اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

اللغة العربية


AbouAlhooool

Recommended Posts

حملات مسعورة لصرف الناس عن الإسلام ولغة القرآن الكريم

لندن ـ (العرب اونلاين):

يقول مؤلفو كتاب "الوسيط فى الأدب العربى وتاريخه" طبعة سنة 1928م:

إن اللغة العربية من أغنى اللغات كَلِمًا وأعرقها قدمًا، وأخلدها أثرًا، وأعذبها منطقًا، وأسلسلها أسلوبًا، وأغزرها مادة. ولها من عوامل النمو ودواعى البقاء والرقى ما قلما يتهيأ لغيرها، وذلك لما فيها من اختلاف طرق الوضع والدلالة، وغلبة اطراد التصريف والاشتقاق، وتنوع المجاز والكناية وتعدد المترادفات، إلى النحت والقلب والإبدال والتعريب، ولما تشرفت به من ورود القرآن الكريم والسنة النبوية بلسانها. ولقريش عظيم الأثر فيما نجم عن اجتماع العرب فى مشاعر الحج والأسواق بتهذيب لُغتهم أنفسهم، لأخذهم من لغات القبائل الوافدة عليهم ما خف على اللسان وحسن فى السمع، حتى تهيأت لنزول القرآن الكريم بها.

واللغة العربية حية وستظل حية لا تموت لأنها لغة القرآن الكريم ولغة العبادة لله. يجد المؤمن أنها ضرورية لفهم كلام الله وكلام رسوله، ولأداء العبادة التى لا تُغنى عنها ترجمة مهما كانت الدقة فيها، ولأنها مناط الشرف عند الإبداع فى الخطابة أو الشعر.

وقد شهد بعظمتها كثير من المُنصفين الأجانب مثل "إرنست رينان" فى كتابه

"تاريخ اللغات السامية" حيث يقول: من أغرب المدهشات أن تثبت تلك اللغة القوية وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري، عند أُمَّةٍ من الرُّحَّل، تلك اللغة التى فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحسن نظام مبانيها، وكانت هذه اللغة مجهولة عند الأمم، ومن يوم أن عُلِمَتْ ظهرت لنا فى حُلل الكمال إلى درجة أنها لم تتغيَّر أى تغيُّر يُذكر، حتى إنها لم يُعرف لها فى كل أطوار حياتها لا طفولة ولا شيخوخة... "مجلة الأزهر مجلد 3 ص 240".

وإلى جانب فضل اللغة العربية فى فهم القرآن والسنة وإتقان العبادة. لها فضل كبير فى توحيد الأمة الإسلامية، التى دخل فيها الفارسى والحبشى والرومي، ونسوا لغتهم الأصلية، وروى الحافظ بن عساكر أن رجلاً عاب على غير العرب مناصرة محمد العربي، يريد أن يصرفهم عنه؛ لاختلاف أجناسهم ولغاتهم ، فغضب النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخطب فى المسجد "يا أيها الناس إن الرَّب واحد، والأب واحد، وإن الدِّين واحد وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، وإنما هى اللسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربي".

حملات مسعورة

هناك حملات مسعورة قديمًا وحديثًا لصرف الناس عن الإسلام بشبهات واهية من جهة العقيدة أو الشريعة أو شخص الرسول أو غير ذلك. ومن هذه الحملات تشجيع اللغات المحلية لكل جماعة بحُجة سهولة التعامل بها، وصعوبة فهم القرآن وصعوبة تلاوته وقراءته، وللمحافظة على التاريخ والتراث لكل بلد أو جماعة. والهدف الحقيقى من وراء كل ذلك هو هجر اللغة العربية، وبالتالى الجهل بتعاليم الدين، ثم ضعف الشعور الجماعى ووحدة المسلمين، ثم تفرقهم وتباعدهم، ثم ضعفهم التام، وسهولة السيطرة عليهم. ونسى هؤلاء المُغرضون ومن يُخدعون بهم أن الحكماء يسعون الآن لجمع الناس على لغة واحدة لتيسير التفاهم وتبادل المنافع "الإسبرانتو" التى اقترحها الطبيب البولونى "لودفيج زامنهوف" والإسلام جاء بلغة واحدة لكل المسلمين، ولو كانت للمسلمين قوة فى تاريخهم الطويل لسادت اللغة العربية فى كل مكان يُوجد فيه إسلام؛ لأنها أحسن اللغات، والبقاء دائمًا للأصلح (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الْأَرْضِ) (سورة الرعد: 17) إن اللغة العربية بمقوماتها وبقبولها للتطعيم بألفاظ من اللغات الأخرى يمكن أن تساير كل عصر وتتمشى مع كل حضارة، فهى البحر الذى يكمن فى أحشائه الدر كما يقول شاعر النيل.

جامعة الاسكندرية تتصدي

لقد تصدى لهذه الدعوة للعامية والمحليات بعض الغيورين على الدين وعلى العروبة، وبينوا ما فى كتب المحدثين من سموم حين يعالجون مُستقبل الثقافة، ويضعون مناهج للتعليم والتأليف الذى لا يلتزم قواعد اللغة العربية، ووُجِدَتْ برامج تدرس فى بعض الكليات والمعاهد بعناوين مثل: دراسات لغوية حديثة، والتطور اللغوى العربى فى العصر الحديث، واللهجات العربية الحديثة، والأدب الشعبي، والمذاهب الكبرى فى الآداب الأوروبية، ومدارس القصة، وتطور الفكر الإسلامى فى العصر الحديث. وناقش الدكتور محمد محمد حسين أستاذ الأدب العربى الحديث بجامعة الإسكندرية سنة 1958م على صفحات مجلة الأزهر هذه الأفكار بموضوعية ودِقة، وبين ما فيها من أثر على اللغة العربية والعروبة والدِّين، وذكر حملة صاحب "مستقبل الثقافة فى مصر" على الأزهر وعلماء الدين، لاهتمامهم البالغ باللغة العربية ودعوته إلى حرية تعلمها وتعليمها والتصرف فيها دون رِقابة أو تحكم "مجلة الأزهر ـ المجلد 30 ص 326" وذمَّ الدكتور دعوة أحد المناهضين للعربية فى المؤتمر الأول لمجامع اللغة العربية بدمشق ـ إلى تأليف معاجم محلية لا يثبت فيها إلا ما بقى من اللهجات العربية حيًّا فى عامية كلِّ إقليم، ودعا آخر إلى إعادة النظر فى تبويب النحو تدوينه من جديد.

وذكر الدكتور من تزعَّم الدعوة من رجال التعليم إلى تأليف كتب القراءة الجديدة "شرشر ـ جلاجلا.." وما جاء فيها من ألفاظ سوقية عامية "ص 359من المجلة المذكورة" وأن نتيجة ذلك عدم استقامة اللسان باللغة العربية أو صعوبة التزام القواعد النحوية وشيوع الكلمات السوقية، وتعدى ذلك إلى عدم الالتزام بالأوزان الشعرية ذات الوقع الموسيقى المؤثر على العواطف والأذواق. إن مما يُؤسف له أن بعض من يُسمون أنفسهم عصريين متمدينين يحاولون أن يُظهروا عصريتهم بتطعيم كلامهم بكلمات أجنبية، كدليل على معايشتهم للعصر وتفاعلهم مع الظروف وانفتاحهم على العالم كله "مرسي، برافو، شور، داكور، اكسيلانس، مستر..." أو يكتبون عناوين محلاتهم بلغة أجنبية مثل: سوبر ماركت، رستوران، ..." وكل ذلك غزو للغة العربية من أبنائها الذين كان المفروض فيهم أن يتعصبوا للغتهم الشرقية الدينية. إن من سياسة الاستعمار فرض نظامه وثقافته ولغته على المستعمرات، ونتيجة لذلك رأينا بعض البلاد الإسلامية التى كانت تروج فيها اللغة العربية أصبحت اللغات الأجنبية هى الرسمية أو الشائعة فى التخاطب والمراسلات والتأليف، وما زال لها أثر واضح حتى بعد زوال الاستعمار شكلاً وحكمًا، وفى ذلك تذويب للشخصية العربية والإسلامية. ويجرنا ذلك إلى الحديث عن تعريب العلوم أو دراستها باللغة العربية كالطب والهندسة، وهناك نداءات تميل إلى ذلك، حِفاظًا على اللغة، وقامت بعض الدول العربية بالاستجابة لهذا النداء، وإن كانت فيه صعوبة فى الدراسة والترجمة. ولا مانع فى هذا المجال من استعمال الأسلوب الأجنبى مع الأسلوب العربي، وليست هذه دعوة إلى هجر اللغات الأجنبية، فإن تعلمها لازم وبخاصة فى هذه الأيام التى تشابكت فيها المصالح وسهلت المواصلات. وقد ثبت أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر زيد بن ثابت أن يتعلَّم لغة يهود ليعرف ما فى كتبهم التى يرسلونها إليه، فتعلُّم اللغات مشروع، ولكن مع المحافظة على اللغة العربية لغة القرآن والدين، ومن المؤكد أن حفظ القرآن الكريم ـ فى الصغر بالذات ـ أكبر مساعد على رسوخ اللغة العربية وتعودها واستقامة اللسان بها.

هذا، وتعلم اللغة العربية واجب على كل مسلم بالإجماع، كما قرره الإمام الشافعى فى رسالته، وهو الذى جرى عليه العمل، حتى كثر الأعاجم وقلَّ العلم وغلب الجهل، فصاروا يكتفون من لغة الدين بما فرضه الله فى العبادة والذكر.

تعلم اللغات الأجنبية

أما حكم تعلم اللغات الأجنبية فهو الجواز، وقد يصل إلى حد الوجوب عند الحاجة إليه، وهو داخل فى عموم الأمر بطلب العلم ومدح العلماء، والنصوص الكثيرة الواردة لم تحدد نوعًا معينًا من العلم، بل وسعت ميدانه ومما يدل على ذلك قوله تعالى فى سورة فاطر: 28 (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) بعد ذكر نزول الماء من السماء ونمو النباتات واختلاف طبقات الأرض ومكونات الجبال واختلاف المخلوقات الحية من الإنسان والحيوان، مما يدعو إلى الإيمان بالله وحُسن استخدام كنوز الأرض شُكرًا لله وتحقيقًا للخلافة، حتى العلم الذى يظن أنه شرٌّ لا بأس بتعلمه لاتقاء شره كما قيل:

عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه وتعلم اللغات الأجنبية فيه خير لا شك فى ذلك، فمن تعلَّم لغة قوم أمِنَ من مكرهم، حيث نتمكن من الاطلاع على ما كتبوا لنفيد من خيره ونتقى شره ونرد عليه واليهود كانوا يسبون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعبارة يدل ظاهرها على أنها خير مثل "راعنا" فهى فى لغتهم تعنى الرعونة، وكانوا ينادون بها الرسول، والمسلمون يقلدونهم فيها دون علم بما يقصدون منها، ظانين أنها ـ كما فى لغة العرب ـ تدل على الرعاية. قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعَِنا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا) (سورة البقرة : 104).

وكان ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ يُترجم بين يدى الرسول عند قدوم الوفود بلهجاتهم المُختلفة "البخارى ج 1 ص 32" ويقال: إن الذين حملوا كتب النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدعوة الملوك كانوا يعرفون لغاتهم.

وأمر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ زيد بن ثابت أن يتعلم لغة يهود لأن كتبًا تأتى منهم تحتاج إلى من يترجمها له، روى البخارى تعليقًا والبغوى وأبو يعلى موصولاً عن زيد بن ثابت الأنصارى قال: أُتى بى إلى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ مَقْدمِه فقيل: هذا غلام من بنى النجار وقد قرأ سبع عشرة سورة. فقرأ عليه فأعجبه ذلك فقال: "تعلَّم كتاب يهود، فإنى ما آمنهم على كتابي" فتعلَّمت، فما مَضَى لى نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب لهم إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له. "الزرقانى على المواهب اللدنية للقسطلانى ج 3 ص 323". فتعلُّم اللغات الأجنبية مشروع، ويجب أن يكون فى الوطن من يتقنونها كلها، حتى لا يعيش المجتمع فى عُزلة عن العالم.

{حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } سورة آل عمران(173)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ) -سورة آل عمران (149)

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...