اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مختارات من "تصوف" كزانتزاكيس


أثر الطائر

Recommended Posts

مختارات من "تصوف" نيكوس كزانتزاكيس

nikos-kazantzakis.jpg

عندما حملته في يدي لم أكن أصدق أني وجدته فعلا، وجدته هكذا، بهذه السهولة، التقطته من فوق رصيف ومن على "فرشة" بائع جرائد!..

كنت قد سألت عن هذا الكتاب كثيرا ولفترة طويلة، في مكتبات كبرى تشتهر باقتناء اللقايا مثل مكتبة مدبولي، في دور نشر تتاجر في الكتب، في مكتبات عامة، في مكتبات خاصة، لدى أصدقائي ومن أعرفهم من محبي القراءة واقتناء الكتب..وكنت نسيت أمره من زمن حتى أني لم يخطر على بالي البحث عنه على الشبكة العنكبوتية

كان قد بدا لي في لحظة أن هذا الكتاب لم يكن موجودا أبدا إلا في خيالي. ولولا أن عيني تقع عليه عادة مثبتا في البيبلوجرافيات ودوريات الكتب وثنايا المقالات لقلت أنني أبدعته ابتداعا، وحلمت به حلما..حلما طويلا جميلا.

قرأت الكتاب قديما، استعرته بالصدفة من مكتبة شاعر متصوف، وابن خال لوالدي. لم يكن وقتها قد أبتدأ اهتمامي بالتفاصيل فلم أعد أذكر غير شكل الكتاب، لا دار نشر ولا مترجم. عندها، كنت في سنة من سنوات بداية عشريناتي، واختطفني الكتاب خطفا، وكأنني لم أكن موجودا داخل نفسي عندما كنت أقرؤه، انخلعت من ذاتي، وعاشت روحي خلال ذلك بين صفحاته..فقط، بين صفحاته.

نص من النصوص النادرة جدا، لا يمكنك أن تنساه لو قرأته، ولو لم تتأثر به بعمق فسيكون ذلك غريبا، ولو اعتقدت أنك لم تتأثر به فعلا، فأنا أجزم لك أنك مخطيء بالتأكيد. لن يترك هذا الكتاب وترا في روحك أو قلبك أو عقلك لا يمسه، لا يعزف عليه أنشودة جديدة، ربما لم تكن تعرفها عن نفسك من قبل.

عنوان النص "تصوف" للروائي اليوناني الشهير "نيكوس كزانتزاكيس"، صاحب الروايات المشهورة "الإغواء الأخير للمسيح" و"زوربا اليوناني" والأخوة الأعداء" وتقرير إلى الجريكو" و..و..و..

وهو نفس الرجل الذي رد بالعبارة الشهيرة على "الفاتيكان" عندما وضعوا كتابه ضمن لائحة الكتب المحرمة (اللائحة السوداء)، قال :

"أيها الأباء المقدسون لقد قدمتم لي اللعنة، أما أنا فأقدم لكم الشكر. أتمنى أن يكون ضميركم صافيا كضميري. وأن تكونوا أخلاقيين ومتديين مثلي."

وهو الكاتب الإنسان الذي كان شعاره :

"لا أطمع في شيء..لا أخاف من شيء..أنا حر"

كتاب "تصوف" كما يوصف دائما هو "المخطط الأولي لمسيرة الاكتشافات الموعودة، وهو البذرة التي نبتت في مؤلفاته الروائية والشعرية اللاحقة".

مؤلف يوناني يكتب عن التصوف.. لا غرابة بالطبع، فلن أضيف جديدا إذا قلت أن للتصوف ألف لغة، ألف دين، للتصوف كل الطرق، كل الديانات، شريطة أن تكون جميعها واصلة إلى الله.

لقد سبق أن أنشد الإمام الأكبر "محيى الدين ابن عربي" أبياته الشعرية الشهيرة التي بدأها بقوله :

لقد أصبح قلبي قابلا كل صورة..فمرعى لغزلان ودير لرهبان

وأنهاها قائلا :

أدين بدين الحب أنى توجهت..ركائبه فالحب ديني وإيماني

الحب دين التصوف، الحب دين كل الأديان، طريق كل الطرق، سلك السالكين، ووصل الواصلين..

الحب الإلهي..الكفاح الإنساني المرير الشاق بحثا عن الحقيقة الخالدة، المطلقة الأبدية، هذا هو جوهر كتاب "تصوف" لنيكوس كزانتزاكيس، سأختار – بصعوبة شديدة – مختارات منه، مختارات مرتبة من البداية للنهاية، عسى أن يحتفظ قارئ هذا الموضوع بخيط مضيء من الكتاب بين يديه، يصل ما بين البداية والنهاية..

ولو أنصفت الكتاب..وأنصفت كاتبه..وأنصفت الحقيقة..وأنصفت نفسي..لوضعته كله بين يدي الموضوع هنا..

لكن حسبي أن تكون قراءة هذا الموضوع دافعا لقراءة كتاب يخسر كثيرا من لم يسعده الوقت بقراءته.

رابط هذا التعليق
شارك

موضوع رائع كعادتك

بانتظار مختاراتك من الكتاب

:clappingrose:

أعد شحن طاقتك

حدد وجهتك

و اطلق قواك

رابط هذا التعليق
شارك

موضوع رائع كعادتك

بانتظار مختاراتك من الكتاب

:clappingrose:

أستاذة عبير

بل إن عينيك هما الرائعتان كالعادة

اسأل الله أن يلهمني دقة الإلهام والاختيار

:clappingrose:

رابط هذا التعليق
شارك

Nikos.jpg

(1)

نأتي من هاوية مظلمة وننتهي إلى مثيلتها.

أما المسافة المضيئة بين الهاويتين فنسميها الحياة.

لحظة أن نولد تبدأ رحلة العودة.

الانطلاق والعودة في آن

كل لحظة نموت

لهذا جاهر كثيرون إن هدف الحياة هو الموت

ما إن نولد حتى تبدأ محاولاتنا في أن نخلق ونبتكر

أن نجعل للمادة حياة

كل لحظة نولد

لهذا جاهر كثيرون إن هدف الحياة الدنيا هو الخلود

في الأجسام الحية الفانية يتصارع هذان التياران :

الصاعد، نحو التركيب، نحو الحياة، نحو الخلود

الهابط، نحو التحلل، نحو المادة، نحو الموت

هذان التياران ينبعان من أغوار الجوهر البدائي..

(2)

يهتف العقل "أنا وحدي الموجود"..

لا أدري ما إذا كان ثمة جوهر خفي ومتعال يعيش ويتحرك خلف الظواهر

ولكي لا أتساءل أعتبره لا يعنيني

إني أنجب الظواهر بطواعية

أرسم بألوان عديدة حجابا خياليا أمام الهاوية

لا تقل لي أزل الحجاب لأرى اللوحة

فالحجاب هو اللوحة نفسها

أنا عامل الهاوية

أنا المتفرج على الهاوية

أنا النظرية والممارسة

أنا القانون

خارجي لا يوجد شيء على الإطلاق

عليك أن تدرك وأن تقبل حدود العقل الإنساني بلا محاولات عصيان لا جدوى منها

وعليك ضمن هذه الحدود الصارمة أن تعمل بلا شكوى وبلا توقف

هذا هو واجبك الأول

(3)

العقل يتكيف

فله القدرة على الصبر ويعجبه اللهو

لكن القلب يتوحش ولا يقبل لهو العقل

إنه يقفز ويصطخب لكي يمزق شباك الضرورة

(يقول القلب)

أشتاق إلى شيء واحد هو أن أدرك ما الذي يختبئ خلف الظواهر

ما هو هذا السر الذي ينجيني ثم يقتلني

وهل خلف التيار المنساب والمرئي للعالم يختبئ حضور ثابت لا مرئي؟

إذا كان العقل لا يستطيع وليس من شأنه أن يحاول التقدم خلف حدود بوابة الخروج البطولية اليائسة

فهل يستطيع القلب؟

(4)

صوت في داخلي يصيح آمرا :

أحفر..ماذا ترى؟

- بشرا وطيورا، مياها وحجارة.

أحفر أيضا..ماذا ترى؟

- أفكارا...وأحلاما...بروقا...وخيالات

أحفر أيضا..ماذا ترى؟

- لا أرى شيئا! ثمة ليل عاصف غليظ كالموت، لعله الموت

أحفر أيضا!

- اه لا أستطيع أن أعبر شبه الجدار المظلم! أسمع أصواتا ونحيبا، أسمع حفيف أجنحة آت من الضفة الأخرى

لا تبك! لا تبك! إنها ليست من الضفة الأخرى

كل هذه الأصوات وحفيف الأجنحة هي قلبك.

(5)

القلب ينتفض ويصرخ :

"أنا القروي أقفز على المسرح وأتدخل في مسيرة العالم"

لا أزن ولا أقيس ولا أتكيف

أتبع دقاتي العميقة

أسأل وأكرر السؤال طارقا أبواب الهاوية :

من الذي يبذرنا في هذه الأرض دون إذن يطلب منا؟

من الذي يقتلعنا من هذه الأرض دون إذن منا؟

أنا مخلوق مؤقت وضعيف

مصنوع من طين وأحلام

لكني ادرك أن في داخلي تصطخب كل قوى الكون

أريد للحظة واحدة، وقبل أن تحطمني هذه القوى

أن أفتح عينيّ فأراها أمامي

هذا هو هدفي الوحيد في الحياة

أريد أن أجد مبررا لكي أستمر على قيد الحياة

ولكي أتحمل المشهد اليومي المرعب للمرض والقبح والظلم والموت

بدأت من نقطة مظلمة هي الرحم

وأسير نحو نقطة مظلمة أخرى هي القبر

إحدى القوتين تقذفني من هاوية مظلمة والأخرى تسحقني، بلا انقطاع، في هاوية مظلمة

رابط هذا التعليق
شارك

تهنئة رائقة على حسن الاختيار .

واسمح لى حضرتك اعلق على جملة أنه عاش وشعاره..

لا أطمع في شيء.. لا أخاف من شيء . . أنا حر

أظن ... اقصد طلب.. كتابة هذه العبارة حتى على قبره...وربما

كانت تسبقها او تليها عبارة اخرى .( معذرة لاأتذكر جيدا ).

وقد اقتبس هو هذه العبارة من قصة هندية بطلها بحار تأرجح بين الحياة والموت وكان قاربه على وشك الاصطدام بالصخور ..فبدأ يجدف ف الاتجاه المضاد وقال لنفسه ماذا يضيرنى لو حاولت ؟؟(( بمعنى ..؟؟ انا كدة او كدة حاموت ليه محاولش؟؟)) .بالنسبة لى من أجمل عبارات نيكوس كازانتزاكيس .

1= الانسان عبارة عن آلة غريبة لو وضعت لها خبز ونبيذ وسمك وفجلا...سوف تخرج تنفس بعمق وضحكات واحلام.

2=الجمال لايرحم...لاتحاول رؤيته...يراك هو ولايسامح.

3=ومرة اخرى اعلم الى اى مدى تكون السعادة الأرضية صنعت خصيصا على مقاس الانسان وليست مجرد طائر جارح يجب ان ننظر له ونتابعه بعض الوقت وهو فى السماء ثم بعض الوقت نتابعه داخل تفكيرنا ..السعادة هى طائر مستأنس يوجد فعلا فى ساحة خلف منازلنا.

4=كل شئ فى الكون له معنى ...خفى .

5=حتى نصل الى النجاح ..يجب علينااولا ان ( نعتقد اننا نستطيع ).

كفاية كدة بقى ونكمل بعدين ( اقوال انسان رائع فعلا ...عاش لآخر لحظة انسان ). :clappingrose: :clappingrose: :clappingrose:

.

(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)

[النساء : 93]

رابط هذا التعليق
شارك

تهنئة رائقة على حسن الاختيار .

واسمح لى حضرتك اعلق على جملة أنه عاش وشعاره..

لا أطمع في شيء.. لا أخاف من شيء . . أنا حر

أظن ... اقصد طلب.. كتابة هذه العبارة حتى على قبره...وربما

كانت تسبقها او تليها عبارة اخرى .( معذرة لاأتذكر جيدا ).

وقد اقتبس هو هذه العبارة من قصة هندية بطلها بحار تأرجح بين الحياة والموت وكان قاربه على وشك الاصطدام بالصخور ..فبدأ يجدف ف الاتجاه المضاد وقال لنفسه ماذا يضيرنى لو حاولت ؟؟(( بمعنى ..؟؟ انا كدة او كدة حاموت ليه محاولش؟؟)) .بالنسبة لى من أجمل عبارات نيكوس كازانتزاكيس .

1= الانسان عبارة عن آلة غريبة لو وضعت لها خبز ونبيذ وسمك وفجلا...سوف تخرج تنفس بعمق وضحكات واحلام.

2=الجمال لايرحم...لاتحاول رؤيته...يراك هو ولايسامح.

3=ومرة اخرى اعلم الى اى مدى تكون السعادة الأرضية صنعت خصيصا على مقاس الانسان وليست مجرد طائر جارح يجب ان ننظر له ونتابعه بعض الوقت وهو فى السماء ثم بعض الوقت نتابعه داخل تفكيرنا ..السعادة هى طائر مستأنس يوجد فعلا فى ساحة خلف منازلنا.

4=كل شئ فى الكون له معنى ...خفى .

5=حتى نصل الى النجاح ..يجب علينااولا ان ( نعتقد اننا نستطيع ).

كفاية كدة بقى ونكمل بعدين ( اقوال انسان رائع فعلا ...عاش لآخر لحظة انسان ). :clappingrose: :clappingrose: :clappingrose:

.

دي صورة قبره يا أستاذة سلوى في "هيراكليون" عاصمة كريت. مدون عليه العبارة الشهيرة:

"لا أطمع في شيء..لا أخاف من شيء..أنا حر"..

وعلى القبر تستند الكمنجه الكريتيه بشكلها المميز رمزا للحياة التي تصوف في عشق قداستها..وترها يشير نحو الأعلى..البناء..الإبداع..التغني..الخلق..الإتجاه الصاعد..الله

kazantzaki_2.jpg

بالفعل يا أستاذة تعد قصة البحار الهندي من أروع القصص التي تأثر بها وأثرت في حياته. وقد ضمن هذه القصة روايته "تودارابا".

تحكي القصة حكاية بحار هندي كان يقود قاربه مقاوما التيار الذي يتجه بقوة للسقوط في هاوية شلال صخري. وبعد أن أستنفذ البحار كل طاقته في مقاومة التيار، ترك المجدافين جانبا وبدأ يغني مرددا :

"اه..فلتكن هذه الأغنية حياتي..أنا لا أطمع في شيء..ولا أخاف من شيء..أنا حر".

بالطبع أنتهت القصة والقارب يتجه نحو هاوية الشلال..نحو السقوط..الموت المحتم..

أشكرك من قلبي يا أستاذة على إضمامة الورود من أقوال الكاتب الإنساني المتصوف

وفي إنتظار ما تجودين علينا به مجددا من نفحات هذا الروح الخالد..

تحية ود وتقدير

رابط هذا التعليق
شارك

kazantzaki_1.jpg

(6)

القلب لا يتكيف

ثمة أياد تطرق أبواب سجنه من الخارج

وأصوات عشق تتسرب إلى مسامعه عبر الريح

فيستجيب القلب وهو مفعم بالأمل مفجرا السلاسل

وفي إحدى توهجاته تبدو له السلاسل وقد تحولت إلى أجنحة

لكن سرعان ما يسقط القلب مرة أخرى داميا

وقد فقد الأمل وبدأ يتملكه خوف كبير

طوبى لتلك اللحظة..

أترك وراءك القلب والعقل وتقدم إلى أمام وأخط الخطوة الثالثة

عليك أن تنجو من البساطة الفجة للعقل الذي ينظم ويأمل في السيطرة على الظواهر

عليك أن تنجو من رعب القلب الذي يبتغي ويأمل العثور على الجوهر

أنتصر على العقبة الأخيرة الأكثر إغراء : الأمل

نحن نحارب لأنا نستمتع بذلك

نغني حتى إذا لم نجد أذنا تصغي لغنائنا

نعمل حتى إذا لم نجد رب عمل يدفع لنا أجرنا اليومي عند الأصيل

نحن لا نعمل للغير إذ نحن أرباب العمل

إن كروم هذه الأرض ملك لنا

إنها لحمنا ودمنا

نحن الذين نحفر لها التربة ونشذب فروعها ونجني عنبها ونشرب النبيذ ونغني ونبكي

وتصعد إلى رؤوسنا أفكار وأحلام

(7)

يصيح الرجل مبتهجا :

"أنا المدرار الذي يود أن يمزق النسيج وأن يقفز خارج منسج الضرورة

أنا الذي يريد أن يتجاوز القانون وأن يحطم الأجساد وأن ينتصر على الموت

أنا البذرة"

يرد صوت آخر منطقي وعميق، صوت أنثوي هادئ وواثق :

"أجلس واضعة إحدى قدمي على الأخرى وأدع جذوري تذهب عميقا في القبور

أتقبل البذرة وأنا ساكنة بلا حراك ثم أرعاها. أنا كلي حليب وضرورة

أتشوق للرجوع إلى الوراء. للهبوط إلى الحيوان. والهبوط أكثر وأكثر إلى الشجرة

وإلى أعماق القبور والتربة. وألا أتحرك إلى الأمام.

إني أقبض على الأنفاس وأحبسها ولا أدعها تنطلق

أكره الشعلة التي تتصاعد

أنا الرحم"

أصيخ السمع للصوتين فكلاهما لي

أفرح بهما ولا أرفض أيا منهما

قلبي رقصة للحواس الخمس

قلبي رقص مضاد نقيض للحواس الخمس

قوى لا تحصى. مرئية وخفية. تفرح وتتبعني حين أتقدم صاعدا بمشقة عكس التيار العظيم

(8)

الحياة خير والموت خير

والأرض مستديرة كصدر أنثوي في قبضتي القديرتين

أمنح نفسي كل شيء. أحب. أتألم. أكافح. عالمي يمتد لأبعد مما يتخيل العقل

قلبي سر عميق وغامض

أيتها النفس، لو تستطيعين، أصعدي على الأمواج الصاخبة واحتوي البحر كله بنظرة من عينيك

سيطري على قوى إدراكك حتى لا تتزعزع وغوصي مرة أخرى في عمق البحر وواصلي الكفاح

جسدنا سفينة تسبح في مياه عميقة زرقاء

ما هو هدفنا : أن تتحطم السفينة!

لأن المحيط الأطلسي ملئ بالشلالات، فإن الأرض الجديدة توجد فقط في قلب الإنسان

وذات لحظة مفاجئة ستغرق أنت وسفينة العالم في إحدى الدومات الصاخبة بشلال الموت

واجبك أن تبحر بهدوء وشجاعة، وبدون أمل، نحو الهاوية

وأن تقول : لا يوجدد أي شئ! لا يوجد أي شيء! لا توجد حياة ولا يوجد موت!

(9)

تفاجئني صيحة قوية تأتي من داخلي

من الذي يصيح؟

أجمع قواك وأرهف سمعك

قلب الإنسان ليس إلا مجرد صيحة

ألتصق بصدرك كي تسمعها

شخص ما يكافح بداخلك هو الذي يصيح

في أقصى حالات فرحنا نسمع بداخلنا أحد يصيح :

"إني أتألم، أريد أن أفر من فرحك، إنني أتميز من الغيظ"

في أقصى حالات يأسنا نسمع بداخلنا أحد يصيح :

"لست يائسا. إني أكافح. أقبع فوق رأسك. أطل من جسدك. أنبثق من الأرض.لا تسعني العقول ولا الأسماء ولا الأفعال"

أهرف السمع أثناء نومك وخلال ممارسة الجنس وفي الإبداع وخلال فعل من أفعالك الطوعية

أو أثناء صمتك صمتا عميقا يائسا

فلربما تسمع فجأة هذه الصيحة وتتقدم إلى أمام

(10)

أي من الطريقين المقدسين عليّ أن أختار؟

فجأة أدرك أن حياتي كلها وحياة الكون بأكمله مرتبطة بقراري هذا

من بين الطريقين أختار الطريق الصاعد

لماذا؟

ليس لأي حجج عقلية أو يقين

فعند تلك اللحظة الحاسمة أستوعب كم هو غير حبير هذا العقل

بل وكل القناعات الصغيرة للإنسان

أختار الطريق الصاعد لأن قلبي يدفعني نحو هذا الاتجاه

يناديني قلبي : "إلى الأعلى..إلى الأعلى"

فأتبعه بكل ثقة

أشعر أن هذا ما تطالبني به تلك الصيحة البدائية الرهيبة. أقفز إلى جانبها وأطابق قدري بها

بداخلي يكافح شخص ليرفع حملا ثقيلا

يراجع حساب الجسد والعقل منتصرا على العادة والكسل والضرورة

لا أدري من أين يأتي ولا إلى أين يذهب

أتبع خطاه داخل صدري الفاني

أرهف السمع إلى لهاثه وأقشعر حين أتحسسه

من هو؟

أنصب له أذني. أضع علامات. أستنشق الهواء

ثم أصعد إلى أعلى

أبحث في اتجاه الأعالي

ألهث

أبدأ المسيرة السرية الرهيبة

تم تعديل بواسطة أثر الطائر
رابط هذا التعليق
شارك

Kazantzakis.jpg

(11)

أنا لست الضوء

أنا الليل، لكن شعلة تربض ما بين أحشائي وتأكلني

أنا الليل الذي يأكله الضوء

نفس صغير ومتمرد يكافح في داخلي يائسا عله ينتصر على السعادة وعلى الإرهاق وعلى الموت

أمرن جسدي كحصان محارب

أحافظ عليه بسيطا وقويا وطيعا

إني أقسو عليه وأواسيه

إذ ليس لي حصان سواه

أحافظ على عقلي يقظا وصافيا وحادا

أثق في أن هذا النور الذي يلتهم الظلام يكافح بلا انقطاع

إذ ليس ثمة معمل غيره يستطيع أن يحول الظلام إلى نور

أحافظ على قلبي متوهجا، شجاعا، متوترا

أحس بكل الاضطرابات والتناقضات في قلبي

بمباهج الحياة ومنغصاتها

لكن أكافح من أجل أن أطوعها لإيقاع الكون الذي يتصاعد

(12)

ألزم الصمت! فالمحاربون لا يتساءلون أبدا

أنحني وأرهف السمع إلى هذه الصيحة القتالية التي تنبعث من أحشائي

أبدأ في تصور وجه القائد

أتحقق من صوته ثم أنصاع إلى أوامره الشاقة بفرح ورهبة

أجل...أجل...أنا لا شيء...أنا مجرد نعومة فسفورية على المروج المبتلة

دودة تعسة تطلق صفيرا وتحب

تصيح وتتكلم لساعة أو لساعتين عن أجنحة ما

وبعد ذلك تغلق فمها بالتراب

هذه هي الإجابة الوحيدة التي تقدمها القوى المظلمة

لكن الصيحة العظمى الخالدة بداخلي تنادي قائلة :

ما الذي تريده ولا تستطيع أن تبلغه؟

أنا واثق بأنني جزء من الكون المرئي واللامرئي

نحن شيء واحد

القوى التي تعمل بداخلي

والقوى الأخرى التي تدفعني لأعيش

والقوى التي تدفعني لأموت

هي بالتأكيد، قواك أنت أيضا

(13)

الصيحة لا تصدر عنك

لست أنت الذي يتكلم

أسلاف بأعداد لا تحصى هم الذين ينطقون عبر فمك

أنت لا تعبر عن رغبتك الشخصية وإنما تعبر من خلال قلبك عن رغبات أعداد لا تحصى

إن موتاك لم يعودوا يقبعون في التراب

وإنما صاروا طيورا وأشجارا وهواء

إنك تجلس بينهم وتستطعم لحمهم وتستنشق أنفاسهم

لقد صاروا أفكارا وأحاسيس وها هم يحددون مشيئتك وسلوكك

واجبك الأول وأنت توسع أناك في هذه اللحظة المؤقتة التي تسير فيها على الأرض

هو أن تفلح في أن تعيش هذه المسيرة الخالدة، أن تحيا المرئي واللامرئي من ذاتك

سلالتك هي الجسد الأكبر فهي الماضي والحاضر والمستقبل

أنت تعبير لحظوي أما عشيرتك فإنها الوجه

أنت الظل وعشيرتك اللحم

يصيح الموتى بداخلك : "لا تمت كي لا نموت"

"لم نتمكن من الإبتهاج بالنساء اللاتي رغبناهن، فلتتمكن أنت ولتضاجعهن

لم نتمكن من تحويل أفكارنا إلى أعمال، حولها أنت إلى أعمال

لم نستطع القبض على ملامح وجه آمالنا لنتحقق منها، فلتتحقق أنت منها

ولتكمل عملنا

(14)

إن واجبك وأنت تقدم خدمتك التطوعية لبني جنسك هو أن تشعر في داخلك بكل الأسلاف

واجبك الثاني هو أن تضيء انطلاقتهم وأن تواصل عملهم

واجبك الثالث هو أن تنقل إلى أبنك الواجب الأكبر وهو أن يتجاوزك

المعاناة تشتد داخلك، شخص يكافح لكي يخرج، ولكي ينفصل من جسدك ولكي ينجو منك

بذرة في كليتك، بذرة في عقلك، تريد أن تفارقك بلا عودة

لم تعد أحشاؤك تستوعبها، إنها تكافح في سبيل الحرية

"يا أبت...قلبك لا يسعني، أكاد أتحطم، أريد أن أخرج

يا أبت...إني أكره جسدك، وأشعر بالخجل لالتصاقي بك، أريد أن أخرج"

لكنك أيها الأب تفرح وأنت تسمع صوت أبنك وهو يعلو، فتقول :

"كل شيء لابني. كل شيء له. أنا القرد وهو الإنسان. أنا الإنسان وهو ابن الإنسان

قامر بالراهن واليقيني. قامر من أجل المستقبل والمجهول

لا تأخذ معك شيئا من أجل الآتي.

إني أحب الخطر"

(15)

أنت لا تتكلم وحدك، ولا تتكلم سلالتك وحدها من خلالك

ففي داخلك تصطخب وتتصايح أجناس لا تحصى من البشر – بيض وصفر وسود

تحرر من السلالة أيضا

جاهد لكي تحس بالإنسان المكافح في كل مكان

أنظر كيف تميز عن الحيوان، وكيف يكافح لينتصب واقفا

ولينظم الصيحات العشوائية، وليحمي الشعلة متقدة، وليحافظ على العقل بين عظام رأسه

قف على جسدك الترابي المؤقت وأنظر وراءك صوب القرون الماضية، ماذا ترى؟

حدق...شعوب تصعد كما يصعد العشب من التراب، ثم تسقط ثانية إلى التراب سمادا لبذور المستقبل

فتسمن الأرض بالرماد والدماء وبعقول البشر

أعداد لا تحصى من البشر يضيعون في منتصف الطريق...يولدون ثم يموتون عاقرين

فجأة تنفتح هاويات في الظلام وتتحطم شعوب

وعبر زوبعة همجية تأتي أوامر بعدم الصمود فيجفل القطيع البشري ويتبعثر

كافح من أجل أن تعطي معنى لصراعات الإنسان المتصلة

مرن قلبك كي يسيطر بقدر استطاعته على حيز أكبر من ساحة المعركة

مرن عينيك على مشاهدة شعوب بأكملها تتحرك على حقب زمنية كبيرة

أستغرق في هذه الرؤيا بصبر وبحب ودون أدنى غرض حتى يتنفس العالم بداخلك شيئا فشيئا

إن القلب يؤالف كل ما يقسمه العقل

إنه يتجاوز ساحة الضرورة

ويحول الصراع إلى حب

رابط هذا التعليق
شارك

الحقيقة مش عارفة اديك تقييم على ايه و الا ايه

شكلك حتجمع تقيمات ايجابية قد كده من الموضوع ده

;)

بس تستاهل صراحة

شكرا صديقي

بس بأقترح يعني

تترك لنا فرصة لمناقشة ما تنقله

هناك الكثير جدا لنتحاور بشأنه في هذا الغيمة المحملة بغزير المطر

أعد شحن طاقتك

حدد وجهتك

و اطلق قواك

رابط هذا التعليق
شارك

لا أطمع في شيء ... لا أخاف من شيء... أنا حر

قمة العبودية لله تعالى هي الخوف و الرجاء

لن أناقش الجانب الصوفي الذي حتى يتحرر من ذلك مع الله تعالى

أي أني أحبك يارب بلا خوف من عذاب

و لا طمع في ثواب

و إن كنت لا أتفق مع هذا

حيث إن الله تعالى وحده المنزه عن كل النواقص

فهو فقط من لا يحتاج و لا يفتقر و لا يرجو و لا يخاف

أوافق أن نتجرد من الخوف و الطمع مع البشر

ففيه مذلة و انكسار

لا تليق أن تصدر من انسان لإنسان

حيث إن الإنسان طبيعته أرضية غالبا

و فترات تحليقه ليست دائمة

فهو من تراب و إليه يحن و إليه يعود

فالبشر حتى دون قصد

سيأخذوا بيدك إلى التراب

فهو المستقر الذي لا يعرفون غيره

و عليه فكل من أراد التحليق عليه أن يتخفف

من ارتباطه بالأرض قدر الاستطاعة

و حيث إن التحليق إلا يتم إلا بالارتباط بالسماء

و عليه فنحن محتاجون مفتقرون

و لا يليق بالذات الالهية أن نترفع عنها

بل نظهر الذل و الافتقار على الدوام

فقط في هذا التذلل تكمن الرفعة

و فقط في هذا الافتقار يتمثل الغنى إلى منتهاه

أعد شحن طاقتك

حدد وجهتك

و اطلق قواك

رابط هذا التعليق
شارك

دفء ونور !!

هنا يشع كازانتزاكيس دفئا ونورا

وتشعه أنت مضاعفا ألف مرة أيها الطائر المتصوف

العميق الروحية ..الراضى السريرة

أحييك على اختيارك ألف تحية

وعلى هذا الدفء والنور اللذان غمرتنا بهما فى كلمات وثنايا هذا الموضوع المبهر

ليس لدى حقيقة ما أستطيع قوله هنا سوى صمت

وقراءة خاشعة لجمال وعمق المعانى والأطروحات المختارة بعناية وثقة

فالصمت هنا ..يعنى ..أشعر أنه بداخلى تحول إلى نوع من التأسى والسلام

هو أكثر شىء وأقل شىء فى نفس الوقت ممكن اتخاذه فى خضم هذه المعانى البيضاء الناضحة بالرضا والتفاهم العميق ..

فالصمت هنا أجمل ما يكون اذا غدت سبل الكلام تفضى إلى المواجد الصامتة فى عميق نفوسنا الملأى

التى تختلج فيها الظلال ..

كلما قرأت بهدوء وتركيز وتأمل ..كلما شعرت وكأننى أتطهر من أوضار

من ترابية ومادية

من نزعات حسية جامحة

من قيود صدامية ومحدودية بشرية

كلما قرأت شعرت بانفلاتا روحيا

من سجن الجسد والضرورة

شغفا مستحيلا بما وراء المعانى العابرة لما هو أكثر

صفاء وأمان وطمأنينة

الله

وبديع صنعه فينا

فى الكون وفى المخلوقات

فى الحياة

وحتى الموت

أتابع بنفس الشغف المستحيل يا أثر الطائر لإقتناص متعة مستحيلة ولكنها متحققة هنا بالفعل

محبة وتقديرا

رابط هذا التعليق
شارك

الحقيقة مش عارفة اديك تقييم على ايه و الا ايه

شكلك حتجمع تقيمات ايجابية قد كده من الموضوع ده

;)

بس تستاهل صراحة

شكرا صديقي

بس بأقترح يعني

تترك لنا فرصة لمناقشة ما تنقله

هناك الكثير جدا لنتحاور بشأنه في هذا الغيمة المحملة بغزير المطر

الصديقة الجميلة الأستاذة عبير

أستجبت لنصيحتك فورا

في الواقع نصيحة مثمرة وفي موقعها وليست بغريبة على مشرفة تهتم لمشاركات وموضوعات الأعضاء وترعى حقوقهم وحرياتهم وتتبنى كل ما كان مفيدا وجيدا وحقيقيا

شكرا مجددا يا أستاذة عبير :clappingrose:

رابط هذا التعليق
شارك

لا أطمع في شيء ... لا أخاف من شيء... أنا حر

قمة العبودية لله تعالى هي الخوف و الرجاء

لن أناقش الجانب الصوفي الذي حتى يتحرر من ذلك مع الله تعالى

أي أني أحبك يارب بلا خوف من عذاب

و لا طمع في ثواب

و إن كنت لا أتفق مع هذا

حيث إن الله تعالى وحده المنزه عن كل النواقص

فهو فقط من لا يحتاج و لا يفتقر و لا يرجو و لا يخاف

أوافق أن نتجرد من الخوف و الطمع مع البشر

ففيه مذلة و انكسار

لا تليق أن تصدر من انسان لإنسان

حيث إن الإنسان طبيعته أرضية غالبا

و فترات تحليقه ليست دائمة

فهو من تراب و إليه يحن و إليه يعود

فالبشر حتى دون قصد

سيأخذوا بيدك إلى التراب

فهو المستقر الذي لا يعرفون غيره

و عليه فكل من أراد التحليق عليه أن يتخفف

من ارتباطه بالأرض قدر الاستطاعة

و حيث إن التحليق إلا يتم إلا بالارتباط بالسماء

و عليه فنحن محتاجون مفتقرون

و لا يليق بالذات الالهية أن نترفع عنها

بل نظهر الذل و الافتقار على الدوام

فقط في هذا التذلل تكمن الرفعة

و فقط في هذا الافتقار يتمثل الغنى إلى منتهاه

أستاذة عبير

سعيد بنقاشك الذي يعمق الموضوع، وفي الواقع فأنت تطرحين إشكالية ضخمة موجودة بالفعل على ساحة الفكر الإسلامي المعاصر..

تعرفين أن نبرة الأصولية تسود ساحة الفكر الإسلامي هذه الأيام، وهي للأسف نبرة تتبنى كل ما هو سطحي وغير جوهري في الدين، وتفرغ التدين الحقيقي من مضمونه وتحيله إلى لون من ألوان التدين الشكلي الذي لا يبني علاقة البشر مع الله كما أراد لها المولى عز وجل أن تكون، لكنها تفرغها - حقيقة - من مضمونها..

ما علاقة الأصولية بطرحك هنا؟

الإجابة : هي مسألة الخوف والرجاء

فالخوف من الله ورجاء جنته ليست طبقا للحقائق الدينية المؤكدة إلا أولى مراتب الإيمان التي يرتقي فيها المؤمن كدرجات السلم وصولا إلى القرب الحقيقي من الله، ليس قرب الخائف الطامع، لكن قرب العبد المؤمن إيمانا عميقا مبنيا على معرفة صحيحة بعظمة الله وجماله وجلاله

وقد تتعجبين من كلماتي هذه وقد تكون هذه هي المرة الأولى التي تواجهين فيها مثل هذه الكلمات، فالنعيم والعذاب أصبحا - بفضل سيطرة الأصولية وتدينها الشكلي على ساحة الفكر الديني - نغمة رائجة، تطبع فيها الكتب، وتوزع بها ملايين شرائط الكاسيت والسيديهات، وتملأ بها ألاف الساعات على أشرطة كاميرات برامج التلفزيون.

الجنة حق والنار حق..لا جدال ولا مراء في ذلك

لكن الإيمان المرتبط بالخوف من النار والمرتبط برجاء التلذذ بنعيم الجنة ليس هو الشكل الأمثل للإيمان الذي يرتبط بمعرفة الخالق معرفة وثيقة ويرتبط بالإقرار بعظمته ونعمه وفيوضاته والتسليم له بالحب والعبادة، والرجاء في قربه والتنعم برؤية وجهه

والدليل على ذلك بديهي وأوضح من أن يقال، لكني أذكرك به فقط :

وهو اختلاف الإنسان عن الحيوان، فالحيوان هو الذي يخاف ويرجو ولا يتقن أي شكل آخر من التعامل غير الخوف والرجاء

لكن الإنسان الذي فضله الله على سائر مخلوقاته هو الكائن الوحيد في الكون الذي يمكنه أن يحب دون أن يكون منبع حبه هو الخوف أو الرجاء

لقد قال الله سبحانه وتعالى للملائكة:

"إني جاعل في الأرض خليفة"

فهل خليفة الله في الأرض لا يؤمن إلا خوفا أو رجاء؟؟

الخوف والرجاء يا سيدتي هي مرتبة أولى من مراتب الإيمان، تفضلها وترتقى عليها مراتب الحب والتعقل والتفكر والتدبر في ذات الله وصفاته، والإقرار بألوهيته وعظمته دون خوف أو رجاء، وهي مراتب عظيمة يحتاج الوصول إليها إلى مجاهدة طويلة للنفس بغرائزها ومخاوفها وأطماعها ولعناتها

..

أخيرا أعيذك يا أستاذة عبير من لفظ ورد في كلامك، وهو يرد عادة في باب الخوف والرجاء والدعاء، وهو لفظ لا يليق بمقام الألوهية ولا بالإقرار بالعلم والإحاطة لله عز وجل، وأقصد لفظ "الإظهار" كما جاء في كلامك :

"بل نظهر الذل و الافتقار على الدوام"

هل يحتاج منا الله جل وعلا أن نظهر شيئا حتى يتبين له؟ (أستغفر الله حقا)

أليس هو الذي يعلم السر وأخفى؟

لمن نظهر يا ترى إذن؟

في الأغلب نحن نظهر ذلك للناس..

وهذه هي الأصولية : تدين شكلي وإدعاء فارغ وتجارة بالدين

..

طبعا أرجو أن تكوني متفهمة يا أستاذة عبير أنني لا أتهمك بشي من ذلك كله، لكن ما حدث - للأسف - هو أن هذا التدين الزائف ساد ساحة الفكر والإعلام والعقل الإسلامي كله، حتى أصبحنا جميعا نعتبره من الدين الحقيقي، وما هو بذلك

هذا مبلغ اجتهادي وفي القضية كلام آخر كثير ومتشعب

أرحب بكل نقاشاتك ومداخلاتك وتعقيباتك الهامة دائما يا صديقتي :clappingrose:

رابط هذا التعليق
شارك

دفء ونور !!

هنا يشع كازانتزاكيس دفئا ونورا

وتشعه أنت مضاعفا ألف مرة أيها الطائر المتصوف

العميق الروحية ..الراضى السريرة

أحييك على اختيارك ألف تحية

وعلى هذا الدفء والنور اللذان غمرتنا بهما فى كلمات وثنايا هذا الموضوع المبهر

ليس لدى حقيقة ما أستطيع قوله هنا سوى صمت

وقراءة خاشعة لجمال وعمق المعانى والأطروحات المختارة بعناية وثقة

فالصمت هنا ..يعنى ..أشعر أنه بداخلى تحول إلى نوع من التأسى والسلام

هو أكثر شىء وأقل شىء فى نفس الوقت ممكن اتخاذه فى خضم هذه المعانى البيضاء الناضحة بالرضا والتفاهم العميق ..

فالصمت هنا أجمل ما يكون اذا غدت سبل الكلام تفضى إلى المواجد الصامتة فى عميق نفوسنا الملأى

التى تختلج فيها الظلال ..

كلما قرأت بهدوء وتركيز وتأمل ..كلما شعرت وكأننى أتطهر من أوضار

من ترابية ومادية

من نزعات حسية جامحة

من قيود صدامية ومحدودية بشرية

كلما قرأت شعرت بانفلاتا روحيا

من سجن الجسد والضرورة

شغفا مستحيلا بما وراء المعانى العابرة لما هو أكثر

صفاء وأمان وطمأنينة

الله

وبديع صنعه فينا

فى الكون وفى المخلوقات

فى الحياة

وحتى الموت

أتابع بنفس الشغف المستحيل يا أثر الطائر لإقتناص متعة مستحيلة ولكنها متحققة هنا بالفعل

محبة وتقديرا

ياه يا عشتار (ولا أقل مرة واحدة من عشتار) :clappingrose:

هكذا يكون حضورك دائما هو الدافيء وهو المنير وهو المشع

هو الراضي والمرضي والرضا

هو المطمئن والمطمئن والطمأنينة

حضور هو ينشر السلام واليقين الهادئ الراسخ المستقر

لا أطمئن أبدا على موضوع أو مكان أو على ذاتي ذاتها إلا بتحقق حضورك الملائكي الرحيم

ما أليق الصمت كما تحدثت عنه بجلال المعاني التصوفية العميقة والإلهية السامية

كان للصمت دائما مكانته الراقية في التصوف

الصمت هو التأمل..السبح الروحي..الغرق في المعنى..التسامي مع النور..المنتهى إلى اليقين

الصمت هو - كما قلت محقة وبليغة وموجزة ومبدعة - هو أقل شيء وأكثر شيء

نعم..دائما تكون الحقائق بهذه البساطة الفطرية وبهذه الاستقامة البديهية

كل الحقائق الجميلة والجليلة يا عشتار

الحب..التصوف..السلام..الطمأنينة..الرضا..التفاهم العميق

التفاهم العميق المتبادل - كما بيننا - هو يتعمق بالكلمات ويزدهر بالصمت

عشتار

ما أبدع كلماتك

وما أسمى صمتك :clappingrose:

رابط هذا التعليق
شارك

لا أطمع في شيء ... لا أخاف من شيء... أنا حر

قمة العبودية لله تعالى هي الخوف و الرجاء

لن أناقش الجانب الصوفي الذي حتى يتحرر من ذلك مع الله تعالى

أي أني أحبك يارب بلا خوف من عذاب

و لا طمع في ثواب

و إن كنت لا أتفق مع هذا

حيث إن الله تعالى وحده المنزه عن كل النواقص

فهو فقط من لا يحتاج و لا يفتقر و لا يرجو و لا يخاف

أوافق أن نتجرد من الخوف و الطمع مع البشر

ففيه مذلة و انكسار

لا تليق أن تصدر من انسان لإنسان

حيث إن الإنسان طبيعته أرضية غالبا

و فترات تحليقه ليست دائمة

فهو من تراب و إليه يحن و إليه يعود

فالبشر حتى دون قصد

سيأخذوا بيدك إلى التراب

فهو المستقر الذي لا يعرفون غيره

و عليه فكل من أراد التحليق عليه أن يتخفف

من ارتباطه بالأرض قدر الاستطاعة

و حيث إن التحليق إلا يتم إلا بالارتباط بالسماء

و عليه فنحن محتاجون مفتقرون

و لا يليق بالذات الالهية أن نترفع عنها

بل نظهر الذل و الافتقار على الدوام

فقط في هذا التذلل تكمن الرفعة

و فقط في هذا الافتقار يتمثل الغنى إلى منتهاه

أستاذة عبير

سعيد بنقاشك الذي يعمق الموضوع، وفي الواقع فأنت تطرحين إشكالية ضخمة موجودة بالفعل على ساحة الفكر الإسلامي المعاصر..

تعرفين أن نبرة الأصولية تسود ساحة الفكر الإسلامي هذه الأيام، وهي للأسف نبرة تتبنى كل ما هو سطحي وغير جوهري في الدين، وتفرغ التدين الحقيقي من مضمونه وتحيله إلى لون من ألوان التدين الشكلي الذي لا يبني علاقة البشر مع الله كما أراد لها المولى عز وجل أن تكون، لكنها تفرغها - حقيقة - من مضمونها..

ما علاقة الأصولية بطرحك هنا؟

الإجابة : هي مسألة الخوف والرجاء

فالخوف من الله ورجاء جنته ليست طبقا للحقائق الدينية المؤكدة إلا أولى مراتب الإيمان التي يرتقي فيها المؤمن كدرجات السلم وصولا إلى القرب الحقيقي من الله، ليس قرب الخائف الطامع، لكن قرب العبد المؤمن إيمانا عميقا مبنيا على معرفة صحيحة بعظمة الله وجماله وجلاله

وقد تتعجبين من كلماتي هذه وقد تكون هذه هي المرة الأولى التي تواجهين فيها مثل هذه الكلمات، فالنعيم والعذاب أصبحا - بفضل سيطرة الأصولية وتدينها الشكلي على ساحة الفكر الديني - نغمة رائجة، تطبع فيها الكتب، وتوزع بها ملايين شرائط الكاسيت والسيديهات، وتملأ بها ألاف الساعات على أشرطة كاميرات برامج التلفزيون.

الجنة حق والنار حق..لا جدال ولا مراء في ذلك

لكن الإيمان المرتبط بالخوف من النار والمرتبط برجاء التلذذ بنعيم الجنة ليس هو الشكل الأمثل للإيمان الذي يرتبط بمعرفة الخالق معرفة وثيقة ويرتبط بالإقرار بعظمته ونعمه وفيوضاته والتسليم له بالحب والعبادة، والرجاء في قربه والتنعم برؤية وجهه

والدليل على ذلك بديهي وأوضح من أن يقال، لكني أذكرك به فقط :

وهو اختلاف الإنسان عن الحيوان، فالحيوان هو الذي يخاف ويرجو ولا يتقن أي شكل آخر من التعامل غير الخوف والرجاء

لكن الإنسان الذي فضله الله على سائر مخلوقاته هو الكائن الوحيد في الكون الذي يمكنه أن يحب دون أن يكون منبع حبه هو الخوف أو الرجاء

لقد قال الله سبحانه وتعالى للملائكة:

"إني جاعل في الأرض خليفة"

فهل خليفة الله في الأرض لا يؤمن إلا خوفا أو رجاء؟؟

الخوف والرجاء يا سيدتي هي مرتبة أولى من مراتب الإيمان، تفضلها وترتقى عليها مراتب الحب والتعقل والتفكر والتدبر في ذات الله وصفاته، والإقرار بألوهيته وعظمته دون خوف أو رجاء، وهي مراتب عظيمة يحتاج الوصول إليها إلى مجاهدة طويلة للنفس بغرائزها ومخاوفها وأطماعها ولعناتها

..

أخيرا أعيذك يا أستاذة عبير من لفظ ورد في كلامك، وهو يرد عادة في باب الخوف والرجاء والدعاء، وهو لفظ لا يليق بمقام الألوهية ولا بالإقرار بالعلم والإحاطة لله عز وجل، وأقصد لفظ "الإظهار" كما جاء في كلامك :

"بل نظهر الذل و الافتقار على الدوام"

هل يحتاج منا الله جل وعلا أن نظهر شيئا حتى يتبين له؟ (أستغفر الله حقا)

أليس هو الذي يعلم السر وأخفى؟

لمن نظهر يا ترى إذن؟

في الأغلب نحن نظهر ذلك للناس..

وهذه هي الأصولية : تدين شكلي وإدعاء فارغ وتجارة بالدين

..

طبعا أرجو أن تكوني متفهمة يا أستاذة عبير أنني لا أتهمك بشي من ذلك كله، لكن ما حدث - للأسف - هو أن هذا التدين الزائف ساد ساحة الفكر والإعلام والعقل الإسلامي كله، حتى أصبحنا جميعا نعتبره من الدين الحقيقي، وما هو بذلك

هذا مبلغ اجتهادي وفي القضية كلام آخر كثير ومتشعب

أرحب بكل نقاشاتك ومداخلاتك وتعقيباتك الهامة دائما يا صديقتي :clappingrose:

صديقي أثر الطائر

ربما لفتت نظري إلى اشكالية كبيرة و نقطة توقفت عندها فعلا

ربما لفظي دل على ما قصدته أنت

و هو بالتأكيد ما لم أقصده نهائيا

نعم طبعا الله تعالى يعلم السر و أخفى

و هو أيضا طالبنا بأداء حركات ظاهرة كالصلاة مثلا

فهي حركات ظاهرة

فهناك عبادات سرية و عبادات جهرية

و إلا كان الأولى أن نؤدي الصلاة بالقلب فإنه سبحانه مطّلع على القلوب!!!

فالله تعالى خلقنا جسدا و روحا

فكما للأرواح عبادة فللأجساد أيضا عبادة

فالجبهة تلتصق بالأرض في قمة الذل و الخضوع الذي لا ينبغي إلا للمولى عز وجل

و العيون تدمع من خشيته أو حتى شوقا إليه

و اللسان يتلفظ بالدعاء و الذكر

و اليدين ترتفع بالدعاء

و القدمان تطوف و تسعى في الحج و العمرة

أليس كل ذلك ظاهرا ؟؟؟!!!

لا يحتاجه رب العالمين

فنحن من نحتاج لتلك العبادات

الجانب الجسدي فينا يحتاجها

لذا فالتضرع لا يتم فقط بعكوف القلب

و انما بمظاهر التضرع كالبكاء و رفع الأيدي و تلفظ اللسان

نحن من نحتاج لذلك و نحتاج لإظهاره لأنفسنا و ليس لربٍ يعلم السر وأخفى

و ليس بالطبع مراءاة للناس حتى يرون أننا متدينون!!!!

معك بكل تأكيد في ضرورة نبذ مظاهر التدين الزائف من حركات و لباس و ألفاظ

فهي للأسف باتت مقياسا للتدين حاليا!!!

نقطة أخرى في الخوف والرجاء

أردت أن أوضحها

فأنا أراهما قمة الحب و ليس فيهما أي حيوانية

ألا تخف أن تفقد وصلك بالحبيب ؟؟؟

ألا ترجو وصله و القرب منه؟؟؟

هذا هو مفهوم الخوف و الرجاء عندي

أشكرك على المساحة

تحياتي واحترامي

:clappingrose:

أعد شحن طاقتك

حدد وجهتك

و اطلق قواك

رابط هذا التعليق
شارك

9527261.jpg

(16)

أحدق في الأرض بعقلها الطيني وأقشعر وأنا أواجه الخطر مرة أخرى

كان يمكن أن أغرق وأن أضيع في الجذور التي تشرب الطمي بسعادة

كان يمكن أن أتحطم داخل جلد الحيوان الضخم هذا

أو أترنح إلى الأبد داخل دماغ الأسلاف القدامى المظلم والدامي

لكني نجوت. عبرت النباتات ذات اللحاء السميك. عبرت الأسماك والطيور والوحوش. وصرت إنسانا

لقد صرت إنسانا والآن أكافح لكي أتركه خلفي

"لا شيء يسعني. لا شيء يسعني. أريد أن أنعتق"

هذه الصرخة ظلت لدهور طويلة تسحق وتثمر داخل أحشاء العالم

تقفز من جسد لجسد، ومن جيل لجيل، ومن نوع لنوع

في كل مرة تصير أكثر قدرة على الالتهام، وأكثر قوة

كل الأباء يصيحون "أريد أن أنجب ابنا يتفوقني"

(17)

مواساتنا وعرفاننا بالجميل وتقديرنا لرفاقنا القدامى في معركتهم

لقد عملوا وأحبوا وماتوا لكي يفتحوا لنا الطريق لنعبر عليه

نحن مثلهم، داخل الشهوة نفسها، في اللهفة وفي البلبلة

نعمل لشخص آخر سيتقدم خطوة إلى الأمام مع كل فعل شجاع نقوم به

إن كفاحنا سيكون له هو الآخر أيضا هدف أعلى

إذ سيأتي من بعدنا من سيستخدم جهودنا وتعاستنا وجرائمنا ويقدسها

(18)

كأن هذه الحياة مشهد مصيدة خالدة لزوج غير مرئي

يطارد الخلود من جسد إلى جسد

يطارد الزوجة التي لا يمكن ترويضها

ونحن، كل المدعوين لحضور حفل مراسم الزواج، نباتات وحيوانات وبشر

نقفز مرتجفين أمامبيت الزوجية

كل فرد منا يحمل برهبة رموز الزواج المقدسة

البعض يحمل الذكر

والبعض الآخر يحمل الرحم

(19)

الدرع والشكل الأكثر قوة للنظرية هو الممارسة

الممارسة ليست أن ترى فحسب كيف تقفز الشرارة من جيل إلى آخر

وإنما أن تقفز وتحترق معها

الممارسة هي البوابة الكبرى للخلاص

وهي الوسيلة الوحيدة التي تستطيع الإجابة على أسئلة القلب

فداخل أبعاد العقل المعقدة الكثيرة الالتواء تجد الممارسة أقصر الطرق

إنها لا تجد ولكنها تنشئ أقصر الطرق

وهي تقاطع يمنة ويسرة مقاومة المنطق والمادة

لماذا ناضلت خلف الظواهر لاصطياد اللامرئي؟

لماذا كل هذه المسيرة الحربية والعشقية عبر جسدك، وعبر السلالة، وعبر الإنسان والحيوان والنبات؟

لماذا يجري الزواج السري خلف هذه النضالات الشاقة، والاحتضان الكامل والوصل الباخوسي وسط النور وتحت أجنحة الظلام؟

لقد كافحت لتصل إلى حيث بدأت..إلى النقطة الحالية الغامضة والنابضة لوجودك الراهن

بعيون جديدة وبمذاق وشم ولمس جديد، بعقل جديد

(20)

يجب أن نحس بأننا لا نتقدم من وحدة إلهية إلى الوحدة الإلهية نفسها

فنحن لا نسير من فوضى إلى فوضى أخرى، ولا من ضوء إلى ضوء آخر، ولا من ظلام إلى ظلام آخر

لأنه إذا كان هذا سبيلنا، فما قيمة حياتنا هذه، بل وما قيمة الحياة كلها؟

لكننا نسير من فوضى كلية القدرة، ومن هاوية سرمدية غليظة من الضوء والظلام

ونكافح جميعا : نباتات وحيوانات وبشرا وأفكارا في ممر البرهة الصغيرة العابرة لحياتنا الفردية

لكي نضبط بداخلنا إيقاع الفوضى وننقي الهاوية ونصنع داخل أجسادنا أكبر قدر من الظلام فنحيله ضوء

إنا لا نناضل من أجل أنفسنا، ولا من أجل عرقنا، ولا من أجل الإنسانية

إنا لا نناضل من أجل الأرض، ولا من أجل الأفكار، لأن كل ذلك لا يعدو كونه درجات

درجات مؤقتة وعزيزة من سلم الإله الذي يصعد

وهي درجات تتحطم حال أن يطأها الإله أثناء صعوده

في حياتنا التي تمر قصيرة كلمح البرق نحس بالإله يطأنا

ثم ندرك فجأة لو تتملكنا رغبة هائلة وننظم كل القوى المرئية واللامرئية لندفعها إلى أعلى

لو أننا نناضل مجتمعين ونظل دائما جنودا ساهرين فلربما تمكنا من إنقاذ الكون

لكن نضالنا قد يذهب هدرا إذا ما تقاعسنا

ولو أدركنا الخوف أو تملكنا الذعر فإن الكون كله سيصبح في خطر

رابط هذا التعليق
شارك

صديقي أثر الطائر

ربما لفتت نظري إلى اشكالية كبيرة و نقطة توقفت عندها فعلا

ربما لفظي دل على ما قصدته أنت

و هو بالتأكيد ما لم أقصده نهائيا

نعم طبعا الله تعالى يعلم السر و أخفى

و هو أيضا طالبنا بأداء حركات ظاهرة كالصلاة مثلا

فهي حركات ظاهرة

فهناك عبادات سرية و عبادات جهرية

و إلا كان الأولى أن نؤدي الصلاة بالقلب فإنه سبحانه مطّلع على القلوب!!!

فالله تعالى خلقنا جسدا و روحا

فكما للأرواح عبادة فللأجساد أيضا عبادة

فالجبهة تلتصق بالأرض في قمة الذل و الخضوع الذي لا ينبغي إلا للمولى عز وجل

و العيون تدمع من خشيته أو حتى شوقا إليه

و اللسان يتلفظ بالدعاء و الذكر

و اليدين ترتفع بالدعاء

و القدمان تطوف و تسعى في الحج و العمرة

أليس كل ذلك ظاهرا ؟؟؟!!!

لا يحتاجه رب العالمين

فنحن من نحتاج لتلك العبادات

الجانب الجسدي فينا يحتاجها

لذا فالتضرع لا يتم فقط بعكوف القلب

و انما بمظاهر التضرع كالبكاء و رفع الأيدي و تلفظ اللسان

نحن من نحتاج لذلك و نحتاج لإظهاره لأنفسنا و ليس لربٍ يعلم السر وأخفى

و ليس بالطبع مرآة للناس حتى يرون أننا متدينون!!!!

معك بكل تأكيد في ضرورة نبذ مظاهر التدين الزائف من حركات و لباس و ألفاظ

فهي للأسف باتت مقياسا للتدين حاليا

أشكرك على المساحة

تحياتي واحترامي

:clappingrose:

شكرا لهذا التوضيح والنقاش المفيد يا صديقتي الفاضلة

وأتسائل مجددا :

"إظهاره لمن؟"

إذا كنا سنظهر الخشوع لـ"أنفسنا" بمعنى الآخرين فهذا إدعاء ونفاق مكروه أصلا في الدين كما ذكرت والأولى هنا هو الإخفاء وليس الإظهار حتى يكون ما نفعل خالصا لوجه الله

أما لو كان المقصود من "أنفسنا" هو أن يظهر الواحد خشوعه لنفسه كما تفضلت وأوضحت..فهذا أمر يختلف ويحتاج أيضا للتساؤل :

"هل يحتاج للظهور ما هو ظاهر في أصله؟"

يعني إذا كنت أشعر فعلا بالخشوع والافتقار والحاجة لله فبماذا يفيد إظهارها؟

أعتقادي أنه لا يفيد شيئا

أما طقوس العبادة (كالصلاة والصوم والحج) وحركات الجسم الظاهرة فيها فلا مماثلة بينها وبين (إظهار الخشوع للنفس) من أي وجه

فالحكمة من طقوس العبادة الحركية هي أن يدخل المؤمن بكليته في العبادة لله : روحا وجسما، ظاهرا وباطنا

طقوس العبادة الحركية تيسر للمتعبد الاستغراق في حال العبادة

وليس المقصود بها أن "يتعبد الجسم" فالجسم مادة وجماد لا يعقل ولا يتعبد ولا تؤثر فيه العبادة ولكن تؤثر العبادة في الروح والنفس

وهدف العبادة (بطقوسها الروحية والحركية) هو أصلا الوصول إلى الخشوع

فإذا وجد الخشوع فما الحاجة إلى الإظهار؟!

لا شيء طبعا

وإذا حاولنا تطبيق الحركية في العبادة على أمر ك"إظهار" الخشوع وجدنا أمرا مستغربا :

فوجود الخشوع والإحساس بالعبودية وبجلال الله هو أصلا استغراق ومعنى وجوده هو أن المؤمن مستغرق في الله..فبماذا يفيد إظهاره للنفس إذن؟!

لن تستفيد النفس المزيد من الاستغراق طبعا كما يحدث في العبادات

هذا طبعا والله أعلم وأجلّ

 

رابط هذا التعليق
شارك

صديقي أثر الطائر

ربما لفتت نظري إلى اشكالية كبيرة و نقطة توقفت عندها فعلا

ربما لفظي دل على ما قصدته أنت

و هو بالتأكيد ما لم أقصده نهائيا

نعم طبعا الله تعالى يعلم السر و أخفى

و هو أيضا طالبنا بأداء حركات ظاهرة كالصلاة مثلا

فهي حركات ظاهرة

فهناك عبادات سرية و عبادات جهرية

و إلا كان الأولى أن نؤدي الصلاة بالقلب فإنه سبحانه مطّلع على القلوب!!!

فالله تعالى خلقنا جسدا و روحا

فكما للأرواح عبادة فللأجساد أيضا عبادة

فالجبهة تلتصق بالأرض في قمة الذل و الخضوع الذي لا ينبغي إلا للمولى عز وجل

و العيون تدمع من خشيته أو حتى شوقا إليه

و اللسان يتلفظ بالدعاء و الذكر

و اليدين ترتفع بالدعاء

و القدمان تطوف و تسعى في الحج و العمرة

أليس كل ذلك ظاهرا ؟؟؟!!!

لا يحتاجه رب العالمين

فنحن من نحتاج لتلك العبادات

الجانب الجسدي فينا يحتاجها

لذا فالتضرع لا يتم فقط بعكوف القلب

و انما بمظاهر التضرع كالبكاء و رفع الأيدي و تلفظ اللسان

نحن من نحتاج لذلك و نحتاج لإظهاره لأنفسنا و ليس لربٍ يعلم السر وأخفى

و ليس بالطبع مرآة للناس حتى يرون أننا متدينون!!!!

معك بكل تأكيد في ضرورة نبذ مظاهر التدين الزائف من حركات و لباس و ألفاظ

فهي للأسف باتت مقياسا للتدين حاليا

أشكرك على المساحة

تحياتي واحترامي

:clappingrose:

شكرا لهذا التوضيح والنقاش المفيد يا صديقتي الفاضلة

وأتسائل مجددا :

"إظهاره لمن؟"

إذا كنا سنظهر الخشوع لـ"أنفسنا" بمعنى الآخرين فهذا إدعاء ونفاق مكروه أصلا في الدين كما ذكرت والأولى هنا هو الإخفاء وليس الإظهار حتى يكون ما نفعل خالصا لوجه الله

أما لو كان المقصود من "أنفسنا" هو أن يظهر الواحد خشوعه لنفسه كما تفضلت وأوضحت..فهذا أمر يختلف ويحتاج أيضا للتساؤل :

"هل يحتاج للظهور ما هو ظاهر في أصله؟"

يعني إذا كنت أشعر فعلا بالخشوع والافتقار والحاجة لله فبماذا يفيد إظهارها؟

أعتقادي أنه لا يفيد شيئا

أما طقوس العبادة (كالصلاة والصوم والحج) وحركات الجسم الظاهرة فيها فلا مماثلة بينها وبين (إظهار الخشوع للنفس) من أي وجه

فالحكمة من طقوس العبادة الحركية هي أن يدخل المؤمن بكليته في العبادة لله : روحا وجسما، ظاهرا وباطنا

طقوس العبادة الحركية تيسر للمتعبد الاستغراق في حال العبادة

وليس المقصود بها أن "يتعبد الجسم" فالجسم مادة وجماد لا يعقل ولا يتعبد ولا تؤثر فيه العبادة ولكن تؤثر العبادة في الروح والنفس

وهدف العبادة (بطقوسها الروحية والحركية) هو أصلا الوصول إلى الخشوع

فإذا وجد الخشوع فما الحاجة إلى الإظهار؟!

لا شيء طبعا

وإذا حاولنا تطبيق الحركية في العبادة على أمر ك"إظهار" الخشوع وجدنا أمرا مستغربا :

فوجود الخشوع والإحساس بالعبودية وبجلال الله هو أصلا استغراق ومعنى وجوده هو أن المؤمن مستغرق في الله..فبماذا يفيد إظهاره للنفس إذن؟!

لن تستفيد النفس المزيد من الاستغراق طبعا كما يحدث في العبادات

هذا طبعا والله أعلم وأجلّ

يبدو أنك قمت بالرد و لم تنتبه لاضافتي على مداخلتي في نظرتي لمفهوم الخوف والرجاء

و لكن دعني أرد على مدى جدوى اظهار العبادة للنفس

فأعذرني

الناس ليسوا سواء

فهناك من يتأثر داخليا فلا يحتاج لرؤية مظاهر خارجية

و هناك من يتأثر بالسمع و هناك من يتأثر بالنظر

هناك من يتأثر من ألفاظ الدعاء أو الذكر الذي يردده فيوقظ في نفسه الخشية

و هناك من يتأثر بالنظر

فعندما يكون في المسجد مثلا فإن منظر المسجد و المصلين من حوله قد توقظ فيه مشاعر توصله للخشوع

و عليه فما يناسبك ليس بالضرورة يناسب غيرك

و بالطبع من يتأثر باطنيا يرى ألا ضرورة لغير التفكير الباطني للوصول إلى الخشوع المطلوب

أرجو أن أكون أوضحت قصدي هذه المرة

نقطة مهمة

لم أكن لأفلتها

قلت أن الجسد جماد لا يعقل

و استغربت من وصفك

فهو كذلك عند الموت

و لكن حال الحياة

فهو ممتزج بالروح و العقل

و لا يمكن اعتباره جمادا لا يعقل

فكيف سيشهد علينا إذن؟؟؟!!!

( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

أعد شحن طاقتك

حدد وجهتك

و اطلق قواك

رابط هذا التعليق
شارك

يبدو أنك قمت بالرد و لم تنتبه لاضافتي على مداخلتي في نظرتي لمفهوم الخوف والرجاء

و لكن دعني أرد على مدى جدوى اظهار العبادة للنفس

فأعذرني

الناس ليسوا سواء

فهناك من يتأثر داخليا فلا يحتاج لرؤية مظاهر خارجية

و هناك من يتأثر بالسمع و هناك من يتأثر بالنظر

هناك من يتأثر من ألفاظ الدعاء أو الذكر الذي يردده فيوقظ في نفسه الخشية

و هناك من يتأثر بالنظر

فعندما يكون في المسجد مثلا فإن منظر المسجد و المصلين من حوله قد توقظ فيه مشاعر توصله للخشوع

و عليه فما يناسبك ليس بالضرورة يناسب غيرك

و بالطبع من يتأثر باطنيا يرى ألا ضرورة لغير التفكير الباطني للوصول إلى الخشوع المطلوب

أرجو أن أكون أوضحت قصدي هذه المرة

نقطة مهمة

لم أكن لأفلتها

قلت أن الجسد جماد لا يعقل

و استغربت من وصفك

فهو كذلك عند الموت

و لكن حال الحياة

فهو ممتزج بالروح و العقل

و لا يمكن اعتباره جمادا لا يعقل

فكيف سيشهد علينا إذن؟؟؟!!!

( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

تماما يا أستاذة عبير..هو كما قلت..

أتفق معك في أن الناس ليسوا سواء..خلق الله الناس درجات

كذلك فإيمان الناس ليس سواء..وإيمان الناس مثلهم أيضا درجات

وبذلك نعود إلى طرحي الأول :

هناك مراتب ودرجات للإيمان

والخوف والرجاء هو المرتبة الأولى (يصح أن نقول البدائية) من مراتب الإيمان

لكن الإيمان النقي والسليم والقوي والعميق والحقيقي بالله هو إيمان مجرد بوجود الله وكونه الخالق..إيمان ليس من أجل مكافأة ولا خوفا من عقوبة..إيمان ناتج عن رسوخ الاعتراف بالألوهية وغير مرتبط بخوف ولا طمع..

هناك محاجاة رديئة وقديمة يرددها الأفاضل الأصوليين وهي تخاطب ملحدا فتقول له :

إذا لم تؤمن بالله وأتضح أنك مخطئ دخلت النار وحاق بك العذاب الأبدي

أما لو آمنت بالله وأتضح أنك مخطيء وليس هناك إله إذن ليس هناك جنة ونار ولا يتهددك شيء!!

هل سمعت من قبل بمنطق على هذه الدرجة من القبح؟!!

إلى هذا الحد وأكثر يا صديقتي يمكن أن تهان قضية الإيمان أصوليا، فتصبح قضية نفعية صرف لا علاقة لها بالإيمان الحقيقي بخالق هذا الكون ومدبره، وخالق الإنسان ومصوره

إيمان الخوف والرجاء لا غبار عليه إذا كان مرتبطا بالإيمان المسبق بوجود الله

أما لو أتى على هذا المنحى من النفعية و"الانتهازية" والطمع الخالص أو الخوف الخالص فهو ليس بإيمان أصلا..أليس كذلك؟

..

النقطة الأخيرة الخاصة بالجسد والجمادات عموما

فهي كلها - كجمادات - ليست مكلفة

وهي ليست مكلفة لأنها لا تعقل

وإذا كان جسد الإنسان يعذب في جهنم فالمقصود بتعذيب الجسد ليس الجسد ولكن ما يحويه من نفس وروح إنسانية

وإذا شهدت علينا أجسادنا فهذا لا يعني أن للأجساد عقل به ذاكرة..لكنها معجزة من الله

معجزة لا يدري أحد كيفيتها ولا كيف ستقع

فليس معنى أن الأجساد ستنطق أن ذراع الإنسان الذي ضرب أو سرق به مثلا سينبت فيه عقل أو فم يتحدث به!!

وحتى لو كان ذلك سيحدث فسيحدث في الآخرة لكن الأعضاء لا تعقل حقيقة

نحن نجهل كيفية حدوث ذلك بحكم محدودية عقولنا

واللفظ القرآني يخاطب عقولنا المحدودة بلغتنا المحدودة

ويوصل إلينا الحقائق بقدر ما يمكن أن تطيقها أو تقبلها عقولنا

لكن لا يمكننا أن نتصور مهما حاولنا كيف يمكن أن يقع ذلك أو نرتب نتائج عليه؟

ليس معنى القول القرآني أن الجسد أو الذراع أو القدم يعقل أو يتذكر شيئا فالخبرة والعقل والعلم والمنطق والقرآن الكريم نفسه ينفي عن الجماد والحيوان كل هذه المعاني

تحية وتقديرا

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 2
      برنامج مجالس الصائمين يذاع كل يوم على الفضائية المصرية الساعة الرابعة مساء و يستغرق ساعة   امس تناول زراعة الاعضاء و التبرع بالاعضاء البرنامج للاستاذ عصام بكري يحاور فيه الدكتور سعد الدين الهلالي عن الجديد في العلم و موقف الفقهاء من الجديد في العلم و كان يناقش امس العلاج الجيني و اليوم ناقش مرض الإيدز  و ان ليس له علاقة بالممارسات الجنسية و ان نسبة مرضى الايدز الذين بهم شذوذ احصائيا  نصف بالمائة
    • 43
      أحببت أن أبدأها بموسيقى الموسيقار عمر خيرت و إلى حضراتكم مقطوعة الأيام http://www.youtube.com/watch?v=paCd63lLhsA
    • 8
      في بيت أمي جديد - محمود درويش في بيت أُمِّي صورتي ترنو إليّ ولا تكفُّ عن السؤالِ: أأنت، يا ضيفي، أنا؟ هل كنتَ في العشرين من عُمري، بلا نظَّارةٍ طبيةٍ، وبلا حقائب؟ كان ثُقبٌ في جدار السور يكفي كي تعلِّمك النجومُ هواية التحديق في الأبديِّ... [ما الأبديُّ؟ قُلتُ مخاطباً نفسي] ويا ضيفي... أأنتَ أنا كما كنا؟ فمَن منا تنصَّل من ملامحِهِ؟ أتذكُرُ حافرَ الفَرَس الحرونِ على جبينكَ أم مسحت الجُرحَ بالمكياج كي تبدو وسيمَ الشكل في الكاميرا؟ أأنت أنا؟ أتذكُرُ قلبَكَ المثقوبَ بالناي القديم
    • 8
      هو شاعر رائع من صعيد مصر محمد عزت الطيري (مصر). ولد عام 1953 بنجع حمادي بصعيد مصر. حاصل على بكالوريوس الزراعة من جامعة أسيوط, ودبلوم الدراسات العليا في التربية. بدأ في كتابة الشعر مبكراً وهو تلميذ في المرحلة الإعدادية ونشر أولى قصائده في نهاية المرحلة الثانوية. بدأ النشر في المجلات العربية منذ السبعينيات وضاعف النشر منذ أوائل الثمانينيات فنشر في مجلات الدوحة والعربي وإبداع والشعر والكاتب والثقافة والهلال والمجلة العربية والحرس الوطني والبيان والكرمل والناقد والكويت. يعمل
    • 4
      اعتز و افخر كثيرا بقارئي القرآن المصريون و اعتبرهم بدون ذرة شك خير واعذب قارئي القرآن على كوكب الأرض في القرن العشرين على الأقل امثال سيد القراء مولانا الشيخ محمد رفعت رحمة الله عليه و الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمة الله عليه و الشيخ مصطفى اسماعيل رحمة الله عليه و الشيخ المنشاوي رحمة الله عليه و الكثيرين و سأحاول و انتم كذلك وضع روابط لبعض التلاوات لمشايخنا المصريين العظام رحمة الله عليهم اجمعين و اولهم رابط للشيخ عبد الباسط عبد الصمد و هو يتلو سورة الضحى و يكاد يبكي من خشية الله تلا
×
×
  • أضف...