اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

ذات طفولة


shawshank

Recommended Posts

دي مقالة عجبتني، فقلت أشارككم فيها.

هي مش أدبية - رغم أسلوبها العذب - بقدر ما هي معرفية ... الكاتب فيها عايز ينقل رسالة، أنا متفق معاه فيها. الرسالة ببساطة: يولد الإنسان مبدعًا، ويظل كذلك طالما كان طفلاً. ومع مرور الوقت، تتكفل السنون بتقييد هذا الإبداع بقيود الأعراف الآنية للحضارة ومدخلات الحواس. فلكي تكون مبدعًا، عش بقلب وعقل طفل، كما كنت سابقًا.

المقالة في عدد هذا الشهر من مجلة "العربي" الكويتية، والكاتب أردني اسمه/ نوار سكجها.

ذات يوم ...

ذات طفولة ...

كان لدينا صندوق خشبي جميل أغرتنا مساحته أن نتخيله قطارا ملونا يأخذنا مع الأصدقاء في رحلة لا قيمة للزمن فيها ...وليس للأرض فيها حق في الجاذبية ثم منحنا القطار الخشبي حق الصعود بنا نحو السحاب ,وانزلقنا على قوس قزح الذي كان يشرب رذاذ المطر من بين أشعة الشمس ... وكذا حتى وصلنا غابتنا الجميلة فكانت لدينا مظلة فتخيلناها شجرة وجلسنا تحتها نمارس الأعمال الدرامية التي نسجنا في خيالنا الثري سناريوهاتها المرتجلة , ورحنا ننهمك في تفاصيل إدراكاتنا الأولى للحياة ...

لمسنا القمر ...

قطفنا الزهر ...

رأينا يومها ما حدث اليوم وما حدث غدا ...

كان الجو حارا في تلك الغابة حتى أننا اشترينا المرطبات بينما كانت دنيا الكبار تأذن بعواصف ثلجية وروزناماتهم تشير إلى ... ديسمبر.

ساعات طوال استنفذت فهمنا وطاقاتنا وخيالاتنا وأصواتنا وأبتساماتنا حتى تعبنا فنمنا ...

ثم ذات يوم ..

طلع الصباح ..

فاستيقظنا ..

فإذا بنا كبار ..

لم يبق من طفولتنا سوى دمى قديمة وقطع خشبية لم تعد تعتلي أقواس قزح ...

وإذا بنا نحتمي جدا في ديسمبر ونخشى العواصف الثلجية والأمراض الشتائية وأشياء أخرى ..

وفي طوايا نفوسنا تراكمات من خبرات مركبة صارت مع السنين مسلمات لا نحكم إلا بها ولا نؤمن إلا بها أما الخيال والحلم فلم تعد تتولاه لدينا حاسة.

يمضي العمر ونحن ننسى ذلك الطفل الجميل الذي غاب في وديان أنفسنا ,وننسى أن الأبداع والخيال المطلق الذي أسس بداية كل براءة اختراع لدى الكبار .....هو أساس الطفولة ومحورها ..

يمضي العمر ونحن نجتر ذكرى أذى صدر من صديق .. بينما طفلنا يعود يضحك مع قرينه والدمعة لا تزال في عينه، يروح الشباب والنشاط وأوقات الهمة ونحن لا نمتلك أدنى مهارات الطفل في العمل الجماعي الذي يؤديه الطفل حريصا على نجاح العمل لا نجاح اسمه.

الطفل مخلص جدا في عمله ... واضح جدا في رؤيته ..الطفل مبدع على الإطلاق وليس هنالك طفل غير مبدع لأنه على الأقل ليس هنالك طفل لا يرسم وليس هنالك طفل لم يأخذ دورا يمثله في لعبة!

فلنتصفح ما يدركه الأطفال وكيف يعرف ما يريد ويرسم ما يريد ويقول ما يريد بالطريقة التي يريد فلا نجعل حواسنا تملك زمام إدراكنا بل نسلم القيادة لعقولنا وخيالاتنا بل وأحلامنا ولنبق طفوليي القلب والأسئلة والفضول حتى لو زارت رؤوسنا مراعي الشيب.

كان عندي ملحوظة على الأطفال. أول مرة بنتي تستخدم التليفون وتكلم فيه عمتها وابن عمتها، افتكرتها هتسألني علطول وتقول: "بابا، هو إزاي صوت عمتو وأحمد ابنها بيوصلوا هنا وبسمعهم؟ وإزاي هم بيسمعوني ويردوا عليا؟" لكنها ماسألتنيش. وبعد كده استخدمت التليفون كتير، وبرضه ماسألتنيش. فاستغربت وفكرت شوية. الأطفال بيتولدوا صفحة بيضاء، مايعرفوش ايه المفروض وايه الطبيعي وايه اللي مش طبيعي. مع الوقت بتتبني عندهم الحاجات دي. فالأطفال مايعرفوش إن الأصل إن الصوت بيتنقل في الهوا، وإن التليفون ده إنجاز هايل للبشرية. فلو اتكتب في صفحتهم البيضا: الصوت بيتنقل في جهاز اسمه تليفون. خلاص، بقت مسلمة وبديهية. فالأجيال اللاحقة تأخذ إنجازات الأجيال السابقة كمسلمات وبديهيات، ويبدأون يبنون فوقها. وده ليه علاقة كبيرة - وإن كانت غير مباشرة - بالإبداع، موضوع المقالة.

:roseop:

تم تعديل بواسطة shawshank

كل لحظة إبطاء في نيل المعتدين جزاءهم ... خطوة نحو كفر المجتمع بالعدالة، ودرجة على سلم إيمانه بشريعة الغاب

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

توقفت عند

"الطفل مخلص في عمله

الطفل واضح في رؤيته"

مخلص....لأنه يلعب و يلهو...و لا يلق بالا ماذا سيقول عنه الاخرون

واضح...لأن عيناه لم تتلوث بعد بغبار النضج و تراكم الذاكرة

عفوي....لأنه يأتي الكون و معه تصريح دخول و فتح كل الابواب المغلقة....فقط بحفنة من التساؤلات المغرقة في العفوية المحببة

الطفل ليس لديه أقنعة....لا يضع مساحيق

و حين يضعها....إنما ليضحكنا...و يمتعنا

ذات طفولة.....كان كل شيء بالامكان

القطار يمشي علي قوس قزح في السماء

.....و الحلم ستأتي جنية في المساء و ترش بعض الذرات الملونة فيصبح حقيقة مؤكدة

ذات طفولة.....كنا نردد...."انا بحبك يا ربنا أوي"

كنا نرددها بقلب يملؤه اليقين.....دون فلسفة....كنا فقط علي تلك الفطرة المحببة للنفس

ذات طفولة.....كنا نعي الحياة علي حقيقتها

ذات طفولة...ياالله

مقالة رائعة استاذي

أتعلم استاذي ان بعض المبدعين ليظلوا مبدعين يتعمدون الالتصاق بعالم الأطفال...حيث الأفكار البكر....و التساؤلات الخصبة

كل منا لديه طفلا بداخله....يستنفره في حضرة طفل آخر

كل منا قادر علي أن يوقظ المارد الصغير المكير....فقط إن أراد

أتوقف كثيرا عند الآباء...حين يجلسون بجانب ابنائهم و يصرون أن يرسم الطفل البيت كما ينبغي....صندوق...و نافذتين....و اتعجب اكثر حين يكسر الطفل كل القيود...و يصر ان يجعل له عينين....و يبحر في الخيال و يجعل لباب المنزل فما مبتسما و كأنه يري ان الباب...و الفم كلاهما مدخلا لصاحبه

اتعجب حين يصر ان يتحدث الي كل الاشياء المغرقة في الصمت....و يؤكد لي....أنها تحادثه بالمثل...و لاصدقك القول....تعلمت في الغربة....أن اقتبس من تلك الحيل الكثير

أتعجب...حين يصر ان نقف في الشارع لكي نلقي السلام علي العصافير و القطط الضالة....و لا ضير ايضا من التوقف عند الكلب لتحيته أيضا

أتعجب....أنه يشدني شدا...للتحرر من كل خوف افترضه في عقلي....في حين....هو يقف فاتحا ذراعيه للكون باسره

أتعجب....حين أبكي....و اراه يقترب مني....و يتساءل "يا عمتو بتعيطي ليه"...."مش انتي معاكي ساندوتش"....و يختصر عني كل هذا الضيق....في عبارة هي قمة في الامل....ما الحياة الا ساندوتش

أتعجب....حين....يصر ان يحتضنني قبل النوم....و عند اليقظة.....و كأنه يقول لي.....فلننهي يومنا بحضن دافيء ممن نحب....و لنبدءه أيضا به

أتعجب....حين اصرخ....معلنة أن هناك قواعد...و لا ادري من اين تفتق ذهني بها.....و إذا به...يختصر كل تلك القوانين الوضعية الاسرية في كلمة واحدة...."ليه....اعمل كده ليه"...هما بيجيبوا اللماضة دي منين!!!

أتعجب حين أصر أن امسك يده....و يصر أنه قد كبر علي تلك الحركة الطفولية....و يعدني وعدا صريحا...."ما انا ماشي جنبك أهه....خايفة من ايه".....

هو صحيح الاهل بيخافوا علي ولادهم من ايه.....

حبنا ليهم بيخلينا نخاف علي طاقة النور اللي جواهم بيبقي نفسنا تكبر و تنور الكون بحاله

مقالة أكثر من رائعة

و اشعر ان كل من انعم الله عليه بطفل....أنما منحه فرصة أخري.....أن يعانق الحياة التي اسميتها استاذي "ذات طفولة"

فقط العين التي تتوقف عند كل تلك النفاصيل القريبة جدا من ثنايا القلب

معذرة علي الإطالة

راقني المقال كثيرا

تحياتي علي النقل.....العفوي....جدا

رابط هذا التعليق
شارك

لماضة مصرية جدا

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شرفني مرورك الكريم. ويا ريت تبقي تطولي في المشاركات كمان وكمان لأن مشاركة حضرتك الجميلة الثرية بتشرح الموضوع جيدًا، فبشكرك عليها بشدة.

مفتاح الموضوع إن العقل البشري فيه صفة التكيف. يعني مع الوقت، بيتكيف مع الأوضاع المحيطة. وبيبطل يسأل، لأنه ببساطة لقى "الوضع كده، واستمر كده سنين". دي ميزة لأنها بتخليه يعمل حاجات كتير بشكل تلقائي بدون إجهاد فكري. وعيب لأنها بتحرمه من التساؤل المستمر، اللي هو مفتاح الإبداع.

فالأعراف المحيطة، على كل المستويات (الأسرة والمجتمع والعالم)، بتتنقل عن طريق الحواس للإنسان. بمرور الوقت وبشكل تلقائي، بيتكيف عقل الإنسان مع الأعراف دي، وبيعتبرها بديهيات. ماقصدش بـ "أعراف" أعراف اجتماعية بالتحديد، لكن أقصد بـ "أعراف" كل ما يعتبر من المسلمات والبديهيات بحيث يعتبر التساؤل عنه حماقة. الموضوع ده بيفكرني بمرة في مؤتمر كان فيه واحد مشرف على مؤسسة عسكرية أمريكية لدعم الأبحاث. فبيحكي بيقول مرة زميلي فلان اتصل بي وقال لي: "احنا عايزين الجندي في الحرب لو دراعه اتقطع، يطلع له دراع". أهو ده تفكير الأطفال اللي مبني على عقل أبيض لم "يتلوث" (على حد تعبير حضرتك الجميل) بمفردات العصر والبيئة ولم يتيكف معها. فالبديهي والمسلم بيه، واللي اتبنى في عقول الناس عبر سنين عمرهم الطويلة، إن المطلوب ده مش ممكن. التفكير الإبداعي لا يعير اهتمامًا لهذا البديهي المسلم بيه.

.....أن يعانق الحياة التي اسميتها استاذي "ذات طفولة"

والله أنا بشكر حضرتك على حسن الظن ده ... بس "ذات طفولة" ده عنوان المقالة كما اختاره كاتبها. وأنا بعتذر على إني مكتبتهاش فوق في أعلى الاقتباس. أنا كنت لسه داخل أصححها لقيت حضرتك كتبتي المشاركة دي.

:roseop:

كل لحظة إبطاء في نيل المعتدين جزاءهم ... خطوة نحو كفر المجتمع بالعدالة، ودرجة على سلم إيمانه بشريعة الغاب

رابط هذا التعليق
شارك

أحييك على اختيارك، كلها جميلة لكن حختار السطر دا كمثال فقط:

يمضي العمر ونحن ننسى ذلك الطفل الجميل الذي غاب في وديان أنفسنا ,وننسى أن الأبداع والخيال المطلق الذي أسس بداية كل براءة اختراع لدى الكبار .....هو أساس الطفولة ومحورها ..

مقالة أكثر من رائعة :roseop:

رابط هذا التعليق
شارك

أنا عيِّل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 11 شهور...

لا نجعل حواسنا تملك زمام إدراكنا بل نسلم القيادة لعقولنا وخيالاتنا بل وأحلامنا ولنبق طفوليي القلب والأسئلة والفضول حتى لو زارت رؤوسنا مراعي الشيب.

كن طفلاً .. تكن عبقرياً

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      أجمل ما فيه أنه آمن بنفسه وبموهبته فآمن به ركب الشعب العربى وسار وراءه لنهاية طريق حياته وأجمل ما فى توليفةعرض المقال كاملاً
    • 0
      طفولة وغد.. لا شك فى أن فترة الطفولة هى الفترة الخصبة التى تتكون فيها شخصية الإنسان ويتربى فيها المرء ، فمن شب على شئ شاب عليه ، ويقول شاعرنا العربى : وينشأ ناشئ الفتيان منا على ماكان عوده أبوه.. أما من نتحدث عنه ، فهو شخص يرقد الآن فى سريره يتذوق فى مرضه ـ لا شفاه الله ـ الذى طال ، بعض أو جزء مما ارتكبت يداه من مظالم وقتل وغبن للمواطن العربى الأعزل من السلاح .. شخصية تقول عن طفولتها " لم أعرف المودة فى ظل عائلتى ، أبى صمويل وأمى فيرا لم يفصحا عن عواطفها أبداً". هذه أول ا
    • 3
      من بريدى منقول
×
×
  • أضف...