اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

دفتري (فولان)


فولان بن علان

Recommended Posts

رجل الأمن صديقي

رجل الأمن صديقي ليس مجرد بصاص

رجل الأمن صديقي موهوب

يحترف الأمن بإخلاص

أتبادل معه الأدوار

أكتب تقريراً عن نفسي

أرسله كل غروب

رجل الأمن صديقي رحيم

لو رفع اليد قليلا

تتوالى أربع صفعات

أترون كيف الرحمة

غيره يتبع صفعات بشلاليط

رجل الأمن صديقي تأزم يوما

عد أنفاسي بالمعكوس

أحصى زفيراً قبل شهيق

فاختلط عليه العد

تسع وتسعون زفيراً ومئة شهيق

فقد زفير مختبأ في صدر مواطن

احتار كيف يسجل هذا الخبر الداكن

رجل الأمن صديقي أخبر رؤساءه

ما العمل أسيادي

واغتم عليه الأمر وساءه

سجلها يا رجل الأمن جريمة

لا بل حيلة

يحتال مواطن كيف يبلبل رجل الأمن

رجل الأمن صديقي منزعج جداً

فقد صديقاً يكتب عن نفسه تقريرا

جراح

أكسر عظما

أقطع عصبا

أفصل عضلا

أفتح جرحا

وأداوي جراح

أستأصل ورما

أصلح وترا

أمنع نزفا

أرتق قطعا

وأناجي الفتاح

اجعل مني دليلا

مكن ليدي سبيلا

فوق الدم ونحو النور

(2)

بيني وبين الألم حروب

نتصارع كل صباح

وبعد غروب

أهزمه يهزمني

أشهر أسلحتي

يلتف يناورني

أطعنه ويعود

أجمعه جمعا

أطرحه أرضا

وأسجيه منتصرا

يتمدد مقهورا

لئيما مغرورا

يناولني لكمة

(3)

في غرفة عمليات القلب

ينسل المبضع مخترقا طبقات الصدر

ترتجف الغرفات الأربع

ينبجس القلب منفجرا

قد غطى لظاه وجوه الجمع

حدثني أبي وأنا الراوي

حدثني أبي وأنا الراوي

وما أرويه ليس حكاوي

......................

أن مغيب الشمس تأخر ساعة

حتى يأتي نصر الله

وأن البحر تجمد يوما

حتى يسير جنود الله

وأن النصر حين تأخر

نظر الصحب فيمن قصر

........

حدثني أبي وأنا الراوي

وما أرويه ليس حكاوي

........................

شد أخاك والصق كتفك

حدد غاية

وحد راية

سوي الصف

واتلو الآية

صوب نبلك نحو عدوك

اروي لصنوك حيل النصر

.......

حدثني أبي وأنا الراوي

وما أرويه ليس حكاوي

.....................

خذ من نبع أبيك وجدك

شق لنفسك درب أمامك

مد جذورك عمق الأرض

ارفع كفك نحو الرب

.......

حدثني أبي وأنا الراوي

وما أرويه ليس حكاوي

.........................

عش معركتك

ثبت رمحك

مرن فرسك

حد سيوفك

ارفع رأسك

واقطع دابر أفعى الذل

.........

حدثني أبي وأنا الراوي

وما أرويه ليس حكاوي

.......................

اجمع كل خيوط الحكمة

طهر نفسك وابغي العصمة

سوف يؤوب النصر إليكم

حين تجهز مهر عروس

...........

حدثني أبي وأنا الراوي

وما أرويه ليس حكاوي

................................

مالك ياعم فولان

مش عارف تكتب ليه

وقلمك فاضي كمان

قلبك موجوع

راسك مصدوع

والفكر منك فلتان

شفلك غنيوة

ولا حكيوة

اكتب قفشة

انكش نكشة

ارسم رسمة

اعمل منظر

حاول فكر

ولا أقولك

امسح اسمك

ادلق حبرك

اقفل بقك

اسكت خالص

هس تمام

البلاطوة

في حارتنا ذات الأزقة الضيقة والبيوتات البسيطة كانت النشاة

ملامح خافتة مازالت تنقر على زجاج الذكريات

لعب الكرة الشراب ..ملعب حدوده جدران المنازل ..وهدف في مرمى تخيلي

كان دائما مصدر للنزاع والاختلاف ..والله الكورة جون ..لأ أوت

ثلاث عائلات من البلاطوة ..البورسعيدية المهجريين لم تكن الكلمة تعني لي شئ مختلف

العربي وابراهيم والكتة وطارق يتوزعون على الفريقين

كان العربي أحرفهم وأخفهم دما كنا نتصارع لضمه لفريقنا

عندما كنا نخرج لملاقاة فريق حارة أخرى كنا نكون منتخب الحارة وبالطبع كان العربي رأس حربة وهداف الفريق

بعد المباراة وأثناء العودة إلى أرض الوطن ..الحارة.. كان العربي يهزج بأنغام السمسمية

أنا أصلي واد بمبوطي...... وأحب عيشة القابوطي

كان أداؤه محببا ونطلب منه المزيد ..وله سرعة بديهة يدخل أحداث المباراة في أنشودته إن كان هدف ضاع أو بنلتي اتشاط في الأوت بطريقة ساخرة تستخرج منا الآهات

ملامح تلك الأيام تحمل أيضا ..زمارات الانذار والخنادق وطلي زجاج الشبابيك باللون الأزرق

تحذيرات ..لا تحملوا أي شئ تجدونه على الأرض ولو كان مغريا ..لعله لغم ألقاه اليهود ليقتلنا

في المواسم كانت أمي ترسلني بالأطباق الموسمية لبيوتهم وكان البلاطوة يردون بالمثل

أتذكر محشي أم الكتة كان مميزا

بعد الإفطار في رمضان كنا نتجمع حاملين الفوانيس المعدنية ذات الشموع المنيرة وحوي يا وحوي

كانت البهجة مجانية والفرح تلقائي والسرور موصول والدنيا صغيرة لكنها كانت دنيا جميلة

لا أدري كيف تسلسلت الأحداث وبين ليلة وضحاها البلاطوة رجعوا بلادهم

فراغا شديدا أحسسنا به

كنا نجلس في الحارة بعد رحيلهم نتذكرهم

فاكر العربي ..فاكر الكتة

بعد سنوات من العودة وفي زيارة لبورسعيد بعد البحث والتحري عرفنا أين تقيم عيلة العربي

تغير الزمن وخط أزميله في الوجوه... بالأحضان

فاكر ..فاكر..لما كنا ...كانت أيام

هي دي أيام ممكن تتنسي !!!!

.............................

سيرة لا شئ

فجأة وجدتني أجمع أوراقي البيضاء وأرصص أقلامي ...اليوم سأبدأ كتابة سيرتي الذاتية

وعندما شرعت في الكتابة تذكرت أني لم أفعل شيئا يستحق التسجيل فأنا من رحم الفشل إلى فشل متوالي كل يسلم بعضه

ماذا أسجل في سيرتي فلا أنا زعيم سياسي ولا أنا أديب ألمعي ولا أنا مبتكر أو مخترع أو عالم نابغ بل أنا لا شئ

فعلا الآن أضيئت لي الفكرة

سيرة لا شئ ....لا شئ نشأ ..لا شئ خط الخطوات .. لا شئ تعلم لاشئ ..لا شئ أبدع لا شئ ..لا شئ يجني لا شئ

لا شئ ورث لا شئ ...لا شئ أنهى مهماته ..لا شئ يغلق دفاتره ويجتر ذكرياته

عدت أفتش في رأسي في داخل داخل تلافيف المخ

أذكر أني كنت هناك حيث قام العظماء بفعل الأشياء

كنت في خلفية صورة مجد

أو كنت مسمارا تعلق فيه اللوحة أعلى الجدران

كنت شلالا هادر بالصمت

وكنت ناقوسا يدق بصخب لا يسمع

وكأني أمثل دورا في مسرحية بانتوميم

استدركت الأمر الآن سأهتف وسأصرخ حتى يعلو الصوت

الآن سأسمع من كان في أذنه صم

وظللت أهتف وأهتف وأصرخ وأصرخ

حتى أيقظتني زوجتي سائلة ما الخطب

قلت منزعجا أعطني شربة ماء

.........................................

صديق الأمواج

متجها ناحية الشاطىء بنظري

موجة غادرة حملتني.. أخذتني غيلة... رفعتني لأعلى... ألقتني بعنف... اصطدم جسدي بجسده.. ابتسمت له وأعتذرت.... ابتسم لي تقبل الاعتذار

من أين أنت... أنا من دمياط ..يابختك ..ولما ؟ يمكن أن تأتي إلى البحر في أي وقت

وأنت من أين ؟... أنا من حلوان نأتي كل صيف لمدة أسبوع إلى رأس البر ..أعشق البحر أفتح عيني على البحر وأعود إلى العشة بعد غروب الشمس

من الصيف للصيف التالي أحلم بالبحر.. تدري أصبحت خبيرا في الأمواج ..موج ناعم يرتفع بلطف وينصرف بأدب جم ..وموج يأتي عنيفا ثم يتكسر منتهيا مذلولا ...وموج خائن غادر يتخفى من خلفك وفجأة يقتلعك إقتلاعا ..

أستمع إليه مشدوها يتحدث عن الأمواج بوله حان .... قبل أن يكتمل حديثه عن الأمواج حملتني موجة شريرة في الاتجاه الآخر... ابتعدنا وانتهت أسرع صداقة تكونت

عندما يشتد حر الرياض .أستدعي صديق الأمواج

ليتك تسمعني.... يا بختك ...يمكنك أن تأتي إلى البحر أسبوعا في العام

أوهام صغيرة

وقف أمامها مترددا يمد يده ثم يقبضها ...ثم يعود ليكرر مد اليد وقبضها

وفي اندفاعة متهورة قبض عليها وألقاها على الأرض بلطف.. أدخل قدميه مبتدئا باليمنى

أخذ خطوة للأمام وأخرى للخلف استدار يمينا ويسارا ...دار دورة كاملة ...مريحة .مريحة ..ولو..ولو

السعر المكتوب عليها كان يفوق راتبه الشهري بمراحل...لا علاقة للتردد بأنها مستوردة من بلاد الانجليز الذين احتلونا ردحا من الزمن

ولا يعكس موقفه من تشجيع الصناعة الوطنية

منذ شهور قليلة كانت بدايات حياته الوظيفية ..

في آخر كل شهر تدب في المستشفى حركة حماسية ..الكل متجه بهمة إلى مكتب الأستاذ محمود لقبض الرواتب وهناك تتساوى الرؤوس وتتفاوت الأرقام قليلا ..

الكل يحترم الطقوس التي وضعها الأستاذ محمود أهم شخص في المستشفى في هذا اليوم..مكان الجلوس ..عد الجنيهات ..إعادة الفكة ..طريقة التوقيع

مزيج من الانبساط والحسرة عندما يقوم بعد جنيهات المرتب الميري ..بعد كل هذه السنوات من الدراسة والمذاكرة والسهر والسفر والحل والترحال ..

احمد ربك زملاؤك يجلسون على المقاهي.

أعادها على الرف مرة أخرى ..أخذ جولة في داخل صالة النقابة بين رفوف معرض الملابس الشتوية

معاطف جلدية... بدل رسمية ..كرافتات خانقة...جينز..بلوفرات ..الأسعار كلها مبالغ فيها بحجة التقسيط على 12 شهر..

والله حرام بيستغلونا

عاد إليها مرة أخرى ..نظر إليها بترقب .بدأ يحسب السعر على 12 ..ممكن

بشئ من الحرج والسخرية من النفس كيف تخرج من المعرض حاملا زوج من اللامؤاخذة .

يحتاج إلى ماهو أكثر من اللا مؤاخذة ..كان يظن أنه سيشتري أطقم كاملة لزوم البرستيج ولكن أنى له ذلك .

البيه بقى دكتور.. صحيح أنه مازال تحت التدريب في سنة الامتياز ..لكنه حصل على اللقب الأثير.

ليس من المعقول أن يستلم راتب الأستاذ محمود ويدفعه كاملا قسطا شهريا لكسوة الشتاء لمدة عام كامل فماذا عن كسوة الصيف..

لم يعد مقبولا أن يطلب مصروفه الشخصي.

ترى كيف سينظر إليك الموظف الذي سيقوم بتحرير القسيمة واستلام القسط الأول..

رغم تصبب العرق من جبهته وحالة اللامنطقية التي شعر بها تشجع وألقى كل ملابسات حالة شراء اللامؤاخذة بالتقسيط جانبا وحملها غير آبه ظاهريا .

أكمل الاجراءات وانصرف .

راحة المخ تبدأ من راحة القدمين ..نشاط وحيوية .حركة ورشاقة ..صعود وهبوط بخفة بين أقسام المستشفى ..

استقبال المرضى في الطوارئ بترحاب .عدم تضجرمن النوبتجيات اليلية..

تعجب هل تفعل المستوردة كل هذه الأفاعيل ؟

أيام معدودة مرت على حالته تلك..

بعد أدائه للصلاة في المسجد بحث عنها في رفوف الأحذية في المكان الذي تذكر أنه وضعها فيه لم يجدها ..

انتقل إلى رفوف أخرى لا أثر لها.. ثم أخذ جولة على كل الرفوف في المسجد ..عندها أيقن أنها اختفت ..

لاحظه إمام المسجد.. عوضك على الله يا أستاذ ربنا ينتقم منهم الفجرة.. ألا يحترمون بيوت الله.

قال له محركا عضلات وجهه بين الابتسام والامتعاض يا مولانا لو استحى الكبار لاستحى الصغار ..عندك حق .

ليست المرة الأولى لكنها الأكثر خسارة ...

انتظر حتى خرج جميع المصلون ..بقيت واحدة أعلنت الاحتجاج على هيئة فتحات متعددة..انتعلها مضطرا

في آخر الشهر توجه إلى مكتب الأستاذ محمود بتراخي وتثاقل ..

استلم الراتب هذه المرة بدون انبساط ولا حسرة ثم توجه مباشرة إلى مبنى النقابة

دفع الراتب كاملا مضافا إليه ما كان معه مسددا بقية الأقساط دون انتظار لحلول موعدها ..

أحس براحة التخلص من هم شئ وهمي لم يعد موجود..

خرج من المبنى يمشي بنشاط.. ألقى بنفسه بين جموع الناس المتزاحمة عند خروج الموظفين من أعمالهم ..

لاحظ أن الناس لا تمشي فرادا بل كتل تتحرك سويا ..

أنفاس الناس تتشابك محدثةّ دفئا يسري في الأجساد يتغلب على برودة الجو..

لم يشعر أن هناك شئ مختلف في مشيته ..

عندها أدرك كيف تكون راحة المخ .

وانعطفت

أصبح طوله خمسمائة وأربعة عشر خطوة ..............

الطريق هو جسر العبور لوسط المدينة العتيقة التي تحتضن النهر المتعب من رحلته الطويلة إلى أن يحط الرحال

طول الشارع كان خمسمائة خطوة عندما كنت أحمل شنطة المدرسة..

قصرت الخطوة وزاد العدد مع زيادة السنين

عددت خمسا من المطبات ..أصبحت أكثر عمقا وأقدر على الإخلال بتوازني

على جانبي الطريق أربعا من البالوعات اثنتين منهن مكشوفة بغباء يشبه التعمد.. لا قاع لها ..تنتظر الضحايا

على يسار الطريق سور الاستاد شاهد على مغامرات الصبا والشقاوة اللذيذة

على اليمين عمارات المساكن الشعبية ...امتلأت أسطحها بالأطباق اللاقطة

وأدوارها الأرضية تحولت إلى بوتيكات

هبت نسمة الهواء اللافحة التي أعرفها تنعش الجسد

انتهى السور

انعطفت وانعطفت حياتي

انسحاب هادئ جدا

دق جرس الهاتف

مبروك حصلت علي التأشيرة

عائدا لتوه من الجنازة

كانت تجلس هنا ..طيفها يملأ الفراغات

انتظرته حتى عاد من سفره الذي طحنه لمدة عامين

عزم على عدم العودة للسفر مرة أخرى

الآلام تزداد عندها حتى أعجزتها عن خدمة نفسها

وصلت مع الأطباء إلى ضرورة إجراء تحليل الدرن

بدأ معها الرحلة حيث انتهوا

ذهب معها إلى مستشفى يجرى فيها الاختبار

النتيجة سلبية

ظنوا أنه شئ جيد لكنه كان يدرك أن احتمال الكارثة يزداد

لم تطاوعه نفسه على تصديقه

نصحه متخصص في الجراحة بأخذ عينة وتحليلها

لم ترق له الفكرة ولم يستبعدها

قبل زواجها كانت تمارس سلطة الأخت الكبرى بكل جبروتها

استسلمت لقراره

في معهد الأورام تم أخذ العينة

قبل ظهور نتيجة تحليل الأنسجة

تعملق الألم حتى خارت قواها وغاب الوعي

في غرفة العناية المركزة قضت ثلاثة أيام

في اليوم الأول كانت تهذي وتئن

في الثاني خفت الأنين

في الثالث خفت كل شئ

وانسحبت بهدوء

صوت أمه بالحوقلة عند خروج الجسد المكفن ظل يتردد في جنبات رأسه

وعندها أدرك لماذا كانت تنتظره

انسحق تحت جبل المسئولية التي لم يتخيل يوما تحملها

معروف بصلابته لكنه أصبح مثيرا للشفقة

عيون أخوته تهدهده هون عليك

أما عيونه فلا مستقر لها

سأله محدثه على الهاتف

متى تستطيع السفر ؟؟

أجابه دون تردد... الآن

لقد انتهت مهمتي هنا

الرجل الذي يعيش داخل الفقاعة

لاحظ أثناء سيره أن جسمه يميل وأنه يصعد لأعلى

حتى أصبح في وضع أفقي قدماه ناحية اليمين ورأسه ناحية اليسار

استمر في السير حتى أصبحت رأسه لأسفل وقدماه لأعلى

واستمر حتى عاد للوضع الأفقي رأسه ناحية اليمين وقدماه ناحية اليسار

ثم اعتدل مع استمرار السير

قفز الرجل لأعلى اصطدمت رأسه بغلاف أخذ استدارة رأسه وأعاده لأسفل

مد ذراعيه لم يستطع إكمال مدهما

كور يده وضرب لكمة في الفراغ فردت قبضته

استدار بنظره فإذا بالغلاف الشفاف يضيق رويدا رويدا ويقترب من الإطباق عليه

شعر بصعوبة في التنفس وإحساس بالاختناق وشعر بروحه تقترب من الحلقوم

حاول اختراق الغلاف في كل الاتجاهات وفشل

انكمش وتكور على نفسه

أغمض عينيه واستسلم منتظرا للموت

لكن الموت لم يأتي

انتظر وانتظر طويلا لم يأتي

مازال مغمض العينين

مد قامته وبدأ يسير خطوة خطوة معتدلا لم يلحظ شيئا مختلفا

قفز لأعلى لم يصده شئ

مد ذراعيه على آخرهما فامتدا

سار طويلا دون توقف

أخذ الأنفاس بعمق

أخذ يسير ويقفز ويحكم قبضته ويضرب ويأخذ أنفاسه ويكرر ويكرر

مازال مغمضا عينيه

أقسم أن لا يفتحهما أبدا

أمريكا تراقب غرفة نومي

بقعات الضوء المنبعثة من السماء ليلا تتجمع على شكل رأس سهم متجهة ناحية غرفة نومي...

لا أدري منذ متى هذه الأقمار الاصطناعية ترصدني..

.أغلقت النافذة منزعجا

استلقيت ووضعت قدمي اليمنى على ركبتي اليسرى قابضاعلى الركبة اليمنى بكلتا يدي محلقا بالابهامين والسبابتين محدثا دائرة مغلقة

أخذت أفكاري تشرد مني ..هل أتحمل وضعي في الأقفاص هناك في الجزيرة الكوبية

لن أفتح بعد الآن نوافذي..

ربما أفاجأ بمن ينزل من سلم طائرة يلقي السلام علي ويطلب مني أن أتفضل بالذهاب معه

بدلت وضعي فوضعت القدم اليمنى على الركبة اليسرى لكن هذه المرة أطلقت يدي دون تحليق

المشي مكبل اليدين والرجلين وأربعة يجرونني منكس الراس لابسا البدلة الحمراء ليس بالمستحيل جسديا

لكن هل أتحمل مسح الجندية لدم حيضها برأسي..أخذت يداي تتطوحان في الهواء لا إراديا

إنهم يجبرونهم على المكوث في وضع الجنين يومين كاملين يبولون ويتغوطون في ملابسهم ...

قفزت واقفا وهززت رأسي بعنف ..أسرعت إلى الحمام ..طسست وجهي بالماء البارد

أخذت أسير جيئة وذهابا في الردهة بين الحمام وغرفة نومي واضعا السبابة اليمنى على جانب جمجمتي

لماذا يرصدون غرفة نومي ؟؟

هل ينتظرون نومي ثم تقوم f 16 بعملها

ثم يعتذرون عفوا لقد أخطأنا الهدف كنا نظنه شخص آخر

تبا لمعلوماتهم الاستخباراتية الذكية

قرأت يوما قدرتهم على قراءة أرقام الملابس الداخلية لرئيس عربي كان صديقا لهم .. سلخوه صبيحة عيد الأضحى

ليس هناك بد من التحايل عليهم

حملت مرتبتي إلى الصالون سأبدل غرف الشقة حتى ألخبطهم

سأغير أرقام ملابسي حتى لو بدت ضيقة جدا علي فلن تقتلني

أتعبني التبديل والتغير

ألقيت بنفسي أمام التليفزيون

مذيعة نشرة الأخبار تضغط بكلتا يديها علي الطاولة أمامها وعضلات وجهها مستنفرة..

مقتل ستة عشر جنديا أمريكيا في ... لم أدع المذيعة تكمل جملتها

ضغط على زر قناة تذيع برنامج لتفسير الأحلام

رغم مقاومتي للنوم بدأت جفوني العليا تتثاقل متعبة

سحبت زوجا من البطاطين الكورية وتدثرت

سقطت في جب النوم وحلمت

الشبورة

البخار المنبعث مع الزفير يرتفع مكونا دوائرغير منتظمة مرئية بالعين

أعد كوبا ساخنا من الشاي بالحليب ..أتناوب الرشفات مع قضمات من فطيرة محلاة ..ينسكب الدفئ في الجوف مع كل رشفة

يرتفع صوت الشيخ رفعت بسورة يوسف من الراديو

أنهيت فطورا سريعا..شيخ يعظ الناس بوجوب الصدق..

أتممت ارتداء ملابسي ..المذيعة تحذر قائدي السيارات من الشبورة هذا الصباح

حملت الأكلاسير ونزلت ..الضوء الصادرمن الكشافات على أعمدة الإنارة مداه لا يتعدى سنتيمترات ..

وسط الغبش سمعت صوت الأوتوبيس الذي يقف عادة عند هذا الكبري الصغير..زحمة أول الأسبوع معتادة ..أخذت مكاني واقفا ..

تزداد كثافة الشبورة كلما توغلنا على الطريق الزراعي .. يزداد حرص السائق ويزداد تمهله ..

تكررت فرامله المفاجئة عدة مرات كلما لاحت أمامه سيارة ونتماوج معه للأمام ثم للخلف..

قابضا علي الماسورة المثبتة في سقف السيارة بيد مخافة السقوط والأخرى تمسك بالأكلاسير..

فرملة قوية هذه المرة انحنيت فيها قسرا..اقتربت رأسي من رأسها ولم يحدث تصادم ..ابتسمت معتذرا..ابتسمت

أومأت للأكلاسير.. لم أبادر بأي حركة مدعيا عدم الفهم..مدت يدها وسحبته من بين يدي..

أحمل فيه أجندة لتدوين بعض المحاضرات ونادرا ما يحدث ذلك وكتاب لعلي أقرأ فيه أثناء رحلة الذهاب والعودة اليومية..في الغالب لا أقرأ شيئا..

وضعته على ركبتيها.. قلبي بدأ يدق بمعدل يزيد ثلاثة أضعاف عما اعتاده .. نظرت إلى السقف مبديا عدم الاكتراث مما يحدث ..لكن حريقا شب يحتاج لإخماده ماء البحر..

أدار السائق محطة الراديو على أغنية حليم.. بس لو ألاقي اللي أحبه واللي قلبي يروح لقلبه..

عقارب الساعة كأنها تدور عكس اتجاهها ..والسائق يردد وسط الرؤية التي تكاد تنعدم في التأني السلامة..بدأ الناس في التذمر من التأخير الطلبة والموظفون والعساكر والمرضى الذاهبين للمستشفى الجامعي ..وصل إلى محطته أخيرا.. مددت يدي إليها لآخذه تجاهلتني بتصنع..اضطرني جموع الواقفين خلفي للنزول وانتظارها حتي تنزل..نزلت تحمل شنطة يد على كتفها واضعة الأكلاسير بكلتا يديها خلفها..بادرتني بالسؤال أنت رايح فين ..انحشرت أدوات الاستفهام في حنجرتي.. لما ولماذا وكيف وكم وأين فانكتم الصوت

سرت رغبة جامحة في رد نفس السؤال لها ... الرغبة دعمتها رغبات أخرى قديمة..وهممت أن أنطق..بدأت أشعة الشمس تتفلت من فرجة بين السحب الكثيفة..وأخذت الشبورة تنقشع رويدا..والرؤية تزداد وضوحا ..وصوت المذيعة يردد تحذيره لقائدي السيارات..والشيخ يعظ الناس بوجوب الصدق ..والشيخ رفعت يقرأ في يوسف ....ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه...

وقفت سيارة أمامهم ..صبي يتعلق على الباب ينادي..جامعة..جامعة..جامعة

لاح البرهان أمامي ..قلت لها بحسم أعطني الأكلاسير..أريد أن ألحق بالمحاضرة الثانية..

ألقيت بنفسي في السيارة فالتقمتني..ورددت ما كان يردده يونس في بطن الحوت

حصاد الهوان

الرجل الجالس في المقعد الذي أمامي غاضب جدا

يتحدث مع السيدة التي بجواره بشدة وعنف غير مبررين فيما يبدو لي

يوجه إليها اللوم على كل شئ وبصوت مسموع وكأنه يتعمد إشراك الناس معه في توبيخها

بعد انتهاء معركة المرور على جمرك بورسعيد ازداد حنق الرجل وشراسته مع السيدة وتبين سبب تفجر غضبه عليها ...كمية المشتروات ونوعيتها

ولكن لم يتبين سبب تعمده إهانتها على الملأ

والغريب في الأمر أن السيدة متماسكة ليس لها أي رد فعل وكأن الإهانة غير موجهة إليها أو أنها تعودت على ذلك

في التفاتة غير مقصودة من الرجل نحو المقعد الخلفي الذي أجلس فيه اتضحت ملامح وجهه جيدا..هو ..هو.. أعرفه ...نفس القسمات عليها هالات من الغم

ما يقرب من أربعين دقيقة تقطعها الميكروباص للدخول إلى مشارف المدينة

الرجل لم يعطي نفسه هدنة للكف ولو قليلا عن تجريح السيدة

والسيدة غير معنية بالأمر ..يبدو من صوتها الهدوء في كلامها القليل

الرجل بطل القصة التي مرت عليها السنون وانشغل بها الناس في مروياتهم التي ينشغلون بها عن همومهم وعن الكلام في السياسة ولقمة العيش

ويجدون فيها المبرر لإضفاء شئ من التمجيد الذاتي الزائف أحيانا ...احنا أحسن من غيرنا

قصة الولد والبنت والشهوة

المختلف في قصتنا هو الإضافات التي قد يكون فيها شئ من الحقيقة وفيها الكثير من الفبركة والبهارات التي تطيل أمد رواية القصة

المكان سطح منزل البنت ..الزمان ليلا ..والبهارات تقول كان يحدث في كل وقت

وتقول أيضا لم يكن ولدا واحدا

تفجر الأحداث سببه صعود الأب إلي السطح في وقت غير مناسب وبدأ الفوران

والولد هو الجالس في المقعد الذي أمامي في الميكروباص الذي يقطع الطريق بين البحر المتوسط علي يمينه والملاحات على يساره

بعد عثورهم على الولد في مهربه وتدخل الأهل ارتضوا الحل العملي لاخماد نيران الفضيحة...زوجوهم

الميكروباص ما زالت تقطع الطريق والمتوسط يطلعنا على رائحة اليود محمولة على نسائمه الآتية من الطرف الآخر للعالم الذي حاولت كثيرا أن أدقق النظر لعلي أراه

الرجل مستمر في توجيه الإهانات إليها ومازال هو وزوجته يحصدون ثمرات القصة القديمة

وأبحث عني فلم أجدني

وأنا من أنا

من يدلني علي

أبحث عني فلم أجدني

من يشبهني

حتى المرايا لا تعكسني

وأنا صرت أتبع ظلي

أصول ثم أجول

ثم أنمحي

وأبحث عني فلم أجدني

في الأزقة في الأروقة

في التكايا

أغلب ظني أني

كنت هنا

ثم تناهت روحي فيضا

ثم أشيع أني

صرت نسياً منسيا

وأبحث عني فلم أجدني

حزام ناسف وقضية

في الرأس أمور وأمور

في القلب حمم وصخور

في الأعين مقل تتحجر وتدور

فرس أعرج وسيف مكسور

كيف الحيلة حين النفس تثور

كيف يهدأ غليان يعلو ويفور

الطفل تمزق أشلاءً

والمرأة تبكي والعنق المنحور

والجندي يمشي في زهو مسرور

أيام تمضي بين جنازات وقبور

قد جف الدمع وسال الدم بحور

وأنا منصوح بالحكمة مغلول مقهور

عفواً لا أقدر

وسأضغط هذا الزر

لعل حفيدي يولد في زمن منصور

مأساة خيال مآتة

المعلم عباس الدرملي صاحب القهوة يفرض على الزبائن مشاهدة الأخبار

من قناة الجزيرة..الشباب منهم يهمهم معترضا ..احنا مالنا ومال السياسة

عايزين نشوف الفيلم يا معلم

الجنود الذين يحملون العصي ويرتدون السواد يضربون المتظاهرين بعنف

أحمد صالح عبد الحي وهو يحتسي الشاي ..يا ولاد المفتريين... هم بيضربوهم ليه

انتهت النشرة ..عاد المعلم بالريموت للفيلم

عادت فتحية بنت عم عوض من سوق الجمعة تحمل ما تبقى من الجبنة

وجهها الصبوح وابتسامتها الراضية يفعلان في قلبه الأفاعيل

كاد أحمد صالح عبد الحي أن يغوص في قاعدة الكرسي المهترئة

استند على صديقه محمود مصيلحي..عاجله محمود بخبث مقهقها ..يا أخينا خلاص دخلت الدار

بنظرة فيها جدية ولسان مثقل بالهموم كلمه أبوه عم صالح ... النهاردة شيخ البلد جاب ورقة التجنيد

عندما ولدت أمه أخوه عبد الرحمن كان فرحه ممزوج بالقلق ..أصحابه كانوا يمازحونه... أخوك دخلك الجيش يا بطل

عبد الرحمن جاوز الرابعة ...دخل كتاب الشيخ سعد ..لاحظ الشيخ نباهته وسرعة حفظه ..

حضر الشيخ في زيارة خاصة يوصي عم صالح أن يهتم بعبد الرحمن ويتركه ليكمل تعليمه.

تنبأ بأنه سيكون حاجة كبيرة في البلد لو كمل علامه

بدأ العجز يزحف على جسد عم صالح .. انحنى الظهر وتقوست السيقان ..ركبه تحملانه بالكاد .

علبة المرهم والبرشام الأحمر الذين يصرفهما من الوحدة الصحية لم يعودا يسكتان نباح الوجع الليلي

من يخدم الأرض بعد ذهاب أحمد للتجنيد

شعاع الشمس يخترق إلى النخاع ...لهيب ينبعث من الأجساد المرصوصة في طابور الثبات

الصول عبد المعين يهدد ويتوعد من يتحرك في الصف... لازم تعرفوا إن الميري ضبط وربط

نادى بصوته الأجش على رقم أربعة في الصف الثالث أن لا يحرك أصبع قدمه الصغير في البيادة

ملوحة العرق السائل على الأجساد المحترقة من الشمس تصب مزيدا من الوقود على النار

و تزيد الرغبة الملحة في الهرش ولكن هيهات أن يتحرك

لم يعد أحمد صالح عبد الحي يشعر بقدميه وخاصة أصابع قدمه اليمنى ..

كانت فردة البيادة اليمني أضيق من اليسرى..هكذا كان حظه عندما ألقاها له شاويش التعينات

وأنى له أن يعترض

وزعوا عليهم العصي...هي هي نفس التي كان يضرب بها الجنود المرتدين للسواد في تليفزيون قهوة عباس الدرملي

أصبح جسده مشبعا بطاقة شمسية كافية لإنارة بلدته

لا يدري لماذا تذكر الجاموسة وهي تدور في الساقية معصوبة العينين حتى لا تتوقع نهاية الطريق

لكن صوت خرير الماء الذي تنقله الساقية أشعره ببعض الري

تذكر حين كان يستلقي على ظهره على الجسر مادا ذراعيه حاضنا السماء منتعشا من نسمة العصاري فخفف عنه بعض ما هو فيه

وفجأة قفز إلى مخيلته هذا الكائن الذي كان يصنعه بيده

عصا كالتي يمسك بها وجلابية قديمة ورأس من القش... فزاعة للطيور

أحس برأسه كتلة من القش كادت أن تشعلها حرقة الشمس

والصول عبد المعين يهدد ويتوعد من يخالف الأوامر ... عندما يقال لك اضرب اياك أن تتأخر

كانت المظاهرة الأولى التي اشترك أحمد صالح عبد الحي في تفريقها

المظاهرة الأولى مرت بسلام لم يأتي الأمر بالضرب

كان المتظاهرون مجموعة قليلة من الصحفيين ...هتافات من الوضع واقفا

أحمد صالح عبد الحي ورفاقه يحيطون بالمظاهرة رافعين العصي ينتظرون

إشارة من أحد الضباط بالتحرك...حمد لله لم يشر الضابط

استقبلته أمه بالقبلات والدموع والحمدلله على السلامة وابداء القلق على تغير ملامحه ونحولته

أسرعت إلى سطح الدار بالسكين..الضحية كان ذكر البط الذي كانت تزغطه وتعده لهذه المناسبة

احتضن أخوه عبد الرحمن ..سأله كم حفظ في الكتاب ..وعده إن أتم جزء عم سيحضر له هدية

مدفع رشاش كبير يضرب به اسرائيل

كعادته عم صالح مقتضب في اظهار مشاعره لكن وجهه يشي بالكثير مما بداخله

لكن دمعة رقيقة هذه المرة غلبته بدأت تلمع في عينيه ..سأله عن أحواله وماذا تعلم

انتابه القلق عندما أخبره بالمهمة التي يكلفونه بها وحذره من أذى الناس ..الشيخ حسنين

خطيب المسجد قال أذية الناس حرام تغضب ربنا

غير ملابسه ..ذهب يتفقد أحوال الأرض ..حزن لما آلت إليه

قابل صديقه محمود مصيلحي بالعناق والطبطبة على الأكتاف..ابتسم مصيلحي بخبثه المعهود

فتحية بخير

نشرة الأخبار على تليفزيون قهوة الدرملي ...نظرته هذه المرة اختلفت ...

حاملوا العصي أصبحوا زملاؤه

انتظر على المقهي حتى عادت فتحية بنت عم عوض خفق قلبه بعنف...أطالت النظر إليه وكأنها

ترحب بعودته..دخلت إلى الدار ومازال يغوص في قاعدة الكرسي المهترئة مستندا على صديقه

المقهقه

أعدت له أمه الفطير المشلتت لفته في طبقات من الأكياس ودسته في الشنطة

ودعته كما استقبلته..حذره أبوه مرة أخرى من أذية الناس

ذكره أخوه عبد الرحمن بالمدفع الرشاش

توالت المظاهرات ..اعتاد أحمد صالح عبد الحي عليها..أقصى ما كان يحدث هو التدافع

دون الإشارة المنتظرة من أحد الضباط التي حذر الصول عبد المعين من التأخر في تنفيذها

المظاهرة هذه المرة صاخبة جدا ..نذر تلوح في الأفق..

أحمد صالح عبد الحي متوتر جدا ..تحذيرات أبيه ترن في أذنه

الشيخ حسنين بيقول أذية الناس حرام ..دا يغضب ربنا

هذه المرة أشار الضابط ..صورة الصول عبد المعين وهو يحذر من التباطؤ قفزت إلى ذهنه

بدأ زملاؤه في التحرك...........

تشابكت الصور في رأس أحمد صالح عبد الحي غيبته عن المشهد الحاضر فيه

أفاق على سباب موجه إليه اتحرك اضرب يا تحفة أعداء الوطن

بدأت الدماء تسيل على الأرض...أجساد تسحل على الأسفلت

صرخات استغاثة ..أوامر هاتولي شوية منهم ارموهم في البوكس

رآه وقد تمزقت ثيابه والدم يقطر من بين قطع القميص ... سالم ابن الشيخ حسنين

مع من رموهم في البوكس

كاد أن ينادي عليهم اتركوه

عادت صورة خيال المآتة في الأرض والطيور تنقر رأسه المصنوع من القش

لم يحضر لأخيه المدفع الرشاش ..لم يذهب للمقهى..

ولم يذهب لتفقد الأرض

وعندما جاءه محمود مصيلحي لم يخبره عن فتحية

عم صالح دخل عليه غرفته التي انزوى فيها استنطقه فقص عليه

كان سؤاله ولماذا تضربونهم

لندافع عن الوطن..كرر عم صالح ببراءة أي وطن

أجابه أحمد صالح عبد الحي

الوطن اللي عند الصول عبد المعين

الموظف وحماته وكيلو المانجو

لم أعد اشعر بالمهانة عندما أحشر في علب السردين هذه

ليس هناك وسيلة مواصلات على هذا الطريق إلا عربات السرفيس

تشمم عرق الكادحين أصبح يمثل استدعاء لقيمة الكدح من أجل لقمة العيش

كان الشم اجباري لكن الاستدعاء مازال تلقائيا

شرح لي الرجل كيفية الوصول لمنزله وعدد لي كم سيارة سأركب

بل وفي كم محطة سأنزل ..

الطريق يجاور ترعة ضيقة .. خبراتي السابقة على هذه الطرق تقول أن

بعض السيارات يصيبها الظمأ فتنزل للترع تروي عطشها

يتسائل المرء عندما ينزل هذا العدد الوفيرمن الناس

كيف احتواهم هذا الفراغ ؟؟ .. هناك اختلال في المعادلة رياضيا

لكن شعبا يحمل إرثا تاريخيا في التحمل يمكن أن يفعلها

استطيع أن أتحمل هذا التلاحم على مضض ولكن المثير أن يقوم شخص بالضحك

بل والتنكيت في هذا الوضع البهلواني

أصوات ضحك مجلجلة وتجاوب من السامعين

يحكي الرجل وهو يقف علي قدم واحدة أنه استلم راتبه وأثناء توجهه عائدا زاغت عينه

على عربة جائلة تحمل حبات المانجو...بين الإقدام والتقهقر ترددت نفسه بين الاشتهاء

والاستبعاد..مابين المقطوع من الراتب ثمنا لكيلو المانجو والمتبقي للاقساط فعلها أخيرا

لن أنسى أبدا طريقة الرجل في سرده التي تبين اشتهائه للقضم بعد نزع القشرة

موسيقى تصويرية من ضحكات خالصة لا تملق فيها تصاحب السرد

عندما فتح الباب سمع صوتها تحكي بصوتها العالي المعهود

توصي ابنتها تأخذ حقها من المتنيل على عينه

انسحبت كل أماني الاشتهاء لديه..فهو يعرف جيدا من هو المتنيل على عينه

حسرة شديدة أصابت الموظف

ليس له نصيب اليوم في طعمها اللذيذ..

عندما وصلت إلى منزل الرجل واستلمت منه الأوراق التي أنهاها لي

ابتسمت ابتسامة لا مبرر لها وكتمت ضحكة داخلي حتى لا يسئ الرجل الظن بي

بمجرد خروجي من منزله أطلقت قهقه في الهواء تذكرا لسرد صاحب كيلو المانجو

وتجاوب المتلاحمين معه

هي حبكت تزورهم اليوم ده

عدت أرتب أوراقي استعدادا للسفر مقتنعا بالتجربة أنهم رغم ما هم فيه يضحكون بصفاء أكثر

سيمفونية أوجاع الغربة

عندما ترى الوطن ينسحب من تحت أظفارك

تدرك أنك تحلق في الملكوت هائما

فاقدا بصمات أصابع قدميك

واجدا لنفسك تابوتا مملوء بالأغلال

ابسط يديك ترى المستقبل ناحية الغروب

وترى الزهور تنمو بلا رائحة

عندما ترى صورة الوطن تحت جلدك الشفاف متموجة

مقبلة راحلة

تمعن النظر في درجات ألوان السحب

وتعي أنها ذاهبة

لتمطر هناك حيث تقف باكية

أين أنت يا صاح

لماذا تتذكر أباك

وتناديه أن يعود من المقبرة

تدعوه أن يحملك على كتفه طفلا

ويرسلك نحو السماء

لتعود فتاتا.. رمالا.. جمرا

راسما خريطة الوطن الزاهية

قاب قوسين

(1)

كادت أن تتدلى

قاب قوسين أو أدنى

صحو في جب الغفو

يمحو وسن الهوي

(2)

ذابت من دمع الشوق

عيني

جالت طبقات الفوق

روحي

عادت من وهج القرب

نفسي

تغسل أدران الجرم

(3)

عائد

مد لحبال الوصل

قاطع

أسباب الخلف

نادم

لفوات العمر

عازم

تجديد السير

...........................

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

تسجيل تحية واعجاب وانبهار وانتظار

المزيد من سيرة اللاشىء والكثير من الابيات التى تتقاذفها حروف الغربة والوحدة والعشق والوجد وتسكن دروب الحنين الى وطن

يأبى ان يكون كما نتمنى ويتركنا كثيرا نرثى لحاله ................

لست وحدك من تفرغ جعبته من الكلمات ثم تجتاحه دفعة واحدة فيعجز عن ملاحقتها

اعانك الله ياصديقى لتكتب لنا الكثير والمزيد من ذؤابات روحك ونبضك

دمت رائعا :wub: :wub: :)

عندما تشرق عيناك بإبتسامة سعادة

يسكننى الفرح

فمنك صباحاتى

يا ارق اطلالة لفجرى الجديد

MADAMAMA

يكفينى من حبك انه......يملأ دنياى ....ويكفينى

يا لحظا من عمرى الآنى.....والآت بعمرك يطوينى

يكفينى .....انك........................تكفينى

رابط هذا التعليق
شارك

كم انتظرت منك هذا العمل .. المجموعه الكامله لصديقى الروحى فولان ابن علان ..

لن اطرى على اعمالك لان الكلمات اقل من الوصف .. ساضيف الوصله الى قائمة وصلاتى المفضله .. و نا عليك الا ان تجددها كما يطرائى لك .. فكل ما تنتج يسعدنى ..

تحياتى الى الصديق الذى تعرفت على مشاعره قبل ملامحه ..

الماتش متباع

رابط هذا التعليق
شارك

تسجيل تحية واعجاب وانبهار وانتظار

المزيد من سيرة اللاشىء والكثير من الابيات التى تتقاذفها حروف الغربة والوحدة والعشق والوجد وتسكن دروب الحنين الى وطن

يأبى ان يكون كما نتمنى ويتركنا كثيرا نرثى لحاله ................

لست وحدك من تفرغ جعبته من الكلمات ثم تجتاحه دفعة واحدة فيعجز عن ملاحقتها

اعانك الله ياصديقى لتكتب لنا الكثير والمزيد من ذؤابات روحك ونبضك

دمت رائعا :wub: :wub: :)

كنت دوما سيدتي صاحبة المقام العالي

مالكة ناصية الكلمات

وأنا لك مدين بالكثير

سلمك الله

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

كم انتظرت منك هذا العمل .. المجموعه الكامله لصديقى الروحى فولان ابن علان ..

لن اطرى على اعمالك لان الكلمات اقل من الوصف .. ساضيف الوصله الى قائمة وصلاتى المفضله .. و نا عليك الا ان تجددها كما يطرائى لك .. فكل ما تنتج يسعدنى ..

تحياتى الى الصديق الذى تعرفت على مشاعره قبل ملامحه ..

أعجز عن وصف سعادتي بحفاوتك

على موجة واحدة نتلاقى

وأنا شديد الإعجاب بما تكتب يا صديقي

لك مني شكرا خالصا ودودا

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 شهور...

مطلوب على ورقة رزنامة :blink: ما إن سمعت باللفظة ترن في إذني حتى اسنغربتها

كان سؤال زميلتنا الشامية إن كان لدي رزنامة

اقترب المعنى سريعا ...قلت تقصدين تقويم ..نسميه عندنا نتيجة

نستخدم ورق الرزنامة في الكتابة عليه عند فقدان الأوراق البيضاء

وأحيانا استخدمه روشتة علاج عندما اضطر للمجاملة

ونستخدمه أيضا لتذكر تاريخ معين أو موعد مهم .

استكمالا لإجراءات السفر بعد إغلاق الشنط أخذت أقلب في الأوراق

أيها مهما يجب أن أصحبه معي

لم أقرأ التاريخ المكتوب عليها من قبل

فقط قرأت المكتوب على ظهرها

هذه المرة أتيحت لي فرصة قراءته بالميلادي والهجري

لم أتذكر أنني احتفظت بها

كلمتين فعلت بي الأفاعيل

شاب ممشوق القامة أعطاني إياها بدون أي تعبير على شاشة وجهه

مطلوب للحضور عند (.......... بيه ) مبني أمن الدولة بعد الظهر

لا ورق رسمي ولا أختام

سألتني زوجتي من هذا وماذا يريد ؟؟

خبأت الورقة وكذبت

هل أنا في حل من الذهاب ؟؟

وماذا بعد الذهاب ؟؟

وماذا إذا لم أذهب ؟؟

ولماذا .................؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أخذت استدعي أشرطة حياتي كلها منذ حملتني أمي

ولم تكن ترغب في حملي

أرادت أن تكتفي بإخوتي ..أتيت إلى الدنيا رغما عنها

هل كان ذلك أيضا رغما عن أمن الدولة ؟؟؟

أذكر أني قرأت كتبا في السياسة تنتقد الدولة

سوف اعترف بذلك ؟؟ لكني يمكن أن أعقب تخفيفا

أن هذا كان من قبيل الثقافة والاطلاع والحكومة تأمرنا أن نقرأ

وأنا أنفذ الأوامر !

كان حظي وافرا من القراءات عما حدث ويحدث وراء الشمس

من أول محاكم التفتيش وحتى المعتقلات الوطنية

أتذكر أن الفزع أصابني بالأرق منذ الصغر من هول ما قرأت

عن طرق التعذيب

قابلت في حياتي أناس من كل الاتجاهات لكنني مصاب بداء النسيان

حتى أني أحيانا أتعرض للإحراج الشديد بسبب نسياني لأسماء أصدقائي

ماذا لو كان لديهم صور لي احتسي كوبا من عصير القصب

مع أحد ممن نسيت اسمه

هل سيعتبرون ذلك إخفاء للمعلومات ومرواغة ؟؟

اقتربت أكثر من أحداث سنين عمري الأخيرة قبل الاستدعاء على ورقة الرزنامة

هل تغير شئ في حياتي ..شكلي.. طولي.. عرضي...أصحابي ..أكلي

الشوارع التي أسير فيها ..محل البقالة الذي اشتري منه

حاولت أن أسري عن نفسي ..لا شك أنني أصبحت شخصا مهما وإلا ما استدعوني

نعم ..نعم.. مهما .. مهما

ولكن ما الذي جعلني مهما هكذا فجأة .

في نهاية المقابلة أشار إلي البيه أن أذهب

استفسرت... أذهب خلاص ؟؟

حكيت لأصحابي ما كنت أكتمه

فإذا بهم يجمعون أنني كبّرت الموضوع

إنهم يذهبون هناك وبدون أوراق رزنامة

عادي كده يعني

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

:blink: :lol: :lol: :roseop: النقش على جدران القلب الأخضر :roseop::roseop::roseop::roseop::roseop: كانت من المرات القليلة التي أجد فيها عدد من المرضى ينتظرني

عند دخولي من باب العيادة لمحتها في الركن البعيد لصالة الانتظار

عندما جاء دورها ودخلت غرفة الكشف أحسست بضخ كمية كبيرة من الادرينالين

معلنة حالة الطوارئ

ربما أكثر من خمس وعشرين سنة لم تقترب المسافة بيننا في نطاق الرؤية الواضحة

حاولت الخروج من حالة الطوارئ إلى الحالة العادية

لم أبالغ في الترحيب بها ..وأخذت أتعامل بمهنية ..طبيب مع مريضة

أثناء الكشف عليها لم ألحظ جدية في شكواها

سؤال مشروع ..لماذا جاءت ؟؟

طوال السنوات الست الابتدائية كان درجي دائما الأول ناحية الباب

وكان درجها الأول في الصف الأوسط

كنت أتمسك بموقعي بجوار الحائط لأحتمي فيه من خجلي

حالة من التنافس الدراسي كانت مشرعة لكن بنت الناظرة كانت دائما تكسب .

لم يمنع ذلك كونها النقش الأول في جدران قلبي الصغير الأخضر.

في مثل ذلك العمر كانت الإشارات ممتنعة

اتسعت شروخ جدران مدرستنا

اللجنة الهندسية قررت أن المدرسة آيلة للسقوط

منتصف العام الدراسي لسنة ( ستّة) قبل أن تلغى

إدارة التعليم قررت نقلنا لأقرب مدرسة

المدرسة الجديدة كانت من النظافة والجمال بما لا يمكن معه إخفاء الانبهار

مدرسة أولاد ذوات

ادارة المدرسة الجديدة تململت من مشاركتها مدرسة أخرى في المبنى

ومما زادهم ضيقا استصدار قرار من إدارة التعليم بالتناوب أسبوعيا

أسبوع صباحي والآخر مسائي

أعلنت الحرب الباردة بين المدرستين إدارة وتلاميذ

تخللتها معارك رجم بالحجارة وإصابات

إحساس الغربة في المدرسة الجديدة زادتنا إقترابا

وتعمق النقش في جدران القلب الأخضر الصغير

اقترب العام من نهايته واقتربت الامتحانات

مدرس العلوم بدأت معه بدعة الدروس الخصوصية

استجاب معظم التلاميذ لضغوطه

بنت النظرة كانت من المنضمين ..مجاملة لأمها

الدروس الخصوصية في أسرتنا غير واردة ليس لأنها مقترنة بالخيابة فقط

ولكن لأن بندها في الميزانية المرهقة خالي

أصبحت حصص مدرس العلوم مراجعة لما تم شرحه من قبل في الدرس الخصوصي

اختلت موازين التنافس

تعمد الرجل الانتقام من عدم رضوخي لضغوطه

أظهرني وكأن مستواي انحدر كثيرا

أصبح يشهر بي على ملأ من الفصل ويشيد بما وصلت إليه الألفة

تعددت أيام غيابي هروبا من مدرس العلوم

الرجل الشرير الأصلع هزمني وحطم جدران قلبي على ما فيه من نقش

احتجت فيما بعد إلى مجاهدات نفسية لأفصل الصلع عن الشر

انتهت السنة وازداد البون اتساعا

ومازالت آثار النقش باقية

بعد أن أعطيتها روشتة العلاج وشرحت لها كيفية استخدامه

طلبت من الممرضة التي تعمل معي في العيادة أن تعيد لها ثمن الكشف

لا يصح أن تأخذي ثمن الكشف من ألفة فصلنا

أعطتها أمامي ما دفعته لها وانصرفت

في نهاية اليوم أخبرتني الممرضة أنها عادت مرة أخرى وأصرت أن تدفع ثمن الكشف

قلت لها هذا نصيبك

أما أنا فقد أخذت نصيبي من بنت الناظرة ومن مدرس العلوم

لكن النقش يبدو أنه لن يمحى أبداً

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 8 شهور...

المرشح

إعلانات تملأ المدينة

لوحات كبيرة لصور الرجل الذي أسقط مجلس الشعب مرتين

مقتطفات من جريدة فرنسية بجوار الصورة

سرادق انتخابي حاشد

بدأ المرافقون للمرشح بالكلام

مدح سمج للرجل ... إسهاب في التبجيل ..

تضخيم لإنجازات وهمية

بدأ الناس في الانصراف تباعا

تبقى القليل من المستمعين على المقاعد

ختام المرافقين متكلم قالوا عنه فنان

يرتدى ملابس فاقع لونها لا تسر الناظرين

تحدث بطريقة مقدمي فقرات السيرك

لم يأتي دور المرشح

تبادلت مع صديقي نظرات العتاب

انصرفنا من السرادق سريعا

عدت إلى البيت

وضعت بطاقتي الانتخابية في الكرتونة تحت الكنبة القديمة.

اللاعب الجديد

الفريق مهزوم كالعادة

أشار إليه المدرب وهو على دكة البدلاء .. قام بحماس شديد ..

سرعة قصوى في العدو

دار حول الملعب كما الخيل المرسلة

قفز قفزة عالية جدا كاد أن يخترق جدار الأوزون

ضرب برأسه في الفراغ لو كانت هناك كرة أمامه لمزق الشباك

حالة من التفاؤل سيطرت على الجمهور

تصفيق مناسب لما يبدو من امكانيات اللاعب البدنية

نزل أرض الملعب

هتافات تشجيع تحرك الحجارة

هدف آخر في مرمى فريقنا

مازال اللاعب يعدو ويقفز والجمهور لم يفقد تفاؤله

توالت الأهداف في مرمى فريقنا

انتهت المباراة .

واللاعب يعدو بسرعة صاروخية خارج الملعب هربا من الحجارة.

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

فرار

كان يقف فوق الصفا يمد يده نحو السماء

تتدلى المسبحة من بين يديه

قسمات وجهه تنتمى حيث مطلع الشمس وبين السدين

حيث انتهت رحلة ذو القرنين

كله يبكي ...جلده... وشعره...

يبكي الإحرام الذي يرتديه

أما وجهه فتنتفض ألياف العضلات واحدة تلو الأخرى

حالة جسده وفيض مشاعره توحي كم كانت أمنية غالية

حين آل مآل التحقيق سكب ما اختزنت نفسه منذ سنين

يارب

عندما انشغلت بـتأمله

دققت النظر في تسامي روحه

انقلب إلي البصر وهو حسير

أعدت الكرة

عادت نفسي تشكو تثاقلي إلى الأرض

ما أحوجني إلى حضوره في مجالي

تهيجني لحظته نحو الفرار

ففروا إلى الله

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

اللص

قال الحاج أحمد أنه يعرفه جيدا ..

كان زميلا له في الزنزانة عندما كان يقضي عقوبة فقأ عين الصبي الذي يعمل عنده في الورشة..

سأله ذات مرة عن بلده ووعده بزيارة قريته.

احتفظ الحاج أحمد بمصداقيته عند الناس رغم أنه أصبح من أصحاب السوابق

وكأن ما حدث كان خطأ غير مقصود أو أن الحاج أحمد ظلمه القاضي .

تلك كانت قناعة الناس غير المعلنة فقد كانوا يتجنبون الخوض في موضوع سجنه الذي غير مسار حياته ..

لكن أحداث اللص الذي أرق حياة الناس دفع الحاج أحمد للتصريح بنفسه عن بعض ما حدث في سجنه عندما شعر أن فيه فائدة للناس

أو ربما استشعر أنه سبب تسلط اللص على قريته عندما عرفه بها فأراد التكفير عن ذلك.

لم يكن يتصور أن ما جرى على لسان زميله في الزنزانة من زيارته لقريته أصبح كابوسا لم تشهد له القرية مثيلا.

لم تكن مرت سنون كثيرة على أحداث بناء المدرسة التي شهدت دراما مثيرة جعلت أبناء القرية على قلب رجل واحد في الملمات.

بعد أن اشتروا الأرض من التبرعات المستقطعة من قوتهم حدث نزاع لم يكونوا يتوقعوه مع أحد أمهر المحامين الذي يجيد التغلغل داخل ثغرات القانون ولبس الحق بالباطل.

استمر الصراع على قطعة الأرض طويلا بعضه في المحاكم استنزف تبرعات كانت كفيلة ببناء مجمع مدارس وبعض الصراع الآخر كان واقعيا على الأرض منعا لأن يبقى الوضع على ما هو عليه.

استلزم ذلك نوبتجيات حراسة والبناء ليلا والتعامل الجسدي مع البلطجية .

لم تنصفهم الادارة في الأمن والحكم المحلي والمحافظة ولم تأخذ لهم حقهم وتولد لديهم من التجربة خبرات في العمل الجمعي لاسترداد ما يرونه حقهم وبأنفسهم.

صرح الحاج أحمد باسم اللص وأين تسكن أسرته .

اللص يزور القرية كل ليلة يختار بيتا أو أكثر ليسطو عليه حسب ما يتيسر له لا يمنعه وجود أحد بالبيت من اقتحامه واستخدام التهديد بالسلاح لاستلاب ما يريده

بل إنه يقوم أحيانا بتوجيه صفعات لمن في البيت استهانة لتحرزهم من مجيئه إليهم .

ومما أشعل لهيب الغضب عند أهل القرية قيامه بالسطو على بيت عجوز كليلة البصر وصفعها.

سلوك اللص يوحي بأن غرضه ليس السرقة فقط بل كان يلعب ويلهو بأهل القرية .

كان رد رجال الأمن قليلي الرتب على البلاغات الكثيرة المقدمة .. إن أمسكتم به فاقتلوه ..

تقع القرية على أطراف المدينة الوصول إليها لايحتاج إلى مركبة..

لم يعد لها من سمات القرية إلا الاسم..

اختفت الأراضي المزروعة وامتهن أهلها الحرف الأخرى ..

الدور الأرضي لمعظم بيوتها عبارة عن ورش ودكاكين..

استنفرت القرية جميعا للتخلص من الكابوس الذي منع أهلها من النوم ليلا وأثار الفزع والكوابيس عند أطفالهم

............

كان اليوم الدراسي الأول في المدرسة يوم زهو وفخار لأبناء القرية ,فقد كسبوا معركتهم مع المحامي الشهير

ربما كانت قضيته الأولى التي خسرها ثم توالت بعدها خساراته .

لم يكن هدفهم الرئيسي هزيمة المحامي لكنه كان مشروع الحلم لإقامة مدرسة لأبنائهم

وقد نجحوا

بلغ كابوس اللص ذروته . لا حديث بين اثنين من أهالي القرية إلا عنه

نسجت أساطير حوله . لياقته العالية التي تمكنه من القفز مثل الرجل الوطواط

يدخل البيوت من ثقب الباب

أدواته التي يستخدمها ..ملابسه ...حذاءه ...قلبه الميت

راجت تجارة الأقفال المحكمة .. انتعشت حرفة تصليح الأبواب والنوافذ

السكاكين تحت الوسادات ..العصي الغليظة والقضبان الحديدية بجوار الأسرة

خطيب الجمعة دعى الناس للاستغفار والتوبة حتى يرفع البلاء

اجتماعات النسوة أمام عتبات البيوت.. استبدلن الكلام عن المسلسلات التليفزيونية بأحداث اللص الليلة الفائتة

الخبيثات منهن يلمزن أزواجهن ..(وحجتهم إن الحرامي ممكن يطب علينا )

الحاج أحمد هو الوحيد الذي يعرف ملامحه

يفتح ورشته في الصباح الباكر وكأنه كان مستغرقا في النوم..يعمل بهمة ونشاط

يبدو أن الحاج أحمد كان في مأمن من سطو زميله السابق في الزنزانة على بيته

تأثرت معظم الورش وتأخر التسليم للتجار

مجموعات الشباب تجوب الشوارع ليلا تقوم بأعمال العسس

مجموعة منهم رأت من يقفز من أحد البيوت .. انطلقوا على إثره .. كادوا أن يمسكوا به

اختفى قبل أن يرتد إليهم طرفهم

أحداث الاقتراب من الإمساك به أشاعت جوا من الثقة في الاقتراب من نهاية المأساة

اختلف الناس في التوقع هل يعود مرة أخرى

..............

كانت عودته على نحو يصعد من خطورة ما يحدث ونتائجه الكارثية

يبدو أنه يتعمد استعراض قدرته على المراوغة والتخفي

الشباب يعدل خططه العسسية .. التدرب على خطة الكماشة

قال الحاج أحمد إنه يلعب بالنار لابد أنها ستحرقه في النهاية

العبث بأمن الناس ليس مجالا للعب

القلوب تتميز من الغيظ ..كلهم يمنى نفسه بالفتك به

تعددت الرؤية ونجح الفرار ..وازداد الإصرار على كتابة النهاية

أحكمت خطة الكماشة ..فر من مجموعة ليجد الأخرى في مقابله

أخرج سكينا وهوش به في الهواء ليفتح ثغرة ..

لم يتزحزح الشباب وزادوا الإطباق عليه

أصاب أحدهم في ذراعه وانهمر الدم

تعددت الأذرع حوله وثبتوه ..

أخرج من جيبه أقراص وألقاها في جوفه

لم يتأوه بعدها أبدا..

علقوه كما تعلق الذبيحة

ضربوه بكل شئ

كان أكثرهم خوفا أشدهم ضربا

لم يعرف عن أهل القرية مثل تلك القسوة

بعد أن انتهوا منه ..ظهرت بوادر لوم مستتر

قال الضاربون هذا حد الله في الحرابة

دار نقاش خفيض الصوت عن دور ولي الأمر

قال الحاج أحمد أريحوا ضمائركم وانعموا بالأمن الذي فقدتوه

في صبيحة تلك الليلة والليالي التالية ..

استلقت فرش الأسرة على أسطح المنازل

تاركة لأشعة الشمس فرصة امتصاص عرق الرجال

كان تقرير الوفاة

هبوط حاد في الدور ة الدموية نتيجة تناول كمية كبيرة من الحبوب المخدرة .

تمت بحمد الله

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

:sad: -_- الأخ فولان بن علان

شكرا لك لأتاحة الفرصة لي لقراءه هذا العمل الرائع اللي للأسف لم أره غير الأن

تحيه من زميل لك لابعرفك شخصيا ولكنه ارتبط بك أدبيا

فإلي المزيد

ththbb1a6b24.gif

أستعين بالصبر عند مواجهة نفاذ صبرك

مثل صيني

رباعيات الغربه

رابط هذا التعليق
شارك

:roseop: :roseop: الأخ فولان بن علان

شكرا لك لأتاحة الفرصة لي لقراءه هذا العمل الرائع اللي للأسف لم أره غير الأن

تحيه من زميل لك لابعرفك شخصيا ولكنه ارتبط بك أدبيا

فإلي المزيد

أهلا بك أخي الكريم

أتشرف بمعرفتك والتواصل معك

وجودك يزين صفحات دفتري

أشكرك

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

وجبه دسمه....هذه هي التي بين أيدينا هنا!!

اعرف ان تعليقي مجروح و لا يناسب ابداعك و لكن هذا مـ اشعر به بعد قراءة متصفحك الاكثر من رائع

البساطة والرشاقة المغلفه بـ وعي شديد تحسد عليه والخيال الذي يتتابع صوراً كـ تدافع سلس إلى هدفه..كل ذلك يرسم في هذه النصوص مشاهد

سينمائيه غايه في الحنكه و التمكن للوصول بنا إلى الأبعد والأقصى ،

أ/ فـلان ...

اشد على يدك اعجاباً يليق بك

مودتي

البحـر هـاج ،،،،

والـروح بتتحـدى الغـرق

وانا لسـه ضـامم شـكوتي

ومعـبي فـ جـرابي الحسـاب

شـايل على اكـتافي الضمير

وفي إيدي تصـريح الذهـاب

رابط هذا التعليق
شارك

وجبه دسمه....هذه هي التي بين أيدينا هنا!!

اعرف ان تعليقي مجروح و لا يناسب ابداعك و لكن هذا مـ اشعر به بعد قراءة متصفحك الاكثر من رائع

البساطة والرشاقة المغلفه بـ وعي شديد تحسد عليه والخيال الذي يتتابع صوراً كـ تدافع سلس إلى هدفه..كل ذلك يرسم في هذه النصوص مشاهد

سينمائيه غايه في الحنكه و التمكن للوصول بنا إلى الأبعد والأقصى ،

أ/ فـلان ...

اشد على يدك اعجاباً يليق بك

مودتي

شهادة المبدعين على قدر أنها مخيفة

فلها مكانتها

شهادتك عزيزي أشرف حسين

انفردت لها سالفتي

الدفتر توهج بوجودك

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 سنة...

زوال

حمدان أخو الخرسا

مالت معظم آراء الناس إلى اعتبار ما حدث لحمدان جزاء دنيوي معجل ..لكن البعض رآه محاولة من حمدان للتطهر على افتراض إمكانه الفرار من النار لكنه تباطأ أو استسلم..اشتعلت النار سريعا وملأت أرجاء المبنى ساعد في ذلك وجود المواد سريعة الاشتعال المستخدمة في دهان الأثاث..طيلة حياته وهو يقوم بنفس العمل .. الجملاكة الصلبة تحتاج إلى تسخين حتى تصبح صالحة للاستعمال ..كل أركان الورشة تتناثر فيها صفائح تحتوى على مواد قابلة للاشتعال.. فكرة انتحاره لم ترد على ذهن أحد من الناس..إنه رجل مصلي ..صحيح أنه لا يذهب للمسجد إلا في رمضان.. إلا أنه لا غبار عليه في أخلاقه ..(كافي خيره شره) شخص مسالم هادئ الطبع خفيض الصوت متقن لعمله ..صنايعي استرجي ..جسمه أقرب إلى الضآلة ..شعره أسود فاحم منساب يدرجه للخلف وجهه أقرب للوسامة خمري اللون مشوب بعلامات الكد..مهندم الثياب ..السيجارة لاتفارق شفتيه ليس له تواجد على مقاعد المقاهي ولا الغرز.. تقريبا ليس له أصدقاء متفرغ لعمله واسرته ..كان يراه الناس شهما يتولى رعاية أمه وأخواته حتى مضى عمره إلى الحدث الفاصل الذي قلب الأوضاع

..اعتاد حمدان على تعريفه بحمدان أخو الخرسا ولم يعد يجد في ذلك أية غضاضة ..كانت أخته نجية الخرساء الأكثر شهرة وإليها تنسب العائلة وينسب البيت

نجية الخرسا

اختلفت الروايات عن سبب خرسها..قيل أنها سقطت في الحمام المظلم ليلا..وقيل أنها ضربت على رأسها.. ليست هناك رواية جازمة عن السبب وعن الزمن الذي بدا فيه الخرس..لكن الخرس لم يمنعها من التجاوب مع عموم الناس ..كانت تستخدم لغة خاصة مزيج من بعض الكلمات المبهمة و الإشارات الفطرية والتعبيرات التلقائية يفهمها جيدا كثير من الذين اعتادوا على مخاطبتها ..الكل تقريبا يحب نجية ..لا تمر في طريق إلا وينادي عليها المارة..أحيانا تتجاوب بإيماءة رأس أو إشارة يد أو سلام رجالة وخاصة أصحاب الأيادي السخية.. وأحيانا تنصرف دون اكتراث لمن تشعر أنه يريد بها سخرية.. هي لا تسأل أحدا تقبل فقط ما يعرض عليها .. تجيد التواصل أكثر من أخواتها ..اشتهرت نجية صاحبة أعلى وأطول زغرودة في الأفراح رغم خرسها وتلك كانت وسيلة استرزاق فقد كانت تدعى للأفراح ويجزل لها العطاء من أجل أن تستمر في رفع الزغاريد وتمطيطها ..اشتهرت نجية أيضا أنها عفية يتجنب الناس الإساءة لها عن قرب لأنهم يعلمون ما سيحدث لهم واسألوا أم أحمد سكر جارتهم التي اشتبكت مع أختها بهية يوما فلما قدمت الخرسا من بعيد اندفعت ممسكة بشعر أم أحمد سكر ولم تتركه حتى نظفت الشارع بجسدها ..وعافيتها تستخدمها في الاسترزاق النوعي في المساعدة في تنفيض البيوت وغسل السجاجيد قبل الأعياد والمواسم وفي أحد تلك البيوت كان سقوطها على الرأس من أعلى السلم

سنية أخت الخرسا

أفلتت من الوضع البائس مبكرا بزواجها من المعلم خليل..لا تظهر في المشهد كثيرا مشغولة ببيتها واولادها.. تعلم جيدا ما يدور على ألسنة الناس ..الناس لا تري إلا الظاهر..يرون أختها بهية مرافقة لزوجها المعلم خليل .. سامحهم الله ألا يرونهما في الطرقات العامة على أعين المارة ..الناس يحبون الخوض في أعراض بعضهم ..صحيح بهية أجمل منها واصغر وأنها قدمت في الزواج لأنها الكبرى .. يقولون لو كان الشرع يسمح بالجمع بين الأختين لفعلها خليل وما أدراهم ؟؟!!..

بهية أخت الخرسا

أخذت من الجمال نصيبا ومن الحظ القليل.. صاحبة الأمر والتدبير في البيت شديد التواضع ..تستلم الأجر الأسبوعي من حمدان وتجمع ما تسترزقه الخرسا وتسعى لاستكمال الباقي من المعلم خليل قياما لأود العائلة وتوفيرا لدواء لأمها ..مات الأب وهم أطفال ذاقوا اليتم ومعه جحود فروع العائلة الميسورين.. لا تهتم كثيرا عما يقال عنها والمعلم خليل ..ناس فاضية..لا وقت لديها ولا رغبة في تحسين مظهرها أكسبها الجد الدائم خشونة الرجال ..من ذا الذي يقدم على طلبها للزواج في مثل ظروفهم .

لم تعد تحدثها نفسها عن الرغبة في الزواج.

سامية (جارة الخرسا)

لماذا لا يتركوني في حالي..لم أطلب من أحد مساعدة .. لم أسعى للزواج بعد موت زوجي ..آليت على نفسي تربية أولادي وتعليمهم ..طلبت من شريك زوجي أن لا يأتي إلى شقتنا ليعطيني نصيبي في أرباح محل الأحذية الذي ورثته عن زوجي .. رموني بالباطل ولم يسكتوا عني عندما كنت أذهب إليه في المحل .. ما الذي يريدونه مني .. رددت حمدان كثيرا رغم إلحاحه بالزواج مني ..أرسل إلي يستعطفني .. بدأت ألين ولكن كيف وقد رفضت زيجات أفضل كثيرا .. حمدان لا يمتلك شيئا من حطام الدنيا سوى ذكورته ..لن يستطيع توفير شئ ما دام ينفق كل ما يكسبه على أمه وأخواته .. لا أريد زيادة الأعباء علي يكفيني أولادي .. اشترط عليه وهو حر لم أجبره .. ارتضى شروطي رغم قسوتها ..يروني الناس متجبرة وأنا مسكينة أريد رعاية أولادي.. أريد رفع شأنهم ..إن كان يريد مواصلة ارتباطه مع عائلته فلا حاجة لي فيه .. وليعلم أنني لن ألين .. وإن قبل فليس له إلا ما تعطيه المرأة للرجل

لا يظن أنه سيصبح صاحب بيت ..هو زائر إن رضي بشروطي وإلا فليرجع من حيث أتى إلى بيت الخرسا .. يفصل بين بيتي وبيتهم خمسة بيوت ..هناك شارع يمكن أن يصل إلي بيتنا مباشرة دون المرور أمام بيت الخرسا حتى لا يلين قلبه ’ وإن علمت أنه مر من أمامهم فلن ينال مني حتى يلبي شروطي التي وافق عليها طائعا.

حمدان (زوج سامية) أخو الخرسا سابقا

أليس لي حقوق كإنسان ..يقولون أنني جحدت أمي وأخواتي وأصبحت زوج الست.. أعلم أن شروطها قاسية ولكنها لابد ستلين مع الوقت ..لا أجد زوجة أنسب من سامية

بيتها جاهز لا ينقصه شئ كما لو كان جهاز عروسة جديد .. رغم انهماكها مع أولادها إلا أن أنوثتها طاغية بياضها واكتنازها يدفعاني للقبول ..هل يريدوني مني أن أترهبن طيلة حياتي ..جميع رفقائي السابقين من الجيران ينامون في أحضان زوجاتهم وأن أجلس على عتبة البيت أنفث دخان السجائر الملعونة وأستمر في الشرود وتخيل المستحيل ..الأشقياء يدعون التعب صباحا وهم يحملون أطفالهم ذاهبين لتطعيمهم .. يا له من حلم بعيد ..هل أحمل يوما إبني حتى وإن أصيب بالإسهال والحمي .. أنا محروم حتى من القلق والعطف على الصغار..ربما أبدو نذلا لكنني سأصحح الأوضاع فيما بعد ..

سامية(زوجة حمدان)

أغدقت عليه بسخاء ..رويته من نهر الحياة ..كنت حواء حين تواري قوتها وكان آدم البدائي ..استخلصته لنفسي وسقيته من رحيقي....ضبطت مواقيته فكان يدق في المواعيد المحددة ..غمرته بخمري فسكر حتى الثمالة ونسى ما كان منه وما كان فيه’

يقولون عني مفترية وخطفت الرجل من أهله ..لا بل أتاني طائعا طالبا القربى وقبلته بعد تردد ..مددت إليه حبلي فوقع في بئري..لم يسألني لينا ولا تخفيفا من شروطي..أيقن أنه سيخرج من جنتي إن فعل..علمتني الدنيا أن أحكم القبض على ما أريد .. أمنحه وهو في القيد .. أعتقد أنني وفيت بما عهدت وهو يدور حولي ولا يسأل فكاكاً

حمدان (الزوج)

أي نهر من العسل هذا الذي أسبح فيه.. أخيراً رأيت وجها لهذه الدنيا غير البؤس أصبحت أعطي وآخذ أكثر..الليل أصبح أحب الأوقات إلي بعد ما كنت ألعنه وأحرقه مع السيجارة .. أصبح للنظام معنى وللطعام مذاق وللعودة إلى البيت هدف..لا أريد أن أشغل راسي بما سيكون ..دعوني استمتع بما أنا فيه ..أنا سابح في العسل..لا يصل اللوم إلى أذني ..ولا أشغل بالي بما كان ..لا أرى ضررا في عدم اقتنائي لمفتاح الشقة ..ولا يهمني أن يكون لي سلطان على الأولاد فليسوا أولادي ..وهذه السيدة لديها خبرة في المعيشة منفردة ..ما الضير أن أكون ما أريد وأتركها تنظم حياتي ..التدخين خارج البيت ولو استطعت الإقلاع عنه فذلك أفضل لصحتي

أكيد ستسعد أمي بسعادتي ..وإن كنت لن أراها ..ستعذرني أعلم ذلك ..والآن دعوني فما زال سريان العسل يعمني

بهية (أخت حمدان)

لعنة الله عليها تلك الأفاقة ..سحرته واستخلصته لنفسها دوننا .. أنسته أهله وبيته الذي تربى فيه.. فضلها على أمه..ألم تعلم أن من لا خير فيه لأهله لا خير فيه لأحد آخر..مسكين حمدان يقابلنى في الخفاء كما لو كان يسرق ..سيفيق يوما ما ويعلم أنه مسحور.. تستنزفه ثم تلقيه في الشارع دون رحمة ..نزعت الرحمة من قلبها..ستجد جزاء ما تفعل ..ولتعلم أن الله يخلف ..انهالت علينا الأيادي السخية بعدما خطفت أخانا

انتقلنا لبيت أفضل بعيد عن شارعها.. مازالت أمي تدعو له وتدعو عليها..صحتها في التدهور ..مالي أحمل كل ذلك فوق رأسي ..وأتعرض لكلام الناس الظالم ..يقولون أني طلبت من خليل أن يطلق أختي ليتزوجني ..هو رجل شهم معنا لو كان لي زوج مثله ما أقساها تلك الحياة

سامية (أم سمير)

اكتملت رسالتي في الحياة ..تخرج ابني من الحقوق ..لن ارتاح حتى يفتتح مكتبا ويصبح الأستاذ المحامي ..نجحت في تعليمهم هو وأخته ..زوجت البنت زيجة محترمة ..نسب يشرف ..ترى لو كانت عائلة الخرسا في المشهد هل كان هذا الزواج يتم على النحو الذي أرتضيه .. هذا فقط لتعلموا كم كنت محقة فيما فعلت.. لست هذه الشريرة التي يسبونها ويدعون عليها.. ألا تعرفون كم قاسيت عندما قبلت أن أحمل من حمدان ..استعطافه وإلحاحه اضطرني مرغمة ..وما ذنبي أن الحمل سقط ..لن أعيد هذه التجربة مرة أخرى أبدا ..الأسى في عينيه ..تغير حمدان بعدها ..صار حلمه بحمل طفل من صلبه غير قابل للتحقيق..خروجه للتدخين كثر..أصبح يجلس شاردا على عتبة الباب ينفخ دخان السجائر رافعا وجهه لأعلى ..أعلم ما سيرد على ذهنك أيها الكاتب فقد قدمت لقصتك باسم زوال ..ستقول أن كل شئ مصيره للزوال ..يالا سطحية فكرتك ..تنحاز ضدي وتشوه صورتي أما م قراءك.. ستقول أيضا ما أصاب عيني من ضعف وفشل العملية التي أجريتها بسبب ظلمي لعائلة الخرسا ودعاءهم علي هذا غير حقيقي هم أيضا أصابتهم الأمراض ليسوا ملائكة ..انظر إلى أولادي كيف ربيتهم على الأدب والأخلاق والنظافة والنظام وتعليمهم العالي ..وهل كنت تريدني أن ألين وأصلهم وهم لا هم لهم إلا الإساءة إلي وتأليب الناس علي ..وفيت لحمدان بما وعدته هو الذي خادعني قبل بشروطي ثم حاول التملص منها ولكن هيهات ..لن أسمح له بحمل مفتاح الشقة مهما طالت سنوات زواجنا

حمدان (...........)

لم يعد التراجع ممكناً ..تعودت على النظافة والحياة اللينة ..حتى بعد انهيار حلم الأبوة الذي كسر ظهري..

ما يسري عني هو حسن معاملة أبناء سامية لي ..صحيح أنني لا أتدخل في حياتهم أبدا ولا شأن لي باختياراتهم إلا أنهم وشهادة حق يعاملونني بكل احترام رغم ما يرونه من دونية وضعي ..تيتموا مبكرا مثلي ..أحسنت أمهم تربيتهم حقا ..

النهر ضاق مساره تدريجيا ..بدأ الظمأ يتسلل إلى روحي .. والخطو إلى أي طريق سيان ..لايمكن أن تستمر الشمس في كبد السماء لابد أن تزول ناحية الغرب وعندما يسرق الليل ضوء النهار ويخبئه تحت جناحيه يصبح الليل سجنا كبيرا ونحن معتقلون

أمي تود رؤيتي تقول هنية أنها في النزع الأخير ..تشدد هنية على ذلك أعلم أنها تغير من سامية غيرة عمياء وتكرهها كرها يكفي قبيلة .. هل تود هدم زواجي هي تعلم استحالة هذه الزيارة..ولكن ماذا لو كان ما تقول حقيقة.. هل يمكن أن أسامح نفسي بعدها ..لابد من ترتيب الأمر والتمهيد للزيارة ..ولكن ما هو المدخل لسامية ..بالتأكيد تعلم أن هنية تأتي إلي في الورشة ..أصبحت تردد كثيرا أختك قالت أختك عملت ..كذابة .. كان ردها بدون تفكير هي لا تريد بنا إلا شرا تلك العانس .. أوضاعهم أصبحت أحسن منا فليتركونا وشأننا..عزمت على زيارة أمي وليكن ما يكون..

عندما نادى الناعي ..انهد كوني .. تأخرت ..تأخرت دهرا

طلبت سامية مني أن أحضر الجنازة لم أستطع.

.....................

بعد أن أطفئت النيران المشتعلة في الورشة وجدوه في مكانه لم يخطو خطوة واحدة ناحية الباب ..يرحمه الله

وقولوا للناس حسنا

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 2
      مالك ياعم فولان مش عارف تكتب ليه وقلمك فاضي كمان قلبك موجوع راسك مصدوع والفكر منك فلتان شفلك غنيوة ولا حكيوة اكتب قفشة انكش نكشة ارسم رسمة اعمل منظر حاول فكر ولا أقولك امسح اسمك ادلق حبرك اقفل بقك اسكت خالص هس تمام
    • 0
      فولان غير فلان فولان منسوب للفول والفول يأكله المصريون البسطاء فولان مصري بسيط يأكل الفول وفولان منسوب للحمق أو يدعي أنه أحمق فولان مصري بسيط يأكل الفول أحمق أو يدعي أنه أحمق وفولان منسوب لفلان يعني الشخص المجهول الذي لا يأبه له مدفوع بالأبواب غير مرحب به فولان مصري بسيط أحمق أو يدعي أنه أحمق مجهول مدفوع بالأبواب لا يأبه له غير مرحب به وفولان منسوب للأخطاء فولان مصري بسيط يأكل الفول أحمق أو يدعي أنه أحمق مجهول مدفوع بالأبواب لا يأبه له غير مرحب به كثير الأخطاء وفولان منسوب للتمام فول
×
×
  • أضف...