اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

دون كيوتى..... و القذارة


الأفوكاتو

Recommended Posts

الأستاذ أفاكاتو كتب:

فى عام 1985, فكرنا فى العودة الى مصر لثانى مرة, و قررنا بعد قضاء بعض الوقت فى القاهرة, زيارة الإسكندرية, مدينتى المفضلة.

سافرنا فى الطريق الصحراوى, الى أن وصلنا الى مشارف مدينة الأسكندرية, و بعد إجتباز منطقة الملاحات, لاحظت شيئا غريبا.

تسرب من نافذة السيارة رائحة غريبة نفاذة, و زادت حدتها كلما إقتربنا من مشارف مدينة الإسكندرية, و لما كنا فى طريق آخر غير طريق المدابغ, الذى يجعل من يعبره يشعر بالغثيان, نتيجة للتلوث الجوى الناشئ من رائحة الجلود , و الكيماويات التى تستعمل فى عملية الدباغة. فقد تعجبت لتواجد هذه الرائحة فى المنطقة التى كنا نعبرها.

و سكت على أمل أن تزول هذه الرائحة, و لكنها إزدادت شدة, حتى إضررت الى غلق نافذة السارة رغم إرتفاع حرارة الجو.

و لكن إستعمال التكييف لم يقلل من حدة هذه الرائحة, و التفت الى قريبى فائد السارة, و سألته؟

ما هذه الرائحة الكريهة؟

و كان سؤالى باللغة الإنجليزية, حيث كانت زوجتى معى, و هى لا تتكلم العربية, بل تفهم حوالى 30% منها فقط.

فرد على بالعربية, و قال :

بلاش فضايح قدام مراتك.

فسألته مرة أخرى, فقال :

أنظر حولك على جانبى الطريق:

فنظرت, و يا لهول ما رأيت.

رأيت أطنان من القمامة, موضوعة على ضفتى الطريق, و أحسست بغثيان, و طلبت التوقف فورا قبل أن أسبب خسائر فى فرش السيارة, و لكن قريبى نصحنى بأن التوقف سيسبب مشاكل أكثر لزوجتى.

و أسرع قريبى إلى أن تجاوزنا منطقة الزبالة, و تحسن الوضع نسبيا, ثم طلبت من قريبى التوقف حتى تتمكن زوجتى الطبيبة من إحضار بعض أقراص من الحقيبة التى فى مؤخرة السيارة, لإيقاف حالة القيئ التى كنت أعانى منها.

و هنا, سألت قريبى:

هل أصبح الطريق الصحراوى مقلبا للزبالة؟

فنظر الى نظرة غريبة, و قال:

بالعكس, فما رأيت هو بداية مشروع الحديقة الدولية.

فسألته: أى حديقة دولية؟

فقال: حديقة يُزرع فيها أشجار تجميل و زهور من جميع أركان العالم.

فسألته: و ما صلة ذلك بالقمامة؟

فقال:

لقد رأى " خبراء الزراعة أن إضافة فضلات المنازل العضوية الى التربة سيساعد على إثرائها, و يجعلها مخصبة بخصوبة طبيعية, غير كيماوية.

فقلت:

اليس من المفروض معالجة هذه الفضلات قبل وضعها على جانبى الطريق بهذه الطريقة المزرية, التى تساعد على نشر الميكروبات, و الأمراض؟ فضلا على المظهر الغير حضارى الذى يضر بسمعة أجمل مدينة فى مصر؟

فقال:

لقد تحدد وقت لتنفيذ هذا المشروع, و قد رأت الحكومة أن عملية معالجة القمامة قبل إضافتها للتربة سوف يسبب تاخير فى التنفيذ.

فخبطت يدا على يد , و قلت:

لو كان لى رأى فى كيفية حكم هذا البلد, لطلبت الحكم بالإعدام علىالأوغاد الذين نفذوا هذا المشروع بهذه الطريقة المهدرة لآدمية الإنسان.

طالما قلت إسكندرية ... وعام 1985 .. والحديقة الدولية

.... إذن ..أنت بتتكلم علي ..

ففي تلك الفترة تحديدا .. كان لي تجربةظريفة جدا .. مع الحديقة الدولية .. تسببت في النهاية بعدد من القضايا .. مع تحريات ومخابرات الجيش .

في مارس 1985 .. أستلمت أول عمل لي .. ملازم أول إحتياطي بكتيبة مهندسين ملحقة على فوج الإشارة بكوم الدكة .. وكانت مهمتي .. وكنت وقتها أنا وحدي أمثل ثلث الكتيبة .. فقد كنا ثلاث ضباط فقط في كتيبة الإسكندرية .. وكانت مهمتي هي إسقاط كبائن تلفيونات سنترال المنشية ( 48 ) وسنترال الماكس ( 44 ) وسنترال محرم بك ( 49 ) وأخير سنترال سموحة ( 42 ) .. كامل العمل كان يتم تحت سلاح الخدمة الوطنية بالإشتراك مع شركة طومسون للإتصالات الفرنسية . وكانت الشركة مشترية للكتيبة بأموال المعونة الفرنسية .. عدد كبير جدا من قلابات الماجروس الضخمة ذات سعة تزيد عن 10 متر مكعب .. بالإضافة لأكثر من 6 لوادر أمريكاني ضخمة .. وكان من مهامي أن أشرف أيضا على تجميع الردم الخارج من خنادق سلاح الإشارة بعد توصيل الكابلات .. ثم رمي هذا الردم .. يوميا كنت أرمي أكثر من 1000 متر مكعب من الردم .. وحينئذ طلب محافظ الإسكندرية .. أعتقد كان الجوسقي .. برمي هذا الردم في مقلب زبالة محرم بك حتى يتمكن من تأسيس الحديقة الدولية .. وكان لى العبد لله تنفيذ الأمر .. وتماما يا فندم ..

في أول الأيام .. حاولت رمي الردم هناك .. وتحولت العملية لمأساة .. فكلمادخلت عربة قلاب للمقلب لرمي الزبالة .. غرست في الطين والزبالة .. أو إنفجر إطارها بسبب المسامير والمواد الحادة الموجودة في الزبالة .. المهم .. كانت مأساة .. وكان لازم علي أن أضع حد لهذا الأمر ..

المهم .. ضربت أوامر المحافظ بعرض الحائط .. وأمرت السواقين أن يرموا في أرض الملاحة (( عزبة الصياديين )) ردمت المنطقة بالكامل .. وهي قريبة من مقلب زبالة محرم بك .. ولاكثر من عام ونصف والقيادات تعتقد أنني أرمي في مقلب محرم بك .. حتى أكتشف الأمر .. بعدما بدأ الصياديين يبعون الأرض المردومة .. وبدا طمع القيادات .. والذين تخيلوا أنني عملت كنز قارون من بيع الردم ..

المهم .. أوقفوني عن العمل .. وقدموني للتحقيات مع قرابة 16 سواق وبالطبع نقيب الكتيبة المسؤول عن فرع الإسكندرية .

في النهاية .. لم يتحقق حلم المحافظ بالحديقة الدولية .. وخصم مني 15 يوم من الراتب .. مع شهادة خبرة عسكرية .. أقل بكثير من القدوة الحسنة .

صدقني .. أنا لو أعرف أنك ستمر على مزبلة محرم بك .. لكنت ضغط على نفسي وردمتها علشان خطرك .

المهم أجمل ما في الموضوع .. أن المحافظ والقيادات الكبري في جهاز الخدمة الوطنية .. لم يسألوني من قبل .. أين أرمي كل هذا الردم ؟؟ لقرابة عاميين لم يسأل أحدهم هذا السؤال ؟؟ولم يتسألوا لماذا عساكر كتيبة المهندسين .. أثرياء ولا ينتظروا طعام المعسكر .. ويشترون الطعام من المطاعم في شوارع الإسكندرية .

رابط هذا التعليق
شارك

  • الردود 44
  • البداية
  • اخر رد

أكثر المشاركين في هذا الموضوع

أكثر المشاركين في هذا الموضوع

عزيزى الأخ الباحث عن الحقيقة,

فى تعليقك على جملة الأخ س س بأنه بأنه تعود على النظافة لأنه عاش فى الخارج, لاحظت أنك ترجع النظافة الى المعيشة فى الخارج,

و لكن فى هذا ظلم للإنسان المصرى بصفة عامة, فكما قال الأخ س س أيضا, يجب أن نبحث عن الأسباب التى جعلت شعب يكنس أمام المنازل الريفية, و يرش المياة, و يلم القذارة, الى شعب يلقى مثقفيه و أغنيائه القذارة من شباك السيارات أثناء سيرها.

السبب ليس فى الشعب, و لكن فى الظروف التى غيرت القيم, و المفاهيم.

فى الإحباط الذى جعل المواطن يحس بعدم الإنتماء.

قبل ترك مصر الحبيبة, و كان ذلك بعد الثورة المباركة, التحقت بالجامعة الأمريكية لدراسة اللغة الإنجليزية المتقدمة, تمهيدا لسفرى للخارج.

و فى يوم قبول الدفعة المتقدمة, ذهبت الى مقر الجامعة فى باب اللوق, و أنتظرت فى الساحة لحين النداء على إسمى.

و كانت الجامعة قد جهزت فريق من فتيات الجامعة الأنيقات لكى يقمن بدور المضيفات, و كنت فى ذلك الوقت مدخنا شرها, و عندما انتهيت من تدخين سيجارة, ذهبت الى إحدى المضيفات الأنيقات, و سألتها:

أين يمكننى أن أضع عقب السيجارة؟

فنظرت الى بأستخفاف, و قالت:.... ما قدامك الأرض يا أخى !!!

و على رأى الأخ شريف عبد الوهاب..... إنتهى الكلام.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

عزيزى الأخ إيجبت:

يبدوا أن الدنيا صغيرة فعلا, فها أنا أكتب عن الحديقة الدولية, و ها أنت كدت تفقد حريتك بسبب هذه الحديقة الملعونة.

و رغم كل ما يقال عن التقدم فى تنظيف مدينة الإسكندرية, فالنظرة الى هذا الموضوع ليست نظرة عينية, بل نظرة نسبية.

أى أن الناس تقارن الإسكندرية بالمدن الأخرى, بدلا من مقارنة الأسكندرية, باسكندرية ما قبل الثورة.

سوف أكتب كثيرا عن مظاهر القذارة التى عايشتها, و أغلب أبطالها من طبقة المثقفين و المهنيين.

شكرا لجميع من شاركوا فى حملة النظافة, و طلوب مزيد من الآراء فى كيفية لفت نظر المفسدين الى الضرر و الخراب الذى تسببه هذه السلوكيات.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

الأخ الكبير العزيز الأفوكاتو ،

فعلاً معك حق بالقطع في أننا يجب أن نبحث عن الأسباب التي جعلت من سلوكيات الناس في الماضي تتغير إلى هذا الحد ، لقد كانت مدن مصر و شوارع القاهرة خصوصاً في الأربعينات حتى منتصف الخمسينات (حسب أقوال من عاصر هذه الفترة) مثال يحتذى في النظافة. و لكي أكون أكثر صراحة ، لقد قابلت أحد الإنجليز - رجل أعمال - كان في عام 1945 ضابطاً في الجيش البريطاني في معسكراته بمصر. و كان يتحدث عن القاهرة - وأقسم بالله - كما لوأنها جنة . بل قال أنها كانت ساعتها عنده أفضل من لندن أو أي مدينة في انجلترا.

وهذا ما يدل على فروق شاسعة في سلوكيات اليوم و سلوكيات الأمس في هذا الموضوع. ولهذا أردت توضيحه حتى لا يحدث لبس في المفهوم ، مع شكري لك لوضع هذا الإستدراك.

أخي العزيز الكريم مجرمون ،

وأشكر ايضا الاخ الباحث علي رده و تفصيله.

وأنا شاكر أيضاً لك شكرك ، وفقك الله ياعزيزي.

أخوكم

الباحث

تم تعديل بواسطة Facts researcher

اللهم أرزقني المال الذي أعبدك به، وقني فتنته, اللهم آمين

رابط هذا التعليق
شارك

تحية مرة أخرى للباحث عن الحقيقة,

واستكمالا لما ذكرته سابق:

هناك فهم خاطئ بأن النظافة, أو عدمها دائما يرتبط بالثقافة أو الغنى,

و يدلل البعض منا على ذلك بأن الأماكن الشعبية التى يسكنها الفقراء تكون عادة أكثر قذارة من الأحياء التى يسكنها الأغنياء, و أن الأماكن التى يسكنها الوجهاء تكون عادة الأنظف.

كما يقدم البعض منا الدليل على صحة هذه النظرية بالقول بأن الإنسان المثقف يكون عادة أكثر نظافة من الإنسان الجاهل.

دعونا نضع هذا المفهوم الخاطئ على مائدة التشريح.

لقد دخلت بيوت أشخاص فقراء مُعدمين, و بيوت أصحاب الملايين.

و تعاملت مع المثقف جدا, و مع الأمى الذى لا يقرأ و لا يكتب.

و من خلال تعايشى مع هؤلاء الناس, رأيت أن فهمنا عن إرتباط المستوى الفكرى, و المستوى الإقتصادى الإجتماعى , بمدى النظافة , أوعدمها, هو فهم خاطئ.

و اليكم أمثلة واقعية تعزز ما أقول.

أثناء دراستى للدكتوراة فى جامعات إنجلترا, تعرفت على زميل مصرى, عاش فى إنجلترا 5 سنوات قبل وصولى اليها

لم يكن زميلى هذا متزوجا, كما أنه كان يشغل مركز يعادل درجة معيد بالجامعة, و كان دخله مرتفع نسبيا, كما كان مشهورا عنه أنه شديد التقتير, و لم يكن يُدخن, و لم أره مرة واحدة فى بوفيه الجامعة, يأكل سندوتشا, أو يشرب كوبا من الشاى.

إذن , فحالته المالية كانت متيسرة, و ثقافته عالية, و لكن.......

عندما دعانى لزيارة منزله لتناول وجبة عشاء, أصابتنى صدمة شديدة, فقد كان يسكن فى عمارة جميلة, فى حى جميل, تحتوى على حوالى 20 شقة من أحدث طراز, و لكن توقف كل هذا الجمال عند عتبة الباب.

ما كدت أدخل الشقة, حتى صدمت أنفاسى روائح غريبة, هى مزيج من زيت محترق, و رائحة صفيحة زبالة بدون غطاء, بها زبالة الأسبوع كله, و غالبا كان من ضمن هذه الزبالة أحشاء سمك نيئ, سكنت هناك طوال هذا الأسبوع.

لم تنتهى الصدمة بعد, فقد نظرت حولى, ووجدت أن المطبخ يتواجد فى ركن من حجرة المعيشة, التى كانت أيضا تستعمل كغرفة تناول الطعام. وهذا أمر لا بأس به ,و لكن...

رأيت فى ركن غرفة المعيشة بعض الفوتيهات التى أكتسى بعض قماشها بمادة أعتقد أنها دهونجسمانية , مثل ما نرى على ياقة قميص بعض من لا يهتمون بنظافتهم الشخصية. وفى ركن مائدة الطعام, كانت هناك مائدة خشبية , أحدى أرجلها كانت أقصر من البقية, و كان تحتها دليل تليفون لكى تبقى مستوية.

و كان على المائدة مفرش, كان لونه فى يوم من الأيام أبيض, و لكن الزمن غلاب,

و تظاهرت بعدم النظر الى هذه الأشياء, و توجهت الى النافذة لألقى نظرة على حديقة العمارة, و هالنى كمية القذارة المتراكمة , المكونة فيلما رمادى اللون على الزجاج الذى ربما لم يلمسه زميلى منذ أن سكن فى هذه الشقة..

و فتح زميلى الثلاجة, و قد إستعجبت أن يكون عنده واحدة, و لكن معرفتى بأن أغلب الشقق يكون بها عادة ثلاجة كهربائية, جعلتنى لا أتعجب كثيرا, و أخرج بعض الطعام, الذى لحسن حظى, كان قد إشتراه من السوبر ماركت, و لم يطبخه هو.

أكلت أقل كمية ممكنة, حيث أن نفسى كانت قد إنسدت.

و بعد تناول الطعام, تكلمنا عن العمل, و الحياة, و أمور أخرى تافهة, ثم طلبت دخول دورة المياة.

و حتى لا أفسد عليكم وجبة العشاء سوف أكتفى بهذا القدر من المديح.

و كانت هذه هى أول و آخر زيارة لمسكن هذا الزميل. الذى أصبح فيما بعد رجوعه الى مصر أستاذا مرموقا فى جامعة مصرية.

الحالة التالية كانت عند زيارة لقبر توت عنخ آمون, و باختصار, كان معنا فى المجموعة طبيب, و زوجته الصيدلانية, و كانا قد أشتريا عود قصب, و مصوا جزء منه أثناء الرحلة النيلية, و تبقى البعض.

و لما كان حوش المقبرة مزدحما, فقد إنتظرنا فترة طويلة قبل دخول المقبرة نفسها , تسلى فيها الطبيب و زوجته بمص القصب, و القاء المصاصة على الأرض, بينما لا تبعد صفيحة الزبالة أكثر من مترين من مكان وقوفهما.

الغريب أن عامل بسيط, و زوجته التى يبدوا أنها قروية, كانا يمصان القصب أيضا, و لكن الذى أسعدنى أن أرى العامل يجمع المصاصة فى منديله, ثم يتوجه بها الى صفيحة الزبالة.

نعود الى الأحياء الشعبية, و الأحياء الغنية.

أن قذارةالأحياء الشعبية فى إعتقادى هى نتيجة إحتقار الحكومات المتعاقبة للشخص الفقير, قميزانية النظاففة فى هذه الأحياء لا يمكن أن تقاس بالملايين التى يتم صرفها لإسعاد السادة الأغياء الذين يسكنون فى القصور و الفيلات.

و لو دخلتم منزل شخص فقير فى هذه الأحياء الشعبية, فأراهنكم أنه سيكون أنظف من بيت زميلى المثقف, الذى عاش فى إنجلترا, و لم يكن فقيرا.

و قد زرت فى آخر رحلة لى الى مصر حفيدة خالى, التى توقف تعليمها فى وسط المرحلة الثانوية, و متزوجة من كهربائى توصيلات, يعمل بأجر متوسط, و تقوم زوجته برعاية ثلاثة أطفال.

و هم يسكنون فى حى جسر السويس, و المنطقة شعبية, , و الشارع المؤدى الى المنزل نصف مرصوف, و مملوؤ بالحفر, تتجمع فيها مياة المطر و الصرف الصحى, و تتراكم القمامى على , و فى منتصف الشارع, و البيت مبتى بالطوب الأحمر, و لكن:

عندما دخلت الى الشقة, إندهشت, و إنبهرت بالبساطة, و القناعة, و النظافة التى شرحت نفسى,

و جاء الأطفال لتحيتى, و كانوا أصحاء, يرتدون ملابس رخيصة, و لكن أنيقة, و أهم من أى شيئ آخر......... نظيفة.

كانت ستائر النوافذ مغطاة بدانتلا رخيصة, و لكنها ناصعة البياض, و كانت الحوائط كانها مدهونة الأمس. و لم أر أى شيئ ملقى على الأرض, التى كانت فى نظافة أرض المستشفيات السياحية.( و طبعا كانت أنظف كثيرا من أرض مستشفياتنا العامة)

شعرت بسعادة غامرة, نكّدها علىّ ذكرى زميلى سابقا, أستاذ الجامعة سابقا.

و من بعض القصص التى ذكرها بعض الزملاء هنا, لاحظنا أن الشخص المستريح ماليا, و عنده قدر معقول من الثقافة, قد لا يتورع عن إلقاء القاذورات من شباك السيارة أو نافذة المنزل.

بل أن هذه الظاهرة كانت متفشية فى عائلتى نفسها,

فزوجة أخى, المحامية الكبيرة, عند عودتنا من الغردقة, أوقفت سيارتها الأنيقة, و خرجت منها لكى تلقى بالأطباق الورقية ( التى إستعملناها أثناء الرحلة لتناول الطعام) , على جانب الطريق, على بعد كيلومترات قليلة من السويس.

و كانت معركة , إنتهت بانتقالى الى منزل أختى, الذى كان أكثر نظافة.

و أظرف موقف تصادمت فيه مع شخص غنى, و مثقف, هو عندما كنا مع صديق فى فسحة على الطريق الى المعادى, أوقف صديقى السيارة ( و لحسن الحظ كان الوقت ليلا) على جانب الطريق, و استأذن منى و من زوجتى, ثم ذهب خلف شجرة لإراحة نفسه من أشياء لا داعى لذكر إسمها.

و عند إعتراضى على ما فعل, قال لى بصوت هادئ, و بمنطق معقول:

" دلنى على دورة مياة فى محيط 50 كيلومترا من هنا, و أعدك أن لا أفعل ذلك مرة أخرى".

بالمناسبة, كان هذا الصديق وقتها بدرجة وكيل وزارة , بوزارة المواصلات.

سأكتب قريبا عن فضيحة عدم تواجد دورات مياة فى مصر, و تاثيرها على على سمعة مصر حضاريا, و إقتصاديا.

و تقبلوا تحياتى.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

أوقف صديقى السيارة ( و لحسن الحظ كان الوقت ليلا) على جانب الطريق, و استأذن منى و من زوجتى, ثم ذهب خلف شجرة لإراحة نفسه من أشياء لا داعى لذكر إسمها.

لقد وضعت يدك على جرح عميق في نفسي ..لم أكن أود الحديث عنه علنا .. ولكن الشئ بالشئ يذكر ..عند زيارتي للإسكندرية عام 99 .. وبينما أنا أسير مع أحد أصدقائي خلف تمثال سعد زغلول .. نقترب لأخذ السيارة من الموقف .. فجأ طلب صديقي مني التوقف وعدم السير لأبعد من هذا .. قأستغربت .. وسألت لماذا ؟؟ فرد بأن هناك سيدة تقضي حاجاتها على جانب السيارة في نفس الموقف التي بها سيارته وهو لا يريد إحراجها .. تأكد من كلامه .. فإذا بكومة سوداء تتخفي بين السيارات في موقف غير لطيفا بتاتا .. وبعد لحظات أختفت عن أنظارنا وذهبنا للسيارة ..

بصراحة هذا المنظر ظل محفوظ في عيني وعقلي لفترة طويلة من الزمن .. بالطبع أنا لا يمكني أن ألوم هذه السيدة والتي يبدوا لي أنها قروية .. لا يمكني أن ألومها بتاتا .. ربما مريضة بالسكر وتحتاج دخول دورة المياه عدة مرات في الساعة .. ربما .. وألف ربما .. لا ألومها .. فليس هناك أمرأة مستعدة أن تعمل ما عملته هذه السيدة إلا بعدما تعذر أمامها العثور على دورة مياه لقضاء حاجتها .. في محطة الرمل .. لا توجد دورة مياه ..

ومما زاد الطين بلة .. تكرر نفس الموقف مرة أخرى .. في زيارتي الثانية للإسكندرية عام 2000 .. ذهبت مع زوجتي لفندق سيسل ..ووقف التاكسي على الجانب الأخر المواجه لفندق سيسل ..أي على جانب الحديقة .. وبمجرد نزولي مع الأولاد وزوجتى .. جميعهم صاحوا

.... آآآآآآآآى ى ى ى ى ى ى ..... ثم رددوا كلمة ملايوية تعني رائحة بول .. وأخذ الأطفال يتضحكون ويتهم كل منهم الأخر بتهمة التبول على نفسه .. بينما الرائحة كانت صادرة من الحديقة .. أمام بوابة فندق سيسل . .

وأيضا أعذر الناس ... فلا يوجد دورة مياه في أهم منطقة جذب سياحي بالإسكندرية

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 أسابيع...

اعذروني ان تطفلت عليكم gsm::

لدي تساؤل دائماً مااجده يُلح علي لأطرحه في كل مره ارى هذا القدر من الناس تستنكر فعلاً مشيناً ( أي كان هذا الفعل )

اذا كنت انا وانت وكلنا نستنكر هذا الفعل الذي تشمئز منه النفس البشريه السويه اذاً من يفعل هذا ؟؟؟

تحياتي لكم وعذراً مره أخرى على تطفلي:wub:

والحمد لله على السلامه أخي أفوكاتو

تم تعديل بواسطة مسلم عربي سعودي
رابط هذا التعليق
شارك

مرحبا بالاخ مسلم عربى سعودى

الاجابه على سؤالك فى رايى بسيطه

اننا هنا لا نمثل المجتمع بالكامل

وبالتالى قد نكون نحن معترضون بينما هناك غيرنا ممن هم ليسوا اعضاء فى المنتدى لا يعترضون او يعترضون لكن ليس لديهم بديل

"أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونٌَ"

صدق الله العظيم

-----------------------------------

قال الصمت:

الحقائق الأكيده لا تحتاج إلى البلاغه

الحصان العائد بعد مصرع فارسه

يقول لنا كل شئ

دون أن يقول أى شئ

tiptoe.gif

مريد البرغوثى

رابط هذا التعليق
شارك

اعذروني ان تطفلت عليكم gsm::

لدي تساؤل دائماً مااجده يُلح علي لأطرحه في كل مره ارى هذا القدر من الناس تستنكر فعلاً مشيناً ( أي كان هذا الفعل )

اذا كنت انا وانت وكلنا نستنكر هذا الفعل الذي تشمئز منه النفس البشريه السويه اذاً من يفعل هذا ؟؟؟

تحياتي لكم وعذراً مره أخرى على تطفلي:wub:

والحمد لله على السلامه أخي أفوكاتو

الأجابة بمنتهى البساطة يا سيدي .. وهو أننا كبشر مختلفون في الطباع وفي التعليم وفي الثقافة ... قد اكون انا أستسيغ التدخين في نفس الوقت ممكن ان تكون انت اخي من أبي وأمي ولا تطيق رائحة الدخان حتى ....

اما في مثل هذه الحلات التى نذكرها فهي واقع موجود لدينا ودعني اعمم في وطننا العربي كله .. فمن عادتنا نحن العرب اننا لا نهتم كثيراً بالامور الإنسانية ...

على سبيل المثال .. نقوم بإنفاق ملايين الدراهم على تأسيس وتعبيد الطرق ولا نهتم بتوفير دورات مياه صالحة للإستخادم الآدمي بالشوارع حتى لو نجعلها برسوم رمزية لزوم الصيانة والتشغيل ...

الأحـــرار يؤمنون بمن معه الحق ..

و العبيــد يؤمنون بمن معه القوة ..

فلا تعجب من دفاع الأحرار عن الضحية دائماً ..

و دفاع العبيد عن الجلاد دائماً

رابط هذا التعليق
شارك

عزيزى الأخ مسلم عربى سعودى

شكرا على تمنياتك لى بالسلامة, الله يسلمك

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

سؤال حلو أوي يا أستاذ مسلم عربي سعودي (من هنا و رايح هنقولك مسلم بس توفيرا للحبر cr((: ) ...

هأقولك علي مثال بسيط ....

أنا مش بأرمي حاجة في الشارع و الحمد لله ... لو مثلا راجع من الكلية و معايا صحابي ... من سني و طريقة تفكيري .... ممكن أحط كيس أو ورقة في الشنطة و لما أروح هأرميه في الزبالة ....

دول يشوفوا كده .... و هاتك يا تريقة ... مش بالكلام .. لا .. كل واحد عايز يرمي حاجته في شنطتي ....

لكن بعد الكلمتين اللي هم مني ... كل واحد يتلم و يعرف غلطه ...

و هم الناس كده ... عارفين الصح ... لكن السخرية أسهل من عمل الصح ... و كلمتين اللي هما يرجعوهم علي الطريق المستقيم ....

رحم الله الأفاكاتو وإخناتون وإسكنهم فسيح جناته

__

وجوه في العاصفة - هل تحب عملك - كيف تعمل الأشياء - أزمة الحد الأدني

رابط هذا التعليق
شارك

ممكن أحط كيس أو ورقة في الشنطة و لما أروح هأرميه في الزبالة ....

لأ معليش يا لانس .. مش قادر امسك نفسي .. هاموت لو ماقولتش الكلميتن دول

إنت لسه بتروح الكلية بشنطة ؟!!!!!!!!!

يعني واحد في كلية الهندسة وبكرة يبقى محامي قد الدنيا ولسه بيشيل شنطة ؟!!!!

إوعى تقول لي إنها الشنطة اللي معمولة من تيل نادية بتاعت زمان أيام إبتدائي ؟؟؟ سبحان الله البتاعه دي كانت عاملة كونترست مع المريلة اللي من نفس نوع القماش والشوز القماش بتاع المساجين .... إوعى ... ويا سلام عليها والواحد شايلها وكل بقعة زيت طعمية فيها قد الدايره اللي نص قطرها = نق 2 / الجزر التكعيبي للزاوية القايمة ...

جاوب علي بسرعة الله يخليك .. هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتحرق هاتــــــــــــــــــــــحرق هـــــــــــــــــــــاتح............. تيشششششششششششششششششش

الأحـــرار يؤمنون بمن معه الحق ..

و العبيــد يؤمنون بمن معه القوة ..

فلا تعجب من دفاع الأحرار عن الضحية دائماً ..

و دفاع العبيد عن الجلاد دائماً

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 3 سنة...

للرفع, لكى يستمتع الأعضاء الجدد يما استمتعنا به نحن فى الماضى.

حوار راقى, و معلومة مفيدة.

تقبلوا تحياتى.

تم تعديل بواسطة الأفوكاتو

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

ربما كانت هذه أول مرة لي أطالع على شاشة المحاورالت الصغيرة موضوعا للأفوكاتو

أولا وقبل كل شيء احب أن أبدي إعجابي الشديد بلغتك الفاتنة والتي استمتعت بها كثيرا

ثانيا أحب أن أقص عليكم بعض الأشياء التي عانينا منها عقب هجرتنا من محافظة المنيا وقدومنا إلى القاهرة

والموضوع لن يخرج عن القذارة

عندما استطعنا الحصول على شقة مناسبة للسكن هالنا ما رأيناه في خلفية المنزل حيث يقبع هرم صغير من القمامة يكاد يتجاوز في ارتفاعه الخمسة أمتار......

وكان السادة سكان عمارتنا الموقرة وكذلك العمارات الأخرى والحي كله يلقون بتلك القمامة في هذا الهرم الصغير.......

المشكلة لم تتوقف عند ذلك مطلقا......

عند حلول الساعة الثانية صباحا تبدا عملية حرق لتلك القمامة ولكم أن تتخيلوا معاناه السكان من دخان الحريق

ولا أنسى ذلك اليوم الذي شب فيه حريق ضخم اضطررنا وقته للإتصال بالمطافي والتي تأخرت علينا ولم تأت إلا لوضع اللمسات الأخيرة على إطفاء الحريق

طبعا ده كله انتهى ومعادش موجود لأن سكان المنطقة اتعاونوا

في ذلك الوقت ومن الناحية الأخرى أي في أمام المنزل

تحول الدكان أسفل شقتنا تماما إلى معمل للطرشي

ومحل دوكو

برضه الحاجات دي اتقفلت

ولكن هذه الأشياء أصابت والدي بآلام في أحباله الصوتيه

ظل يعاني منها عاما كاملا

ولك الله يا شعب مصر

أحمد

105724557.jpg

ألام على هواك وليس عدلا ................ إذا أحببت مثلك أن ألاما

رابط هذا التعليق
شارك

عزبزى الأخ أحمد,

إليك مقال كتبته عام 2005, عند زيارتى لمصر أنا و زوجتى, سوف تجد مناقسة بين ماحدث لكم فى الشقة الجديدة وقتئذ, و بين ما حدث لنا, و أكثر

إبتسم من فضلك, غصبا عنك

لعلكم سمعتم عما يسمى " الصدمة الحضارية", و لقد تعودت عليها فى كل مرة أزور فيها بلدى الحبيب, و لقد ظننت أننى سوف يكون لدى مناعة ضد هذه الصدمة لتكرار حضورى إلى مصر, و تكرار إصابتى بهذه الصدمة, و لكن ظنى خاب, و نجحت الصدمة فى إختراق مناعتى.

نصحتنى زوجتى الطبيبة بأخذ الأمور ببساطة, حتى لا يرتفع ضغط دمى, و أصبح منافسا لحبيبى إخناتون المنتدى , الذى تلاحقه هموم مصر فى كل مكان, و لا يكاد يتخلص من هم, حتى يكرمه الله بهم آخر.

و أحذا بنصيحة زوجتى, قررت أن أكتب لكم إنطباعى عن زيارتى الحالية إلى المحروسة.

و نظرا لأنه من الصعب أن أكتب عن كل الأمور" الظريفة" التى " عانيت" منها, فسوف أذكر لكم مغامرة " شيقة" شاركتنى فيها زوجتى, و استمتعنا بها إستمتاعا يفوق الوصف.

بدأت المغامرة فى منطقة المهندسين, حيث أقيم عند شقيقتى فى شقتها بعمارة فى شارع جامعة الدول العربية كلما زرت القاهرة.

إن أول زيارة لى للعمارة التى تقم بها شقيقتى عندما زرت مصر لأول مرة منذ هجرتى كانت فى عام 1982, و كان ذلك بعد 14 عاما فى الغربة.

و بعد الترحيب, و التعرف على زوجتى, و العناق, و القبل, و الشربات, و عصير المنجة, و عصير الجوافة, و الحلويات الشرقية المنقوعة فى العسل, و السكر, و القشدة, و بعد المحمر و المشمر, و بعد أكواب الشاى السادة, و بالسكر, و القهوة التركى, و بعد إنصراف الأقارب, بعد كل هذا, لاحظت أن الزمن قد سرقنا, و أن الفجر قد لاح, فقررنا أن نأخذ قسطا من الراحة, و لكن ظنى خاب.

تذكروا أنى ما زلت أتكلم عن زيارتى الأولى لمصر, و التى مضى عليها حوالى 23 عاما, و أن الماضى لا ينفصل عن الحاضر و المستقبل, و أن الأعمار بيد الله.

دخلت عندئذ المطبخ لكى أشرب كوب ماء مثلج من الثلاجة, و رفعت الكوب إلى شفتى, و قبل أن ينزلق الماء إلى حلقى, سمعت صوتا يشبه صوت إنفجار قنبلة يدوية صغير العيار,و جاء الصوت من شباك المطبخ الذى يطل على المنور, و تلى الأنفجار إنفجار آخر بعبوة أقل, ثم رأيت بعد ذلك ما يشبه أمطارا تهطل, ثم ساد السكون.

أسرعت إلى حجرة شقيقتى التى كانت ما زالت مستيقظة, و كنت أظن أنى سأرى نظرات جزع على وجهها, و لكن بدلا من ذلك, رأيت إبتسامة رقيقة, بدت كأنها إعتذار عن شيئ إرتكبته.

و أخيرا خرجت الكلمات من فمى, و قلت بتلجلج:

أء, إيه, إيه... ده....؟

هنا تحولت إبتسامة أختى إلى ضحكة, كما لو كنت قد حكيت نكنة ظريفة, و انتظرت الشرح, الذى جاء كالآتى:

السادة الأفاضل, أبناء العز, الذين يسكنون فى عمارة فاخرة, تطل على سور ملعب الزمالك

" ليس هذا ذما أو مدحا فى النادى, بل معلومة جغرافية"

هؤلاء السادة و السيدات أعطاهم الله مالا وفيرا أتاح لهم توظيف شغالات, يقمن بتنظيف شققهم, و إعداد الطعام لهم, و أشياء أخرى.

و قد ترك السادة و السيدات الأفاضل للشغلات حرية إختيار أفضل و أسرع الطرق للتخلص من "القمامة أو الزبالة بالعامية" فقد قررت هاته الشغلات أن أفضل وسائل حماية البيئة هى إلقاء أكياس الزبالة فى منور العمارة, حتى يمكن توفير غذاء للقطط و الصراصير التى قررت أن تسكن فى مكان لا يسكنه سوى الأكابر, و بدون مقابل.

و حتى لا تنفجر شرايين مخى, سحبتنى زوجتى من يدى, و أدخلتى غرفة النوم, قائلة:

"أنت لست مبعوث العناية الآلهية, و نحن مجرد زوار, فإذا كان هذا هو نمط الحياة هنا, و إذا كان الجميع سعداء بهذه الأوضاع, فلا داعى لتغيير الأوضاع, و لخبطة حياة الناس, و خاصة , أننا مجرد زوار دخلاء"

و رغم أنى زرت مصر منذ تلك الزيارة أكثر من عشر مرات, فإن الأمور و الأحداث التى دارت بين حيطان هذه العمارة لم تتوقف عن إثارتى, و رغم تهديدى بعدم العودة إلى العمارة, أو البلد كلها, كنت دائما أضعف, و أرضى بالواقع المر.

أما اليوم, فقد كانت المغامرة خارج العمارة:

قررنا الخروج للتمشية, و كنت أعلم أن هذه التمشية ستكون ممتعة, و فعلا كانت ممتعة إلى درجة الغيظ.

ما كدنا نخرج من العمارة, و نسير على ما يسمى بالرصيف, أبتدأت السماء تمطر بدون إنذار, و لكنى لاحظت أن المطر كان مركزا على شخص واحد, وهو أنا, و نظرت إلى السماء, و لكنى لم أرى سحاب, بل رأيت سيدة تغسل زجاج شباك , و تقوم بالقاء الماء لإزالة الصابون, و حمدت الله على تواجد الصابون, الذى بلا شك قد عقم المياة التى يقال أنها لا تصلح للشرب.

و بكل سماحة, تجاهلت هذه اللفتة الكريمة من هذه السيدة, و تابعنا السير, و فى مدخل العمارة المجاورة, رأيت باب جراج أسفل العمارة, و كان المدخل إلى هذا الباب ينحدر من الطريق تدريجيا لكى يصل إلى مستوى بدروم أسفل من مستوى الشارع, و على جانبى المدخل, بنى أصحاب العمارة سورا "صغنونا" , صعدناه, ثم هبطنا حوالى نصف متر, لكى نسير على أرض المدخل, ثم صعدنا نصف متر لكى نصل إلى مستوى الرصيف, ثم صعدنا الجانب الآخر من السور" الصغنون", و أخير حمدنا الله لتواجنا على مستوى الرصيف مرة أخرى.

لكن سعادتنا لم تستمر طويلا, فقد قرر بعض سكان العمارة الأخرى المجاورة, أن يركنوا سياراتهم فى مدخل الجاراج, و إضطررنا إلى النزول إلى عرض الشارع, و لكن أقدامنا إنغرست فى كم من الطوب و الرمل المتخلف من عمليات توسيع البلكونات, و إزالة الحوائط بين الحجرات, حتى يستمتع أصحاب الشقق بمساحات واسعة, مريحة لأعصابهم, على حساب أعصاب العبد لله و السدة حرمه, و بقية المارة بالطريق.

و تكرر هذا المشهد عند المرور أمام كل عمارة فى الشارع, و عند الوصول إلى أحد الشوارع الفرعية, لم نتمكن من العبور مباشرة, حيث أن السيارات الراكنة أغلقت الرصيف , و اضطررنا إلى السير فى الشارع المجاور, إلى أن وجدنا فجوة بين السيارات, مكنتا من العبور إلى الجانب الآخر.

وخلال هذه المغامرة الشيقة, لم تفارق وجهى إبتسامة بلهاء حاولت بها أن أقنع زوجتى بأنى آخذ الأمور ببساطة, و أنه لا داعى لرفع ضغط الدم.

وصلنا إلى تقاطع الشارع مع الشارع المؤدى إلى العجوزة, و وجدت على الناصية ثلاثة عساكر مرور يتجاذبون الحديث, و بدخنون السجاير, و توقفت كما علمونا فى بلاد الفرنجة, لكى نستطلع ما إذا كانت هناك إشارة عبور للمشاة, خاصة و أن الشارع كان مرسوما عليه الخطوط البيضاء التى تقول دوليا " عبور المشاة".

لم أرى أضواء خضراء أو حمراء أو برتقالى للعبور, و فهمت أننا متى عبرنا الطريق فوق هذه الخطوط البيضاء, فإن عبورنا سيكون آمنا, و لكنى كدت أن أفقد حياتى ثمنا لهذه الحماقة, فبينما كنا فى وسط الشارع, جاءت سيارة من الطريق المقابل, مسرعة كما لو كان يطاردها شيطان, و لم يتوقف السائق, بل إستمر فى الإندفاع كما لو كانت مهمته فى الحياة هى القضاء على هؤلاء الجهلة الذين لا يفهمون آداب المرور فى شوارع القاهرة. و قفزت قفزة بهلوانية, أنقذت حياتى, أما زوجتى, فقد كانت أذكى منى, و قررت عدم العبور, إلا فى اليوم التالى, عندما تكون القاهرة فى أجازة.

و لكن ما قاله السائق المهذب بعد أن أسرع مبتعدا يستحق الذكر, و التقدير, حيث أنه صاح غاضبا:

"ما تخدوا بالكم يا بهايم"

و سألتنى زوجتى عن ترجمة ما قاله السائق, فقلت لها بهدوء:

"أعتقد أنه يتفق معك فى الرأى"

كان بودى أن أكمل لكم سرد سعادتى بنزهتنا الصباحية الجميلة, ولكنى أعتقد أن كثيرا من السعادة يفسد الأخلاق.

تم تعديل بواسطة الأفوكاتو

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

يعنى إيه رصيف؟

أعتقد أن حضرتك قصدك حتة الأرض اللى بتكون أمام المحلات والمخصصة لعرض بضائع المحلات ديه

وعشان مش حضرتك لوحدك اللى فهمت وظيفة تلك المساحات غلط ولأن اصحاب المحلات أشتكوا أن فى ناس بتمشى فى حرم المحل وبتزحم الدنيا من غير ما يشتروا ولا حتى يقفوا يتفرجوا قام الحى بتعلية تلك الأرض لأكتر من نصف متر وسمح لأصحاب المحلات أن كل واحد يحوط قدام مدخل محله بشوية سلاسل ولا حبة زرع ولكن برضه فى ناس بتلعب رياضة بيتسلقوا تلك الأرصفة وبيمشوا عليها كدهو عادى ما بين السلاسل و الزرع.

وبعدين يا سيدى الفاضل لازم تعرف أن عبور الشارع عندنا أصبح إختبار حقيقى لقوةالأرادة فالحكاية صراع إرادات بين الشخص الماشى وسائق السيارة أيهما هايفرض إرادته ويعدى قبل التانى وما قاله لك ذلك السائق المتحمس ما هو إلا نوع من أنواع صيحات الأنتصار

ولو كنت صبرت شوية وجمدت قلبك كان هو هايضطر يقف عشان حضرتك تعدى وكنت حضرتك ولفيف من المارة هايسمعوه صيحات أنتصار كتير قوى. لكنك خفت يا سيدى ما الشجاعة إلا صبر ساعة جمد قلبك

أما حكاية الأنوار وخطوط عبور المشاة و الحاجات دى فاسمحلى فده فكر غربى مستورد ورفاهية زيادة عن اللزوم , إحنا بعون الله نفوت فى الحديد والحكاية مش محتاجة من حضرتك لأكثر من قلب جرئ وحب للمغامرة وتسامح وتصالح بغير حدود مع كل من حولك و كل ما حولك.

مع تمنياتى بأجازة سعيدة

رابط هذا التعليق
شارك

شكرا يا أستاذ جوبى على تعليقك الطريف, و فعلا, لم تكن عندى شجاعة كافية لكى أموت مدهوسا أمام زوجتى, فإخذت الطريق السهل, ووضعت ذيلى بين أفخاذى, و هربت من مصر, و عجائبها.

لقد عشت فى مصر عندما كانت الأسكندرية تضارع باريس فى الجمال, و عندما كان وسط القاهرة أنضف من لندن فى ذلك الوقت, و ذلك فى أيام " الفساد الملكى" قبل ثورة 52, و فى كل مرة أنول إلى مصر, ألاحظ تدهور أكثر, و نظرا لأنى تعديت سن 74 , فقد رأيت أنى, كما ذكرت فى عنوان مقالى, أناطح طواحين الهواء مثل " دون خيوتى", فأخذتها من قصيرها, و تركتها لأصحابها,...... القطط السمان.

تقبل تحياتى.

تم تعديل بواسطة الأفوكاتو

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

أحب أبشرك يا أونكل محمود على موضوع دورات المياه اللي بدأوا يعملوه في القاهرة وإنتهوا لحد دلوقت من تركيب وتشغيل حوالي 26 دورة مياه شكلها صراحة في منتهى الشياكه وحاجه كده عاملة زي الكُشك moveable

زي الصورة دي بس دكهيا أعرض واكبر مش مدورة كده

WC.jpg

إتفرجت على شكلها إمبارح في برنامج العاشرة مساءً وعجبني نظامها الأتوماتيكي خصوصاً إنها بتتعقم وتتنضف ألياً بمجرد الشخص ما يخرج منها ...

وكل ما أتمناه ان تظل محتفظه بشكلها وما يبتديش المغول يخلعوا الحنفيات اللي جوه عشان يبيعوها خُرده أو كل واحد فاكر نفسه قاعد في معبد فرعوني يطلع قلم ويقعد يسجل لنا ذكريتاها الميلة على جدران المعابد عشان الاجيال القادمة تعرف هو عايز يقول إيه

بس اهم شيء عجبني إن جميع دورات المياة مقسمه جزئين منفصلين .. واحد للرجال والأخر للنساء

الأحـــرار يؤمنون بمن معه الحق ..

و العبيــد يؤمنون بمن معه القوة ..

فلا تعجب من دفاع الأحرار عن الضحية دائماً ..

و دفاع العبيد عن الجلاد دائماً

رابط هذا التعليق
شارك

ما أود قوله بإختصار هو إن النظافة سلوك حضاري يجب أن يتم زرعه في نفوس أطفالنا وهم صغار ونكون نحن الكبار قدوة لهم .

طيب بما إن معظم المجتمع هم راشدين وبالغين ومع كده في كتير منهم معفنين ... نعمل إيه ؟

يبقى هنا ييجي دور القانون ... وزي ما حصل في مجتمع مترو الأنفاق واللي كان بيرمي كلينكس او ورقه يتعمل له محضر ويدفع غرامه 10 جنيهات من الاول كده .. فبقى الناس يمشوا يتلفتوا حواليهم وبقى الجميع عارف إن في عقوبة فورية هاتطبق ليه لو عمل حركه نص كم ...

وأكاد أُجزم إن الشركات الفرنسية والأسبانية التي تولت مشروع نظافة محافظتي القاهرة والجيزة .. خسرت الجلد والسقط في مصر لإنها لم تكن تتصور ان يكون سلوك المواطن المصري بهذه العدوانية ... وأقول عدوانية لإننا شعب إتعودنا ألا نعبر عن أنفسنا بشكل صريح منذ قيام ثورة العسكر المشؤمه .. فأصبحنا ننتقم من الحكومة الظالمة في كل ما تملكه ... ومنها الشوارع

أصل إحنا إتعودنا نقول : أنا واقف في شارع الحكومة ، انا ماشي في شارع الحكومة ... فعشان أنا بأكرهة الحكومة بقيت أبهدل شارع الحكومة ... وأكسر كباين التليفون أم عملة بتاعت زمان في الشوارع عشان بتاعت الحكومة .... وأطلع الأتوبيس معايا موس حلاقه قديم وأقطع كراسي أتوبيسات الحكومة .... وأدغدغ التختات اللي في مدارس الحكومة .... وهكذا

وطبعاً كلنا شاهدا باعيننا إن الشركات دي ما قصرتش وجابت معدات نظافة حديثة .. ووزعت صناديق القمامة بشكل كبير في الشوارع ... ومع ذلك هناك ناس مش متحضرة بسيب الصندوق ويرمي زبالته جانبه لحد ما تبقى جبل زبالة ... كل ده والصندوق فاضي ...

الأحـــرار يؤمنون بمن معه الحق ..

و العبيــد يؤمنون بمن معه القوة ..

فلا تعجب من دفاع الأحرار عن الضحية دائماً ..

و دفاع العبيد عن الجلاد دائماً

رابط هذا التعليق
شارك

القانون بيبقى مفيد لما تسبقه خطوتين غاية فى الأهمية بل وأزعم أنهما الأساس لتعديل أى سلوك بشرى غير مرغوب فيه أولا توفير البديل الحقيقى للناس وثانيا توعية الناس بأضرار السلوك الحالى وبعدين أقطع رقبة اللى يغلط لكن لو ماوفرتش دورة مياه أدميه فى الشارع فلا تندهش إذا الناس قضت حاجتها تحت الكبارى ومن الظلم أتهام الناس هنا بالتخلف

فعذره ببساطة أنه مزنوق ولم يجد البديل اللذى يحترم ادميته.

حكاية شركات جمع الزبالة دى مثال حقيقى للحلول البديلة غير الملائمة ولأن النظام ده لم تتم دراسته بدقة ولم يتم إشراك المستفيدين منه فى التخطيط له وتم تطبيقه بالعافية تعثر عند التطبيق وأشك أنه هايقدر يستمر بالشكل الحالى

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة

  • الموضوعات المشابهه

    • 21
      نداء إلى السيد الدكتور نعمان جمعه الأخ الفاضل عادل أبوزيد أرجوكم أوقفوا مهزلة الآراء التي تنشر في جريدة الوفد تحت مسمى المشاركات .. لقد وصلت الأمور اليوم أن قام أحد اليهود بسب المصريين بل والكتابة بالعبريه في موقع الجريدة وقام منحط يهودي آخر بإدعاء أنه كويتي وسب شعب مصر بأكمله http://www.alwafd.org/docs/view.php?news_i...rticipates=here لمصلحة من يتم هذا ؟؟؟ وماهي الأستفاده التي تعود على الجريده من هذه البذاءات والحقارات والألفاظ التي تنشر هناك ؟؟؟ لقد تم من قبل ألغاء باب السياسة بهذا
    • 9
      هل هناك أقذر من هذا الفساد؟ أين أنت يا حكومة؟؟ بـريــد الأهــرام 42167 ‏السنة 126-العدد 2002 مايو 19 ‏7 من ربيع الأول 1423هــ الأحد الاستيراد القذر فزعت عندما قرأت أن إحدي شركات صناعة الورق استوردت‏985‏ طنا من القمامة والقاذورات من مخلفات المطاعم والمستشفيات من نيويورك بأمريكا حملتها‏4‏ بواخر لميناء بورسعيد‏.‏ واكتشف رجال الجمارك انبعاث روائح كريهة جدا من هذه الشحنة‏,‏ فتم تشكيل لجنة من الصحة والبيئة لفحصها‏.‏ إنني في قمة الدهشة والحيرة اذ حتي القمامة والقاذورات نستوردها؟‏!!‏ وهل القمامة
×
×
  • أضف...