اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الرهــان الســورى


سيف الله

Recommended Posts

بعد أسابيع من هجمات الحادي عشر من سبتمبر بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية بإذن من سوريا عمليات جمع معلومات استخباراتية في حلب، بالقرب من الحدود التركية. وكانت حلب موضوع بحث الدكتوراه الخاص بمحمد عطا عن التخطيط العمراني، وقد سافر الي هناك مرتين في منتصف التسعينيات. وقال لي ضابط سابق بوكالة الاستخبارات المركزية عمل في دمشق بشكل سري: "كان الإخوان المسلمون موجودين في كل مرحلة من رحلة محمد عطا. فقد ذهب عن طريق أسبانيا بتيسير من الاخوان المسلمين في هامبورج".

كما أمدت سوريا الولايات المتحدة بمعلومات استخباراتية عن خطط القاعدة المستقبلية. وفي إحدي المرات علم السوريون أن القاعدة اخترقت أجهزة الأمن في البحرين ورتبت لتوجيه طائرة شراعية محملة بالمتفجرات الي مبني في مقر قيادة الأسطول الخامس الأمريكي هناك. وقال لي فلاينت ليفيريت المحلل السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الذي كان يعمل حتي أوائل العام الحالي في مجلس الأمن القومي وهو الآن عضو بمركز سابان بمعهد بروكينجز، إن المساعدة السورية "جعلتنا نوقف عملية لو نفذت لأدت الي مقتل الكثير من الأمريكيين". وساعد السوريون الولايات المتحدة كذلك في إحباط مؤامرة مشكوك فيها ضد هدف أمريكي في أوتاوا.

بشار الأسد اعتبر أحداث سبتمبر فرصة لتحسين العلاقة مع واشنطن للخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب

بدا أن استعداد سوريا للتعاون أربك حكومة بوش التي كانت تركز علي العراق. وطبقا لما ذكره مسئولون كثيرون تحدثت إليهم، لم تكن الحكومة الأمريكية مستعدة الاستعداد الكامل لانتهاز الفرصة وغير راغبة في إعادة تقييم العلاقة مع حكومة الأسد. فقد قال لي ليفريت إن كم المعلومات الواردة من سوريا وكيفها فاقا توقعات الوكالة" غير أنه أردف قائلا إن "السوريين يرون أنهم حصلوا علي القليل في مقابلها".

حكم حافظ الأسد، والد بشار الأسد، سوريا من خلال حزب البعث الاشتراكي لمدة ثلاثين عاماً. ووصفه الصحفي توماس فريدمان بأنه "أشبه برجل جرد منذ زمن بعيد من أية أوهام خاصة بالطبيعة البشرية". وكان يتعامل مع معارضيه بوحشية. ففي عام 1982، وبعد سنوات من الهجمات الإرهابية شديدة العنف في أنحاء سوريا، أمر حافظ الأسد بشن هجوم عسكري ضخم ضد الإخوان المسلمين في مدينة حماة الشمالية. فقد كان يري في الجماعة تهديدا لسيطرته علي سوريا، وقتلت قواته التي لم تبد الكثير من الرحمة مالا يقل عن خمسة آلاف شخص، الكثير منهم مدنيون، في معركة دامت شهرا جعلت المدينة خراباً. وفي عام 1994 قتل ابنه الأكبر ووريثه المفترض باسل في حادث سيارة. ووقتها كان بشار في الثامنة والعشرين ويدرس طب العيون في لندن، حيث كانت زوجته أسماء تعمل في برنامج تدريب المديرين في جي بي مورجان. وقد عادا الي دمشق في عام 1993، وبعيد وفاة والده في يونيو من عام 2000 تولي بشار الرئاسة.

وعلي عكس والده، جرت العادة في الصحف الغربية علي تصوير بشار ليس علي أنه قاسي القلب، وإنما علي أنه يفتقر الي الخبرة وعاجز عن السيطرة علي الحرس القديم. وفي الشهر الماضي زرته في مكتبه بدمشق. كان الأسد، الطويل النحيف الذي يبدو خجولا ويتوق الي أن يكون محبوبا، ينتظرني عند الباب. وقد عادل سلوكه المتردد والمنمق بعض الشيء بالدعابة. وكان صريحا بشأن الأسباب التي جعلته يتحدث الي، فقد كان يريد تغيير صورته وصورة بلاده. وقال لي "كان الحادي عشر من سبتمبر يبدو لقطة من أحد أفلام هوليوود، فقد كان أبعد من خيال أي إنسان. ولكنه لم يكن مستغربا كمفهوم. فالواقع أننا شاهدنا الأبرياء يقتلون في شوارعنا، ونعرف أثر ذلك" وكانت سوريا قد أعربت رسميا عن تعاطفها، ودعمت ذلك بجهود المشاركة بالمعلومات الاستخباراتية. وقال الأسد "كنا نظن أن القاعدة لا تختلف عن الإخوان المسلمين باعتبارها حالة ذهنية"

وأضاف الأسد أن الحادي عشر من سبتمبر "بالنسبة لنا فرصة جيدة. فقد كانت الحاجة الي التعاون أمراً بديهيا، وكانت في مصلحتنا. كما كانت كذلك طريقة لتحسين العلاقات". وكانت سوريا تأمل في الخروج من قائمة الدول راعية الإرهاب، وكانت حجتها تقوم الي حد ما علي الحقيقة التي تعترف بها الخارجية الأمريكية وهي أنها لم تشترك بشكل مباشر في أي عمل ارهابي منذ عام 1986، وعلي المستوي العملي فإن إزالة سوريا من علي القائمة قد يجعلها مؤهلة للتجارة والمساعدات التجارية الأخري. مثل مبيعات الأسلحة. المحظورة عليها في الوقت الراهن.

وحاول الأسد في المقابلات الصحفية والتصريحات العامة التفريق بين الإرهابيين الدوليين وهؤلاء الذين اسماهم جزءا من "المقاومة" داخل اسرائيل والأراضي المحتلة، بما في ذلك الشبان الفسلطينيون الذي ينفذون العمليات الانتحارية. وهو التفريق الذي يقره عدد قليل في حكومة بوش. وعداء سوريا تجاه اسرائيل لا هوادة فيه، وكذلك انتقادها الولايات المتحدة لدعمها اسرائيل. وفي تعليق تقليدي أدلي به الأسد في أواخر شهر مارس لصحيفة السفير اللبنانية أعلن أنه "ليس بيننا من يثق في إسرائيل: لا السوريون ولا أي من العرب الآخرين.. ولابد أن نكون حريصيين. فالخيانة والتهديدات هي دائما سمات إسرائيلية. وعلي الدوام تشكل اسرائيل تهديدا منذ أن وجدت".

وكان الأسد ومستشاروه. وكثيرون منهم أصدقاء مقربون من أبي. يأملون في أن يسمح لهم تعاونهم في الإيقاع بالقاعدة بتحسين علاقتهم مع الولايات المتحدة وإعادة تعريفها. ومن ضمن ما تريده سوريا أن تكون لها قناة خلفية توصلها بواشنطن وهو ما يعني أن تكون هناك وسيلة خاصة للاتصال مباشرة بالرئيس بوش ومساعديه. غير أن هناك عقبة كئود تحول دون ذلك، وهي دعم سوريا لحزب الله. وقد قال ريتشارد أرميتاج نائب وزير الخارجية الأمريكي في كلمة ألقاها في شهر سبتمبر من العام الماضي: "قد يكون حزب الله فريق الإرهابيين "أ" وقد تكون القاعدة في واقع الأمر الفريق "ب".

وفي الخريف الماضي أبلغ اللواء حسن خليل رئيس الاستخبارات العسكرية السورية واشنطن بأن سوريا علي استعداد لمناقشة فرض بعض القيود علي الأنشطة العسكرية والسياسية لحزب الله. وطلب اللواء أن تكون وكالة الاستخبارات المركزية وسيلة اتصال القناة الخلفية. وذكر مسئول كبير بوزارة الخارجية السورية التقيت به أن القناة الخلفية ضرورية لأنه بينما قد يكون الأسد قادراً علي اتخاذ اجراء سريع ضد حماس والجهاد الإسلامي الفسلطيني، فإن الموقف المعلن ضد حزب الله سيكون مستحيلا. وقال المسئول انه "لا يستطيع" حيث أضاف ان زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله يتمتع بشعبية كبيرة في سوريا.

ولم يلق الاقتراح أي رد. وقال لي مسئول سابق بوزارة الخارجية الأمريكية إن وكالة الاستخبارات المركزية، التي اسعدها المستوي المرتفع للتعاون مع الاستخبارات السورية، "لم تكن ترغب في القضاء علي "الحديث المفرح" عن القاعدة بتعاملها مع كل القضيا الأخري المثيرة للمشاكل في القناة الخلفية" وأضاف أن الخارجية الأمريكية لا تحب إطلاع وكالة الاستخبارات المركزية علي المراسلات الدبلوماسية الأمريكية السورية. وقد عارض البنتاجون، المشغول بحرب العراق والمعادي أيديولوجيا لسوريا، القناة الخلفية معارضة عنيفة.

من ناحية أخري قال مارتن إنديك، الذي عمل سفيرا في إسرائيل أيام كلينتون ويعمل حاليا مديرا لمركز سابان: "كان التعاون بشأن القاعدة مهما وفعالا. غير أن السوريين ظنوا أنه سيعوض عن كل ألعابهم مع العراق والمنظمات الإرهابية الفسلطينية، ولكنه لا يعوض عن ذلك". وعن مسألة إغلاق مكاتب حماس والجهاد الإسلامي في دمشق قال إنديك: "إنهم يتلاعبون". ثم تساءل قائلا: "لماذا يفعلون ذلك بالرغم من غضبنا؟ أولاً: هم يظنون انه سوف يصيبنا الإجهاد في العراق ونفشل فيما يتعلق بخارطة الطريق. ثانيا: لا يبدو ان هناك عواقب كثيرة لعدم الانتباه لتحذيراتنا".

واعترف إيتامار رابينوفيتش السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، الذي رأس الوفد الإسرائيلي أثناء مباحثات السلام التي لم يكن لها حظ من النجاح مع حافظ الأسد في منتصف التسعينيات، بأنه كان علي علم بالدور الاستخباراتي السوري الرئيسي في الحرب ضد القاعدة، ولكنه أوضح أن عدم ثقة اسرائيل في سوريا مازالت حادة. وتساءل رابينوفيتش بصوت عال عما اذا كان لدي السوريين معلومات مسبقة عن مؤامرة الحادي عشر من سبتمبر. بناء علي نوعية مصادرهم. ولكنهم لم يحذروا الولايات المتحدة. وقال إنه في ظل حكم الأسد الأب كان السوريون "أساتذة في عدم الالتزام" وأضاف: كان حافظ يتفاوض معنا، وكان يدعم حزب الله. وليس الابن في خبرة أبيه، الذي كان يمكنه الإبقاء علي خمس كرات في الهواء في وقت واحد. فبشار لا يمكنه التعامل سوي مع ثلاث كرات فقط، ان استطاع. وهو لديه نوايا طيبة، ولكنه لا يسيطر علي الموقف. ولا يمكنه إنجاز ما هو منتظر منه". لهذا السبب يعتقد رابينوفتش ان اسرائيل حثت واشنطن علي ألا تفتح قناة خلفية للأسد. وأضاف ان السوريين يرون أن أفضل قناة هي القناة الخلفية، فهي نموذجية. ذلك انهم في هذه الحالة لا يشعرون بالحرج علنا ويوفرون لأنفسهم بعض الوقت".

قال كثيرون ممن تحدثت معهم إن هناك تغيرا جليا في سلوك حزب الله وهو تغير ربما خلق فرصة يجب علي حكومة بوش استغلالها. فقد قال ديفيد ميرفي العضو البارز في مجلس العلاقات الخارجية الذي عمل سفيرا في سوريا في السبعينيات: "باستثناء تبادل إطلاق النار في مزارع شبعا". المنطقة المتنازع عليها علي الحدود اللبنانية. "الوضع هادئ منذ الجلاء الإسرائيلي في عام 2000. والحقيقة هي أن حزب الله يعرف حدوده". وأشار ميرفي الي تعميق حزب الله للمشاركة في الحكومة اللبنانية، فجماعة نصر الله لها الآن اثنا عشر مقعدا في البرلمان. ويعزو كثيرون في دوائر البنتاجون وفي اسرائيل سكوت حزب الله الي الهزيمة السريعة التي ألحقتها أمريكا بالنظام العراقي. وقال لي ضابط استخبارات إسرائيلي متقاعد: "الولايات المتحدة موجودة الآن في الشرق الأوسط، الي الشرق من إسرائيل". وقال مسئول اسرائيلي آخر إنه نتيجة لذلك "يقوم حزب الله الآن بدور دفاعي".

وأخبرني ميشال سماحة وزير الإعلام اللبناني أن حزب الله قد جعل الحياة مستقرة في جنوب لبنان بسيطرته علي الأنشطة العنيفة لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين القذرة المتناثرة في أنحاء المنطقة ورصدها أحيانا. كما قال إن امريكا وقعت في "خطأ أحمق" بعدم سعيها الي التفاهم مع حزب الله. وأشار سماحة الي أن الجماعة ملتزمة بإصرار سوريا علي منعها منفذي العمليات الانتحارية الفسلطينيين المحتملين عبور الحدود الي إسرائيل. وقال رابينوفيتش كذلك إن حزب الله أصبح أكثر "حرصا" في أعماله ضد اسرائيل.

وتساءل مارتن إنديك عن مقدار ما ستحصل عليه سوريا من ثقة مقابل التغيير وهو يقول: "رأي نصر الله بشكل مستقل أن الوقت مناسب لتهدئة الأمور، قبل حرب العراق بوقت طويل. ولا أظن ان السوريين كانوا ضد ذلك، غير أني لا أتسرع وأرجع الفضل إليهم في تهدئة الأوضاع. فحزب الله، شأنه شأن حماس، قرأ الخريطة بطريقة أفضل بكثير من بشار وقرر أنه من المنطقي أن يحافظ علي هدوئه، ويحافظ علي أصوله وموارده، ويعيد بناء ما هو بحاجة الي إعادة بناء، وينتظر الجولة التالية".

وقد تحدثت مع نصر الله، وهو في أوائل الأربعينيات، أثناء تناول الشاي في مكتبه الي الجنوب من بيروت. وفي خطبه الي المؤمنين تتسم لغته بمسحة من العداء تجاه اسرائيل والولايات المتحدة، وبإقرار التفجيرات الانتحارية. وقد قال في حديثه معي: "كنت اعتقد انه سيكون أمام الأمريكيين عام أو عامان قبل أن يبدأ العراقيون احتجاجهم، ولكن ها هم يحتجون بعد شهرين فقط وليس عامين". كما قال إن المقاومة المسلحة حتمية "ذلك أن تاريخ العراق يقول إنه من الممكن ان تحتل العراق، ولكنك لا يمكن أن تبقي هناك وقتا طويلا". (عشية الحرب قال إن علي الجنود الأمريكيين توقع "عمليات استشهادية" وإن "موت أمريكا كان وسيظل شعارنا").

وأكد نصر الله أنه لا يسعي للدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة. وبسبب قدرة حزب الله علي إرباك أي اتفاق بين الاسرائيليين والفلسطينيين، سألت نصر الله عن رأيه في تجديد المحادثات. تردد لحظة ثم قال "هذا في نهاية الأمر شأن فلسطيني. وأنا، كأي شخص آخر، قد أعتبر ما يجري صوابا أو خطأ.. ربما يكون لي تقييم مختلف، ولكن في النهاية لا يمكن أن يحارب أحد نيابة عن الفلسطينيين، حتي لو لم يكن ذلك الشخص موافقا علي ما أتفق عليه الفلسطينيون، وبالطبع سيزعجنا أن تستولي إسرائيل علي القدس". في منتصف الشتاء، ورغم الضغوط الأمريكية المكثفة، قرر بشار أن سوريا لن تدعم غزو العراق، وكان التعاون بشأن القاعدة في ذلك الوقت قضية ثانوية.

وفي مقابلتنا قال الأسد إن معارضته للحرب كانت تقوم علي مبدأ. "هل يمكن أن يتجاهل الشعب العراقي الاحتلال الأمريكي لأنه يكره صدام؟.. إن الولايات المتحدة لا تفهم المجتمع، بل ولا حتي أبسط التحليلات". وكان قراره مدفوعا كذلك بالسياسة الداخلية. وكانت أمريكا قد طالبت سوريا برصد ومنع التدفق المكثف للأسلحة المهربة وغيرها من الاحتياجات العسكرية من المستثمرين السوريين، وكثيرون منهم لهم صلات رفيعة المستوي بحزب البعث. وقال دبلوماسي أجنبي تربطه صلات وثيقة بـ"واشنطن": "لدي الولايات المتحدة صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعدات والمعلومات الخاصة بمسئولين سوريين رفيعي المستوي. فلم يوقفها بشار. واستشاطت الولايات المتحدة غضبا".

بل إن أكثر مؤيدي بشار تفاؤلا أخبروني أن مقدار سيطرة بشار علي حكومته ليس واضحا. فقد قال لي مرهف جويجاتي وهو عالم سياسة سوري المولد يعمل حاليا في معهد الشرق الأوسط بـ"واشنطن": "يحاول بشار الوصول إلي الشعب، والشعب يحبه ، ولكن ما يقف بينهما هو الدولة الفاسدة ماليا".

لقد أيد حافظ الأسد حرب الخليج الأولي، وقال دينيس روس الذي كان مبعوثا خاصا للرئيس كلينتون إلي الشرق الأوسط إن بشار الأسد "راهن رهنا خاطئا" برفضه تأييد أمريكا هذه المرة. كما قال روس: "لقد أصابه القلق بعد الحرب وبعث بسلسلة من الرسائل يقول فيها إنه يرغب في السلام". وأضاف: "لابد أن يعرف الأسد أنه لن يدبر أموره بأقل التكاليف، فالواقع أن عليه وقف دعمه لحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي". غير أن روس قال إنه لو فعل ذلك لكافأته الولايات المتحدة علي ذلك "بتجديد محادثات مرتفعات الجولان"، وهي الأرض التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وأشار روس إلي أنه لا يوجد حتي الآن مؤشر علي أن الحكومة الأمريكية تبذل أية مساع في هذا السبيل.

وبدلا من ذلك قال رامسفيلد في أواخر شهر مارس إن سوريا ستتحمل مسئولية أفعالها. كما اتهم سوريا بإمداد العراق بأجهزة الرؤية الليلية وغيرها من السلع الحربية. وألمح كذلك إلي أن أسلحة الدمار الشامل العراقية ربما تكون قد أخفيت هناك. وقد أنكرت سوريا تلك الادعاءات، ووصف أعضاء مجتمع الاستخبارات الذين تحدث معهم الأدلة التي سيقت ضد سوريا بأنها مشكوك فيها إلي حد كبير.

أربكت التهديدات السوريين، من ناحية لأن الكثيرين داخل حكومة بوش والقريبين منها كانوا يحثون علي تغيير النظام الحاكم في دمشق منذ سنوات، وفي عام 2000 أصدر منتدي الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث محافظ في واشنطن، دراسة توفر الكثير من نفس أسباب اتخاذ إجراء عسكري ضد سوريا التي استخدمت فيما بعد ضد العراق. وقال لي مسئول سابق بالخارجية الأمريكية: "كانت وزارة الدفاع تحث علي التشدد مع سوريا. وأظن أن رامي "رامسفيلد" كان يجس النبض علي الأقل. لمعرفة مدي الشوط الذي يمكن أن يقطعه. ولكن البيت الأبيض لم يكن مستعدا". وأضاف المسئول السابق أن كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي "لن تمنع البنتاجون من اتخاذ إجراء ما بالصورة التي كانت ستضطر للجوء إليها لكي تعطي فرصة لسياسة إلزام سوريا سياسيا. وهي لن تفعل ذلك إلي أن يوضح الرئيس أفضلياته. قد يكون بإمكان حكومة أخري تحمل هذا النوع من الانجراف السياسي تجاه سوريا، ولكن بوش لا يمكنه تبني هذا الانجراف علي الإطلاق. فقد استخدم لغة دينية في حديثه عن الحرب ضد الإرهاب. والرئيس الذي يقول "إما أن تكون معنا أو ضدنا" لا يمكن أن يسمح بالانجراف السياسي. وأسلوب رامسفيلد هو أن يقول للرئيس "عليك أن تفعل في سوريا ما وعدت أن تفعله".

كان هناك غضب في واشنطن بشأن ما رأي مسئولون كثيرون أنه قرار حكومة بوش لاختيار المواجهة مع سوريا بدلا من المساعدة اليومية ضد القاعدة. وإلي حد ما، لم تكن المسألة هي سوريا نفسها بقدر ما كانت المنافسة بين الأيديولوجيا والنزعة العملية. وبين الميل إلي دخول الحرب في العراق وضرورة محاربة الإرهاب، مما أوجد صدعا عميقا داخل حكومة بوش. وأصاب انهيار علاقة الاتصال الكثير من عملاء وكالة الاستخبارات المركزية بالإحباط إلي حد كبير. وقال لي مسئول سابق رفيع المستوي في الاستخبارات: "الشباب غاضبون بشدة لأننا أضعنا هذه الفرصة، فقد كانت هناك قناة عظيمة في حلب، وكان السوريون أكثر استعدادا بكثير لمساعدتنا، ولكنهم". رامسفيلد وزملاءه. "يريدون أن تكون تلك هي محطتهم التالية".

وقال لي مسئول بوزارة الخارجية السورية: "ليست هناك علاقة أمنية الآن. وهذا أمر يحزننا بقدر ما يحزنكم أنتم. كان بإمكاننا إمدادكم بمعلومات عن التنظيمات التي نظن أنه لا ينبغي لها أن توجد. وحين نساعدكم بشأن القاعدة، فإننا نساعد أنفسنا". وأضاف هذا المسئول، بحزن تقريبا، أنه لو كانت واشنطن وافقت علي مناقشة قضايا رئيسية معينة في القناة الخلفية "لكننا أعطيناكم المزيد. ولكن حين تحاولون في العلن إذلال دولة ما فإن هذه الدولة يتملكها العناد".

ويوافق روبرت بير، الضابط السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الذي عمل في سوريا ومؤلف كتاب جديد بعنوان Sleeping with the Devil النوم مع الشيطان عن علاقة واشنطن بالسعوديين، علي أن السوريين كان لديهم المزيد مما يمكنهم تقديمه. وقال لي بير: "يعلم السوريون أن السعوديين كانوا متورطين في تمويل الإخوان المسلمين، وهم بالتأكيد يعرفون الأسماء".

وقال مسئول سابق بالخارجية الأمريكية: "كان التعاون ممتازا حتي يناير 2003 وكنا حينذاك في سبيلنا لتنفيذ عملية العراق، وتشدد بعض الناس في الحكومة وأرادوا إشراك سوريا في مسائل عملياتية لا علاقة لها بـ"القاعدة" وتتعلق كلية بـ"العراق". وكان ذلك شيئا أرادته واشنطن من السوريين ولم تكن لديهم الرغبة في القيام به".

قال غسان سلامة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس، الذي كان يشغل حتي شهر أبريل الماضي منصب وزير الثقافة اللبناني إن الخلافات حول العراق "قضت علي الرهان السوري. فقد راهنوا علي إيجاد أرضية مشتركة بصورة ما مع أمريكا. راهنوا بكل شيء علي التعاون مع أمريكا". وأخبرني مسئول بوزارة الدفاع شارك في وضع السياسة الخاصة بـ"العراق" إن السوريين حافظوا علي هدوء "حزب الله" أثناء الحرب في العراق، رغم خلافاتهم مع واشنطن. وقال إن تلك كانت "إشارة لنا، ونحن أضعناها. إن السوريين يحاولون الاتصال، ونحن لا نصغي إليهم".

يا باب يا مقفول .... إمتى الدخول ؟

صبرت ياما ..... واللي يصبر ينول

دقيت سنين .. والرد يرجعلى : مين ؟

لو كنت عارف مين أنا.. كنت أقول

عجبي

رابط هذا التعليق
شارك

عزيزى الأخ سيف الله,

هل من الممكن ذكر مصدر هذا الخبر حتى نتحقق من مصداقيته؟

و شكرا

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...