اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

بكل الحزن أنعي مفكرنا العملاق د.أنيس صايغ


Recommended Posts

رحيل المفكر والباحث الفلسطيني الكبير

د. أنيس صايغ

في عمان

دمشق

صحيفة تشرين

الأحد 27 كانون الأول 2009

انتقل إلى رحمته تعالى في عمان يوم أمس المفكر والباحث الفلسطيني الكبير د. أنيس صايغ, أحد بناة مركز الأبحاث الفلسطيني, ومن كبار المدافعين عن القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين بكامل ترابهم الوطني على امتداد ثمانين عاماً.

ولد أنيس صايغ في 3/11 من عام 1931 في طبريا. بدأ دراسته بمدينته وأنهى الثانوية سنة 1949 في مدرسة الفنون الإنجيلية في صيدا التي انتقل إليها بعد الاحتلال الصهيوني لمدينة طبريا. نال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية والتاريخ سنة 1953 من الجامعة الأمريكية في بيروت, حصل على الدكتوراه من جامعة كامبردج في العلوم السياسية والتاريخ العربي, عين مديراً عاماً لمركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت, فرئيساً لقسم الدراسات الفلسطينية في القاهرة. ‏

حقق انجازات مهمة وكبيرة كإنشاء مكتبة ضخمة, وإصدار اليوميات الفلسطينية ومجلة شؤون فلسطينية.

en001.jpg

عمل عميداً لمعهد البحوث والدراسات العربية التابعة للجامعة العربية, اشرف على إصدار مجلة المستقبل العربي وقضايا عربية, كما عمل مستشاراً لجريدة القبس الكويتية, فأنشأ لها مركزاً للمعلومات والتوثيق. وهو صاحب فكرة وضع الموسوعة الفلسطينية. ‏

عين عام 1980 في جامعة الدول العربية كمستشار للأمين العام, وكرئيس لوحدة محلات الجامعة. ‏

تابع بدأب من خلال الدراسات الموثقة أكاديمياً قضايا العدو إلى جانب المؤلفات التي تتناول موضوعات القضية الفلسطينية, فكان أن حاولت (إسرائيل) اغتياله أكثر من مرة, وأبرزها كانت الرسالة المفخخة التي بترت أصابع يده وأثرت في نظره وسمعه. ‏

كما استهدفت مركز الأبحاث, بعدة اعتداءات ارهابية, كان آخرها سرقة أرشيف ومكتبة المركز في بيروت عام 1982. ‏

حصل على عدد من الجوائز منها: ‏

ـ وسام الاستحقاق السوري بمناسبة صدور مذكراته: أنيس صايغ عن أنيس صايغ, 2006. ‏

وله عدد كبير من المؤلفات منها: ‏

1 ـ لبنان الطائفي, بيروت, 1957 ‏

2 ـ الأسطول الحربي الأموي في المتوسط, بيروت 1956 ‏

3 ـ جدار العار, بيروت, 1957 ‏

4 ـ سورية في الأدب المصري القديم, 1958 ‏

بالإضافة إلى عدد من الترجمات ‏

ولقد شارك في تحرير عدد كبير من الكتب الهامة منها: ‏

1ـ الموسوعة العربية الميسرة, مؤسسة فرانكلين, القاهرة,1965 ‏

2 ـ قاموس الكتاب المقدس, مركز الأبحاث الفلسطيني, بيروت, 1967 ‏

3 ـ دراسات فلسطينية, (بالألمانية), مركز الأبحاث الفلسطيني, بيروت, 1967 ‏

إضافة إلى ترؤسه تحرير: ‏

مجلة العلية, بيروت, 1956ـ1959 ‏

سلسلة اليوميات الفلسطينية, من المجلد 2ـ11 مركز الأبحاث الفلسطيني, بيروت 1966 ـ1970.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

"قضى حياته مدافعًا عن فلسطين بفكره وقلمه"

"حماس" تنعى إلى جماهير الأمة المناضل الفلسطيني الكبير الدكتور أنيس صايغ

[ 26/12/2009 - 08:32 م ]

Images2009_News_2009_December_26_saayegh_300_0.jpg

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام

نعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى جماهير الشعب الفلسطيني وإلى جماهير الأمة العربية المناضل الكبير والمفكر الفلسطيني الدكتور أنيس صايغ الذي وافته المنية مساء الجمعة 25 كانون الأول (ديسمبر) 2009م عن عمر يناهز 78 عامًا.

وأكدت الحركة في بيانٍ لها، تلقى "المركز الفلسطيني للإعلام" نسخة منه اليوم السبت (26-12)؛ أن الفقيد قضى حياته مدافعًا عن القضية الفلسطينية والثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني بفكره وقلمه، وتحمَّل في سبيل ذلك الكثير.

واختتمت "حماس" بيانها بالدعاء لذوي الراحل الكبير أن يلهمهم الله الصبر والسلوان.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

أنيس الصايغ: صفحات من حياة مكللة بالغار…

المحارب أنيس الصايغ: المعرفة ركن أساسي في بنيان فلسطين الغد

ولد أنيس عبد الله صايغ، ابن القس الإنجيلي عبد الله يوسف صايغ، في مدينة طبريا (بفلسطين) في 3/ 11/ 1931، وأنهى دراسته الابتدائية في المدرسة الحكومية للبنين بمسقط رأسه (1939- 1946) والثانوية في مدرسة صهيون بالقدس ثم في (مدرسة الفنون الإنجيلية) في صيدا (لبنان) التي انتقل إليها بعد الاحتلال الصهيوني لمدينة طبريا سنة 1948، والتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت (1949- 1953) فنال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية والتاريخ، وعين أستاذاً للتاريخ العربي في القسم الفرنسي بالجامعة الأمريكية (1956-1957). وأشرف على تحرير الزاوية الثقافية والتاريخية في جريدة النهار، كما عمل مستشاراً للمنظمة العالمية لحرية الثقافة.

ثم التحق بجامعة كمبردج بإنكلترا (1959- 1964) للدراسة وتخصص في دائرة الدراسات الشرقية بجامعة كمبردج (1959- 1964)، لينال شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والتاريخ العربي، وعين فيها أستاذاً في دائرة الأبحاث الشرقية، فمديراً لإدارة القاموس الإنكليزي العربي (1964- 1966).

وفي العام 1966 وصلت أنيس برقية من شقيقه، المفكر والدبلوماسي، الدكتور فايز صايغ (1922- 1980) الذي كان قد أسّس مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية أوائل عام 1965، كجهاز للبحوث والدراسات والتوثيق للتعريف بالعدو، يطلب منه العودة من إجازته في لندن للبحث مع رئيس المنظمة - آنذاك - المرحوم أحمد الشقيري في مشروع سبق أن كلّمه فيه بإصدار موسوعة فلسطينية وكان اللقاء في كيفون، لكن تحوّل اللقاء إثر استقالة فايز من منصبه إلى تعيين أنيس مكانه فشهد البحث الفلسطيني عصره الذهبي قرابة عقد.

حيث عمل في مطلع آذار 1971 إلى إطلاق المجلات فأصدر:

«شؤون فلسطينية» (1971 – 1977) وهي دورية تصدر كل شهرين باللغة العربية،

و«المستقبل العربي» (1978 – 1979) و «قضايا عربية» (1979 – 1981)

و«شؤون عربية» (1981 – 1982).

ومنذ تولى الدكتور أنيس زمام الإشراف على (مركز الأبحاث) ببيروت وهو يتحفنا بأهم المؤلفات التي تتناول موضوعات شتى عن قضية فلسطين ، وتؤكد أنه ناقد ذواقة في اختيار نفائس الكتب.

كما حقق إنجازات هامة وكبيرة كإنشاء مكتبة ضخمة، وإصدار اليوميات الفلسطينية، ونشرة رصد إذاعة (إسرائيل)، وإنشاء أرشيف كامل يحتوي على كافة الأمور التي تعني الباحثين. وتابع بدأب من خلال الدراسات الموثقة أكاديمياً قضايا العدو إلى جانب المؤلفات التي تتناول موضوعات القضية الفلسطينية.

في كتابه الأخير ، الذي حمل عنوان (أنيس صايغ يكتب عن أنيس صايغ)، الصادر عن دار رياض الريس للكتب والنشر، في بيروت، في أيار/ مايو 2006، في (534) صفحة من القطع الكبير، يضم تسع محطات رئيسة في حياة المؤلف. المحطة الأولى بعنوان (في المنبت) والمحطة الأخيرة (في التقاعد). يقدم لنا الدكتور صايغ نماذج حية من مواقفه الثابتة من قضية فلسطين والصراع العربي – "الإسرائيلي".

ولأن العدو الصهيوني لم يرض عن قيام المركز في بيروت. فقد قام بعدد من الاعتداءات الإرهابية المدمرة عليه في فترات مختلفة وعلى العاملين فيه، وفي مقدمهم مديره العام الدكتور أنيس صايغ نفسه. كان آخرها سرقة أرشيف ومكتبة المركز في بيروت عام 1982. مما ألحق بالمركز أضراراً جسيمة. وخلال 12 سنة سقطت قافلة من الشهداء، غير أن المركز واصل تحدي (إسرائيل).

يقول الدكتور أنيس: (واصلنا تحدي العدو. وكان الصمود ومتابعة المسيرة هو الرد الأقوى على المحاولات الإرهابية. ولو لم يكن عملنا يخيف العدو ويؤذيه مباشرة لما كان حرصه على إلغائنا نحن أكثر من سائر الدوائر والمؤسسات والهيئات الفلسطينية، التي أعلنت الحرب على "إسرائيل"، بمجرد قيامها وبقائها. وهكذا كنا، في المركز، ننظر إلى الاعتداءات كأوسمة شرف وكاعتراف من العدو بأننا نهدد وجوده. كنا نؤمن بأن المعركة الثقافية مع العدو هي من صميم الحرب، وهي من أمضى الأسلحة لأنها هي التي ترشد الأسلحة الأخرى وتعزز قوتها)، (ص 258).

وكان أن حاولت (إسرائيل) اغتياله أكثر من مرة، وأبرزها كانت الرسالة المفخخة التي بترت أصابع يده وأثّرت في نظره وسمعه؛ يقول د. صايغ: (إن العدو "الإسرائيلي" صمم على قتلي. وحاول ثلاث مرات. ولم ينجح)، (ص 475).

وعلى الرغم من الإنذارات التي تلقاها، كما يقول د. صايغ، إلا أنه لم يبدل نمط حياته في المركز. وبقي يزاول نشاطه كالمعتاد. ويضيف: (إلا أنه في تموز عام 1972 هزّ انفجار الرسالة الملغومة المرسلة إليه في وجهه، هزّ، الغرفة، والمبنى كله "سبعة طوابق". وعلى إثر ذلك نقل إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، حيث تولى ثلاثة أطباء اختصاصيين معروفين معالجته لمدة تسع ساعات متواصلة (ص 254 - 255)، بيد أن إذاعة العدو أعلنت، إثر الانفجار، بثلث ساعة، أن الدكتور أنيس صايغ قد مات (ص 475).

وكان الموساد "الإسرائيلي"، قد استهدف في 9/ 7/ 1972 الكاتب والصحافي غسان كنفاني في منطقة الحازمية، حيث فجرت سيارته فاستشهد مع ابنة أخته لميس على الفور.

وموقف أنيس صايغ من العدو "الإسرائيلي" كان دوماً واضحاً:

إنه موقف المحارب، ولكن بأي سلاح؟ كلنا يعلم أن سلاح أنيس لم يكن يختلف عن سلاح غسان كنفاني ووائل زعيتر وكمال ناصر وماجد أبو شرار وغيرهم من شهداء الكلمة الفلسطينية وقوافل الأدباء والكتاب ورجالات الفكر والثقافة في فلسطين.. إنه سلاح القلم والثقافة والفكر. وفي كتابه، يعيد، إلى الأذهان، إلى أنه قال للراحل ياسر عرفات، رئيس اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، بالحرف: (لقد جئت إلى المركز لأحارب "إسرائيل")، (ص 241)، ويرى أن ("إسرائيل" هي العدو الأكبر لي ولأمتي العربية)، (ص 257).

خمسون عاماً من النضال لإلغاء الكيان المغتصب:

من أبرز ما جاء فيما كتبه أنيس صايغ، عن أنيس صايغ ، وهو في الخامسة والسبعين من عمره مواقفه الثابتة والدائمة من (إسرائيل)، منذ قيامها في العام 1948 وحتى الساعة. فهذه المواقف لم تتغير، كما غير العديد من السياسيين والثوريين القدامى والمفكرين والمؤرخين وسواهم. ففي مؤلفاته العديدة لا ترد تسمية (إسرائيل) إلا بين قوسين. وهو يرفض اعتراض المعترضين لذلك، والذين يفترضون أن القوسين جهل وتجاهل لوجود (إسرائيل). هذا ويعتبر أن وجود (إسرائيل) حالة غير طبيعية وغير أصلية وغير صحيحة (ص 504).

وفي هذا السياق يقول المؤلف بالحرف: (خمسون سنة ومسعاي تحرير فلسطين أولاً وأرض العرب كلها ثانياً، لإلغاء الكيان المغتصب وعودة الشعب المقتلع وتحرير الإنسان والأرض معاً. وفي الوقت ذاته أمارس الصنعة الثقافية لتصبح المعرفة بعد التحرير ركناً أساسياً في بنيان فلسطين الغد. فالثقافة تحرر. والتحرير يثقف وهدفهما معاً معنى حضاري)، (ص 12).

ويقول في موقع آخر: (لم أقم في حياتي بعمل أو نشاط إلا وكان القلم الأداة التي تُعزي ولا تخون. فأنا لستُ إلا كاتباً، ولا أعترف بمهنة إلا مهنة الكتابة التي بقيت أحوم في سمائها وأغوص في بحار حبرها والورق).

أما عن القلم الذي التصق بأصابع أنيس صايغ حتى لكأنه منها صار شرياناً أو عصباً فقد اعترضته وقائع أليمة راحت تتحول إلى نوادر للتسلية وفكاهات للدعابة. فهو إذ يتحدث عن علاقة الثقافة بالسياسة يحيلنا إلى العلاقات بين السيد ياسر عرفات وبينه في ثلث قرن من الزمان ويترك الحكم على السيد ياسر عرفات وعلى تجربته معه للقارئ وللتاريخ بغير أن يسمح لنفسه إلا بتقديم الوقائع بما أوتي من أمانة ودقة وموضوعية وصدق. وهنا يضيف أنيس صايغ (أما أن يُعتب عليَّ بأني أنبش صفحات من الذاكرة عن عرفات بعد رحيله فأمر مردود ومرفوض، لأن هذه الصفحات جزء أساسي من تاريخ شعب وقضية وثورة. و إن تجارب المرء الشخصية حق من حقوق الأمة وتراثها الثقافي والسياسي والنضالي وليست ملكاً لفرد يستأثر بها ويتستر عليها).

وأنيس صايغ، إذ تعود به الذكريات إلى العام 1966 يقول: (كنت أجلس في صالون فندق شبرد العريق في القاهرة برفقة كبير مناضلي فلسطين وسيد شهدائها وديع حداد وفجأة دخل عدد من الرجال وولجوا المصعد بسرعة فقال لي جليسي: هل عرفت الرجل القصير الذي تقدم هؤلاء؟ أجبت: لا. فقال: إنه ياسر عرفات رئيس فتح. ثم أردف: إنه شخص خطير. احذر منه.

ولما أصبح عرفات رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية وانتقل إلى لبنان بعد مجازر الأردن، رغب سامي العلمي مدير البنك العربي في بيروت 1969 أن يعرّف أعلام الفلسطينيين في لبنان إلى رئيسهم الجديد فأقام حفل استقبال في دارته في بعلشميه، وكان الصيّاغ الثلاثة يوسف وفايز وأنيس بين المدعوين. وإذ قال نبيل شعث لياسر عرفات: أعرفك إلى الدكتور أنيس صايغ مدير مركز الأبحاث «فمدّ إليّ يده بتردد وفتور وتمتم «بتاع الشقيري؟» ومضى إلى مدعوين آخرين.

ويتابع أنيس صايغ قائلاً: (لم يكن الجفاء في تلك المقابلة الخاطفة حادثة عابرة، وإنما تكررت بصيغ مخالفة. فمن بين عشرات اللقاءات بين الرجل وبيني في مدى ربع قرن، بقيت العلاقات مضطربة والودّ مفقوداً!).

ولقد كان مركز الدراسات منذ صدور قرار إنشائه مستقلاً استقلالاً ذاتياً غير خاضع لأي جهاز في منظمة التحرير، ومستقلاً عن فصائل المنظمة العسكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية والتربوية والنقابية والأهلية. وكان أنيس صايغ يعلن بيقين مبرم أن المركز لفلسطين وحدها وليس لجماعة أو منظمة أو جهاز، التزاماً بالميثاق الوطني الفلسطيني وانطلاقاً منه، واحتكاماً به.

ومن أمثلة كثيرة يعطيها أنيس صايغ على حرصه أن يكون المركز حراً غير تابع لأي فصيل، حفلُ الاستقبال الذي أقامه في الذكرى الخامسة لتأسيس المركز، وتوجيه أولى الدعوات إلى ياسر عرفات الذي لم يعده بالحضور ولم يعتذر. وإذ شعر صايغ بعدم حماسة عرفات في الحضور طلب إلى كمال ناصر أن «يتوسط» لئلا يسيء الناس فهم غياب عرفات وهو في البلد. وجاء عرفات بخطى مترددة بصحبة كمال ناصر ووقف لدقائق معدودة ثم غادر وهو يقول لكمال: لقد شعرت بأني في مكان غريب لا علاقة له بالثورة.

وكل من يعرف الدكتور صايغ يشيد بغيرته على القضية الفلسطينية وشرح ظلامتها.

والسؤال الذي قد يطرحه المرء: من أين جاء هذا العشق العارم لفلسطين من قبل الدكتور صايغ؟

السؤال مشروع ، لأننا نجد إجابته في متن الكتاب، السيرة: (الحس الوطني والالتزام بخدمة الوطن يقعان في صميم الفضائل التي زرعتها التربية العائلية في نفوسنا منذ الطفولة. ولعل مطلع الترنيمة، التي كنا نرددها دوما، "محبة الأوطان من الإيمان" تلخص المفهوم الإنجيلي لعلاقة الفرد بأمته، وبالطبع، فإن المحبة تعني التزاماً بالعمل وخدمة وتضحية، وليس مجرد تعبير منمق)، (ص 38).

د. صايغ: أكاليل الغار من حق المنتصرين فقط:

وفي موضوع الانتماء السياسي التحق أنيس صايغ بالحزب السوري القومي الاجتماعي أيام الدراسة في الجامعة الأميركية (1949- 1953) ثم راح يوزع وقته بين مركزين ثقافيين كبيرين «النادي الثقافي العربي» في رأس بيروت و«الندوة اللبنانية».

وهو يقول عن نفسه إنه فلسطيني ولبناني وسوري، وسورية كما يراها أنيس صايغ هي أساس الحضارة في العالم. وفيها يقول أنيس صايغ: (إن لكل إنسان في العالم وطنين يدين لهما بالولاء: مسقط رأسه وسورية).

أما عن مدينة الولادة والنشأة وأيام الطفولة والصبا فطبريا تبقى عند أنيس صايغ سيدة المدائن وعميدة الأمصار لأنها الأساس والقاعدة ومآل الأحلام والتطلعات. هي الأعز في القلب والأقوى في الوجدان وهي التي لم يتخلَّ عنها أنيس صايغ طوعاً ولم يستبدل بها بيروت إلا مرغماً. فبيروت عنده هي المحطة النهائية، قبل العودة إلى طبريا التي يخشى أن تبقى حلماً في الخيال. وإذا يستطرد أنيس صايغ في تسجيل أحلامه على الورق يقول: (بالرغم من أن الندم لا مكان له في حياتي فأنا أعترف أني أخطأت إذ لم أتخصص بعلم التاريخ. كنت أتمنى لو أُتيح لي أن أغوص في عالم الآثار وأصرف العمر بين الحجارة والحطام والغبار لأن دراسة العهود الغابرة أكثر عظمة وأقل مرارة من دراسة تاريخنا المعاصر. فالحجارة على الأقل أصدق من الإنسان وأكثر شفافيةً).

يسهب أنيس صايغ في وصف مسقط الرأس والحياة الهانئة في شمال فلسطين، فيدوّن الشاردة والواردة، في المنزل العائلي وخارجه، ناهيك عمّا كان يحدث في فلسطين ومحيطها، ففي وعيه وفي لا وعيه أثر البصمات الدينية عموماً والمسيحية خصوصاً في تربية أبناء العائلة البيتية، فوالده عبد الله قسّ المدينة على المذهب الإنجيلي المعروف بالبروتستانتي، وكذلك الجوّ العلمي والثقافي في المنزل، حيث الكتاب زينته وثروته الأساسية وملء الخزائن والرفوف: كان أثاث المنزل بسيطاً وقليلاً إلا من الكتب الكثيرة العدد والغالية الثمن. وقد اعتدنا أن يكون لكل فرد في الأسرة مكتبته الخاصة به، من الوالد إلى أصغر الأبناء. وأذكر أن مكتبة الوالد كانت تحفل بالموسوعات والمعاجم. وكانت مكتبات يوسف وفايز وتوفيق هي الأكثر كتباً (ص43).

في العام (1969- 1970) عين رئيساً بالإنابة لقسم الدراسات الفلسطينية في (معهد الدراسات والبحوث العربي) في القاهرة. ثم عمل عميداً لمعهد البحوث والدراسات العربية التابعة للجامعة العربية.

كما عمل مستشاراً لجريدة القبس الكويتية، فأنشأ لها مركزاً للمعلومات والتوثيق.

وفي العام 1980 عين في جامعة الدول العربية كمستشار للأمين العام، وكرئيس لوحدة مجلات الجامعة.

وهو صاحب فكرة وضع الموسوعة الفلسطينية. سعياً إلى لمّ الشتات الثقافي وذاكرة فلسطين تاريخاً وجغرافيا وتقاليد ومواويل..

في العام 1993 تقاعد الدكتور أنيس صايغ (عندما بلغ 62 عاماً) بعد أن وصلت حالته، كما يقول، (إلى أقصى درجات الإحباط من الخارج، مع إرهاق جسدي وتلاشٍ من الداخل). فكان قراره بأن ينتقل في حياته من مرحلة إلى أخرى.

وفي هذا السياق يقول: (أتقاعد دون أن أتقاعس. إني أثبت للناس أن التقاعد ليس موتاً، ولا تقدماً على طريق الموت، ولا هرباً، ولا أسلوباً مهذباً من أساليب الهرب. قررت أن أتقاعد مع المحافظة الكاملة على الالتزام والخدمة والاستعداد للتضحية، إنما بأشكال عديدة، تتناسب والظروف الجديدة، الجسدية والمعنوية)، (ص 474).

وأنيس صايغ الذي عاهد الحياة أن يموت واقفاً، كان تلميذاً متفوقاً في المدرسة الابتدائية، حيث كان يحتل دائماً المرتبة الأولى لمدة سبع سنوات على التوالي. ونقل عن مدير مدرسته قوله: (كان أنيس الوحيد في فلسطين الذي حقق هذا الإنجاز)، (ص 114).

وكما في المدرسة، كذلك في الحياة، كان أنيس صايغ المناضل والمؤرخ والباحث والمعلم ، متفوقاً بامتياز. إنه واحد من بين عشرين كاتباً عربياً أثروا الثقافة العربية في الخمسين سنة الماضية. وهو الفلسطيني الوحيد بين هؤلاء. جاء ذلك في التكريم الذي أقامه الاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب لمناسبة العيد الخمسين لتأسيسه.

هذا وكانت صحيفة خليجية قد كرمته باختياره واحداً من أبرز مائة مثقف عربي في القرن العشرين في آخر العام 1999، (ص 507).

ومنذ زمن تحاول بعض المؤسسات العربية أن تكرم الدكتور صايغ. إلا أنه يرفض إقامة أي احتفال تكريمي له. معللاً ذلك بقوله: (ما من فلسطيني، أو حتى عربي، يستحق أن يكرم وفلسطين ما زالت ترزح تحت نير الاحتلال)، (ص 506).

ويتابع أنه يقبل التكريم بعد العودة إلى فلسطين. وينهي كتابه بحلم العودة إلى طبريا، مسقط رأسه، وبأمانة ننقل ما جاء في آخر سطور من كتابه:

(كما قلت سابقاً، ما من فلسطيني، ولا عربي يستأهل التكريم ما دامت فلسطين لا تزال تخضع لحكم الغاصب المحتل. وعندما يحوّل أنيس صايغ تلة أم قيس، شرقي نهر الأردن، من شرفة يطل منها على طبريا السليبة يروي برؤياها غليل الشوق إلى محطة متقدمة على درب النضال نحو طبريا. آنذاك يحق لصدره أن يحمل وساماً. إن أكاليل الغار من حق المنتصرين فقط، العائدين فعلاً إلى المنابت التي حرروها ليمارسوا فيها حرياتهم).

المؤلفات:

عالج الدكتور أنيس صايغ بقلم التجرد والإنصاف موضوعات قومية حساسة إيماناً منه بأن من حق وطنه العربي الكبير عليه أن يكشف الحقائق ، ويوضح خفايا وملابسات لصقت ببعض القضايا العربية حتى أصبحت جزءاً منها.

ومن الكتب التي صنفها وخرجت في عدة طبعات:

1. لبنان الطائفي، بيروت 1955. دار الصراع الفكري، بيروت، 1957.

2. الأسطول الحربي الأموي في المتوسط، بيروت، 1956.

3. جدار العار، بيروت، 1957.

4. سوريا في الأدب المصري القديم، بيروت، 1958.

5. الفكرة العربية في مصر، بيروت، 1959.

6. تطور المفهوم القومي عند العرب، دار الطليعة، بيروت، 1961.

7. في مفهوم الزعامة السياسية: من فيصل الأول إلى جمال عبد الناصر، المكتبة العصرية، بيروت، 1965.

8. الهاشميون والثورة العربية الكبرى، دار الطليعة، بيروت، 1966.

9. الهاشميون وقضية فلسطين، المكتبة العصرية، بيروت، 1966.

10. فلسطين والقومية العربية، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967.

11. بلدانية فلسطين المحتلة، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967.

12. المستعمرات "الإسرائيلية" منذ 67، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1969.

13. ميزان القوى العسكري بين العرب و"إسرائيل"، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1969.

14. الجهل بالقضية الفلسطينية، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1970.

15. رجال الساسة "الإسرائيليون"، بيروت، 1970.

16. أيلول الخطأ والصواب ذكريات العام 2000، دار بيسان، بيروت، 1994.

17. المثقف العربي.. همومه وعطاؤه، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1995.

18. قسطنطين زريق: 65 عاماً من العطاء (تحرير) دار بيسان، بيروت، 1996.

19. الوصايا العشر للحركة الصهيونية، مركز الإسراء للدراسات، بيروت، 1998.

20. أنيس صايغ عن أنيس صايغ، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2006.

21. نصف قرن من الأوهام..

ترجمة:

1. فن الصحافة، بيروت، 1958.

2. قمح الشتاء، بيروت، 1958.

3. مقالات في القضية الفلسطينية، بيروت، 1956.

4. المؤسسات والنظم الأمريكية، بيروت، 1964.

شارك في تحرير العديد من القواميس والموسوعات والكتب منها:

1. الموسوعة العربية الميسرة، مؤسسة فرانكلين، القاهرة، 1965.

2. قاموس الكتاب المقدس، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967.

3. دراسات فلسطينية، (بالألمانية)، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967.

4. يوميات هرتزل، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967.

5. من الفكر الصهيوني، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1968.

6. فلسطينيات ج 1،ج 2، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، سنة 1968- 1969.

7. الفكرة الصهيونية- النصوص الأساسية، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1970.

8. العمليات الفدائية خارج فلسطين المحتلة، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1970.

رئاسة تحرير:

1. مجلة العلية، بيروت، 1956- 1959.

2. سلسلة اليوميات الفلسطينية، من المجلد 2- 11، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1966- 1970

الجوائز:

- وسام الاستحقاق السوري بمناسبة صدور مذكراته: أنيس صايغ عن أنيس صايغ، 2006.

- درع معرض المعارف للكتاب العربي والدولي، في بيروت، تقديراً لعطائه الفكري والثقافي، والتزامه بالقضايا الوطنيّة والقوميّة، وما رفد به ثقافة المقاومة.

- سيف فلسطين رمزاً للصمود، من الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في دمشق 2006..

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

لأنه لم يرَ يافا .. .. طبريا = سيّدة المدائن

أنيس صايغ: رجل «المسار العلمي» الذي أقلق إسرائيل

حسين بن حمزة

p40_20081027_pic1.full.jpg

حتى إذا وصلتَ في الموعد المحدد، يُشعركَ أنيس صايغ بأنكَ تأخرت. ذلك لأنّ حرصه على الدقّة يجعله مستعداً للموعد قبل حلوله. كانت الكهرباء مقطوعة في البناية التي يشغل صايغ وزوجته الدكتورة هيلدا شعبان شقةً في دورها السادس. كان الدرج معتماً قليلاً حين فتح لنا الباب.

الرجل الذي حاولت إسرائيل اغتياله بطردٍ مفخّخ، ففقد بعض أصابعه ومعظم نور عينيه، يرحب بك ببصيرته الثاقبة وبصره الطفيف. يقودك إلى الصالون حيث يتسرَّب ضوء ما قبل الغروب، جاعلاً الرؤية أوضح. لكن الضوء لا يبدِّد حيرتك. من أين تبدأ؟ وكيف تلخص حياة الرجل المليئة بالإنجازات؟ تنظر إلى حجمه الضئيل، وتقول لنفسك: لا بدّ من أنه شغَّل أكثر من شخصٍ في داخله كي يفعل ما فعله. ثم إنك لا تنجح في إبعاد فكرة أنه واحد من عائلة صايغ الشهيرة التي أصدر عشرة من أفرادها أكثر من مئة كتاب معظمها مشهور. وترأس ثلاثة منهم رئاسة تحرير عشر صحف يومية ومجلات شهرية. وأنه رابع ثلاثة من الصيَّاغ الكبار: يوسف الذي ألَّف عشرات الكتب والدراسات الاقتصادية، وترأس اتحاد الاقتصاديين العرب سنوات عدة. وفايز المفكر والقيادي في الحزب السوري القومي، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لاحقاً. وتوفيق الشاعر، صاحب مجلة «حوار» التي طبعت الستينيات.

ولد أنيس صايغ في طبريا الفلسطينية لأب سوري كان قسيساً إنجيلياً، وأم لبنانية من البترون. كان الإخوة يدرسون في الجامعة الأميركية في بيروت ويعودون إلى طبريا. بعد النكبة، نزح صايغ مع العائلة إلى لبنان. استعاد جنسيته اللبنانية عام 1958 ثم جنسيته السورية عام 1973. الانتماءات الثلاثة جعلت الإخوة قوميين سوريين بالولادة. يوسف وفايز كانا عضوين في الحزب. أما هو فكان واحداً منهم من دون عضوية رسمية. لم يكتفِ أنيس صايغ بهوياته الثلاث، فزادها بزواجه من أردنية. يضحك حين تقول له إنّه جمع مجد الحزب القومي السوري من أطرافه.

أراد صايغ أن يدرس التاريخ، لكن الجو السياسي والحزبي المحموم في الجامعة الأميركية، وتزامن ذلك مع نكبة فلسطين، أوقعه في فخّ السياسة. صايغ الذي سيرافقه شعور بالندم على ذلك، سيجمع لاحقاً بين شغفه بالتاريخ وتخصّصه في السياسة من خلال عمله مديراً لمركز الأبحاث الفلسطيني والموسوعة الفلسطينية.

قبل ذلك، سينشر، طالباً، مقالاته التاريخية الأولى في جريدة «الحياة»: «كنتُ أذهب مع هشام أبو ظهر إلى مكاتب «الحياة» في «الخندق الغميق»، وننتظر خروج صاحبها كامل مروّة. ندخل ونسأل عنه فيقول لنا البواب إنه غير موجود، فنترك المقال على مكتبه.

كنتُ أخاف أن يكتشف أني لا أزال طالباً صغير السن، يكتب في موضوعات أكبر منه. مرة أُعجب بمقالاتي وأضاف لقب «الدكتور» إلى اسمي.

وحين أوضحتُ له في مقالة لاحقة أني ليس دكتوراً، استمر بمنحي اللقب ظانّاً أنّي أتواضع، إلى أن هاتفه أستاذي نقولا زيادة غاضباً ومستنكراً، فعاد اسمي من دون اللقب الفخري».

بعد التخرج (1953) حتى التحاقه بجامعة «كامبردج» (1959) كتب في «النهار» و«الأسبوع العربي». في تلك الفترة، أصدر كتابه الأول: «لبنان الطائفي». ثم ابتعد عن القوميين وصار ناصرياً. نشر كتباً أخرى وعمل في تحرير عدد من الموسوعات والقواميس، قبل أن يبدأ مشروع حياته.

في عام 1966، وصلته ــــ وهو في لندن ــــ برقية من شقيقه فايز الذي كان قد أسس مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية أوائل عام 1965، يطلب منه الاجتماع مع أحمد الشقيري، رئيس المنظمة وقتها، للبحث في مشروع سبق أن تحدث معه بشأنه وهو إصدار موسوعة فلسطينية. قدم فايز استقالته، وكُلِّف هو برئاسة المركز والعمل على إنجاز الموسوعة معاً.

طوال عشر سنوات، استأثر المركز بكل طاقته ووقته ووجدانه، فضلاً عن ترؤسه لتحرير مجلة «شؤون فلسطينية» التي أسّسها عام 1971. صار المركز أنيس صايغ، وصار هو مركز الأبحاث. يضحك وهو يستعيد مخاطبة الوزير السابق فاروق البربير له في ندوة تكريمه بـ«عزيزي أنيس مركز الأبحاث».

كان مركز الأبحاث أهم إنجاز ثقافي فلسطيني. هناك عمل وتدرّب عشرات المثقفين والكتاب الذين يعتبرون مرورهم بالمركز لحظة تاريخية ومفصلية في مسيرتهم الإبداعية الشخصية. مع المركز ــــ و«مؤسسة الدراسات الفلسطينية» ــــ تحولت القضية الفلسطينية من مسار عاطفي خطابي، إلى مسار علمي موضوعي وموثَّق.

وهو ما يفسر اعتداء إسرائيل ثلاث مرات عليه في النصف الأول من السبعينيات، ثم احتلاله عام 1982 وسرقة وثائقه ومعظم مكتبته، ثم تفجيره عام 1983.

لعلّها من سخريات النضال الفلسطيني أنّ المركز تعرَّض لمضايقات وتدخلات من قائد هذا النضال، الرئيس ياسر عرفات. في آخر تدخُّلٍ من أبو عمار، أقفل صايغ الهاتف في وجهه، وقدّم استقالته.

يقول صايغ: «بعد تعاظم سمعة المركز فلسطينياً وعربياً وعالمياً، راح عرفات يُبدي اعتراضه على استقلالية المركز، ويحاول السيطرة عليه بالتهديد والتحريض والضغط. في النهاية، نجح في قتل المركز والمجلة.

وفي أوسلو سقط القناع نهائياً عن وجه عرفات وعن وجوه معاونيه وحاشيته. كان لا بدّ من شطب النضال الثقافي لتحقيق الاستسلام السياسي».

تقول له إنّ كثيرين لم يحبِّذوا أن يوثِّق تجاوزات أبو عمار في فصل كامل من مذكراته. يجيب: «أنا لم أوثِّق بل كتبت ما كان يحدث. الذين احتكّوا بعرفات يعرفون قصصاً أسوأ مما حدث لي. المؤسف والخطير أنّ هؤلاء حوّلوا ذلك إلى نوادر ودعابات».

بعد استقالته، أسس مجلتَي «المستقبل العربي» و«شؤون عربية» وترأس تحرير «قضايا عربية».

دُعي للعمل في مراكز ومؤسسات بحثية عدة.

كتب في الصحافة.

أسس «اللقاء الثقافي الفلسطيني» الذي لا تزال جلساته مستمرة حتى اليوم.

لكن كل ذلك لم يملأ الفراغ الذي تركه موت المركز في حياته.

في شقته التي لا تزال بالإيجار، تأتيه أحلام متكرّرة يحوم فيها حول بيت العائلة القديم في طبريا ولا يدخله.

يخبركَ بأنّ مستوطناً يهودياً جاء من الصين وحوّل بيتهم مطعماً للسمك. ثم يضيف بأسى: «التقيت بمطران القدس للبروتستانت في بيروت قبل أيام، فأخبرني أنه تغدّى في بيتنا قبل فترة ووعدني بإحضار صور له».

أحلام العودة تُذكِّره بأمكنته الأولى، وبحلم إنجاز كتاب العمر عن طبريا. يتنهَّد ويقول: «لا أظن أن حق العودة سيتحقق في الأيام الباقية لي. أما الكتاب فلن يرى النور لأن عينيَّ لن تساعداني على عمل كبير كهذا».

يروي شفيق الحوت المقتلع من يافا أنّ ابنته سألته: لماذا يتحدّث عمّو أنيس كثيراً عن جمال طبريا؟ فأجابها: لأنه لم يرَ يافا».

الحوت قال ذلك على سبيل الدعابة، لكن الشجن الغائر تحت هذه الدعابة يوحي بأنّ لكل فلسطيني حكاية مع مسقط رأسه.

وهذه هي حال أنيس صايغ مع طبريا التي وصفها في مذكراته بـ«سيّدة المدائن».

5 تواريخ :

1931 الولادة في طبريا

1953 تخرّج من الجامعة الأميركية في بيروت، ثم جامعة كامبردج عام 1964

1966 أدار «مركز الأبحاث» في منظمة التحرير الفلسطينية طوال عشر سنوات، وأطلق «الموسوعة الفلسطينية» التي صدر منها أحد عشر مجلّداً. وترأّس تحرير مجلة «شؤون فلسطينية» عام 1971

1992 مؤسس اللقاء الثقافي الفلسطيني الذي لا يزال يُعقد حتى اليوم في نادي متخرّجي الجامعة الأميركية في بيروت

2007 أصدر مذكّراته بعنوان «أنيس صايغ عن أنيس صايغ» عن دار الريس

واختتمت حياته في عمّان يوم الجمعة 25 ديسمبر 2009

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

مقابلة مسجلة مع الراحل د. أنيس الصايغ

أجريت المقابلة في 25-8-2008

أجراها موقع فلسطين في الذاكرة

http://www.arabs48.com/display.x?cid=11&am...19&id=67797

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

اسكنه الله فسيح جناته و تجاوز عن سيئاته

و الهم المهتمون بأمره الصبر و السلوان

تفاءلوا بالخير تجدوه

بعضا مني هنا .. فاحفظوه

رابط هذا التعليق
شارك

تتساقط الرموز يوما بعد يوم

الحوت مات و درويش و صايغ و حبش و مين ضل

يا ويلى على هالشعب ما ضل من جيل الازلام حدا

و بكينا.. يوم غنّى الآخرون

و لجأنا للسماء

يوم أزرى بالسماء الآخرون

و لأنّا ضعفاء

و لأنّا غرباء

نحن نبكي و نصلي

يوم يلهو و يغنّي الآخرون

رابط هذا التعليق
شارك

تتساقط الرموز يوما بعد يوم

الحوت مات و درويش و صايغ و حبش و مين ضل

يا ويلى على هالشعب ما ضل من جيل الازلام حدا

صدقت أخي

فهذا الجيل حمل من الأعباء ماتنوء منه الجبال ..

نعترف له بأمانة .. رغم ما خالط تجاربه من أخطاء ومصائب .. انه حافظ على القضية ..

وحفظها في الصدور ..

الجيل الحالي يتحمل مسؤوليات جسام .. وقد اختلفت البيئة .. وتغيرت القيم ..

أسأل الله أن يكون القادم من الأجيال الأفضل ..

رحل المعلّم والصديق الكبير الدكتور أنيس صايغ

رشاد أبوشاور

28/12/2009

27qpt84.jpg

اتفقت أنا والصديق عبد الله حمودة على الالتقاء بالدكتور أنيس صايغ، صديقنا المشترك، في مكتبه، عند حضوره إلى عمّان التي اعتاد زيارتها لارتباطه بمصاهرة أسرة سلطيّة أردنيّة تنتسب اليها زوجته السيدة هيلدا، الباحثة التي زودت المركز بدراسات وترجمات، وكانت العون والسند للدكتور أنيس الذي ازداد اعتماده عليها بعد أن نجحت محاولة اغتياله الرابعة بإفقاده إحدى عينيه، وعدد من أصابع يديه.

حضر الدكتور ورفيقة عمره إلى عمّان لمشاركة الأصهار بأعياد الميلاد، ولكن أزمة قلبيّة دهمته نقل إثرها إلى مستشفى ( فلسطين)، وفارق الحياة ليلة الأحد 26 كانون الأوّل 2009.

سينقل جثمان الدكتور أنيس إلى بيروت ليدفن قريبا من أسرته، والده ووالدته، وأخوته الذي رحلوا قبله.

قبل أيّام أرسلت له الكلمة التي طلبها منّي إسهاما في كتاب يشرف على إصداره بمناسبة رحيل الصديق الكبير الأستاذ شفيق الحوت.

كنت أعرف حرصه، ودقّته، ونفوره من التسويف في المواعيد، لذا عملت على أن تصل الكلمة قبل الموعد بايّام...

برحيل المعلّم الكبير، المفكّر والباحث والأكاديمي، الذي لم تضعف دوره عملية الاغتيال الصهيونيّة، خسرنا أحد معلمينا الكبار، ولكننا نستلهم حياته هو الذي واصل العمل بدأب، وعناد، وعقل شجاع، مفشلاً هدف تلك العمليّة الإجراميّة، ومبرهنا على شجاعة مثقف ومفكّر كبير كان سلاحه دائما الفكر والكلمة، والذي شكّل خطرا شديدا على عدو يرعبه الفكر المقاوم، فلم يجد بدّا من اللجوء عدّة مرّات لاغتياله...

عرفت الدكتور أنيس مؤمنا بفلسطين وبالأمة وحتمية وحدتها ونهوضها، كاتبا ثاقب النظر، محرّضا على الثبات على المواقف، متصديا لخطاب أوسلو، ولنهج التسوية منذ بدأه السادات، مجابها لحالة الانهيار الفلسطينيّة والعربيّة الرسميّة.

تتلمذ على يديه عشرات الباحثين في مركز الأبحاث، ومجلّة شؤون فلسطينيّة، ومجلّة شؤون عربيّة، وفي الجامعة اللبنانيّة، ومركز البحوث والدراسات العربيّة في القاهرة...

قبل وصوله إلى عمّان بيوم واحد، كنّا الصديق عبد الله حموّدة وأنا نتداول فكرة الإعداد لتكريم ثلاثة من رموز فلسطين: الدكتور أنيس صايغ، الأستاذ بهجت أبو غربيّة ( شيخ المناضلين في الضفتين)، الأستاذ المناضل والكاتب هاني الهندي أحد اقطاب حركة القوميين العرب...

الموت كما يفعل عادةً، غافلنا وفاجأنا باختطاف هذا الإنسان الفذ، المعلّم أنيس صايغ، أحد حُرّاس فلسطين القضيّة العربيّة المقدسة، كما كان يصفها دائما، هو الحريص على عروبتها لحمايتها من معسكر الأعداء ...

ترك المفكّر الشديد الكبرياء، والاحترام للنفس، المتواضع، المتقشّف و(الصوفي) في حياته، الثاقب النظر، منجزا فكريّا مهما ستحتاجه أجيال المناضلين لتحرير فلسطين، ليسترشدوا به، والباحثين والمفكرين الذين سينهلون منه...

كتب عن لبنان الطائفي، وعن القضيّة الفلسطينيّة، ودرس شخصية القائد جمال عبد الناصر _ هو الناصري الوفي ـ في كتابه (مفهوم الزعامة السياسيّة). درس ميزان القوى العسكريّة بين الدول العربيّة و(إسرائيل)، وكتب (في المقاومة). وعمل على التعريف بالقضيّة الفلسطينيّة في كتابه (الجهل بالقضيّة الفلسطينيّة). ولأنه خبر الإرهاب الصهيوني، وفي وقت مبكّر، كتب (ملف الإرهاب الصهيوني).. وفي حقبة اوسلو أصدر كتابه المهّم الذي حاجج طروحات جماعة أوسلو:13 أيلول1994 . ومن بعد أصدر (الوصايا العشر للصهيونيّة).

من حسن الحّظ أنه أنجز مذكراته المدهشة، التي صدرت في العام 2006 .

رحيل المعلّم الدكتور أنيس صايغ خسارة فادحة لشعبنا الفلسطيني، وأمتنا العربيّة، وللفكر والثقافة العربيّة...

ولكن، ومع هول الخسارة، فقد أبقى لنا الدكتور أنيس ـ أقصد من يؤمنون بعروبة فلسطين، ومن سيتابعون المشوار جيلاً بعد جيل ـ زادا فكريا سيلهمنا، وسيرة حياتيّةً مجيدة، ستبقى نبراسا للشرفاء والصادقين والأوفياء المخلصين لفلسطين، والأمة العربيّة...

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...