الاناركية و الشيوعية الثورية تحت المجهر

[elzahraa]

الاناركية و الشيوعية الثورية تحت الجهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اثناء تصفحي للارشيف وجدت هذا الموضوع القيم

شيوعى - اشتراكى - يسارى - هل هناك فرق؟

http://www.egyptiantalks.org/invb/index.php?showtopic=2246&st=0

اللي كان بيكلم عن الشيوعية واليساروكان معظم الاعتراض على مركزية النظام الشيوعي

عايزين النهاردة نعيد الكلام عن هذا الامر خاصة في ظل نسبة الفقر المرتفعة و نشوف ايه الفكر دا و ما يقدمه لنا وهل يمكن الاستفادة ببعض الاليات او الافكار التي يتضمنها خاصة الفكر الاناركي اللاسلطوي

رجاء خاص للاخوة السلفيين : بلاش تكفير الله يكرمكم كلنا مسلمين الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها

رجاء للاخوة الرأسماليين : الصين اهى لسة موجودة واقتصاد امريكا حيقع خلاص والشيوعية ليست روسيا

رجاء للاخوة محبي الاستقرار : سنناقش فقط الفكر و ملناش دعوة باسقاط الدولة و تفتيت الجيش

اتمنى الموضوع يبعد عن الشخصنة ويناقش الافكار بكل حرية و حبدأ في وضع المقالات بعد شوية

واتمنى ان نتفاعل معا في الموضوع واتمنى ان يقرأ الاعضاء على قدر ما يستطيعون الموضوع القديم ويدخلو على ويكيبديا عشان نستفاد كلنا

وشكرا

[elzahraa]

ودي اول مقالة بتتكلم ليه هم عايزين اصلاح جزري و بيعارضو النظم الحالية (ليا تحفظ على الكلام دا بس مستنية تفاعلكم معه )

و شكرا

لماذا يعارض الأناركيون الحركة الإصلاحية

في البدء , يجب أن نشير إلى أن النضال من أجل الإصلاحات في ظل الرأسمالية شيء و الحركة الإصلاحية شيء آخر . فالحركة الإصلاحية ترى أن الإصلاحات داخل الرأسمالية كافية في حد ذاتها و أن محاولة تغيير النظام هي حد الإستحالة ( كما أنها غير مرغوبة) . و بهذا ستجد جميع الأناركيين ضد هذا الشكل من أشكال الإصلاحية . لأننا نعتقد أن النظام يمكن - بل و يجب - تغييره . و حتى يحدث هذا فإن أي إصلاحات لن تصل إلى جذور المشاكل الإجتماعية .

بالإضافة إلى هذا - و بالأخص في حركة العمال الإشتراكية الديموقراطية القديمة - فإن الإصلاحات تعني الإعتقاد بأن الإصلاحات الإجتماعية يمكن أن تكون وسيلة لتحويل الرأسمالية إلى الإشتراكية . و في هذا السياق يمكن إعتبار الأناركيين الفرديين Individualist anarchists و التبادليين Mutualists , إصلاحيين . . إذ اعتقدوا أن نظامهم المصرفي التبادلي يمكنه إصلاح الرأسمالية و تحويلها إلى نظام تعاوني . لكن على النقيض من الإشتراكية الديموقراطية فإن إعتقاد هؤلاء الأناركيين أن هذه الإصلاحات لا يمكن أن تكون من عمل الحكومة , و لكن تأتي من قبل الناس الين يخلقون بدائلهم و حلولهم الخاصة من خلال تصرفاتهم .

و بذلك فإن الأناركيين يعارضون الحركة الإصلاحية لأنها تسرب بخار الضغط عن الحركة الثورية من خلال توفير حلولا سهلة على المدى القصير لمشاكل إجتماعية عميقة . و في هذا السياق , فإن الإصلاحيين يواجهون الجماهير بما فعلوه قائلين : " أنظروا كل شيء على ما يرام الآن . و النظام يعمل على ما يرام " فقط لتستمر المشكلة في التنامي لأن الإصلاحات لم تتطرق في المقام الأول إليها . . و في هذا السياق نستخدم قياس (ألكسندر بيركمان) Alexander Berkman الممتاز : "

إذا كان ينبغي عليك تنفيذ أفكار (الإصلاحيين) في حياتك الشخصية , فإنه لن يكون عليك خلع السن الفاسد المؤلم مرة واحدة . بل سيكون عليك لخلخته قليلا اليوم ثم قليلا بعد أسبوع . . لمدة شهور أو سنوات عديدة قبل أن تكون على استعداد لخلعها بصورة نهائية خلعا غير مؤلم كثيرا . . هذا هو منطق الإصلاحيين . لا تكن متسرعا لا تخلع السن الفاسد على مرة واحدة على الإطلاق!!!"

[Whatis Communist Anarchism?, p. 53]

لكننا بدلا من هذا نسعى إلى تغيير سبب المشاكل لجذري - بالتحديد النظام القمعي الإستغلالي , الهرمي السلطة - . أما الإصلاحيون فيحاولون تحسين الأعراض . و لا زل الكلام لـ (بيركمان) :

" فلتفترض أن ماسورة مياة قد انفجرت في منزلك , يمكنك أن تضع دلوا تحت مكان الكسر لتلقي الماء المنساب . و تستمر في تغيير الدلاء واحدا بعد الآخر , لكن طالما أنك غير معني بالماسورة المكسورة فإن التسرب سيستمر مهما أقسمت حول هذا الموضوع . . و سيستمر التسرب حتى تتمكن من إصلاح الماسورة الإجتماعية المكسورة . [نفس المرجع السابق . ص : 56 ] .

ما فشلت فيه الحركة الإصلاحية هو إصلاح الأسباب الكامنة وراء المشاكل الحقيقية التي يواجهها المجتمع . لذا تجد الإصلاحيون يحاولون تمرير القوانين التي تقلل من التلوث بدلا من العمل على انهاء النظام الذي يجعل من النشاط الإقتصادي مصدر للتلوث . أو يحاولون تمرير قوانين تحسين ظروف العمل و سلامته , بينما يفشلون في التخلص من عبودية العمل المأجور لأرباب عمل لهم مصالح يخدمها تجاهل تلك القوانين و اللوائح . و القائمة لا تنتهي . و في نهاية المطاف تفشل الحركة الإصلاحية لأن الإصلاحيين " يعتقدون بحسن نية أنه من الممكن القضاء على الشرور الإجتماعية القائمة عن طريق احترام المؤسسات السياسية و الإقتصادية المسببة لهذه الشرور - عمليا على الأقل إن لم يكن نظريا - , فضلا عن الدعامات التي تدعم هذه الشرور . [ إيريكو مالاتيستا . Life and Ideas . ص : 82 ]

الإصلاحيون و بعبارة أخرى مثل الناس الذين يعتقدون أن علاج الأعراض - و لنقل مثلا أعراض الكوليرا - كافٍ في حد ذاته . و في الممارسة العملية بطبيعة الحال فإنه يجب محاربة الأسباب التي تخلق المرض و محاربة المرض نفسه قبل أن تختفي الأعراض . و في حين أن معظم الناس سيعترفون بهذه الحقيقة في حالة الطب , فإن عددا أقل منهم سيطبقون هذا المبدأ على حل المشاكل الإجتماعية .

الثوريون على النقيض من الإصلاحيين , يحاربون الأعراض و الأسباب الجذرية . و يدركون أنه طالما بقى سبب الشر فإن أي محاولة لمحاربة الأعراض - مهما كانت ضرورية - لن تؤدي للتخلص من جذور المشكلة . و لا شك في أننا يجب أن نحارب الأعراض , لكن الثوريين يدركون أن هذا النضال ليس غاية في حد ذاته , و إنما يجب إعتباره وسيلة بحتة لزيادة قوة الطبقة العاملة و السلطة الإجتماعية داخل المجتمع , حتى يحين الوقت الذي يمكن فيه إلغاء الرأسمالية و الدولة - و هما السببان الجذريان لمعظم المشاكل - .

كما أن الإصلاحيين غالبا ما ينحون لإعتبار البشر الذين يساعدونهم أشياء . فيتصورونهم بلا حول و لا قوة . . جماهير بلا ملامح تحتاج حكمة و توجيه " الأفضل و الأذكى " ليقودوهم إلى أرض الميعاد . . و هذا التجهيل المتعمد من قبل الإصلاحيون له آثار مدمرة على المدى البعيد . لأن الحرية لا توهب و لأنها لا توهب فإن أي محاولة لفرض الإصلاحات من أعلى لا يمكن أن تساعد , و لكنها تضمن أن الناس سيعاملوا معاملة الأطفال و سيصيرون غير قادرين على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم . و في نهاية المطاف سيصيرون معتمدين على البيروقراطية لتحكمهم . و هذا ما يمكن ملاحظته في مشاريع الإسكان العام . و كما يقول (كولن وارد) Colin Ward : " إن المأساة الكاملة في المساكن غير الربحية التي تقدمها الحكومة للإيجار , و تطور هذا الشكل من أشكال الحيازة في بريطانيا , هي أن السلطت المحلية قد أخذت ببساطة - و برغم كونها أقل مرونة - دور المالك مع كل التبعية و الاستياء التي تولدها . [Housing: An Anarchist Approach . ص : 184 ] . و لقد استخدم هذا المظهر من مظاهر الحركة الإصلاحية من قبل الجناح اليميني لتقويض الدعم على الإسكان و غيره من جوانب "دولة الرفاهية " و بذلك جنى المصلحين الإشتراكيين ما بذروه من قبل .

إن ما يقدمه الإصلاحيون ليس أكثر من إزدرائهم بالجماهير التي يعتبرونها أكثر قليلا من ضحايا يحتاجون مساعدة الدولة . . إذ غالبا ما يتم تجاهل فكرة أن يكون لنا رؤيتنا الخاصة بنا بصدد ما نريد لتحل محلها رؤية افصلاحيين الذين يسنون التشريعات من أجلنا و يجعلوا إتجاه "الإصلاحات" أكثرا فأكثر من أعلى إلى أسفل . فلا عجب إذن أن تاتي هذه "الإصلاحات" بنتائج عكسية . إذ لن يستطيع الإصلاحيون الإلمام بتعقيدات الحياة و حاجات أولئك الذين يعيشونها . .

قد تكون نية الإصلاحيين حسنة , لكنهم من خلال تركيزهم على الجوانب الضيقة للمشكلة فقط , و التي يعتقدون أنها المشكلة كلها , لا يفهمون الصورة الأكبر . من خلال هذا الفحص الضيق للعلل الإجتماعية الملحة غالبا ما تأتي إصلاحات الإصلاحيين بنتائج عكسية . فكارثة مشروعات إعادة الإعمار في المناطق الحضرية بالولايات المتحدة و المشروعات الشبيهة في بريطانيا و التي نقلت الطبقة العاملة على حواف المدن النامية خلال الخمسينات و الستينات , مثال للحركة الإصلاحية في التطبيق . و إذ أقلقتهم الأحياء الفقيرة المتنامية , فقد قرر الإصلاحيون هدم الأحياء السكنية و بناء بيوت على الطراز الحديث للعمال ليعيشوا فيها . يببدو هذا "لطيفا" للوهلة الأولى , لكنهم لم يفعلوا أي شيء لمعالجة مشكلة الفقر , بل في الواقع خلقوا المزيد من المشاكل من خلال تحطيم المجتمعات و علاقات الجوار .

من وجهة نظر المنطق , ليس لما يفعلونه أي معني . لماذا نرقص حول المشكلة إذا كان بإمكاننا الهجوم عليها مباشرة ؟ ما يقوم به الإصلاحيون هو تمييع للحركات الإجتماعية و إضعافها مع مرور الوقت . إن اتحادات العمال في الولايات المتحدة AFL-CIO مثلها مثل مثيلاتها في أوروبا الغربية تقتل الحركة العمالية عبر تضييق و توجيه النشاط العمالي و سلب السلطة من العمال أصحاب السلطة الحقيقيين لوضعها في أيدي البيروقراطية . فحزب العمال البريطاني , و بعد ما يزيد على مائة عام من الممارسة الإصلاحية لم تفعل ما هو أكثر من تدبير أمر الرأسمالية و قد أزالت إصلاحاته تلك الحكومات اليمينية التالية , (و كانت حكومة حزب العمل بعد!) , و إنشاء قيادة للحزب (على شاكلة توني بلير) تكون في معظم الأحيان يمينية كأنها حزب المحافظين إن لم يكن أكثر . . و لم يكن (باكونين) ليفاجا كثيرا على أيه حال .

يقول الإصلاحيون :" لا تفعل أي شيء . و نحن سوف نفعل ذلك بدلا منك ." أظن من الواضح الآن لماذا سيكره الأناركيون هذا الوضع . فالأناركيون هم أنصار (إفعل هذا بنفسك) . و لا شيء يكرهه الإصلاحيون أكثر من أن يرعى الناس مصالحهم بأنفسهم بما لا يدع لهم الفرصة لتقديم "المساعدة " لهم .

المضحك في الأمر أن نجد "اليساريين" ما بين ثوريين و راديكاليين يطرحون الخط الإصلاحي بأن الدولة الرأسمالية يمكن أن تساعد العمال - عمليا لتدمير نفسها بنفسها !! - . و على الرغم من أن اليساريين يلقون باللوم دوما على الدولة و الرأسمالية لمعظم المشاكل التي نواجهها , فإنهم يعودون دائما إلى الدولة - التي يديرها الأغنياء = الرأسماليين - لتصحيح الوضع , ليس عن طريق ترك الناس لحالها و لكن عن طريق المزيد من التدخل في حياة الناس . فيدعمون برامج الإسكان الحكومي و الوظائف الحكومية و رعاية الأطفال المراقبة حكوميا و برامج علاج افدمان الممولة حكوميا و غيرها من البرامج و الأنشطة الحكومية المركزية . و إذا كانت الحكومة الرأسمالية – السلطوية / العنصرية / المميزة عن طريق الجندر – هي المشكلة , فكيف يمكن الإعتماد عليها لإحداث تغييرات مفيدة للناس من الطبقة العاملة أو أي شريحة مضطهدة كالسود أو النساء ؟ بكل تأكيد لن تؤدي أي حلول تمررها الدولة لحلول حقيقية للمشكلة ؟ و كما أشار (مالاتيستا) : " إن الحكومة و الطبقات المميزة تتحرك بحكم الطبيعة بغريزة حب البقاء , و توطيد و تنمية سلطاتهم و امتيازاتهم , و عندما يوافق هؤلاء على "إصلاح" ما , فإن ذلك يكون , إما لأنهم يعتبرون أن هذا يخدم أهدافهم و لأنهم لا يستشعرون في أنفسهم من القوة ما يكفي لمقاومة هذا "الإصلاح" , فيبذلونه خشية ما لن يكون إلا بديلا أسوأ , الثورة . [نفس المرجع السابق . ص : 81 ] .

لهذا فإن الإصلاحات المكتسبة عن طريق العمل المباشر لها طبيعة و نوعية مختلفة عن الإصلاحات التي يمررها السياسيون الإصلاحيون – فهذه الأخيرة لن تخدم سوى مصالح الطبقة الحاكمة من ناحية و لا تهدد امتيازاتهم من ناحية أخرى , بينما النوع الأول من الإصلاحات له قدرة كامنة على التغيير الحقيقي .

و لهذا فإن الإصلاحات المكتسبة من خلال العمل المباشر لها طبيعة و نوعية مختلفة عن الإصلاحات التي يمررها السياسيين الإصلاحيين . هذه الأخيرة سوف لن تخدم سوى مصالح الطبقة الحاكمة لأنها لن تهدد امتيازاتهم أم النوع الأول فهو النموذج القادر على إحداث التغيير الحقيقي .

و بدلا من تشجيع الطبقة العاملة على تنظيم نفسها و خلق البدائل و الحلول الخاصة بها لمشاكلها - و التي يمكن أن تكمل و تحل في النهاية محل نشاط دولة الرفاهية أيا كانت - إن الإصلاحيين و الراديكاليين الآخرين يحثون الناس على الضغط على الدولة للعمل لصالحهم , لكن الدولة لا تساوي المجتمع . و لذلك فإن أيا ما كان الذي ستفعله الدولة من أجل الناس فإنه سيصب في صالحها هي لا صالحهم هم . كما قال (كروبوتكين) :

"و نحن نرى أن الدولة كتنظيم قد صارت هي القوة التي تلجأ لها الأقلية لفرض و تنظيم سلطتها على الجماهير , لا يمكن أن تكون القوة التي ستعمل على تدمير امتيازات هذه الأقلية . . . إن التحرير الإقتصادي و السياسي للإنسان سيخلق أشكال جديدة للتعبير عن الإقتصاد و السياسة بدلا من تلك التي وضعتها الدولة ."

" و بالتالي فإن الهدف الأساسي للأناركية هو إيقاظ هذه القوى البناءة داخل جماهير الشعب الكادحة , التي حققت في كل اللحظات التاريخية العظيمة التغييرات المطلوبة "

" و لهذا السبب يوفض الأناركيون قبول وظائف تشريعية و وظائف الخدمة في الدولة عامة . . و نحن نعلم أن إنجاز الثورة الإجتماعية لن يتم عن طريق القوانين . لأن القوانين تتبع ما هو فعلا على أرض الواقع . . . و لا تزال حبرا على ورق طالما أن القوي الحيوية اللازمة لصنع التوجهات الواردة في القانون ليست حقيقة واقعة"

" من ناحية أخرى . . ينصح الأناركيون دائما بالقيام بدور نشط في المنظمات العمالية التي تقوم بالنضالات المباشرة ضد رأس المال و الحامية الأساسية له - الدولة "

" مثل هذا النضال . . أفضل من أي وسيلة أخرى غير مباشرة , و يسمح للعامل بالحصول على بعض التحسينات المؤقتة في ظروف العمل الحالية - و ظروف الحياة بشكل عام . و يفتح عينه / ـها على الشر الذي تقوم به الرأسمالية و الدولة التي تدعم الرأسمالية . و توجه أفكاره بشأن إمكانية تنظيم الإستهلاك و الإنتاج و التبادل دون تدخل من الرأسمالية أو الدولة " . [Environment and Evolution ص : 82 و 83] .

لذا , حين يسعى الأناركيون إلى إجراء اصلاحات , يظلون ضد الحركة الإصلاحية و ضد الإصلاحيين . فالإصلاحات ليست غاية في حد ذاتها , بل وسيلة لتغيير المجتمع من القاعدة إلى القمة و خطوة في هذا الإتجاه .

" و ستكون كل خطوة نحو الحرية الإقتصادية , و كل نصر على الرأسمالية , في نفس الوقت خطوة نحو الحرية السياسية - نحو التحرر من نير الدولة . . . و ستكون كل خطوة في سبيل انتزاع أي شيء من سلطة الدولة و صلاحيتها و صفاتها خطوة في سبيل مساعدة الجماهير على النصر على الرأسمالية . " [كروبوتكين، نفس المرجع السابق ، ص 95] .

و مع ذلك فإن الأناركيون " لن يعترفوا أبدا بالمؤسسات , و سوف نقتنص و نكسب كل إصلاح ممكن بنفس الروح التي تذرف الدمع على الأراضي المحتلة لكنها تحافظ على تقدمها . و سنبقى دائما أعداء كل حكومة " لذلك " ليس صحيحا القول بأن الأناركيون يعارضون التحسينات بصورة ممنهجة . و الحق أنهم يعارضون الإصلاحيين من ناحية لأن أساليبهم أقل فعالية في تأمين الإصلاحات من جهة الحكومية و أرباب العمل , الذين لا يجبرهم سوى الخوف . و لأن كثير من الإصلاحات المفضلة لديهم لا تجلب فقط (منافع) فورية مشكوك فيها , بل تعزز أيضا النظام القائم و تجعل من مصلحة العمال استمرار وجوده ." [Life and Ideas، ص 81 و ص 83] .

و إنه فقط من خلال الطبقة العاملة , و تطبيقها العملي و تنظيمها يمكن أن يحسن التخلص من الدولة و رأس المال من أحوالهم , بل هو الشيء الوحيد الذي سيؤدي إلى تغييرات جوهرية للأحسن . و إن تشجيع الناس على الإعتماد على أنفسهم بدلا من الدولة أو رأس المال هو ما سيؤدي إلى أناس أكثر إكتفاء ذاتيا و أكثر استقلالا , و نأمل , أكثر تمردا . و سيتمرد الناس على شرور المجتمع الحقيقية - رأس المال المستغل و الدولة المستبدة و القهر و العنصرية و التمييز على أساس الجنس و تدمير البيئة و هلم جرا - و ليس على جيرانهم .

و على الرغم من قلة الخيارات أمام الناس المنتمين إلى الطبقة العاملة في مجالات حياتهم , سواء بسبب التسلسل الهرمي أو القوانين المقيدة , فلا يزالون قادرين على تبني خياراتهم حول أعمالهم و تنظيم حياتهم الخاصة و يتحملون عواقب قراراتهم كبقية البشر . و إن الإعتقاد بأنهم أطفال , أو اعتبارهم أقل إنسانية من الناس الآخرين لهو إعادة انتاج للرؤية الرأسمالية الكلاسيكية في اعتبار الطبقة العاملة من ضمن وسائل الإنتاج . تستخدم و يساء استخدامها ثم يتم التخلص منها . مثل هذا التفكير يضع الأساس لتدخلات الدولة الأبوية في حياتهم , تضمن استمرار الإعتماد و الفقر , و استمرار وجود الرأسمالية و الدولة .

و في نهاية المطاف . هناك خياران :

" و على المضطهدين إما أن يطلبوا التحسينات و يرحبوا بها كإعتراف بسخاء النظام , و بالتالي الإعتراف بشرعية السلطة التي تحكمهم , و تقبل المزيد من الضرر لا النفع من خلال عمليات الإبطاء و التحويل . . عمليات الإعتاق . أو بدلا من ذلك طلب و فرض التحسينات من خلال عملها , و الترحيب بها كنصر جزئي على العدو الطبقي , و استخدامها كحافز لتحقيق المزيد من الإنجازات . و بالتالي التحضير للإطاحة بالامتيازات . . و هذه هي الثورة . [إيريكو مالاتيستا نفس المرجع السابق ص : 81 ]

تشجع الحركة الإصلاحية الموقف الأول . بما يضمن إفقار الروح البشرية . بينما تشجع الناركية الموقف الثاني بما يضمن ثراء الإنسانية و إمكانية التغيير الحقيقي . لماذا نعتقد أن الناس العاديون لا يمكنهم ترتيب حياتهم بأنفسهم كما ترتبها الحكومة ؟