اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

إدارة بوش خططت سرا لإطاحة حكومة حماس بعد فوزها


Recommended Posts

في تحقيق لمجلة أميركية

إدارة بوش خططت سرا لإطاحة حكومة حماس بعد فوزها

1_741808_1_34.jpg

(تعليق شخصي على الشعارات)***

كشفت مجلة أميركية أن إدارة الرئيس جورج بوش شرعت عقب فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات الفلسطينية قبل أكثر من عامين، في تنفيذ خطة سرية للإطاحة بالحكومة الإسلامية الجديدة في قطاع غزة.

وتورد مجلة "فانيتي فير" في تحقيق صحفي مطول تنشره في عددها لشهر أبريل/ نيسان القادم أنها حصلت على وثائق سرية تكشف عن خطة اعتمدها بوش ونفذتها وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس ونائب مستشار الأمن القومي إيليوت أبرامز تحرض على إثارة حرب أهلية فلسطينية.

وتقضي الخطة حسب المجلة بأن تكون القوات التي يقودها محمد دحلان -مستشار الأمن القومي السابق للرئيس محمود عباس- والمزودة بأسلحة حديثة، بمثابة القوة التي تحتاجها فتح للقضاء على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا بزعامة حماس.

غير أن الخطة السرية ارتدت على واضعيها، إذ تسببت في انتكاسة أخرى لسياسة واشنطن الخارجية تحت إدارة بوش، وبدلا من طرد الأعداء من السلطة -كما تقول المجلة- قام مقاتلو فتح عن غير قصد باستفزاز حماس للاستيلاء الكامل على قطاع غزة.

ودعت الخطة حلفاء واشنطن في المنطقة إلى إيصال أسلحة ورواتب إلى مقاتلي فتح الذين سيتولون قيادة ثورة على حماس.

وتردف المجلة -وهي إحدى أشهر المجلات العريقة في الولايات المتحدة التي تعنى بقضايا السياسة والثقافة والموضة- قائلة إن رايس لعبت دورا رئيسيا في محاولة إقناع مصر والأردن والسعودية والإمارات العربية المتحدة بتدريب وتمويل عناصر من فتح, مشيرة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين اعترفوا في ديسمبر/ كانون الأول 2006 بأن مصر أرسلت أسلحة لحركة فتح في غزة.

وتتابع القول إن الجهود الأميركية لم تقف عند حد إقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية، بل وضعت إدارة بوش الخطة (ب) التي دعت إلى زيادة 4700 عنصر إلى قوات فتح وإخضاعهم لمزيد من التدريبات في الأردن ومصر.

وتذكر المجلة أن وزارة الخارجية الأميركية قدرت تكلفة الرواتب والتدريب والأسلحة بنحو 1.27 مليار دولار أميركي خلال خمس سنوات.

على أن الخطة -على حد وصف المجلة- كانت مثيرة للجدل حتى وسط الإدارة الأميركية.

الحرب القذرة

وكشف ديفد ويرمسر مستشار الشرق الوسط السابق لنائب الرئيس ديك تشيني عن انقسامات حادة حدثت بين المحافظين الجدد حول هذا الموضوع.

واستقال ويرمسر من منصبه في يوليو/ تموز 2007 بعد أسابيع فقط من اندلاع مواجهات دامية في غزة بين حماس وفتح انتهت إلى سيطرة الحركة الإسلامية تماما على مقاليد الأمور في القطاع.

ويتهم ويرمسر إدارة بوش "بالضلوع في حرب قذرة في مسعى منها لمنح النصر لدكتاتورية فاسدة يقودها عباس".

ويعتقد المسؤول الأميركي السابق أن حماس لم تكن تنوي الاستيلاء على غزة إلى أن أجبرتها فتح على ذلك. ويضيف "يبدو لي أن ما حدث لم يكن انقلابا من حماس بل محاولة انقلابية من فتح أجهضت قبل أن تقع".

وتقول المجلة إن الخطة التي وصفتها بالخرقاء قد جعلت حلم سلام الشرق الأوسط يبدو أبعد من ذي قبل, إلا أن ما يغيظ المحافظين الجدد حقا من أمثال ويرمسر هي ما تنطوي عليه من نفاق مفضوح.

دور دحلان

1_707804_1_23.jpg

محمد دحلان له علاقات وثيقة

بالزعماء الأميركيين (الفرنسية-أرشيف)

وتكشف المجلة عن علاقة محمد دحلان بالرؤساء الأميركيين حيث تقول إن بوش لم يكن أول رئيس يقيم القيادي الفلسطيني معه علاقة.

وينسب التحقيق الصحفي لدحلان قوله "بلى, كنت وثيق الصلة ببيل كلينتون فقد التقيته عدة مرات مع ياسر عرفات".

وتمضي المجلة إلى القول إن دحلان لعب دورا أساسيا في التوترات القائمة بين حركتي فتح وحماس، فقد اعتقل بصفته مديرا لجهاز الأمن الوقائي ألفي عنصر من حماس عام 1996 في قطاع غزة بعدما قامت حركتهم بسلسلة من التفجيرات "الانتحارية".

وفي ذلك يقول دحلان إن "عرفات هو من قرر اعتقال قادة حماس العسكريين لأنهم كانوا يعملون ضد مصالحه, وضد عملية السلام, وضد الانسحاب الإسرائيلي، بل ضد كل شيء".

وتشير "فانيتي فير" إلى أن دحلان تعاون عن كثب مع مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وأقام علاقة حميمة مع مديرها جورج تينيت, الذي عينه كلينتون واستمر في منصبه تحت إدارة بوش لغاية يوليو/ آذار 2004.

ويقول دحلان عن تينيت "إنه رجل عظيم وعادل حقا، وأنا ما زلت على اتصال به من حين لآخر".

وتستشهد المجلة بأقوال مسؤولين حكوميين لم تحدد هوياتهم بأن دحلان "هو رجلنا".

وستنشر الجزيرة نت النص الكامل لتحقيق المجلة غدا الأربعاء.

المصدر: الصحافة الأميركية

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/49059F4...AC6B34F7D73.htm

*** أخطات الجزيرة بوضع شعار العاصفة (الذراع العسكري الأصيل لفتح) على العميل محمود عباس

لم يكن لعباس أية علاقة بقوات العاصفة منذ انطلاقتها

بل إن دوره قد انحصر في ارتكاب وزر كونه "عراب العلاقات العرفاتية الصهيونية" كان ذلك منذ أمد بعيد

أسامة

إهداء: اهدي هذه الفضيحة لكل الإخوة والأصدقاء المنادين بالسير وراء زمرة أوسلو

كل باسمه وشخصه الكريم

أما زلتم متمسكين بموقفكم الداعي للاستسلام ؟

أسامة

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

قديم لكنه يصب في نفس الخانة

http://www.aljazeera.net/News/archive/arch...chiveId=1029032

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

المصيبة الكبري هي محاولة إعادة الاعتبار (عذرا فهو لم يكن له اعتبار في يوم ما ربما تصعيد او "تنطيق" كما يقال هنا في مصر) لدحلان باستضافته إعلاميا مرة اخري بعد ان مات سياسيا و إجتماعيا و قبر و دفن.

تعجبت عندما رأيته يوم الأحد الماضي في التلفاز في برنامج القاهرة اليوم و لم أطق بصراحة ان اري وجهه و لم اطق ان اتابع ما يحدث امامي الم يجدوا غيره حتي يعلق علي ما يحدث في غزة هل انتهي الشرفاء في فلسطين!

و علمت فيما بعد انه قد تمت استضافته في العربية و قنوات رسمية عربية اخري.. ما معني هذا! و سمعت إشاعة انه هو من دفع رشاوي تصل إلي ربع مليون دولار ليظهر في الاعلام مرة أخري و اشياء من هذا القبيل.

ثم اتبعها مقال الصحيفة الامريكية.

تتوارد إلي ذهني الان نظرية المؤامرة و تقول ربما كان هذا للالهاء المتعمد عما يحدث في غزة او لتصعيد شخصيات أخري كبديل للمرتزق دحلان.

الا ان ما اتمناه الان هو ان يختفي وجه دحلان القبيح ومن هم علي شاكلته.

أبو العبد الفلسطيني

رابط هذا التعليق
شارك

موقع مقال صحيفة "فانتي فير" و المقال المذكور

http://www.vanityfair.com/politics/feature...8/04/gaza200804

The Gaza Bombshell

After failing to anticipate Hamas’s victory over Fatah in the 2006 Palestinian election, the White House cooked up yet another scandalously covert and self-defeating Middle East debacle: part Iran-contra, part Bay of Pigs. With confidential documents, corroborated by outraged former and current U.S. officials, David Rose reveals how President Bush, Condoleezza Rice, and Deputy National-Security Adviser Elliott Abrams backed an armed force under Fatah strongman Muhammad Dahlan, touching off a bloody civil war in Gaza and leaving Hamas stronger than ever.

by David Rose April 2008

poar01_gaza0804.jpg

A Dirty War”

The Al Deira Hotel, in Gaza City, is a haven of calm in a land beset by poverty, fear, and violence. In the middle of December 2007, I sit in the hotel’s airy restaurant, its windows open to the Mediterranean, and listen to a slight, bearded man named Mazen Asad abu Dan describe the suffering he endured 11 months before at the hands of his fellow Palestinians. Abu Dan, 28, is a member of Hamas, the Iranian-backed Islamist organization that has been designated a terrorist group by the United States, but I have a good reason for taking him at his word: I’ve seen the video.

It shows abu Dan kneeling, his hands bound behind his back, and screaming as his captors pummel him with a black iron rod. “I lost all the skin on my back from the beatings,” he says. “Instead of medicine, they poured perfume on my wounds. It felt as if they had taken a sword to my injuries.”

On January 26, 2007, abu Dan, a student at the Islamic University of Gaza, had gone to a local cemetery with his father and five others to erect a headstone for his grandmother. When they arrived, however, they found themselves surrounded by 30 armed men from Hamas’s rival, Fatah, the party of Palestinian president Mahmoud Abbas. “They took us to a house in north Gaza,” abu Dan says. “They covered our eyes and took us to a room on the sixth floor.”

The video reveals a bare room with white walls and a black-and-white tiled floor, where abu Dan’s father is forced to sit and listen to his son’s shrieks of pain. Afterward, abu Dan says, he and two of the others were driven to a market square. “They told us they were going to kill us. They made us sit on the ground.” He rolls up the legs of his trousers to display the circular scars that are evidence of what happened next: “They shot our knees and feet—five bullets each. I spent four months in a wheelchair.”

Abu Dan had no way of knowing it, but his tormentors had a secret ally: the administration of President George W. Bush.

A clue comes toward the end of the video, which was found in a Fatah security building by Hamas fighters last June. Still bound and blindfolded, the prisoners are made to echo a rhythmic chant yelled by one of their captors: “By blood, by soul, we sacrifice ourselves for Muhammad Dahlan! Long live Muhammad Dahlan!”

There is no one more hated among Hamas members than Muhammad Dahlan, long Fatah’s resident strongman in Gaza. Dahlan, who most recently served as Abbas’s national-security adviser, has spent more than a decade battling Hamas. Dahlan insists that abu Dan was tortured without his knowledge, but the video is proof that his followers’ methods can be brutal.

Bush has met Dahlan on at least three occasions. After talks at the White House in July 2003, Bush publicly praised Dahlan as “a good, solid leader.” In private, say multiple Israeli and American officials, the U.S. president described him as “our guy.”

The United States has been involved in the affairs of the Palestinian territories since the Six-Day War of 1967, when Israel captured Gaza from Egypt and the West Bank from Jordan. With the 1993 Oslo accords, the territories acquired limited autonomy, under a president, who has executive powers, and an elected parliament. Israel retains a large military presence in the West Bank, but it withdrew from Gaza in 2005.

In recent months, President Bush has repeatedly stated that the last great ambition of his presidency is to broker a deal that would create a viable Palestinian state and bring peace to the Holy Land. “People say, ‘Do you think it’s possible, during your presidency?’ ” he told an audience in Jerusalem on January 9. “And the answer is: I’m very hopeful.”

The next day, in the West Bank capital of Ramallah, Bush acknowledged that there was a rather large obstacle standing in the way of this goal: Hamas’s complete control of Gaza, home to some 1.5 million Palestinians, where it seized power in a bloody coup d’état in June 2007. Almost every day, militants fire rockets from Gaza into neighboring Israeli towns, and President Abbas is powerless to stop them. His authority is limited to the West Bank.

It’s “a tough situation,” Bush admitted. “I don’t know whether you can solve it in a year or not.” What Bush neglected to mention was his own role in creating this mess.

According to Dahlan, it was Bush who had pushed legislative elections in the Palestinian territories in January 2006, despite warnings that Fatah was not ready. After Hamas—whose 1988 charter committed it to the goal of driving Israel into the sea—won control of the parliament, Bush made another, deadlier miscalculation.

Vanity Fair has obtained confidential documents, since corroborated by sources in the U.S. and Palestine, which lay bare a covert initiative, approved by Bush and implemented by Secretary of State Condoleezza Rice and Deputy National Security Adviser Elliott Abrams, to provoke a Palestinian civil war. The plan was for forces led by Dahlan, and armed with new weapons supplied at America’s behest, to give Fatah the muscle it needed to remove the democratically elected Hamas-led government from power. (The State Department declined to comment.)

But the secret plan backfired, resulting in a further setback for American foreign policy under Bush. Instead of driving its enemies out of power, the U.S.-backed Fatah fighters inadvertently provoked Hamas to seize total control of Gaza.

Some sources call the scheme “Iran-contra 2.0,” recalling that Abrams was convicted (and later pardoned) for withholding information from Congress during the original Iran-contra scandal under President Reagan. There are echoes of other past misadventures as well: the C.I.A.’s 1953 ouster of an elected prime minister in Iran, which set the stage for the 1979 Islamic revolution there; the aborted 1961 Bay of Pigs invasion, which gave Fidel Castro an excuse to solidify his hold on Cuba; and the contemporary tragedy in Iraq.

Within the Bush administration, the Palestinian policy set off a furious debate. One of its critics is David Wurmser, the avowed neoconservative, who resigned as Vice President Dick Cheney’s chief Middle East adviser in July 2007, a month after the Gaza coup.

Wurmser accuses the Bush administration of “engaging in a dirty war in an effort to provide a corrupt dictatorship [led by Abbas] with victory.” He believes that Hamas had no intention of taking Gaza until Fatah forced its hand. “It looks to me that what happened wasn’t so much a coup by Hamas but an attempted coup by Fatah that was pre-empted before it could happen,” Wurmser says.

تم تعديل بواسطة mickey_egp73

أبو العبد الفلسطيني

رابط هذا التعليق
شارك

هذه ترجمة قام بها العبد لله للمقال أعتذر مقدما عن اخطاء الترجمة و الاخطاء الاملائية و البلاغية فانا لست محترفا و هذه ليست مهنتي

المفاجأة الغزاوية

بعد الفشل في التنبؤ بانتصار حماس علي فتح في الانتخابات الفلسطينية عام 2006, والتي طبخها البيت الأبيض كان هناك هزيمة شرق أوسطية فاضحة أخري: جزء من "إيران كونترا" و جزء من "خليج الخنازير".

مسلحاً بوثائق سرية وغضب مسئولين أمريكيين سابقين و حاليين, يكشف "ديفيد روز" كيف قام الرئيس بوش و كوندوليزا رايس و نائب مستشار الامن القومي اليوت ابرامز بتأييد قوة مسلحة تحت قيادة رجل فتح القوي محمد دحلان مؤثرين علي حرب اهلية دموية في غزة جعلت حماس اقوي من ذي قبل.

"حرب قذرة"

فندق الديرة, في مدينة غزة, جنة هدوء وسط ارض يكتنفها الفقر و الخوف و العنف. في منتصف ديسمبر 2007, جلست في مطعم الفندق طلق الهواء حيث يفتح المطعم نوافذه المطلة علي البحر المتوسط,و استمع إلي رجل ذو لحية خفيفة اسمه مازن اسد ابو دان يصف معاناته خلال احد عشر شهرا علي يد نظرائه الفلسطينيين. ابو دان ذو الثامنة و العشرون عاما عضو في حماس الحركة الإسلامية المؤيدة من ايران و المصنفة كمجموعة ارهابية من وجهة نظر الولايات المتحدة الامريكية و لكن كان لي سبب وجيه لتصديق كلماته: لقد شاهدت الفيديو.

يظهر الفيديو ابو دان راكعا, يداه مربوطتان خلف ظهره, و يصرخ بينما يضربه محتجزوه بقضيب حديد اسود ."لقد سلخ جلد ظهري كله من الضرب" هو يقول. "بدلا من إعطائي دواء سكبوا كولونيا علي جروحي. شعرت كأنهم أدخلوا سيفا إلي جروحي".

في السادس و العشرين من يناير 2007, كان أبو دان طالب في جامعة غزة الإسلامية, ذاهبا إلي مقبرة محلية مع أبيه و خمسة آخرين لكي يضعوا شاهد علي قبر جدته. عندما وصلوا وجدوا أنفسهم محاطين بثلاثين رجلا مسلحا من مناهضي حماس الفتحاويون , حزب الرئيس الفلسطيني محمود عباس. "لقد أخذونا إلي منزل في شمال غزة" قال ابو دان "غطوا عيوننا و أخذونا إلي حجرة في الدور السادس" .

يظهر الفيديو حجرة عارية ذات جدران بيضاء و أرضية مبلطة بالأسود و الأبيض, حيث أرغموا والد أبو دان علي الجلوس و سماع صرخات ألم ابنه. فيما بعد يقول أبو دان انه و اثنين آخرين تم اقتيادهم إلي ميدان السوق."اخبرونا انهم سيقتلوننا. أرغمونا علي الجلوس علي الأرض". يرفع ابو دان أرجل بنطلونه ليعرض ندوب دائرية كدليل علي ما حدث بعد ذلك."أطلقوا الرصاص علي ركبنا و اقدامنا-خمس رصاصات لكل واحد. قضيت أربعة أشهر علي كرسي معاقين".

أبو دان لم يكن لديه وسيلة ليعلم أن معذبوه كان لهم حليف سري:إدارة الرئيس جورج دبليو بوش.

ظهر دليل قرب نهاية الفيديو, و الذي وجد في مبني امني لفتح بواسطة مقاتلي حماس يونيه الماضي. و هم مقيدين و معصوبي الأعين أُرغم المساجين علي ترديد ما يقول أحد سجانيهم "بالروح بالدم نفديك يا محمد دحلان! عاش محمد دحلان!".

لا يوجد شخص يكرهه أعضاء حماس مثل محمد دحلان, رجل فتح القوي في غزة. دحلان الذي خدم مؤخرا كمستشار عباس للأمن القومي, قضي أكثر من عقد يحارب حماس. يصر دحلان علي أن أبو دان تم تعذيبه بدون علمه, و لكن الفيديو يثبت مدي الوحشية التي يستطيع أتباعه أن يصلوا إليها.

بوش تقابل مع دحلان في ثلاث مرات علي الأقل. بعد محادثات في البيت الأبيض يونيو 2003 مدح بوش دحلان قائلا "قائد جيد و صلب". يقول مسئولين إسرائيليين و أمريكيين أن الرئيس الأمريكي كان يصفه ب "رجلنا".

تورطت الويلات المتحدة في شئون المناطق الفلسطينية منذ حرب الأيام الستة 1967, عندما غنمت إسرائيل غزة من مصر و الضفة الغربية من الأردن. مع محادثات أوسلو 1993 حصلت المناطق الفلسطينية علي حكم ذاتي محدود له رئيس و قوة تنفيذية و برلمان منتخب. احتفظت إسرائيل بقوات عسكرية ضخمة في الضفة الغربية و انسحبت من غزة في عام 2005.

في الأشهر التالية, أعلن الرئيس بوش مرارا أن منتهي طموحه هو الوساطة في صفقة تؤدي إلي إنشاء دولة فلسطينية و جلب السلام إلي الأرض المقدسة. "الناس يقولون هل تظن أن هذا ممكن خلال فترة رياستك؟" فرد علي الحضور في القدس في التاسع من يناير. "و الإجابة هي:أنني متفائل للغاية".

في اليوم التالي, في عاصمة الضفة الغربية رام الله, أشار بوش إلي وجود عقبة كبيرة تقف في طريق هذا الهدف: سيطرة حماس الكاملة علي غزة, مسقط رأس مليون و نصف فلسطيني, حيث وصلت إلي السلطة في ضربة دموية غير متوقعة يونيه 2007. تقريبا كل يوم, يطلق مقاتلين صواريخ من غزة علي البلدات الإسرائيلية المجاورة, و الرئيس عباس يقف عاجزا عن وقفهم. حيث أن سلطته محدود بالضفة الغربية.

"انه موقف صعب" كما اعترف بوش. "لا ادري إن كنت تستطيع حله في عام أم لا." ما تجاهل بوش ذكره كان دوره في خلق هذه الفوضى.

بالنسبة لدحلان, كان بوش هو الذي ضغط لعمل انتخابات تشريعية في المناطق الفلسطينية في يناير 2006, بالرغم من التحذيرات من عدم استعداد فتح. بعد فوز حماس –التي يدفعها ميثاق إنشائها 1988إلي هدف إلقاء إسرائيل في البحر- بالسيطرة علي البرلمان, أخطأ بوش خطأ قاتلا أخر.

حصلت فانتي فير علي وثائق سرية مؤيدة بمصادر في الولايات المتحدة و فلسطين و التي تعرض مبادرة سرية حظيت بموافقة بوش وطبقت بواسطة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس و نائب مستشار الأمن القومي اليوت ادمز لإشعال حرب أهلية فلسطينية. الخطة كانت تشكيل قوة بقيادة دحلان و يتم تسليحها بأسلحة حديثة يتم تموينها بأمر أمريكا, لإعطاء فتح القوة اللازمة لإزاحة حماس المنتخبة ديمقراطيا عن سدة السلطة.(رفضت وزارة الخارجية التعليق)

و لكن الخطة السرية ارتدت متسببة في نكسة إضافية للسياسة الأميركية الخارجية بقيادة بوش. فبدلا من إزاحة أعدائها من السلطة, تسبب دعم الولايات المتحدة لمقاتلي فتح في حث حماس علي حيازة السلطة الكاملة في غزة.

بعض المصادر تطلق اسم "إيران كونترا" علي المكيدة مذكرة بأن أبرامز كان قد أدين (و تم العفو عنه لاحقا) بإخفاء معلومات عن الكونجرس بخصوص فضيحة إيران كونترا الأصلية تحت إدارة الرئيس ريجان. وكان هناك استرجاع لأخطاء الماضي الأخري: انقلاب المخابرات المركزية الأمريكية علي رئيس الوزراء الإيراني المنتخب عام 1953 و الذي تسبب في تمهيد الثورة الإسلامية هناك , و كذلك عملية خليج الخنازير و التي أعطت لفيدل كاسترو الحجة لتقوية قبضته علي كوبا, و المأساة المعاصرة في العراق.

داخل إدارة بوش, أثارت السياسة الفلسطينية مناقشة صاخبة. أحد منتقديها ديفيد ورمزر من المحافظين الجدد قدم استقالته كمستشار نائب الرئيس ديك تشيني للشرق الاوسط في يوليو 2007 بعد شهر من انقلاب غزة.

واتهم ورمزر إدارة بوش ب "التورط في حرب قذرة بتقديم الدعم لقيادة فاسدة دكتاتورية بقيادة عباس حتى ينتصر". لقد تصور أن حماس لا يوجد لديها نية الاستحواذ علي غزة حتى تتمكن فتح من بسط سيطرتها. و قال ورمزر "فيما يبدو لي ان ما حدث لم يكن انقلابا من حماس و لكن محاولة انقلاب من فتح تم إحباطها قبل أن تحدث"

أبو العبد الفلسطيني

رابط هذا التعليق
شارك

المعروض من المقال و الترجمة للصفحة الاولي فقط من 6 صفحات يشملها المقال معذرة لعدم تمكني من عرض و ترجمة كل الصفحات و لمن يريد الرجوع إلي أصل المقال باللغة الانجليزية في المجلة فالرابط موضح في المداخلة قبل الماضية و ستجد في نهاية المقال عداد يوضح عدد الصفحات يمكن بواسطته التنقل بين الصفحات و إليكم الرابط مرة أخري

http://www.vanityfair.com/politics/feature...4?currentPage=1

و إليكم تلخيص في مقال الأستاذ محمود سلطان

شهادة أمريكية بانتصار كبير لحماس

محمود سلطان : بتاريخ 5 - 3 - 2008

يوم الثلاثاء الماضي، 4-3-2008، فجرت مجلة "فانيتي فير" الأمريكية، واحدة من أكثر المفاجآت التي ستلقي بظلالها فيما يجري على الأراضي الفلسطينية من أحداث، إن لم يكن على المنطقة العربية بأسرها.

المجلة قدمت "شهادة موثقة" ـ بالوثائق ـ على انتصار كبير حققته "حماس" ليس على فصائل "فتح" المخترقة صهيونيا وأمريكيا، ولكن على دولة كبيرة و"عظمى" وهي الولايات المتحدة الأمريكية.

مسئولون أمريكيون قدموا للمجلة "وثائق أمريكية رسمية"، تؤكد أن إدارة الرئيس بوش سعت لتمويل حرب أهلية في غزة بواسطة "محمد دحلان"، تنتهي بتقويض سلطات "حماس"، وتتيح لـ"عباس" إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة طوارئ توافق علي مبادئ الرباعية.

لقد حاولت اختصار التفاصيل في هذا المقال، غير أني رأيت أن "الاختصار" لن يفي باستعراض حجم "الجريمة" الأمريكية من جهة ولا بإظهار قيمة الانتصار الذي حققته حركة "حماس" على " واشنطن" من جهة أخرى، ولذا رأيت نقل الخبر كما أوردته وكالات الأنباء نقلا عما ورد في مجلة "فانيتي فير" مع بعض التصرف.

المخطط كان يهدف إلى إلغاء نتائج انتخابات يناير 2006 التي فازت بها "حماس" لكن المجلة قالت إن هذه "الخطة السرية" أدت لعكس غرضها، وأسفرت عن تراجع أكبر للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد بوش، مشيرة إلي أنه بدلاً من إقصاء الأعداء من السلطة، فإن مقاتلي "فتح" المدعومين من الولايات المتحدة أتاحوا لحماس، بشكل غير مقصود، السيطرة علي غزة بشكل كامل .

المجلة نقلت عن المستشار السابق لنائب الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط "ديفيد وارمسر" الذي استقال من منصبه في يوليو 2007 بعد شهر من سيطرة حماس علي غزة، وصفه الإدارة الأمريكية بأنها "كانت تنخرط في حرب قذرة في إطار جهودها لتأمين النصر لديكتاتورية يقودها عباس".

المفاجاة هنا أن "وارمسر" رأي أن حماس لم تكن تنوي السيطرة علي غزة حتي أجبرتها فتح علي ذلك .

وقال للمجلة: "يبدو لي أن ما حصل لم يكن انقلاباً من قبل حماس وإنما انقلاب من قبل فتح جري إحباطه قبل حصوله ".

ونقلت عن "دحلان" قوله إن بوش هو من ضغط باتجاه إجراء الانتخابات.. وأنه حاول تحذير أصدقائه في الإدارة الأمريكية بأن فتح غير مستعدة للانتخابات.

وقال دحلان الجميع "في الإدارة الامريكية" كانوا يعارضون الانتخابات ، مضيفاً الجميع إلا بوش .

المجلة نقلت عن مسؤول في "البنتاغون" قوله: "كل واحد ألقي باللوم علي غيره (بعد فوز حماس) ، مضيفاً: جلسنا في "البنتاغون" نتساءل: من الغبي الذي أوصي بذلك؟ ".

وذكرت المجلة أن الرئيس عباس رفض أن يكون طرفا في حرب أهلية فلسطينية.

وأشارت المجلة إلي أن واشنطن تصرفت بقلق ورعب، حين بدأ عباس المحادثات مع حماس علي أمل إنشاء حكومة وحدة وطنية .

وبدا للإدارة الأمريكية التي راحت تعد من وقتها خطة بديلة لإزاحة حماس من السلطة بالتعاون مع دحلان، أن القوات التابعة لفتح أكثر قوة من عناصر حماس، من الناحية النظرية.

لكن الحقيقة تجلت في أن عناصر فتح لم يكونوا يحصلون علي رواتبهم بسبب الحصار الذي فرض علي حكومة حماس

وكشفت المجلة بأنه مع عدم وجود أي إشارة بأن عباس جاهز لحل حكومة حماس، فإن الولايات المتحدة بدأت محادثات مباشرة مع دحلان ونقلت عن مسؤولين في البيت الأبيض أن بوش كان يصفه بأنه "رَجُلُنا" .

وبدأ القائد الأمريكي كيث دايتون الذي عينه بوش في العام 2005 للتنسيق الأمني في الأراضي الفلسطينية لقاءاته مع دحلان في القدس ورام الله.

وكان رد دحلان أن حماس تهزم فقط بالوسائل السياسية، أما إذا كنت سأواجهها (عسكريا) فأحتاج إلي موارد أساسية .

وتوافق الرجلان علي العمل علي خطة أمنية تبدأ بتوحيد الأجهزة تحت قيادة دحلان، الذي عينه عباس ـ بالتزامن مع ذلك ـ مستشاره للأمن القومي.

ورفض الكونغرس بداية تمويل هذه العملية خوفاً علي أمن إسرائيل، فطلبت الولايات المتحدة من مصر والأردن والإمارات دعم الأجهزة تدريباً وعتاداً.

وحسب مجلة فانيتي فير فإن كوندوليزا رايس لعبت دورا مهما في محاولة إقناع عدد من الدول العربية بتمويل مسلحي حركة فتح، وكان من المفترض أن تنقل الأموال إلي حسابات بنكية تخضع لمراقبة الرئيس عباس. وأكد مسؤولون إسرائيليون من بينهم الوزير بنيامين بن اليعازر أن مصر بعثت بأسلحة لتنظيم فتح في غزة في شهر كانون الأول (ديسمبر) .2006

وحسب مذكرة من وزارة الخارجية الأمريكية فإن تكاليف الخطة (رواتب المسلحين والتدريبات والأسلحة) قدرت بـ 1.27 مليار دولار علي مدي خمس سنوات.

وحسب المجلة فإن المخطط لم تجمع له سوي دفعات مالية بلغت 30 مليون دولار ، أغلبها أتي من الإمارات العربية المتحدة. وقالت المجلة إن دحلان نفسه قال أن المبلغ الذي جمع كان 20 مليون دولار فقط، وأكد أن العرب قدموا من التعهدات أكثر من تقديمهم للمال"..انتهى.

و لاتعليق.

أبو العبد الفلسطيني

رابط هذا التعليق
شارك

انت خطير يا ميكي

إرهابي

حقيقة مكانك جوانتنامو

او أبو زعبل

وفي أحسن الأحوال ... أبو غريب

المصسيبة أننا قلنا كل هذا بالتقسيط

نقلت مشاهداتي في مستشفى معهد ناصر

مقابلتي مع الشاب "محمد حافظ أبو كرش" الذي تعرض لأسوأ مما تعرض له أبو دان

لأن المجحوم "سميح المدهون" كان قد تمرس في سفك الدماء والتنكيل بمن يقعوا تحت يديه

وتمت ترقيته بالانتقال من بيته الذي هرب منه إلى منتدى الرئيس التعيس محمود عباس

ووضع تحت تصرفه مجمع الشاليهات على الشاطئ حيث مارس وزبانيته كل صنوف البطش والتنكيل

محمد حافظ ثبتت ساقاه لأطواق حديدية وبراغي عليه العناية بها لمدة ستة أشهر

رفض محمد ضيافتي له وأصر على العودة حتى عن طريق معبر الذل "العوجة-كارني" برفقة والده وابن عمه

لم يتمكن محمد من مراجعة الجراح بعد ستة أشهر حسب الموعد

ومازال محتجزا في غزة

شأنه شأن 1.5 مليون مواطن إرهابي بحسب وجهات نظر المعتدلين والفهمانين الذين يرفضون ما وقف "الأغبياء" أرواحهم عليه.

الله احشرني مع "الأغبياء" وباعد بيني وبين زمرة "الفهمانين" الموسعين ادمغتهم ..

المشاركين في مخازي بوش/كندرة رايس/عباس/دحلان بالتآمر او الصمت على التآمر لن تسامحهم الدماء الزكية الطاهرة التي سالت على ثرى وطني

أرواح الشهداء في رقابهم فردا فردا ..

تصرخ في وجوههم

ألا لا برأتكم من دمي غزة هاشم

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

روتها مجلة فانيتي فير الأميركية

تفاصيل خطة واشنطن للإطاحة بحماس

1_675343_1_34.jpg

ثلاثة يصنعون أحداث فلسطين (الجزيرة-أرشيف)

ديفد روز/أبريل 2008

بعد عجزه عن توقع فوز حماس على فتح في انتخابات 2006 الفلسطينية, تسبب البيت الأبيض في نكبة أخرى سرية ذات طابع مخز وانهزامي في الشرق الأوسط تماثل في جزء منها فضيحة إيران كونترا وفي جزء آخر أزمة خليج الخنازير.

ويكشف ديفد روز في مجلة فانيتي فير التي ستصدر في أبريل/نيسان القادم، بالوثائق السرية التي أثبتها مسؤولون أميركيون سابقون وحاليون كيف أن الرئيس بوش وكوندوليزا رايس ونائب مستشار الأمن القومي إليوت أبرامز أبدوا مساندتهم لقوة مسلحة تحت قيادة رجل فتح القوي محمد دحلان، مشعلين بذلك حربا أهلية دامية في غزة وتاركين حماس أقوى من أي وقت مضى.

"حرب قذرة"

يعد فندق الديرة في مدينة غزة مأوى هادئا في بلد يطوقه الفقر والخوف والعنف. وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول 2007، جلست في مطعم الفندق ذي الهواء الطلق بنوافذه المشرعة تجاه البحر الأبيض المتوسط وأنا أصغي لرجل خفيف اللحية يدعى مازن أسعد أبو دن، وهو يصف المعاناة التي تعرض لها قبل 11 شهرا على أيدي رفاقه الفلسطينيين.

وينتمي أبو دن, ابن الـ28 ربيعا إلى حماس، تلك الحركة الإسلامية المدعومة من إيران التي صنفتها الولايات المتحدة جماعة إرهابية, ومع ذلك فلدي سبب مقنع يجعلني أصدق قوله ألا وهو مشاهدتي شريط الفيديو.

فالشريط يظهر أبو دن جاثيا على ركبتيه، يداه مكبلتان وراء ظهره وهو يصرخ بينما يوسعه سجانوه ضربا. في ذلك يقول "انسلخ جلد ظهري كله من الضرب، وبدلا من الأدوية صبوا عطرا في جراحي جعلتني أشعر وكأن سيفا أعملوه فيها".

وفي 26 يناير/كانون الثاني 2007 عندما كان أبو دن طالبا في الجامعة الإسلامية في غزة, ذهب هو ووالده وخمسة آخرون إلى مقبرة محلية لوضع شاهد على ضريح جدته. وما إن وصلوا إلى هناك حتى طوقهم ثلاثون رجلا مسلحا من منظمة فتح وهي خصم لحماس وتتبع للرئيس الفلسطيني محمود عباس.

يقول أبو دن "أخذونا إلى منزل في شمال غزة وعصبوا أعيننا ثم أخذونا إلى غرفة في الطابق السادس".

ويظهر شريط الفيديو غرفة جرداء ذات جدران بيضاء وأرضية بلاطها بالأبيض والأسود حيث أجبر والد أبو دن على الجلوس ليسمع تأوهات ابنه من الألم.

وبعد ذلك, يقول أبو دن, إنه اقتيد هو واثنان معه إلى ساحة السوق "أخبرونا بأنهم سوف يقدمون على قتلنا ثم أرغمونا على الجلوس على الأرض". وشمر عن ساقي بنطاله ليرينا آثار القروح الدائرية التي تقف شاهدا على ما حدث بعد ذلك "أطلقوا النار على ركبنا وأقدامنا -وكان نصيب كل واحد خمس طلقات- وأمضيت أربعة أشهر بعدها على كرسي متحرك".

وما كان لأبو دن أن يعرف أن لمعذبيه حليفا خفيا يتمثل في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش.

ويأتي الخيط عند نهاية الشريط الذي عثر عليه مقاتلو حماس في يونيو/حزيران الماضي في مبنى تابع لأمن فتح. ويجبر السجناء وهم ما زالوا مكبلين بالأصفاد معصوبي الأعين على ترديد هتاف "بالروح, بالدم نفديك يا محمد دحلان! يعيش محمد دحلان" خلف أحد سجانيهم.

وما من أحد يبغضه أعضاء حماس مثل محمد دحلان, رجل فتح القوي المقيم في غزة. فقد أمضى دحلان, الذي شغل إلى عهد قريب منصب مستشار عباس للأمن القومي, عقدا ونيفا من الزمان في صراع مع حماس. ويصر دحلان على أن أبو دن تعرض للتعذيب دون علمه, لكن شريط الفيديو يقف شاهدا على أن أساليب أتباعه في التعذيب يمكن أن تكون قاسية.

التقى بوش دحلان في ثلاث مناسبات على الأقل، فقد امتدح بوش دحلان على الملأ قائلا إنه "قائد جيد وصلب" وذلك عقب مباحثات جرت في البيت الأبيض في يوليو/تموز 2003. ويقول مسؤولون إسرائيليون وأميركيون إن رئيس الولايات المتحدة وصفه في جلسات خاصة بأنه "رجلنا".

وقد ظلت الولايات المتحدة منغمسة في شؤون الأراضي الفلسطينية منذ حرب الأيام الستة عام 1967، حينما استولت إسرائيل على غزة من مصر وعلى الضفة الغربية من الأردن.

ومع اتفاقيات أوسلو عام 1993 نالت تلك الأراضي حكما ذاتيا محدودا تحت إشراف رئيس ذي صلاحيات تنفيذية وبرلمان منتخب. وتحتفظ إسرائيل بوجود عسكري كبير في الضفة الغربية, لكنها انسحبت من غزة في 2005.

وفي الأشهر المنصرمة صرح الرئيس بوش مرارا بأن أمنيته الكبيرة الأخيرة في فترة رئاسته هي أن يتوسط من أجل التوصل إلى اتفاق يقضي بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وإحلال السلام في الأرض المقدسة.

وقال مخاطبا حشدا من الناس في القدس في التاسع من يناير/كانون الثاني إن "الناس يتساءلون هل تعتقد أن ذلك ممكن أثناء رئاستك؟ وجوابي هو: أنا مفعم بالأمل فعلا".

في اليوم التالي, وفي رام الله عاصمة الضفة الغربية, اعترف بوش بأن ثمة عقبة كبيرة إلى حد ما تقف في طريق تحقيق تلك الغاية ألا وهي سيطرة حماس على غزة, التي يقطنها نحو 1,5 مليون فلسطيني، بعد أن استولت على السلطة هناك في انقلاب عسكري دموي في يونيو/حزيران 2007.

وفي كل يوم تقريبا يطلق المتشددون صواريخ من غزة صوب المدن الإسرائيلية المجاورة، ويقف عباس عاجزا عن إيقافهم. ذلك أن سلطته تقتصر على الضفة الغربية.

وأقر بوش بأن "الوضع صعب" وقال "لا أدري إن كان بالإمكان الوصول إلى حل في عام أم لا". على أن ما غفل بوش عن ذكره هو الدور الذي لعبه في إحداث هذه الفوضى.

وطبقا لدحلان, فإن بوش هو من مارس ضغطا من أجل إجراء انتخابات تشريعية في الأراضي الفلسطينية في يناير/كانون الثاني 2006، رغم التحذيرات بأن فتح غير مهيأة لها. وعقب فوز حماس -التي يلزمها ميثاقها للعام 1988 بالسعي لرمي إسرائيل في البحر- وسيطرتها على البرلمان، ارتكب بوش خطأ آخر قاتلا في التقدير.

وقد حصلت فانيتي فير على وثائق سرية, أثبتت صحتها مصادر في الولايات المتحدة وفلسطين, وهي تكشف عن خطة خفية اعتمدها بوش وتولت تنفيذها وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ونائب مستشار الأمن القومي إليوت أبرامز للتحريض على حرب أهلية فلسطينية.

وقضت الخطة بأن تكون القوات التي يتزعمها دحلان, والمدعومة بأسلحة حديثة تم تزويدها بها بناء على أوامر من أميركا, بمنزلة القوة التي تحتاجها فتح للقضاء على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا بقيادة حماس. (امتنعت وزارة الخارجية عن التعليق).

غير أن الخطة السرية أتت بنتائج عكسية، إذ تسببت في انتكاسة أخرى لسياسة أميركا الخارجية تحت إدارة بوش. وبدلا من طرد الأعداء من السلطة, قام مقاتلو فتح المدعومون من الولايات المتحدة عن غير قصد باستفزاز حماس للاستيلاء الكامل على غزة.

وتطلق بعض المصادر على الخطة "إيران-كونترا 2" لتعيد إلى الأذهان أن أبرامز كان قد أدين -ثم عفي عنه فيما بعد- لحجبه معلومات عن الكونغرس أثناء فضيحة إيران-كونترا الأصلية إبان حكم الرئيس ريغان.

وهناك أصداء لأحداث أخرى وقعت في الماضي مثل إقدام وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) عام 1953 على الإطاحة برئيس وزراء منتخب في إيران والتي هيأت الظروف هناك فيما بعد للثورة الإسلامية عام 1979, والغزو الفاشل لخليج الخنازير في 1961 الذي أعطى فيديل كاسترو مبررا لإحكام قبضته على كوبا, ومأساة العراق المعاصرة.

وفي داخل إدارة الرئيس بوش, أثارت سياستها الفلسطينية جدلا صاخبا وكان من بين منتقديها ديفد ويرمسر, الذي يقر بأنه من المحافظين الجدد, والذي استقال من منصبه (كبير مستشاري نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني لشؤون الشرق الأوسط) في يوليو/آذار 2007, أي بعد شهر من انقلاب غزة.

ويتهم ويرمسر إدارة بوش "بالضلوع في حرب قذرة في مسعى منها لمنح النصر لديكتاتورية فاسدة يقودها عباس".

وهو يعتقد أن حماس لم تكن تنوي الاستيلاء على غزة إلى أن أجبرتها فتح على ذلك.

ويقول ويرمسر "يبدو لي أن ما حدث لم يكن مجرد انقلاب من حماس بل محاولة انقلابية من فتح جرى استباقها قبل أن تقع".

إن الخطة الخرقاء قد جعلت حلم سلام الشرق الأوسط يبدو أبعد من ذي قبل, إلا أن ما يغيظ المحافظين الجدد حقا من أمثال ويرمسر هو ما تنطوي عليه من نفاق مفضوح.

ويقول "هناك مفارقة مذهلة بين دعوة الرئيس لديمقراطية في الشرق الأوسط وهذه السياسة. إنها تتعارض معها بشكل مباشر".

الأمن الوقائي

لم يكن بوش هو أول رئيس أميركي يقيم علاقة مع محمد دحلان. يقول دحلان "بلى كنت وثيق الصلة ببيل كلينتون. والتقيته عدة مرات مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات".

وعقب اتفاقيات أوسلو عام 1993, رعى كلينتون سلسلة من اجتماعات دبلوماسية بقصد التوصل إلى سلام دائم في الشرق الأوسط, وأصبح دحلان مفاوض الفلسطينيين لشؤون الأمن.

وأثناء حديثي مع دحلان في إحدى فنادق القاهرة ذات الخمس نجوم كان من اليسير ملاحظة السجايا التي ربما جعلت منه شخصية جذابة لدى الرؤساء الأميركيين.

فمظهره نظيف, ولغته الإنجليزية مقبولة, وأسلوبه ساحر ومباشر. ولربما لم تكن لتلك السجايا كبير معنى لو كان ولد لأسرة موسرة.

لكن دحلان ولد في 29 سبتمبر/أيلول 1961 بمخيم خان يونس البائس للاجئين في غزة, وتلقى معظم تعليمه من الشارع.

وفي عام 1981 ساعد في تأسيس حركة شباب فتح ولعب لاحقا دورا رياديا في الانتفاضة الأولى –وهي ثورة اندلعت في 1987 ضد الاحتلال الإسرائيلي ودامت خمس سنوات- ويقول دحلان إن إجمالي الفترة التي قضاها في السجون الإسرائيلية بلغت خمسة أعوام.

ومنذ انطلاقها كفرع فلسطيني للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين أواخر 1987, شكلت حماس تهديدا لمنظمة فتح العلمانية التابعة لعرفات.

ففي أوسلو, التزمت فتح علنا بالسعي نحو السلام، في حين واصلت حماس انتهاج المقاومة المسلحة. وفي الوقت ذاته بنت قاعدة من الدعم مثيرة للإعجاب عبر المدارس والبرامج الاجتماعية.

وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي, اتخذت التوترات المتصاعدة بين المنظمتين طابعا عنيفا للمرة الأولى، ولعب فيها محمد دحلان دورا رئيسا.

وبصفته مدير جهاز الأمن الوقائي -وهي قوة مهابة الجانب تابعة للسلطة الفلسطينية- قام دحلان باعتقال نحو ألفي عضو من حماس عام 1996 في قطاع غزة، بعد شن الحركة موجة من التفجيرات الانتحارية.

وفي ذلك يقول دحلان "عرفات هو من قرر اعتقال قادة حماس العسكريين لأنهم كانوا يعملون ضد مصالحه, وضد عملية السلام, وضد الانسحاب الإسرائيلي، وضد كل شيء... وطلب من الأجهزة الأمنية القيام بواجباتها, ولقد أديت ذلك الواجب".

ويعترف أن ما قام به لم يكن "عملا محبوبا للجماهير". وظلت حماس لسنوات عديدة تقول إن قوات دحلان كانت تقوم بتعذيب المعتقلين بصورة متكررة. ومن بين تلك الوسائل المزعومة هتك أعراض المساجين باستخدام قناني الصودا.

ويقول دحلان إن تلك الروايات مبالغ فيها "مما لا شك فيه أن هناك أخطاء اقترفت هنا وهناك. لكن لا أحد توفي في الأمن الوقائي والمساجين يحصلون على حقوقهم. وأتذكر أنني معتقل سابق لدى الإسرائيليين. ولم يتعرض أي فرد شخصيا للإهانة, ولم أقتل أحدا أبدا على النحو الذي تقوم فيه حماس الآن بقتل الناس يوميا".

ويشير دحلان إلى أن عرفات أقام شبكة من الأجهزة الأمنية -14 في مجملها- ومع ذلك ينحى باللائمة على جهاز الأمن الوقائي على سوء المعاملة التي تقترفها وحدات أخرى.

وقد تعاون دحلان عن كثب مع مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي). وسي آي أيه التي أقام علاقة حميمة مع مديرها جورج تينيت, الذي عينه كلينتون وظل في منصبه في عهد بوش حتى يوليو/تموز 2004.

ويقول دحلان عن تينيت "إنه رجل عظيم وعادل حقا وأنا مازلت على اتصال به من حين لآخر".

"كل الناس كانت ضد الانتخابات"

في خطاب ألقاه بحديقة البيت الأبيض في 24 يونيو/حزيران 2002, أعلن الرئيس بوش أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تتخذ مسارا جديدا تماما.

وكان عرفات ما يزال آنذاك في السلطة، وحمّله كثيرون في الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولية تقويض جهود السلام تحت رعاية كلينتون بإطلاقه الانتفاضة الثانية –وهي ثورة متجددة اندلعت عام 2000 حيث لقي ما يزيد على ألف إسرائيلي وأربعة آلاف وخمسمائة فلسطيني حتفهم فيها.

وقال بوش إنه يريد منح الفلسطينيين الفرصة لاختيار قادة جدد ممن لم يكونوا "محل شبهة إرهاب".

وقال بوش "يجب أن يملك البرلمان الفلسطيني كامل صلاحيات أي جهاز تشريعي" عوضا عن رئاسة عرفات التي تمتلك كل السلطات.

قضى عرفات نحبه في نوفمبر/تشرين الثاني 2004, وانتخب عباس, بديله في قيادة فتح, رئيسا في يناير/كانون الثاني 2005.

وكان قد حدد في الأصل شهر يوليو/آذار 2005 موعدا لإجراء انتخابات البرلمان الفلسطيني, الذي يعرف رسميا بالمجلس التشريعي, لكن عباس أرجأها حتى يناير/كانون الثاني 2006.

يقول دحلان إنه حذر أصدقاءه في إدارة بوش من أن فتح ما زالت غير مستعدة لخوض الانتخابات في يناير/كانون الثاني.

إن عقودا من الحكم الوقائي الذي انتهجه عرفات حولت منظمته إلى رمز للفساد وعدم الكفاءة، وهو ما استغلته حماس بسهولة.

وأحدثت الانشقاقات مزيدا من الوهن بموقف فتح في كثير من المناطق، حتى إن مرشحا واحدا من حماس خاض المعركة الانتخابية ضد عدة مرشحين من فتح.

يقول دحلان "كل الناس كانت ضد الانتخابات, كلهم ما عدا بوش". وأضاف "قرر بوش أنه يريد انتخابات قائلاً: أريد انتخابات في السلطة الفلسطينية، وتبعه الجميع داخل الإدارة الأميركية، وكان الكل يتذمر في وجه عباس قائلين إن الرئيس يريد انتخابات. حسنا، ولكن من أجل ماذا"؟

ومضت الانتخابات قدما كما هو مخطط لها. وفي 25 يناير/كانون الثاني, فازت حماس بنسبة 56% من مقاعد المجلس التشريعي.

قلة داخل الإدارة الأميركية هي من تنبأت بالنتيجة, ولم تكن هناك خطة طوارئ للتعامل مع الموقف.

وقالت كوندوليزا رايس للصحفيين "لقد تساءلت لماذا لم يستطع أحد توقع ما حدث... ليس هناك من أحد لم يفاجأ بأداء حماس القوي".

ويقول مسؤول في وزارة الدفاع "كل واحد يلوم الآخر. وجلسنا هناك في البنتاغون نقول من هذا اللعين الذي نصح بإجرائها"؟

وحاولت رايس أن تنظر جهارا إلى الجانب المشرق من انتصار حماس، فقالت "عدم القدرة على التنبؤ هي سمة التحولات التاريخية الكبرى".

حتى وهي تتحدث بذلك كانت إدارة بوش تعكف بسرعة على تغيير موقفها من الديمقراطية الفلسطينية.

ورأى بعض المحللين أن لحماس جناحا معتدلا كبيرا يمكن تقويته إذا استمالته أميركا لعملية السلام، وهو الرأي الذي يتفق معه إسرائيليون بارزون مثل إفرايم هاليفي, الرئيس السابق لجهاز الموساد.

ويضيف "الإدارة تحدثت بصوت واحد هو: ينبغي الضغط على هؤلاء الناس. ومع فوز حماس في الانتخابات أصبح برنامج الحرية في عداد الأموات".

إن الخطوة الأولى التي اتخذتها اللجنة الرباعية لدبلوماسية الشرق الأوسط -والتي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة– كانت مطالبة حكومة حماس الجديدة بشجب العنف والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، والقبول بكل بنود الاتفاقيات السابقة.

وعندما رفضت حماس ذلك, أوقفت اللجنة الرباعية تدفق المساعدات إلى السلطة الفلسطينية، مما حرمها من موارد لدفع الرواتب وتلبية احتياجات الموازنة السنوية التي تقدر بملياري دولار أميركي تقريبا.

وشددت إسرائيل القيود على حرية تنقل الفلسطينيين, خصوصا من وإلى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس.

كما اعتقلت إسرائيل 64 مسؤولا من حماس, من بينهم نواب في المجلس التشريعي ووزراء, بل وشنت حملة عسكرية على غزة بعد أن تعرض أحد جنودها للاختطاف.

وأثبتت حماس وحكومتها الجديدة بقيادة رئيس الوزراء إسماعيل هنية, عبر كل تلك الأحداث مرونة مذهلة.

وقد اتسم رد فعل واشنطن بالذعر عندما شرع عباس في عقد محادثات مع حماس أملا في إقامة "حكومة وطنية". وسافرت رايس إلى رام الله في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 2006 للقاء عباس، حيث اجتمعا في مبنى المقاطعة، وهو المقر الرئاسي الجديد الذي بني على أنقاض مجمع عرفات الذي دمرته إسرائيل في 2002.

وبات نفوذ أميركا في الشؤون الفلسطينية أقوى مما كان عليه في عهد عرفات. ولم يكن لعباس قط قاعدة متينة ومستقلة, وكان في أمس الحاجة لاستعادة تدفق المعونات الأجنبية ومعها سلطته على الرعاية. وكان يدرك أنه لا يستطيع الصمود في وجه حماس دون دعم من واشنطن.

وفي مؤتمرهما الصحفي المشترك, ابتسمت رايس وهي تعرب عن "إعجاب بلدها الشديد" بقيادة عباس. وخلف الأبواب الموصدة, كانت لهجة رايس أكثر حدة حسب مسؤولين شهدوا اجتماعهما.

وأخبرت رايس عباس بشكل غير مباشر أن محاولة عزل حماس لم تجد نفعا، وأن أميركا تتوقع منه حل حكومة هنية في أقرب وقت ممكن وإجراء انتخابات جديدة.

ووافق عباس كما يقول أحد المسؤولين على اتخاذ إجراء بهذا الشأن في غضون أسبوعين. وصادف ذلك شهر رمضان, حيث يصوم المسلمون طوال ساعات النهار. وعند حلول الغسق دعا عباس رايس لتناول الإفطار معه، وهو عبارة عن وجبة خفيفة.

وبعد ذلك, طبقا للمسؤول نفسه أكدت رايس على موقفها بقولها: "إذن فقد اتفقنا؟ ستحل الحكومة في أسبوعين أليس كذلك"؟

ورد هو قائلا "ربما لن يكفي أسبوعان. امنحيني شهرا. دعينا ننتظر إلى ما بعد العيد" الذي يحتفل فيه بانتهاء شهر رمضان. قال متحدث باسم عباس بواسطة البريد الإلكتروني "بحسب سجلاتنا فإن ذلك غير صحيح".

ثم ركبت رايس سيارتها الرياضية المصفحة وعندها قالت لزميلها الأميركي -كما يزعم المسؤول- "لقد كلفنا ذلك الإفطار المقيت أسبوعين آخرين في عمر حكومة حماس".

"سنكون في الموعد لدعمكم"

انقضت أسابيع دون إشارة توحي بأن عباس متأهب لتنفيذ الطلب الأميركي. وأخيرا تم إيفاد مسؤول آخر إلى رام الله يدعى جيك واليس -القنصل العام في القدس وهو موظف محترف بوزارة الخارجية يملك خبرة سنوات عديدة من العمل في الشرق الأوسط- وكان الغرض من إيفاده توجيه إنذار نهائي دون مواربة إلى الرئيس الفلسطيني.

إننا نعرف ما قاله واليس لأنه ترك وراءه بالصدفة -كما هو واضح- نسخة من "نقاط البحث" أعدتها له وزارة الخارجية. وقد أثبت مسؤولون أميركيون وفلسطينيون صحة الوثيقة.

يقول نص واليس المكتوب "نريد أن نعرف خططكم فيما يتعلق بحكومة السلطة الفلسطينية الجديدة... لقد قلت للوزيرة رايس إنك مستعد للشروع في الأمر في أسبوعين من اجتماعكم. نعتقد أن الوقت قد حان للمضي قدما بسرعة وبصورة حاسمة".

ولم تترك المذكرة أي ظلال من الشك بشأن نوعية العمل الذي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقه. "يجب أن تعطى حماس خيارا واحدا وموعدا نهائيا واضحا، إما القبول بحكومة جديدة تستوفي شروط الرباعية, أو رفضها. وينبغي أن تكون التبعات المترتبة على قرار حماس واضحة كذلك، إذا لم توافق حماس في الفترة المحددة فإن عليكم أن تفصحوا عن عزمكم إعلان حالة الطوارئ وتشكيل حكومة طوارئ تلتزم صراحة بتلك الخطة".

كان واليس وعباس يعرفان معا ما يجب عليهما توقعه من حماس إذا روعيت تلك التعليمات، العصيان وإراقة الدماء. ولهذا السبب -كما تنص المذكرة- فإن الولايات المتحدة باشرت بالفعل في العمل على تقوية قوات الأمن التابعة لفتح.

يقول النص المكتوب "إذا تصرفتم وفق هذه الخطة فإن الولايات المتحدة ستدعمكم ماديا وسياسيا على حد سواء... وسوف نكون عند وعدنا لدعمكم".

وتم تشجيع عباس أيضا على "تعزيز فريقه" ليشمل "شخصيات جديرة بالثقة وصلبة المواقف في المجتمع الدولي". وكان محمد دحلان من بين أولئك الذين رغبت الولايات المتحدة -كما يقول مسؤول على دراية بالسياسة- في ضمهم.

كانت القوات الموضوعة تحت تصرف فتح تبدو من الناحية النظرية أقوى من تلك التي لدى حماس. وكان هناك سبعون ألف رجل موزعين بين 14 جهاز أمن فلسطيني يعود الفضل في تأسيسها لعرفات, نصفها على الأقل في غزة.

وعقب الانتخابات التشريعية كانت حماس تتوقع أن تتولى قيادة تلك القوات، لكن فتح ناورت لتبقيها تحت سيطرتها. وردت حماس -التي كان لديها بالفعل ستة آلاف من الجنود غير النظاميين تقريبا منضوون تحت لواء القسام المقاتل- بأن قامت بتشكيل قوة تنفيذية قوامها ستة آلاف جندي في غزة، ومع ذلك كان مقاتلوها أقل كثيرا من حيث العدد من قوات فتح.

وفي الواقع, كانت لحماس مزايا عدة. أولا لم تكن قوات أمن فتح قد استفاقت أبدا من عملية الدرع الدفاعي التي كانت بمثابة إعادة غزو كبيرة للضفة الغربية عام 2002، ردا على الانتفاضة الثانية.

يقول يوسف عيسى الذي قاد جهاز الأمن الوقائي تحت إشراف عباس "لقد تم تدمير معظم جهاز الأمن".

ولعل من سخرية القدر أن الحصار الذي فرض على المعونات الأجنبية عقب فوز حماس في الانتخابات التشريعية, لم يؤد إلا لمنع حركة فتح من دفع رواتب جنودها. ويضيف عيسى قائلاً "نحن من لم يحصل على أجره، في حين أنهم لم يتأثروا بالحصار".

ويوافقه أيمن دراغمة النائب في المجلس التشريعي عن كتلة حماس على ذلك. فهو يقدر مبلغ العون الإيراني لحماس في 2007 بنحو 120 مليون دولار أميركي.

ويصر دراغمة على أن ذلك المبلغ ما هو إلا "جزء يسير مما يجب أن تقدمه". ويخبرني عضو آخر من حماس في غزة أن الرقم يقارب مائتي مليون دولار أميركي.

وباتت النتيجة واضحة، فتح لم تعد تستطيع السيطرة على شوارع غزة أو حتى حماية أفرادها.

ففي العاشرة والنصف تقريبا من مساء يوم 15 سبتمبر/أيلول 2006 بعثت سميرة طايع برسالة تلكس إلى زوجها جاد طايع, مدير العلاقات الخارجية لجهاز المخابرات الفلسطيني وعضو حركة فتح، لكنه لم يرد عليها كما تقول.

وأضافت "حاولت الاتصال بهاتفه الجوال لكنه كان مغلقا, فاتصلت بنائبه محمود الذي لم يكن يعرف مكان وجوده. فكان أن قررت عندها أن أذهب إلى المستشفى".

وكانت سميرة -النحيلة الأنيقة ابنة الأربعين عاما- ترتدي ثيابا تغطي جسمها من الرأس إلى أخمص القدم عندما روت لي القصة في إحدى مقاهي رام الله في ديسمبر/كانون الأول.

وعندما وصلت إلى مستشفى الشفاء، تقول سميرة "ذهبت مباشرة إلى المشرحة لا لسبب إلا لأني لم أكن أعرف المكان. ورأيت أن كل حراس المخابرات هناك، وكان من بينهم فرد أعرفه. وعندما رآني قال "ضعوها في السيارة" فشعرت وقتها أن شيئا ما قد حدث لجاد".

وكان طايع قد غادر مكتبه بسيارة مع أربعة من معاونيه. وبعد لحظات اكتشفوا أن سيارة رياضية ممتلئة برجال مسلحين ومقنعين تتعقبهم. وعلى بعد مائتي ياردة من منزل رئيس الوزراء هنية ضايقتهم السيارة سادة عليهم الطريق. ثم أطلق الرجال المقنعون الرصاص عليهم فأردوا طايع ورفاقه الأربعة قتلى.

وقالت حماس إنه لا علاقة لها بتلك الاغتيالات, لكن لسميرة من الأسباب ما يجعلها تكذب ذلك. ففي تمام الثالثة من صباح 16 يونيو/حزيران 2007 وأثناء الاستيلاء على غزة, شق ستة مسلحين من حماس طريقهم نحو منزلها مطلقين الرصاص على كل صورة وجدوها لجاد. وفي اليوم التالي عادوا وطلبوا مفاتيح السيارة التي قتل فيها جاد زاعمين أنها تخص السلطة الفلسطينية.

وخوفا على حياتها فرت سميرة عبر الحدود إلى الضفة الغربية فقط بثيابها التي ترتديها وجواز سفرها ورخصة القيادة وبطاقة ائتمان.

"حرب في منتهى الذكاء"

كانت هشاشة وضع فتح مصدر قلق كبير لدحلان. وفي ذلك يقول "قمت بنشاطات عديدة لأعطي حماس الانطباع بأننا ما زلنا أقوياء ونملك القدرة على مواجهتهم, إلا أنني كنت أعرف في أعماق قلبي أن ذلك لم يكن صحيحا".

ولم يكن دحلان يشغل آنذاك أي منصب أمني رسمي لكنه كان منتسبا إلى البرلمان، ويحظى بولاء أعضاء فتح في غزة. وقال دحلان إنه أبلغ عباس "أن غزة لا تحتاج إلا لقرار من حماس للاستيلاء عليها". ولمنع ذلك من الحدوث شن "حربا في منتهى الذكاء" لعدة أشهر.

وطبقا لعدد من الضحايا المزعومين فإن إحدى الوسائل التي اقتضتها تلك "الحرب" تمثلت في اختطاف عناصر القوة التنفيذية التابعة لحماس وتعذيبهم. (ينكر دحلان أن تكون فتح استخدمت مثل هذه الوسائل، لكنه يعترف بأخطاء ارتكبت).

يقول عبد الكريم الجاسر, وهو رجل قوي البنية في الخامسة والعشرين من العمر, إنه أول أولئك الضحايا. ويضيف "كان ذلك في 16 أكتوبر/تشرين الأول وكنا في رمضان، كنت في طريقي إلى منزل شقيقتي لتناول الإفطار عندما أوقفني أربعة شبان اثنان منهم مسلحان. أرغموني على مرافقتهم لمنزل أمان أبو جديان" وهو من قادة فتح المقربين لدحلان. (أبو جديان قتل في انتفاضة يونيو/حزيران).

كانت المرحلة الأولى من التعذيب بسيطة ومباشرة كما يروي الجاسر حيث جردوه من ملابسه وقيدوه بالأغلال وعصبوا عينيه وأوسعوه ضربا بعصي وأنابيب بلاستيكية.

ويردف قائلا "لقد حشروا قطعة قماش في فمي ليمنعوني من الصراخ".

وأجبره المحققون على الرد على اتهامات متناقضة، فتارة يقولون له إنه تعاون مع إسرائيل وتارة أخرى إنه أطلق صواريخ القسام تجاهها.

بيد أن الأسوأ لم يكن قد أتى بعد. يذكر الجاسر أنهم أحضروا قضيبا من الحديد, وبدا صوته مترددا على نحو مفاجئ. كنا نتحدث داخل منزله في غزة, التي تشهد انقطاعا متكررا للتيار الكهربائي.

وأشار إلى قنديل يعمل بغاز البروبين لإضاءة الغرفة وقال "كانوا يضعون القضيب في شعلة كهذه وعندما تحمر ينزعون الغطاء عن عيني, ثم يكوون بها جلدي وكان ذلك آخر شيء أتذكره".

عندما أفاق كان ما يزال في الغرفة حيث عُذب. وبعد ساعات قليلة، سلمه رجال فتح لحماس وأخذ إلى المستشفى. وقال "كان بإمكاني رؤية الصدمة في أعين الأطباء الذين دخلوا الغرفة". وأراني صور حروق أرجوانية من الدرجة الثالثة محيطة بفخذيه وجذعه السفلي كالفوط التي تلفه. وقال "أبلغني الأطباء بأنني لو كنت نحيفا، لكنت ميتا الآن. بيد أني لم أكن وحدي. ففي الليلة التي أطلق فيها سراحي، أطلق رجال أبو جديان خمس رصاصات على قدمي أحد أقاربي. وكنا في نفس العنبر في المستشفى".

يقول دحلان إنه لم يأمر بتعذيب جاسر "الأمر الوحيد الذي أعطيته كان الدفاع عن أنفسنا. وهذا لا يعني أنه لم يكن هناك تعذيب، فبعض الأشياء خرجت عن الصواب، لكني لم أعلم عن هذا".

الحرب القذرة بين فتح وحماس استمرت لتجمع زخما طوال الخريف، وكلا الجانبين كان يرتكب شناعات. ومع نهاية 2006، كان العشرات يموتون كل شهر. وبعض الضحايا كانوا غير محاربين. وفي ديسمبر/كانون الأول أطلق مسلحون الرصاص على سيارة مسؤول استخبارات من فتح وقتلوا أطفاله الثلاثة وسائقهم.

ولم تكن هناك إشارة على أن عباس كان مستعدا لتحريك الأمور نحو حل حكومة حماس. وفي مقابل هذه الخلفية القاتمة، بدأت الولايات المتحدة تدير المباحثات الأمنية مع دحلان.

"هو رجلنا"

في عام 2001 قال الرئيس بوش إنه نظر في عيني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واستوحى من هذه النظرة بعضا من روحه ووجده "أهلا للثقة". وحسب ثلاثة مسؤولين أميركيين، حكم بوش حكما مماثلا على دحلان عندما التقى به أول مرة عام 2003، وأجمع المسؤولون الثلاثة على أنهم سمعوا بوش يقول "إنه رجلنا".

وقالوا إن هذا التقييم كان له صدى في شخصيات بارزة أخرى في الإدارة، بما في ذلك رايس ومساعد وزير الخارجية ديفد وولش، المسؤول عن سياسة الشرق الأوسط في الوزارة.

وقال أحد زملاء وولش "إنه لم يهتم أساسا بفتح". "وكان يهتم بالنتائج، وكان يدعم أي ابن سافلة كنت مضطرا لدعمه. وكان دحلان هو ذاك ابن السافلة الذي تصادف أننا نعرفه حق المعرفة. فقد كان من نوعية الأشخاص القادرين على الفعل. دحلان كان رجلنا".

لقد فوجئ آفي ديختر، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي والرئيس السابق للشين بيت، عندما سمع كبار المسؤولين الأميركيين يشيرون إلى دحلان بأنه "رجلنا". ويضيف ديختر "قلت لنفسي، رئيس الولايات المتحدة يصدر حكما غريبا هنا".

أما الجنرال كيث دايتون، الذي كان المنسق الأمني الأميركي للفلسطينيين في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، فلم يكن في موقف يخوله بمساءلة الرئيس عن حكمه في دحلان. وخبرته الوحيدة مع الشرق الأوسط كانت في عمله مديرا لمجموعة تقرير مسح العراق، وهي اللجنة التي بحثت عن أسلحة الدمار الشامل إبان حكم صدام حسين.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2006 قابل دايتون دحلان في أول سلسلة طويلة من المباحثات في القدس ورام الله. وكان مع كل واحد مساعدوه. وقال المسؤول المكلف بتدوين الملاحظات في الاجتماع إن دايتون -منذ البداية الأولى- كان يدافع عن جدولي أعمال متداخلين.

وقال دايتون -كما جاء في الملاحظات- "نحن نريد إصلاح جهاز الأمن الفلسطيني ولكننا نريد أيضا أن نبني قواتكم لمواجهة حماس".

ورد دحلان بأنه في نهاية المطاف يمكن دحر حماس عبر الطرق السياسية. وأضاف "لكن إذا كنت سأواجههم، سأحتاج إلى موارد مادية. لكن على هذا الوضع، ليس لدينا القدرة".

واتفق الرجلان على أنهما سيعملان باتجاه خطة أمن فلسطينية جديدة. وكانت الفكرة تكمن في تبسيط الشبكة المربكة من قوات الأمن الفلسطينية، وجعل دحلان يأخذ على عاتقه المسؤولية برمتها بصفته مستشارا للأمن القومي الفلسطيني. والأميركيون سيساعدون بتأمين الأسلحة والتدريب.

وفي جزء من برنامج الإصلاح -بحسب المسؤول الذي كان موجودا في الاجتماعات- قال دايتون إنه أراد أن يحل جهاز الأمن الوقائي، الذي كان معروفا على نطاق واسع بتورطه في الخطف والتعذيب. وباجتماع في مكتب دايتون بالقدس في بداية ديسمبر/كانون الأول، سخر دحلان من الفكرة وقال "المؤسسة الوحيدة التي تحمي فتح والسلطة الفلسطينية الآن في غزة هي التي تريد حلها".

وخفف دايتون من لهجته قليلا قائلا "نريد أن نساعدك، ماذا تحتاج"؟

إيران كونترا 2

أيام إدارة كلينتون، قال دحلان إن تعهدات المساعدة الأمنية "كانت مؤمنة دائما" لكن في ظل إدارة بوش، كان على وشك أن يكتشف أن الأمور كانت مختلفة.

وفي نهاية 2006 وعد دايتون بمبلغ فوري قيمته 86.4 مليون دولار، وفقا لوثيقة أميركية نشرتها رويترز في 5 يناير/كانون الثاني 2007، يستخدم "لتفكيك البنية التحتية للإرهاب وتطبيق القانون والنظام في الضفة الغربية وغزة". حتى إن المسؤولين الأميركيين أبلغوا المراسلين بأن المال سيحول في "الأيام القادمة".

لكن المال لم يصل أبدا. وقال دحلان "لم يوزع شيء". "فقد أقر المبلغ وأعلن عنه في الأخبار. لكننا لم نتلق فلسا واحدا".

وقد ماتت أي مبادرة لتحويل المال بشكل سريع في البرلمان الأميركي، حيث تم عرقلة الدفعة من قبل اللجنة الفرعية الخاصة بالشرق الأوسط وجنوب آسيا. وخشي أعضاء اللجنة أن ينتهي المطاف بالمعونة العسكرية للفلسطينيين ضد إسرائيل.

ولم يتردد دحلان في التعبير عن تبرمه عندما قال "تحدثت إلى كوندوليزا رايس في عدة مناسبات" "وتحدثت إلى دايتون والقنصل العام وكل شخص أعرفه في الإدارة. وكلهم قالوا "لديك حجة مقنعة". سنجلس في مكتب عباس في رام الله، وشرحت كل شيء لكوندي. وقالت "نعم بذلنا جهدا لعمل هذا. وليس هناك سبيل آخر". وقال دحلان: كان مساعد وزير الخارجية وولش ونائب مستشار الأمن القومي أبرامز متواجدين في بعض هذه الاجتماعات.

وعادت الإدارة إلى الكونغرس وتم إقرار معونة بقيمة 59 مليون دولار في أبريل/نيسان 2007. لكن عندما علم دحلان، كانت إدارة بوش قد قضت بالفعل الشهور الماضية تستكشف بديلا ووسيلة سرية لمنحه الأموال والأسلحة التي أرادها. وقال مسؤول من البنتاغون إن تردد الكونغرس كان معناه أن "عليك أن تبحث عن مصادر تمويل أخرى".

وأضاف مسؤول في وزارة الخارجية "هؤلاء المسؤولون عن تطبيق السياسة كانوا يقولون افعلوا كل ما يمكن. يجب أن نكون في وضع تستطيع معه فتح دحر حماس عسكريا، ومحمد دحلان فقط هو الذي يمتلك المكر والقوة للقيام بذلك. وكان التوقع أن ينتهي الأمر بمواجهة عسكرية حاسمة". وقال هذا المسؤول، "كان هناك برنامجان متوازيان، البرنامج المعلن الذي قدمته الإدراة إلى الكونغرس والبرنامج السري، ليس فقط لشراء أسلحة ولكن لدفع رواتب أفراد الأمن".

كان البرنامج في حقيقته بسيطا، ووفقا لمسؤولي وزارة الخارجية الأميركية، بداية من النصف الثاني لعام 2006 قامت رايس بعدة اتصالات هاتفية وعقدت اجتماعات خاصة مع قادة الدول العربية -مصر والأردن والسعودية والإمارات العربية المتحدة- وطلبت منهم مؤازرة فتح بتأمين التدريب العسكري لها والتعهد بتمويلها لشراء الأسلحة القاتلة لقواتها. وكان من المفترض أن يدفع المال مباشرة في حسابات مراقبة من قبل الرئيس عباس.

المخطط كان يحمل بعض الشبه بفضيحة ما يعرف بإيران كونترا، التي باع فيها أعضاء من إدارة رونالد ريغان أسلحة لإيران، عدوة الولايات المتحدة، واستخدم المال لتمويل متمردي المعارضة في نيكاراغوا، مخالفة لحظر الكونغرس. وقام بعض الحلفاء العرب نتيجة لضغط أميركي بتمويل المتمردين، مثل فتح.

لكن هناك أيضا خلافات هامة، بدأت بحقيقة أن الكونغرس لم يقر إجراء يحظر بوضوح تأمين المعونة لفتح ودحلان. ويقول مسؤول استخبارات سابق له خبرة في البرامج السرية "كانت قريبة من الحدود ولكن من المحتمل أنها لم تكن قانونية".

قانونية أم لا، سرعان ما بدأت شحنات الأسلحة تصل. وفي نهاية ديسمبر/كانون الأول 2006، عبرت أربع سيارت نقل مصرية معبرا تسيطر عليه إسرائيل إلى غزة، حيث سلمت محتوياتها إلى فتح. وشملت الشحنة ألفي بندقية آلية مصرية الصنع، وعشرين ألف مخزن ذخيرة ومليوني رصاصة. وتسربت أخبار الشحنة وأعلن بنيامين أليعازر عضو مجلس الوزراء الإسرائيلي، في الإذاعة أن الأسلحة والذخيرة يمكن أن تعطي عباس "القدرة على التعامل مع تلك المنظمات التي تحاول تدمير كل شيء" يقصد حماس.

ويشير آفي ديختر إلى أن شحنات الأسلحة كان يجب أن تقرها إسرائيل، التي كانت مترددة على ما يبدو في السماح بدخول أسلحة متطورة إلى غزة. ويقول مسؤول وزارة الخارجية الأميركية "الشيء الأكيد هو أننا لم نكن نتحدث عن أسلحة ثقيلة" "كانت أسلحة صغيرة ومدافع رشاشة خفيفة وذخيرة".

ربما أحجم الإسرائيليون عن الأميركيين. ربما أحجم إليوت أبرامز نفسه ولم يرغب في التورط مع القانون الأميركي مرة ثانية. يقول أحد معاوني أبرامز، الذي رفض التعليق على هذا المقال، إنه أحس بتناقض في تشتته بين ازدرائه لدحلان وولائه الأول للإدارة. ولم يكن هو الوحيد في ذلك، ويقول مستشار تشيني السابق ديفد ورمسر "كان هناك تصدعات شديدة بين المحافظين الجدد بشأن هذا الأمر". "كنا نقطع بعضنا البعض إربا إربا".

وأثناء رحلة للشرق الأوسط في يناير/كانون الثاني 2007 وجدت رايس صعوبة في إقناع شركائها بالالتزام بعهودهم. ويقول مسؤول "العرب شعروا بعدم جدية الولايات المتحدة". "لقد علموا أنه إذا كان الأميركيون جادين فإنهم سيضعون أموالهم في موضعها الصحيح. لم يثقوا بقدرة أميركا على حشد قوة حقيقية. لم يكن هناك متابعة. الدفع كان مختلفا عن التعهد بالدفع ولم تكن هناك خطة".

ويقدر هذا المسؤول أن البرنامج جمع "دفعات قليلة مقدارها ثلاثون مليون دولار" معظمها -كما تقر مصادر أخرى- من الإمارات العربية المتحدة. ودحلان نفسه يقول إن إجمالي المبلغ كان عشرين مليونا فقط، ويؤكد أن "العرب أسرفوا في الوعود أكثر مما دفعوه". ومهما كان المبلغ المحدد، لم يكن كافيا.

الخطة ب

في الأول من فبراير/شباط 2007 نقل دحلان "حربه الذكية جدا" إلى مستوى جديد عندما اقتحمت قوات فتح التي تحت قيادته جامعة غزة الإسلامية معقل حماس، وأشعلت النار في عدة مبان. وثأرت حماس في اليوم التالي بموجة هجمات على مراكز الشرطة.

ولعدم الرغبة في الإشراف على حرب أهلية فلسطينية غض عباس بصره. ولعدة أسابيع حاول ملك السعودية، عبد الله، إقناعه بمقابلة حماس في مكة وإنشاء حكومة وحدة وطنية رسمية. وفي 6 فبراير/شباط ذهب عباس لمكة مصطحبا معه دحلان، وبعد يومين تم إبرام اتفاق مع حماس، التي لم تعترف بإسرائيل آنذاك.

وبموجب هذا الاتفاق يظل إسماعيل هنية رئيسا للوزراء بينما يسمح لأعضاء فتح بشغل عدة مناصب هامة. وعندما وصلت الأخبار إلى الشارع بأن السعوديين وعدوا بدفع فواتير رواتب السلطة الفلسطينية، احتفل أعضاء فتح وحماس في غزة معا بإطلاق أعيرة نارية في الهواء.

ومرة ثانية، أخذت إدارة بوش على حين غرة. وبحسب مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية "كوندي اشتاطت غضبا". ويشير سجل وثائقي هام، يكشف لأول مرة هنا، إلى أن الولايات المتحدة ردت بمضاعفة الضغط على حلفائها الفلسطينيين.

وبسرعة وضعت وزارة الخارجية خطة بديلة لحكومة الوحدة الجديدة عرفت بالخطة ب، كان الهدف منها، حسب مذكرة وزارة الخارجية -أكدها مسؤول علم بها في حينها- "تمكين عباس وأنصاره من الوصول إلى مرحلة نهائية محددة مع نهاية 2007. على أن تنتج المرحلة النهائية حكومة سلطة فلسطينية عبر وسيلة ديمقراطية تقبل مبادئ الرباعية".

وكإنذار ليس على شاكلة نهاية 2006، دعت الخطة ب عباس "لإسقاط الحكومة" إذا رفضت حماس تغيير نهجها نحو إسرائيل. ومن بعدها يمكن لعباس أن يدعو لانتخابات مبكرة أو فرض حكومة طوارئ. ومن غير الواضح ما إذا كان بيد عباس -بصفته رئيسا- سلطة دستورية لحل حكومة منتخبة قادها حزب منافس، لكن الأميركيين لم يلقوا بالا لهذا الأمر.

الاعتبارات الأمنية كانت مهمة جدا، والخطة ب تضمنت تعليمات واضحة للتعامل معها. وطالما بقيت حكومة الوحدة في السلطة، كان من المهم لعباس أن يحافظ على "سيطرة مستقلة على قوات الأمن". ويجب أن "يتجنب دمج حماس في هذه الخدمات، بينما يعمل على إلغاء القوة التنفيذية أو تهدئة التحديات التي يفرضها وجودها المستمر".

وفي إشارة واضحة للمعونة السرية المتوقعة من عباس، أشارت المذكرة إلى هذه التوصية في الأشهر التسعة القادمة "يراقب دحلان الجهود بالتنسيق مع الجنرال دايتون والدول العربية لتدريب وتجهيز 15 ألف فرد أمن تحت إمرة الرئيس عباس، لتطبيق قانون ونظام داخلي ووقف الإرهاب وردع القوى الخارجة عن القانون".

جاءت تفاصيل أهداف إدارة بوش للخطة ب في وثيقة بعنوان "خطة عمل للرئاسة الفلسطينية". وخطة العمل هذه مرت بعدة مسودات وطورتها الولايات المتحدة والفلسطينيون وحكومة الأردن. لكن المصادر تقر أن الخطة نشأت في وزارة الخارجية الأميركية.

وقد أكدت المسودات الأولى على الحاجة إلى تعزيز قوات فتح لكي "تردع" حماس. "النتيجة المرجوة" كانت إعطاء عباس "القدرة على اتخاذ القرارات السياسية والإستراتيجية المطلوبة... مثل حل مجلس الوزراء وإنشاء مجلس طوارئ".

كذلك دعت المسودات إلى زيادة "مستوى وقدرة" 15 ألفا من قوات أمن فتح الحاليين، بينما تضم 4700 جندي في سبع "كتائب جديدة مدربة تدريبا عاليا على حفظ الأمن والنظام العام". كذلك وعدت الخطة "بتدريب متخصص في الخارج" في الأردن ومصر، وتعهدت "بتزويد أفراد الأمن بالمعدات والأسلحة الضرورية لتنفيذ مهامهم".

وقدرت ميزانية مفصلة الكلفة الإجمالية للمرتبات وتجهيزات الأمن القاتلة وغير القاتلة بـ1.27 مليار دولار في خمس سنوات. وتنص الخطة على أن "التكاليف والميزانية الشاملة تم تطويرها بالاشتراك مع فريق الجنرال دايتون والفريق الفني الفلسطيني للإصلاح، وهي الوحدة التي أنشأها دحلان وقادها صديقه باسل جابر. ويؤكد جابر أن الوثيقة ملخص دقيق للعمل الذي نفذه هو وزملاؤه مع دايتون. ويقول جابر "كان القصد من الخطة تكوين منشأة أمنية يمكن أن تحمي وتعزز دولة فلسطينية مسالمة تعيش جنبا لجنب مع إسرائيل".

المسودة النهائية لخطة العمل قد وضعت في رام الله من قبل مسؤولي السلطة الفلسطينية. وهذه الصيغة كانت متطابقة تماما مع المسودات السابقة، إلا في أمر واحد، وهو تقديم الخطة على أنها فكرة فلسطينية. وقالت أيضا إن المقترحات الأمنية قد تم الموافقة عليها من قبل الرئيس محمود عباس بعد مناقشتها والاتفاق عليها من قبل فريق دايتون.

في 30 من أبريل/نيسان 2007، تسرب قسم من المسودة الأولى إلى صحيفة المجد الأردنية، فانكشف السر. من وجهة نظر حماس، فإن خطة العمل قد ترتقي إلى أمر واحد فقط، مخطط لانقلاب فتح بدعم أميركي.

"تأخرنا في لعبة الكرة هنا"

إن تشكيل حكومة الوحدة جلب قدرا من الهدوء إلى الأراضي الفلسطينية، ولكن أعمال العنف اندلعت مجددا بعد نشر صحيفة المجد القصة بشأن خطة العمل.

التوقيت لم يكن في صالح حركة فتح التي -بالإضافة إلى نقاطها السلبية العادية- كانت بدون رئيس جهازها الأمني. فق غادر دحلان غزة قبل عشرة أيام إلى برلين، حيث يجري عملية جراحيه لركبتيه. و كان من المقرر أن يقضي الأسابيع الثمانية المقبلة في النقاهة.

في أواسط شهر مايو/أيار ومع غياب دحلان، أضيف عنصر جديد إلى التعقيد في غزة عندما عاد خمسمائة عنصر من قوات الأمن الوطني التابعة لفتح من التدريب في مصر، وهم مجهزون بعتاد جديد وعربات. يقول دحلان إنهم "دخلوا في عراك دام 54 يوما". "الفكرة أن يدخل هؤلاء العناصر بزيهم العسكري وتجهيزهم الجيد حتى يخلق ذلك انطباعا بوجود سلطة جديدة". لوحظ وجودهم فورا، ليس من قبل حماس بل من قبل الوكالات الغربية. كان بحوزتهم بنادق جديدة ومناظر ليلية، وكانوا يرتدون سترات واقية" كما يقول زائر متكرر من شمال أوروبا. "أحدثوا مشهدا مختلفا عن المعتاد".

في 23 مايو/أيار، الفريق دايتون هو الوحيد الذي تعرض للوحدة الجديدة في شهادة أدلى بها أمام اللجنة الفرعية في مجلس النواب الخاصة بالشرق الأوسط. قال دايتون إن "حماس هاجمت القوات لأنها عبرت الحدود إلى غزة من مصر" ولكن "هؤلاء الخمسمائة الذين خرجوا للتو من التدريب، يتحلون بالنظام. فكانوا يعرفون كيفية العمل بشكل منسق، فالتدريب ينجح، وقد تم دحض هجوم حماس في المنطقة".

وصول الجنود، كما يقول دايتون، كان واحدا من "المؤشرات المشجعة" في غزة. مؤشر آخر هو تعيين دحلان مستشارا لعباس للأمن القومي. في هذه الأثناء -يضيف دايتون- "باتت القوات التنفيذية التابعة لحماس لا تحظى بشعبية، بحيث أضحوا متأخرين عن لعبة الكرة هنا. ونحن خلفهم، اثنان في الخارج، ولكن لدينا أفضل رام على الهدف والقاذف بدأ ينهك الفريق الآخر".

الفريق الخصم كان أكثر مما توقع دايتون. مع نهاية مايو/أيار 2007، صعدت حماس من هجماتها بجرأة وهمجية غير مسبوقة.

في شقة برام الله خصصها عباس للاجئين المصابين من غزة، قابلت مسؤول اتصالات سابق في حركة فتح يدعى طارق رافية، كان مستلقيا دون حراك بسبب إصابته برصاصة في عموده الفقري في انقلاب يونيو/حزيران، ولكن معاناته بدأت قبل أسبوعين. ففي 31 مايو/أيار، كان في طريقه إلى منزله مع صديق له عندما اعترضه حاجز سرق ماله وهاتفه الخلوي، وأخذه إلى مسجد، وهناك رغم قداسة المكان، قام عناصر القوة التنفيذية بالتحقيق العنيف مع معتقلي فتح. وفي وقت متأخر من الليل، قال أحدهم إنه سيطلق سراحنا -يتذكر رافية- وقال للحرس "ضيفوهم، وأدفئوهم". اعتقدت أن ذلك يعني قتلنا. ولكن قبل مغادرتنا انهالوا علينا بالضرب المبرح.

وفي 7 يونيو/حزيران تسرب أمر آخر مدمر عندما نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن عباس ودايتون طلبا من إسرائيل التصديق على أكبر شحنة أسلحة مصرية، تشمل عشرات العربات المدرعة، ومئات الصواريخ المضادة للدبابات، وآلاف العبوات الناسفة وملايين القطع من العتاد. بعد أيام، وقبل مغادرة قسم آخر من قوات فتح للتدريب في مصر، بدأ الانقلاب الجاد.

وقفة فتح الأخيرة

قيادة حماس في غزة مصرة على أن الانقلاب لم يكن ليحدث لولا استفزاز فتح. الناطق باسم حماس فوزي برهوم يقول إن التسرب الذي جاء في صحيفة المجد عزز القناعة لدى الحركة بوجود "خطة وافقت عليها أميركا لتدمير الخيار السياسي".

إن وصول الدفعة الأولى من متدربي فتح في مصر -يضيف برهوم- "كان السبب في التوقيت، فنحو 250 من عناصر الحركة قتلوا في الأشهر الستة الأولى من عام 2007" لهذا -يخبرني برهوم- "أخيرا قررنا وضع حد لها. ولو تركنا المجال لهم في غزة، لكان هناك مزيد من العنف".

"الجميع هنا مدرك بأن دحلان كان يحاول بالتعاون مع أميركا تقويض نتائج الانتخابات" يقول محمود الزهار، وزير الخارجية السابق الذي يتولى الآن قيادة الجناح العسكري لحماس في غزة. "إنه الشخص الذي خطط للانقلاب".

تحدثت مع الزهار في منزله بغزة الذي أعيد بناؤه بعد تدميره بهجمة جوية إسرائيلية عام 2003، قتل فيها أحد أبنائه. قال لي إن حماس أطلقت عملياتها في يوينو/حزيران بهدف محدود "القرار كان منصبا على التخلص من جهاز الأمن الوقائي، حيث كان عناصره يتواجدون على كل مفترق طرق، ويعرضون من يشتبه بانتمائهم لحماس لخطر التعذيب والقتل". ولكن عندما بدأ عناصر فتح المحاصرون في مكاتب جهاز الأمن الوقائي في جباليا بالانسحاب من مبنى إلى آخر، تشجعت حماس لتحقيق نتائج على نطاق أوسع.

العديد من الوحدات المسلحة التي كانت اسميا موالية لحركة فتح لم تقاتل على الإطلاق. البعض منهم بقي محايدا، لأنهم يخشون من أن تخسر قواتهم في ظل غياب قائدهم دحلان. "أردت وقف دوامة القتل" يقول إبراهيم أبو نزار، من قدامى فتح.

"ماذا يتوقع دحلان؟ هل يعتقد أن البحرية الأميركية ستأتي لإنقاذ فتح؟ لقد تعهدوا له بكل شيء، ولكن ماذا فعلوا؟ هو أيضا خدعهم، حيث قال لهم إنه الرجل القوي في المنطقة. والأميركيون الآن يشعرون بالإحباط لأن صديقهم خسر المعركة".

الآخرون الذين نأوا بأنفسهم عن القتال كانوا من المتطرفين. "إن فتح حركة كبيرة تضم عدة مدارس" يقول خالد جبيري القائد في كتائب شهداء الأقصى التي تستمر في قصف الصواريخ من غزة على إسرائيل.

"مدرسة دحلان التي تتلقى التمويل من الأميركيين تعتقد أن المفاوضات مع إسرائيل هي خيار إستراتيجي. لقد حاول دحلان أن يسيطر على كل شيء في فتح، ولكن كانت هناك كوادر تستطيع أن تبلي بلاء أفضل منه. دحلان عاملنا بطريقة استبدادية، ولم يكن هناك قرار فتحاوي لمواجهة حماس، ولهذا كانت بنادقنا في الأقصى هي الأنظف. لم يتم تلطيخها بدعم شعبنا".

توقف جبيري لبرهة. فقد قضى ليلته قبل مقابلتنا معه مستيقظا ومختبئا من الهجمات الإسرائيلية المخيفة "أنتم تعرفون أنه منذ تولي حماس زمام الأمور ونحن نحاول أن نمعن في تفكير بوش ورايس لفهم عقليتهما. ونستطيع أن نستنتج أن تولي حماس للسلطة يخدم إستراتيجيتهما لأن سياستهما جنونية حتى وإن كانت النتيجة غير ذلك".

انتهى القتال بعد أقل من خمسة أيام، حيث بدأ بالهجوم على مقرات فتح الأمنية داخل ومحيط غزة ومدينة رفح جنوب القطاع. وحاولت فتح أن تقصف منزل هنية ولكن قبل غروب شمس 13 يونيو/حزيران تم اجتثاث قواتها.

حماس تمكنت من الانتقام لسنوات من الاضطهاد التي مارسها دحلان وقواته، عندما طاردت الفئة الضالة من مقاتلي فتح وإعدامهم بلا محاكمة. أحد الضحايا قيل إنه تم رميه من سطح مبنى مرتفع. وفي 16 يونيو/حزيران استولت حماس على مبنى فتح ومقر إقامة عباس، وحولت منزل دحلان ومكتبه إلى كومة من الركام.

صمود فتح الأخير الذي كان متوقعا أن يكون كافيا، جاء على يد جهاز الأمن الوقائي. فالوحدة تكبدت خسائر بشرية كبيرة، ولكن تمكن نحو مائة عنصر من الوصول إلى الشاطئ ليلوذوا بالفرار ليلا بواسطة قارب صيد.

في شقة رام الله يستمر عناء الجرحى، فكانت حماس خلافا لفتح، تطلق رصاصات متفجرة محظورة الاستخدام بحسب مواثيق جنيف. وقد أصيب بعض الذين يقيمون في الشقة بعشرين إلى ثلاثين طلقة، ما أحدث إصابات لا تنتهي معاناتها إلا بالبتر. الكثير منهم فقد كلتا رجليه.

هذا الانقلاب كلف الكثير في جوانب أخرى. الخبير في الاقتصاد أمجد الشاعر قال لي إن نحو أربعمائة مصنع وورشة كانت تعمل في 2007، ولكن بحلول ديسمبر/كانون الأول تسبب الحصار الإسرائيلي على غزة بإغلاق 90% منها. ويعيش سكان غزة الآن على أقل من دولارين يوميا.

إسرائيل رغم ذلك ليست أكثر أمنا. إن حكومة الطوارئ الموالية للسلام والتي دعيت إلى خطة العمل السرية هي نفسها التي تتولى سدة الحكم الآن، ولكنها في الضفة الغربية. وفي غزة فإن الشيء الذي حذرت منه إسرائيل والكونغرس الأميركي قد حدث، وهو استيلاء حماس على أسلحة فتح والعتاد الذي يشمل بنادق مصرية وذخيرة تم إرسالها بموجب برنامج المساعدات العربية والأميركية.

وبما أنها تهيمن على غزة الآن، أطلقت حماس العنان لمليشياتها كي تطلق صواريخها على البلدات الإسرائيلية المجاورة. "ما زلنا نطور صواريخنا، وقريبا سنتمكن من القصف في قلب عسقلان -التي تضم 110 آلاف إسرائيلي وتبعد 12 ميلا عن الحدود مع غزة- كما يقول جبيري القائد في كتائب شهداء الأقصى "أطمئنك بأنه في القريب ستشن عملية كبيرة داخل إسرائيل، في حيفا أو تل أبيب".

في 23 يناير/كانون الثاني، فجرت حماس أجزاء من الجدار الذي يفصل غزة عن مصر وعبر عشرات الآلاف من أهل غزة الحدود. وكانت المليشيات تهرب أسلحة عبر شبكة من الأنفاق، ولكن اختراق الجدار جعل عملهم أكثر سهولة، وربما جعل تهديد جبيري أقرب إلى الحقيقة.

الرئيس الأميركي جورج بوش وكوندوليزا رايس مضيا في دفع عملية السلام، ولكن آفي ديختر يقول إن إسرائيل لن تبرم أي اتفاق بشأن الدولة الفلسطينية إلى أن يتمكن الفلسطينيون من إصلاح نظام تطبيق القانون برمته وهو ما يصفه بـ"سلسلة الأمن".

وبسيطرة حماس على غزة، يبدو أنه لا يوجد فرصة لحدوث ذلك. "انظر إلى الوضع" يقول دحلان. "يقولون إنه سيكون هناك اتفاق على الوضع النهائي في غضون ثمانية أشهر، مستحيل".

"فشل مؤسساتي"

كيف يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورا خاطئا في غزة؟ المحافظون الجدد المنتقدون للإدارة الأميركية -الذين كانوا ضمن الإدارة حتى العام الماضي- ينحون باللائمة على الفعلة الخاطئة القديمة لوزارة الخارجية، وهي الاندفاع نحو تلميع رجل قوي عوضا عن إيجاد حل للمشاكل بشكل مباشر.

هذه الحيلة أخفقت في عدة أماكن مثل فيتنام والفلبين وأميركا الوسطى وعراق صدام حسين، في حربه ضد إيران. الاعتماد على وكلاء مثل محمد دحلان -يقول المندوب السابق لأميركا في الأمم المتحدة- "فشل مؤسساتي وفشل إستراتيجي" ارتكبته رايس التي -شأنها شأن الآخرين في أيامهم الأخيرة في الإدارة- تتطلع إلى الإرث بالإخفاق في توجيه التحذير، لا إجراء انتخابات، لقد حاولوا أن يتجنبوا النتائج عبر دايتون".

وبما أن الخيارات الجيدة المتبقية قليلة، تحاول الإدارة الآن أن تعيد النظر في رفضها المبطن لمشاركة حماس. العاملون في مجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع الأميركية حاولوا مؤخرا استشعار الحكماء من الخبراء الأكاديميين، طالبين منهم وثائق تصف حماس ودعاتها الأساسيين "يقولون إنهم لن يتحدثوا مع حماس" كما يقول أحد الخبراء "ولكن في نهاية المطاف سيفعلون، لأن الأمر لا مفر منه".

من المحال أن نؤكد بأن النتائج في غزة كان يمكن أن تكون أفضل بالنسبة للشعب الفلسطيني وللإسرائيليين، وحلفاء أميركا في فتح لو أن إدارة بوش مضت في سياستها. شيء واحد ربما يكون مؤكدا، لا يمكن أن تكون الأمور أسوأ من ذلك.

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

الحمد لله انني لم اوضع مع الفهمانين الموسعي أدمغتهم, و لا اجدك الا رافعا من قدري يا أستاذ أسامة فلو عرفتني لوجدتني لا أستحق كل هذا الحجم الذي اسبغته علي.

و ندعو الله ان يحشرنا مع المساكين و ان ينجي أهل فلسطين و العراق وكل بلاد المسلمين.

أبو العبد الفلسطيني

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...