اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

رسالة من ربيحة علان: تحية للجامعات المصرية – الفلسطينية


Recommended Posts

تحية للجامعات المصرية – الفلسطينية

لم تكن حادثة "رجم جوسبان " التي نفذها طلبة جامعة بيرزيت مجرد لطمة لشخص وزير الخارجية الفرنسي جوسبان الذي تبجح داخل حرم جامعتنا بكل غرور المستعمر المستغل وبعد وصفه لمناضلي الجنوب اللبناني بالإرهابيين ؛ بل كانت هذه الحادثة لطمة لنا أيضا نحن "الهاربون من خدمة الوطن " ...

كنا طلبة الدراسات العليا قد انتظمنا في صفوفنا الباردة داخل الغرف الزائدة من الجامعة .. وكان الطلبة حديثي العهد بالجامعة قد نظموا صفوفهم لمواجهة جوسبان بالتلقائية ذاتها التي تعودوا من خلالها على مواجهة المستعمرين والمستغلين ... وبينما أخذنا نسير في اتجاه البوابة الرئيسية للجامعة كانت المناقشات قد احتدت بينا من كافة الفئات والأعمار حول أخلاقية تصرف الطلبة الصغار تجاه ضيف البلاد الكبير ..لكننا نغامزنا معلمين وطلبة وابتسمنا بسمة الجبان مخفين تأيدا بلا حدود لكل يد رجمت جبننا ...

كان يوما مريرا ورائعا في نفس الوقت .. كان لجيلنا في الجامعات ذكريات من العمل الوطني والاجتماعي والأكاديمي ؛ كفاح طويل في ظل احتلال صهيوني مباشر .. وبعد مجيء السلطة الوطنية الفلسطينية أشياء كثيرة اختلفت .. وكنا نبرر اعتزالنا وجبننا بفساد الآخرين .. لكن طلبة الجامعة الصغار وجهوا لطمة مزدوجة واحدة لوجه جوسبان وأخرى لنا .. لطمة : مفادها أننا نحن "الكبار" فسدنا .. إن الفساد ليس فقط بسرقة الأموال العامة وبسرقة المناصب وألقاب الشهداء .. إن الفساد بالجبن .. وعندما يجبن أصحاب الألسن المنمقة ومنتجي العبارات الموزونة لا بد أن تنطق التلقائية والعفوية والبراءة "الوحشية " ...

قد يتصرف أبناؤنا واخواننا الطلبة في الجامعات بتلقائية قد لا تروق لنا وقد لا تتناسب مع ارتباطاتنا الدبلوماسية ومزايداتنا الفارغة .. لكن : من المسؤول ؟؟.. من الذي دفع صغارنا لدور كان الأجدر بنا القيام به لولا تقصيرنا المقيت ..

عندما اجتمع وفد من الجامعة مع الرئيس "يا سر عرفات" للتوسط من أجل الإفراج عن الطلبة الذين اعتقلوا بتهمة رجم وزير الخارجية الفرنسي جوسبان بعد تطاول الأخير على مناضلي لبنان ؛ كان الرئيس في أقصى درجات الغضب وكان في ضيق من أن يستمع لأي تبرير لهذه الفعلة ؛ عندها توجه إليه أحد الحاضرين بالقول :" يا سيدي الرئيس هؤلاء الصغار الذين رجموا جوسبان هم الذين رجموا الصهاينة ؛ هم الذين صنعوا للوطن شرف عجزت عن صنعه رجال البنادق والفنادق .. تلقائية هؤلاء الصغار يجب علينا أن نستوعبها فنهذبها لا أن نقمعها " ..

إن أكثر ما يثير الأسف في واقعنا العربي أن يكون تصرف السلطات الوطنية قاسيا إلى حد مشابه وربما أقوى من تصرف المحتلين الأجانب .. فالجامعات المصرية والفلسطينية – على سبيل المثال على الأقل - التي أنجبت أروع وأنبل جيل تحدى المستعمرين والمستغلين ؛ نجدها اليوم تحاسب على كل كلمة وكل فعل يصدر من أبنائها .. تحاسب لا لمصلحة البناء الداخلي للمجتمع بل لمصالح جهات خارجية ..

لا أدري كيف لأيدينا الإمساك بالنيران الملتهبة في صدور أبنائنا .. كيف نقمع حقهم بالتعبير عن غضب طبيعي بعد كلّ ما يروا من حال أمتهم .. كيف يمكن أن نسمح "لأفراد من أبنائنا" أن يعتدوا في مصر على طالبة في عمر الورد لأنها متعاطفة مع إخوتها في فلسطين ؟!.. كيف نسمح لأفراد الشرطة من أبنائنا بدخول الحرم الجامعي والقيام بالاعتقالات بصورة تتنافى من أبسط حقوق الإنسان ؟!.. كيف نعتقل خيرة شباننا .. ومعلمينا .. الذين وجهوا كل نشاطهم لخدمة وطنهم وأمتهم .. بينما نتغاضى عن المفسدين والسفهاء والجهلة .. ؟!..!! ...

إن الأحرار لن ينتهوا حتى تكون الحرية .. وإن للحرية مدد من نسل الشريفات من بنات هذه الأمة الخالدة ..

ربيحة علان علان

رام الله – فلسطين المحتلة

18- 10- 2002م

ملاحظة: الأخت ربيحة من المناضلات الصامدات في رام الله .. لطالما اعتمدنا على رسائلها كمصدر هام للمعلومات أبان الحصار .. وفي احلك ظروف البطش والتنكيل لم تتوان عن نث رسائلها التي كانت غذاءا روحيا لنا ..

تحية للأخت ربيحة على مثابرتها وصدقها في مرابطتها في أرض الرباط.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...