اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

صبرا وشاتيلا .. أبشع من مجرد ذاكرة وذكرى


Recommended Posts

صبرا وشاتيلا

أبشع من مجرد ذاكرة وذكرى

كثير من رواد هذا الموقع المحترم هم من جيل ما بعد "صبرا وشاتيلا" .. وكثير منا أيضا ممن عاشوا الحدث عبر إذاعات مقتضبة ونشرات أخبار متلفزة حرص خلالها المخرجون على عدم تعريض المشاهدين لصدمات نفسية صاعقة ..

قليل منا حاول أن يعرف الحقيقة .. والحقيقة هي من المرارة بحيث أن النوم قد فارق عيوننا .. لم يجرؤ البعض منا أن يغمض عيناه لأن استرجاع الصور -على ندرتها .. وعموميات بعضها- من الذاكرة التي أثقلت بفضاعة المشهد كان مرعبا .. بل شئ يتضاءل بجواره الرعب ..

غدا هو الذكرى المخيفة ..

16 أيلول / سبتمبر 1982

ولأنها لا يجب أن تنسى .. فإن علينا تدارس تفاصيلها مرارا وتكرارا ..

سبق لي في سنوات ماضية أن قمت بمتابعة تفاصيلها وشهادات من كتب عليهم المضي في الحياة يتجرعون مرارتها ويجترون تفاصيل حياتهم وممات ذويهم وأترابهم ومعارفهم

في هذا الزقاق هتك عرض أمه وشقيقته قبل تقطيعهما بالفؤوس ..

في هذا البيت مازالت أبصار أطفال -كبروا اليوم- تشخص صوب مصارع أمهاتهم وآبائهم وإخوانهم وأخواتهم ..

ماذا تعرفون عن صبرا وشاتيلا الأولى؟

وهلا سمعتم عن صبرا شاتيلا برج البراجنة الثانية؟

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

كيف بدأت الحكاية

البداية كانت باستلام اريئيل شارون وزارة الدفاع الصهيونية .. فهذا السفاح لا يمكن أن يمر بالوزارة دون أن يضيف إلى سجلها الإجرامي مذابح جديدة بحق العرب عموما والفلسطينيين على وجه الخصوص ..

كان وزعيمه مناحيم بيجن يتلككان على أية حادثة حتى يتخذان منها مبررا لما دبراه بليل ..

وجاء النبأ بمحاولة اغتيال سفيرهم في لندن (قام بها جماعة المشبوه أبو نضال) ليعطي بيجن-شارون الذريعة المطلوبة .. ولم لم يكن هناك مبرر لاخترعاه .. فحجم الحشود الصهيونية على الحدود اللبنانية قد أبلغه ياسر عرفات لحافظ الأسد وباقي حكام العرب ..

وما دبره شارون أبعد مدى بكثير مما اتفق عليه مع "بيجن" .. وما اتفق عليه مع بيجن يتجاوز ما وافق عليه الممثل الفاشل "رونالد ريجان" .. فقد ألبس شارون بيجن العِمَّة فيما وضع بيجن على رأس ريجان قبعة مكسيكية حتى لا يرى ما حوله ..

وربما لبس بيجن وريجان نفس القبعة لبعض الوقت ..

بيروت المحاصرة

تفاجأ ياسر عرفات بوصول برقية من الجنوب تنبئ بأن القوات الإسرائيلية تعدت صور شمالا و بسرعة . جورج حاوي نقل عن عرفات قوله : ده مش ممكن لا مستحيل، و اتصل مع الحاج إسماعيل ليستفهم منه عن الأوضاع، إلا أن الحاج إسماعيل كان منشغلا بإخراج القوات من صيدا بسبب محاصرة الإسرائيلين لها. تفاجأ الجميع بحجم الاجتياح، بالرغم من أن بشير الجميل كان قد أكد في أكثر من مرة أن القوات الإسرائيلية قادمة ؟؟، يعزى ذلك إلى خطاب ريغان الذي أكد أن الدخول سيكون محدودا بثلاثين كيلومترا.

تشكل في 14 يونيو 1982 ما عرف باسم القيادة المشتركة للقوات الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية أو هيئة الإنقاذ الوطني في بيروت بدعوة من الرئيس اللبناني إلياس سركيس ضمت زعماء الطوائف الرئيسية في لبنان و كتيبتين سوريتين استمرتا في القتال . كان هدف هيئة الإنقاذ هو منع تفاقم أزمة المواجهة المسلحة بين إسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية ولكنه وبصورة تدريجية أصبحت هيئة الإنقاذ هذه عاجزة عن إنجاز أي نتيجة ملموسة و بعد 9 أيام من تشكيلها إنسحب وليد جنبلاط منها واصفا الهيئة "بهيئة دفن القتلى" .

مع اقتراب نهاية فترة حكم الرئيس اللبناني إلياس سركيس تم تنظيم انتخابات رئاسية في بيروت وقام البرلمان اللبناني في 23 اغسطس 1982 بانتخاب بشير الجميل رئيسا بإجماع 57 صوتا وإمتناع 5 عن التصويت وعدم اشتراك أغلبية الكتلة المسلمة في البرلمان الذي اعتبر الجميل حليفا لإسرائيل وقبل 9 أيام من تسلم الجميل مهامه الرئاسية وفي 14 سبتمبر 1982 تم اغتياله بقنبلة موقوتة وبعد أسبوع وفي 21 سبتمبر 1982 انتخب البرلمان اللبناني شقيقه أمين الجميل رئيسا الذي قام بتوجيه دعوة إلى زعيم الكتلة المسلمة ورئيس الوزراء شفيق الوزان (1925 - 1999) بالبقاء في منصبه كرئيس للوزراء في محاولة من الجميل لتضييق الفجوة وتوحيدالصفوف . على الصعيد الاقتصادي إنخفض قيمة الليرة اللبنانية إلى مستويات متدنية وظهر بوادر عجز للحكومة اللبنانية في فرض الضرائب ووصل نسبة التضخم إلى 20% - 30% وتم تدمير واسع النطاق للبنية التحتية في لبنان .

في 13 يونيو قامت القوات الإسرائيلية و مليشيا بشير الجميل بمحاصرة بيروت، إلى 28 أغسطس . طوال فترة الحصار قامت القوات الإسرائيلية بقصف بيروت من البر باستعمال المدفعية و من الجو و البحر. تم تسوية معظم المدينة بالأرض ، قتل أكثر من 30،000 مدني لبناني و إصيب أكثر من 40،000 شخص أكثر من نصف مليون شخص نزحوا عن بيروت و في فترة الست و سبعون يوما استمرت إسرائيل بمنع المعونات الدولية و الإنسانية عن بيروت. صرحت إسرائيل أن مسؤولية الوفيات و الدمار الذي أصاب البنية التحتية و الخسائر البشرية هو استعمال منظمة التحرير الفلسطينية المدنيين كدروع بشرية و استعمال منازل المدنيين كمعاقل للقتال مما اضطر إسرائيل مرغمة على القصف لتدمير البنية التحتية التي يمكن أن يستعملها المقاتلين أو المخربين حسب تعبير إسرائيل. استعملت إسرائيل في هجومها على بيروت أسلحة محرمة دوليا بدأ من القنابل العنقودية و الفسفورية مرورا بالنابالم و ألعاب الأطفال المفخخة، و انتهاء بقنابل بخار الوقود. أعاد كل من رونالد ريغان و هنرى كسنجر التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. و تم منع جميع المبادرات التي قدمت لإيقاف القتال. انتهى الاحصار بمسح كامل لثلث بيروت من الخارطة.

نتائج الغزو

مغادرة مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية لبيروتقدم رونالد ريغان ضمان شخصيا للمقاتيلن الفلسطينين بالحفاظ على أمن عائلاتهم إذا ما غادروا إلى تونس و اضطرت إسرائيل إلى الموافقة على خروج المقاتلين تحت حماية دولية مكونة من 800 جندي مارينز أمريكي، و 800 جندي فرنسي و 400 إيطالي. غادر 14،614 مقاتل فلسطيني بيروت إلى تونس تحت الحماية الدولية. على الجانب الآخر قُتل في الفترة ما بين 5 يونيو 1982 وحتى 31 مايو 1985 1،216 جندي إسرائيلي. على الصعيد السياسي أوفت إسرائيل بوعودها و بضغط أمريكي لبشير الجميل حيث أصبح رئيسا للبنان إلا أنه في 14 سبتمبر تم اغتياله هو و 25 من طاقمه بتفجير ضخم استهدف مقره.

تغيرت الخريطة السياسية اللبنانية بصورة جذرية بعد الغزو الإسرائيلي فبالرغم من أن الميليشيات المسيحية اللبنانية لم تشترك فعليا في القتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي إلا أنها انتشرت وهيمنت على المناطق التي كانت تحت سيطرة إسرائيل وخاصة في الجنوب اللبناني التي هيمنت عليها حزب الكتائب اللبنانية وقامت إسرائيل أثناء الغزو بنزع سلاح المجموعات الدرزية التي كانت في صراع مسلح مع حزب الكتائب . عمل حزب الكتائب اللبنانية بقيادة بشير الجميل جاهدا على نزع سلاح الفلسطينين في سائر أنحاء لبنان . تمكنت حركة فتح من أسر ستة جنود إسرائيليين، تم مبادلتهم لاحقا بخمسة آلاف معتقل لبناني وفلسطيني تم إحتجازهم في معتقل أنصار في جنوب لبنان.

إستنادا على أرقام وزارة الخارجية الأمريكية توزع مقاتلوا منظمة التحرير الفلسطينية على الشكل التالي :

970 مقاتل إلى تونس.

261 مقاتل إلى الأردن.

136 مقاتل إلى العراق.

1،093 مقاتل إلى اليمن الجنوبية

841 مقاتل إلى اليمن الشمالية

448 مقاتل إلى السودان.

588 مقاتل إلى الجزائر.

3،900 مقاتل إلى سوريا.

مذبحة صبرا و شاتيلا

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B0%...%8A%D9%84%D8%A7

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

صبرا وشاتيلا .. ذكريات لا تنسى .. ولن تنسى

ومضى عام آخر

ومازال أهالي الصحايا والمفقودين يعيشون على أمل أن يطرق الغائب عليهم الباب فجأة

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F...21F6CC1079.htm

http://www.muenster.de/~kheite/hazir...brashatila.htm

تسجيل يروي المجزرة:

2.811 MB mp3 صبرا وشاتيلا 1

http://www.muenster.de/~kheite/hazir...-shatila01.mp3

3.721 MB mp3 صبرا وشاتيلا 2

http://www.muenster.de/~kheite/hazir...-shatila02.mp3

3.629 MB mp3 صبرا وشاتيلا 3

http://www.muenster.de/~kheite/hazir...-shatila03.mp3

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

صبرا وشاتيلا: الضحايا الأحياء.. والأحياء الضحايا

بيان نويهض الحوت

في يوم من أيام سنة ،١٩٨٢ وبيروت يحاصرها الجيش الإسرائيلي، قال شاعر العرب، محمود درويش:

»يا فجرَ بيروتَ الطويلا

عجّل قليلا

عجّل لأعرف جيداً:

إن كنتُ حياً أم قتيلا...«

هذه الصورة الرائعة تنقلنا الى جريح ما بين الحياة والموت، ملقى في شارع او زقاق من أزقة بيروت، هكذا أتخيله، وهذا الجريح... لديه أمل بأن يساعده نور الفجر على رؤية جراحه، ورؤية المسافة ما بينه وبين الموت.

غير ان هذه الصورة الشاعرية... ما هي إلا الصورة الواقعية لما جرى على أرض صبرا وشاتيلا خلال الأيام الثلاثة الدامية من أيلول سنة ،١٩٨٢ ولكل ما جرى من بعدها من عذابات حتى أيامنا هذه. هناك ما زالت المسافة بين الموت والحياة غير مرئية. هناك ما زال تحت التراب كثير من »الضحايا« الذين لم يثبت موتهم بعد، وهم الذين يقال لهم »مفقودون«! ونحن نراهم كما نرى الآخرين الذين ثبت موتهم، في صور على الحيطان، ونعرف عنهم من أحاديث أهاليهم. هؤلاء وهؤلاء هم »الضحايا الأحياء«.

وما زال على أرض صبرا وشاتيلا، التي تدعوها إلن سيغل بـ »الأرض المقدسة«، ما زال أهالي الضحايا يتسقطون أخباراً عن مخطوفيهم ومفقوديهم، ولا ييأسون من رحمة الله. وبين الحين والحين يجدّون لمعرفة المزيد من أخبار ضحاياهم، فمن قال إن ضحايا المجازر كغيرهم من الضحايا؟ كضحايا الزلازل او البراكين او الأعاصير؟ فضحايا كوارث الطبيعة لا تنكرهم دولهم، ولا المؤسسات الدولية، ولا ينكرهم أحد... أما ضحايا المجازر، فهم الذين يُطالَب (بفتح اللام) أهاليهم بتقديم هوياتهم، وتقديم إثباتات موتهم، وإلا... فأسماؤهم لا تسجل في لوائح الضحايا. هؤلاء الأهالي المعذبون هم »الضحايا الأحياء«.

لم أقرأ عن مجزرة في عالمنا المعاصر تعرضت للإنكار والتعتيم والشطب، من قبل الحكام المسؤولين، كما تعرضت مجزرة صبرا وشاتيلا، غير أن أصحاب الضمائر الحية، عبر العالم كله، هم الذين تكلموا، هم الذين صوّروا، هم الذين كتبوا، هم الذين عقدوا المؤتمرات الدولية للاستماع الى الشهادات، هم الذين أنتجوا الأفلام، وهم الذين يعودون بين عام وآخر لإنتاج المزيد، وهم الذين انضمت الى قافلتهم لجنة »كي لا ننسى صبرا وشاتيلا«. غير ان هذه اللجنة تفوقت على سواها في كونها هي التي جاءت الى صبرا وشاتيلا، وهي التي ما زالت تأتي كل عام، منذ زيارتها الأولى، سنة .٢٠٠٠

ولو سألنا أطفال شاتيلا عن ستيفانو كياريني، المناضل الايطالي اليساري التقدمي، مؤسس اللجنة ورائدها الذي غاب عنا وجهه منذ عامين، وغابت عنا ابتسامته الواثقة الحنون والمفعمة بالأمل، لعرفنا من أجوبتهم كم كان لعمله العظيم من أثر في نفوسهم وفي حياتهم.

كثيرون اعتقدوا ان هذه اللجنة لن تعمر طويلاً، كمثيلاتها من اللجان، وخصوصا بعد ان رحل ستيفانو عن الدنيا فجأة من غير وداع، لكنه رحل بعد ان كتب في أيامه الأخيرة مقاله الأخير عن العراق الحزين الصامد... وأما اللجنة فلم تتوقف أعمالها مع رحيل مؤسسها، اذ استمرت رفيقات ستيفانو ورفاقه على دربه، وهم من ايطاليا ومن العديد من البلدان، من فرنسا وإسبانيا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة، وغيرها... وكلهم مؤتمنون على سر اللجنة، وما »سرها« إلا في كونها ليست لجنة إنسانية في إطار تقديم المساعدات، وهي ليست في أي حال من الأحوال »أونروا« ثانية، سرها في تأسيسها على قيم التعارف والمحبة والأخذ والعطاء، وبإيجاز: الصداقة المتبادلة. فأعضاؤها لا تنقطع صلاتهم مع الأهالي، وهم عندما يأتون، يتجولون في شاتيلا كما يتجولون في مدنهم وأحيائهم.

أنا لا يمكنني ان أنسى ذلك اليوم الذي فوجئت فيه بخبر في الصحف عن مجيء وفد إيطالي لإحياء ذكرى »صبرا وشاتيلا«. ولعلنا نذكر جميعاً انه حتى مطلع القرن الحادي والعشرين، أي بعد ثمانية عشر عاما من الحدث المأساوي، كانت »صبرا وشاتيلا« ما تزال خارج الزمن، وخارج الأرشيف، وخارج التأريخ، مع بعض الاستثناءات المحدودة من مقال هنا او هناك. هذه المرة، هؤلاء الأجانب هم الذين زاروا أهالي المخيم، كما زاروا الرؤساء، وأعني بهم الرؤساء الثلاثة، هم الذين راحوا يتحدثون عن مجزرة عرفت بـ »صبرا وشاتيلا«، وعن ضرورة إحياء ذكراها.

وكيف يمكنني ان أنسى أنني كنت في تلك الأيام غارقة في كتابي عن »صبرا وشاتيلا«، وكانت »صبرا وشاتيلا« نفسها ما زالت غارقة في بحر من النسيان، فعلى الرغم من »الطائف« وما بعد »الطائف«، وعلى الرغم من رحيل حكومات ومجيء حكومات، وعلى الرغم من شعار »عفا الله عما مضى«، فـ »صبرا وشاتيلا« بقيت »نسيجاً وحدها«. لا اعتراف بالجريمة أصلاً حتى تسجل في سطر واحد على لائحة »عفا الله عما مضى«. كانت مشكلتي، يومذاك، في ان أجد ناشراً عربياً يرضى بأن ينشر لي ما أكتب. لكن ها هم رفاق من إيطاليا، البلد الذي فاز بكأس العالم في كرة القدم، لسنة ،١٩٨٢ والذي راح يقدمه لشباب فلسطين الثوار، ها هم هؤلاء لا يعترفون بالموانع التي فرضتها السلطات اللبنانية، ومنها ان كلمة »المجزرة« أضحت من المحرمات بمجرد انتهاء عمليات البحث عن الضحايا ورحيل المراسلين الأجانب. ها هم يتحدثون مع مطلع القرن الحادي والعشرين عن »إحياء« لذكرى صبرا وشاتيلا! بكل صلابة وإيمان! فيا له من حلم!

تحقق الحلم! وستيفانو لم يكن وحده، كانت هناك مونيكا ماوري، وستيفانيا ليميتي، وموريتسيو مسولينو، وغيرهم... وانضمت اليهم أنطونيتا كياريني، شقيقة ستيفانو. ومع الأعوام، فرضت هذه اللجنة كلمتي »صبرا وشاتيلا« مادة إعلامية ـ على الأقل ـ مرة في كل ايلول من كل سنة، والأهم، إن مجيء اللجنة بحد ذاته أضحى منبعا للأمل في نفوس »الأحياء الضحايا«.

ولأبدأ بالتعريف: صبرا وشاتيلا التي أتحدث عنها ليست مجرد مكان، ولا مجرد مجزرة على لائحة المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، او الشعب اللبناني، او أي شعب عربي مقاوم. صبرا وشاتيلا مجموعات من البشر كان من حقهم ان يستمروا في حياتهم، حتى لو كانت حياة فقر وتشرد، وما كان من حق احد ان يسلبهم حياتهم، او أمنهم، او كرامتهم، او لقمة عيشهم، في اية صورة من الصور، فما بالنا حين تكون تلك الصور على أشد ما يكون عليه العدوان همجية.

ومن التعريف الى بعض التفاصيل: ما كان هؤلاء كلهم فلسطينيين مقاتلين كما ادّعى شارون، كانوا في غالبيتهم الساحقة سكانا مدنيين، وكانوا ينتمون الى اثنتي عشرة جنسية: نصفهم، أي نحو ٥٠٪ منهم فلسطينيون، و٣٥٪ لبنانيون، و٥٪ سوريون، و٤٪ مصريون، والباقون الذين تراوحت نسبهم ما دون ٢٪ أو ١٪ جاؤوا من بنغلادش، والأردن، وتركيا، والسودان، وباكستان، والجزائر، وإيران، وتونس. كانت صبرا وشاتيلا في أعقاب الاجتياح الاسرائيلي بقعة مثالية للعمال العرب والأجانب الباحثين عن غرفة او بيت او مأوى، وكذلك كانت مقصدا للعائلات اللبنانية التي دمرت الطائرات الاسرائيلية بيوتها في الجنوب.

هؤلاء قُتلوا. غير أن الموت في المجازر لا يحدث مرة واحدة. الموت الأول هو الموت. والموت الثاني هو في إنكار حدوث ذلك الموت، هو العذاب في البحث عن ضحايا ضائعين، وفي البحث عن حق ذويهم في الحصول على إثباتات. والموت الثالث هو اليأس من نتائج البحث، في بلد كان الجلادون فيه هم الحكام، غير أنه حتى بعد ان انتهى دور الجلادين، وحتى بعد ان جاء حكام آخرون، فالخوف من كشف الحقائق بقي الشبح المهيمن، وكأن الخوف هو الأصل، وما عداه هو الشواذ. وما كان هذا الخوف ليطال مأساة شاتيلا وحدها، بل مآسي الحروب الاهلية المتلاحقة كلها، حتى ما عاد ممكنا تجاهل السؤال:

هل شعار »عفا الله عما مضى« معناه طمس التاريخ والحقائق والحقوق؟ ليس من حق أحد ان يقف حائلا دون الكشف عن الجرائم ضد الانسانية، ودون البحث عن ضحايا تلك الجرائم الذين هم بشر، ومن حق هؤلاء الضحايا علينا ان نبحث عنهم، وأن نجل ذكراهم. وأما عن مجزرة صبرا وشاتيلا تحديداً، فإنه على الرغم من كل ما كُتب وما نشر وما أذيع، فما زال البحث عن المزيد من الحقائق وأسماء الضحايا ممكناً، بل واجباً.

وفي هذه الذكرى السادسة والعشرين، أجد ان افضل ما بإمكاني ان أساهم فيه لإحياء ذكرى صبرا وشاتيلا، هو ان أتقدم بمشروعين: الأول من أجل »الضحايا الأحياء«، والثاني من أجل »الأحياء الضحايا«. وكلا المشروعين يستمدان شرعيتهما واحتمال نجاحهما من »أصحاب الضمائر الحية«، وفي طليعة هؤلاء أعضاء لجنة »كي لا ننسى صبرا وشاتيلا«.

المشروع الأول: استكمال العمل على لوائح الضحايا والمخطوفين والمفقودين، إجلالاً لأرواح ضحايا صبرا وشاتيلا.

هناك عدة دراسات وتحقيقات تناولت أرقام الضحايا، والبعض منها تناول الأسماء، غير أنه ما عاد ممكنا تجاهل ذاك القول المهين، وهو ان عدد الضحايا »يتراوح ما بين الثلاثمئة والثلاثة آلاف ضحية«. إن اللجوء الى مثل هذه الأرقام المتباعدة جدا إرضاء لجميع الفرقاء، لا يمت إلى المنهج العلمي بصلة. وإنني لأعتقد ان هناك ايضاً وراء هذا التفاوت المذهل سببين:

ـ أولهما، عدم وجود أية مرجعية واحدة لضحايا صبرا وشاتيلا، لا على الصعيد اللبناني، ولا الفلسطيني، وهذا ما يترك جهود الباحثين تنحصر ما بين غلافي كتاب ما، او مجلة ما، لا أكثر. حتى تقرير كيركبرايد الشهير انتهى الى كتاب على الرف.

ـ ثانيهما، وصول الأبحاث التي يقوم بها باحثون أفراد الى الحائط المسدود في نقطة ما، او في محطة ما، بحيث يصبح من الضرورة ـ وخصوصا مع الغياب الكلي للمؤسسات الرسمية المسؤولة، من لبنانية، او فلسطينية، او دولية ـ ان تتقدم مؤسسات علمية رائدة لتكمل مشوار البحث عن الضحايا.

صحيح إنني كنت في عداد القلة من الباحثين المنفردين، فطوال الأعوام الثلاثة الأولى التي تلت المجزرة، قمت بمشروع تاريخ شفهي متكامل، وبمشروع دراسة ميدانية للضحايا والمخطوفين، غير أنني أعترف بأن عملية البحث عن الأسماء والأعداد كانت العملية الأكثر صعوبة، اذ اصطدمت في أكثر من مرحلة بجدار مسدود، لكنه لما كانت الأمور يُحكم عليها بنهاياتها، فيمكن القول إن عملية البحث نجحت أخيرا، إذ توصلت الى سبعة عشر مصدراً، كان أولها لوائح الأسماء التي جمعت على أرض المجزرة قبل نهاية شهر ايلول الدامي، وآخرها لائحة أسماء الدعوى التي تقدم بها المحامون الثلاثة: شبلي الملاط ولوك والين وميشيل فيرهيغي أمام المحاكم البلجيكية، وكان هذا سنة .٢٠٠١

وكان ممكنا لي أن أكتفي بنتائج تلك الدراسة التي نشرتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية منذ خمسة أعوام في كتاب: »صبرا وشاتيلا: أيلول ١٩٨٢«، فيما لو كان الهدف ينحصر في الرد على تقرير كاهان المليء بالمغالطات والأرقام المضللة، وكذلك الرد على التقرير اللبناني الرسمي المعروف بتقرير جرمانوس، والذي لا يستحق الإشارة اليه لكونه أكثر إمعاناً في التضليل والمغالطات، ذلك أنه في ملاحق الكتاب لوائح أسماء موثقة بالمصادر لكل اسم بمفرده، وهي تضم أسماء لـ٩٠٦ ضحايا، و١٠٠ مخطوف، و٣٨٤ مفقوداً، ومجموعهم ١٣٩٠ ضحية ومخطوفاً ومفقوداً. غير ان الهدف أبعد من مجرد الرد على تقرير كاهان الذي وصلت ذروة رقمه التقديري استنادا إلى الجيش الاسرائيلي »المراقب ليل نهار« الى رقم يتراوح ما بين ٧٠٠ و٨٠٠ ضحية، او الرد على الرقم الشائع الذكر، أي رقم ٣٢٨ »جثة«، وهو رقم الصليب الأحمر اللبناني كما ورد في تقرير كاهان، حتى بات رقم ،٣٢٨ هو السقف الأعلى لكل لائحة تعود الى مرحلة ما بعد المجزرة، إذ لم تتجاوز أية لائحة منها هذا الرقم!!

أما لو طرحنا السؤال: هل هناك مصادر لم يُعثر عليها بعد؟ فالجواب: بالتأكيد نعم. خلال الأعوام الستة الأخيرة، كثيرا ما قرأت حكاية ما، او حديثا ما مع أحد الناجين من المجزرة، وفي الحديث أسماء ضحايا لم أكن قد عرفت عنها. كذلك، جاءني كثيرون من الأهالي ـ بعد صدور الكتاب ـ ليحدثوني عن ضحاياهم.

وهناك سبب آخر يستند الى المعلومات الأكيدة لدي، بوجود لوائح لعدد من هيئات الدفاع المدني الأهلية، وكذلك لمؤسسة دولية كبرى، وقد تحدث عاملون في هذه الهيئات والمؤسسات عن الأرقام النهائية التي توفرت لديهم، ووعدوا بتقديم لوائح مؤسساتهم، لكنهم لم يتمكنوا من الوفاء بوعودهم، فالمسؤولون في المؤسسات او الهيئات التي يعملون فيها رضخوا لسياسة التعتيم، ورفضوا. وقياسا على تحليل اللوائح المماثلة التي كانت قد توفرت لدينا، فالمتوقع في حال الحصول على اللوائح المخبأة في الأدراج حتى الآن، ان يضاف الى لائحة الضحايا والمفقودين أسماء تفوق الألف، ولعلها الأسماء التي يُقال إنها »ضاعت«!!

في حال نجح هذا المشروع، نكون قد قمنا بالواجب المبدئي والأول تجاه الضحايا وذويهم، ولو بعد عشرات السنين. وسوف نكتشف أخيرا التقارب بين الأسماء الموثقة بالمصادر، وبين الأعداد التقديرية كما وردت لدى تقرير ماك برايد، او كتاب أمنون كابليوك، او كتاب صبرا وشاتيلا: أيلول .١٩٨٢

المشروع الثاني: تشجيع أهالي صبرا وشاتيلا على كتابة مذكراتهم، وتشجيع الباحثين العرب على البحث والكتابة ليس عن مجزرة صبرا وشاتيلا، فحسب، بل عن المجازر الصهيونية، والأساليب الصهيونية المتنوعة ضد الشعب الفلسطيني خاصة، والأمة العربية عامة.

واسمحوا لي في هذا المجال بأن أتوقف إزاء ما أرجو ان يبعث فينا روح النضال، لا اليأس والاستسلام، اسمحوا لي بأن أذكر بأن الحركة الصهيونية ما زالت تنتج كل عام، بل كل شهر، كتبا جديدة، وأفلاما جديدة، وروايات جديدة، عن الهولوكوست، وهذا بالإضافة الى تشييد المتاحف، وإقامة أجنحة خاصة بأرشيف الهولوكست في الجامعات الكبرى. وكل هذا، والصهيونية ما زالت تعتبر نفسها في موقع الضحية، متجاهلة أحيانا، ومتباهية في أحيان أخرى، بأنها أصبحت هي الجلاد! ومن مهازل العصر ادعاء هذا الجلاد بأنه لا يفعل شيئاً سوى الدفاع عن نفسه!!

ويبقى السؤال الأخير: ونحن، متى ندافع ـ كما يجب ان ندافع ـ عن ضحايانا؟ متى ندافع عن وجودنا؟ ومتى ندافع عن مستقبلنا، وأعني به مستقبل الأمة، لا فلسطين وحدها، ولا لبنان وحده.

([) كلمتان القيتا في مسرح المدينة بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لمجزرة صبرا وشاتيلا (بيروت: ١٦/٩/٢٠٠٨)

تم تعديل بواسطة أسامة الكباريتي

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...