اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

في ذكري عامين من قيامها - انتفاضة الأقصى في خطابنا الإعلامي


Recommended Posts

بقلم : د‏.‏ أحمد صدقي الدجاني

من حق انتفاضة الأقصى علينا، وهي تتعرض في شهرها الرابع والعشرين إلى أشد صور العنت وأسوأ أساليب التشكيك فيها‏، أن نستذكر ما حققته من نتائج باهرة على صعيد كل من العدو الصهيوني وقوى الهيمنة الأمريكية والبريطانية، موجدته وداعمته‏، وأن نستثمره في خطابنا الإعلامي العربي الموجه إلى جبهة الأعداء بغية اختراقها، فهذا هو إحدى صور احتفالنا بمضي عامين كاملين على بدئها‏.‏

فأما ما تتعرض له الانتفاضة من صور العنت هذه الأيام، فيكفي أن نستحضر فصول الاجتياح العسكري للمدن والقرى الفلسطينية المتتالية يومياً، وما تتضمنه من قتل وتدمير وهذا الحصار المستمر منذ شهور لأهلنا فيها‏.‏

وأما أساليب التشكيك في جدوى الانتفاضة، فتتمثل في توظيف إرهاب الدولة الإسرائيلي هدفاً لإخضاع الشعب وتركيعه، بزعم أن المقاومة لم تحقق له ما يريد، وبتكرار التأكيد الصهيوني أن التسليم الفلسطيني للأمر الواقع يجب أن يسبق أي حديث عن التسوية،كما تتمثل في فرض وإملاء تصريحات ومواقف على نفر من أبناء فلسطين تطالب بإيقاف العنف بزعم أنه لم يجد وتسمي الاستشهاد الذي هو أعلى مراتب الجهاد انتحاراً، وقد شهدت الشهور الماضية أمثلة على هذه التصريحات والمواقف المملاة، التي نجح العدو في استدراج هذا النفر إليها، ومنها عريضة جرى توقيعها تدين العمليات الاستشهادية، وآخرها ما نسب للواء عبد الرزاق اليحيا المعين للأمن الداخلي في سلطة الحكم الذاتي في صحيفة "إسرائيلية‏".‏

إن ما حققته انتفاضة الأقصى من نتائج باهرة على صعيد مواجهتنا للكيان "الإسرائيلي"، يتضمن قائمة طويلة تتصل بجوانبه العقيدية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يمكن إيجاز محصلتها بجملة واحدة هي أن الانتفاضة هذه هزت أركانه هزاً وزلزلت الكيان زلزلة، وليس هذا الرأي مقصوراً على ذوي البصيرة منا فحسب، بل هو رأي رموز صهاينة عبر عنهم رئيس الأركان الإسرائيلي حين صرح بأن الحرب "الإسرائيلية" الراهنة هي أخطر حروب "إسرائيل"، لأن الانتفاضة تهدد وجود الكيان نفسه، ولا ننوي في هذا الحديث تفصيل هذه القائمة الطويلة، متطلعين إلى أن يقوم بذلك إعلامنا العربي بمناسبة حلول ذكرى انطلاق الانتفاضة يوم‏ 9/28‏ ومضي عامين كاملين عليها‏.‏

كذلك فإن ما حققته الانتفاضة من نتائج باهرة على صعيد مواجهتنا للإدارة الأمريكية وللحكومة البريطانية حليفتها، يتضمن هو الآخر قائمة طويلة يمكن إيجاز محصلتها بأن الانتفاضة أسهمت بفعالية في تعبئة القوي المقاومة للعولمة والمتوحشة التي أوحت بمقاومتها السياسة الأمريكية وفرضت عليها التوجه مباشرة لمراجعة سياستها وما هذا الحديث عن عقد مؤتمر أمريكي لدراسة أسباب الكراهية لأمريكا، إلا مثل من أمثلة كثيرة، ونتطلع إلى أن تعنى مراكزنا البحثية بحصر هذه النتائج ونشرها، وأن يتولى إعلامنا تعميمها‏.‏

ما نود التركيز عليه في هذا الحديث هو استثمار هذه النتائج الباهرة وتوظيفها في خطابنا الإعلامي، الموجه إلى كل من الكيان "الإسرائيلي" والإدارة الأمريكية، وقبلهما إلى النفس والنفس هنا هي نحن أبناء الأمة العربية المستهدفين بهذا العدوان الأثيم الصارخ الذي تشنه علينا قوات الاحتلال‏.‏

خطابنا للنفس يشمل أولئك الميامين من أهلنا الشعب العربي الفلسطيني في وطنه المحتل فلسطين، وهم قالوا لنا وللعالم أجمع بانتفاضتهم العظيمة على مدى عامين، إنهم عازمون على تحرير فلسطين والقدس، وإنهم متمسكون بالمقاومة بمعناها الواسع وبأبعادها كلها سبيلاً لذلك، وأنهم موطنون أنفسهم على الصبر على جرائم العدو، ولديهم مخزونهم من الصمود يتجدد باستمرار، وأنهم مدركون ما فعلته انتفاضتهم في كيان المستعمر المستوطن هزاً لأركانه، وأنهم ملتحمون بأمتهم واثقون بمشاعر إخوتهم، مقدرون ما تجلى من تعبيرات عن هذه المشاعر على المستوى الشعبي عارفون بحال المستوى الرسمي العربي الراهن ومتوقعون نهوضه‏.‏

إن هذا الذي قالوه لنا هو ما تقوله غالبية أبناء الأمة في الدائرتين القومية والحضارية من النفس والثقة بأن خطابنا الإعلامي لأنفسنا سوف يستمر في هذا الاتجاه، داعياً بالإقناع من أصابهم اليأس فخضعوا بالقول لمنطق العدو وجاهروا بالحديث عن إيقاف المقاومة المسلحة، إلى مراجعة، وصولاً إلى كلمة سواء تجمع الأمة كلها، هي أنه لا سلام في منطقتنا والعالم من حولنا مادام هناك استعمار، ولا مكان له بيننا، ذلك ما يؤكده الصراع القائم معه وتجارب التاريخ!

ونقول لهم أيضاً، إن هناك مدى قصيراً في الصرع تتبلور فيه أهداف مرحلية، ولكن ذلك لا ينبغي أن يجعلنا غافلين على المدى المتوسط للصراع لأن تحقيق الأهداف المرحلية لا ينهيه، وهذا يعني أن يأخذ خطابنا الإعلامي هذا المدى المتوسط، وكذلك مناهجنا التربوية في بيوتنا ومدارسنا، وبمنطلق أنه لا مكان للاستعمار الاستيطاني في وطننا إذا أردنا حقيقة استتباب السلام، وأن لدينا رؤية واضحة كنور الصبح للحل الصحيح لهذا الصراع نطرحه على العالم واليهود وقوي الهيمنة بخاصة‏.‏

خطابنا الإعلامي لليهود يستثمر ما حققته انتفاضة الأقصى على صعيدهم، وما وجهته من رسائل لهم، ونبدأ باليهود في أوطانهم في دول كثيرة من عالمنا‏.‏

نقول لهم أنتم مواطنون في هذه الدول تحملون جنسياتها وتدينون باليهودية التي هي دين وليست قومية، وقد وضعتكم الحركة الصهيونية التي هي صناعة قوي هيمنة غربية هدفاً لها لتعمل على تهجيركم بأساليب شتى من أوطانكم إلى الكيان الاستعماري الاستيطاني، الذي أوجدته قوي الهيمنة الغربية تلك في فلسطين، وها أنتم ترون بأعينكم أن المزاعم الصهيونية بتوفير الأمن والرخاء لكم باطلة، فالصراع مع أصحاب الحق دخل قرناً ثانياً، وتأكد من خلال مساره أن قوى الهيمنة والصهيونية جعلت أفراد الكيان الإسرائيليين وقوداً في حربها في المنطقة لخدمة مصالحها، كما حدث في العدوان الثلاثي عام‏ 1956،  وهذا يدعوكم إلى عدم الوقوع في حبائل هذه القوى والانسياق في مخططاتها لتهجيركم، ومن ثم يدعوكم إلى نبذ الصهيونية والتمسك بمواطنتكم، ويدعوكم كذلك إلى إدراك خطر قانون العودة "الإسرائيلي" عليكم وتواطؤ حكوماتكم مع هذا القانون، ونحن أبناء الحضارة العربية الإسلامية ندرك انتماء أكثركم للحضارة الغربية، ونستحضر إسهامكم في إقامتها، ونقدر مواقف بعضكم الشجاعة في إعلان ذلك والجهر به‏.‏

نأتي إلى يهود الكيان ، الذين حولتهم الصهيونية إلى مستعمرين مستوطنين، فنقول لهم لقد وقعتم في فخ الصهيونية وقوي الهيمنة، فغدوتم مستعمرين مستوطنين تحتلون أرض شعب وتشاركون في إخراجه من دياره، وأنتم مدعوون لاستحضار جميع تجارب الاستعمار الاستيطاني الأوروبي في عالمنا، والتأكد أن جميع قلاعها تهاوت أمام نضال الشعوب صاحبة الحق، ونحن نعلم أن وقوعكم في الفخ جاء بفعل تآمر بين اليهود وقوى الهيمنة عمد إلى تهجيركم من أوطانكم، وأنتم مدعوون إلى أن تستذكروا موجات التهجير هذه والأساليب التي اعتمدت فيها، سواء تلك المتبعة مع الأوروبيين منكم، أو التي اتبعت مع المنتمين لحضارتنا العربية الإسلامية.‏

لقد آن الأوان في ضوء أحداث قرن من الصراع، أن تراجعوا أوضاعكم، وسوف تصلون إلى أن السلام العادل يقتضي بداية أن تنبذوا الصهيونية وترفضوا مقولاتها التي تخالف دينكم اليهودي، وانتماءاتكم الحضارية، فأما الغربيون فأوطانهم موجودة، وهي مفتوحة لعودتهم إليها، وقد باشر بعضكم هذه العودة ممن حافظوا على جنسياتهم الغربية مع حملهم جنسية الكيان "الإسرائيلي"، وهؤلاء يعدون بعشرات الآلاف خلال عامي الانتفاضة،كما تزايدت طلبات لجوء بعض آخر إلى دول أوروبية‏.‏ والمجال مفتوح أمام من ينبذ الصهيونية وينتمي إلى الحضارة العربية الإسلامية أن يكون مواطناً في دولة فلسطين المحررة‏.‏ وأما الشرقيون منكم، فإن لهم أن يعوا انتماءهم الحضاري ويطهروه من أي خبث صهيوني، ليبقوا في دائرتهم الحضارية ويعيشوا كما عاش أسلافهم على مدى ثلاثة عشر قرناً متصلة، ووضوح الرؤية في هذا الحل سوف ينظم تفاصيل التنفيذ ويذلل صعوبات قائمة‏.‏

إن الوقت مناسب للمضي في هذا الطريق في هذه الفترة بالذات، التي ظهرت فيها نذر تدهور قوى الهيمنة والطغيان في عصر الثورة العلمية التقنية ويقينا ًفإن هذه القوى ستكون مضطرة أمام قوي التحرير في عالمنا ومقاومة الطغيان إلى المراجعة والتخلي عن الاستعمار الاستيطاني الصهيوني كي تنجو بنفسها، وأننا نقدر بوادر ظهرت في أوساطكم داخل الكيان "الإسرائيلي" ، جاهرت بنقد العنصرية الصهيونية وجرائمها وفضحت مخططات قوى الهيمنة‏.‏

إن هذا الخطاب الإعلامي العربي بنشره في ساحتنا على صعيد النفس، وفي ساحة اليهود داخل أوطانهم في العالم، وفي الكيان "الإسرائيلي" الصهيوني العنصري، هو إسهام في الاحتفال بمضي عامين على انتفاضة الأقصى وتوظيف لما حققته، وتبقى ساحة قوى الهيمنة والطغيان في دائرة الحضارة العربية وخطابنا الإعلامي الموجه لها، وهذا له حديث آخر، وشعارنا مقاومة حتى التحرير‏.

المصدر :  الأهرام 28 /9/2002

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...