اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

أيمن الظواهري يجسد ظاهرة التطرف الإسلامي


Mohammad Abouzied

Recommended Posts

أيمن الظواهري

كان الظواهري الشاب الذي ولد في عام 1951 في القاهرة في عائلة مهنية علمية تقوية حفيدا لشيخ الأزهر السابق الظواهري من أبيه، وللدكتور عبد الوهاب عزام أستاذ الآداب الشرقية والرئيس السابق لجامعة القاهرة من أمه، والذي اشتهر بكتب عديدة له كان منها كتابه عن محمد إقبال، أما والده الدكتور محمد ربيع الظواهري فكان أكاديميا وأستاذا في كلية الطب في جامعة عين شمس، ولم يكن الظواهري الشاب يتجاوز السادسة عشر من عمره حين قرأ سيد قطب "معالم في الطريق" وعاصر إعدامه في أغسطس 1966، ويبدو ان هذا الكتاب قد شكل مدخله للانضمام إلى خلية جهادية صغيرة من خلايا تنظيم البرعي، ومن هنا تطور الظواهري الشاب مثل الآلاف من شباب جيله فكرياً وروحياً وسياسيا في فضاء الراديكالية الإسلامية التي أطلقها قطب من عقالها، إذ بات سيد قطب في الرمزانية الراديكالية الإسلامية بمثابة "الشهيد الأول" الذي أقام الخط الفاصل ما بين الاصلاحية والثورية في جماعة الاخوان المسلمين خصوصاً وفي الحركة الاسلامية عموماً.

لقد باتت سيرة الظواهري معروفة بقدر كاف في النشاط الطلابي للجماعات الاسلامية في السبعينيات التي دعمتها الأجهزة الأمنية والسياسية المصرية لمواجهة التيارات الناصرية واليسارية الراديكالية، فقد كانت المرحلة التي درس فيها الطب في جامعة القاهرة "1974 ـ 1978" هي المرحلة الذهبية للجماعات بكل امتياز، والتي يمكننا وصفها دون أي مبالغة بمرحلة "الكثرة الكاثرة" من التنظيمات العنقودية المستقلة ذاتيا عن بعضها، التي خرج تكاثرها الفعلي عن نطاق السيطرة الأمنية بحكم بنيتها العنقودية تلك.

تفكك التحالف ما بين الجماعات والسلطة وانكشف عن استخدام وظيفي متبادل أكثر منه تحالفاً، إثر زيارة الرئيس السادات للقدس وتوقيعه اتفاقية كامب ديفيد واستضافة شاه إيران المخلوع عقب نجاح الثورة الايرانية، ومن هنا قام السادات بالغاء منظمة اتحاد طلاب الجمهورية، وهاجم بشكل ساخر ولاذع ومؤذ الجماعات، وقد حاولت جماعة الاخوان المسلمين المحظورة ان تحتوي الجماعات بتصدرها في عام 1980 تشكيل اتحاد على المستوى القطري انبثقت عنه "الجماعة الاسلامية" إلا انها لم تنجح في لعبة الاحتواء إذ دب الصراع ما بين تياريها المعتدل الاصلاحي (الاخواني) والجهادي الراديكالي الذي وجد في أستاذ أصول الفقه في جامعة الأزهر في أسيوط الشيخ الضرير عمر عبدالرحمن مرجعاً فقهياً له، ولقد غذى الشيخ الضرير التيار الراديكالي على حد تعبير محامي الجماعات لاحقاً منتصر الزيات بأن "بدأ يبلور (للتيار) الفكر الاسلامي السياسي المتمايز عن الاخوان في شكل فكر ثوري قوي واضح جريء.. لا مهادنة فيه ولا تملق أو نفاق للسلطة".

انشقاق الجماعة

لقد أدى ذلك إلى انشقاق الجماعة الاسلامية إلى جماعتين، لكل منها مساجدها الخاصة، فعمل التيار الراديكالي تحت اسم "الجماعة الاسلامية ـ لا إله إلا الله محمد رسول الله" في حين عمل التيار الاخواني المعتدل أو الاصلاحي تحت اسم "الجماعة الاسلامية ـ الله أكبر ولله الحمد" ولقد تركزت الجماعة الأولى في محافظات الوجه القبلي بقدر ما تركزت الجماعة الثانية في الوجه البحري، وأخذ الانشطار تتمته المنطقية بانضمام الجماعة الراديكالية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) إلى تنظيم الجهاد الذي أعاد محمد عبد لسلام فرج صاحب وثيقة "الفريضة الغائبة" تشكيله تحت اسم تنظيم الجهاد، والذي كانت مجموعة البرعي التي ينتمي إليها الظواهري أحد أهم روافدها الاساسية الثلاثة، من هنا بات فرج أميراً للتنظيم بقدر ما بات الشيخ الضرير مرشداً له.

تمثل العمل الأخطر لتنظيم الجهاد (فرج) باغتيال السادات في 6 أتوبر 1981، والذي بلور على المستوى الحركي الاسلامي القطيعة ما بين التيار الراديكالي الجهادي والتيار الاخواني الاصلاحي، ووفق تحقيقات نيابة أمن الدولة مع الظواهري، فإنه لم يلعب سوى دور صغير في تخطيط عملية الاغتيال وتنسيقها، والتي قامت بها خلية المقدم عبود الزمر، من هنا اقتصر الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهمة حيازة أسلحة دون ترخيص ثم بدأت مرحلة تشرذم الجهاد.

ووصل عددها وفقا لأسامة حميد أحد منظري التنظيم يومئذ إلى 56 تنظيماً، أي 56 خلية بالمعنى الفعلي مستقلة ذاتيا وترتبط بينها عبر الركائز، إلا ان إعدام امير التنظيم العام محمد عبدالسلام فرج في أبريل 1982 فجر اشكالية الامارة في التنظيم (التنظيمات العنقودية) وأدى ذلك إلى انشقاقه بين كتلتين، الأولى وهي كتلة الجهاد التي تركزت في الوجه البحري وتألفت بشكل أساسي من كوادر سياسية وعسكرية، أما الثانية فهي الكتلة التي اعتبرت نفسها ممثلاً للجماعة الاسلامية وتسمت بها، وتركزت في الوجه القبلي وكانت تتألف أساسا من طلاب وجامعيين.

إمامة الضرير وإمامة الأسير

تمحورت قضايا الخلاف التي تكرس الانشقاق ما بين الكتلتين على أساس حول أربع اشكاليات تنظيمية وفقهية وحركية متضافرة، هي كالتالي: امارة الضرير، ومسألة العذر بالجهل، ومسألة السرية أو العلنية، ومسألة الطائفية الممتنعة، وتركزت الاشكالية الأولى حول إمارة الأسير (المقدم عبود الزمر) أم إمارة الضرير (الشيخ عبد الرحمن) إذ عارضت كتلة الجماعة الاسلامية الصعيدية إمامة الزمر بحكم وجوده في السجن، وأفتى لها الشيخ الضرير بذلك على أساس عدم جواز إمارة الأسير، غير ان كتلة الجهاد واجهته بفتوى مضادة مؤسسة شرعياً وهي عدم جواز ولاية الضرير، إذ ان الولاية تشترط سلامة الحواس، ولقد اكتسب الصراع مضموناً فقهياً مركزياً، كان يشير إلى شروط الولاية في التنظيم هي نفسها الشروط الشرعية الواجبة في الامامة الكبرى أو الخلافة.

اما الاشكالية الثانية المتمثلة بمسألة العذر بالجهل، فقد تمسكت كتلة "الضرير" بأنها مسألة اعتقادية، وبالتالي فانها تتحد مع من لا يعذر في حين رأت كتلة "الاسير" انها مسألة فقهية، اي ترتبط بالفروع وليس بالأصول، واما بشأن مسألة "الطائفية الممتنعة"، وهي هنا لغاية التبسيط والتكثيف بشكل أساسي "الطائفة" الحاكمة الممتنعة عن شرائع الاسلام وفق فهم الراديكاليين لها.

تكفير الحاكم

وفق نظرية كتلة "الضرير" كما شرحتها الرسالة الليمانية في الموالاة (نسبة الى معتقل ليمان طرة) والتي كتبها عمر عبد الرحمن، يتكثف الامر في تكفير الحاكم دون أعوانه، إلا من كان منهم يواليه موالاة قلبية وليس ظاهرة، اما بالنسبة لكتلة الجهاد فقد رأت ان ذلك يخالف الكتاب والسنة ان موقفها يقوم على تكفير انصار المرتدين وغنم اموالهم وسبي نسائهم دون تفريق بين تابع ومتبوع، بل وتذهب الى حد التكفير الضمني للجماعة الاسلامية بأن من يخالف مثل هذا الاجماع يكفر نقلا عن ابن تيمية والقاضي عياض غير ان منهج العمليات كان عكس ذلك.

لم تتبلور موضوعات الخلاف دفعة واحدة بل تفاعلت على مدى الثمانينيات، وادت الى تكريس الانشقاق بين "جماعة الجهاد" بامارة عبود الزمر وبين الجماعة الاسلامية بامارة عمر عبد الرحمن. ولقد عملت "الجماعة الاسلامية" في ضوء اختيارها العقائدي للعلنية باسلوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكانت بالتالي مكشوفة، وكان التقاط عناصرها يسيرا، اذ كان على عضوها ان يؤدي صلاة الجمعة والجماعة حتى لو ادى ذلك الى اعتقاله، في حين تفادت جماعة الجهاد ذلك الى حد كبير بحكم اختيارها للسرية كاضطرار، وتفضيلها بناء تنظيم طليعي عنقودي سري وصلب، وهو ما يفسر أن جماعة الجهاد لم تقم طوال الفترة الواقعة بين اغتيال السادات في عام 1981 وبين عام 1994 بأية عملية عسكرية، في حين تورطت "الجماعة" بسلسلة مجابهات، بررتها الجماعة باسم الدفاع الشرعي الخاص المعروف فقهيا تحت اسم "دفع الصائل" اي واجب الدفاع الشرعي عن النفس والمال والعرض من الاعتداء.

ولقد كان الجدل ما بين كتلتي "الاسير" و"الضرير" في الجماعة الاسلامية (لا اله الا الله محمد رسول الله) يصدر من داخل السجن نفسه الى خارجه بطريقة ما، بشكل واضح في النهاية، ولقد كان الظواهري في طليعة المجادلين من داخل سجنه، واتخذ موقفا حاسما لصالح كتلة الجهاد، بعد ان امضى ثلاث سنوات في المعتقل، الا انه توجه في العام 1985 الى بيشاور ملتقى تجمع "المجاهدين"، ومنها إلى أفغانستان للقتال ضد الروس. الا ان تنظيمه المنشق عن "الجماعة الاسلامية" واجه انشقاقا داخليا خطيرا، تمخض عنه انقسام جماعة الجهاد إلى تنظيمين هما "جماعة الجهاد" بقيادة الدكتور أيمن الظواهري، و"طلائع الفتح ـ حركة الجهاد الإسلامي" بقيادة الدكتور أحمد (اسم حركي). لم يكن نوع هذا الانشقاق من نوع الانشقاق السابق مع الجماعة الاسلامية، والدليل على ذلك، وهو ما ليس معروفا حتى اليوم الا في دائرة ضيقة.

تنظيم الظواهري

جمد تنظيم الظواهري عملياته في مصر طيلة الفترة الواقعة ما بين 1981 و1994 بحكم أولويات بناء الكادر. ففي هذا العام تورطت الجماعة الاسلامية المكشوفة أصلا بفخ اللواء حسن الألفي وزير الداخلية المصري السابق الذي اتبعت أجهزته سياسة استفزاز الجماعة وجرها إلى مواجهات يائسة، ولقد دخلت الجماعة في الفخ، مبررة ذلك بـ "دفع الصائل"، ودخلت في مجابهة دموية مع السلطة. ولقد حاول فتحي الشقاقي مؤسس تنظيم الجهاد الاسلامي في فلسطين، والذي اغتاله الموساد لاحقا، أن يقنع الجماعات الجهادية الأساسية الثلاث، بتوجيه ضرباتها إلى أهداف اسرائيلية، لكن جهوده كما قال لي أحد مساعدي الشقاقي لم تسفر عن شيء. إذ كانت النظرية المستحكمة بالظواهري هي من قبيل "الطريق إلى القدس يمر بالقاهرة". غير ان ربط مصيره بمصير بن لادن قد غير استراتيجيته كليا لتغدو من نوع "الطريق إلى القدس يمر بواشنطن" من هنا ادى ذلك الى جدل جديد داخل جماعة الجهاد، فترك الظواهري الجماعة في حدود عام 1999 والتحق مع الفريق الذي يؤيده ببن لادن، وكان قد صدر عليه حكم عسكري غيابي بالاعدام فيما يعرف أمنيا بـ "قضية العائدين من ألبانيا". ولقد قامت هذه النظرية الجديدة سواء في تفجير السفارتين الامريكيتين في نيروبي ودار السلام، ام في عدن، وقبلهما في الصومال على محاولة استجرار الولايات المتحدة للمواجهة، وهو ما تم من خلال هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي اطلقت المرحلة الاولى من الحرب العالمية الثالثة في مطالع القرن الواحد والعشرين، والتي لا يزال من المبكر التكهن بنهاياتها ومشاهدها الاحتمالية.

أين كان هذا السنونو ذو الابتسامة الجميلة؟

يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...