اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

نظم الحكم السياسية, و تأثيرها على نظام الدولة القضائى


حرفوش

Recommended Posts

الزملاء الأعزاء,

كتبت هذا الموضوع لشرح تأثير نظام الحكم السياسى على السلطة القضائية, و كيف يؤدى تغيير النظام الساسى بالتبعية إلى تغيير فى كفاءة القضاء.

نظم الحكم السياسية, و تأثيرها على نظام الدولة القضائى.

مقدمة:

عند الحديث عن نظام الحكم فى دولة ما, نسمع كلمات مثل

· ديمقراطية

· ديكتاتورية

· إشتراكية

· رأسمالية

· فاشية

· جماهيرية

· ملكية

· برلمانية

ألخ.

و المقارنة بين هذه التعريفات هو مثل المقارنة بين البطيخ و قرع العسل, و المانجو.

فهناك فرق بين نظام الدولة, و بين أسلوب حكم الدولة.

و هناك دول ديمقراطية, و فى نفس الوقت اشتراكية

و هناك دول برلمانية, و لكنها فى نفس الوقت رأسمالية.

و هناك جمهوريات من كل لون , و طعم.

و لكى أسهل لى القارئ تتبع ما أكتبه, فسوف أبدأ بتقسيم النظم السياسية إلى قسمين , ثم نغوص فى هذين القسمين للبحث عن تقسيمات , أو كيانات أخرى.

و النظام الملكى قد يكون نظاما ديمقراطيا, أى أن الملك لا يحكم بنفسه, بل يعاونه فى الحكم برلمان يتم انتخابه بمعرفة الشعب.كما سأشرح فيما بعد

مثل هذا النظام يطلق عليه : ملكية نيابيةRepresentative Monarchy.

و لكن فى حالة تفرد الملك بالحكم, و تعيين بعض معاونيه, أو بعض الأمراء لكى يعاونوه فى حكم البلاد, فإن هذه الملكية تسمى: الملكية الأوتوقراطية.Autocratic Monarchy .

و النظام الجمهورى هو النظام الذى لا يوجد على رأسه ملك, بل رئيس دولة منتخب, يتولى الحكم بمعاونة مجلس نيابى منتخب أيضا.

و النظام الجمهورى يتم تشكيله فى صورتين:

فالجمهورية قد تكون نيابية, أو تكون رئاسية.

و الجمهورية الرئاسية يرأسها رئيس يتم انتخابه بواسطة الشعب, و يقوم هو بالحكم مستعينا بمجلس نيابى منتخب, و يكون هو رئيس السلطة التنفيذية, و يقوم بتعيين الوزراء , و يقيلهم متى شاء.

و لكن توجد أيضا جمهوريات نيابية, حيث ينتخب الشعب رئيسا للدولة, كما يتم أيضا فى نفس الوقت انتخاب رئيسا للوزراء,( فرنسا, تركيا, إسرائيل مثلا)

فى هذه الحالة, لا يستطيع رئيس الدولة إقالة رئيس الوزراء الذى اختاره الشعب فى انتخاب حر عام.

و فى بعض هذه الجمهوريات, قد ينفرد رئيس الوزراء بإدارة الحكم بمعاونة البرلمان المنتخب, أو يتقاسم الحكم بحيث يكون لرئيس الدولة اختصاص معين, و يكون لرئيس الوزراء بقية الإختصاصات.

و لكن بعض الجمهوريات تسمح بانتخاب رئيس واحد للدولة, بحيث يصبح رئيس السلطة التنفيذية, و يقوم باختيار الوزراء, و يملك حق عزلهم, و لكن سلطاته ليست مطلقة عند إقرار الميزانية العامة, فقد يمكن للبرلمان بشقيه تمرير الميزانية, و أشهر مثال لذلك الولايات المتحجدة الأمريكية.

و لكن الأمور ليست بهذه السهولة, فهناك دول بسيطة, أى تحكمها حكومة واحدة,

و هناك دول مركبة, يتواجد بها حكومة مركزية, و عدة حكومات إقليمية, و تسمى الحكومة المركزية " الحكومة الفدرالية" مثل أمريكا, و سويسرا, و كندا, و أستراليا., تسمى الأحكومات ألأخرى:

· حكومة الولاية

· حكومة الإقليم

· حكومة المقاطعات. ألخ.

هذه هى خريطة مبسطة لنظم الحكم الموجودة حاليا. و كون هذه الحكومات توصف أحيانا بأنها

" إشتراكية"

أو "شمولية",

أو "ديكتاتورية"

, أو " فاشية"

, أو " ديمقراطية"

, أو " رأسمالية"

, فإن هذا هو مجرد اجتهاد يصف أسلوب, و ليس نظام الحكم.

و نظرا لأن مقالى هذا يهدف أصلا للحديث عن النظم القضاائية, فإنه لم يكن من الممكن أن أشرح هذه النظم القضائية بدون التمهيد بما كتبته عاليه.

فى الحلقة القادمة , سأكتب ستكون عن النظم " القضائية", حيث سوف أشرح هذه النظم بالإشارة إلى ريادة مصر فى مجال القضاء فى الماضى.

إلى اللقاء .

تم تعديل بواسطة حرفوش
رابط هذا التعليق
شارك

تكملة الموضوع:

ما يميز الحكومات التى تنتهج النظم الديمقراطية أو النيابية, هو أن مجالسها النيابية يتم انتخابها ديمقراطيا بواسطة الشعب مباشرة, و لكن الملكية النيابية كان لها الريادة فى الممارسة الديمقراطية, حيث أن دور المجلس النيابى (المكون من مجلس واحد, أو مجلسين) لم يقتصر على عملية التشريع, بل كان نواة لتشكيل الحكومة على الغرار الآتى:

فى دول مثل انجلترا, و استراليا, و نيوزيلاند, و مصر قبل الثورة, كان البرلمان هو عصب الحكم, و كانت الأحزاب هى ولادة الزعماء, حيث أن اختيار أية حكومة كان يتوقف على رضى الشعب عن رئيس و أعضاء حزب معين من الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية فى ذلك الوقت.

تبدأ عملية اختار الحزب الحاكم بالدعوة( من الملك) لإجراء انتخاب عام, و ذلك متى انتهت ولاية حكومة معينة بعد حكم لمدة 4 سنوات.

قد تبدأ الدعوة إلى الإنتخابات قبل هذه المدة إذا قرر البرلمان سحب الثقة برئيس الحكومة قبل انتهاء ولايته, و لكن عند انتهاء فترة 4 سنوات, تكون الدعوة لإنتخابات جديدة جبرية. أو إذا أعلن الملك إقالة البرلمان, و اختيار حكومة جديدة.

كيف يتم انتخاب الحكومة الجديدة؟:

بعد أن يتم الإعلان عن فتح باب الترشيح لمجلسى الشعب, و هما المجلس السفلى, و المجلس العلوى( طبقا لموقع قاعة المجلس فى الدور الأرضى أو العلوى).

و فى مصر كان المجلس السفلى هو مجلس " النواب", و يتم اختيار جميع أعضائه بالإنتخاب العام المباشر.

كما كان المجلس العلوى يسمى" مجلس الشيوخ", و كان يتم تعيين خُمسى عدد الأعضاء بواسطة الملك, و يتم انتخاب البقية فى اقتراع عام.

و كانت الخطوة التالية, و التى مازالت الدول التى أشرت إليها عاليه تمارسه, هو دعوة الأحزاب, و بقية الشعب للتقدم بالترشيح لأى من المجلسين, علما بأن مدة عضوية المجلس الأعلى كانت ضعف مدة عضوية المجلس الأدنى, بحيث يتم تغيير نصفى لعضوية مجلس الشيوخ كل 4 سنوات, و ذلك لضمان استمرارية التنيسق بين المجلسين.

و كانت الأحزاب تعلن عن برامجها السياسية و الإجتماعية مثلما يحدث الآن, و فى اليوم المقرر لإجراء الإنتخاب, يتوجه عامة الشعب إلى مراكز الإنتخاب, و كما يحدث فى كل الدولة الديمقراطية, كانت الإنتخابات تعقد فى قاعات المدارس, و فصولها.

بعد فرز الأصولت, تعلن لجنة الفرز عدد الأصوات التى حص عليها كل مرشح, و يعتبر الحزب الذى يحصل مرشحيه على نسبة 51 فى المائة, هو الحزب الفائز فى الإنتخابات, و يصبح من حقه دستوريا اكوين الحكومة, التى تتكون من رئيس الحزب كرئيس للوزراء, الذى يختار بقية الوزارة من الأعضاء المنتخبين من نفس الحزب.

نلاحظ هنا أن هذه القاعدة مازالت مستقرة فى أغلب الدول التى تتبع النمط الأنجلوساكسونى, مثل الدول التى ذكرتها عاليه, و لا يجوز تعيين وزير لم يختاره الشعب ف انتخاب عام.

و لكن تكون هناك حالات لا يوفق فيها حزب واحد الحصول على نسبة 51%, هنا, يمكن للملك, أو رئيس الدولة الذى يمثله, أن بعرض على أكثر الأحزاب عضوية فى البرلمان( دائما المجلس السفلى) أن يكون واحد منهما حكومة إئتلافية, كما حدث أخيرا فى إسرائيل.

و فى هذه الحالة تكون هناك عدة خيارات:

1- أم يأتلف اكبر حزبين عددا فى النواب لكى يؤلفا حكومة, يرأس حكومتها الحزب الأكثر عددا, و يصبح رئيس الحزب الآخر نائبا لرئيس الوزراء.

2- أن يتحد حزب أقل عددا, مع حزب آخر أقل عددا, بشرط أن يكون مجموع عضوية الحزبين فى البرلمان أكثر من 50 %.

3- أن يتحد حزب أكبر عددا, مع حزب أقل عددا, بنفس الشروط.( حكومة ناتنياهو الحالية).

متى تم الإئتلاف, يعلن الملك أن الحزب الفائز, أو الحزبين المؤتلفين سوف يكونا الحكومة الجديدة.

و يتم تنصيب الحكومة الجديدة بعد فرز جميع الأصوات الغائبة, و المتأخرة, و يتم تحديد يوم للحكومة الجديدة لكى تؤدى القسم, و تصبح حكومة البلاد الجديدة.

و قل أن نغادر هذه النقطة, للحديث عن تأثير تكوين الحكومات على القضاء, يجدر بالذكر أن رئيس الوزراء, الذى يجب أن يفوز أولا فى فى المجلس السفلى ( النواب, أو الشعب), له حق تكوين الوزارة من أعضاء حزبه الذين فازوا فى أى من المجلسين, السفلى و العلوى( النواب أو الشيوخ)

كذلك, يجب التنويه إلى أن الأعضاء المستقلين كان لهم دور هام فى التصويت على مشاريع القوانين, و ذلك عندما تتساوى كفتى الحزب (أو الإئتلاف الحاكم) و المعارضة, و يكون صوت مستقل واحد هو السيف القاطع.

فى الفقرة القادمة سأتكلم تاثير هذه النظم على كفاءة القضاء فى ظل حكمها.

و إلى اللقاء,

وتقبلوا التحية.

رابط هذا التعليق
شارك

تكملة للموضوع:

و الآن, سأتحدث عن النظام السياسى المصرى قبل الثورة, و النظام القضائى الذى كان متبعا منذ إصدار دستور 1923.

كما ذكرت عاليه, كانت مصر دولة ملكية إلى أن قامت ثورة 23 يوليو سنة1952, و كان دستور 1923 مازال ساريا إلى أن ألغته الثورة, و استبدلته بعدة دساتير, و آخرها هو الدستور الحالى.

كانت هناك مفارقة قانونية غريبة فى ذلك الوقت, فقد نظم دستور 1923 مؤسسات الدولة على النمط الإنجليزى تماما, و لا عجب فى ذلك, فقد تم صياغة الدستور أثناء الإحتلال البريطانى لمصر, و لكن المحاكم , و نظام التقاضى, عدا نظام المحاكم المختلطة, تبعت النمط الفرنسى, و يرجع ذلك إلى أن كبار فقهاء القانون المصرى , و الذين احتلوا فيما بعد مقاعد القضاء, كان أغلبهم قد تم تعليمهم فى فرنسا, و طبقوا فى مصر الأسلوب الفرنسى للمحاكم.

هنا يجب أن أشرح لكم الفرق بين الأسلوب أو النمط الأنجلوساكسونى, و الأسلوب الأوروبى المتبع فى الإجراءات القضائية.

فالقضاء الذى يطبق فى المحاكم الإنجليزى( أستراليا, نيوزيلاند, انجلترا, أمريكا), تتم إجراءات المحاكمة فيه طبقا للنظام الأنجلوساكسونى, على نمط يسمى بالإنجليزية:

The Adversary System ,

و يمكن ترجمة هذا المصطلح الى عدة تعريفات من واقع الممارسة:

" نظام المنازلة " أو

"نظام الغرماء" أو

"نظام المخاصمة"

و من الممارسة أيضا, سيتضح أن كل هذه المسميات حقيقية, كما سنرى.

أما النمط الذى تستعمله المحاكم التى تطبق القانون( المدنى) الأوروبى , أو النابوليونى, فهو نمط آخر , و يسمى بالإنجليزية:

Inquisitorial System

و ترجمة هذا, طبقا لمغزى هذا المقال, هو

" نظام التحقيق"

" نظام التحرى"

"نظام التقصى"

و ترجع هذه التسمية الى نوعية السلطات المعطاة للقاضى أثناء نظر القضية.

و لما لم يكن المقصود من هذا المقال تقديم بحث أكاديمى, بل شرح مُبسط للفرق ما بين النمطين, فسوف أسرد الفروق, بدون إطالة فى الشرح.

The Adversary System

يعتمد هذا النمط أساسا على قدرة طرفى النزاع فى التحكم الكامل فى سير إجراءات القضية, فإذا كانت القضية جنائية, يكون طرفيها هما مدعى الإتهام ( النيابة فى مصر), و محامى الدفاع,

فالإتهام يحدد نوع الجريمة,

و الدفاع فى المقابل يُمكنه الإختيار أحيانا ما بين محكمة أدنى بدون حضور المحلفين, أو محكمة أعلى بحضور المحلفين,

كما أن له هذ الإختيار فى حالة ما إذا أراد المتهم الإعتراف بالجريمة,أ و فى المقابل, الإستعداد لتحدى القضية, و الدفاع.

كذلك يختار الإدعاء الأدلة التى سيعتمد عليها لإثبات إدانة المتهم,

كما أن الإدعاء أيضا سيحدد القانون الذى يعتقد أنه يغطى الجريمة المرتكبة. و الشهود الذين سيحتاج لهم لإثبات الإدانة.

كذلك من حق الدفاع تحديد الأدلة التى سيحتاج أليها, و الشهود الذين يرغب فى إستدعائهم.

بعد ذلك, ستبدأ المحاكمة بعد أن يكون طرفى "المنازلة" مستعدين تماما, و متى بدات المحاكمة, فإنها تستمر طوال اليوم, و إذا دعت الضرورة, يوم آخر ... و هكذا, حتى تنتهى المحاكمة.

و يختلف دور القاضى وفقا لنوع المحاكمة, أى:

1- فى حضور محلفين

2- بدون حضور مُحلفين.

فإذا كانت المحكمة تتضمن محلفين, فإن وظيفة القاضى هى أن يكون حكما بين الطرفين, فعليه أن يشرح للمحلفين التعريفات القانونية التى يجب أن يستندوا اليها للوصول الى قرار بالإدانة أو البراءة.

أما بقية دوره, فهو أن يحافظ على نظام الجلسة, و سلاسة سيرها, و يُوقف المحاكمة إذا كانت هناك حاجة لشرح القانون, أو لإستماع الى إعتراض.

و فى هذه الأثناء, لا يتدخل القاضى فى الإجراءات , بل من النادر أن يسأل أسئلة من المتهم, بل احيانا يسأل أسئلة من الدفاع, أو الإتهام.

و تبدأ المرافعة بالإدعاء( الإتهام), الذى يشرح التهمة, ثم يذكر أنه سوف يقيم الدليل عليها, ثم يعقبه الدفاع, الذى ينفى التهمة, و أنه مستعد لتقديم الأدلة التى تفند مزاعم الإتهام.

يلى ذلك تقديم الأدلة بمعرفة الإتهام, و يتضمن ذلك الأدلة المادية, مثل سلاح الجريمة, نقود, مخدرات .... الخ, ثم يستجوب الشهود, و هم الجزء الغير مادى من الأدلة,

بعدأن ينتهى الإتهام من إستجواب الشهود, يجئ دور الدفاع فى إعادة إستجواب الشهود, و للإتهام الحق فى أن يعيد سؤال الشاهد مرة أخرى, و أخيرة.

بعد أن ينتهى الإتهام من تقديم أدلنه, يقوم محامى الدفاع بتقديم أدلته و استجواب الشهود بنفس الطريقة السابقة.

يلى ذلك مرافعة الإتهام التى يلخص فيها القضية, و يليه الدفاع الذى يلخص الدفاع.

و تكون الكلمة الأخيرة للإتهام.

فى خلال كل هذا, يكون طرفى النزاع هم المتحكمين فى سير المحاكمة, ومتى إنتهيا, يجى دور القاضى:

سيشرح القاضى للمحلفين دورهم فى المحاكمة, وأن عليهم أن يفهموا وصف الجريمة قانونيا, ثم بعد سماعهم للمرافعات, عليهم تقييم الأدلة المقدمة, و لا شيئ غيرها, لكى يقرروا ما إذا كان المتهم قد ارتكب الجريمةالمنسوبة اليه.

بعد مداولة المحلفين, يعودوا الى صحن المحكمة ليعلنوا قرارهم.

وهنا يجئ دور القاضى مرة أخرى, فإذا كان القرار هو البراءة, تنتهى الإجراءات, و يأمر القاضى بإطلاق سراح المتهم فورا,

أما إذا كان القرار بالإدانة, فسيأمر القاضى بتأجيل الجلسة لعدة ساعات, أو للغد, لكى يتقدم كلا الطرفين بالتماس تشديد, أو تخفيف العقوبة, و يوصف هذا الإجراء ب: أجراءات ما قبل النطق بالحكم.

بعد ذلك, و فى الموعد المحدد للنطق الحكم, يعلن القاضى العقوبة التى ستطبق على المتهم, و أسباب هذا الحكم.

و يكون الحق فى الإستئناف تلقائيا, ما لم يتنازل أحد الطرفين عنه.

و فى حالة ما إذا كانت المحاكمة بدون محلفين, فإن مهمة تقييم الوقائع, بالإضافة الى القانون, ستكون من وظيفة القاضى,

هذه هى أهم مظاهر هذا النظام, الذى يعطى لطرفى النزاع السلطة الكاملة لتقديم كلا من وجهة نظر المجتمع, و حق المتهم فى الدفاع.

أما النمط الآخر المتبع فى مصر و الذى يرجع أصله إلى القانون الرومانى. Inquisitorial System. فسأشرحه فى الفقرة القادمة,

و للحديث بقية.

رابط هذا التعليق
شارك

تكملة الموضوع:

أما النمط الآخر المتبع فى مصر و الذى يرجع أصله إلى القانون الرومانى. Inquisitorial System. فيمكن تلخيصه فى النقاط الآتية:

يتشابه النظامين فى أمور كثيرة, و لكن نقط الخلاف بينهما يمكن ملاحظتها فى الأمور الآتية:

1- دور القاضى:

القاضى فى النظام الأوروبى, يتحكم فى أمرين:

أولهما التحقيق, فالقاضى له حق إصدار أوامر بوقف المحاكمة لإجراء تحقيق إضافى, أو إستكمال تحقيق ناقص,

و ثانى الأمرين هو أن القاضى له سلطة مطلقة فى إستجواب المتهم, و الشهود, و أيقاف المحاكمة لإضافة تهم, و استئنافها, و إعادة إستجواب الشهود و المتهم, و إملاء أوامر لجهة الإتهام, بالضبط, و الإحضار, و جمع أدلة إضافية.

و هذا يختلف عن دور القاضى فى النظام السابق شرحه, أى

The Adversary System

حيث أن الشرطة, و جهة الإتهام هى المسئولة عن جمع الأدلة فى القضايا الجنائية, بينما يكون أطراف النزاع المدنى مسئولين عن جمع الأدلة الخاصة بهذا النزاع.

و تكون مهمة القاضى الأساسية( فى نظام( The Adversary System هى التعامل مع القضية بعد الوصول إلى مرحلة سماع الدعوى,

و لكن على القاضى أحيانا, ان يفصل فى أمور تخص الإجراءات, و ذلك قبل نظر النزاع نفسه, مثل طلبات الأفراج بكفالة, أو النظر فى الإحالة, .

و لكن متى بدأت المحاكمة فى نظام ( (The Adversary System, فإن القاضى, أو" الماجيستيريت " ( سأشرح وظيفته فى موضوع مستقل) لا يتدخل فى أسلوب عرض الأدلة, الذى يكون متروكا عادة فى أيدى طرفى النزاع,( سواء الجنائى, أو المدنى).و يكتفى بإصدار أوامر تتعلق بقواعد الإجراءات, و الأدلة المسموح بها. و لكنه لا يقوم باستجواب المتهم أو الشاهد, إلا لإستيضاح أمر قانونى.

2- دور ممثلى أطراف النزاع:

طرفى النزاع الجنائى هما المتهم, و الدولة, و يمثل الطرف الأول مدافع مهنى قانونى, و يمثل الطرف الثانى الإدعاء أو الإتهام, و قد يكون أحيانا شخصية حكومية من وزارة العدل, كما يمكن أن يكون محاميا ممارسا, تنتدبه الحكومة لكى يقوم بمهمة الإتهام, أو الإدعاء.

و فى النظام "التحقيقى" الأوروبى المتبع فى مصر, يمكن لممثلى الطرفين سؤال المتهم أو الشهود بعد أن ينتهى القاضى من سؤالهم, و لكن ذلك يجب أن يكون بإذن من القاضى,

و على ذلك, فإن حضور محامى فى القضايا المنظورة فى ظل هذا النظام ليس له ضرورة فى أغلب الأحيان.

بينما فى النظام الآخر, Adversary فإن دور ممثل أى من الطرفين يكون مهما جدا, حيث أن من حقهم مناقشة الأدلة المقدمة من الطرفين, و سؤال الشهود, ثم سؤالهم من الطرف الآخر, ثم إعادة سؤالهم من الطرف الأول, و ذلك للتأكد من صحة الأدلة, أو إلقاء شك فى صحتها, على حسب الظروف.

لهذا, فإن دور الدفاع فى هذا النظام يعتبر أهمية قصوى, حيث أن المحاكمة كلها ليست سوى مبارزة بين ممثلى طرف النزاع, و المتهم, الذى لم يمثله شخص متخصص, سيكون كمن يبارز شخصا يلوح سيفا, بيده المجردة.

3- الأدلة: فى النظام الأوروبى( المتبع فى مصر),

تكون أغلب الأدلة فى شكل مستندات مكتوبة, و إستثناءا, يمكن قبول رأى الخبراء الشفوى فى المحكمة كدليل, و أيضا تصريحات شهود الرؤية تحت القسم, و لكن فى النظام الإنجليزى Adversary فإن أغلب الأدلة يتم تقديمها شفويا, حتى يمكن إستجواب كاتب التقرير, أو الخبير, أو المسئول الذى أصدر المستند المعول عليه فى القضية.

4_ شهادة الشهود: -

- فى النظام الأوروبى ( التحقيقى) تكون شهادة الشاهد كمن يقص قصة, و يسمح له القاضى بأن يقول ما أراد أن يقول.و نادرا ما يستوقفه القاضى لسؤاله, إلا بعد إنتهاء سماع شهادته.

و لكن فى النظام Adversary يكون سؤال الشاهد فى شكل أسئلة محددة, و لا يجب أن تتجاوز الإجابة حدود هذا السؤال, و فى الولايات المتحدة, عند سماع الشهود, يمكن فى بعض الحالات توجيه سؤال إلى الشاهد, أو المتهم, بحيث تكون الإجابة عليه بكلمة: نعم,,,,,,,,, أو ,,,,,,,,,,, لآ, ...و لا تقبل المحكمة أى رد آخر.

5- التوصل إلى الحقيقة:

يهدف النظام الأوروبى الذى تتبعه مصر إلى الوصول إلى " الحقيقة", لهذا يقوم القضاة بالتحقيق و استجواب الأدلة, و لكن ذلك لا يعنى أن القاضى سيتوصل إلى الحقيقة, حيث أن بعض الأدلة ربما لن يمكن أن يتوصل إليها القاضى أو جهات التحقيق الأخرى( النيابة مثلا) كما أن القاضى أثناء نظر ملف القضية, يطلع على معلومات خاصة بماضى المتهم, و معلومات أخرى عن أقاربه و أصدقائه, مما يجعل القاضى عرضة للتحيز, حيث قد تؤثر هذه المعرفة المسبقة على حياده, و نظرته للمتهم.

بينما صُمم النظام الإنجليزى بطريقة تسمح لكل من طرفى النزاع بالتقدم بلأدلة التى ترجح قضيته, و تعطى المحكمة لكليهما الوقت الكافى لطرح أدلته, و مناقشتها, و لكن هنا أيضا, فلن يعلن كلا الطرفين أوراقهما كاملة, بما ينفع, و بما يضر, و لذلك, فإن الحقيقة هنا قد لن يمكن التوصل إليها.

و الآن, و قد أوضحت الفروق بين النظامين القضائيين, أجد أنه من الضرورى أن أشرح كيف تأثر القضاء المصرى باستبدال النظام الملكى بنظام جمهورى, ثم الغاء دستور 1923, و أحلال دساتير أخرى محله.

و هنا يلزم أن أتوقف قليلا حتى يمكن للقارئ أن يستوعب ما ذكرته عاليه, قبل أن أدخله فى متاهة قانونية أخرى,

و للحديث بقية.

تقبلوا أسمى تحياتى.

رابط هذا التعليق
شارك

التكملة النهائية للموضوع:

من عنوان الموضوع, المحت إلى أن التغيير فى النظام السياسي لدولة, يتبعه عادة تغيير فى النمط أو النظام القضائي لهذه الدولة.

و سوف نستشف هذا التغيير بمتابعة التغييرات التى طرأت على النظام السياسى, و رد فعلها على قضاء الدولة, بعد ثورة 1952 , و إلى يومنا هذا..

كان أهم تغيير فى دساتير ما بعد الثورة هو إغفال ذكر كلمة " القانون" فى ديباجة الدستور, و أحلالها بكلمة " التشريع".

و بقراءة نص المادة 2 من دستور عام 1970 القائلة:

المادة (2)

الاسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.

نقفز إلى الإستنتاج أن المقصود هو التأكيد بأن "قانون" الدولة هو "التشريع" , و أن مبادئ الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى لهذا التشريع.

و لما كان كل دارس للقانون يعلم أن كلمة" قانون" لا تعنى كلمة " تشريع" , حيث أن "التشريع" هو فقط أحد مصادر " القانون",

و أنه إذا كانت هناك مصادر أخرى( و خاصة بعد ذكر كلمة " الرئيس" أى أن هناك مصادر "فرعية") للقانون غير للتشريع ( المفترض أنه بديل لكلمة " لقانون") و " مبادئ الشريعة الإسلامية",, فماذا لم يرد لها ذكر هذه المصادر فى الدستور؟

يبدو أن واضعى مواد دستور 1971 الأخير لم يطلعوا على القوانين التى صدرت فى ظل دستور عام 1923, و التى نص أهمها( وهو القانون المدنى رقم131 لعام 1948) قد فى مادته الأولى:

المادة 1

(1) تسرى النصوص التشريعية على جميع المسائل التى تتناول هذه النصوص فى لفظها او فى فحواها . (2) فاذا لم يوجد نص تشريعى يمكن تطبيقه ، حكم القاضى بمقتضى العرف ، فاذا لم يوجد ، فبمقتضى مبادى الشريعة الاسلامية ، فاذا لم توجد ، فبمقتضى مبادى القانون الطبيعى وقواعد العدالة.

و فى الفترة ما بين صدور دستور 1923, و قيام ثورة 1952, التزمت المحاكم بهذا التسلسل , الذى أضاف إيه الفقه القانونى, أو الفقه القضائى كما يشار إليه أكاديميا, إلى السوابق القضائية التى ورد ترتيبها بعد العرف مباشرة, كمصدر إحتياطى للقانون.

إذن, جاء آخر الدساتير بقاعدة تجعل " التشريع" , وهو أحد مصادر القانون فقهيا, هو المصدر الوحيد للشرعية القانونية, (و مبادئ الشريعة الإسلامية كالمصدر الأساسى ), ملغيا بذلك جميع المصادر التقليدية الأخرى.

ما هى أهمية هذا الإغفال العمدى لذكر المصادر التقليدية للقانون بالإضافة إلى التشريع؟

الإجابة على ذلك واضحة لرجال القانون الأكاديميين, فإن تفعيل هذه المادة قد ألغى " السابقة القضائية" كمصدر من مصادر للقانون, حيث أنه الفقه القانونى يلزم جميع المحاكم باحترام القوانين الصادرة من أعلى محاكم النقض, و التى غيرت فى مفهوم أو معنى كلمة فى القانون, و اكتسبت سلطة القانون الذى يسرى على المحاكم الدنيا.

و الغرض من ذلك هو وضع حد لتدخل القضاء فى تصرفات السلطة التنفيذية, و استبعادها كمؤسسة لها حق خلق سابقة قانونية مقيدة لبعض تصرفات السلطة التنفيذية, منافسة بذلك مجالس الدولة التشريعية.

و فى الماضى كانت السوابق القضائية ملزمة لأطراف القضايا التى صدرت فيها الأحكام النهائية, كما كانت لها حجية القانون فى القضايا المرفوعة المماثلة, و التى تستشهد بالحكم لصالحها.

للأسف, زال هذا الحق فى ظل الدستور الحالى, و أصبحت السوابق القضائية غير مذكورة فى الدستور كأحكام لها قوة القانون, و أصبح من غير الممكن أن يشير طالب حق إلى " سابقة" تؤكد هذا الحق, و عليه أن يتقدم بإثبات ما سبق أن إثبته غيره فى قضية مماثلة تتشابه فيها الأحداث و الوقائع و القانون, ربما سيستغرق نظر هذه القضية سنوات, رغم أن الحكم القضائى الموجود كان كفيل بحل هذه القضية, و ذلك بتطبيق نفس القاعدة على القضية الجديدة, متى تشابهت الوقائع, أى اعتبار أحكام السابقة القضائية الثابتة بمثابة القانون الذى كشفه القضاء و ليس المشرع.

كلمة ختامية,

كتبت هذا الموضوع لفائدة دارسى الدراسات العليا و الدكتوراة. و سوف أفرد موضوعا جديدا للسوابق القضائية كمصدر للقانون قريبا ( كتكملة لهذا الموضوع) بإذن الله.

و الله المعين.

تقبلوا التحية.

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...