اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

اعتداء تحت ذرائع زائفة


Recommended Posts

اعتداء تحت ذرائع زائفة

بقلم : أ. إسماعيل هنية

في الوقت الذي يحتفل فيه الأميركيون بعيد استقلالهم نحاصر نحن الفلسطينيين مرة أخرى من قبل محتلينا، الذين دمروا طرقنا ومبانينا ومحطات الكهرباء والماء الخاصة بنا، وهاجموا أساسيات إدارتنا المدنية. كذلك قصفت بيوتنا ومكاتبنا الحكومية وأخذ نواب برلماننا إلى السجن حيث أصبحوا تحت تهديد المحاكمة.

ويمكن القول إن الغزو الحالي لغزة ليس آخر جهد لتدمير نتائج الانتخابات النزيهة التي جرت في بداية السنة. إنها ضمن حلقة استمرت منذ خمسة أشهر من الحرب الاقتصادية والدبلوماسية قادتها الولايات المتحدة وإسرائيل. والهدف من ذلك هو إجبار الناخب الفلسطيني على أن يعيد النظر بتصويته حينما يواجه بوضع اقتصادي صعب، لكن هذه الحرب عرفت الفشل. وكان متوقعا أن يبدأ اعتداء عسكري جديد لفرض عقاب جماعي، باعتباره النتيجة المنطقية لهذه السياسة. ولم يكن اختطاف الرقيب الإسرائيلي «جلعاد شاليت» سوى ذريعة لمخطط كان موجودا منذ أشهر.

فإضافة إلى إزالة حكومتنا المنتخبة بشكل ديمقراطي، تريد إسرائيل أن تزرع بذور الشقاق بين الفلسطينيين، عن طريق الزعم بأن هناك تنافسا حقيقيا على الزعامة بيننا. وأنا مجبر لطرح هذه الفكرة بشكل قطعي. وترتبط الزعامة الفلسطينية بقوة بمفهوم الشورى. ويكفي القول انه بينما يمكن ان تكون لدينا آراء مختلفة، فنحن موحدون في الاحترام المتبادل والتركيز على هدف خدمة شعبنا. وفضلا عن ذلك يقصد من احتلال غزة واختطاف زعمائنا ومسؤولي حكومتنا تقويض الاتفاقات الخيرة التي جرى التوصل اليها من جانب الحكومة واشقائنا وشقيقاتنا في فتح والأطراف الأخرى، حول تحقيق اجماع لحل النزاع. غير ان العقاب الجماعي الاسرائيلي لن يؤدي الا الى تعزيز عزمنا الجماعي على العمل معا.

وبينما افتش في بقايا بنيتنا التحتية، حيث تحول الجزء الأكبر من مساعي الجهات المانحة الى ركام مرة اخرى بطائرات أف 16 وصواريخ من صنع اميركي، فإن افكاري تتحول مرة اخرى نحو عقول الأميركيين. ماذا يعتقدون بشأن هذا؟

لا ريب انهم يفكرون بالجندي الرهينة الذي اختطف اثناء المعارك، غير ان آلاف الفلسطينيين، وبينهم المئات من النساء والأطفال، يبقون في السجون الاسرائيلية لمقاومتهم الاحتلال المستمر غير المشروع الذي يدينه القانون الدولي. انهم يفكرون بجرأة و«صرامة» اسرائيل و«وقوفها» بوجه «الارهابيين». غير أن اسرائيل النووية لديها القوة العسكرية الكبرى الـ13 في العالم، وهي قوة تستخدم لحكم منطقة يقرب حجمها من حجم نيوجيرسي والتي لا يمتلك خصومها هناك قوات مسلحة تقليدية. فمن هو المستضعف، المفضل التقليدي لدى اميركا افتراضا، في هذه الحالة؟

آمل ان يفكر الأميركيون على نحو دقيق ومطلع لمعرفة جذور الاسباب والوقائع التاريخية، حيث في هذه الحالة اعتقد أنهم سيتساءلون عن السبب الذي جعل دولة «مشروعة» افتراضا مثل اسرائيل تدير حربا تمتد عقودا ضد سكان لاجئين بدون ان تحقق اهدافها.

ان تحركات اسرائيل الفردية في العام الماضي لن تؤدي للسلام. فهذه التصرفات ـ الانسحاب المؤقت من غزة، واقامة حائط حول الضفة الغربية ـ ليست خطوات نحو الحل ولكنها تصرفات رمزية فارغة تفشل في مواجهة النزاع الحقيقي. ان سيطرة اسرائيل الكاملة تقريبا على حياة الفلسطينيين ليست مثار شك، كما اكدتها المعاناة الانسانية والاقتصادية للفلسطينيين منذ انتخابات شهر يناير. وسياسات اسرائيل التوسعية والسيطرة العسكرية تسخر من أي فكرة للسيادة او التعاون. و«الحاجز الانفصالي» الذي يمر عبر اراضينا، هو اشارة للنوايا الحسنة نحو التعايش المستقبلي.

ولكن هناك علاجا لهذا الامر، وإن كان ليس سهلا، فهو يتماشى مع معتقداتنا. تشمل الاولويات الفلسطينية الاعتراف بالنزاع الاساسي بخصوص اراضي فلسطين التاريخية وحق شعبها، وحل قضية لاجئي 1948، واستعادة كل الاراضي المحتلة في عام 1967، ووقف الهجمات الاسرائيلية والاغتيالات والتوسع العسكري. وعلى العكس من التصور الشعبي للازمة في وسائل الاعلام الاميركية، فالخلاف ليس بخصوص غزة والضفة الغربية، بل هو نزاع وطني واسع النطاق يمكن حله فقط عن طريق مواجهة كل ابعاد الحقوق الفلسطينية بطريقة متكاملة. ويعني ذلك اقامة الدولة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها في القدس الشرقية العربية، وحل قضية لاجئي 1948 بطريقة عادلة، على اسس الشرعية الدولية والقانون السائد. ويمكن ان تنطلق المفاوضات مع اسرائيل غير توسعية ملتزمة بالقانون فقط بعد بداية هذا الجهد الهائل. ومما لا شك فيه ان الشعب الاميركي يشعر بالقلق من هذه الحماقة، فبعد 50 سنة و160 مليار دولار من دعم دافعي الضرائب، فلا بد ان بعض الاميركيين قد سألوا انفسهم عما اذا كانت كل هذه الدماء الثروات لا يمكن ان تحقق نتائج ملموسة للشعب الفلسطيني اذا ما كانت السياسة الاميركية مقامة من البداية على حقائق تاريخية، والمساواة والعدل.

لكننا لا نريد ان نعيش على المساعدات الدولية والمنح الاميركية. نحن نريد ما يتمتع به الاميركيون ـ الحقوق الديمقراطية والسيادة الاقتصادية والعدل. كنا نعتقد ان اجراءنا لأكثر الانتخابات نزاهة في العالم العربي ستجد قبولا من الولايات المتحدة ومواطنيها، إلا ان حكومتنا قوبلت منذ البداية بأعمال تنم بوضوح عن نوايا العرقلة من جانب البيت الابيض. هذا العدوان يتواصل الآن ضد 3.9 مليون مدني يعيشون في اكبر معسكر حبس في العالم. رضا اميركا ازاء جرائم الحرب هذه جاء، كما جرت العادة، في ثنايا اعطائها الضوء الأخضر ضمنيا عندما قالت ان «لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها». ترى، هل كانت اسرائيل تدافع عن نفسها عندما قتلت ثمانية اشخاص من اسرة واحدة في ساحل غزة الشهر الماضي وثلاثة من أفراد اسرة حجاج يوم السبت من بينهم روان ذات الست سنوات؟ لا أزال غير مصدق ان هذا النوع من اللاانسانية يجد قبولا لدى الشعب الاميركي.

نود هنا ان نطرح رسالة واضحة: ان اسرائيل اذا كانت لن تسمح للفلسطينيين بالعيش في سلام وكرامة ووحدة وطنية، لن يستطيع الاسرائيليون التمتع بهذه الحقوق. وفي نفس الوقت، حقنا في الدفاع عن انفسنا في مواجهة جنود الاحتلال والعدوان مسألة قانون، كما هو وارد في ميثاق جنيف الرابع. اما اذا كانت اسرائيل على استعداد للتفاوض بجدية وإنصاف وعملت على حل قضايا 1948 الرئيسية، بدلا من القضايا الثانوية من 1967، فإن التوصل الى سلام عادل ودائم سيصبح امرا ممكنا. وبناء على الهدنة، لا تزال هناك فرصة لأن تكون امام الأرض المقدسة فرصة للعيش في سلام واستقرار اقتصادي لكل أهل المنطقة الساميين. اذا عرف الاميركيون الحقيقة، فإن الاحتمال ربما يصبح واقعا.

*رئيس الوزراء الفلسطيني

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...