بل وعزمهم على خلعه والخروج عليه، قائلين: “ونحن نبرأ إلى الله من ذلك، وممن فعله أو تسبب فيه، أو أعان عليه، لأنا ما رأينا من الإمام عبد العزيز ما يوجب خروجكم عليه، ونزع اليد من طاعته، وإذا صدر منه شيء من المحرمات، التي لا تسوغها الشريعة، فحسب طالب الحق الدعاء له بالهداية، وبذل النصيحة على الوجه المشروع”..
كما قد لاحظ كبار العلماء، تطاول الإخوان عليهم شخصيا، والاستهزاء بهم، والتشكيك في نزاهتهم واتهامهم بالمداهنة، فعاجلوهم برد صارم في بيانات أصدروها، جاء فيها:

“ومما ينبغي التنبيه عليه: ما وقع من كثير من الجهلة، من اتهام أهل العلم والدين، بالمداهنة والتقصير، وترك القيام بما أوجب الله عليهم من أمر الله سبحانه، وكتمان ما يعلمون من الحق، والسكوت عن بيانه، ولم يدر هؤلاء الجهلة، أن اغتياب أهل العلم والدين، والتفكه بأعراض المؤمنين، سمّ قاتل، وداء دفين، وإثم واضح مبين”، ثم إنكم “كنتم أولا في جاهلية عريضة، وحالة عن الحق بعيدة، ورؤساؤكم أكثرهم طواغيت كبار، وعوامكم جفاة أشرار، لا تعرفون حقائق دين الإسلام، ولا تعملون من الحق إلا بما تهوى به نفوسكم، مع ما كان بينكم، من سفك الدماء، ونهب الأموال، وقطيعة الأرحام، وتعدي حدود الله، وغير ذلك من المحرمات وعظيم المنكرات. ثم هداكم الله لمعرفة دينه، والعمل بتوحيده، وسلوك مسلك أهل الإسلام والتوحيد، وانتشرت بينكم كتب السنن والآثار، ومصنفات علماء الإسلام، ثم أنتم الآن انتقلت بكم الأحوال، إلى أنكم تحاولون الخروج على الإمام، ومنابذة أهل الإسلام ومفارقة جماعتهم”..
إلى آخر ما أصدره علماء الوهابية، وتحديدا ما بين سنتيْ 1919 و 1920، من الفتاوى الجماعية التي بسطوا فيها الخطاب الوهابي الجديد الذي يتناسب مع الاشتراطات الجديدة لطبيعة الدولة السعودية الحديثة...
الصورة لبعض قيادات إخوان من طاع الله..

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

FB_IMG_1466981029660.jpg

لكن (الإخوان) لم يرضخوا ويُذعنوا لهذه الفتاوى الجديدة، التي رأوا فيها انقلابا وانتكاسة لما كانت عليه الوهابية الحقيقية من وجهة نظرهم، وأخذوا يجادلون العلماء بنفس الكتابات والتعاليم التي أصدرها سابقا أئمة الدعوة في العهدين القديمين: الأول والثاني للإمارة السعودية.

حينها اضطر العلماء، إلى تكفير حركة (الإخوان) وإخراجهم من الإسلام، ووجوب قتالهم وجهادهم، فأصدروا الفتوى التالية: “وأما قول السائل، إنهم (أي الإخوان)، يرون أن جميع المسلمين وولي أمرهم، ليسوا على حق، فهذا من ضلالهم، ومن الأسباب الموجبة لكفرهم، وخروجهم من الإسلام… أما من أجاب دعوتهم، وساعدهم من أهل نجد، فحكمه حكمهم، يجب على جميع المسلمين قتاله وجهاده، وأما من أبى عن جهادهم، وادّعى أنهم إخوان له، وأنهم على حق، فهذا حكمه حكمهم”. (انظر الدرر السنية:9/210).

ويبدو أن الإخوان كانوا يشعرون بمرارة (الانقلاب) من علمائهم الكبار؛ ففي حين كان العلماء وأتباعهم يصدّعون الأسماع، وفقا لمبدأ الولاء والبراء، بتحريم كل أنواع الاتصال السلمي بالمشركين، بل وتكفير كل من رضيَ سياسيا بالتحالف والانضمام للدولة العثمانية، نرى الآن الملك ومستشاريه وبمباركة علماء الوهابية الجديدة، يقيمون علاقات دبلوماسية مع هذه القوى الأجنبية الكافرة، هكذا يرى الإخوان كيف تسير الأمور، وفق رؤيتهم للعالم التي غذَّتها التعاليم الوهابية القديمة، أو كما فهموه من تلك التعاليم..
وفي حين كان العلماء يصدّعون الأسماع بالبراءة والمعاداة لكل الطوائف والمذاهب التي تمارس الكفر والبدع أو تتصالح معها، نجد كبار علماء الوهابية الآن يجيزون للملك التسامح معهم واستيعابهم في الدولة، وتركهم وعدم إجبارهم، والاكتفاء بمجرد دعوتهم بالحكمة والرفق والتدرج، ولكن الإخوان يرفضون هذه (المداهنة) و(الميوعة) و(الليونة) في الحق بحسب تصورهم الذي تم تغذيتهم به أثناء تكوّنهم الفكري في الهجَر الوهابية. وحين حاول الإخوان أن يفرضوا العقيدة الصحيحة والسلوك القويم على الناس بالقوة، في بعض المناطق، خاصة في الحجاز، استنكر علماء الوهابية أفعالهم ودعوهم إلى اعتماد وسائل أكثر لينا وحكمة، بعد أخذ الإذن من السلطات...

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

FB_IMG_1466981123234.jpg

ومهما كان أمر هذا السجال والصراع الديني، وكيف انتهى سياسيا وعسكريا، إلّا أننا نشهد فيه أول تمرد وانشقاق للسلفية الوهابية بصورة ظاهرة وجلية، أو بالأصح صرنا أمام وهابيتين: وهابية العهد القديم، ووهابية العهد الجديد: وهابية ملتزمة بحرفية نصوص الآباء المؤسسين، ووهابية تتعاطى نصوصها بنظرة أكثر واقعية وذرائعية.

هذا الانقسام والانشطار لم ينتهِ بمجرد الحسم العسكري للجماعات المتمردة، بل بقيت أفكار الوهابية القديمة تنتقل جيلًا بعد جيل، إلى يومنا هذا، فالجماعات الجهادية -على سبيل المثال- والتي تتبنى نهج العنف والتكفير والقتال، تستمد مقولاتها العقائدية، من تعاليم (وهابية العهد القديم)، بل رأينا معظم منظّري القاعدة ينطلقون في أطروحاتهم وتأصيلاتهم من كتابات ذلك العهد. وحين يقوم أتباع الوهابية (اليوم) أو ما يعرف بالسلفية الحركية، بمواجهة تلك الجماعات، أو الوهابيات المتطرفة، والانخراط في صراع معها، فهم لا يفعلون شيئا مؤثرا سوى أنهم يعيدون نفس التاريخ الذي حدث بين الوهابية المتصالحة والمتحالفة مع الدولة، والوهابية الجامدة والمتمردة والمقاتلة!
في المنتصف أمير الإخوان فيصل الدويش، وعلى اليمين نايف بن حثيلين، وعلى اليسار صاهود بن لامي

التقطت الصورة على متن السفينة البريطانية قبل تسليمهم للملك عبدالعزيز

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

FB_IMG_1466981209647.jpg

إنه (صراع التأويلات)، الصراع على تأويل نصوص العهد القديم للوهابية، وهو صراع مستمر، بين وهابيتين: وهابية تؤمن بالواقعية والبراجماتية، ووهابية تؤمن بالوفاء لتعاليم العهد القديم، وكلا الوهابيتين تدعي بأنها الممثل الشرعي للدين الحق.

ففي حين كان الإخوان يكفِّرون الدولة، بسبب اتصالها بالحكومة البريطانية، وعقد الاتفاقات معها، اتباعا منهم لتعاليم وهابية (العهد القديم) وتطبيقا لنصوصها القديمة في تكفير كلّ من تحالف مع العساكر التركية؛ نجد أن هؤلاء الإخوان أنفسهم، أجازوا لزعمائهم فيما بعد، التواصل مع الحكومة البريطانية، ومحاولة عقد الاتفاقات معها، واللجوء إليها، والاستجارة بها، عندما ضاقت عليهم الأرض، جراء الخسائر والهزائم المتتالية التي تعرضوا لها من عساكر الملك عبد العزيز. ولكي لا يبدون متناقضين أمام أتباعهم، كانوا يبررون لهم هذا السلوك السياسي، بأنهم مقتدون بالصحابة، حين هاجروا إلى الحبشة النصرانية، وتركوا عشيرتهم الكافرة.

الأمر الذي دفع كبار علماء وهابية (العهد الجديد) إلى إصدار الفتوى بتكفير أولئك (الإخوان) بسبب اتصالهم بالحكومة البريطانية (الكافرة) ولجوئهم إليها؛ فــ “هؤلاء الذين ذكرهم السائل، وهم العجمان والدويش، ومن تبعهم، لا شكَّ في كفرهم وردتهم، لأنهم انحازوا إلى أعداء الله ورسوله، وطلبوا الدخول تحت ولايتهم، واستعانوا بهم، فجمعوا بين الخروج من ديار المسلمين، واللحوق بأعداء الملة والدين، وتكفيرهم لأهل الإسلام، واستحلال دمائهم وأموالهم”. تصدر هذه الفتوى، في الوقت الذي كان أولئك العلماء يجيزون للملك التواصل مع ذات الحكومة البريطانية (الكافرة)، “لأنه إمام المسلمين، والناظر إلى مصالحهم، ولابدّ له من التحفظ على رعاياه وولايته، من الدول الأجانب”..
طائرة من سلاح الجو البريطاني أسقطها جيش الإخوان أثناء معاركهم..!!

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

إن كلا الوهابيتين وجهان لنمط واحد؛ نمط يدّعي بأنه الوحيد الذي يملك الحقيقة الدينية بصفة مطلقة، وأنه الممثل الشرعي والوحيد للعقيدة الصحيحة، وأنه المرجع الوحيد في فهم السلوك القويم المؤدي للنجاة في الآخرة، وبالتالي يحق له إنتاج المعنى الديني وإدارته وتطبيقه وفرضه في الواقع دون الآخرين.

ولكن بالرغم من كل ذلك، وللموضوعية، والإنصاف، لا يمكن جعل الوهابية، في تجلياتها الجديدة، بعدما انخرطت في مشروع الدولة الحديثة ومتطلباتها، وأصبحت تساير ضغوطات الحداثة، لا يمكن وضعها في صف واحد مساوية للوهابية التقليدية، والتي ما زالت تلتزم، وبصورة حرفية، بتعاليم العهد القديم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كل ما سبق كان بحث للأستاذ / سامح جمال

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

Screenshot_2016-06-27-00-50-19.png

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

ت

حية لـ رع..

الصيام فى مصر قبل التاريخ

 
photo_8481665f-3554-4180-82e2-7cb91fa793
 

 

 

مر منذ أيام يوم كان من الأيام المقدسة لدى أجدادنا القدماء؛ يوم "11 بشنس"، وشهر بشنس لمن لا يعرف هو الشهر التاسع فى التقويم القبطى، وفى هذا الشهر تُدْرَس المحاصيل، ويقول فيه الفلاح المصرى: "بشنس يكنس الغيط كنس" فى إشارة لحصاد ودَرْس المحاصيل، كما يقول فيه: "فى بشنس خلى بالك مـ الشمس" وهى إشارة لبدايات شدة الحرارة وقيظ الشمس التى تبلغ ذروتها فى الشهر الذى يليه وهو شهر "بؤونه"، والحديث عن التقويم والأشهر القبطية وما تعلق بها من أمثال شعبية طويل، وقد تناوله باحثون أكفاء، إلا أنه ليس مجال حديثى هنا، فحديثى عن يوم "11 بسنش" وما تعلق به من طقس دينى ورد ذكره فى "الجبتانا" أو "إجبتانا" التى تنسب للمؤرخ المصرى "مانيتون السمنودى".
 
يذكرون المؤرخون الكلاسيكيون أن للمؤرخ المصرى "مانيتون" نصين؛ أحدهما مشهور ويعرف باسم "إجبتياكا" وهو متعلق بتقسيم التاريخ السياسى للدولة المصرية القديمة وترتيب ملوك مصر ترتيبا زمنيا، كما يعرف "بالتاريخ السياسى" وهو النص الذى يستند عليه غالبية علماء المصريات لإثبات مصداقيتهم التاريخية رجوعا للتقسيم والتسلسل الذى وضع لبناته الأساسية "مانيتون". أما النص الثانى فهو "إجبتاكا" وهو متن جمعه "مانيتون" إما من محفوظات المعابد المصرية القديمة أو ربما من المدونات الشعبية التى تحكى قصة الشعب المصرى ونشأته فى ربوع الوادى، ويعتقد أنه جمع نصوصه وكتبه حوالى 270 ق.م، وكتبه فى البداية بالخط الديموطيقى، غير أن هذا النص لم يتمتع بنفس ما تمتع به النص السياسى من تحقيق أكاديمى أو شهرة تجارية، ربما كان ذلك لأنه ليس متعلقا بالتاريخ السياسى لملوك مصر القديمة بقدر تعلقه بجوانب دينية واجتماعية قديمة للشعب نفسه وليس ملوكه، فهو متن متعلق بالزراعة وأدواتها واستئناس الحيوانات وتجفيف المستنقعات وزراعتها، إلى أخر ذلك من الجوانب الحياتية للمجتمع المصرى الأول.
 
ومن ناحية أخرى قد يكون عدم التفات سواد الأكاديميين لهذا النص نظرا لكونه نصا شفاهيا اعتمد فى وصوله إلينا على ذاكرة الكهنة المصريين الأوائل الذين فروا إلى الصحارى وكهوف الجبال خوفا على حياتهم ودينهم من الاضطهاد الذى طال أغلبهم بعد انتشار الديانة المسيحية فى ربوع مصر، فعكفوا على ترديد نصوص المتن المقدس "إجبتانا" الذى كان النص الوحيد الباقى لما يعتنقونه من ديانة، ومع الوقت وبعد انتشار الديانة المسيحية حتى صارت الديانة الرسمية للبلاد انقلت نصوص "إجبتانا" إلى داخل جنبات الكنيسة المصرية من خلال بعض الكهنة الذين رأوا فيه إرثا لغويا وأدبيا يجب الحفاظ عليه ونقله للأجيال القادمة، فى مواجهة استعمار أجنبى قد يحاول طمس هذه اللغة. 
 
2.jpg
 
إلا أنه بالرجوع للتقسيم المادى للتاريخ عند كل من "هيجل وماركس"، نجد أنه قد قسم إلى "بنية تحتية" تتعلق بالزراعة وأدوات الإنتاج، وأيضا الصناعة، تلك البنية المادية التى تفرز "بنية عليا" تتعلق بالثقافة والقانون، ومن ثم الفلسفة الدينية، لذا كيف لنا تجاهل الميراث الثقافى الشفاهى لشعب ما؟ خاصة وأنه لا يمكننى شخصيا تصور ميراث كتابى دون ميراث شفاهى!ومن ناحية ثالثة لا يمكننا بالطبع إغفال التأثيرات السامية المتوارثة عبر القصص التوراتى على كثير من الباحثين الأكادميين، إلا أنه ليس مجال الحديث هنا. 
 
عموما، توصف الجبتانا باعتبارها نصا شعبيا شفاهيا، وإلى حين تحقيق ذلك النص أكاديميا، لنا أن نطلع على بعض من نصوصه التى لاتزال قابعة فى ضمير الشعب، وذلك بحسب نظرية "إميل دوركايم" فى علمى الاجتماع والنفس، خاصة تلك العادات المتوارثة المتعلقة كختان الذكور مثلا، هذا بالإضافة إلى احتفالات الحصاد، وشكر التاسوع المقدس لما وهب المصريين من أرض،ونيل، وشمس للزراعة، وذلك من خلال عرض ما بالجبتانا من نصوص قصيرة تعرف باسم "سورتا" - التى انتقلت إلى اللغات السامية فى الشرق فى تعديل لتصبح كلمة "سورة" –إذ يحتوىالمتن على تعاليم تخصالشكر للإله الأعظم والثمانية المقدسين حوله من خلال شعيرتى الأضاحى والصوم، وما يعقب الصوم من إفطار على "الكوشير المقدس"، وهذه الشعيرة الأخيرة هى الخاصة بموضوع حديثنا عن يوم "11 بشنس".
 
يقول لنا "مانيتون" فى الاصحاح الرابع من سفر "القمح والكوشير": (اثبت – أنا مانيتون السمنودى المكلف بتسجيل الجبتانا -  شيئا من بردية من البرديات من الواضح أنها تكمل قصة "كونا" وابنها والقمح. ويبدو من طريقة كتابة البردية أن ما دون بها عبارة عن قصيدة شعرية يستنسخها التلاميذ فى المعابد للتدريب على الكتابة. وحفظا للآداب القديمة ... تقول سطور البردية: فى الحقبة التى سبقت عصر إيزيس سكنت نساء مصريات كهوفا أو أخصاصا ... الأم المصرية "كونا" كانت قد فطمت صغيرها "أبيس" ... الأم "كونا" أطعمت الطفل شيئا من مخ الصيد وشيئا من كبد الصيد ... الطفل الصغير يبكى ويتألم ... والأم "كونا" تبكى وتتألم ... خرجت "كونا" بالطفل من الكهف إلى شاطىء النهر عسى الآلهة ترى ألمه فترق لحاله. جلست "كونا" بالطفل على الشاطىء وتطلعت إلى السماء. رأت عشا للعصافير ومعهم أمهم تطعمهم منقارا لمنقار. وتنزل العصفورة الأم فتفتش فى الأعواد الذهبية عن الحبات الذهبية ... فتأخذ الحبات بمنقارها وتطعم الصغار منقارا لمنقار... انتبهت الأم الجبتية ... فتشت فى الأعواد الذهبية فرأت سنابل "رع" بحباتها الذهبية ... فمضغت الحبات الذهبية وأعطتها وليدها "أبيس" فما لفم ... هدأ الطفل ... ضحك الطفل ... ضحكت "كونا" وجمعت مزيدا من الحبات الذهبية ... نبتت بعض الحبات الذهبية فى الكهف ... فى العام التالى زرعت "كونا" تلك الحبات الذهبية فى الطمى الذى خلفه "حابى" بعد الفيضان ... وفى شهر "بشنس" حصدت "كونا" سنابل ذهبية تحوى الحبات الذهبية ... وعرفنا – نحن الجبتيين – الكونا أو الكورنا أو القمح...) ص 153- 154 الجبتانا – أسفار التكوين المصرية.
 
3.jpg
 
من اقتباس "مانيتون" للنص القديم الذى كان يكمل به قصة فطام الطفل "أبيس" ابن "كونا" ابنة "جبتو"، يمكننا الإشارة إلى عدة أشياء منها على سبيل المثال لا الحصر تأصيل معرفة المصريين الأوائل بزراعة القمح تحديدا؛ إذ يرجعونها إلى عهود قديمة جدا تكاد تتشابك مع القصص الأسطورى، وأقول هنا الأسطورى لا الخرافى إذ أن للأسطورة نواة من الحقيقة تختلف عن الخرافة التى هى فى أساسها ضربا من ضروب الخيال، مما يشير إلى أن كون معرفة الزراعة نفسها فى مصر القديمة هى معرفة تسبق فى قدمها تأسيس الدولة نفسها أو حتى المدينة أو القرية، وهو أمر بديهى، كما أن النص يحمل دلالات تقديس القمح نفسه ناهيك عن تقديس الزراعة، ولنرى ما يروية "مانيتون" فى اقتباسه القادم عن شعيرة الصوم.
 
إذ ينقل لنا فى الإصحاح السادس بنفس السفر، ما جاء فى أحد متون الأهرام عن تلك الشعيرة، فيقول: (وأثبت- أنا مانيتون – ما أوحت به الآلهة حول شعيرة الصيام والإفطار على "الكوشير" ... يقول متن من متون الأهرام: يقيم كل الجبتيين فى الأرضين حيث إن الكل فى قبضة يد رع وخنم وبتاح وجب ونيت ونوت وبقية التاسوع، شعيرة الصيام ليوم واحد من فجر اليوم الحادى عشر من بشنس حتى غروب ذلك اليوم ... ليكن الصبام عن الطعام والشراب ... وليكن الإفطار تحية لرع الذى علم السلالة الجبتية كيف تزرع القمح والحبوب، وكيف تستخدم الحيوان لفصل الحبوب عن القش ... وليفطر الجبتيون على "الكوشير" المكون من حبوب القمح والعدس والفول والحمص والثوم والبصل، مطهوًا فى الأوانى الفخارية على نار "توت" سيدة السماء).
 
ولابد هنا من ملاحظة أن تلك الشعيرة ليس تحية لـ"رع" باعتباره "الشمس"، ولكن باعتباره رب الضياء الذى وهب "الشمس" للجبتيين؛ ذلك أن الجبتيين الأوائل شأنهم شأن غيرهم من البشر، كانوا يخشون الظلام وما ينجم عنه من مخاطر، وهو الأمر الذى نلاحظه فى رحلة المخاطر التى تخوضها الشمس خلال ساعات الظلام التى حددها المصرى القديم بإثنى عشر ساعة من ساعات اليوم، 
 
فالصوم كان تحية من الجبتيين للإله "رع" وبقية التاسوع المقدس، عرفانا منهم بجميل تعليمهم زراعة القمح والحبوب، كما أنه تحية لـ"رع" باعتباره رب أرباب التاسوع المقدس، والمتصرف فى شئون الأرباب أنفسهم، ومن ثم شئون الجبتيين الذين هم من سلالة أولئك الأرباب بحسب نصوص "إجبتانا/ الجبتانا"، وإرشادهم لاستخدام النار فى تحويل الطين إلى فخار لصناعة أوان يطهون فيها طعامهم على نار "توت" سيدة السماء.

وكالريح لا يركن إلي جهه

إلا وهيأ لأخري راحله ...

 

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة

×
×
  • أضف...