اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

تلاميذ ما قبل الثورة


الأفوكاتو

Recommended Posts

التلاميذ, و السياسة.

فى عدة مقالات عن النكسة, كتبت كثيرا عن ذكرياتى المحزنة, و المؤسفة, بعد هوان حرب 1956,

و لكن هذا الموضوع سوف يختلف تماما, لأنى سأتكلم عن لحظات من تاريخ مُشرّف, وهو تاريخ مشاركة شباب مصر فى الممارسة السياسية, منذ سنوات الدراسة الإبتدائية, الى مرحلة التخرج من الجامعات.

و ما سأكتبه , حتى لو بدى كانى أكتبه عن لسانى, فهو لا يعبر عنى شخصيا, بل عن كل من كانوا فى سنى, و من كانوا معى فى نفس مراحل التعليم.

فى عام , 1945, كنا ندرس نهاية مرحلة المدارس الإبتدائية, و كان عمرنا يتراوح ما بين الحادية عشر, و الثالثة عشر, حيث كان متوسط عمر خريج المدارس الإبتدائية حينئذ حوالى 12 عاما.

وكان عام 1945 هو عام نهاية الحرب العالمية الثانية, و كانت مصر وقتها ما زالت تئن تحت تحت وطئة الإحتلال البريطانى.

و كانت القوات البريطانية تستعرض قواتها العسكرية بداية من ميدان الإسماعيلية, الذى أصبح بعد ذلك ميدان التحرير,, سيرا فى شوارع القاهرة, رجوعا إلى قشلاقات قصر النيل, التى كانت تتمركز فيها, و الذى كان يشغل المساحة المسكونة الآن بجامعة الأمم العربيةو و فندق الهيلتون.

و كان أفراد الشعب المصرى يخرجون لمشاهدة جنود الإحتلال تستعرض قواتها فى شوارعها, و البعض يصفق و يهلل, بدون فهم أو وعى أو شعور, حيث أن الشعور العام هو أن مصر كانت قد شاركت فى الحرب ضد المحور, و لذا, فإن إنتصار الحلفاء كان إنتصارا لمصر.

ولكن هذا الوهم لم يقع فيه طلبة المدارس, حتى المدارس الإبتدائية.

فقد شربنا من آبائنا و مدرسينا كره كل ما ينتمى الى الإحتلال, و كان أفضل شيئ وقتها هو الدعوة لمعرفة العدو,

فرغم كرهنا للإنجليز, فقد إزاد إصرار الطلبة على تعلم اللغة الإنجليزية, و التفوق فيها, حتى نفهم عدونا.

كذلك, رغم كره المصريين للإحتلال الإنجليزى, فإنهم لم يخلطوا بين قوات الإحتلال البريطانية , و بين الإنجليز الذين عاشوا فى مصر , و عاونوا فى التعليم, وفى الصناعة., و الإدارة, و التجارة, بل أن كثيرا منهم إكتسب الجنسية المصرية, وعاشوا فى مصر بعد إنتهاء الإحتلال.

و بين عامى 1945, و 1958, إزاد شعور الكره للإنجليز, و الإحتلال الإنجليزى, و كانت المدارس الثانوية هى بؤرة النشاط السياسى , حيث كانت الأحزاب الموجودة وقتها, مثل الوفد, و الإخوان, و حزب مصر الفتاة, يتبارون فى إستقطاب الطلبة صغار السن, لضمهم لفصائل شباب الأحزاب السياسية.

و فى العام الأخير لنا فى المدارس الإبتدائية, كنا نشاهد طلبة المدارس الثانوية يخرجون فى مظاهرات عارمة, ضد الإنجليز, و ضد الحكومات التى كانت موالية لهم.

و رغم صغر سننا, كنا نتضامن مع طلبة المدارس الثانوية, و كان عدد منا يقف أما باب المدرسة الإلبتدائية, يحمل لوحة مكتوب عليها" يحيا تضامن الطلبة"

و لا أدرى إذا كان حماس طلبة المدارس الإبتدائية كان نابعا عن حس ووعى سياسى, أم نابع من الرغبة فى الحصول على يوم أجازة, إلا أن المشاركة كانت قوية, بل أن بعض مدرسى المدارس الإبتدائية كانوا يحرضون الطلبة على الإضراب, لأسباب وطنية, و لأسباب أخرى قد لا تكون مجرد وطنية.

و كان أفراد الشعب يقفون على جانبى الطريق, حيث يسير الطلبة, رافعين الرايات المصرية, يصفقون فى حماس شديد للطلبة الذين كان يتقدمهم, و يتوسطهم زعماء محمولين على الأعناق, هاتفين لمصر, و لشعب مصر, و لحرية مصر.

و كان رد فعل قوات الأمن يتوقف على حكومة اليوم, فالحكومات الموالية للإستعمار كانت تحاول قمع هذه المظاهرات بوحشية, بينما كان أسلوب الحكومات المتعاطفة مع الحركات التحررية أكثر تسامحا و تعاونا.مع المتظاهرين.

و أحيانا, كانت قوات القمع تطارد الطلبة المتظاهرين خلال الشوارع و الحوارى, وهنا تظهر حقيقة و معدن الشعب المصرى, حيث يفتح أصحاب المحلات أبواب محلاتهم لإخفاء الطلبة, كما تفتح ربات البيوت أبواب المنازل, و جذب الطلبة بعيدا عن بطش البوليس, و إيوائهم فى حرمة البيت.

و تركنا الدراسة الإبتدائية, و قد استمر أبداء مشاعرنا الوطنية, و عشقنا لمصر, أثناء سنوات الدراسة الثانوية التى إستمرت حتى نهاية عام 1950.

فى هذه الأثناء, خرجنا فى مظاهرات, ضد الإستعمار, و ضد الحكومات الموالية له, ثم تأييدا لثورة يوليو عام .1952

و كنا قد التحقنا بالجامعات بعد إنهاء الدراسة الثانوية, و استمر شعورنا الوطنى جارفا قويا, و استمر إظهار إعتراضنا على جميع مظاهر الفساد, و قد رحبت قيادة الثورة بهذا النشاط السياسى الطلابى( المؤيد).

ثم خرجنا فى مظاهرات لتأييد خلع الملك, و طرده من البلاد.

ثم خرجنا فى مظاهرات, بعضها لتأييد إستئثار عبد الناصر بالسلطة, و بعضها إحتجاجا على إبعاد محمد نجيب من الساحة السياسية, ووضعه فى جب النسيان.

و خرجنا فى مظاهرات قوية مطالبين بجلاء القوات البريطانية من الأراضى المصرية. فى الوقت الذى تشكلت فيه جماعات فدائية هاجمت المعسكرات البريطانية فى منطقة الإسماعيلية, و فايد, و سقد عدد من زملائنا شهداء .

و خرجنا فى مظاهرات إبتهاجا بعقد إتفاقية الجلاء.

ثم خرجنا فى مظاهرات لتأييد قرار تاميم شركة قناة السويس, و تحويلها الى مؤسسة وطنية سميت " هيئة قناة السويس".

ثم خرجنا فى مظاهرات تؤيد الثورة فى سياستها ضد الغطرسة و العربدة الإسرائيلية.

و للحديث بقية

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

بقية الحديث

و لكن لم تكن كل هذه المظاهرات نتيجة إقتناع تام بتصرفات الثورة, و بعض هفوات زعمائها, بل أن كثيرا منا شارك فيها كوسيلة للتعبير عن مساندة النظام الحاكم, حتى لو كانت سياسته تمر بمراحل تتناقض مع مبادئها المعلنة, و فقد خرجنا لتأييد زعيما لمصر, و رمزا لها.

فى خلال هذه الفترات القصيرة السابقة على الهجوم الثلاثى على مصر, ظهرت تكنلات طلابية, ثمثل ميول سياسية مختلفة, بعضها يؤيد الثورة بدون تحفظ, و بعضها يطالب بمزيد من الديمقراطية, و بعضها يطالب بمشاركة الإخوان فى الحكم, و بعضها يطالب بالتحالف مع الشيوعيين.

و كثرت حالات مظاهرات, و مظاهرات مضادة فى حرم الجامعات, و فى شوارع العاصمة, و الأسكندرية, و لكنها لم تصل الى درجة عالية من الخطورة, حيث أن قبضة الثورة الحديدية على الأمن , و تواجد قوات الجيش فى الشوارع نتيجة لتحسب هجوم على مصر, قلل من شدة التوتر الذى ساد الجو السياسى الطلابى.

و لكن ما قضى على الشقاق بين التيرات السياسية الطلابية المختلفة, كان الهجوم الثلاتى نفسه.

فلقد اختفت الخلافات, و هرع من كان منا ما زال بالجامعة, للإنضمام الى صفوف الحرس الوطنى بكليته.

كما سارع من تخرجوا منا الى قيادة الحرس الوطنى بكوبرى القبة لتسجيل أنفسهم للخدمة الوطنية الجهادية.

و فى أيام عدة, تكونت كتائب الحرس الوطنى, التى ربما لم تكن على مستوى عالى من التدريب, إلا أنها كانت مبادرة مذهلة لنفسنا أكثر من غيرنا.

فقد إنتقلنا من فراش منازلنا الدافئ الناعم الى خيام ميدانية, ننام فيها على بطانية واحدة, و فى كل خيمة خمسة أو ستة من المتطوعين, تكاد جوارب بعضهم تدخل فى أفواه الباقين, مرصصين كسمك السردين فى العلب.

و أكلنا طعام الجراية, العدس, و الحلاوة, و الخبز فقط أحيانا.

و لكن المذهل, هو أن أحدا منا لم يتأفف, أو يتذمر, أو ينسحب,

فقد خرجنا للدفاع عن مصر و شرفها, و صممنا على الإستمرار فى أداء هذا الواجب الوطنى... الى الموت.

و انتشر المتطوعون فى المناطق المحيطة بالمدن و المنشئات العامة, لحمايتها من هجوم يتم بإسقاط جنود المظلات كما حدث فى بورسعيد.

و تم نقل عدد كبير من المتطوعين الى الضفة الشرقية لمساندة القوات المصرية التى كانت مازالت تدافع عن مواقعها فى سيناء, و أستمروا فى مواقعهم إلى أن صدرت الأوامر بسحب جميع القوات المصرية غرب ضفة قناة السويس.

و للحديث بقية.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

الأستاذ الأفوكاتو

لقد فتحت شهيتى لفتح موضوع عن تلاميذ عهد الحركة المباركة ، يبدو أننى سأفتش فى ملفاتى وذاكرتى لأستحضر تلك الحقبة التى كان أول شيئ فيها هو نشيد الصباح والذى كنت اردده ولاأعلم عن ماذا يتحدث.

كانت كلماته غاية فى الوطنية

أرجو الا يأخذكم الفكر لبعيد وتتصوروا انه كان للإشادة بالمليك أو ولى العهد

بعد مرور ثلاثة أعوام تقرر تحويل مدرستنا إلى فترتين ، وبدلا من الذهاب للمدرسة فى الثامنة والانصراف فى الثانية والنصف ، أصبحنا نذهب فى السابعة والنصف وننصرف فى الثانية عشرة ، ثم يتم تبديل المواعيد فى النصف الثانى من الدراسة لنذهب الى المدرسة من الثانية عشرة والنصف حتى الخامسة ، وبالطبع تم الغاء حصص التربية الرياضية ، التربية الفنية ، واكتفوا بحصة واحدة للرسم كل اسبوع مع تخفيض مدة الحصص والفسح.

وللآسف لم يحالفنى الحظ لأستمتع بالوجبات الدافئة التى استمتع بها جيلكم ، فقد شاء حظى أن أجيئ بعد أن بدأوا نهبها وسرقتها ، حتى حصص الدراسة لم يرحموها ، وكما ترى بعد ان كان اليوم الدراسى كاملا بدأوا يسرقون بعض ساعاته الى ان وصل بهم الحال ان جعلوا الدراسة ثلاث فترات ، ثلاث ساعات لكل فترة !!!.

وإن كانوا قد بدأوا فى إعطاءنا وجبة غذائية عبارة عن باكو بسكويت ، أو قرصة ليست محشوة وليس معها أى نوع من الغموس ، صنعت من دقيق المعونة الآمريكية !!! ثم قطعوها بعد ان أصبحت الدراسة فترتان.

حصص اللغة العربية تم حشوها بخطب السيد الرئيس لتكون موضوعات قراءة نثرية ، وأجزاء منها لتكون محفوظات نثرية ، وكأننا نقرأ لكبار الشعراء وليست خطب كتبها والفها ولحنها محمد حسنين هيكل والقاها السيد الرئيس ، وتبدأ جميعها بعبارة " أيها المواطنون " ، ياساتر يارب. ثم كانت الطامة الكبرى حينما تم الغاء منهج التربية الوطنية والذى كان يشرح ببساطة نظام الحكم والحقوق والواجبات ليتم تدريس شيئ آخر مختلف ، الا وهو " الميثاق " شيئ كده عامل زى الكتاب الأخضر. وباستعدادى لدخول المدرسة الثانوية كان قد فارقنا السيد الرئيس ليقابل الخالق.

شيئ ملفت للنظر ولم أنساه ، أنه لو كان هناك تلميذ مشاغب فكنا نتحداه فنقول له " لو جدع أشتم الرئيس جمال عبد الناصر " لإيقاف التلميذ عند حده وأنه مش جدع حتى لو سب الدين ، لكن مايقدرش يشتم الرئيس !!!

وددت فقط أن أذكر بعض الاشياء حيث أن والدى كان يحكى لنا عن المدرسة أيامه وأيامنا وكيف أن أيامه كانت أفضل على الرغم من أنه من أصل ريفى ، وكيف أنه بعد التعليم الإلزامى إضطر للإنتقال الى المدينة القريبة ويقيم مع زملاء له من نفس القرية ليلتحقوا بالمدرسة الابتدائية وهم فى سن الثانية عشرة أو أقل. والحقيقة أنه حتى أوائل الثمانينات لم يكن قد تم رصف الطريق المؤدية الى قريتهم أو أى من القرى المجاورة على الرغم من أنها تقع فى دلتا مصر ولم تكن أيضا قد دخلتها الكهرباء حتى عام 1984 ، وكان بالقرية تليفونين ـ أحدهما لدى العمدة والآخر لدى أحد الأساتذة الذى إنتقل بعد خروجه على المعاش ليعيش بالقرية مرة أخرى.

الحقيقة أن حال المرافق فى قرية والدى وقرية والدتى والقرى المحيطة كانت أشبه بقرى من العصور الوسطى حتى بعد منتصف الثمانينيات ، وكانت المدرسة الثانوية تبعد عنهم مسافة ثمانى كيلومترات ، ولم تبنى مدرسة إعدادية بقريتهم الا فى أواخر السبعينيات.

يعنى ممكن تقول أن حال المرافق لم يحدث عليه أى تجديد منذ قيام الثورة حتى منتصف الثمانينيات.

اليكم نشيد الصباح الذى كان أول شيئ سمعته ورردته فى المدرسة

ناصر = كلنا بنحبك

ناصر = وحانفضل جنبك

ناصر = ونعيش ونقول لك

ناصر = ياحبيب الكل ياناصر

قيموا اعياد النصر = وهنوا شعوبنا الحرة

عيد كل ثورة انطلقت = من ثورتنا الكبرى

كانت ثورتنا = إرادة

وإنطلقت منها = إبادة

عالرجعية والعبودية = وأعلناها إشتراكية

ناصر = كلنا بنحبك

ناصر = وحانفضل جنبك

ناصر = ونعيش ونقول لك

ناصر = ياحبيب الكل ياناصر

<script>doPoetry() تم تعديل بواسطة Mohammad

--

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}(11){اَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}(12)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ}(11)

new-egypt.gif

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
***************
مشكلة العالم هي أن الحمقى والمتعصبين هم الأشد ثقة بأنفسهم ، والأكثر حكمة تملؤهم الشكوك (برتراند راسل)
***************
A nation that keeps one eye on the past is wise!A
A nation that keeps two eyes on the past is blind!A

***************

رابط القرآن كاملا بتلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل برابط ثابت مع رابط للقراءة
***************
رابط
القرآن كاملا ترتيل وتجويد برابط ثابت مع رابط للقراءة
***************
رابط سلسلة كتب عالم المعرفة

رابط هذا التعليق
شارك

شكرا أيها الأخ الفاضل محمد على قراءة مقالى و التعقيب عليه,

و كما قلت فى مواقع و موضوعات أخرى, ليس الغرض من كتابة هذه الذكريات هو إتخاذ موقف معين من ثورة يوليو, (فقد عبرت عن رأيى فى مكان المناسب و الزمن المناسب ) , بل أن غرضى هو وصف المناخ الإجتماعى, و الثقافى, و السياسى أثناء سنوات عمرى المبكرة.

و قد جاء وصفك للمناخ الذى كان سائدا فى أيام صباك ليلقى الضوء على تغير فى الظروف و الأحوال, و سأترك للقراء إستنباط مقدار, و أسباب هذه التغيرات التى تحدث فى أى مجتمع بمرور الزمن.

و سوف اتابع نشر ذكرياتى الشبابيةالتى تصور مدى وعى شباب مصر فى الماضى بالشئون السياسية, الداخلية منها و الخارجية.

تقبل شكرى على مرورك الكريم, و تعقيبك الشارح لفترة زمنية أخرى من تاريخ شباب مصر.

تحياتى للجميع.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

ما بعد التلمذة, و السياسة.

العدوان الثلاثى على مصر, و لمحة من كفاح الشعب المصرى.

لن أكتب بتفاصيل عن أسباب العدوان الثلاتى على مصر عام 1956, حيث أن هذا الجزء من التاريخ موثق فى مجلدات و كتب عديدة, و لكن ما أذكره على هذه الصفحات لم ينشر فى كتاب, أو مجلة, او جريدة, لأن ما سأذكره هنا هو ما كان الشخص المصرى العادى يقوم به, بدون إدعاء بطولة مزيفة, أو مجد لا يستحقه.

و بسرعة, و لمن لم يقرءوا قصة العدوان الثلاثى على مصر:

بعد تصعيد عمليات فدائية بين فدائى مصر و الفلسطسنسن من جهة, و القوات الإسرائيلية من جهة أخرى, و بعد أن أعلن عبد الناصر تأميم قناة السويس, إدعت كل من بريطانيا و فرنسا أن هذا التصعيد سيؤدى الى تعطيل الملاحة فى قناة السويس, و بناء على ذلك, أصدرت كلا من إنجلترا و فرنسا إنذارا لكل من مصر و أسرائيل بفصل قواتهما لحماية الملاحة الدولية فى قناة السويس, على أن تنسحب القوات المصرية الى غرب القناة, و تبقى القوات الإسرائيلية فى مواقعها.

و طبعا رفض الشعب المصرى هذا الهوان, و بعد إنتهاء الفترة المحددة فى الإنذار, هاجمت قوات فرنسية, و بريطانية, (تساعدهما قوات طيران إسرائيلية) منطقة قناة السويس.

و خرج الشعب المصرى الباسل, للتصدى لهذا الهجوم الظالم الوحشى,

و خرج أهل بورسعيد الباسل , ببنادق, و عصى , و شوم, و مكانس, و سكاكين, و طوب, و كل ما يمكن أن يستعمل كسلاح.

و اندفعت قوات الشعب من المدن الأخرى, و زحفت على منطقة القنال, لكى تقف مع الشعب البورسعيدى البطل, و نساعده فى صد العدوان.

و لكن الإنجليز و الفرنسيين لم ينزلوا جنودهم هابطى المظلات فى الدفعات الأولى, بل قذفوا بدمى ترتدى ملابس جنود المظلات, و ذلك فى منطقتى مطار الجميل, و قلب مدينة بورسعيد.

و عندما توجه أبطال بورسعيد لإصطياد هابطى المظلات المزيفين, ثم إسقاطهم فى مناطق أخرى لم تتواجد بها المقاومة, و لكن الشعب توجه فورا الى هذه المناطق, مصحوبا بقوات الجيش, و قوات الحرس الوطنى. و تم القضاء على الكثير منهم.

و لكن الهجوم الإنجليزى الفرنسى إستمر فى دفعات وراء دفعات, حتى تمكن الأعداء من إتزال قوات كافية لإحتلال المدينة الباسلة.

و كانت بريطانيا تضع فى الصفوف الأمامية مجندين من دول الكومن ولث, أى أنها كانت تضحى أولا بمن هم ليسوا إنجليز, و حذت فرنسا حذوها, و صدرت بعض أفراد الفرقة الأجنبية الشهيرة, التى تتكون من مرتزقة من جميع بلاد العالم, إنضموا ليس للدفاع عن قضية, بل مقابل حفنة من الفرنكات.

فى هذا الوقت, دعت أمريكا مجلس الأمن, و طلبت وقف القتال فورا, و هددت أمريكا بالتدخل العسكرى إذا لم يتوقف القتال فورا.

وصدر قرار مجلس الأمن بوقف القتال, و تلخص الموقف وقتها فى الآتى:

تمركزت القوات الفرنسيةى فى منطقة " بورفؤاد" و هى تقع على الضفة الشرقية للقنال.

و تمركزت القوات الإنجليزية فى بورسعيد, على الضفة الغربية من القناة.

و تمركزت القوات الإسرائيلية فى المناطق التى إنسحب منها الجيش المصرى, أى بقية سيناء.

و قد إشترك مع هذه القوات قوات أخرى من بلاد تتبع الإستعمار الإنجليزى و الفرنسى, كما ذكرت عاليه, فكانت هناك قوات من موريشيا, و من الفرقة الأجنبية للجيش الفرنسى, و بعض قوات من أفريقيا الوسطى( سنغال).

رغم توقف القتال, لم تتوقف العمليات الفدائية, و تم خطف ضابط بريطانى شاب ينتمى الى العائلة المالكة البريطانية, و تم أخفاؤة فى منزل , و لكن لأن حظر التجول منع خاطفيه من العودة اليه لإطعامه, توفى , و تسلمت القوات البريطانية جثته بعد حوالى أسبوع.

حدث فى خلال الفترات الأولى من الإحتلال مآسى كثيرة, فقد تبين لأهل بورسعيد أن بعض أهاليها قد تعاونوا مع قوات الإحتلال, و قد قامت جماعات فدائية من أهل بورسعيد بتصفية هؤلاء العملاء, و لكن المأساة أنه تبين فيما بعد أن بعض من قتلتهم المقاومة بتهمة الخيانة كانوا ابرياء, بل كانوا أبطالا يؤدون واجبا وطنيا للمخابرات.

و الآن أعود الى المصرى العادى, الذى لم يدعى البطولة, بل كان على إستعداد دائم للتضحية بحيانه فى سبيل مصر.

سأسرد عليكم قصة خمسة من التلاميذ السابقين, الذين تخرجوا من الجامعات عدة شهور قبل الهجوم الثلاتى, و لم ينسوا إنتمائهم للوطن, و عشقهم لمصر, كما تعودوا أثناء الدراسة

الإبتدائية و الثانوية, و الجامعية..

و عندما يرد فى سرد القصة كلمة " بطولة", فإن هذا لا يقصد به وجود أبطال فى القصة, و لكن كلمة بطولة هنا تعنى المشاركة فيما حدث.

و القصة التى كان "أبطالها" خمسة من خريجى الجامعات المختلفة, لم يتم نشرها من قبل, لأن أبطالها لم يجدوا فيما قاموا به أمرا يستحق الذكر أو المباهاة, بل مضوا فى حياتهم بعد الحرب, و ربما (عندما كبرمن عاش منهم فى السن)قد يقصوا بعض هذه القصص لأحفادهم, و لكن إدعاء البطولة لم يرد مطلقا على ذهن أى منهم, حتى الآن.

و كنت قد نشرت جزء من هذه القصة, إلى أن أفقت إلى أنى لم أستأذن أفرادها, أو من عاش منهم, فى سرد هذه القصة, و توقفت عن نشرها, و لكن فى زيارتى الأخيرة لمصر, قابلت البطل الوحيد الذى مازال على قيد الحياة, و استأذنته فى سرد هذه القصة,

كان صديقى مستلقيا على سرير المرض, بعد إصابته بجلطة فى المخ , أدت إلى حدوث بشلل نصفى, و نقص فى القدرة على الكلام.

و كتب على ورقة بيده السليمة تفويضا فى سرد القصة.

و رغم أنى رجعت من مصر منذ يوليو 2005, إلا أنى مازلت مترددا فى نشر هذه القصة, حيث أن ذلك سيجعلنى الشخص الوحيد الشاهد عل أحداثها, و قد يقلل ذلك من مصداقية الوقائع و الأحداث.

سأحاول الإتصال ببعض أقارب أصدقائى الذين اختارهم الله إلى جواره, لكى يكونوا شهودا على صدق أحداث هذه القصة قبل نشرها, ليس فى كتاب أو مجلة أو صحيفة, بل هنا فى المحاورات, و ذلك إحياءا لذكرى شباب إرتضوا التضحية بحياتهم من اجل مصر, عندما كانوا فى عمر الزهور.

و إلى أن يتم تفويضى فى نشر هذه القصة, أرسل إلى أرواح هؤلاء الأبطال رسالة أبشرهم بقرب إنضمامى إليهم.

تحية لهؤلاء الشهداء المجهولين.

تم تعديل بواسطة الأفوكاتو

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

عزيزى الافوكاتو

اعتاد نابويليون بونابرت ان يقول : لقد جئت الى الدنيا بعد فوات الاوان

و عندما كان خلصائه يسالونه ماذا يقصد فكان يقول انه جاء للدنيا بعد ان انتهت كل الاعمال العظيمه فلم يعد هناك ما يفعله

فكانوا يتعجبون كيف يقول هذا و هو القائد الفاتح المنتصر فكان يقول لهم ان الاسكندر الاكبر قد غزا اكثر من نصف العالم قبل ان يبلغ عامه الثلاثين و بالتالى فان اى انجازات يحققها سوف تبدو ضئيله !!

ان مقالك يا سيدى قد اثار فى نفسى شجونا

فنحن جيل - اقصد مواليد السبعينات وما بعدها - جاء الى الدنيا بعد فوات الاوان

فلم نتجرع مراره الهزيمه ولم نذق حلاوه النصر\لم نخرج فى مظاهرات ضد الاحتلال و لم نصد عدوانا ولم نهتف لسعد زغلول

حتى صحفيونا و ادباؤنا و قادتنا 000 اين هم من عظماء الابعينيات و الخمسينات و الستينات ؟!

يقولون ان الثوره كانت خدعه و ان عبد الناصر كان وهما00

ولكن على الاقل كان هناك من يؤمنون بهما

اما نحن فجيل كفر بكل شىء و افتقد مثله العليا و اصبح ترسا لا يذكر فى اله الحياه لهاثا وراء المال

اننا جيل لا يملك املا فى الغد فصار همه ان يحيا الحظه و ان يحصد كل ما يمكنه حصده الان بغض النظر عن اى اعتبارات

ارجو الا تعتبر كلامى نوعا من جلد الذات

و لكن اين الامل ؟

ليس شرطا للموت ان يكفن الميت

ولا ان ينشر له نعيا

او ان يضعوا شاهدا على قبره

انت تموت عندما تصمت بينما كان ينبغى عليك ان تتكلم

"shinercorner"

رابط هذا التعليق
شارك

الأخ العزيز شينكورنر

لآ أتفق معك ـن جيلك جاء بعد فوات الأوان, فجيلك هو الذى يمكنه أن يتحكم فى مصير مصر المستقبل.

لكل أمة لحظات عظمة, و لحظات سقوط, و لكن الحياة تسير, و لنتعلم من الماضى, بحلوه و مره, لهذا يكون فى دراسة التاريخ عظة, و عبرة.

تحياتى و شكرى على التعقيب.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

عمنا الأفوكاتو

بستعجلك بس تكتب باقي الموضوع لأني متابعه ومستمتع بشكل كبير لأنه زي ما تفضلت أنته روايه من فرد عادي بيحكي بأمانه وموضوعيه اللى شافه بدون عداء لأحد او محاوله رد البطوله لأحد ودا شىء رارقي جدا

أنا لا أكتب الأشـــعار فالأشعـــــــــار تكتبني

أريد الصمت كي أحيا ولكن الذي ألقاه ُينطقني

رابط هذا التعليق
شارك

الأخ العزيز شينكورنر

لآ أتفق معك ـن جيلك جاء بعد فوات الأوان, فجيلك هو الذى يمكنه أن يتحكم فى مصير مصر المستقبل.

لكل أمة لحظات عظمة, و لحظات سقوط, و لكن الحياة تسير, و لنتعلم من الماضى, بحلوه و مره, لهذا يكون فى دراسة التاريخ عظة, و عبرة.

تحياتى و شكرى على التعقيب.

-------

استاذى العزيز افوكاتو

كنت احضر محاضره لسفير مصرى سابق - اسمه عادل الصفتى على ما اذكر

ز كان الرجل يجرى مقارنه بين ما كانت عليه مصر و ما الت اليه

و بصراحه كانت المقارنه محزنه للغايه

و بعد المحاضره توجهت اليه و سالته باختصار :

هل ما زال هناك امل

فنظر الى الرجل بابتسامه حانيه و ربت على كتفى و اردف :

طول مانتم - يقصد الشباب - موجودين فيه امل

و انا يا استاذى لم افقد الامل فى جيلى او فى نفسى

و لكن جيلنا ورث ظروفا اقتصاديه و ديونا صعبه للغايه

و رث تراثا عريضا من العنف و الكراهيه و الياس و الاحباط

و امراضا جتماعيه و ثقافيه لا حصر لها

و هذا ما يجعل مهمتنا صعبه للغايه

و لكن لا يمكننى ان احيا بغير امل

--

سبدى

اسف على مقاطعه مقالك و ارجو ان تستكمله

و شكرا

ليس شرطا للموت ان يكفن الميت

ولا ان ينشر له نعيا

او ان يضعوا شاهدا على قبره

انت تموت عندما تصمت بينما كان ينبغى عليك ان تتكلم

"shinercorner"

رابط هذا التعليق
شارك

عزيزى شاين مورنر,

يبدو أن رأى السفير الصفتى يتفق مع ما ذكرته لك, و البركة فيكم.

لن أستطيع إستكمال الموضوع قبل وصول رد ممن يعنيهم الأمر, و ارجو أن يكون ذلك قريبا.

تحياتى للجميع.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...