اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الغزالى ..... سيد الدعاة


عادل أبوزيد

Recommended Posts

ممن أعتز بهم و أفخر أنى إلتقيت بهم و كان شرف الإصغاء إليهم هو الشيخ محمد الغزالى و رأيت اليوم مقالا بقلم سناء البيسى بهذا العنوان "الغزالى .. سيد الدعاة" و قرأت المقال و سعدت للغاية و إحترت ماذا أختار من المقال و على ماذا أعلق و خرجت من فراشى خصيصا لأتمكن من نقل هذا المقال لمحاورات المصريين - و يعلم الله حالتى الصحية - و أترككم مع المقال:

44273 ‏السنة 132-العدد 2008 فبراير 23 ‏16 من صفر 1429 هـ السبت

هو و هي

الغــزالي‏..‏ سـيد الدعـاة

بقلم‏:‏ ســنـاء البيـــسي

لأن شيخنا الجليل محمد الغزالي كان رجل دعوة تنير العقول بالحقائق وتقدم الدين من ينابيعه الصافية خالصا من الزوائد والشوائب وآفات التدين الفاسد‏,‏ لا يحب الرياء الديني ولا الرياء الاجتماعي ولا الرياء السياسي‏..‏ لأنه‏..‏ ولأنه فقد أزعج السلطات يوما فحذرته وعندما لم يستجب صدر القرار الوزاري عام‏1971‏ بمنعه من الخطابة في المساجد عامة‏..‏ ويأتي الحليم الذي يعرف قدره‏..‏

الدكتور عبدالحليم محمود‏..‏ وزيرا للأوقاف فيطالب بعودة الشيخ الغزالي فتلبي الجهات المعنية الطلب علي استحياء من الرجل الصوفي المسئول صاحب الشأن الكبير في العالم الإسلامي‏,‏ ويرسل الدكتور عبدالحليم يدعو الغزالي في يوم أربعاء ليخبره‏:‏ يا شيخ محمد ها قد عدت إلي المنبر‏,‏ وستخطب بإذن الله الجمعة القادمة من منبر جامع عمرو بن العاص‏,‏ وإني قد رأيته في الرؤيا يشكو من هجر مسجده‏..‏

ويهبط القرار علي الغزالي بأحاسيس متضاربة مستهلها فرح لاستئناف ما وهب من أجله‏..‏ الدعوة‏.‏ وحزن لأن القلب لا يحمل حبا لعمرو بن العاص لموقفه المعادي لعلي بن أبي طالب في حادثة التحكيم بعدما استخدم دهاءه السياسي مع أبي موسي الأشعري وجاء التحكيم لصالح معاوية‏,‏ ويعلن الغزالي رفضه صراحة فيحاصره ويخجله الدكتور عبدالحليم‏:‏ يا شيخ محمد أنت ستخطب بإذن الله الجمعة القادمة في جامع عمرو وستكون إماما وسوف أصلي من خلفك‏..‏

ويسقط في يد الشيخ الغزالي لتأتي الجمعة ويصعد مكرها منبر عمرو بن العاص‏,‏ لكنه في هبوطه ـ كما روي ــ كانت تغمره سعادة خفية لا يدري مصدرها فيقرر الاستمرار وينتعش الجامع الذي اجتمعت المحافظة والوزارة علي تجديده‏,‏ ويقبل الناس علي خطب الشيخ حتي يبلغ الحاضرون عشرات الألوف‏..‏ ويتذكر الغزالي مجهشا بالبكاء نادما علي موقفه الأول من عمرو بن العاص استدعاء الشيخ الباقوري له في بيته لأمر مهم‏:‏ عندما جلست علي المقعد القريب إذا بالشيخ الباقوري

وكان المرض قد نال منه ليقعده يقربني أكثر ويبادرني بالسؤال‏:‏ ماذا بينك وبين عمرو بن العاص؟‏..‏ فتعجبت وقلت‏:‏ لا شيء‏!‏إنني أخطب الآن في مسجده‏..‏ فعاد ليقول لي‏:‏ أنا أحكي لك ما رأيت‏,‏ والتفسير لك‏,‏ فبينما كنت نائما إذ شعرت بطارق يطرق الباب ويقول بصوت جهوري‏:‏ الوالي قادم‏..‏ فسألت من هو الوالي القادم؟‏!‏ فقال الطارق‏:‏ عمرو بن العاص‏,‏ فتأهبت للقاء صاحب رسول الله وشعرت بخفة في بدني‏,‏ ودخل عمرو بن العاص وجلس مكانك هذا‏,‏ رجل قصير القامة في عينيه عمق كأنهما أغوار محيطات‏,‏ فقال لي‏:‏ أبلغ الشيخ محمد الغزالي أنني غفرت له تطاوله علي لأنه أحيا مسجدي بعدي‏,‏ وهذا المسجد رابع مسجد في الإسلام الذي اجتمع فيه الفاتحون الذين هزموا الرومان في مصر وأدخلوا الإسلام‏.‏

ويكمل مسيرة الدعوة محمد الغزالي أحمد مرسي السقا‏..‏ المصري المولد والنشأة والنكهة ابن قرية نكلا العنب التابعة لمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة‏,‏ مسقط رأس الشاعر محمود سامي البارودي والشيخ محمود شلتوت والإمام حسن البنا‏,‏ من ولد لأسرة ريفية فقيرة في يوم السبت‏22‏ من سبتمبر‏1917,‏ واختار له والده اسمه المركب محمد الغزالي تيمنا بالإمام أبو حامد الغزالي‏,‏ وكان الشيخ أكبر إخوته السبعة‏,‏ وأتم حفظ القرآن الكريم في العاشرة والتحق بالمعهد الديني التابع للأزهر الشريف بمدينة الإسكندرية ليحصل علي الابتدائية والثانوية الأزهرية عام‏1937‏ وذلك في صحبة والده الذي باع أرضه وغير نشاطه ليشتري مكتبة كان الابن يجلس فيها يطالع الكتب وينسي عملية البيع والشراء‏

ومن بعدها ومعه والده سافرا إلي القاهرة للالتحاق بكلية أصول الدين ليتلقي العلم علي يد كوكبة من كبار العلماء منهم الإمام الأكبر الشيخ شلتوت‏,‏ وينال شهادة العالمية عام‏1941‏ ثم علي إجازة الدعوة عام‏1943..‏ و‏..‏ يكمل سيد الدعاة مسيرة الدعوة برؤية تري أن الشهادة ليست نهاية العلم وأن الداعية المسلم في هذا العصر لابد وأن وأن يظل قارئا ما عاش ولايزال المرء عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه علم فقد جهل‏,‏ ولا يجوز الخلط بين تعاليم الإسلام والتقاليد التي تسود بلدا ما‏,‏ فللناس تقاليد ألبسوها الزي الإسلامي وهي من عند أنفسهم وليست من عند الله‏,‏ والدعوة إلي هذه التقاليد علي أنها المنهج السلامي جهل قبيح‏,‏ فمصادر الإسلام معروفة وميزانه في الحلال والحرام حساس‏

والأمم التي دخلت فيه كثيرة‏,‏ وتاريخه تقلب بين مد وجزر‏,‏ وفقهاؤه المجتهدون تعرضوا للصواب والخطأ‏,‏ وحكامه علي اختلاف الأيام والدول فيهم من أحسن ومن أساء‏,‏ ومن هنا علينا التحري في ميدان الدعوة فلا نصد عن سبيل الله بأمر نحسبه من مسلمات الدين وليس كذلك‏..‏ ويصادف الغزالي في طريق الدعوة المتحدثين الخطرين علي الإسلام ودعوته‏,‏ الذين يؤثرون التعقيد‏,‏ ومهمتهم تأويل النصوص أو الاصطياد من الشواهد النادرة ما تأباه الفطرة ويمجه العقل‏,‏ وهناك ـ كما يري ـ أقطارا تشقي فيها النساء لأن التقاليد جعلت دما دون دم وأبا دون أب‏,‏ أفهذا إسلام؟‏!‏ إن العقل عند هؤلاءمتهم حتي تثبت براءته‏,‏ والسيف لا الإقناع أساس نشر الدعوة‏

وملابس البداوة إمارة علي التقوي‏,‏ أما الأزياء الأخري فإن لم تدل علي التحلل فهي موضع ريبة‏,‏ وعدم البصر لا غض البصر أساس العلاقة بين الجنسين‏,‏ وقلما يعرف هؤلاء شيئا عن ضوابط الحكومة العادلة كمثال‏,‏ ولو سألتهم لعادوا يبحثون في التاريخ عن أساليب الحكم في الكوفة أو بلخ ليعطوا صورة شرعية للحكم المطلوب‏!..‏ إنني أصادف هذه المناظر المؤذية في طريق الدعوة فأشعر بالنكد‏,‏ وآخر ما لقيت من هؤلاء شاب يقول لي‏:‏ أليس في الالتحاق بالجيش شيء من الوثنية؟ فقلت‏:‏ ويحك كيف؟‏!!‏ فض الله فاه قال‏:‏ إنهم يحيون العلم كل يوم وهذه وثنية‏!..‏ وفي إحدي محاضرات الغزالي شاهد أحد الطلبة يمسك سواكا يحك به أسنانه فعاب عليه‏

فقال الطالب‏:‏ هذه سنة‏,‏ فرد عليه‏:‏ والاستنجاء أيضا سنة‏,‏ ولكن السنن لها مواضع ومواقف‏..‏ ويعلق علي النقاب بقوله إنها عادة ولا أظن أنها من تعاليم الإسلام‏,‏ لأن التعاليم تدعو إلي غض البصر عند النظر إلي المرأة الأجنبية‏,‏ فإذا ما كان الوجه مغطي بالنقاب ففي هذه الحالة لا يكون هناك مجال لغض البصر‏,‏ ولكن الغض يفترض أن يكون في حالة كشف الوجه وليس تغطيته‏.‏

الغزالي صاحب الـ‏57‏كتابا من يعترف بالفضل لإخوانه ويشيد بمواهبهم ومواقفهم وفضائلهم فيثني كمثال علي الشيخ سيد سابق ويبرز مكانته في الفقه فيحيل عليه وعلي كتابه فقه السنة وكثيرا ما نوه بالقرضاوي في المؤتمرات والندوات قائلا‏:‏ اسألوا يوسف فهو أولي مني‏,‏ بل لقد صرح بقوله أمام الملأ من كبار الأساتذة‏:‏ لقد كان يوسف تلميذي فيما مضي‏,‏ وأما اليوم فأنا تلميذه‏.‏

ويحمد لشيخنا الجليل أنه كان أوابا بمعني ناقدا للذات الذي لا يخجل من الاعتراف بخطئه والرجوع إلي الحق‏,‏ وفي القرآن الكريم الثناء والجنة لمن كان أوابا وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد‏..‏ الغزالي الذي كان يداوم علي محاسبة النفس ملتزما بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا‏..‏ ولقد ازدان تاريخ الأمة بعلماء حاسبوا أنفسهم ومنهم كمثال العز بن عبدالسلام‏1181‏ ــ‏1262‏ م أعظم علماء عصره الذي أفتي مرة بشيء ثم ظهر له خطأ فتواه‏

فما كان منه إلا الطواف بالشوارع في القاهرة ينادي قائلا‏:‏ من أفتي له العز بن عبدالسلام بكذا فلا يعمل به‏,‏ فإنه قد أخطأ في فتواه‏..‏ ولقد كان الشيخ الغزالي من أوابي هذا العصر‏,‏ وعندما راجع نفسه في خلافه مع الهضيبي في بداية حقبة الخمسينيات رأي أنه من الظلم تحميله أخطاء هيئة كبيرة مليئة بشتي النزعات‏,‏ بل لقد عبر عن اعتذاره هذا إلي حد تقبيل يد الهضيبي أمام الجمع عندما التقيا أثناء تشييع إحدي الجنازات‏,‏ وفي المؤتمر الوطني للقوي الشعبية الذي انعقد في مايو عام‏1962‏ كان للشيخ حديث طالب في ختامه بلباس موحد للرجال وآخر للنساء طلبا للحشمة الشرقية وإزالة الفوارق الصارخة في الأزياء بين الناس‏

وعندما راجع الشيخ موقفه أدرك أنه لم يوفق في اختيار الموضوع المناسب للمقام‏:‏ ولا أدري كيف وقعت في هذه الحفرة‏,‏ ولا كيف انسقت إلي هذا الموضوع الثانوي وسمحت لنفسي بإطالة الكلام فيه‏,‏ مما تسبب هذا الخطأ في أني لم أعط صورة كاملة لمكانة المرأة في الإسلام ففهم البعض أنني أريد العودة بالنساء إلي عهود الجمود والجهالة التي عاشت فيها خلال القرون الأخيرة‏..‏ وعندما اختلط الأمر علي الشيخ الغزالي في انتقاده للمنهج اليساري في تفسير التاريخ الإسلامي كان من بين الذين أشار إلي أنهم من كتاب اليسار الإسلامي الدكتور محمد عمارة الذي كان جميع ما قدمه للمكتبة الإسلامية من فكر ينقض ويهدم من الأساس مصداقية ما يسمي باليسار الإسلامي‏..‏

ومن هنا‏..‏ قدم الغزالي اعتذاره لعمارة بكتاب هدية من مؤلفاته أرفقه بخطاب استهله بقوله‏:‏ إن القليل الذي قرأته لك أخيرا ردني إلي الصواب في أمرك وجعلت أندم علي تعجلي‏...‏ وعند أول فرصة سأنشر رأيي في حقك الذي يفرضه علي ديني‏...‏ ومن بعد خروج خالد محمد خالد من المعتقل أصدر كتابه من هنا نبدأ ليتصدي له الغزالي في كتاب من هنا نعلم ينقد فيه خالد في رفق وأدب ورعاية لرابطة الود القديم مستنكرا أن يجرده الأزهر من شهادة العالمية كما نادي البعض ولم يقبل تدخل السلطة طرفا في الموضوع متكئة علي الأزهر‏..‏

تلك الصداقة التي جمعت بين الشيخ الغزالي بالمفكر الإسلامي خالد محمد خالد كتب الأخير نبذة عنها في كتابه قصتي مع الحياة يقول فيها في صفحة‏(372):‏ وقد حقق الله سبحانه أمنيتي ورجائي وصرنا صديقين حميمين ومرت بنا أيام‏,‏ كأن أحدنا يقول فيها للآخر‏:‏ يا‏..‏ أنا‏!!‏ ويصحب خالد صديقه الشيخ سيد سابق لمسجد عزبان بالعتبة ليسمعا إمام المسجد وخطيبه محمد الغزالي‏,‏ فيصلوا فريضة المغرب لينتقلوا بعدها إلي غرفة الإمام الملحقة بالمسجد‏:‏ وفيما نحن جالسون نتهيأ لتبادل الحديث‏

إذ صوت الموسيقار محمد عبدالوهاب يتهادي إلي أسماعنا من مذياع محل تجاري للملابس ملاصق للمسجد‏..‏ كان يردد إحدي أغنياته الجديدة ويقول‏:‏ هذه ليلة حبي‏..‏ ورأيت الشيخ الغزالي يلامس صدره براحة يمينه‏,‏ ويكتسي وجهه بشجن رقيق‏,‏ ويقول سبحان الله‏..‏ إن هذه الأغنية تملأ نفسي بالشجن الجميل‏..‏ وابتسمت في رضا وانتشاء‏..‏ وأسررت إلي نفسي كلمات لم تتحرك بها شفتاي‏:‏ نعم الصديق أنت‏..‏ فأنا كنت أهيم حبا للموسيقي وللفن الرفيع‏

وها أنذا ألتقي بعالم فاضل نشط ومجتهد يصل الخفي بالظاهر لا ينأي عن تحريم الموسيقي والفن فحسب‏,‏بل ينفعل بهما وتهزه الأغنية الجميلة والصوت الرخيم‏,‏ ورغم علم الشيخ الغزالي الغزير‏,‏ وأسلوبه المتأنق والنضير‏,‏ وذكائه المقتحم والجسور‏,‏ فقد أضفت إلي هذا كله‏,‏ وربما قبل هذا كله‏,‏ انتشاءه الطروب بالموسيقي كلمة ولحنا وأداء كما تبدي لي في ذلك اللقاء‏,‏ أما أخونا الجليل الشيخ سيد سابق فقد عقب علي المشهد قائلا‏:‏ إن الإمام أبا حامد الغزالي رضي الله عنه يقول‏:‏ من لم يطرب بالسماع فهو حمار يمشي علي ساقين‏,‏ وهكذا استمرأنا الحديث في هذا الموضوع واتسعت أمامنا مبارح القول‏,‏ حتي نادي المؤذن لصلاة العشاء فأقمناها‏,‏ وعدنا نستأنف الحديث‏.‏

الغزالي‏..‏ الذي قد قضي في معتقل الطور بسيناء قرابة العام سنة‏1949,‏ وأقل من عام في سجن طرة عام‏1965,‏ عندما أعيد إلي عمله وعين وكيلا لوزارة الأوقاف اعتبر المنصب نوعا من رد الاعتبار بعد الإبعاد والإقصاء‏,‏ لكنه حين ذهب إلي الوزارة في يومه الأول اقترح عليه وزير الأوقاف أن يبعث ببرقية إلي الرئيس السادات ليشكره علي إعادته ورفع درجة وظيفته فوجئ الشيخ بطلب الوزير فقال له‏:‏ إذا كان لابد من الشكر فالوحيد الذي يشكر علي ما تم هو الله سبحانه وتعالي الذي أراد فكان ما كان‏,‏ وتشبث كل من الوزير والشيخ بموقفه وإزاء إصرار الوزير لم يكن أمام شيخنا المستغني إلا أن هب واقفا قائلا ناهيا‏:‏ لاأريد وكالة ولا وزارة‏..‏ وقدم استقالته وعاد إلي بيته مستريح الضمير وهو يعلم أن مرتبه وهو دخله الوحيد قد انقطع‏..‏ وخلال سنوات مرضه الأخيرة عرض عليه ملوك ورؤساء وأمراء أن يقوموا بنفقات علاجه الباهظة في أي مصلحة عالمية لكنه ظل الرافض لأن يكون لأهل السلطان عليه فضل‏.‏

الغزالي السمح‏..‏ من قال‏:‏ أكره أصحاب الغلظة والشراسة‏,‏ ولو كان أحدهم تاجرا واحتجت إلي سلعة عنده ما ذهبت إلي دكانه‏,‏ ولو كان موظفا ولي عنده مصلحة ما ذهبت إلي ديوانه‏,‏ لكن البلية العظمي أن يكون إمام صلاة أو خطيب جمعة أو مشتغلا بالدعوة‏.‏ إنه يكون فتنة متحركة متجددة يصعب فيها العزاء‏...‏ وإذا لم يكن الدين خلقا دمثا‏,‏ ووجها طليقا وروحا سمحة‏,‏ وجوارا رحبا‏,‏ وسيرة جذابة فما يكون؟‏...‏ إن الفكر الديني قد سمن ونما له كرش‏,‏ في تلك القضايا التي أوجدها الفراغ أيام الفراغ‏,‏ ولن تعود له صحته إلا إذا ذهبت هذه السمنة واختفي الكرش واشتغل المسلمون بعلوم الحياة‏,‏ والسمنة في الفكر تعني الترهل في الفكر‏,‏ وتعني تناول ما لا قيمة له‏

وغض البصر عما له قيمة‏...‏ إن في المسلمين من لايزال يحفر في الدوسيهات القديمة ليتساءل أيهما كان علي حق عثمان أم علي‏,‏ واعتبار الأعمال العامة والخدمات من التوافه التي يقبل فيها العبث والتسويف‏,‏ حتي ليؤجل الموظف العمومي مصالح الخلق حتي يؤدي الصلاة‏,‏ بينما أمامه وقت ممتد لأدائها‏..‏ هذا الخلل كله وصل بالمسلمين إلي الحال الذي صاروا إليه‏....‏ ورأيت صيدليا مشغولا ببحث قضية صلاة تحية المسجد ومهتما بترجيح مذهب علي مذهب‏,‏ فقلت له‏:‏ لماذا لا تنصر الإسلام في ميدانك وتدع هذا الموضوع؟ إن الإسلام في ميدان الدواءمهزوم‏,‏ ولو أراد أعداء الإسلام أن يسمموا أمته في هذا الميدان لفعلوا ولعجزتم عن مقاومتهم‏

فما كان الأولي بك وبإخوانك أن تصنعوا شيئا لدينكم في ميدان خلا منه‏,‏ بدل الدخول في موازنة بين الشافعي ومالك‏...‏ التطرف ممقوت والتشدد تدين الضعيف والفاشل فالإسلام أوسع وأرحب صدرا من السماء والأرض وفيه مساحات شاسعة للرحمة والتيسير علي العباد‏,‏ إن رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول‏:‏ يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا‏,‏ وهو القائل‏:‏ أوغلوا في الدين برفق فإن الدين متين‏...‏ تسعون في المائة من الديمقراطية البريطانية إسلامي المنبع والوجهة ولولا أن مجلس العموم البريطاني ومجلس اللوردات قد اشتركا في إباحة بعض الرذائل التي يأباها الله كالشذوذ لكانت الديمقراطية الإنجليزية من أجمل صور الشوري التي نحبها لبلادنا‏...‏

إن الشيطان لا يقيم عائقا ماديا أمام ذاهب إلي المسجد ولا يدفع سكرانا في قفاه ليتجرع الإثم من إحدي الحانات‏,‏ إنه يملك الاحتيال والمخادعة ولا يقدر علي أكثر من ذلك‏,‏ أما عن عملية لبس الشياطين للأجسام التي أراها منتشرة خاصة بين العامة فأقول‏:‏ هل العفاريت متخصصة في ركوب المسلمين وحدهم؟ لماذا لم يشك ألماني أو ياباني أو أمريكي من احتلال الجن لأجسامهم؟‏!....‏ أهداني رجل طيب سبحة فاخرة لأختم بها الصلوات فتقبلتها منه شاكرا ثم عدت إلي بيتي وأهديتها إلي حفيدة لي‏,‏ وبعد أيام قال لي الرجل‏:‏ لم أرك تستخدم السبحة المهداة؟ فقلت له‏:‏ إنني أقدر جميلك‏,‏ ولكن الأذكار المطلوبة في أعقاب الصلوات لا تستغرق غير دقيقتين أو ثلاث فأوثر استخدام أصابعي ولا حاجة إلي جهاز إحصاء‏...‏ ماذا علي الناس لو أراحوا الدين من عنت الأهواء الجامحة‏,‏ فإذا أرادوا العصيان لم يلجأوا إلي فتوي تشرعه؟‏..‏

الغزالي‏..‏ الذي خدم الدعوة في قطر خمس سنوات وثلاث سنوات في الجزائر أشرف فيها علي جامعة الأمير عبدالقادر الجزائري الجديدة ليجعل منها مثالا للأزهر الشريف‏,‏ وكان الشارغ يخلو من المارة أثناء حديثه التليفزيوني الذي يشرح فيه الإسلام بأيسر الطرق وكأن الإسلام علي يديه بدأ يدخل الجزائر من جديد‏,‏ وفي أحد المؤتمرات بالجزائر حاولت ثلاث فتيات سافرات بإلحاح دخول القاعة‏,‏ ولكن شبابا واقفين بالباب منعوهن بطريقة فظة‏,‏ وعندما علم الغزالي بالأمر قام غاضبا مستندا إلي عصاه متجها للشبان الذين منعوا الفتيات قائلا‏:‏ من أدراكم أن هؤلاء لسن أقرب إلي الله منكم؟ فتراجعوا واحدا تلو الآخر وأفسحوا الطريق أمام الفتيات اللاتي أسرعن نحو الشيخ باكيات‏,‏ وحين أسندن رءوسهن إلي صدره ربت عليهن في حنو وقد طفرت دمعة من عينه‏!....‏ ويضحك الغزالي وهو يروي عن اتساع المفارقة‏:‏ قرأت أن وزير خارجية إحدي الدول الخليجية قد اجتمع مع نظيره الأمريكي‏...‏ ويتساءل من أين بالله تأتي هذه المناظرة وأليس للتناظر شروطا؟‏!‏

الغزالي في بحثي عنه أقترب منه‏..‏ أطرق الأبواب وأفتح الأدراج وأفض الأختام وأنصت لدبيب النمل لأحصل علي زادي وزوادي عن فضيلة الشيخ الذي أنجب تسعا فعاش منهم سبعا من البنين والبنات الذين استقي أسماءهم من قصيدة أحمد شوقي نهج البردة فجاءت الأسماء هدي وإلهام وسناء وعفاف ومني وضياء وعلاء‏..‏ الجميع جامعيون وجامعيات وضياء مهندس وعلاء أستاذ جامعي عميد أكاديمية السادات‏,‏ وعفاف زوجة الكاتب الصحفي محمد عبدالقدوس‏..‏ عندما تقدم الشيخ المتخرج حديثا في أصول الدين لطلب يد فتاته الحسناء أمينة ابنة موظف السلك القضائي آثره الوالد علي جميع العرسان المتقدمين رغم ثرائهم وجاه عائلاتهم‏,‏ فقد وقع حب محمد في قلبه لدرجة أنه أوسع للعروسين مكانا في بيته ليعيشا في كنفه‏,‏ ورغم فارق السن كان يصلي من خلفه‏..‏ وكما احتضنه حماه وحماته في شبابه كان رد الجميل أن اصطحبهما يعيشان معه في بيته الأول بشارع الأزهر‏,‏ وفي بيته الثاني‏10‏ شارع قمبيز سابقا الذي حمل اسم الغزالي من بعد وفاته‏..‏

الشيخ المنضبط كالساعة كان لا ينام بعد صلاة الفجر ورغم التصاق جامع شركس بوزارة الأوقاف مقر عمله فلم يترك مكتبه لصلاة الظهر فيه فقد كان الوقت ممتدا ليلحق بالصلاة مع امرأته في البيت ليأخذ قيلولته ساعة بعد وجبة غداء لا يتناول بعدها طعاما حتي الصباح التالي‏,‏ وكان دائب الاستماع لإذاعة الـ‏BB.C‏ البريطانية‏..‏ منصت شغوف لأم كلثوم ومحب لعبدالوهاب ومعجب بكلمات مرسي جميل عزيز‏,‏ ويرفع له الأبناء صوت فيروز ليسعد بها تغني اعطني الناي وغني وينادي علي زوجته التي تهوي اقتناء اللوحات من بعيد‏:‏ الربيع يا أمينة تعالي اسمعي فريد الأطرش في الراديو‏..‏ وعندما يستمع إلي عزف ابنه علاء علي البيانو يأتي ليجلس بجواره معطيا له اذنا صاغية‏..‏ وكانت جدران بيته تحنو وتداعب أكثر من كلب آخرها من فصيلة الجريفون الصغير‏..‏ ويعثر الابن المهندس ضياء في أوراق والده من بعد وفاته علي دفتر أشعاره فيطلب من الدكتور مصطفي الشكعة أن يقدم عنها ورقة تعرف القارئ بها‏,‏ فإذا بالشكعة يكتب لها مقدمة من‏79‏ صفحة تعترف بجودتها وصدق احاسيسها‏.‏

..‏ الغزالي الزوج الودود الباش الهاش سريع البديهة المرح كان حزنه بالغا لرحيل زوجته ــ التي توفيت متأثرة بمرض في الكبد وكان طبيبها المداوي الدكتور ياسين عبدالغفار ــ فحياتهما الزوجية كانت مثالا للمودة والرحمة علي مدي ما يقرب من أربعين عاما‏,‏ وأبدا لم يفكر في حياتهما أو بعدها في أخري غيرها فهو الذي لم تجف دموعه عليها حتي في أحاديثه الإذاعية كان يذرفها مدرارا عندما تأتي سيرتها‏,‏ وقد أبكي يوما المذيعة الراحلة آمال العمدة معه عندما سألته عنها‏,‏ ومن فرط حساسيته كان أهل بيته يهرعون لخفض صوت فيروز عندما تغني بالذات لم لا أحيا الأغنية التي كانت تثير شجونه‏..‏ وإذا ما كان الغزالي قد دخل في اشتباك رأي مع صلاح جاهين في الستينيات فقد نسي من بعدها تلك الخصومة تماما‏,‏

وأصبح الحريص علي الاطلاع علي نكتة جاهين اليومية في الأهرام يتفاعل معها ويضحك من قلبه لها‏..‏ وكان يعد نفسه من كتيبة الحرس الخاص لرسول الله صلي الله عليه وسلم‏,‏ ومفتاح شخصيته حب الله ورسوله‏,‏ وقد طبع من كتابه السنة النبوية‏11‏ طبعة في سنة واحدة فقط وعندما سألت السفارة الأمريكية في عام‏85‏ عما إذا كان الكتاب قد ترجم للإنجليزية للاستعانة به في رسالة دكتوراه عن الغزالي بإحدي جامعاتها اتضح أن بنظير بوتو في رئاستها الأولي للحكومة الباكستانية قد قامت بترجمته بالفعل‏,‏ وقد ظل الغزالي محرما طيلة حياته عمل أي رسائل جامعية عنه‏,‏ ومن بعد رحيله تدفقت الشهادات‏,‏ بينما كتابه من هنا نعلم المترجم للإنجليزية قد اختير كأفضل كتاب عالمي صدر في عام‏53

وكان قد كتب مؤلفه فقه السيرة عام‏1951‏ داخل الروضة الشريفة‏,‏ وتشهد أصوله علي آثار دموعه المختلطة بمداد الحروف‏,‏ وقد ضم هذا الكتاب‏1400‏ حديث وراجعه الشيخ الألباني‏,‏ وترجم إلي جميع لغات الأرض ومنها السواحلية والأردية والفارسية والصينية والهندية وغيرها‏...‏ وكان الغزالي لا ينصح بكثرة الحج والعمرة ويري أن التبرع بمصاريفها من بعد أداء فريضتها أجدي وأفضل‏..‏ ويسأل الابن ضياء أباه ــ الذي كان يأنس لوجوده معه ــ عن موقفه من رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ فيعرف منه أنه بعد أن ارتفعت الآراء المعارضة للرواية أحالها جمال عبدالناصر للتحقيق فتم انتداب كل من الشيخ الغزالي والشيخ سيد سابق والشيخ أبوزهرة لقراءتها‏,‏ فوجد ثلاثتهم فيها تطاولا فكتبوا تقريرهم الذي أوقفها‏,‏

وعندما حصل محفوظ علي نوبل عارض الشيخ أن تنسب الجائزة العالمية لتلك الرواية بالذات وإنما رأي أنها منحت للكاتب الكبير علي مجمل أعماله‏,‏ وسارع الشيخ لمستشفي الشرطة للاطمئنان علي محفوظ بعد الاعتداء عليه وجلس إلي زوجته وكريماته مجيبا علي استفساراتهن الدينية‏.‏

شيخنا الجليل أبدا لم تصحبه جوقة أو تجري في ركابه بطانة طيلة حياته‏,‏ وعندما سرق سور مدفن الأسرة الحديدي في الإمام الشافعي وفكرت الأسرة في مدفن آخر قال إنه مكتفيا بجوار الإمام الشافعي‏,‏ وكان وقتها في علم الغيب أين المستقر الذي انتهي به في يوم‏9‏ مارس‏1996‏ وقلمه في يده يدون نقاطا للدفاع عن الإسلام في مؤتمر الرياض‏..‏ كانت هناك رحلتان إحداهما للكويت والأخري لمهرجان الجنادرية الثقافي في الرياض ففضل رحلته إلي السعودية التي لم تكن ستستغرق سوي ثلاثة أيام‏

وكان علي غير عادته متعجلا للسفر حريصا علي أن تكون جميع ملابسه جديدة وهو من لم يكن يعنيه هذا الشأن‏..‏ ومن الرياض اتصل بابنه ضياء لانتظاره في مطار القاهرة غدا‏..‏ وغدا قضي الله أمرا كان مفعولا‏,‏ وأذيع خبر الوفاة وأمر الملك عبدالله ـ ولي العهد وقتها ــ بطائرة خاصة لنقل أسرة الفقيد للصلاة عليه في المسجد النبوي‏,‏ حيث حضر لتوديعه الآلاف بملابسهم البيضاء الذين قدموا من شعاب المملكة للمدينة المنورة ليقينهم بأن الغزالي لابد وأن يأتي إليها‏....‏ وتمطر السماء ويسأل من أوكل إليه مهمة أن يوسد جسد الشيخ في مثواه الأخير عن شخصية الراحل فيذكرون الاسم ليختصره في جلال موجز‏..‏ الواعظ‏..‏ ويدفن الشيخ الغزالي في الوسط ما بين الإمام مالك والإمام نافع من جهة‏,‏ وبين إبراهيم ابن الرسول صلي الله عليه وسلم من الجهة الأخري‏..‏ ويزور البقيع الشيخ الشعراوي كلما أتي للصلاة في المسجد النبوي ليبكي فقد الغزالي‏..‏ و‏..‏ في الليلة الظلماء يفتقد البدر‏..

Ghazaly.mht

مواطنين لا متفرجين


رابط هذا التعليق
شارك

ساولا اخى الكريم..شفاك الله وعافاك مما انت فيه ...لا بأس طهور ان شاء الله ...ثانيا ....الشيخ الغزالى..والله حى فى قلوب المصريين المسلمين المخضرمين.وليس ادعياء العلم الذين يقطعون فى اى عالم جليل ويدعون انهم سلفيون...للاسف انا سمعت خطب تذم فى ناس مثل الغزالى.. ..والشيخ سيد قطب رحمه الله...والله علمت وقتها ان من لا يجارى هؤلاء الشيوخ فى علمهم ..او يصل لهاماتهم فى العلم ..ينقبون عن هفوات واخطاء بسيطة لهم كى يقيموا عليها جبال من النقد اللاذع ..الذى لافائدة منه ..سوى تأليب الناس على من يحبونهم من العلماء الاجاء...وحتى لم يسلم منهم الشيخ الشعراوى رحمه الله

رابط هذا التعليق
شارك

لم نر نفراً كثيراً من الناس يقدر الرجل حق قدره أو يعمل العقل في العديد من آرائه التي أرى معظمها جريئاً وأرانا وقد بعدنا كثيراً عنها..

لم يسلم حياً وميتاً من هجوم الجميع عليه واستخفافهم به..من السلفيين المتشددين إلى الأتاتورك واليسار بعدد ممن على نفس المسطرة بين أولئك وهؤلاء..

الغزالي يحتاج لإعادة قراءة.. في زمن عزت فيه القراءة وتراجع فيه التفكير رغم وجود العديد ممن يسمون أنفسهم أو يجدون من يسموهم بـ"المفكرين الإسلاميين"..

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 1 شهر...

استاذى العزيز اتعبتنى كلماتك جدا فى حق هذه النسمه الرقيقه العذبه التى زارتنا على عجل و تركتنا فى تلهف لتتوسد المكان الذى يليق بها عند رب العزه جل جلاله

حقا ما كان الرفق فى شيىء الا زانه و ما نزع من شيىء الا شانه

رحم الله فقيد الاسلام الشيخ الغزالى و اسكنه الفردوس و جعله من جيران النبى الاكرم صلى الله عليه و سلم

و الله كل ما ارى تلك الوجوه المكفهره فى التلفزيون التى لا هم لها سوى الزعيق و الصراخ و التكفير و الشتم و السب علمت حقا معنى حديث الرسول صلى الله عليه و سلم بان الله لا يقبض العلم انتزاعنا بل بموت العلماء فياتى بعدهم من يفتى بدون علم فيضل و يضل

فاين شيوخ التكفير و التنفير من تلك الدوحه العطره السهله العذبه و لكن حقا من لا يبصر ضوء الشمس فالعيب فى عينه لا فيها

نقل موفق جدا و نتمنى جديدك بفارغ الصبر

EjGPv-c584_381280136.jpg

ما اجمل الانوثه عندما تمتطى صهوه الحياه

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...