اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

زواج....... على الطريقة المالاجاسى


الأفوكاتو

Recommended Posts

زواج على الطريقة المالاجاسى

المقال الأخير عن مدغشقر

.

.أهل مدغشقر, و كيف يعيشون.

ينحدرمعظم أهالى مدغشقر من أصول ماليزية و إندنوسية,من الذين هاجرواالى الجزيرة منذ 1500 سنة, بل أن بعض الحفريات أثبتت أن أدوات حجرية يرجع تاريخهاالى2000 سنة مضت, قد وجدت هناك.

و يطلق على شعب مدغشقر كلمة" مالاجاسى" و تنطق بالفرنسية "مالاجاشى", و هم عموما يرفضون وصفهم بالإفريقيين,( كما يكره عندنا بعض المصريين وصفهم بكلمة "عرب" , و ذلك رغم قرب جزيرتهم من الشاطئ الشرقى لأفريقيا,

و تشابه جغرافيتهم و مناخهم مع مناخ شرق أفريقيا.و يتكون الشعب الملاجاسى من 18 قبيلة, وهذه لقبائل تحددها الجغرافيا و ليس الأصل الإثنى.

ومن أهم هذه القبائل هى قبيلة "مرينا" التى تتركز حول العاصمة" أنتاناريفاو". و ملامحهم إندنوسية,

و هناك أيضا قبيلة " فيز" و التى تسكن الساحل الجنوبى الشرقى من الجزيرة, و تقترب ملامحهم من ملامح سكان شرق أفريقيا, و لكنهم يتبرؤن منها.الى جانب هذا, تتضمن بقية القبائل عناصر هندية و باكستانية, و عربية, و فرنسية, و لكنهم جميعا مختلطون بطريقة أو أخرى.

ورغم أن الثقافة الملاجاسية كانت متأثرة بلإحتلال الفرنسى, إلا أنه قد فى عام 1972تقرر أن تكون اللغة المالاجاسية هى اللغة الرسمية للمدارس و الحكومة, و لكن فى عام 1986, أعيد النظر , و أسترجعت اللغة الفرنسية كلغة ثانية بالمدارس, حتى يمكن للتلاميذ الإطلاع على العالم الخارجى.

و قد زاد عدد الأطفال الذين التحقوا بالمدارس الإبتدائية فى خلال السنوات الماضية من 78% الى 87%, و تبلغ نسبة الأمية فى الجزيرة حوالى 60%( أى نفس نسبة الأمية فى مصر إن لم تكن أقل ),

و أغلب المتعلمين يعيشون فى المدن, و تقل نسبة التعليم فى القرى.و تعتبر جزيرة مدغشقر من أفقر بلاد العالم, و لن يدرك القارئ مدى فقر هذا الشعب إلى أن يذهبوا ألى هناك ليكونوا شهود عيان,

أنتقل الآن الى بعض مشاهد الحياة خارج العاصمة.

تصادف أثناء تواجدنا فى بلدة مارنسترا, أن أحد أقرباء زوجة نسيبى كان على وشك الزواج, و أصر على دعوتنا لحفل زواجه.

وفى يوم الفرح, صحونا على صوت المطر كالمعتاد, ولكن كانت هناك بوادر إعتدال للطقس, و أن المطر سيتوقف.

ذهبنا الى سوق البلدة لشراء بعض التموين , و أيضا لشراء قبعات مصنوعة من القش, و هى جميلة جدا و بها فتحات للتهوية, و يمكن وضعها فى حقيبة, و متى أخرجتها من الحقيبة, إستردت الشكل الأصلى بدون أى كرمشة أو تلف. و القبعات هنا ضرورية للحماية من ضربات الشمس.و كانت الشمس ساطعة بعد الظهر,

و ذهبنا الى الكنيسة التى سيعقد بها حفل الزواج, و هى كنيسة بناها الفرنسيون أثناء الإحتلال, و كانت مبنية على الطراز الكلاسيكى الفرنسى, و رغم قدمها و عدم العناية بها, إلا أنها كانت ما تزال تحمل طابع جمال و آثار عز و أبهة.

و كانت مقاعد الكنيسة مصنوعة محليا من خشب الماهوجانى, كما كانت المصنعية جميلة تدل على حرفنة من قام بعمل القويمة.

كانت إجراءات عقد الزواج طويلة, و باللغة المالاجاسية, و لكن الوقت طار , فلقد إستمتعنا الى تراتيل دينية, بدون موسيقى, وكان صوت المنشدين جميلا جدا, و رغم أننا لم نفهم كلمة واحدة مما كان يقال, إلا أننا إستمتعنا تماما بما يدور حولنا, واندمجنا معهم و كأننا جزء من هذه الطقوس.

و كانت الكنيسة مملوءة, لأنه, الى جانب أفراد الأسرة و الأصدقاء, فإن التقاليد تتطلب دعوة أهل البلدة كلها لعقد الزفاف. كذلك كانت كل الطرق المؤدية الى الكنيسة مملوءة بالمهنئين.و كان اليوم التالى مهما, فالتقاليد تقتضى بأن يذهب العريس و العروسة الى مسقط رأس أهلهما ليتباركا بهم.

و كان علينا أن ننتقل الى مرساة على النهر, تبعد حوالى 8 كيلومترات, و قد فضل البعض الذهاب سيرا على الأقدام, و لكننا و أعضاء أسرة العروسين ركبنا فى لورى أخذنا واقفين الى حيث القارب. و كان العريس و العروسة مرتديين ملابس الزفاف الرسمية, فالعريس مرتد الردينجوت, و العروسة مرتدية ثوب الزفاف التقليدى الأبيض و الطرحة البيضاء المحلاة بالزهور البيضاء., و لكم أن تتخيلوا منظرهم وهم يصعدون على كتل الخشب المؤدية الى القارب, و منظرهم وهم محمولين على أكتاف الأهالى لوضعهم فى القارب الذى سيقلهم الى القرية.

و صعدنا معهم لنبدأ رحلة مثيرة. كانت القوارب التى نقلت المعازيم ضيقة و طويلة, و تسع ثمانية أفراد, بالإضافة الى الملاح الذى إستعمل مجداف واحد لتسيير القارب الذى لم يكن مجهزا بموتور. واستغرقت الرحلة ساعتين, ( حوالى 8 كيلومترا) فى هدوء تام, وكنا ننظر الى المياة و الشاطئ, و نسمع خرير المياة وهى تلمس برقة جوانب القارب, و كأننا كنا نعيش لحظات فى الجنة.

ثم دخلنا الى مناطق أكثر إتساعا فى النهر تكاد تشبه البحيرة, و تغير المنظر من غابات مدارية الى شواطئ مقام عليها قرى صغيرة, بأكواخها المصنوعة من الخشب و البوص. و كانت هناك زهور جميلة ذات رائحة عطرة, وهى زهور نبات القرنفل, الذى يعد من أهم صادرات مدغشقر.

و انكسر الهدوء على سطح المياة نتيجة صياح و هتاف السكان الذين كانوا يعبرون النهر من الإتجاه المضاد, مهنئين و متمنين السعادة و الهناء للعروسين.

و استمر الملاح فى التجديف المنفرد, و سار القارب تحت أشعة الشمس الساطعة, التى حلت محل السحب.

و عندما رأينا دخان فى الهواء وراء قمم الأشجار, عرفنا أننا قد وصلنا الى هدفنا, حيث أن الدخان كان علامة حرق الأغصان التى تستعمل للطهى, و التى كانت على إستعداد لبدأ وليمة الفرح التقليدية.

كنا نسمع أصوات السكان قبل وصولنا الى القرية, و كان الأهالى فى الإنتظار حيث أن القوارب التى سبقتنا كانت قد شيعت خبر وصولنا, ثم رأينا أهل القرية يقفون على ضفة النهر و البنات الصغار يحملن الزهور,

و أبتدأ الرقص و الغناء بإيقاع جميل, ترحيبا بالعروسبن. واستمر الغناء , وشعرت كأنى أشاهد فيلما من أفلام السينما , ولكن هذا لم يكن تمثيلا, لقد كان حقيقبا . و توقفنا عند المرسى, و قفزنا على قطع الخشب المؤدية الى الشاطئ كالبهلوانات, و لكن منظر العريس و العروسة وهما يقفزان بملابسهم الموقرة, جعلنا نضحك بهستيرية.

و اقتادنا فريق الرقص و الغناء فى شارع القرية, الى الكنيسة الصغيرة المبنية من الخشب.و ازداد عدد المستقبلين كلما إقتربنا من الكنيسة, الكل يقدم التهنئة, و قامت بنات القرية بعدة رقصات جميلة, بأداء جميل منسجم, و كن يرتدين ملابس ملونة و يضعن زهور حول رقابهن و فوق رؤسهن, كان المكان قطعة من الجنة.

و ابتدأت الوليمة و نحن جلوس على الأرض فى صفين, و فى الوسط, أعدت مائدة من أوراق الموز, وضع عليها لحم مشوى بعد أن ذبحوا ثورا مملوكا لأحد أفراد القرية.

كذلك كان على المائدة "الموزية"( المصنوعة من ورق الموز) سلطة مصنوعة من الخضراوت و البصل و الباباى الأخضر,وكانت السلطة متبلة بجميع أنواع التوابل, كذلك كان هناك كم كبير من الأرز.

و بدلا من الأطباق و الملاعق, أستعملوا أجزاء من ورق الموز لوضع الطعام و أكله, ولكن الأغلبية فضلت إستعمال الأصابع. ثم قدم نوع من الروم المحلى, فى أكواب بلاستيك, و لكن العريس كان من الفطنة بحيث أحضر زجاجات من المياة المعدنية للأجانب الذين قد لا يعجبهم الروم المحلى الذى يبدوا أنه كان " يلطش"

و استمر الإحتفال حتى المساء, و لكن البعض الذين فضلوا العودة الى " مارنسترا" و إستقلوا, ونحن معهم, قارب طويل مزود بموتور, و رغم أن الرحلة كنت أسرع من رحلة الذهاب, إلا أنها لم تكن ممتعة بسبب صوت الموتور الذى أفسد الهدوء الذى تمتعنا به فى رحلة الذهاب.

و الى هنا تنتهى رحلة مدغشقر, و أرجوا أن تكونوا قد إستمتعتم بها, والى اللقاء فى مكان جغرافى آخر.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

اشكرك على هذا الطرح المميز والذي يصلح لو جمعت تلك المعلومات مع معلومات من دول اخرى ان تكون كتاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صور للحياة في مالاجاسي

flowermarket.jpg

tana.jpg

baobab.jpg

village.jpg

Mad%20map%20+%20city%20names%20-%20final.jpg

Malagasy.C78.jpg

IMG16.jpg

IMG22.jpg

IMG25.jpg

IMG11.jpg

IMG19.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

عزيزى الأخ الريس,

شكرا جزيلا على نشر هذه الصور المعبرة, و هى تشير الى بعض الأماكن التى كتبت عنها فى المقلات الخمس السابقة عن مدغشقر.

و رغم أن عندى آلاف من الصور التى جمعتها أثناء سياحاتى السنوية, فإنى لم أرتقى بعد الى فن عرضها على صفحات المنتدى.

قبل أحداث سبتمبر, كنا نفكر فى قضاء ستة شهور فى بلاد أمريكا الجنوبية, و كنا قد رسمنا خط السير, و الأماكن التى كنا نزمع زيارتها... الخ, ثم حدث ما حدث, تلته حملة عزو أفغانستان, ثم السارس , ثم غزو العراق.

و الى أن تستقر الأحوال سياسيا, فسوف نجتر ذكريات الماضى, الى أن يمكننا التعامل مع الحاضر,

شكرا مرة أخرى

و تقبل تحياتى

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

الى الأديب الكبير "الأفوكاتو"

جميل جدا بل رائع ما كتبته عن وصف العرس المالاجاسي .. انه اسلوب السهل الممتنع .. اسلوب شيق وممتع وقد شعرت اني موجود معكم في الكنيسة اسمع الترانيم الجميلة وتخيلت نفسي جالسا مفترشا الأرض اكل الرز اللحم على ورق الموز.

انا استمتع جدا بمداخلاتك، وأقرأها حرفا حرفا . ويا حبذا لو أكثرت من وصف مثل هذه الرحلات .. فإن ادب الرحلات يعتبر من روائع الأدب.

تحياتي لك وشكرا

رابط هذا التعليق
شارك

عزيزى الأخ أبو الفصاد,

شكرا على مديح لا أستحقه, فأنا لا أديب ولا حاجة,

ربما سبب تمكنى من التعبير عن ما أراه يرجع الى حُبى للغة العربية, التى لا أكتب بها إلا فى المنتدى, فمنذ تركت مصر, كانت كل حياتى, من البيت الى الغيط, تتم بالإنجليزية.

و الحنين الى اللغة العربية يفعل المعجزات.

أتمنى أن تزول الغمة, و تستتب الأمور, و يعود الأمن و الأمان, حتى يمكنى العودة الى الترحال ( أو كما تعودت وصفها بكلمة " صياعة" )

حتى يمكننى الكتابة عن رحلات أخرى.

شكرا مرة أخرى لردك الرقيق. و تقبل تحياتى.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

انضم إلى المناقشة

You are posting as a guest. إذا كان لديك حساب, سجل دخولك الآن لتقوم بالمشاركة من خلال حسابك.
Note: Your post will require moderator approval before it will be visible.

زائر
أضف رد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   تمت استعادة المحتوى السابق الخاص بك.   مسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...