اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الكياسة والتياسة


Mohammad Abouzied

Recommended Posts

لقد ارتبط لفظ «الكياسة» مع لفظ «التياسة» بحكم الوزن وحرف الروي، وكذلك البديع اللغوي، لأن «التياسة» في معناها العام السلبي ضد «الكياسة» في معناها العام الإيجابي.

وضمن أخلاقيات (الكياسة) معرفة الشخص متى يتحدث ومتى يصمت! وهو نوع من صفات العرب قديماً، لكننا في العصر الحالي أصبح الكل يتكلم، والكل يجيب، والكل يدخل في الموضوع سواء عرفه أم جهله!

لذلك ظهرت «كياسات» مشوهة اقتربت من «التياسات» على شاشات التلفزيون وفي الجرائد، ووصل الأمر إلى أدوات التواصل الاجتماعي.

والكيس هو من يعمل العمل وهو يراقب الله ،فلا يغش ولا يخدع ولا يدلس ولا يسرق ولا يفتري ولا يكذب ولا يخون ولا يسوغ لنفسه أن يأكل أموال الآخرين بغير وجه حق.
الكيس هو من يقوم بعمله على أتم صورة وأتقن هيئة وأحسن مستوى سواء راقبه الناس أم لم يراقبوه، علم عنه رؤساؤه أم لم يعلموا، اطلع عليه أرباب العمل أم لم يطلعوا، لأنه يعلم أن الله مراقبه ومطلع عليه .


الكيس هو من يصدق في الحديث فلا يكذب ولا يتحرى الكذب قد وضع أمام عينيه قوله صلى الله عليه وسلم "ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ".
الكيس صادق في حبه لله ولرسوله ولعباده الصالحين، صادق في بغضه أيضاً ؛ يبغض الكافرين والمنافقين ممتثلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان " .
الكيس جاد في عمله محافظ على وقته منضبط في أحواله وكل شؤونه، يأنف من مصاحبة البطالين ولا يرغب رفقة الكسالى والمثبطين . همته عاليه ونفسه كبيرة وآماله لايحدها حد ولايحصيها عد .

فالإيقاع المتسارع للعصر، والتوق المتصارع للمشاركة في الحوار، يدفعان الشخص- غير الكيس- إلى الدخول في الحوار حتى وإن كان لا يلم بالموضوع، أو أن الموضوع ليس ضمن دائرة اختصاصه أو قريباً من ثقافته! فيحدث بذلك الإرباك والتشنج وضياع مقصد الحوار أو النقاش، والأمثلة على هذا أكثر من أن تحصى في وسائل التواصل الاجتماعي. ذلك أن كثيرين يدفعهم حب الفضول أو الشعور بالتهميش من واقعهم الاجتماعي أو الوظيفي أو حالتهم النفسية، أو «شهوة» التواجد، يدخلون أنفسهم- دون (كياسة)- في الحوار المتخصص دون أن يفهموا القصد، فيقتربون من (التياسة) وهم لا يشعرون!

ومن أمثلة الابتعاد عن (الكياسة) إفتاء المسؤول- الذي جاءت به الظروف إلى منصب متخصص- في المجال الذي لا يعرف عنه شيئاً، ويقوم بإسكات المتخصصين الذين درسوا هذا العلم أو الفن، اعتماداً على منصبه الكبير، دون أي اعتبار لـ (الكياسة) وحسن التصرف، أو احترام من سبقوه إلى ذلك العلم أو الفن، واعتماداً على عقدة التمحور حول الذات Echoism؛ والاستناد إلى سلطة المنصب، فيقوم بتحريف أساسيات العمل ومبادئه المعروفة، لأنه فقط يريد أن يكون مختلفاً عن سابقيه، وليس لأن رأيه هو الصواب، ومثل هذا المسؤول يجافي (الكياسة) ويقترب من (التياسة).

يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة

رابط هذا التعليق
شارك

في عالم الإعلام والفن ظهرت نماذج عديدة من (الكَيسين) الأخيار، وظهرت أيضاً نماذج عديدة من (الأتياس) و(التيسات)، فهنالك الإعلامي الذي فرضته الظروف لخمسة عشر أو عشرين عاماً، دون أن تكون لديه أبسط مؤهلات الإلقاء أو الثقافة أو المهارة التلفزيونية، أو أدوات التواصل المعروفة في علم الإعلام، كما أنه لم يكمل تعليمه الثانوي! وهنالك الإعلامية التي لا تعرف ما هو الاتصال عبر العينين في التلفزيون (Eye Contact) كونها لم تدخل الجامعة ولم تقرأ علم الاتصال ولا تدرك معنى «الذرابة» في الحوار الذي يقترب من فن (الكياسة)، أي وقت التحدث ووقت الإنصات، وساعة الدخول في الحوار! وهنالك مذيعة الراديو التي تأخذ كلمات زميلها وتعلق عليها لدقائق كونها لا تمتلك حصيلة معلومات أو مفردات أو ثقافة تؤهلها لتكون في برنامج مباشر، وللأسف تقوم بالإفتاء في قضايا متخصصة جداً مثل الطب أو الصحة العامة أو القانون أو علم النفس، وتأتي بمغالطات في هذه المجالات دون أن يحاسبها أحد. وقد تجد فنانة تصلح فقط للغناء لأنها تمتلك صوتاً جيداً، لكنها تتحول عن (الكياسة) في أجوبتها على الصحافيين أو في المقابلات.



الإشكالية التي نواجهها في هذا العصر اختلاط المفاهيم، والفوضى اللغوية والثقافية، في ظل هذا العصر الذي يرفض أكثر أصحابه الأسس العلمية للإدارة، أو الأسس الفنية في مجال الفن والإعلام، ويعتمدون البساطة والسرعة والشهرة والتنظير الجاهل، لذلك تتحول التوجهات في الأغلب من (الكياسة) إلى (التياسة)


يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 62
      أثنان وخمسون عاما انقضت ولم تعرف أمريكا بجلالة قدرها من الذى قتل رئيسها سبعة وأربعون عاما انقضت ولم تعرف أمريكا بجلالة قدرها من قتل مارتن لوثر كينج منذ سبعة وعشرين عاما انفجرت طائرة لوكيربى ولم تغلق بريطانيا مطاراتها أو منعت الطيران من وإلى "بالى"   وفى أقل من أسبوع عرفت كل من أمريكا وبريطانيا كيف سقطت الطائرة الروسية بعد إقلاعها من شرم الشيخ ومنعت بريطانيا رحلات طائراتها "من" و "إلى" شرم الشيخ  ثم عادت واستأنفت رحلات طائراتها "من" شرم الشيخ فقط وكأن الطيران "من" لا يستلزم الطيران
×
×
  • أضف...