اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

لماذا نتظاهر غداً؟


Recommended Posts

بقلم- علاء الأسواني:

ماذا تفعل لو خرجت من عملك فوجدت مجموعة من الأشخاص الذين لا تعرفهم يهجمون عليك بلا سبب ويشتمونك بأقذع الألفاظ ويضربونك أمام الناس.. التصرف الطبيعى أن تدافع عن نفسك وتقاومهم.. لكنك لو وجدت أن ميزان القوة ليس فى صالحك عندئذ تقتضى الحكمة منك أن تهرب حتى تحافظ على سلامتك وحياتك.. هذا الموقف نفسه تعرضت له الصحفية الثورية الأستاذة نوارة نجم فى الأسبوع الماضى، فقد خرجت من عملها فى مبنى التليفزيون لتجد فى انتظارها مجموعة من البلطجية هجموا عليها وراحوا يضربونها ويشتمونها بأحط الألفاظ. أتباع مبارك، الشامتون بالطبع فى ''نوارة''، يوزعون ''فيديو'' يسجل واقعة الاعتداء. هذا الفيديو يكشف عدة حقائق،

أولاً: أن المعتدين على ''نوارة'' كانوا مجموعة منظمة لها قائد يشرف على الهجوم ويلقى بأوامر مسموعة بوضوح فى التسجيل: ''اضربوها.. اضربوها تانى.. صوروها وهى بتنضرب''...

ثانياً: أن الاعتداء على ''نوارة'' جاء عقاباً لها تحديداً على انتقادها سياسات المجلس العسكرى لأن قائد البلطجية يقول بصوت مسموع للمارة إنهم يضربون ''نوارة'' لأنها ''تثير الفتنة بين الجيش والشعب''..

ثالثاً: أن المهاجمين تعمدوا ألا يضربوا ''نوارة'' بطريقة تحدث إصابات أو تترك علامات. كان الغرض من ضربها ليس إصابتها وإنما إهانتها، وقد خططوا لأن يتم تصويرها وهى تتلقى الضربات والشتائم المقذعة ثم يتم توزيع الفيديو مما سيؤدى فى ظنهم إلى إذلال ''نوارة'' وكسر إرادتها...

رابعاً: أن ''نوارة'' أبدت شجاعة نادرة جديرة بالاحترام، فقد وقفت وحدها تماماً أمام مجموعة من البلطجية بمقدورهم أن يقتلوها فى أى لحظة. واجهتهم ''نوارة'' وظلت تتلقى الضربات بصلابة نبيلة حقاً، لم تتراجع ولم تركض ولم تهرب بل إنها لم تبك ولا حتى استغاثت بأحد من المارة.. لماذا لم تهرب ''نوارة''؟! الحق أن ثباتها كان أفضل طريقة لإفشال الاعتداء عليها وتفريغه من معناه ومضمونه، كانوا يريدون تصوير ''نوارة'' وهى تبكى وتستنجد وتتوسل أو هى تهرب مذعورة لكنها انتصرت عليهم وكل من يشاهد الفيديو لابد أن يعجب بشجاعة هذه البنت المصرية التى تصر على موقفها ورأيها مهما كانت التضحيات.

كان الغرض كسر إرادة ''نوارة'' لكنها خرجت بعد الاعتداء عليها أكثر قوة واعتزازاً بنفسها.. لقد تم الاعتداء باستمرار على بنات مصر الثوريات بغرض واحد هو إذلالهن... خلال اعتصام مجلس الوزراء تم القبض على غادة كمال وهى صيدلانية شابة، ضربها الجنود بوحشية وأحدثوا بها إصابات جسيمة لكن الأسوأ أن الضابط وجه لها شتائم جنسية قذرة وراح يردد: ''الليلة إحنا هنعمل عليكى حفلة جنسية''.

كان الهدف أن تشعر غادة كمال بأنها أهينت بطريقة يصعب عليها معها أن تحتفظ باحترامها لنفسها، لكن ما حدث كان العكس تماماً، فقد خرجت غادة كمال أكثر احتراماً لنفسها ونالت احترام الناس لشجاعتها وصلابتها.. فى شهر مارس الماضى قام أفراد الشرطة العسكرية بالقبض على مجموعة من المتظاهرات من ميدان التحرير وبعد أن تم ضربهن بوحشية وسحلهن تم تجريدهن من ملابسهن وعرضهن عرايا أمام الرجال الموجودين، ثم بدأ هتك أعراضهن بدعوى الكشف على عذريتهن. الهدف هنا كالعادة أن تفقد البنت احترامها لنفسها بعد أن تمت تعريتها والعبث بجسدها أمام الرجال، لكن هذه الجريمة البشعة أيضاً لم تحقق غرضها فقد ظهرت بين الضحايا بنت صعيدية شجاعة اسمها سميرة إبراهيم، لم تنكسر ولم تخجل بل أبلغت عن الجريمة التى تعرضت لها وأصرت على تحدى المجرمين وملاحقتهم قضائياً.. الشىء نفسه تكرر مراراً عندما تم ضرب النساء جميعاً (حتى المتقدمات فى السن) بمنتهى الوحشية، وتم سحلهن من شعورهن وتعريتهن من ثيابهن وهتك أعراضهن..؟

الغرض كان دائماً الإذلال والحمد لله لأن الغرض لم يتحقق.. النساء اللاتى انتهكت أعراضهن خرجن أكثر احتراماً وتصميماً على ملاحقة المجرمين وأكثر إخلاصاً للثورة.. أنهم يريدون إذلال الثوار لأن كل الطرق الأخرى فشلت معهم.

إن الشباب الثورى يشكل الصخرة القوية التى تتحطم عليها كل محاولات إجهاض الثورة.. لقد احتفظ المجلس العسكرى بنظام مبارك فى الحكم (وهو فى الواقع جزء منه).. وكان طبيعياً بعد ذلك أن يسعى نظام مبارك إلى إجهاض الثورة بمخطط مدروس تم تنفيذه على مراحل: بدءاً من اصطناع أزمات متوالية تجعل حياة المصريين بالغة الصعوبة مثل الانفلات الأمنى المقصود وزيادة الأسعار ونقص البنزين والغاز والمواد التموينية وترك أى مجموعة من المواطنين يقطعون الطرق وخطوط القطار لمدة أيام أمام أعين أفراد الشرطة المدنية والعسكرية الذين لا يحركون ساكناً لمنعهم...وصولاً إلى تشويه سمعة الثوريين واتهامهم بالعمالة ومحاكمتهم بتهم ملفقة.. نهاية بتدعيم أنصار مبارك والإنفاق عليهم وإظهارهم فى الإعلام حتى تتحول الثورة إلى مجرد وجهة نظر أمامها وجهة نظر أخرى تعارضها بدلاً من كونها حقيقة موضوعية غيرت مصر كلها.. الغرض من ذلك أن يتشكك المصريون فى جدوى الثورة ويكرهوها وربما يندموا عليها.. كادت هذه الخطة تنجح لولا شباب الثورة.

إنهم أول من دعا إلى الثورة وأكثر من دفع ثمنها ومازالوا مستعدين للموت من أجلها، كما أنهم لا يمكن تخويفهم أو شراؤهم، هؤلاء ليست لهم مصالح شخصية ولا يريدون مقاعد البرلمان أو مناصب فى الوزارة. هؤلاء الشبان الذين يحرسون الثورة كان لابد من توجيه ضربة ساحقة لهم تجعلهم بعد ذلك يخافون بل يرتعدون من فكرة التظاهر أو الاعتصام، ولذلك تم تدبير ثلاث مذابح ضدهم: ''ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء''.. سقط 84 شهيداً بالرصاص والغاز، وفقد كثيرون عيونهم من إطلاق الخرطوش مثل البطل مالك مصطفى والبطل الدكتور أحمد حرارة (طبيب الأسنان الذى فقد عينيه الاثنتين) بخلاف انتهاك النساء بوحشية لم يمارسها الجيش البريطانى قط ضد المصريات خلال عقود من الاحتلال... على أن شبان الثورة فى النهاية خرجوا منتصرين بعد أن تصدوا ببسالة وهم عزل لاعتداءات عسكريين مسلحين محترفين. لم تنكسر إرادة الثوريين ولم يضعفوا بل خرجوا من المذابح أكثر صلابة وتصميماً على إكمال الثورة..

كما قامت مظاهرات حاشدة فى معظم محافظات مصر تؤيد الثورة وتتضامن مع الثوار.. أدرك نظام مبارك أنه لن يتمكن من إجهاض الثورة مادام هناك ملايين الشبان يدافعون عنها بهذه الضراوة فلم يبق أمامه إلا محاولات كسر نفس الثوار وإذلالهم، فالثائر الذى لا يخاف من الموت ويستقبل الرصاص بصدره، والذى يفقد عينه فيظل مبتسماً.. إذا تم إذلاله على الملأ قد يفقد احترام نفسه وتنكسر نفسه.. حتى هذه المحاولة الأخيرة فشلت تماماً، ففى أعقاب كل اعتداء يعود الثوار أكثر اعتزازاً بكرامتهم وأكثر تصميماً على تحقيق أهداف الثورة.

.. غداً، فى يوم 25 يناير، يمر عام كامل على الثورة المصرية.. يجب أن نسأل أنفسنا: ماذا تحقق من أهداف الثورة..؟!

هل استعاد المصريون آدميتهم وكرامتهم..؟!

ـ للأسف مازالت أجهزة القمع تقبض على المواطنين الأبرياء وتعتقلهم وتعذبهم وتنتهك أعراضهم، بل إن أجهزة قمع جديدة قد أضيفت إلى القديمة، فبجانب مباحث أمن الدولة أضيفت الشرطة العسكرية التى أثبتت تفوقها فى التعذيب وإهدار كرامة المصريين.

هل استعاد المصريون إحساسهم بالعدالة..؟

ـ مازال القضاء كما كان أيام مبارك، المحاكم الاستثنائية والعسكرية تحاكم المدنيين، والنظام القضائى نفسه غير مستقل، لأن إدارة التفتيش القضائى تابعة لوزير العدل الذى يعينه المجلس العسكرى..القضاة الذين أشرفوا على تزوير الانتخابات مازالوا موجودين فى مناصبهم، بل إن جرائم قتل المتظاهرين وهتك أعراض المتظاهرات لم يحاكم مرتكبوها حتى الآن، على العكس تمت إحالة الوطنيين المعارضين لسياسات المجلس العسكرى إلى محاكمات وهمية، تماماً مثل أيام مبارك، وبالتهم نفسها الفارغة الكاذبة مثل تكدير السلم وإثارة البلبلة فى المجتمع، وأضيف إليها أخيراً تهمة ''إيهام الرأى العام بأن الفساد مازال موجوداً''..!

هل تم القصاص العادل من قتلة الشهداء...؟!

ـ الضباط القتلة قدموا إلى محاكمات بطيئة بلا نهاية يتم تأجيل جلساتها لشهور طويلة، وفى آخر كل جلسة يطلق سراح الضباط القتلة ليعودوا إلى مكاتبهم لأنهم احتفظوا جميعاً بمناصبهم، وكثيرون منهم تمت ترقيتهم وكأنهم يكافأون على قتل المصريين.

هل تحقق الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية..؟!

ـ مازالت الدولة المصرية تدار لصالح الأغنياء وتتجاهل حقوق الفقراء.. مازال ''الجنزورى'' يلح فى طلب القروض الدولية والمساعدات من الدول العربية بطريقة مهينة لأى مصرى وفى الوقت نفسه يتجاهل ''الجنزورى'' (ومن خلفه المجلس العسكرى) مبلغ 55 مليار جنيه باسم حسنى مبارك فى البنك المركزى لا يجرؤ أحد منهم على ضمها لميزانية الدولة. يتجاهلون مبلغ 90 مليار جنيه فى الصناديق الخاصة يصرف منه على المحاسيب بعيداً عن رقابة الدولة، ويتجاهلون وجود مئات من المستشارين للوزارات، هؤلاء لا يستشارون غالباً لكن كل واحد فيهم يقبض شهرياً مئات الألوف من الجنيهات من أموال المصريين الذين يعيش نصفهم فى فقر مدقع ويتحملون ظروفاً غير آدمية...

لقد دفع الشعب المصرى فى هذه الثورة ثمنا باهظا: سقط ألف ومائة شهيد، وفقد 1800 مواطن مصرى عيونهم بخلاف عشرات الألوف من المصابين.. وها نحن بعد عام كامل نكتشف أن أهداف الثورة لم تتحقق ماعدا محاكمة مبارك وبعض أفراد عصابته التى يرى أساتذة قانون كثيرون أنها محاكمات استعراضية غير جادة أو مجدية. واجبنا أن ننزل جميعاً غداً إلى الشوارع فى كل أنحاء مصر، أن ننظم مظاهرات سلمية لنؤكد على أهداف الثورة..

سننزل غداً ليس بغرض الاحتفال، فلا يمكن أن نحتفل بثورة لم تحقق أهدافها، بل سوف نتظاهر لنعلن أننا مازلنا مخلصين للثورة ومصرين على تحقيق أهدافها.. غداً، يوم 25 يناير، سيكون نقطة فارقة فى تاريخ مصر وفى مصير الثورة.. إذا نزلت أعداد قليلة لمناصرة الثورة فمعنى ذلك ـ لا قدر الله ـ أن مخطط إجهاض الثورة قد حقق هدفه (حتى ولو مؤقتاً)، وإذا نزل ملايين المصريين من أجل مساندة الثورة فستكون الرسالة واضحة لكل من يهمه الأمر: أن الثورة المصرية رغم كل هذه المؤامرات مازالت حية ومستمرة، وأنها ستنتصر حتماً بإذن الله.

الديمقراطية هى الحل.

الرباط الخاص بي

غدا إن شاء الله

اما ان تكتمل الثورة التي بدأت من عام

واما ان تكون شاي بلبن

(.....إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود : 88 )



رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...