اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

دردشة : إعرف مجتمعات أخرى-مدغشقر


الأفوكاتو

Recommended Posts

دردشة: إعرف مجتمعات أخرى. جزيرة مدغشقر

( رحلات الأفوكاتو- الحلقة الأولى)

قبل أحداث 11 سبتمبر, تعودنا أن نزور بعض بلاد العالم مرة كل سنة. و قد توقفنا عن هذه المتعة بسبب الظروف الدولية, و ما تلاها من حرب أفغانستا, ثم التفجيرات فى المنشئات الأمريكية, ثم تفجيرات بالى, و أخيرا حرب العراق, و كارثة السياحة... سارس.

و قد فكرت فى أنشر بعض ذكريات هذه الرحلات, و كنت قد نشرت بعضها فى المنتدى المصرى( و هو ليس منتدى مصريات الحالى" شئون مصرية" ) و كذلك فى منتدى محاورات المصريين التابع وقتها لجريدة الوفد.

و سوف أعيد نشر بعض هذه الذكريات , فى حلقات صغيرة, حتى لا أضجر القارئ.

و اليكم الحلقة الأولى , و كانت الرحلة الى " مدغشقر ", لزيارة شقيق زوجتى, المتزوج من سيدة محلية, و الذى كان يعيش فى مدغشقر, و لكنه رجع الى إنجلترا بعد الحرب الأهلية الخاطفة التى نشبت فى الجزيزة نتيجة سقوط رئيس قديم, و إحلال رئيس آخر محله, و هذه قصة أخرى.

الحلقة الأولى:

الطريق الى مدغشقر:

إبتدأت رحلتنا الى مدغشقر, وهى جزيرة تقع فى مواجهة الساحل الشرقى لقارة أفريقيا, من مطار نيروبى فى كينيا, و قد توقفت الطائرة التابعة لخطوط مدغشقر الجوية, لمدة وجيزة فى مطار جزيرة "كوموروس" و هى جزيرة تستهوى السياح الذين يهوون رياضة الغطس, ( مثل الغردقة) , و بقينا فى الطائرة لمدة نصف ساعة, تحت حراسة مسلحة من قوات الأمن, متمركزة خارج الطائرة , وبعد رحلة طيران بسيطة, و صلنا الى هدفنا, وهو مطار العاصمة وإسمها" أنتاناريفو", و إسمها المختصر هو " تانا".

و عندما إقتربنا من جزيرة مدغشقر, رأينا مياة حمراء تندفع من الأنهار, و تتدفق داخل المحيط, ملونته باللون األأحمر, وعندما سألنا عن هذه الظاهرة, قيل لنا أن عمليات إزالة و إبادة الغابات, للحصول على الخشب, قد أزالت الحماية الطبيعية للتربة, و أصبح من السهل على الأمطار و السيول جرف التربة, و قذفها فى المحيط, وهذه خسارة كبيرة قد تؤدى الى فقدان آلاف من المكعبات من التربة كل شهر.

و عندما إقتربنا من التخليص الجمركى, تعرض لنا بعض المواطنين يعرضون علينا (إجباريا) مساعدتنا فى تخليص حقائبنا و حملها الى موقف السيارات بعد دفع المعلوم .

و مطار "تانا" هو مطار بسيط بالقياس الى المستويات العالمية المتواضعة, و يشبه مطار الغردقة منذ عشرين عاما, و كان هناك بالمطار كشك زجاجى بسيط عند الخروج من صالة الوصول, لتحويل النقود الى الفرنك " المالاجاسى" وهى العملة المحلية, وبعد ذلك بحثنا عن وسيلة للمواصلات للوصول الى المدينة نفسها التى تبعد عن المطار حوالى ساعة قيادة على الطريق, رغم أن المسافة لم تكن طويلة لهذا الحد, ولكن إإزدحام الطريق و رداءته قللا من سرعة السيارة.

و عند موقف التاكسى, تبينا أن السائح يدفع ضعف ما يدفعه المواطن المالاجاسى للمسافة الى المدينة, و احاط بنا حوالى سبعة من الدلايبن, كل يدلل للتاكسى الذى يعمل لحسابه. , إذا كان سكان القاهرة غير راضين عن تكسيات القاهرة و مظهرها المنفر, فلا أراهم الله مكروها برؤية تاكسيات مدغشقر التى لا تحمل عدادا, أو كلمة تاكسى, وفى أكثر الأحيان قد يطلب السائق من الراكب أن يساعده فى زق التاكسى الذى قد يتوقف عن السير عندا فى صاحبه.

وكان حظنا جيدا, فقد كان السائق الذى إخترناه, أو الذى إختارنا, الله أعلم, شاب ظريف فى العشرينيات, مهذب و يتحدث الإنجليزية بقدر كاف لنفهمه, ( تبين لنا بعد ذلك أنه يعمل على سيارة إبن عمه بعض الوقت, لدفع مصاريف الجامعة).

وفى طريقنا الى العاصمة, سرنا فى طريق ضيق من حارتين, إستمتعنا برؤية حقول الأرز , وبعض القرى الصغيرة.

أتوقف هنا , و أراكم فى الحلقة القادمة إنشاء الله.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

و قد توقفت الطائرة التابعة لخطوط مدغشقر الجوية, لمدة  وجيزة فى مطار جزيرة "كوموروس" و هى جزيرة تستهوى السياح الذين يهوون رياضة الغطس, ( مثل الغردقة)

جزر كوموروس هي نفسها جزر القمر

الشعب اراد الحياة و القيد انكسر

رابط هذا التعليق
شارك

رحلات الأفوكاتو- الحلقة الثانية

الوصول الى العاصمة:

قبل الدخول فى تفاصيل إقامتنا فى العاصفة, أود أن أقدم وصفا موجزا لجزيرة مدغشقر:

تمتد الجزيرة طولا, من الشمال الى الجنوب حوالى 1580 كيلومترا, و عرضا, من الشرق الى الغرب, حوالى 571 كيلومترا. و يمر مدار الجدى بمنتصف النصف الأسفل من الجزيرة, وفى وسط الجزيرة توجد هضبة عالية, حيث أقيمت العاصمة " أنتاناريفو" ويطلقون عليها للإختصار إسم" تانا".

و كانت مدغشقر مستعمرة فرنسية , الى أن حصلت على إستقلالها فى 26 يونيو عام 1960.

وصلنا بالتاكسى , من المطار الى العاصمة, حوالى بعد الظهر, وأخترنا إحدى اللوكاندات من كتيب سياحى إشتريناه فى المطار. و عند وصولنا الى هذه اللوكاندة, حاصرتنا جحافل من الشحاذين, بناتا وصبيانا, يتراوح سنهم ما بين 10 و 15 سنه, وعندما لم نعرهم إلتفاتا, و دخلنا الى اللوكاندة, إستمر حصارهم للوكاندة لمدة نصف ساعة, يصرخون, ويدقون طبول, و يغنون و يلعنون أبو خاشنا لعدم التعطف عليهم بحسنة, ولم ينصرفوا إلا بعد أن هددهم أمن اللوكاندة باستدعاء البوليس, و أعتقد أن إنصرافهم كان يأسا لا خوفا, الظريف أن هذا المهرجان كله كان يحدث باللغة الفرنسية, ( وذلك يذكرنى بالمرحوم محمد الكحلاوى الذى زار فرنسا فى الأربعينيات, وعندما رجع الى القاهرة قال: الفرنسيون قوم على درجة عالية من الثقافة, فحتى الكناس فى الشارع يتحدث بالفرنسية).

قبل أن ينصرف الشاب اللطيف سائق التاكسى, سألنا إذا كنا نريد منه العودة صباح اليوم التالى فى حالة ما إذا كنا فى حاجة الى مواصلات, وقد كان قبولنا هو أفضل قرار إتخذناه أثناء هذه المغامرة, كما سترون بعد.

كانت حوائط اللوكاندة الداخلية مطلية بلون برتقالى كئيب, و لكننا لم نكن فى حالة تسمح لنا بالإنتقاد, فقد كنا متعبين, و كل ما أردناه هو فراش لليلة لنرتاح, وهذا لم يحدث.

كانت اللوكاندة مملوءة بالسياح الفرنسيين الشبان, الذين كانوا فى حالة دخول وخروج مستمر, مع رزع الأبواب, و صوت أقدام يدوى فى الدور ألأعلى و الطرقات, و صريخ و غناء حتى مطلع الفجر, و أشياء أخرى.

كان الحمام بدائيا, مواسير فى كل مكان( هل يذكركم هذا بشيء؟؟), و كان فرش الحجرة متواضع, سرير, و مقعدين, و ترابيزة مستديرة, ولكن فرش السرير كان نظيفا, و جهاز تليفزيون أبيض و أسود, يعطيك محطتين, الأولى باللغة الفرنسية, و الثانية باللغة المحلية, أى " المالاجاسية"و كان مضحكا رؤية شون كونرى , أى جيمس بوند, وهو يتحدث بالفرنسية, أو أفلام الكاوبوى الذين يتحدثون مالاجاسى.

إنضم ال جيش المضايقات جحافل من الجاموس, آسف, أقصد ناموس فى حجم الجاموس, الذى هاجمنا فور غروب الشمس, و بين إستعمال أقراص الحرق الدخانية, و الإسبراى, كدنا أن نتفطس, و سلمنا جسمنا طواعية لنهش الجاموس. ثم أكتشفنا طريقة للخلاص المؤقت من العذاب, وهى الوقوف تحت الدش لمدة ساعات.

عندما خرجنا من اللوكاندة فى الصباح التالى, عرفنا لماذا كان إختيارنا لهذه اللوكاندة غير موفق, فقد تبين لنا أن اللوكاندة تقع فى منطقة شبه شعبية, تمتلئ شوارعها بالشحاذين, الذين يندفعون اليك بسرعة الضوء, و يعرضون عليك عاهاتهم و إسمالهم البالية, و كلهم أطفال فى عمر الزهور, ولكنها زهور قصيرة العمر , و لإول مرة بعد سنوات عديدة منذ مغادرة مصر, ذاب قلبى حسرة على الطفولة المسروقة, و أصرت زوجتى على إعطاء صغار السن بعض النقود لشراء طعام.

فضلا عن الشحاذين, هناك أيضا فئة الشحاذين العاملين, وهم من يعرضون عليك بعض السلع التافهة, ولكن بإصرار غريب. لعن الله الفقر .

قررنا ترك هذه اللوكاندة, و البحث عن مكان لائق.

و الى اللقاء فى الحلقة القادمة إنشاء الله.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

رحلات الأفوكاتو , الحلقة الثالثة.

فى عاصمة مدغشقر

نحن ما زلنا فى العاصمة" أنتاناريفو" أو "تانا" كما يسمونها إختصارا.

تركتكم فى الحلقة السابقة و قد قررنا أن ننتقل الى لوكاندة أخرى, و زرنا بعض الفنادق التى إعتقدنا أنها معقولة , ولكن لم يفز أى منها بإعجابنا, فقررنا الإنتقال الى أفضل فندق فى المدينة, وزرنا الهيلتون, ولكننا لم نقترب حتى من الباب الخارجى, فلقد كان منظر الجوار محبط للغاية, فعلى الرغم من أن الفندق مقام على ضفة بحيرة صناعية, إلا أن المنظر الذى تراه من ناحية الفندق يجعل شعر رأسك يشيب, وسوف أشرح ذلك فبل نهاية هذه الرسالة.

وجدنا غايتنا فى فندق فرنسى, إسمه " كولبير",و يشيه كثيرا لوكاندة سميراميس القديمة , و كان على الفندق مسحة من الفخامة و العز الذى ولى, واكتشفت أن سعر الإقامة فيه تزيد عن سعر الإقامة فى الهيلتون, ولكنى قلت لزوجتى, بالإنجليزى طبعا," ينعل أبو التحويش", و حجزنا حجرة لها صالون خاص, وكانت شرفتها تطل على مناظر طبيعية خلابة, كما رأينا على البعد ملعبا للكرة مملوء بلأهالى الذين حضروا لصلاة القداس, حيث أن أغلب سكان مدغشقر يدينون بالكاثوليكية.

و قد أقيمت العاصمة على مجموعة من التلال, و طرقها صاعدة هابطة , ولكن أفخر أحيائها هى المقامة على قمم التلال, حيث المناظر الطبيعية الجميلة, و تطل المبانى على التلال المجاورة, لكن الحلو ما يكملش, فكما ترى فى الدول الفقيرة, حى فاخر, و عبر الشارع حى شعبى مملوء بالنفاية والقاذورات, وذلك رغم تواجد صناديق قمامة عملاق, ولكن القمامة كانت تفيض من الصناديق على جوانب الطريق.

كان المؤلم هو رؤية الأطفال الصغار وهم يصعدون تلال القمامة للبحث عن طعام يسد رمقهم, و شعرت أن الإنسانية قد تخلت عن , بل خذلت, براءة هؤلاء الأطفال, وانسدت نفسى بقية اليوم حزنا عليهم.

و على قمم التلال, توجد محلات كثيرة بعضها حديث, و بعضها يشبه محلات الموسكى و خان الخليلى, ولكنها كلها كانت مملوءة بالبضائع المحلية أو المستوردة, ولكن أسعار السوبرماركت كانت حراقة.

و فى الجزء السفلى للمدينة, يوجد شارع عريض يطلق عليه" طريق الإستقلال" و تتفرع منه شوارع ضيقة ملتوية حول التلال, بعضها يتحول الى سلالم لا تسمح بمرور مركبات أو سيارات, و يستعملها المشاة فقط للوصول الى أعلى التل.

و فى المنطقة الموجود بها فندق "كولبير", توجد بعض النوادى الليلية, كما يوجد بالمنطقة أيضا عدد كبير من سفارات الدول الأجنبية.

و تتكون الطبقة الغنية من كبار رجال الحكومة و رجال الأعمال المالاجسيين, أى أهل البلد, كذلك يوجد عدد كبير من الفرنسيين الذين بقوا بعد إنتهاء الإستعمار الفرنسى, و الزواج المختلط بين أهل البلد و الفرنسيين مألوف تماما, بل أن أكثر السياح الذين يزورون مدغشقر هم الفرنسيون.

و فى الجزء السفلى من المدينة, توجد سوق دائمة, وهى مزدحمة بالناس من جميع الأجناس, و يباع فيها كل ما يخطر على البال.

فى يومنا الثانى بالمدينة, و أثناء السير فى الحى الشعبى, إضطررنا للهروب من جيوش الشحاذين الذين يتمركزون فى المناطق السياحية, ولكن بعضهم كان يلاحقنا ليبيع لنا سلعا بسيطة مثل المصنوعات الجلدية, و البهارات المشهورة, ولكن أظرف سلعة عرضوها علينا كانت نماذج لسيارات و موتوسيكلات و لوريات مصنوعة من علب الصفيح المستعملة فى تعبئة الكوكاكولا و المشروبات الأخرى, و إنتهينا بشراء سيارة( نموذج فقط) ستروين مصنوعة من علبة إسبراى لمبيد حشرى.

أخذنا السير إلى طريق منحدر مؤدى الى البحيرة الصناعية, حيث أقيم سوق لبيع الزهور الطبيعية المقطوعة طازة, وكذلك قصارى زهور وورد, و كان هذا المكان من أفضل الأماكن التى زرناها, و لكن البحيرة نفسها خيبت أملنا, فمياهها كانت آسنة مغطاة بالطحالب و القاذورات, و فكرتنى بترعة المريوطية بالهرم قبل ردمها. وعندما رفعت رأسى بعد النظر الى أكوام القمامة على ضفاف البحيرة, رأيت مبنى الهيلتون المطل على البحيرة, و خيل لى أن المبنى يخرج لى لسانه.

و الى اللقاء فى حلقة أخرى.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

رحلات الأفوكاتو: الحلقة الرابعة : مدغشقر

الخروج من العاصمة:

توجهنا بعد زيارة العاصمة إلى الشمال, حيث يقيم شقيق زوجتي في بلدة تدعى “ مارانسترا", و ذلك لحضور حفل زواج أحد أفراد أسرة زوجة نسيبى( شقيق زوجتى) المقيم بمدغشقر, و المتزوج من مواطنة محلية.

و قد تأخر موعد إقلاع الطائرة لمدة 24 ساعة بسبب عطل مفاجئ فى الطائرة بعد 7 دقائق من إقلاعها, و عادت الطائرة الى المطار, و بعد محاورات و مداورات, وافقت سلطات المطار على منح الأجانب فقط ( أى نحن) مأوى فى لوكاندة قريبة من المطار, مع الإقامة الكاملة لمدة 24 ساعة, فضلا عن المواصلات, كذلك ضمان مقاعد لنا على الطائرة المقلعة فى اليوم التالى.

و كانت اللوكاندة تشبه لوكندات سيدنا الحسين, و كان الطعام جيدا و وفيرا, كما كان الناموس فى أحسن صحة, و لكن على الأقل وجدنا سريرا لننام عليه, و دش ساخن, عشرة على عشرة.

و لكن كان ما أقلقنا هو عدم تمكنا من الإتصال بنسيبى لإخطاره بما

حدث, حيث أنه لا يوجد لديه( هو أو غيره) تليفون. وفوضنا أمرنا لله.

فى مارنسترا:

إن معظم المبانى فى جزيرة مدغشقر هى من مخلفات الإستعمار الفرنسى, و لم ينلها تطور منذ خروج الفرنسيين, و يسرى هذا على مطار " مارنسترا" الذى كان عبارة عن ملعب كرة كبير به مبنى صغير يستعمل للإدارة, و الإستقبال و الخروج. و كان المبنى فقيرا, ولكنه كان نظيفا.

كان نسيبى فى الإنتظار بالمطار, و لقد نام على دكة فى لإنتظارنا, و لقد تكهن بما حدث, و أصر على البقاء لحين وصولنا, وشكرنا الله على ذلك.

تزاحمنا و تكومنا فى داخل سيارة بوكس مع ثمانية من المستقبلين, بالإضافة الى عجلة بسكليت, و حقائب, و صناديق, وخلافه من لوازم السفر, حيث أن هذه السيارة البوكس كانت أيضا فى إنتظار ركاب آخرين, تبين أنهم أيضا ضيوفا على نسيبى.

تقع البلدة ( مارنسترا ) فى منطقة مدارية شبه إستوائية, شديدة الرطوبة, و يبلغ متوسط المطر السنوى ثلاثة أمتار,( ليست 3 سنتيمترات, أو بوصات, بل 3 أمتار). و المطر متوقع أى لحظة, لذا لا يخرج الأهالى من ديارهم ليلا أو نهارا بدون مظلة. لذا كان الهواء ثقيلا على التنفس, و الملابس دائما مندية, حتى داخل الشنط.

و يبلغ تعداد أهالى البلدة حوالى 15000 نسمة ( خمسة عشر الفا), و قد أقيمت هذه البلدة فى منطقة رملية, مما ساعد على سرعة جفاف التربة بعد هطول الأمطار الشديدة, فورا.

و يوجد بالبلدة شارع واحد مرصوف, و هو الشارع الرئيسى, حيث توجد المحلات العامة التى تبيع أى شيء يخطر على بالك. و المساكن هناك مبنية من الخشب, و لا توجد مبانى طوبية سوى تلك التى تركها الفرنسة, و استعملت كمكاتب للحكومة و مستشفى.

و سوق البلدة مفتوح يوميا الى ساعة المغرب, و توجد به موائد مرصوصة عليها البضائع, وهنا تشم رائحة الخبز الطازج المخبوز فى أشكال مختلفة, كما تجد الخضراوات و الفواكه المدارية مثل الموز و الأناناس, و المانجو و جوز الهند, و الباباز, وفواكه أخرى لا أعرف أسماءها.

و كان شقيق زوجتى قد إستعمل نفوذه, و حجز لنا كابينة فى " موتيل" بدائى عبارة عن كشك به الإدارة, و حوله أربع كبائن مبنية من البامبو الغليظ. وكان شكل هذه الكبائن جميل جدا رغم بساطتها.

و لم يكن بناء الموتيل قد أستكمل بعد, و لكن لحسن حظنا, كانت هذه الكابينة صالحة للإستعمال الآدمى, لقد كان بها مياه جارية, و تواليت أفرنجى, و دش ساقع, و ناموس رائع. , لكن نسيبى أهدانا شبكة مضادة للناموس, تغطى السرير بما حمل. وكان بالحمام فتحة للتهوية, لكن لم تكن مجهزة بشباك.

و كان للحجرة نافذتان, مجهزتان بالشيش. بنيت هذه الكبائن على منصة مرتفعة للحماية من الحشرات و الزواحف, و قد فضلنا هذاالمكان الذى يبعد حوالى 5 دقائق سيرا من مكان إقامة نسيبى, على فندق آخر يبعد حوالى 3 كيلومترات , وخاصة و أنه لم يكن لدينا وسيلة مواصلات سوى الأقدام.

و بقينا فى البلدة لمدة أسبوع.

و الى اللقاء فى الحلقة القادمة.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

رحلات الأفوكاتو- الحلقة الخامسة ( قبل الأخيرة).

نظرة على مجتمع مدغشقر.

طلب منى بعض الأصدقاء الكتابة ,( فضلا عن التفاصيل الجغرافية للأماكن التى زرتها) , الكتابة عن الناس, وكيف يعيشون. ولقد وجدت أن افضل شرح لأى مجتمع من الأفضل أن يكون مستمدا من واقع حياتهم الطبيعية التى لم تفسدها المؤثرات الخارجية, لذا, فإن ما سأكتبه فيما بعد عن شعب مدغشقر هو ما لمسته فى بلدة صغيرة, تبعد مئات الأميال عن العاصمة, التى تختلف الحياة الإجتماعية فيها تماما عن واقع الشعب المالاجاسى.ولكن ذلك لا يمنع من ذكر تجربتى مع سائق التاكسى الذى أقلنا من المطار الى اللوكاندة.

لعلكم تذكرون أن سائق التاكسى كان شابا لطيفا و مهذبا, من أصل مالاجاسى( أى من الأهالى الأصليين بالجزيرة) و إسمه جو, و يسوق تاكسى إبن عمه بعض الوقت لكى يوفر مصاريف دراسته الجامعية.

بعد أن أوصلنا جو الى الوكاندة, سألنا إن كنا نريد إستعمال سيارته التاكسى فى الغد, وقد رحبنا فورا بذلك, وفى صبيحة اليوم التالى, عندما قررنا ألإنتقال الى فندق أحسن, وجدت الإستعلامات تخطرنى أن سائق تاكسى ينتظر فى الرواق. و كم كانت سعادتى برؤيته, و دفعنا حسابنا فى هذا الجحر, و ذهبنا الى اللوكاندة الفرنسية التى كتبت عنها سابقا.

عندما إنتهى قيدنا فى اللوكاندة الفرنسية, سألنى جو عما إذا كنت أريده لأمر آخر, وهنا سألته: هل يمكن أن تكون سائقنا طوال فترة وجودنا بالعاصمة؟؟ و كان رده الفورى: نعم, وبهذا أصبح جو هو دليلنا و سائقنا و صديقنا و كل شيئ.

لن أذكر كل الأماكن التى ذهبنا اليها مع جو, ولكن, عندما قررنا الذهاب الى مارانسترا, أخذنا الى المطار, و سألنا متى سنعود, وذكرنا له تاريخ و موعد العودة, وكان فى إنتظارنا!!!.

و استمر جو معنا الى آخر يوم لنا فى مدغشقر, وكان علينا أن نذهب الى المطار فى الساعة الرابعة صباحا , و سألناه, هل يمكن أن يحضر الى اللوكاندة فى الساعة الثالثة صباحا؟ فقال بدون تردد: نعم.

إستيقظت حوالى الثانية صباحا, ونظرت من خلال نافذة حجرتنا فى اللوكاندة الى موقف السيارات, فوجدت سيارة جو هناك, و إطمئن قلبى, وبعد دفع الفاتورة, وجدنا جو منتظرا فى مدخل اللوكاندة, مستعدا لأخذنا الى المطار, وعندما سألته لماذا أتى مبكرا عن موعده, كان رده: لقد أردت أن أكون فى الموعد , لذا, لقد نمت فى السيارة حتى لا تفوتكم الطائرة, وهنا كدت أن أقبله.

فى المقال المقبل, سوف أتحدث عن الشعب المالاجاسى الطيب الذى يعيش فى القرى و البلدان البعيدة عن العاصمة.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      كان الحديث عن المجتمعات المنعزلة يأتى فى الغالب مقرونا بالمجتمعات الحدودية والقبلية التى تنغلق على نفسها مكوعرض المقال كاملاً
    • 47
      الكثيرون يناورون ويذوقون كلامهم ويعملوا work wround حوالين المجلس العسكري ويتهموا عصام شرف او الداخلية أو مش عارف إيه إنهم كلهم السبب في ما يحدث في مصر طب تعالوا للمفاجأت وجاوبوا بنفسكم - يوم 23 يناير تقريباً هايبقى أول إجتماع لمجلس الشعب .. صح ؟ حلو قوي .. وكلنا عارفين إن داخل مجلس الشعب فيه لجان متخصصة ... للصحة والتعليم والعلاقات الخارجية و خدوا بالكم من و دي و الدفاع والامن القومي - هل تتخيلوا أيها السادة إن المجلس العسكري اللي متعين بخط اليد من مبارك من اول طنطاوي لحد كل اللواءا
    • 183
      ياسلام على الحرية وجمالها ,, نبدأ الكلام ونقول بسم الله الرحمن الرحيم ,, اتوقع التوبيك ده حيسجل ريكورد في عدد المشاركات والمشاهدات ,, تحت رعاية الساحر المتالق المبدع الفلته النابغة الخنقه :happy: خنيق خنيق يعني :happy: نازل اجيب سندوتشات سوخنه عشان السسهرة صباحي والله اعلم ماحدش يحدف طوب عشان الحكم قاعد ومستحلف تشاو يا بشر ,,
    • 23
      مواضيع الأبراج واعرف شخصيتك من تاريخ ميلادك وأبين زين وأضرب الودع وأشوف كله هجص في هجص ... ومع إختلاف طرق هؤلاء النصابين إلا إنهم يتفقون في نقطة واحده وهي إن كل انواع الشخصيات عندهم بها كل الصفات الجميلة ... الله طب مين إبن ..... إحم إحم يا جدعان لما كل الناس حلوه ومتنزنة ومرحة وإجتماعية lol شوفوا كده الموضوع اللي جاني على الميل ده شخصيتك من تاريخ ميلادك مثال : إذا كان تاريخ ميلادك هو 15/8/1982 اجمع الأرقام كالتالي : 5+1+8+2+8+9+1 = 34 …. ثم اجمع ناتج الجمع : 4+3 = 7 ……… إذا أنت شخصي
    • 8
      دردشة: أسباب تدهور مستوى مهنة المحاماة فى مصر. . ليس المقصود من هذا المقال النيل من سمعة المحامى المصرى, فهو مواطن يعانى و يقاسى ما يعانيه بقية الشعب. و يعمل فى ظل ظروف مجحفة, و مناخ أصبحت فيه كلمة القانون لا معنى لها. بصفة عامة, نلاحظ تدهور فى الثقافة المهنية, فما يُقال عن مستوى مهنة المحاماة يمكن أيضا أن يعكس ما تعانيه مهن أخرى, مثل الطب, و الهندسة. و ليس من السهل وضع أصبع على سبب واحد, أو عدة أسباب منفردة, بل إن المشكلة سببها ليس فقط تعدد, بل تشابك هذه الأسباب. دعونا أولا ندرس المكونا
×
×
  • أضف...