اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مسؤولية بريطانيا في حرمان الشعب الفلسطيني


أسامة الكباريتي

Recommended Posts

مسؤولية بريطانيا في حرمان الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره

الدكتور عبد اللطيف الطيباوي

* نشر في مجلة شؤون فلسطينية ، آب/ أغسطس 1972

استخلصت مادة هذا المقال، الذي وضعته بالأصل في اللغة الإنجليزية، من الوثائق المحفوظة في "مكتب السجلات العامة" في لندن، وهو يشتمل على الأوراق السرية لوزارة الخارجية ورئاسة الوزارة البريطانية، والتي لم يفرج عنها إلا منذ عهد قريب .

كان عام 1917 عاماً حاسماً في تاريخ الحرب العالمية الأولى: ففي ذلك العام، دخلت الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء، بينما انسحبت منها روسيا القيصرية نتيجة اشتعال الثورة البلشفية، وقد ساهم كلا هذين الحدثين في وضع نهاية سريعة لهذه الحرب وتفتح آمال عامة بإقرار تسوية سلمية على أساس برنامج الرئيس الأمريكي ويلسون "النقاط الأربع عشرة"، كما حمل دخول أمريكا الحرب وخروج روسيا منها في ثناياه سوء تفاهم عظيم بين العرب من جهة وبين كل من بريطانيا وفرنسا من جهة أخرى. فقد بادر حكام روسيا الجدد إلى فضح أسرار اتفاقية سايكس بيكو التي تقاسمت بمقتضاها بريطانيا وفرنسا الولايات العربية من ممتلكات الإمبراطورية العثمانية وجعلتاها ضمن مناطق نفوذها المباشر وغير المباشر، إذ أحدث فضح أسرار هذه الاتفاقية فجيعة كبرى بين العرب الذين انتعشت مطامحهم لنيل استقلالهم الوطني إثر إعلان الرئيس الأمريكي مبادئه الليبرالية، كما ساهمت أفكار الرئيس ويلسون في تشذيب مخططات بريطانيا وفرنسا الاستعمارية، وهما اللتان قبلتا، على مضض، مبدأي "حق تقرير المصير" و"موافقة المحكوم" عند النظر في بت أوضاع المناطق المستخلصة من العدو.

لقد بات معروفاً، على نطاق واسع الآن، أنه حالما بدأت الحرب العظمى الأولى سعت روسيا القيصرية إلى إقرار كل من حليفتيها، بريطانيا وفرنسا، لمطالبها بضم استنبول ومضيقي الدردنيل والبوسفور إلى ممتلكاتها، وعندما تمت الموافقة على ذلك سعت فرنسا لدى روسيا، ونالت اعترافها بالمطامع الفرنسية في سوريا، بيد أن روسيا أبدت بعض التحفظات بخصوص فلسطين بداعي أهميتها الدينية الخاصة، وكانت فرنسا قد تلقت، حتى قبل الحرب، تطمينات من بريطانيا بعدم اكتراثها بسوريا بكاملها طالما ظلت هذه جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، ولكن عندما دخلت الإمبراطورية العثمانية الحرب ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا، وعندما حظيت روسيا باعتراف حليفتيها، رسمياً، بمطالبها الإقليمية في استنبول ومضيقي الدردنيل والبوسفور، فاتحت فرنسا بريطانيا في أمر تحديد وتعيين مصالح كل من الحلفاء في الولايات الآسيوية للإمبراطورية العثمانية، وكان جواب بريطانيا، بهذا الصدد، أنه، مع ملاحظة أن التطلعات الإقليمية لم تتبلور بعد، قررت الحكومة البريطانية أنه:"عندما ينحسر سلطان تركيا عن استنبول والمضائق، لا بد أن تتشكل، لصالح الإسلام، وحدة سياسية إسلامية مستقلة في مكان آخر، وسيكون مقرها، بطبيعة الحال، الأماكن المقدسة، وتضم الجزيرة العربية، ولكن لا بد وأن نتفق على ما ينبغي أن تضمه إلى جانب ذلك".

كان هذا في شهر آذار/ مارس 1915، ومن المهم ملاحظة تاريخ ودلالة هذه السياسة البريطانية التي سبقت في تاريخها مراسلات مكماهون في وقت لاحق من العام 1915، والمفاوضات التي توجت باتفاقية سايكس – بيكو في العام 1916، ووعد بلفور في العام 1917، لقد كانت تراود الحكومة البريطانية، بادئ ذي بدء، آخذة بعين الاعتبار "وحدة سياسية إسلامية مستقلة" غير تركية تتمركز حول مكة والمدينة (وربما القدس أيضاً)، وتسيطر على مناطق تشمل، فيما تشمله، الجزيرة العربية على أقل تقدير، وإذا استبدلت، في بيان الحكومة البريطانية المشار إليه، كلمة "إسلامية" بكلمة "عربية" خرجت بصورة محددة لنوع الاستقلال السياسي الذي كان يرومه شريف مكة، باسم العرب، في تموز/ يوليو 1915، والفرق الوحيد بين الحالتين هو أن شريف مكة كان أكثر دقة وتحديداً فيما يتعلق بالحدود الإقليمية، ولكن لم تكن الحكومة البريطانية قد فرغت بعد من البت في هذه القضية .

فلماذا، إذن، بدت مقترحات الشريف حسين بعد قرابة شهور أقل توافقاً مع خطط السياسة البريطانية المذكور آنفاً؟ لقد كانت مقترحات الشريف حسين قومية، وليست دينية، في مادتها ومبناها، وتنطوي في ثناياها على احتمال أقل في أن تخلق مصاعب بالنسبة لمستقبل الخلافة ومطالب السلطان العثماني بها، إذ، كما تبين فيما بعد، عند إعلان "الثورة العربية" في حزيران/ يونيو 1916 تعاطف مسلمو الهند مع السلطان بصفته الخليفة الشرعي، واعتبروا الثورة خروجاً على الوحدة الإسلامية، بيد أن هذا لم يكن السبب الرئيسي للتحول الذي طرأ على السياسة البريطانية، وازدواجية نظرة بريطانيا إلى غايات "الثورة العربية"، لقد انصب اهتمام بريطانيا الأساسي في نظرتها "للثورة العربية" كعنصر من عناصر المجهود الحربي ضد تركيا، إن ما أفسد فرص تحقيق تفاهم عربي – بريطاني دائم، وأحبط محل السيطرة التركية، كان مجموعة مترابطة من العناصر التي، عندما نتمعن فيها بعد انقضاء هذا الزمن الطويل، ندرك أنه ما من قوة على الأرض، في ذلك الوقت كانت قادرة على الوقوف أمامها، وهذه المجموعة المترابطة من العناصر هي مطامع فرنسا، والمصالح الإمبراطورية البريطانية، والمطامع الصهيونية، وخليط من الرومنطيقية والرياء لدى السياسيين البريطانيين النافذين .

وتظهر القراءة الدقيقة لمراسلات مكماهون أن مطالب فرنسا في سوريا كانت وراء التحفظ البريطاني الرئيسي حول الحدود الإقليمية التي وردت في مقترحات الشريف حسين، إذ سرعان ما تبين أن فرنسا قد طالبت بأن تشمل منطقة نفوذها سوريا الجغرافية بكاملها بما فيها لبنان وفلسطين، ولكن بريطانيا التي كانت تتحمل، عندئذ، العبء الرئيسي في محاربة تركيا في العراق وجنوب سوريا، كما كانت لديها بعض المخططات للاحتفاظ بوضع خاص في العراق، سرعان ما تحولت عن موقف اللامبالاة وعدم الاكتراث إلى الرغبة العارمة في تأمين منفذ إلى خليج عكا على البحر المتوسط وممر أرضي إليه .

وكان لكل من روسيا وفرنسا مصالح دينية وثقافية في فلسطين، وهذه الوقائع والمطالب الشاذة هي علة البنود الشاذة لاتفاقية سايكس – بيكو التي قضت، بعد إشباع مطالب روسيا الإقليمية في جهة أخرى من تركيا، بتقسيم الولايات العربية في العراق وسوريا الكبرى بين بريطانيا وفرنسا وأبقت فلسطين جانباً لنظام دولي يقام فيها بعد إجراء مشاورات بشأنه بين الحلفاء وشريف مكة، ويدل هذا البند الأخير على أن المصالح الدينية المسيحية والإسلامية وحدهما اعتبرتا جديرتين بالبحث .

وقد اصطدمت تطلعات الصهيونيين بعنصرين، على الأقل، من عناصر تركيبة المصالح هذه، وهما المصالح العربية والفرنسية، إلى جانب المصالح الروسية قبل الثورة، وقد كان الصهيونيون على درجة كبيرة من الدهاء عندما سعو إلى التحالف مع أقل هذه العناصر المتصارعة تشدداً وهم البريطانيون، فاتجهوا، بناء على ذلك، إلى التحالف مع المصالح الإمبراطورية البريطانية التي كانت فلسطين تسيل لعابها كقاعدة ضرورية لحماية قناة السويس والدفاع عنها، وقد كان الصهيونيون يدركون أنهم يواجهون، في مسعاهم للحصول على اعتراف بريطاني بإنشاء وطن يهودي أو دولة يهودية في فلسطين، معارضة شديدة ومنافسين أقوياء، ولكنهم جازفوا بتجاهل هذه جميعها، وكانت أعظم مقامرة أقدموا عليها هي تجاهلهم الصارخ لواقع الأشياء، بغض النظر عما تقرره الدول العظمى مجتمعة أو منفردة، وهو أن الغالبية الساحقة من سكان فلسطين هم من العرب المسلمين والمسيحيين الذي تعود جذورهم الدينية والثقافية والقومية عميقاً في تربة البلاد، وعلى مدى قرون عديدة ليس منذ الفتح العربي فحسب، بل قبله بزمن بعيد .

ولسنا هنا في معرض سرد الملابسات التي جعلت الصهيونيين يفلحون، رغم كل هذه الظروف والأوضاع المناقضة لجوهر تطلعاتهم، في إقناع كبار الساسة البريطانيين بمزايا التحالف البريطاني – الصهيوني، ونكتفي في هذه العجالة بالقول أنه إثر نجاح الصهيونيين في كسب رئيس الوزراء لويد جورج ووزير الخارجية بلفور إلى جانبهم أطلقت يدا السير مارك سايكس، الرومنطيقي الساخر وأحد واضعي اتفاقية سايكس – بيكو، في إجراء الترتيبات لوضع فكرة الصهيونيين وخطتهم موضع التطبيق، وقد أشار عليه لويد جورج نفسه أن يعمل نحو "فلسطين بريطانية"، وأن يقوم بالتفويق بين مآرب الصهيونيين وتطلعات كل من فرنسا والفاتيكان .

عندما أصدرت الحكومة البريطانية، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1917، وعد بلفور الشهير والذي يعرب عن عطفها على فكرة تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين كان نصف البلاد ما زال في ظل السيادة العثمانية واقعياً وقانونياً، وكذلك، أن وعد مكماهون للعرب في تشرين الأول/ أكتوبر 1915، وإن لم يتضمن جهاراً فلسطين بكاملها، فإنه لم يستبعدها استثناء، وفي الاتفاق الذي تم في عام 1916 بين روسيا وبريطانيا وفرنسا أبقيت فلسطين جانباً لإقامة نظام دولي فيها بعد التشاور مع شريف مكة، وفي ضوء هذه الظروف والأحوال، كان إعلان بريطانيا عن تحبيذها لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين خطأ سياسياً وأخلاقياً فاضحاً، إذ أنها أغفلت إغفالاً تاماً أن تأخذ في الحسبان أمر سكان فلسطين العرب أو استشارة أي من زعمائهم، ناهيك عن حليفها المخلص شريف مكة .

وكان اللورد كرزون وحده بين المسؤولين البريطانيين آنئذ، وهو نائب الملك في الهند سابقاً والوزير البارز في وزارة الحرب، الذي توقف بعض الوقت عند المضامين والمغازي التي ينطوي عليها وعد بلفور، مبيناً أثناء جلسة مناقشته في الوزارة البريطانية في أن إعطاء هذا الوعد افتئاتاً على حقوق مصالح إسلامية وعربية أساسية، فقد قال حسبما ورد في سجل وقائع الاجتماع الذي جرى في 4/10/1917:"كيف يعقل أن يقترح التخلص من أغلبية السكان الحاليين المسلمين وإحلال يهود محلهم؟". وهو يرى أن تأمين حقوق مدنية ودينية متساوية لليهود المقيمين في فلسطين سياسة أفضل من العمل على إعادة اليهود إلى فلسطين على نطاق واسع، وهو "أمر يعتبره من مظاهر المثالية العاطفية التي ينبغي ألا يكون لحكومة صاحب الجلالة شأن بها من قريب أو بعيد" .

وقد بلور كرزون وجهة نظره في مذكرة قدمها إلى الوزارة مؤرخة في 26/10/1917، أوضح فيها بجلاء المكانة التي تحتلها مدينة القدس في دنيا الإسلام والمسيحية، ويشير إلى المشكلة الإنسانية التي ينطوي عليها وعد بلفور إذ يقول :"يوجد هناك ما يزيد على نصف مليون من العرب السوريين، وقد استوطنوا هم وأجدادهم البلاد منذ قرابة 1500 عام، وهم أصحاب الأرض التي يتقاسم ملكيتها الملاكون الفرديون والمجتمعات القروية، ولن يرضى هؤلاء بمصادرة أراضيهم وانتزاعها منهم لتسليمها للمهاجرين اليهود أو أن يكونوا مجرد حطابين وسقائين لهم" .

وفي اجتماع الوزارة البريطانية بتاريخ 31 تشرين الأول/ أكتوبر أوضح بلفور نفسه ما يفهمه من التعبير "وطن قومي يهودي". يعني شكلاً من أشكال الحماية البريطانية أو الأمريكية أو غيرهما ستتوفر لليهود في ظلها مرافق وتسهيلات كافية تتيح له بناء مقومات خلاصهم الذاتي فيرسون بالمؤسسات التربوية والصناعية قواعد مركز حقيقي للثقافة القومية وموئلاً للحياة القومية، وهو لا ينطوي بالضرورة على تأسيس دولة يهودية مستقلة في أمد قريب، إذ يتوقف هذا الأمر على التطور التدريجي وفقاً لسنة التطور السياسي المعهودة" .

لا ريب أن بلفور كان يتمتع بالقدرة على عرض الأمور بوضوح، ولكنه كان أيضاً مبرزاً في طمس الحقائق وتشويهها بشكل فاضح، ففي اجتماع مجلس الوزراء في 4/10/1917 ادعى، ضمن ما ادعاه، أن الرئيس الأمريكي آنذاك، ودرو ويلسون، كان يحبذ إصدار وعد بريطاني يعلن العطف على التطلعات الصهيونية، وفي الاجتماع ذاته تصدى اليهودي أدوين مونتاغو وزير الدولة لشؤون الهند لبلفور وأظهر ما في ادعائه ذلك من مخاتلة وتناقض، إذ بين، مستشهداً بالكولونيل هاوس، أن الرئيس الأمريكي ويلسون، كان، عندئذ، يعارض إصدار مثل هذا الوعد .

وقد تكون أفظع مغالطات بلفور وتشويهاته للحقائق تأكيده بأن غالبية اليهود في روسيا يؤيدون التطلعات الصهيونية متجاهلاً، بذلك، تجاهلاً تاماً نصيحة السفير البريطاني في روسيا الذي طلب منه أن يبدي فيما إذا كان الوعد المقترح سيساعد قضية الحلفاء، فكان جوابه أنه "يشك شكاً بالغاً" في ذلك، لأنه "لا يوجد بين اليهود في روسيا حماس كبير للصهيونية خصوصاً من الإطاحة بالنظام القديم (القيصري)" .

لقد آثر بلفور إهمال نصيحة موفده ومندوبه الخاص في مسرح الأحداث وقبول تأكيدات الصهيونيين الذين يعيشون في لندن على بعد آلاف الأميال من يهود روسيا، وقد وصف أدوين مونتاغو هؤلاء الصهيونيين بأنهم من اليهود المولودين في الخارج، وهم الوحيدون الذين يدعون إلى إنشاء وطن قومي يهودي .

وبالطريقة ذاتها بالغ بلفور كثيراً في إظهار العطف الفرنسي على التطلعات الصهيونية كما أثار مخاوف زملائه الوزراء من احتمال قيام ألمانيا بأخذ زمام المبادرة من الحلفاء بإصدارها وعداً بالتعاطف مع التطلعات الصهيونية، وصور لهم في إصدار وعد بريطاني سيكون له وقع حسن لدى اليهود في الولايات المتحدة، ولم يقل أبداً أية كلمة عن العرب، وتجاهل ملاحظات اللورد كرزون، ولم يحاول مطلقاً أن يجيب على أسئلته، وقلما كان وزير خارجية بريطاني متعامياً إلى هذا الحد عن الجانب الآخر من قضية هامة .

لقد أوصد بلفور ومساعدوه في وزارة الخارجية منافذ عقولهم إلى واقع الأشياء وعميت بصيرتهم بحيث أنهم أثناء مداولاتهم بشأن تقرير مصير فلسطين ظلوا على اتصال وثيق بالصهيونيين، ولكنهم رفضوا، بعناد وإصرار، أن يأخذوا بالاعتبار الاحتجاجات التي قدمها المسلمون المقيمون في لندن (لقد حالت ظروف الحرب دون الاستماع إلى رأي العرب الذين يعنيهم الأمر لأن معظمهم كانوا يقيمون في مناطق العدو). ففي حزيران/ هو أن ش يونيو 19مرمادوك بيكثول، الذي اشتهر فيما بعد بترجمته للقرآن، محاضرة في قاعة كاكستون نشرتها. فيما بعد، الجمعية الإسلامية المركزية في لندن في كراس بعنوان " المصالح الإسلامية في فلسطين"، والغرض من هذه المحاضرة كما قال صاحبها هو إزالة الجهل الخطير المتفشي، عندئذ، في بريطانيا ليس بين عامة الناس فحسب بل حتى بين الوزراء، بشأن ما ينطوي عليه تطبيق الخطة المقترحة "بإنشاء دولة يهودية في فلسطين في ظل سيادة إحدى الدول المسيحية"، من مضامين ومخاطر، واشتملت تلك المحاضرة على عرض واف لمكانة فلسطين والقدس في الإسلام وفي التاريخ العربي .

وقد قدم نص هذه المحاضرة المطبوعة في كراس إلى وزارة الخارجية البريطانية كاحتجاج إسلامي، وأطلع عليها كبار المسؤولين في وزارة الخارجية ثم بلفور نفسه، أما ملاحظات السير مارك سايكس عندما اطلع على المحاضرة فتكشف الكثير من النوايا المبيتة، فعندما ما لم يجد في نص المحاضرة ما يعيب هاجم صاحبها من الزاوية السياسية دامغاً إياه بأنه موال لتركيا، وهي تهمة سيئة في ذلك الوقت وأن تكن قد فقدت معناها الآن، وكانت هذه التهمة كافية لإهمال النصيحة الهادئة التي محضها للحكومة البريطانية، وهي أن فلسطين مقدسة لدى أتباع الديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، وأن من الخطأ الاهتمام بمصالح الديانتين الأوليتين فقط وتجاهل الثالثة .

وعادت الجالية الإسلامية في لندن إلى الهجوم من جديد، فبعد خمسة أيام من إصدار "وعد بلفور" قدمت احتجاجاً إلى وزير الداخلية البريطاني وطالبت بضمانات بشأن المسجد الأقصى وغيره من الأماكن الإسلامية المقدسة، ولكن، في هذه المرة، لم يعتبر السير مارك سايكس الموقعين على الاحتجاج مجرد موالين لتركيا فحسب، بل "عملاء" لتركيا وحض بقوة على تجاهل احتجاجهم، وكذلك لم تكن أسعد مصيراً من هذه رسالة الاحتجاج التي وجهها "السيد أمير علي" من مجلس شورى الملك في بريطانيا بتاريخ 10/11/1917، إلى اللورد هاردينج الوكيل الدائم لوزارة الخارجية ومندوب الملك السابق في الهند، وقد رغب السيد أمير علي على أن يسترعي انتباه بلفور إلى واقع أن "فلسطين هي في نظر المسلمين أرض مقدسة دون أدنى شك"، وأن مدينة القدس لا يفوقها قدسية وطهارة عندهم سوى مكة والمدينة، وبين أن من "الغبن والإجحاف" بالإسلام وضع أحد "أقدس أقداسه" تحت السيطرة اليهودية .

ولكن لب الأمر ولبابه أنه لا بلفور ولا أي من مساعديه، كان يجهل الحقائق وواقع الأشياء، إن لم يكن عن أي طريق آخر فبفضل الوقائع الناصعة التي وضعها تحت أنظارهم اللورد كرزون، سواء كان ذلك على الصعيد الديني أو الصعيد القومي، ولكن بلفور آثر أن يضرب بالوقائع كلها عرض الحائط. وبمساندة رئيس الوزراء لويد جورج ومباركته سار بهذه السياسة إلى النهاية إلى أن أثيرت رسمياً في مجلس الوزراء. ولم يؤخذ العرب بأي حسبان سوى اتخاذ الاحتياطات لإخراس ما قد يصدر عنهم من احتجاجات. ويتضح هذا من برقية أرسلت مع نص وعد بلفور في يوم صدوره إلى الجنرال وينغيت المندوب السامي البريطاني في القاهرة حيث جاء فيها: "ينبغي عليك أن تراقب تعليقات الصحف مراقبة شديدة حتى لا تستثار الحساسيات العربية"، فلا عجب إذن إن اكتفت أوسع الصحف العربية انتشارا، آنذاك، وهي جريدة "المقطم" التي كانت تصدر في القاهرة والمعروفة بموالاتها لبريطانيا بمجرد نشر نص وعد بلفور على هيئة برقية صحفية وردت في مكتب وكالة رويتر في لندن بتاريخ 9 تشرين الثاني/ نوفمبر .

كان إصدار وعد بلفور إيذاناً بانتهاء المرحلة الأولى من إقرار الظلم والإجحاف سياسة رسمية لبريطانيا، ولكي تضع بريطانيا هذه السياسة موضع التطبيق كان عليها انتظار إنجاز عدد من المهمات منها: استكمال احتلال فلسطين، وإلحاق الهزيمة بتركيا بصورة تامة، ومراجعة بنود اتفاقية سايكس – بيكو وإعادة النظر في بعضها، وإضفاء صفة الشرعية من ناحية القانون الدولي على موقف بريطانيا، والتفاوض مع فرنسا للتنازل عن مطالبها في فلسطين، وضمان تعيين بريطانيا دولة منتدبة على فلسطين.

وقد تم إنجاز هذه المهمات جميعاً قبل حلول شهر تموز / يوليو 1920 عندما جرى تعيين السير هربرت صموئيل السياسي البريطاني الصهيوني مندوباً سامياً في القدس، وقد أوكلت إليه، بموجب انتداب من عصبة الأمم، مهمة تنفيذ سياسة إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين، ولا حاجة بنا إلى القول إنه قد جرى الإقدام على اتخاذ هذه الخطوات الخطيرة دون موافقة، أو حتى، في بعض الحالات، دون علم سكان فلسطين العرب. وقد أخذت بريطانيا علماً بعدم رضى شريف مكة الذي كانت بريطانيا قد اعترفت به ملكاً على الحجاز .

وقد ظن، في أول الأمر، أن البيان الإنجليزي – الفرنسي الصادر في 8/11/1918 هو بيان للسياسة البريطانية موجه له، بيد أن انتهاء الحرب مع تركيا بسرعة، وانتشار التململ وعدم الرضى على نطاق واسع بين السكان العرب في المناطق التي احتلها البريطانيون والقوات الحليفة لهم حولت هذا البيان إلى نداء عام مشترك من الحكومتين الإنجليزية والفرنسية، لقد استهدف هذا النداء العام المشترك تخفيف وقع اتفاقية سايكس – بيكو على العرب، وتهدئة خواطر "القوى الديمقراطية" في معسكر الحلفاء، وبصورة خاصة، الانسجام قدر الإمكان مع نقاط الرئيس الأمريكي ويلسون الأربع عشرة. وقد سبق إعلان هذا البيان العام المشترك كثير من الأخذ والرد الدبلوماسي، فقد اقترحت فرنسا أن لا يقتصر تطبيق هذا النداء على سوريا والعراق فقط، بل أن يكون تطبيقه عاماً وشاملاً، ولكن اللورد روبرت سيسيل ساعد بلفور الأيمن في المسألة الصهيونية رفض الاقتراح الفرنسي لأنه "سيكون من العسير التوفيق بينه وبين سياسيتنا المعلنة (كذا!) في فلسطين". لقد أيقن الفرنسيون الآن بما ارتابوا بشأنه طوال الوقت، وهو أن بريطانيا كانت تريد الاستئثار بفلسطين متخذة من التطلعات والأماني الصهيونية ذريعة وغطاء لمطامعها، وكان أول تلميح رسمي بنوايا بريطانيا السعي إلى بسط سلطانها السياسي على فلسطين وحرمان غالبية سكانها العرب من حق تقرير المصير ومن الحكم الذاتي لتسهيل مهمة تأسيس وطن قومي يهودي بها، ورغم أن النداء الإنكليزي – الفرنسي المشترك قد عمم رسمياً في فلسطين، فإنه لم يكن بوسع الحكام العسكريين البريطانيين في فلسطين جلاء أمر هو غامض في ذاته، فكتب كبير الضباط السياسيين في فلسطين إلى وزارة الخارجية طالباً توضيح مضمونه وجلاء مراميه، وكان جواب وزارة الخارجية حلقة أخرى في سلسلة سياسة الازدواجية والخداع، إذ بلغته وزارة الخارجية أن فلسطين مستثناة من مضمون هذا النداء العام، وإن هذا هو لمعلوماته الخاصة".

لقد بان الغرض من سياسة المواربة والمرواغة وانكشف أمرها، ففي الأسبوع الأول من شهر كانون الأول/ ديسمبر، أي بعد أقل من شهر من إصدار البيان العام، عقد رئيس الوزراء البريطاني صفقة سرية مع رئيس الوزراء الفرنسي كلمنصو غيرت بمقتضاها بنود اتفاقية سايكس – بيكو فأطلقت يد بريطانيا في فلسطين مقابل إطلاق يد فرنسا في بقية سوريا، وقد تغافل المسؤولون البريطانيون تغافلاً تاماً عن مسألة التشاور مع شريف مكة بهذا الصدد، كما ورد في النص الأصلي للاتفاقية .

وفي تلك الأثناء كانت فلسطين تفور بالقلق والاضطراب، رغم ما فرضته السلطات العسكرية من حظر للنشاطات السياسية، وجدير بالذكر أن الملفات البريطانية تشتمل على توثيق وتسجيل للاحتجاجات العربية أفضل من أي مصدر آخر عرفته، ولهذا السجلات قيمة كبيرة جدا بحيث أنها تستحق دراسة خاصة، لقد كان بوسع السلطات العسكرية البريطانية أن تقيد وتضيق حجم عمليات الاحتجاج، ولكنه لم يكن بوسعها أن تحجب الوقائع عن مرجعها في لندن، وقد أثارت موجة الاحتجاجات الكبيرة هذه المخاوف أنصار القضية الصهيونية في وزارة الخارجية البريطانية بحيث أن السير مارك سايكس سعى عن طريق التهديد المبطن للأمير فيصل، الذي كان عندئذ في زيارة رسمية للندن، لكي يستخدم "نفوذه" لإخماد حملة الاحتجاج والمعارضة ضد الخطط الصهيونية .

وكانت آخر خطوات بريطانيا للقبض على خناق فلسطين فوزها بالانتداب عليها وتضمينها بنود الانتداب ليس وعد بلفور فحسب بل بنوداً مفصلة حول تطبيقه وتنفيذه أيضاً. وقبل أن يقر مؤتمر السلام في باريس هذه الإجراءات أرسل لجنة مستقلة للتحقيق إلى سوريا، ووجدت هذه اللجنة أن عرب فلسطين يرفضون البرنامج الصهيوني وأي انتداب بريطاني يلتزم بتنفيذه، وقد خشي بلفور من نتيجة هذا التحقيق، فأعترض على شمول فلسطين في التحقيق وبين في مذكرة قدمها إلى رئيس وزرائه لويد جورج أنه بالنسبة إلى فلسطين "نرفض محقين وعن سابق إصرار قبول تطبيق مبدأ حق تقرير المصير" .

وأثناء صياغة بنود الانتداب كان المسؤولون في وزارة الخارجية البريطانية يعملون بتعاون وثيق مع الصهيونيين، ولكنهم لم يستشيروا حتى مرة واحدة أية سلطة عربية، فلسطينية كانت أو غيرها، وهذا مناقض لروح ونص المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم التي تضمنت أن تطوير مناطق الانتداب وتأمين الخير لها هو "أمانة مقدسة في عنق الحضارة"، وإنه عند اختيار الدولة المنتدبة التي مهمتها تقديم المشورة الإدارية يجب أن "توضع في المقام الأول" رغبات سكان منطقة الانتداب، ونتيجة لهذا المؤامرة الإنكليزية – الصهيونية جاءت بنود الانتداب على فلسطين مختلفة عما هي عليه لسوريا ولبنان والعراق، فهذه البلدان اعتبرت بمثابة بلدان مستقلة بحاجة إلى مساعدة دولة منتدبة لعدد من السنين، أما فلسطين، فقد أوكل أمر "إدارتها" إلى بريطانيا دون أي تلميح أو إشارة إلى منحها الاستقلال في المستقبل، وذلك، دون أدنى ريب، نتيجة حرمانها من حق تقرير المصير وفرض سياسة إنشاء وطن قومي يهودي فيها. هذا، وقد ذهبت احتجاجات العرب إلى مؤتمر السلام في باريس وإلى عصبة الأمم أدراج الرياح .

وكان الناطق العربي الوحيد الذي له شأن وسلطة فيصل بين الحسين الذي قدم احتجاجاته بإلحاح، وقد نفض أولاً يديه، في رسالة رسمية إلى الحكومة البريطانية، من مزاعم الصهيونيين بأنه "أقر" لهم بسياسة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وقال في رسالته:"إن كل ما اعترفت به هو أن أؤمن حقوق اليهود في تلك البلاد بالقدر الذي أؤمن به حقوق السكان العرب المحليين". وجلب الانتباه إلى معارضة سكان عرب فلسطين القوية، وأكد وجهة النظر العربية بأن فلسطين هي ضمن المناطق التي وعدت بريطانيا بمنحها الاستقلال وعبر عن ثقته بأن ذلك الوعد البريطاني لا يلغيه وعد لاحق للصهيونيين. وأضاف أن والده (الشريف حسين) مخول، حتى بمقتضى اتفاقية سايكس – بيكو، أن يؤخذ رأيه بصدد مستقبل فلسطين، لكنه، ومما يثير للدهشة، لم يشر إلى الرسالة البريطانية إلى والده التي تلقاها بواسطة "هوغارت" والتي جعلت الوعد لليهود خاضعاً لحرية عرب فلسطين السياسية والاقتصادية. وختم فيصل رسالته قائلاً: إذا ما أمكن الإبقاء على وحدة سوريا وفلسطين، "فبوسعنا أن نتوصل إلى حل يؤمن مصالح جميع من يهمهم الأمر" .

لقد كان الأمر بكامله أشبه بحوار الطرشان، فقد كانت بريطانيا مصممة على فصل فلسطين عن سوريا، واتفقت مع فرنسا على ذلك، وكذلك فإن زبائنها الصهيونيين كانوا غير راغبين في أن يكونوا تحت حكم أمير عربي، حتى وإن كانت سلطته إسمية، في حين كان متاحاً لهم حاكم من جنسهم وإن تنكر بزي مندوب سام بريطاني. ومن جهة أخرى، لم تكن فرنسا مرتاحة حتى لذلك القدر الضئيل من الاستقلال الذي كان فيصل يتمتع به في دمشق، لقد كان كل من مؤتمر السلام في باريس وعصبة الأمم المتحدة تحت سيطرة بريطانيا وفرنسا فيما يتعلق بشؤون السلام في الأدنى العربي، ولذلك كان فيصل والعرب يواجهون خصوماً جبارين، وكان حالهم في هذا أشبه بحال المتظلم، في الحكاية، الذي تبين له أن المتهم هو نفسه القاضي الذي قدمت الشكوى له !

لقد التزمت الحكومة البريطانية جانب العناد، بصورة غير معهودة، وضربت عرض الحائط بتحذيرات رجالها وممثليها في مسرح الأحداث. ففي 18 كانون الثاني (يناير) 1919 أرسل الجنرال غيلبرت كاليتون كبير الضباط السياسيين لدى قائد القوات البريطانية العام في سوريا وفلسطين برقية إلى وزارة الخارجية بأن وضع نصوص اتفاقية سايكس – بيكو والسياسة الصهيونية موضع التطبيق "سيتطلب" دون شك، الاحتفاظ بجيش احتلال فعال لمدة سنوات كثيرة قادمة، لقد أثبتت هذه النبوءة صدقها طوال مدة الانتداب على فلسطين، كما أثبتت صدقها حتى بعد انتهاء الانتداب الذي استبدل الاحتلال البريطاني باحتلال إسرائيلي .

لقد مضت السلطات البريطانية قدماً في تنفيذ السياسة التي استحدثتها في العام 1917 دون هوادة وفي وجه معارضة عربية شديدة باللجوء إلى القوة القاهرة العمياء. وقد رفضت الحكومات البريطانية المتعاقبة حتى مجرد احتمال معاودة النظر في سياستها. ومن المفيد أن ندرج هنا اثنين من ردود الفعل البريطانية المبكرة تجاه الاحتجاجات العربية، فأما رد الفعل الأول، فقد جاء على هيئة بيان رسمي أصدر هربرت صموئيل بعد وقت قصير من تسلمه منصب المندوب السامي في القدس في محاولة لتثبيط عزائم العرب والقضاء على أي بصيص أمل لديهم باحتمال إعادة النظر في السياسة البريطانية إذ جاء فيه: "لم يطرأ، ولن يطرأ، أي تغيير على سياسة حكومة صاحب الجلالة" .

أما رد الفعل الثاني فقد سجله أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية البريطانية على هيئة شرح وتذييل لاستسلام طلب "إنشاء حكومة تمثيلية تكون مسؤولة أمام جمعية تشريعية منتخبة" من المؤتمر العربي الفلسطيني الأول، إذ جاء في ذلك التذييل:"لا أظن أننا بحاجة إلى أن نعير هذا الطلب أي اهتمام، حتى ولا مجرد إرسال إشعار بالاستلام"، مرة واحدة فقط في خلال 30 عاماً اعترفت حكومة بريطانية بإمكانية إعادة النظر في سياستها، ففي عام 929، وبعد ثورة عربية مسلحة دامت ثلاث سنوات، اقترحت الحكومة ا لبريطانية إقامة حملة حكومة تمثيلية بعد انقضاء فترة انتقالية مدتها عشر سنوات. وبغض النظر عن الاعتبارات الأخرى. كان طول الفترة الانتقالية المغالى فيه غلطة كبيرة، وقد ساهم كل من معارضة الصهيونيين لهذا الاقتراح، وتردد العرب في قبوله، ثم اشتعال الحرب العالمية الثانية، إلى تخلي بريطانيا عن هذه السياسة، وقبل أن تنفض الحكومة البريطانية يديها من المسؤولية وتحيل القضية الفلسطينية إلى منظمة الأمم المتحدة في العام 1947، كان قد اتضح أنه لم يكن هنالك إنصاف للأغلبية العربية، فطوال ثلاثين سنة عمدت القوات البريطانية إلى إكراه الأغلبية على قبول تأسيس واستمرار نمو الوطن القومي اليهودي إلى أن أصبح اليهود، الذين كان عددهم لا يتجاوز 8% من السكان في ا لعام 1917، يشكلون ثلث مجموع السكان، ورفضت السلطات البريطانية، رفضاً باتاً، طوال الوقت، الاستجابة إلى طلب إنشاء حكومة تمثيلية.

فإذا كان بالإمكان إكراه الأغلبية، دون حق أو إنصاف، وإجبارها قسراً لصالح الأقلية، فلماذا لم يتيسر إكراه هذه الأقلية، بحق وإنصاف، لقبول حكم الأغلبية؟ إن التمعن في ما ينطوي عليه هذا السؤال من دلالات هو تعقيب حزين ومؤسف على العدالة البريطانية. إن نكران حق تقرير المصير على عرب فلسطين مدى ثلاثين عاماً هو دون أدنى شك علة خسارتهم أرض آبائهم وأجدادهم وسقوطهم في حمأة وضعهم الراهن المفجع .

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...