اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

اهتمامات النظم المتحضرة....3- كيف يحاسبون الأطباء المخطئين,


محمود تركى

Recommended Posts

اهتمامات النظم المتحضرة....3- كيف يحاسبون الأطباء المخطئين,

القراء الأعزاء,

قبل أن أشرح الإجراءات المتبعة لمحاسبة المخطئين, يلزم أن أتحدث بإيجاز, عن القوانين التى تحكم هذه الحالات.

فرغم أنه توجد هنا( فى أستراليا) قوانين تشريعية ( أى وضعية), تحدد واجبات كل من تلك الفئات التى سأتحدث عنها, و مسئوليات كل منها, إلا أن بعض القوانين التى تؤدى فى النهاية إلى تعويض ضحية الخطأ عن الضرر الذى وقع عليه ليست دائما قوانين وضعية, من صنع البرلمان, بل قوانين تطورت عبر الزمن, من أحكام المحاكم, كسوابق أصبح لها حكم القانون فى بريطانيا , وورثتها أستراليا بحكم كونها مستعمرة بريطانية سابقة.

و توجد أحكام التعويض عن الضرر الناشئ من الخطأ فى قانون إسمه Law of Torts,أى قانون الأخطاء المدنية,

وهو جزء كبير من القانون الذى يسمى تسمية خاطئة فى كتب القانون المنشورة باللغة العربية لكونه مستمدا أصلا من الأعراف البريطانية القديمة,

لهذا تم تعريب كلمة Common Law, بكلمة "القانون العرفى الإنجليزى",

فى حين أن الأصل هو وصفه بأنه :( القانون الذى يطبق على عموم الشعب الإنجليزى).

و الجزء الخاص من قانون Law of Torts, الذى يحكم حلات التعويض عن الضرر الناشئ عن الخطأ, و يسمى Negligence Liability , أى المسئولية الناجمة عن الإهمال, يتطلب توافر ثلاثة عناصر, لأثبات تواجد تلك المسئولية :

1- أن يكون المُدعى عليه ملتزما للمدعى بواجب الرعاية

2- أن يثبت إخلال المُدعى عليه بهذا الإلتزام

3- أن يؤدى هذا الإخلال بالالتزام, إلى إلحاق ضرر مادى أو معنوى للمدعى. يستوجب التعويض, بواسطة المدعى عليه.

و هنا يجب أن أنوه أن كلمة Damages تختلف عن كلمة Damage, فالأولى تعنى " التعويض", و الثانية تعنى " الضرر", و ذلك حتى لا يحدث لبس بينهما فى المستقبل, عند الإشارة إلى أى منهما.

1. و سأبدأ بالفئة الأولى:

محاسبة الأطباء المخطئين:

ينضم الأطباء فى أستراليا, كما فى كل بلاد العالم, إلى نقابة تتولى مهمة رعاية حقوقهم, و الدفاع عنهم فى حالة المساءلة.و أهم مشكلة من مشاكل الأطباء, هى المساءلة عن الأخطار التى يمكن أن تصيب المريض الذى يعالجه الطبيب.

و يمكن تقسيم هذه الأخطار إلى قسمين:

1- الأول, الأخطار الناجمة عن سوء التشخيص,

و يرجع هذا إلى أنه توجد حالات يكون التشخيص فيها مشابها لتشخيص حالات أخرى, و هنا يقوم الطبيب باختيار التشخيص الذى " يعتقد أنه صواب" بمعايير العلوم الطبية.و لكن هذا التشخيص يجب أن يكون مُقنعا, و مبنيا على الكشف الطبى, و الأساليب المعاونة, مثل الأشعات, و الفحوص المعملية... الخ.

متى قام الطبيب بهذه الفحوص و التحليلات, و الأشعات, و توصل بناءا عليها إلى تشخيص الحالة المرضية, فإن أية خطورة تترتب على هذا التشخيص قد يكون لها سبب آخر غير الإهمال.فإذا اشتكى مريض لنقابة الأطباء, لأن حالته لم تتحسن, بل ساءت, بعد تطبيق العلاج, فإن النقابة تتولى التحقيق فى هذه الشكوى,

و عادة لا يقوم الشاكى برفع قضية جنائية أو مدنية, قبل التقدم بشكوى للنقابة. و ذلك لارتفاع تكاليف التقاضى فى معظم الدول المتقدمة.و إذا اقتنعت النقابة أن الطبيب قد خانه التوفيق لسبب من الأسباب, و لكن ليس بسبب الإهمال, فإن النقابة ستتولى تعويض المريض, من صندوق التأمين الذى يموله كل أعضاء النقابة.

أما إذا كان تدهور حالة المريض نتيجة ماشرة لإهمال الطبيب, فسوف توقع النقابة عقوبة مادية عليه, تتفق مع درجة الإهمال, و خطورة الضرر الذى وقع على المريض, و الذى يصبح فى هذه الحالة موجبا للتعويض.هنا,, يحق, بعد إدانة الطبيب بواسطة النقابة, أن يرفع الشاكى قضية تعويض ضد الطبيب, الذى ستقوم النقابة فى نفس الوقت بتدبير دفاع مناسب له, بعد أيداع أسباب اقتناعها بأن الطبيب كان مهملا, مع تقدير درجة الإهمال من وجهة النظر الطبية البحتة.

و فى بعض حالات الوفاة , التى يكون واضحا فيها إهمال جسيم من قبل الطبيب, فإن من حق المريض أو ورثته التقدم بطلب للنائب العام بالتحقيق فى الأمر, و إحالة الطبيب إلى محاكمة, متى تواجدت أدلة على وجود " إهمال جسيم" بعد صدور حكم يثبت إهماله, من " محكمة الطب الشرعى". فى مثل هذه الحالات, قد توقع المحكمة عقوبات تتراوح ما بين الغرامة المالية, أو الحبس, مع إلغاء ترخيص الطبيب لمزاولة المهنة, لمدة معينة, أو بصفة مستديمة.

2- الضرر الناتج عن عيوب فى الأجهزة الطبية, و التى لا يعلم بها الطبيب.

فى هذه الحالة, لا يكون الطبيب مسئولا, بل تقع المسئولية على عاتق الجهة التى تقوم بصيانة هذه الأجهزة, أو المستشفى أو المستوصف, أو المعمل, الذى يتم فيه استعمال هذه الأجهزة.و الضرر نتيجة فشل فى الإجهزة, يتحمل مسئوليته الجهات التى تتولى تشغيلها, و التى عادة تكون مؤمنا عليها بملايين الدولارات.و

فى مثل هذه الحالات, لا يتم مساءلة الطبيب عن الضرر الذى حدث, حيث لم يشارك فيه عمدا, أو عن طريق الإهمال.و لكن أخطاء الطبيب الخارجة عن قواعد المهنة, مثل هتك عرض مريض أو مريضة, أو اغتصابها, فهذا يعتبر جريمة تختص بها النيابة العامة, و يحال فيها الطبيب إلى المحكمة الجنائية المناسبة لخطورة هذه التهمة, و فى هذه الحالة, قد توفر النقابة قدرمن الدفاع, و لكن هذا يكون عادة بعد التحقيق الداخلى مع الطبيب, فإذا اقتنعت النقابة بجرمه, فإنها تترك الأمر برمته فى أيدى المحاكم.

الموضوع التالى سيكون عن محاسبة المدرسين عن سلوكهم إذا كان غير سوى

تقبلوا التحية..

مع تحيات محمود تركى..... "متفرج" سابقا

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 11 شهور...

تقوم في مصر الآن مراجعات تشريعية. ، ربما يكون هذا الموضوع ملائما لإعادة القراءة

ما سبق كان إستهلالا لابد منه

أنتهز هذه الفرصة لأدعوكم لإعادة إكتشاف كتابات الفاضل محمود تركي ( متفرج سابقا ) إنها كتابات راقية أحمد الله أن صالوننا الثقافي - محاورات المصريين - قد حظي بها.

مواطنين لا متفرجين


رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...