اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

اللى ما يشتري يتفرج ... حكايات للكبار فقط


احمد رضوان

Recommended Posts

الضياع ... الحلقة السادسة الجزء الثاني

إبتسم احمد قائلاً انت يا سليم إنسان عجيب من يراك الآن وانت تتكلم عن لندن هكذا وأسرار ليلها يشهد لك بأنك من أهلها ، ولولا طلاقة لغتك العربية وتلك اللكنة الخليجية التى تقاوم ان تظهرها في حروفك ، لكنت خدعت فيك

فأجابه سليم ايها المخادع انت تمارس معى الاعيب الحواة وتنصب لي فخاً حتى اخبرك من اي البلاد أنا ، يا صديقى يوماً ما سنجلس وارويك قصتي ، ولكنه ليس هذا اليوم ، فنحن يجب ان نتوجه الآن لميدان ليستر لتناول العشاء وبعد ذلك ستبدأ الحفلة ولعلمك سينما الأمير شارلي توجد أيضا في نفس الموقع ، واعدك انك ستقع على كنز حقيقي من كنوز الثقافة البريطانية هناك

توجه احمد بالسؤال لسليم هل حضرت عروضا فنية من قبل في هذه الدار ؟

لم يكد ينهى السؤال حتى اجابه سليم ، يا عزيزي أنا أزورها أسبوعياً ، غير الإحتفالات الخاصة والتى نحن بصدد حضور إحداها ، فهى من أعرق دور العرض هنا وأقدمها ، ويكفي ان تعرف انك تستطيع ان تدخلها بجنيه واحد فقط ويشمل أيضا المشروبات ، هذا الجنيه يمكنك من أن تستمتع بأجمل العروض التاريخية والعروض الأولى للكثير من الأفلام وحضور الفعليات المختلفة

لعلي أخبرك عن امر غريب حدث لي مع هذه السينما ، هذه السينما تعرض أيضاً أسوأ أفلام العالم ، ولقد عصف بي فضولى ذات مرة فذهبت لأشاهد فيلم الغرفة وهو مصنف على أنه أسوأ فيلم على الإطلاق للعام 2003 ، هل تعلم يا صديقي كيف صنع هذا الفيلم ، ممثل وكاتب ومخرج ومنتج واحد هو من قام به ، ولأول مرة منذ سنوات تشاهد مشاهد خارجية تصور بالكامل في الأستوديو مع خلفية ثابتة وتنفذ بدرجة إحترافية تصل للصفر ، وممثلين يظهرون ليتحدثوا عن أمر ثم يختفون لنهاية الفيلم ، ومشاهد خارجة تماماً عن قصة الفيلم ومنها مشاهد للكبار طويلة ولا تعرف من هو الممثل أو ما هو دوره

قال احمد طبعاً هذا فيلم فاشل ، فكيف لك ان تضيع وقتك لتشاهده ، التقط سليم طرف الحوار وقال له ، يا عزيزى هذا الفيلم كان على قمة المبيعات في وقته ، وعرض في حفلات منتصف الليل بأمريكا وكندا ، ووزع عدد رهيب من الإسطوانات بالرغم من تصنيفه على أنه أسوأ فيلم للعام ، وهذا ما أثار فضولى من الأساس للحضور لمشاهدته ، فأنا يا صديقى استمتع اكثر برؤية الأمور غير النمطية ، وانت كذلك وان كنت لم تتحرر بعد من سلطة النصف الأيسر المسيطر من عقلك الذي يوجهك بقواعده الصارمة وعقلانيته اللامحدودة ، يا صديقى اطلق العنان لنصف عقلك الأيمن حيث تسكن الروح لترى الدنيا بعين مختلفة ، بعين فنان مبدع

كان قطار خط الشمال قد وصل الرصيف والمتوجه لمحطة ليستر حيث كانت تبعد محطة واحدة من محطة توتنهام كورت ، فأوقف الرجلان الحوار واستقلا القطار

يتبع

تم تعديل بواسطة احمد رضوان

لك الله يا مصر

مدونتى : حكايات عابر سبيل

radws.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

الضياع ... الحلقة السادسة الجزء الثالث

قد يعتقد البعض أن ما مر به من تجارب مؤلمة أو مواقف سخيفة قد تكون خلفت نوعاً ما من التبلد أمام المواقف الغريبة أو المفاجأة والتى قد نقع فيها مستقبلاً ، أو ما يقصده الأطباء بمناعة ما بعد الإصابة بالعدوى والشفاء ، هكذا كانت قناعة بطلنا بعد ما مر به من مواقف في أول أيامه في لندن ، ولكن ما حدث في تلك الأمسية قلب كل مفاهيمة وقناعاته راساً على عقب ، بل إن ما حدث قد يتقبل في عالمنا حيث ما زالت عقول البسطاء في آذانهم ، ولكن أن يحدث ذلك في قلب لندن فهذا أمر عجيب ، ولنبدأ القصة من بدايتها

وصل سليم واحمد إلى محطة مترو ليستر في حوالى الساعة الثامنة والثلث مساءً ، وكانا قد اتفقا على تناول طعام العشاء في مطعم صيني أو مطعم ماليزي ، وكان سليم قد اقترح على احمد تناول بيتزا في بيتزاهت القريبة من الميدان ، لكن احمد كان يفضل الطعام الصيني بالطبع ليس بسبب النادلة التى ما زالت صورتها عالقة بمخيلته ، ولكن بسبب برودة الجو والتى يصلح معها الطعام الصيني أو الهندي لوجود كمية من التوابل به تساعد على الشعور بالدفئ

بعد جولة قصيرة في محيط السينما (صحح الإسم سليم عندما قال انها سينما تشارلز وليس شارلي لذا وجب التنويه عزيزي القارئ) ، استقر الرأي على مطعم صيني يقدم بوفيه عشاء مفتوح لم يستطع أيهما تبين أسمه لأنه كتب بالصيني ولكن كان هناك تمثال لتنين صيني بأعلى واجهة المطعم ، وكان المطعم بجوار مطعم سبيشيال زوون 1997 ، وكان المطعم يقدم العشاء بمبلغ اقل من 9 باوند بقليل ، بالفعل كان الطعام جيدا وتجنب الإثنان اللحوم لعدم أفساد الأمسية قبل أن تبدأ

انهى الإثنان طعام العشاء في حوالى التاسعة والربع ، لأن حفلة البيجاما بسينما تشارلز كانت ستبدأ فى التاسعة والنصف ، دفع سليم الحساب وتوجها إلى دار العرض وكانت على مسافة خمسين متراً من المطعم

قام سليم بشراء تذكرتين لحضور الحفل بمبلغ 25 باوند لكل منهما ورفض تماماً ان يدفع احمد ثمن تذكرته ، قائلاً انت ضيفي فلا تحرمنى هذا الشرف ، ودخلاً إلى قاعة العرض الأرضية حيث ستبدأ الأمسية بعرض فيلم عشرة اشياء اكرهها فيك والمأخوذ عن قصة ترويض النمرة لشيكسبير ، ولكن قبل بدء العرض ، نوهت إدارة السينما انه سيتم اختيار أفضل بيجاما وستمنح جائزة لصاحبها ، لا أخفيكم قولاً انه لما أتى ذكر الجائزة تحسس سليم ياقة البيجاما الزرقاء وكأنه جاء لينافس على الجائزة في حين ابتسم احمد في خبث وكأنه قرأ ما دار بخلد سليم ، فسارع قائلاً اعتقد انك احق الحضور بالجائزة يا سليم فيبتسم سليم في صمت ولا ينطق

كذلك أعلنت إدارة الدار أنه على من كان لديه قصة أو حكاية من الحضور أن يتقدم إلى إدارة الدار لضمها لفاعلية الحفل ، وكذلك تم الأعلان ان القاعة العلوية ستشمل فاعليات ترفيهية ، وكذلك هناك العاب بالبار الملحق بالقاعة لمن اراد ان يستريح من المشاهدة لبعض الوقت

بدأ عرض الفيلم الذي يحكي عن الأختين بيانكا و كات اللتين كانتا على النقيض تماماً ، فكات منغلقة ومنبوذة من الجميع ، في حين كانت بيانكا ذات شعبية وقبول طاغ في حين كان والدهم متحفظ ودائما هما على خلاف معه

سارت الحفلة والأجواء جميلة ودافئة حتى قرب منتصف الفيلم وفجأة انطفأت أنوار القاعة وانقطعت الكهرباء تماماً وهو أمر غير معتاد ، وبدأ الهمهمات والتململ يملأ القاعة ، وفجأة دوى صراخ في الطابق العلوي ، وبدون مقدمات اندفع رواد القاعة في الطابق العلوي بشكل هيستيري إلى القاعة بأسفل ونتيجة التدافع بدأ الإصطدام في الظلام الذي كان يلف المكان

وفجأة ظهر ما لم يتوقعه احمد ولا سليم قط ، ظهر جسم مضي يطير في قرب سقف قاعة العرض ، وكان اشبه ما يكون بفتاة ترتدي ملابس بيضاء وملوثة بالدماء وينغرس في ظهرها سكين كبير ، وبدأت الصرخات تعلو وبدأت حالة من الهروب الجماعي من القاعة ، ولكن بسبب الظلام الحالك كان الجميع يصطدم بالحائط أو الأبواب ، وحاول البعض استخدام إضاءة شاشات الجوالات ولكن لم تفلح كثيرا مع التدافع الشديد

كان احمد وسليم يحاولان ايضا الخروج ولكن فشلت محاولاتهما ، وفجأة بدأت الفتاة التى كانت بجوار أحمد الصراخ عندما سقط على ثيابها بعض السوائل والتى ظهرت كدماء في ضوء الجوالات ، وفجأة ارتفعت الفتاة عن الأرض وهي تصرخ وتحاول التشبث باحمد وسليم ، حاول احمد وسليم التعلق بقدميها ولكن فشلت محاولاتهما ، وقتها فقط شعر الإثنان بالرعب وخاصة بعد ان فتحت فتحة في السقف وخرج منها دخان كثيف واختفت الفتاة داخلها وبعد قليل سقط جسدها ممزقاً ومنزوع الرأس في مشهد رعب لم يتمن احد من الحضور ان يعيشه

بدأ حالات البكاء الهيستيرى بين الحضور وحالات الإنهيار والإغماء في جو مشحون بالرعب وفجأة أضاءت كل أنوار القاعة ، وارتفع صوت المذيع الداخلى قائلاً ، شبح سينما تشارليز يرحب بكم ويتمنى لكم أمسية سعيدة ، وظهر مدير الدار على المسرح قائلاً ، من فضلكم عودوا إلى مقاعدكم ، فأنت كنتم للحظات جزء من تراث سينما تشارليز وبدأ يحكي تاريخ السينما ، وكيف ان الجزء الأعلى تدور حوله القصص بأن الأشباح تسكنه وروى المشاهدات السابقة لموظفي الدار عن رؤيتهم للشبح بالقاعة العلوية

صفق الحضور وهدأت القاعة ولكن احمد وسليم كانا قد عزما على المغادرة بعد ان ظلاً يرتجفان طوال فترة العرض المرعب ، وبالفعل غادرا العرض وسليم يلعن ادارة الدار ويسبهم بصوت مرتفع ولم يمنعه ذلك من استخدام قلم احمر كان يحتفظ به لتشويه حائط القاعة من الخارج بسباب وشتائم نابية باللغتين العربية والإنجليزية

في هذه الليلة فشلت كل محاولات احمد للنوم وبدأ شبح الفتاة التى كانت تجلس بجواره يطارد احلامه حتى أوشك الفجر على البزوغ

يتبع

لك الله يا مصر

مدونتى : حكايات عابر سبيل

radws.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

الضياع ... الحلقة السادسة الجزء الرابع

لم يجد العلماء بعد الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان لإثبات نظرية النشوء والتطور ولكن هناك العديد من الطرق لنشوء وتطور العلاقات بين الأفراد في المجتمع الواحد أو المجتمعات المختلفة ، لكن العلاقات الشخصية كالصداقة والحب هي كنبتة صغيرة تحتاج لوقت وماء وهواء حتى تنمو وتترعرع ، فتأتي ثمرتها بعد فترة زمنية ليس بالقصيرة ، ولكن هناك استثناء من ذلك عندما يعترض البعض عوائق وصعوبات تجبرهم على التجمع والإنصهار في بوتقة واحدة بشكل سريع والتوحد أمام خطر واحد والعمل لتحقيق هدف واحد

ما كان لأمر أن يختصر الزمن ويصقل الصداقة كما فعل حادث أو خدعة شبح سينما تشارلز والذي خلق علاقة صداقة حقيقية بين احمد وسليم وصهرها بشكل سريع ، هذا ما لم يكن سليم ولا احمد يتوقعان حدوثه ولعل ذلك ما غلف معظم حوارتهما بالخبث والدهاء المتبادل لكشف خبيئة الآخر

فما إن استيقظ احمد من نومه حتى مد يده إلى الرف اعلى السرير حيث وضع الجوال ليطلب سليم ليطمئن عليه ، والغريب ان جرس الهاتف رن لفترة طويلة قبل أن يأتيه صوت سليم من الجهة الأخرى ويبدو انه قد استيقظ لتوه من النوم ، قائلا صباح الخير سليم يتحدث من ، جاءه صوت احمد هل ما زلت نائماً يا سليم ؟ فأجابه سليم اول ليلة منذ اكثر من اسبوع اسقط نائماً بالفعل هو أمس ، اعتذر احمد عن إيقاظه من نومه ولكن سليم قال لا عليك يا صديقي ، أنا اقدر اتصالك للإطمئنان على بعد حادث الأمس ، واعتذر اننى غلبنى النوم العميق عن الإطمئنان عليك ، فكيف كانت ليلتك ، اجابه احمد انا بالكاد نمت عند قرب الفجر ، وروادنى كابوس واحد طوال الليل حيث أرى تلك الفتاة التى كانت بجوارنا وهى تتجول في طرقات الفندق بدون رأسها

قال سليم انا مدين لك باعتذار لأنه بالفعل توجد شائعات هنا عن وجود شبح يسكن الطابق الأعلى من سينما تشارلز ولذلك سيطر الرعب على الجميع بالأمس لأنهم يعرفون

تاريخ السينما وكيف نشأت ، وكان من الواجب على قبل اصطحابك إلى هناك أن اخبرك ، فأنا اعتذر مرة أخرى ، ولكنى لم اعتد مثلك تلك المواقف هنا

قال احمد لا عليك ولعلك تكون ضيفي اليوم ، انت استضفتنى بالأمس وانا اليوم اريد ان استضيفك على عشاء عائم على مياه نهر التايمز ، فأجابه سليم حسناً سأكون أمام الفندق عندك في تمام الساعة السابعة

في تمام الساعة السابعة تقابل الإثنان أمام الفندق في شارع بلوومزبري وإستقلا قطار المترو من محطة توتنهام كورت إلى محطة ويست مينستر حيث ساعة بيج بين ، وعين لندن الشهيرة

عند صعود السلم الكهربائي تناهى إلى سمع احمد صوت جيتار كهربائي ، فحدثته نفسه انها من الممكن ان تكون جيني ، فقال لسليم لو كانت جيني هي التى تعزف بأعلى فهل تأذن لي بدعوتها على العشاء ايضاً ، فقال سليم جيني تلك المشردة محترفة العزف التى أخبرتني عنها من قبل ، أومأ احمد برأسه ، قال سليم ، اعتذر عن قبول دعوتك في هذه الحالة ، تغير وجه احمد فجأة ، فسارع سليم قائلاً بل أنا من سيدعوكما انتما الإثنين على العشاء ، ولن اقبل غير ذلك ، ابتسم احمد قائلاً انت كريم يا سليم وذو قلب نقي ، لك ذلك

عندما وصلا حيث العزف كانت هي بالفعل جيني التى تعزف ، والغريب أنها كانت تعزف وتغني أغنية لسلين ديون أيضا ، ولكن هذه المرة كانت أغنية من فيلم تايتنيك ، كانت أغنية قلبي سيستمر

My heart will go on

http://www.youtube.com/watch?v=zmbw8OycJrE

وقف الإثنان يستمعان لغنائها وعزفها الرقيق وكانت كلمات الأغنية تحرك مشاعر سليم لدرجة انه عندما وصلت جيني لجملة أنت آمن في قلبي وقلبي سيستمر ويستمر ، انهار سليم باكياً وكاد يسقط على الأرض لولا أن أسنده احمد لجدار المترو وأجلسه على الأرض ، وهو ما أجبر جيني على التوقف عن العزف ، وسارعت تسند سليم مع احمد قائلة احمد كيف حالك ، وماذا أصاب صديقك ، أجابها احمد لا اعرف فهذه اول مرة ينهار فيها بهذا الشكل ، سارعت جينى فاحضرت من حقيبتها زجاجة مياه واسندت رأس سليم وهو جالس على الأرض إلى كتفها وسقته القليل من الماء ، وقالت احمد من فضلك اجمع أغراضي فأنا سأذهب معكما

اخذ احمد يجمع الأغراض في حين اخذت جيني تربت على كتف سليم وتمسح دموعه بمنديل ورقي كان معها وهو يبكى بكاء الأطفال ، وبالرغم من غرابة الأمر لم يتوقف احد من الركاب ليمد يد المساعدة أو حتى كي يستعلم حتى عن الأمر ، وهذا أمر يبدو مألوفاً في شوارع لندن

جمع احمد أغراض جيني وحمل حقيبة الجيتار وأسندت جينى سليم وخرج الثلاثة من محطة ويست منيستر ، سار الثلاثة حتى وصلوا عند سلالم الهبوط إلى ضفة النهر ، فقالت جيني احمد إلى أين انتما ذاهبان ، فدعاها احمد للإنضمام لهما على العشاء العائم ، قبلت جينى الدعوة ، ولكن هذه المرة قبلتها بسبب حالة سليم ، ولأنها كانت تسنده على كتفها وقد هدأت قليلاً نوبة البكاء ، فلم ترغب في أن تتركه الآن ، وتوجه احمد إلى اكشاك بيع التذاكر لشراء تذاكر الباخرة

يتبع

لك الله يا مصر

مدونتى : حكايات عابر سبيل

radws.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

الضياع ... الحلقة السابعة ... الرحلة 1

ظل احمد حائراً بين مختلف الرحلات لأنه كان قد هيئ نفسه أن سليم سيختار الرحلة المناسبة ، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، فها هو سليم نائم كالطفل على كتف جيني ، وقف احمد ليقارن الأسعار والخدمات وقائمة الطعام المقدمة على كل الرحلات وطول زمن الرحلة ، حتى إستقر على شركة تسمى باتوكس ومركب تدعى ناتيسيا كانت على وشك بدء رحلتها في تمام الثامنة ، وكانت قيمة التذكرة للفرد حوالى 69 باوند شامل العشاء مع وجود باند موسيقي ومغنى كذلك يسمح بالرقص بعد العشاء للرواد

عندما وقف امام شباك التذاكر ، كانت البائعة العجوز ودودة وقالت له انت مصري؟ وعنما أجابها بنعم ، رفعت قبضة يدها في الهواء وقالت في صيحة قوية لا تتناسب مع عمرها ، فيفا تحرير ، ابتسم احمد وهو يناولها النقود لدفع ثمن التذاكر وهو سعيد ان هناك من يقدر ميدان التحرير وأيضا لأنه كان قد فوت الفرصة على سليم ليدفع هو ، شكر احمد البائعة العجوز وهو يقول لها بعد ان تستقر الأمور انت مدعوة لزيارة ميدان التحرير والتبرك بارواح الفرسان الذين سقطوا في مواجهة آلة القتل ، ابتسمت البائعة في حنو بالغ وناولته التذاكر وأخبرته ان يتوجه الآن هو ورفاقه بسرعة للمرسى لأن الرحلة على وشك ان تبدأ وتمنت له رحلة سعيدة وطلبت منه لو حضر مرة اخرى لاحقاً لويست منيستر أن يأتي ليلقى عليها التحية ، وكانت الساعة توشك على الإقتراب من الثامنة

حمل احمد حقيبة جيني وكان سليم مازال مستنداً إلى كتفها ، وتوجهوا جميعا إلى يمين أكشاك التذاكر حيث مدخل المرسى للصعود إلى ظهرالمركب ، قبل الصعود إلى المركب بلحظات استرد سليم وعيه كاملاً ، ولم يكن قد ادرك انه مستند إلى كتف جيني ، فلما افاق احس بالخجل وشكر جيني من قلبه على لفتتها الكريمة ، كانت الإبتسامة العذبة هي رد جينى على كلمات سليم

سأل سليم من دفع ثمن التذاكر ، فأجابه احمد انت منحتنى هذا الشرف يا سليم ، فأصر سليم على إعادة المبلغ المدفوع لأحمد قائلاً ، احمد من فضلك خذ النقود فأنا لم اعتد اخلاف وعودي ، وإن لم يكن ذلك ، فهذا اقل ما اقدمة لتلك الفتاة بعد ما قامت به تجاهي قالها بالعربية ، تناول احمد النقود قائلاً ، لك ذلك يا سليم

صعد الجميع للمركب والتى بدأت في الحركة عند تمام الثامنة مساءً ، وكان سليم قد عاد إلى سابق عهده ، وجيني تعلو وجهها إبتسامة سعادة في غفلة من الزمن ولم يكن احمد بأي حال اقل منهما

كان العشاء على المركب يقدم طبقاً للقائمة وبعد دقائق قليلة حضر النادل حيث جلسوا فطلب الثلاثة العشاء ، فطلبت جيني شرائح السلامون بالسمسم والبرتقال المطهو ببطئ على البخار مع شوربة فواكه البحر وعصير البرتقال ، وطلب احمد قطعة ستيك مع الفطر وأرز وسلطة خضراء مع عصير البرتقال أيضا ، في حين طلب سليم سمك بوري مشوي مع بطاطس بوريه وسلطة فواكه البحر مع بيبسي

عندما تحركت المركب ببطء وتأرجحت في حنو فوق صفحة النهر ، كان أول من بدأ الحديث هو سليم عندما نظر نظرة إمتنان ناحية جيني قائلاً ، يسعدنى التعرف بك جيني ، واعترف لك ان عزفك رائع وصوتك ملائكي ، يتغلغل في النفس ويمس شغاف القلب ، شكراً احمد على تلك الهدية ، احمر وجه جيني وإبتسمت في خجل قائلة بل انت رقيق المشاعر يا سليم نقي القلب وأنا بالفعل اشكر احمد على انه عرفنى على شخص مثلك ، فقليل هم من لا يزالون يحملون نفوساً نقية في لندن ، واتمنى ان نكون اصدقاء ومدت يدها اليمنى لتصافح سليم ، والذي على الفور مد يده ليصافحها ، في أثناء ذلك كانت المركب تمر بالقرب من كتدرائية سانت باول

بدا الثلاثة يتبادلون الحديث حول جمال الرحلة وروعة الموسيقى الحالمة التى كانت تعزف والتى غلفت جو الرحلة بنوع من الهدوء والصفاء النفسي ، وسألت جيني احمد كيف سارت زيارتك ، اتمنى ان تكون استمتعت بزيارتك لندن ، وهنا نظر احمد إلى سليم ، واشار احمد لرقبته وإنفجر الإثنان في نوبة من الضحك المتواصل ، فقد تذكرا ليلة الأمس ، ثم تلفت احمد إلى جيني قائلاً ، عزيزتي جينى سأمنحك الفرصة للإستماع إلى خبير لندن الأول مستر سليم ، وهو يقص عليك حكاية سندريلا والبيجاما الزرقاء ماركة بيير كاردان ، سليم من فضلك لا تنس عطر اوكسجين

بدأ سليم يقص على جيني مغامرة الأمس وجيني لا تتمالك نفسها من الضحك الهيستيري لم يقطع الضحكات سوى وصول الطعام فبدأ الثلاثة تناول الطعام في هدوء على صوت الموسيقى الحالمة في الخلفية ، وساد فترة من الصمت حتى طلبت جينى من احمد ان تتذوق قطعة الإستيك ، وبدأ الثلاثة يتذوقون كل الطعام الموضوع على الطاولة في جو من المرح والصداقة التى قد يعتقد من يشاهدهم انها قائمة منذ سنوات

يتبع

لك الله يا مصر

مدونتى : حكايات عابر سبيل

radws.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

الضياع ... الحلقة السابعة ... الرحلة 2

بعد انتهاء العشاء بدأت الفرقة الموسيقية تعزف موسيقى هادئة وبدأ الركاب يرقصون معاً على انغام حالمة رقصة الفالس ، عندها نظرت جيني لسليم قائلة ، هل يتفضل الأمير صاحب البيجاما الزرقاء بمنحي شرف الرقص معى ، اعتذر سليم عن تلبية رغبتها ، فتوجهت جيني بالدعوة لأحمد ولكن احمد أيضا اعتذر لعدم خبرته بالرقص ، ولكن جيني لم تستسلم فقامت بالرقص وحدها في منتصف المسرح

نظر سليم لأحمد قائلا هذه الفتاة موهوبة انظر كيف تحرك قدميها في خفة راقصة باليه وهي ترقص الفالس تلك الرقصة الرائعة التى تناسب بالفعل مقطوعة الدانوب الأزرق ليوهان شتراوس ، أنظر إنها تتذوق النغمات كطائر يطير مستمتعا بين الزهور انها روح ومشاعر تتحرك على قدمين وقد نبت لها جسد

تأمل احمد جيني ثم نظر فجأة نحو سليم قائلاً ، انت خبير بالرقص إذا ، فلماذا لم ترقص معها ام انك خفت ان تمسك يديك فتاة مشردة وقد تكون محملة بالأمراض التى قد تنتقل إليك ، وقد رأيتك ونحن نتبادل الطعام تتجنب ذلك

هنا سالت دموع سليم ، وهو ينظر في ناحية النهر مردداً بين نفسه ، مريضة ، ثم أردف لا يا احمد لا لم اخش ذلك ايها المخادع ، وإنما خفت عليها أن انقل لها مرضى فأنا المريض وليست هي

خيم الصمت على المشهد ، حتى قطعه سليم قائلاً ، احمد أنا هنا مشرد منذ خمس سنوات ، لا أقدر على الرجوع لبلدي ولا لأهلي ، فارقت زوجتى وأولادي ، وتوفي أبي ولم استطع حضور جنازته ، ولم أرى أمي كل تلك السنوات ، أنا هنا ضائع منذ خمس سنوات ، لا يعلم مكاني سوى أخي الذي يباشر اعمالي هناك ببلدي وهو من يضع الأموال في حساب بطاقات الإئتمان الخاصة بي ، هل هناك ضياع اكثر من ذلك ، وبدأ سليم في الإنتحاب

تردد احمد قبل أن يسأل سليم ، أي مرض ذلك الذي يمنعك عن أهلك كل هذه الأعوام لتعيش كالمشردين وخلفك أهلك وأولادك يا سليم

تردد سليم قبل ان يخبر احمد بقصته منذ قدم لندن لأول مرة منذ خمس سنوات ، والتى بدأت باستخدام كابينة التليفون في الشارع لأول مرة ، ولأنه قادم من الشرق حيث قائمة الممنوعات كبيرة هاله أن يرى صور الفتيات يعلن عن أنفسهن داخل كل كبائن التليفونات ، ثم توالت حكايات الإصدقاء له عن الحرية هنا وعن تجارة الرقيق والفتيات اليابانيات والكوريات محترفات المساج وعن أنواع المساج المختلفة حتى غلبه الشيطان ذات مرة فطلب شركة تقدم خدمات تانتاريك ماساج في المنزل وكان ما كان ليكتشف بعد ثلاثة أشهر مصادفة انتقال عدوى متلازمة العوز المناعي له من تلك الفتاة التى قضى معها ليلته

يقول سليم رجعت لبلدي لا ادري ما افعل اخاف على أهلى ، ادعيت المرض لفترة ، ثم بدأت اختلق المشاكل مع زوجتى وأسرتي حتى أجنبهم ما انا فيه ، واخيراً صارحت أخي وهو الذي طلب منى ان أطلق زوجتي وأغادر ولا اعود ، فها انا ذا منذ خمس سنوات اهيم على وجهي في لندن ، اخاف ان اتقرب من الناس ولا احتفظ بصداقات طويلة ثم سقط في نوبة من البكاء الحاد وارتفع نحيبه

انتبهت جيني من رقصها على بكاء سليم فجاءت مسرعة وقالت ، احمد لماذا يبكي سليم مرة أخرى ، فلم يستطيع احمد إخبارها بالأمر ، ولكن بعض لحظات الشجاعة قد تكون كفيلة بتغيير حياة الفرد ، تلك اللحظة ادركت سليم عندما نظر لها وعينيه محمرتان من البكاء قائلاً ، انا مصاب بالأيدز

الغريب أن جيني لم تأخذها المفاجأة بل قالت لسليم بحدة ، وليكن ما الداعي لكل هذا البكاء ألست رجلاً يستطيع تحمل مرضه ، ام أنك اعتدت في الشرق على ان تجد بجوارك من يربت على ظهرك دائما ، كانت حدة جيني المفاجأة خارج إطار المنطق ، وكأن كلماتها كانت قاطعة فتوقفت دموع سليم على الفور ، قائلاً اعتذر عن تنغيص السهرة

صاحت جيني هذا اعتذار غير مقبول يا سيد سليم ، وليس من حقك ان تفعل بنا هذا فقط لأنك تكرمت ودفعت لنا ثمن العشاء ، قال سليم فأي اعتذار يكون مقبول إذن يا سيدتي ، قالت جيني أن ترقص معي ولا تخاف فلن تنقل لي أي عدوى فأنا تخافنى الأمراض ، ومدت يدها بسرعة وأخذت بيد سليم وقبل أن ينطق بكلمة جذبته بشدة إلى وسط المسرح لترقص معه وسط دهشة احمد الذي اسقط في يده لا يدري ما يمكن أن يفعله

يتبع

لك الله يا مصر

مدونتى : حكايات عابر سبيل

radws.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

الضياع ... الحلقة السابعة ... الرحلة 3

يقول الفيلسوف البريطاني هربرت سبنسر " ربما كان من الخطأ أن نبحث عن السعادة .. من الأفضل أن نخلقها لأنفسنا .. وأفضل من كل شيء أن نخلفها للآخرين"

كان هذا بالفعل ما قامت به جيني حين اخذت بيد سليم ليرقصا معاً ، هناك من يفكر كثيراً قبل ان يطبق الحكمة بأعلى ، ولكن هناك آخرون أنقياء ، يؤمنون بحكمة هربرت سبنسر ، بل تخطوا مرحلة الإيمان لمرحلة انهم يحيونها في كل تصرفاتهم اليومية ، هؤلاء من تدور حولهم الحياة ولا يدورون هم في فلكها ، كانت جيني احد هؤلاء ، الذين يسعون دائما لخلق السعادة لمن حولهم بدون تفكير في العواقب

لما وضع سليم يده في يد جيني كانت يده ترتجف ، كمن هو على وشك ارتكاب جريمة ، ولكن الإبتسامة المشجعة التى حولت وجه جيني إلى مخلوق ملائكي يشع ضياءً شجعته على ارتكاب تلك الجريمة ، ويالها من جريمة قد غيرت سليم وللأبد ، حاول سليم ان يتكلم ولكن جيني وضعت كف يدها الأيسر على فمه قائلة ، فليسمح أميري بالهدوء والإستمتاع بالموسيقى وحركات الفالس ، اغمض عينيك يا سليم ، وفقط افتح قلبك ، سكن سليم تماماً ، وتحول الصخب الذي يعصف بداخله إلى هدوء يزداد صفاءه مع كل خطوه يخطوها على المسرح وهو ممسك بيد تلك الملائكية

بدا لاحمد وهو يشاهد ما يحدث ويموج داخله بحر من مزيج من المشاعر المتضاربة وكأن جيني استنسخت نسخة أخرى منها في دقائق معدودة ، فلم يعد هناك سليم وإنما كان يشاهد نفس الروح التى وصفها سليم له وهو يشاهد جيني ترقص وحدها والتى كانت تقفز فوق المسرح في رقة الطيور ، بدا له وكأنها اصحبت اثنان ملتحمان ، يتذوقان الموسيقى بكل حواسهما

اننا نولد مرة واحدة بغير إرادتنا ، ولكنا قد نحظي بفرصة ميلاد أخرى على يد أشخاص عابرون بحياتنا ولكن بإراداتنا وعلى الشكل الذي نريده ، هذا ما حدث في ذلك اليوم ، عندما انتهى الرقص وصمتت الموسيقى في اثناء رحلة الرجوع ، اقتربت جيني من سليم وهمست في أذنه قائلة ، سليم سأخبرك بسر ، هنا بالقرب من جرين ويتش حيث قصر الملكة فى القرن السابع عشر ، توجد المياة المسحورة ونحن نتهادى فوقها الآن ، فتمنى أمنية واقذفها إلى النهر ، لم يفكر سليم بل تحرك كالمسحور من تأثير كلمات جيني واقترب من حافة المركب وهمس في قبضته ببعض الكلامات وقبض عليها يده اليمنى وبكل قوته قذف بها إلى المياه

أخذت جيني يده عائدين حيث تركا احمد عند الطاولة ، لما وصلا عنده ، كان هناك شيئ غريب لاحظه احمد ، اقتربت كثيرا ملامح سليم من ملامح جيني وكلاهما كانا يحملان ملامح الرضا ، مضت الدقائق التالية في هدوء والثلاثة صامتون يستمتعون بالمشروبات واجواء النهر وخيم الهدوء على المركب قبل ان تصل إلى محطتها الاخيرة

لما نزل الثلاثة من سطح المركب ، كان سليم يبدو وكأنه غسلته المياه المسحورة بالفعل فلم تفارق وجهه تلك الإبتسامه المنفتحة على الدنيا والتى تحمل الخير لمن حولها ، وعندما وقف الثلاثة امام المرسى ، قالت جينى وهي تحمل حقيبة الجيتار ، الآن اترككما واعود لبيتي ، قاطعها سليم قائلاً ، هل نحن اصدقاء يا جيني الآن ، ردت جيني بإبتسامه رقيقة ، بل نحن رفقاء رحلة النهر ، وذلك اسمى من الصداقة ، فقال سليم هل تقبلي منى هدية صغيرة ، قالت جيني بالطبع ، فقال سليم لجيني انا سأترك لك شقتى المتواضعة ، همت جيني بالرفض ، ولكن سليم وضع يدها على فمها قائلاً ، تذكري المياه المسحورة فهي من طلبت مني ذلك وأخبرتني انك لن ترفضي ، ضحكت جيني في مرح قائلة ، اهلا بك يا صديقي فى أرض الجنيات ، قبلت يا سليم قبلت

كانت جيني ينطبق عليها تلك الكلمات "إن الكيميائي الذي يستطيع أن يستخلص من عناصر قلبه الرحمة والاحترام واللهفة والصبر والندم والدهشة والعفو ويدمج هذه العناصر في عنصر واحد يمكن أن يخترع هذه الذرة التي تسمى الحب" جبران خليل جبران

يتبع

لك الله يا مصر

مدونتى : حكايات عابر سبيل

radws.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

أعزائي إستراحة طويلة نوعاً ما ... وأترككم مع الدانوب الأزرق حتى نعيش نفس شعور أبطالنا على صفحة نهر التايمز في تلك الأمسية التى كانت وستكون ذكرى في حياة أبطال الحكاية وللأبد

أشكر لكم المتابعة

http://www.youtube.com/watch?v=kmaTOJXopGs

تم تعديل بواسطة احمد رضوان

لك الله يا مصر

مدونتى : حكايات عابر سبيل

radws.blogspot.com

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة

×
×
  • أضف...