اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله


الصاوى

Recommended Posts

الصدق والكذب

قال الله تعالى وهو أصدق القائلين : { ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين } . وقال تعالى : { إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله } وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للحسن بن علي رضي الله عنهما : { دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة } . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : { رحم الله امرأ أصلح من لسانه ، وأقصر من عنانه ، وألزم طريق الحق مقوله ، ولم يعود الخطل مفصله } .

وروى صفوان بن سليم قال : { قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : أيكون المؤمن جبانا ؟ قال : نعم . قيل : أفيكون بخيلا ؟ قال : نعم . قيل : أفيكون كذابا ؟ قال : لا } . وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : { ولا تلبسوا الحق بالباطل } أي لا تخلطوا الصدق بالكذب . وقيل في منثور الحكم : الكذاب لص ؛ لأن اللص يسرق مالك ، والكذاب يسرق عقلك . وقال بعض الحكماء : الخرس خير من الكذب وصدق اللسان أول السعادة . وقال بعض البلغاء : الصادق مصان خليل ، والكاذب مهان ذليل . وقال بعض الأدباء : لا سيف كالحق ، ولا عون كالصدق . وقال بعض الشعراء : وما شيء إذا فكرت فيه بأذهب للمروءة والجمال من الكذب الذي لا خير فيه وأبعد بالبهاء من الرجال والكذب جماع كل شر ، وأصل كل ذم لسوء عواقبه ، وخبث نتائجه ؛ لأنه ينتج النميمة ، والنميمة تنتج البغضاء ، والبغضاء تؤول إلى العداوة ، وليس مع العداوة أمن ولا راحة . ولذلك قيل : من قل صدقه قل صديقه .

والصدق والكذب يدخلان الأخبار الماضية ، كما أن الوفاء والخلف يدخلان المواعيد المستقبلة . فالصدق هو الإخبار عن الشيء على ما هو عليه ، والكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه . ولكل واحد منها دواع . فدواعي الصدق لازمة ، ودواعي الكذب عارضة ؛ لأن الصدق يدعو إليه عقل موجب وشرع مؤكد ، فالكذب يمنع منه العقل ويصد عنه الشرع . ولذلك جاز أن تستفيض الأخبار الصادقة حتى تصير متواترة ، ولم يجز أن تستفيض الأخبار الكاذبة ؛ لأن اتفاق الناس في الصدق والكذب إنما هو لاتفاق الدواعي ، فدواعي الصدق يجوز أن يتفق الجمع الكثير عليها ، حتى إذا تلقوا خبرا ، وكانوا عددا ينتفي عن مثلهم المواطأة ، وقع في النفس صدقه ؛ لأن الدواعي إليه نافعة ، واتفاق الناس في الدواعي النافعة ممكن .

ولا يجوز أن يتفق العدد الكثير ، الذي لا يمكن مواطأة مثلهم ، على نقل خبر يكون كذبا ؛ لأن الدواعي إليه غير نافعة ، وربما كانت ضارة . وليس في جاري العادة أن يتفق الجمع الكثير على دواع غير نافعة . ولذلك جاز اتفاق الناس على الصدق ؛ لجواز اتفاق دواعيهم ، ولم يجز أن يتفقوا على الكذب لامتناع اتفاق دواعيهم . وإذا كان للصدق والكذب دواع فلا بد من ذكر ما سنح به الخاطر من دواعيهما .

أما دواعي الصدق فمنها : العقل ؛ لأنه موجب لقبح الكذب ، لا سيما إذا لم يجلب نفعا ولم يدفع ضررا . والعقل يدعو إلى فعل ما كان مستحسنا ، ويمنع من إتيان ما كان مستقبحا . وليس ما استحسن من مبالغات الشعراء ، حتى صار كذبا صراحا ، استحسانا للكذب في العقل كالذي أنشدنيه الأزدي لبعض الشعراء : توهمه فكري فأصبح خده وفيه مكان الوهم من فكرتي أثر وصافحه كفي فآلم كفه فمن لمس كفي في أنامله عقر ومر بقلبي خاطرا فجرحته ولم أر شيئا قط يجرحه الفكر وكقول العباس بن الأحنف وإن كان دون هذه المبالغة : تقول وقد كتبت دقيق خطي إليها : لم تجنبت الجليلا فقلت لها : نحلت فصار خطي مساعدة لكاتبه نحيلا لأنه خرج مخرج المبالغة في التشبيه والاقتدار على صنعة الشعر ، وأن شواهد الحال تخرجه عن تلبيس الكذب ، وكذلك ما استحسن في الصنعة ولم يستقبح في العقل وإن كان الكذب مستقبحا فيه .

ومنها : الدين الوارد باتباع الصدق وحظر الكذب ؛ لأن الشرع لا يجوز أن يرد بإرخاص ما حظره العقل ، بل قد جاء الشرع زائدا على ما اقتضاه العقل من حظر الكذب ؛ لأن الشرع ورد بحظر الكذب وإن جر نفعا أو دفع ضررا . والعقل إنما حظر ما لا يجلب نفعا ولا يدفع ضررا . ومنها : المروءة فإنها مانعة من الكذب باعثة على الصدق ؛ لأنها قد تمنع من فعل ما كان مستكرها ، فأولى من فعل ما كان مستقبحا .

ومنها : حب الثناء والاشتهار بالصدق حتى لا يرد عليه قول ولا يلحقه ندم . وقد قال بعض البلغاء : ليكن مرجعك إلى الحق ومنزعك إلى الصدق ، فالحق أقوى معين ، والصدق أفضل قرين . وقال بعض الشعراء : عود لسانك قول الصدق تحظ به إن اللسان لما عودت معتاد موكل بتقاضي ما سننت له في الخير والشر فانظر كيف ترتاد .

جامع الفقه الإسلامى

1.png

لا يمكن أن يحيا المجتمع المسلم إلا بالنصيحة والتواصي، المؤمنون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، هذه رابطة المؤمنين ، نعمل فيما اتفقنا عليه، ولينصح بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه، ولا نقر بدعة ولكننا ننصح إخواننا في أخطائهم وينصحوننا في أخطائنا حتى نكون مجتمعاً رائداً يحبه الله.

انضم الى مجموعة

وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...