اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

ومنكم يولى عليكم ....


أسد

Recommended Posts

هل تذكرون الخرافات التي ألمت بالساحة العربية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‏2001‏ في الولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ وكيف قال العقل العربي إنها نتاج انقلاب عسكري تارة‏,‏ ومن فعل الموساد تارة أخري‏,‏ ومن فعل وكالة المخابرات المركزية تارة ثالثة‏.‏ وهل تذكرون كيف أن الشرائط التليفزيونية والإذاعية من قبل السيد أسامة بن لادن لم تفلح في زعزعة الثقة في هذه المؤامرات والخرافات المتتابعة والمتناقضة قيد أنملة؟‏!.‏ شيء من هذه الخرافات قفز فورا إلي الساحة السياسية والإعلامية العربية في أعقاب إلقاء القبض علي الرئيس العراقي صدام حسين‏,‏ ووسط الصراخ والصياح من قبل أنصار المدرسة الحنجورية بقيادة الأستاذ عبد الباري عطوان ورفاقه الذين قدموا الصراخ والضجيج الكافي لمنع أي قدرة علي التأمل فيما يقال حتي توالت الخرافات السياسية العربية الصدامية بسرعة مخيفة‏!.‏

وكانت الخرافة الأولي التي برزت فورا في الشارع السياسي هي أن الرجل الذي شاهدناه علي شاشات التليفزيون ليس صدام حسين وإنما شخص آخر‏,‏ إما أنه صناعة أمريكية مائة في المائة‏,‏ أو أنه ـ وذلك هو المرجح ـ واحد من بدائله الكثر‏.‏ وتطوع رجل في قرية نائية من تكريت بالقول إنه قادر علي إشهار عشرين رجلا علي شاكلة الرجل الذي تم القبض عليه من قبل القوات الأمريكية‏,‏ وتلقفت قوله الفضائيات والإذاعات العربية‏.‏ وفي هذه الحالة لم يكن مهما علي وجه الإطلاق ما قال به الأمريكيون من أنهم أجروا تحليلات علي الشفرة الجينية للرجل المعروفة باسم الدي‏.‏إن‏.‏إي فمن ناحية فإن المواطن العربي الهمام الذي تربي علي يد السيد عبد الباري عطوان وأمثاله لم يسمع علي الأرجح بمثل هذا النوع من التحليل الطبي‏,‏ وإذا كان قد سمع به فإن ثقته مطلقة في أن الأمريكيين‏,‏ ووكالة المخابرات المركزية بما عرف عنها من خداع قادرة علي فبركة الموضوع من أوله إلي آخره‏.‏ كما أنه لم يكن مهما أبدا التأكيد بأن السيد طارق عزيز قد أكد علي شخصية القائد الضرورة لأنه كما أنه ليس للأسير ولاية‏,‏ فإنه لا تصدق له شهادة‏!‏ أما تأكيدات أعضاء مجلس الحكم الانتقالي الأربعة في العراق والذين شاهدوا وتحدثوا مع الرجل نفسه فلم يكن ممكنا قبولها لأنها جاءت ممن عينتهم سلطات الاحتلال‏,‏ تماما كما عينت شخصا يقول عن نفسه إنه صدام حسين كما سبقت وأن جعلت من شخص أسامة بن لادن يتحمل المسئولية عن أحداث سبتمبر‏,‏ فكما هو معروف فإن العرب فيهم الكثير من المعر والفشر الذي جعل شاعرهم يقول إنه إذا بلغ الفطام لهم رضيعا فسوف تخر له الجبابر صاغرينا‏!.‏

الخرافة الثانية لا تنفي الخرافة الأولي بل تسير إلي جانبها في تواؤم عجيب‏,‏ فإذا صدقنا أن الرجل هو صدام حسين فلا يعقل أنه تم القبض عليه دون قتال ونزال‏,‏ وبالتالي فإنه لابد وأنه تم تخدير الرجل بأساليب تكنولوجية متقدمة‏.‏ هنا فإن القائل العربي الذي أخذته الحماسة تماما سوف يذكرنا بصلابة الرجل ونضاله الصلب ضد الامبريالية بحيث لا يعقل أن ينهار بهذه السهولة‏.‏ وليس مهما أن القائد المظفر قد انتهي نضاله منذ الستينيات‏,‏ وأنه بعد توليه السلطة كان مغرما بالقصور وحياة الدعة وله ثلاث زوجات‏,‏ وبعد أن انتهت أم المعارك بما انتهت إليه وجد من الضروري بناء قصور إضافية‏.‏ رجل بمثل هذه الرفاهية لابد أن تتآكل روحه المعنوية وهو يعيش مطاردا ينتقل من جحر إلي جحر لأكثر من ثمانية أشهر‏,‏ وبالتالي فإنه ربما كان أسعد البشر بإلقاء القبض عليه مثله مثل السيد محمد سعيد الصحاف والسيد طارق عزيز وغيرهم من مغاوير النظام الذين سلموا أنفسهم‏.‏ ولكن العربي الغارق في الخرافة لابد له وسط الضجيج أن يستبعد ذلك كله‏,‏ إذا كنت لا تصدق أن صدام لم يتم القبض عليه‏,‏ فلماذا تجعل منها قصة أنه تم القبض عليه بمخدر؟‏!.‏

الخرافة الثالثة هي أيضا لا تستبعد الخرافتين الأولي والثانية‏,‏ ففي عالم الخرافات والمؤامرات تتزامن وتتلاقح الخرافات والمؤامرات مع بعضها البعض في تناغم مذهل‏,‏ وتبدأ القصة هنا بطرح قضية عجيبة وهي أن السلطات الأمريكية قد قبضت علي صدام حسين منذ وقت طويل‏,‏ وفي الربيع أو في الصيف علي أكثر تقدير‏,‏ وبعد ذلك تحفظت عليه حتي أظهرته بهذه الطريقة الدرامية‏.‏ أما الدليل علي ذلك فهو واضح‏,‏ ففي واحدة من صور مطاردة الزعيم القائد ظهرت نخلة مثمرة بالبلح‏,‏ وهذه لا تظهر خلال الشتاء ولكن خلال الربيع أو الصيف علي أكثر تقدير‏.‏

هنا فإن صانع الخرافات العربي يصل إلي قمة إبداعاته ليس فقط لأنه عثر علي دليل مادي ممثلا في النخلة والبلح‏,‏ ولكن لأن الغرض من القبض علي صدام ثم بعد ذلك إخفاءه يفتح الباب لتكهنات عديدة‏.‏ أولها أننا لا نعرف من الذي كان يذيع بيانات صدام الإذاعية خلال الأشهر السابقة إذا كان قد تم القبض عليه بالفعل مما يفتح الباب للقول إن الولايات المتحدة قد صنعت أكثر من صدام واحدا يناضلها وآخر تقبض عليه وربما ثالثا يظل في الاحتياطي لاستخدامه في مهمة ثالثة لا يعرفها إلا الله‏!‏ وثانيها أن غرض الإخفاء يظل غامضا فربما كان بوش يحتاج دفعة في الانتخابات فيظهر صدام لكي يحصل علي الشعبية اللازمة‏,‏ ولكن كيف يحدث ذلك وحتي الانتخابات التمهيدية لم تبدأ بعد‏!‏ وربما فعل بوش ذلك لإظهار قدرات خارقة لإخفاء الأمر علي مئات الجنود الذين شاركوا في القبض عليه‏,‏ وهؤلاء الذين تابعوا عملية القبض من واشنطن‏,‏ وجميع المخابرات العربية والأوروبية والروسية التي تتابع الموضوع كله عن كثب‏.‏ ووسط ذلك كله فإن أحدا لن يتساءل عما إذا كانت هناك نخلة يمكنها الإثمار المتأخر كما في كل النباتات‏,‏ أو أن أحدا سوف يقول إن الصورة كانت عن عملية البحث عن صدام وبالتالي فإن صورة التمر هي التي نشرت أخيرا مع صور أخري لم يكن فيها نخلة واحدة‏.‏

إنه عالم الخرافة العربي في أكمل صوره‏,‏ وهو عالم متكامل ومحكم وله قدرة مذهلة علي الإنتاج الفوري‏,‏ ولذلك لم تكن هناك مشكلة أبدا في أن يظهر صدام وأمثاله داخل الأمة العربية‏,‏ فلم تكن القضية أن الأمة ذات الرسالة الخالدة قد أفرزت مجموعة من الطغاة‏,‏ فقد فعلتها دول أخري‏,‏ وأنتجت شيلي بينوشيه‏,‏ وكوريا الجنوبية بارك‏,‏ وسنغافورة لي كوان يو‏,‏ ولكن أيا من هؤلاء لم يكن مثل صدام حسين‏,‏ ولا عرف أي منهم جنونه‏.‏ لقد أثبت عالم الخرافة العربي أن له قدرات خاصة‏!!.

هذا ماكتبه د. عبد المنعم سعيد في العدد الصادر بتاريخ 27/12/2003

وقد أعجبني هذا المقال بشدة ... وأحببت أن أطلعكم عليه

في القصص الرومانسية القديمة .. يكتب المحب رسالة حب .. ويضعها في زجاجة .. ويرمي الزجاجة في البحر .. لا يهم من سيقرأها .. لا يهم هل ستصل إلي حبيبته أم لا .. بل كل المهم .. أنه يحبها ..
وتاني .. تاني .. تاني ..
بنحبك يامصر .. ...

 

1191_194557_1263789736.jpg


‎"إعلم أنك إذا أنزلت نفسك دون المنزلة التي تستحقها ، لن يرفعك الناس إليها ، بل أغلب الظن أنهم يدفعونك عما هو دونها أيضا ويزحزحونك إلى ماهو وراءها لأن التزاحم على طيبات الحياة شديد"

(من أقوال المازني في كتب حصاد الهشيم)
 

رابط هذا التعليق
شارك

مقال جميل جدا يا اخ اسد .. احييك على اختيارك chn:

"أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونٌَ"

صدق الله العظيم

-----------------------------------

قال الصمت:

الحقائق الأكيده لا تحتاج إلى البلاغه

الحصان العائد بعد مصرع فارسه

يقول لنا كل شئ

دون أن يقول أى شئ

tiptoe.gif

مريد البرغوثى

رابط هذا التعليق
شارك

تصحيح بسيط

هذا المقال كان في مجلة الأهرام العربي وليس الأهرام

عفواً للسهو

في القصص الرومانسية القديمة .. يكتب المحب رسالة حب .. ويضعها في زجاجة .. ويرمي الزجاجة في البحر .. لا يهم من سيقرأها .. لا يهم هل ستصل إلي حبيبته أم لا .. بل كل المهم .. أنه يحبها ..
وتاني .. تاني .. تاني ..
بنحبك يامصر .. ...

 

1191_194557_1263789736.jpg


‎"إعلم أنك إذا أنزلت نفسك دون المنزلة التي تستحقها ، لن يرفعك الناس إليها ، بل أغلب الظن أنهم يدفعونك عما هو دونها أيضا ويزحزحونك إلى ماهو وراءها لأن التزاحم على طيبات الحياة شديد"

(من أقوال المازني في كتب حصاد الهشيم)
 

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...