اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

من الحبل إلى سيارة الجولف


moody00x

Recommended Posts

من الحبل إلى سيارة الجولف

بقلـم : محمـود شنب

mahmoudshanap@hotmail.com

نحن الآن فى أمس الحاجة لمن يوضح للشعب بكل طوائفه وفئاته أن العلو الإسرائيلى لن يكون أبدًا احتلالاً عسكريًا مثلما يتصور البعض ، حتى لا نضحك على أنفسنا ونـُضحك علينا الآخرون ، وحتى لا ننام على وهم أننا مازلنا بعيدون عن القبضة الصهيونية .

لقد قطعت إسرائيل شوطـًا كبيرًا ـ بمساعدة أمريكا وللأسف بعض الدول العربية ـ نحو تحقيق حلمها الكبير دون أن يشعر منا أحد بعدما تصورنا أن علوها سيكون عن طريق الإحتلال العسكرى ، وهذا خطأ كبير لأن العلو الإسرائيلى سوف يتحقق عن طريق الإحتلال الثقافى والإقتصادى وليس الإحتلال العسكرى .

إن إسرائيل فشلت فى إحكام سيطرتها على غزه وباقى الأراضى الفلسطينية المحتلة ، رغم وقوعهم تحت سيطرتها .. إنها لا تملك من مقومات الإنتشار العسكرى ما يمكنها من إحتلال محافظة من محافظات بلادنا ، فما بالنا ان كان الوطن العربى كاملاً هو المستهدف !!

لقد سعت إسرائيل ـ عن طريق العملاء ـ فى أن تضرب اقتصادنا كله ـ العام والخاص ـ من أجل فتح السوق أمامها ، ونجحت كذلك فى تدمير ثقافتنا وتعليمنا من أجل تسويق ثقافتها وأفكارها ، ويكفى أنها وضعت على رأس مؤسستنا الثقافية فاروق حسنى ـ الوزير الشاذ ، ووضعت على رأس المؤسسة التعليمية حسين كامل ـ الوزير الكهل الذى لا هم عنده غير أن يستمر فى موقعه إلى أن يأتى على التعليم من القواعد .

وما زال المطلوب ـ أمريكيًا وإسرائيليًا ـ أن تظل مصـر مخطوفة ومغيبة عن الساحه العربية والإسلامية وأن تتقوقع داخل حدودها وتلتزم الصمت الكامل ازاء كل الأحداث التى تجرى من حولها ، وقد حدث ذلك بالفعل خلف إدعاء الحكمة والتعقل وعدم التفريط فى قوتنا وعدم استدراج الآخرين لنا حتى لا نسقط مثلما سقط الآخرون ... يحدث ذلك رغم ادراك القيادة السياسية أن القوة القطرية بمفردها لا يمكن أن تصنع شيئـًا ، ولا يمكن أن تحمى أصحابها ، وقد رأينا ذلك فى بلاد أكثر منا تقدمًا وتسلحًا ولم يحمها إلا الإنخراط فى كيانات أوسع وتجمعات أقوى ، والذى يطلب منا أن ننفض أيدينا من العرب وأن نغلق حدودنا فى وجه الأشقاء وأن نحتفظ بقوتنا لأنفسنا لا يمكن أن يكون انسانـًا سويًا أو عاقلاً ، لأن مصـر بمفردها مهما بلغت قوتها المسلحة لا يمكن لها أن تواجه منفردة أى دولة من دول الغرب ، فما بالنا لو كانت المواجهة مع أمريكا !!

إن الأمر يتطلب دورًا مصريًا لا نقول يقود المنطقة إلى الحرب وإنما يقودها نحو التضامن والتكتل والاندماج والدفاع المشترك ، وما تقدمه مصر اليوم للاخوه العرب سوف تلقاه منهم غدًا ..

لقد ضُرب السودان فى وجودنا ولم نعترض ، وضُربت ليبيا ، وضرب لبنان ، وضُربت سوريا ، واحُتل العراق ، وفى كل يوم تضرب فلسطين ... ونحن نتفرج وندعى الحكمة والتعقل ونلتزم بسلام الشجعان !!

إننا فى مصر نتصور أنهم بدأوا بالآخرين قبل أن يبدأوا بنا .. والعكس هو الصحيح ، لقد بدأوا بنا منذ عهد طويل ، وكان التركيز شديدًا فى عهد السادات وحسنى مبارك حيث سقطت كل الثوابت وتلاشت كل القيم والمبادئ ، وما نفعله اليوم بأنفسنا تعجز أى قوة محتلة أن تفعله فينا .

من أين تأتى القوة التى تجعلنا نغنى ونرقص ونحن فى بيت العزاء ؟!!

من أين تأتى القوة التى تجبرنا على الطعن فى ديننا والاستهزاء من كل ثوابتنا وقيمنا ؟!!

من أين تأتى القوة التى تفرض علينا اليأس والانكسار أكثر مما فرضته نكسة يونيو 1967 ؟!!

من أين تأتى القوة التى تجعل نصف الشعب عاطل والنصف الآخر مريض ؟!!

من أين تأتى القوة التى تنشر الرذيلة وتفسد الأخلاق وتـُنـَصِب علينا الخونه والعملاء ؟!!

إن مصر بوضعها الحالى تعيش دمارًا حقيقيًا غير منظور أشد مما حدث فى العراق ، لأن دمار الانسان يفوق بكثير دمار البنيان ، ومن لم يصدق عليه أن ينظر إلى حجم الخونه والعملاء وحجم التسيب والسرقات وحجم قضايا الشرف والمخدرات وحجم البطالة والمرض وحجم من فقدوا الانتماء والشرف ...

لم يعد لدينا ما يميزنا بين الأمم لا زراعيًا ولا صناعيًا ولا أخلاقيًا ... نعيش فى البلاد ولا نعرف أين يذهب دخل قناة السويس أو البترول أو السياحة أو الضرائب أو الجمارك ناهيك عن قطاعات الانتاج الزراعية والصناعية ... نسمع أرقام تـُلقى كل عام فى صورة بيان للحكومة يصفق له داخل مجلس الشعب من يصفق ويعترض من يعترض ، ولكن لا توجد قوة على وجه الأرض غير قوة اللصوص تعرف الحقيقة !!

أصبحنا نأكل بالدين ونشرب بالطين ونعيش خلف زنازين البطش وظهرت نماذج يندى لها الجبين ـ ليس أقلها فيفى عبده وسمير رجب ويوسف والى وحكومة عبيد وكمال الشاذلى ـ المسدس كاتم الصوت ـ وفتحى سرور الذى يخلق الموافقات من السكوت !!

أنا لا أريد أن اُحمل مصر أكثر من طاقتها ولا أريد أن اُحملها مسئولية كل ما يحدث حولنا .. لكننى أريد أن أوضح أن مصر بتركيبتها الحالية حولت الإنتماء إلى صفوف الأعداء ، وأصبحت ركيزة المخططات الصهيونية والأمريكية فى المنطقة ، وشجعت دول ما كان لها ذكر كالكويت وأغلب دول الخليج على التمرد والشذوذ والجهر بالخيانة والعمالة دون حياء أو تردد ..

مصر فعلت كل ما طـُـلب منها أمريكيًا دون أدنى تردد ، ومازالت بقيادتها الحالية على أتم الاستعداد لفعل ما هو أكثر وأكثر، وما يحدث فى هذه الأيام يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن مصـر فى عهد مبارك وحاشيته وأعوانه لم تعد تخدم قضايا العرب والمسلمين بقدر ما تخدم قضايا أمريكا وإسرائيل !!

إن ما حدث فى قمة شرم الشيخ الأخيرة يُظهر بوضوح ما بلغناه من تخبط وترهل وتردى وضياع .. يُظهر أيضًا حقيقة الهوية الجديدة لقادتنا والتى بسببها فقدنا مكانتنا بين الدول .

أصبحنا أقرب إلى الكباريه السياسى الوضيع الذى يجمع ساقطات المجتمع !!

وهل كانت البحرين مثلاً أحق بالمؤتمر من سوريا ولبنان ؟!!

وهل كانت السعودية أقرب للمشكلة من أصحاب الأرض المحتلة ودول الجوار ؟!!

وهل الأردن الذى ورث العمالة أب عن جد يصلح لتمثيل الدول العربية ؟!!

ألم يعد فى جعبتنا غير تلك الدول سيئة السمعة إسرائيليًا وأمريكيًا ؟!!

لقد شاركنا عن عمد فى شق الصف العربى وتقطيع أوصاله وقيادة تكتل دميم لا يقوى إلا على التنازل والتفريط .

لقد شعرت ـ ولا أقول ذلك مازحًا ـ بأن أمريكا التى نجحت بالأمس فى اختراع "الفياجرا" لكبار السن نجحت أيضًا فى اختراع "مضلل سياسى" يتعاطاه القادة المسنين غير القادرين على انتصاب الإرادة والتحرر لكى يظلوا خانعين مستسلمين !!

بالعلم والتطور تغيرت أمور كثيرة فى حياتنا ... تغيرت الطرق والوسائل ولكن لم تتغير الأهداف والنوايا ، وقد عشنا العمر نشاهد الجزار وهو يقود ذبيحته سيرًا على الأقدام إلى حيث الذبح ، وكان حريصًا على أن يمسك فى إحدى يديه الحبل وفى اليد الأخرى حزمة من البرسيم التى تأكله الضحية ولا تستطيع هضمه أو تصريفه ... كانت الوسيلة بسيطة : حبل وبرسيم ، ثم تطورت الأمور واستغنى الجزار عن وسيلة الترغيب بعدما امتلك وسيلة القهر ، فأصبح يحمل ذبيحته رغمًا عنها فى سيارة نصف نقل إلى حيث الذبح ... الهدف لم يتغير ، لكن الوسائل هى التى تغيرت ، والفكرة ما زالت قائمة .. سيد وعبد ، قاهر ومقهور ، ظالم ومظلوم ، قاتل ومقتول ..

لقد دأبت أمريكا على تقديم المساعدات ـ البرسيم ـ للدول المستضعفة ، تلك المساعدات التى نسميها مساعدات إنسانية وهى فى الحقيقة مساعدات شيطانية تقربنا من الذبح فى كل يوم خطوة ، وعندما وجدت أمريكا بعض المقاومة والتمرد جعلت الجزره أكبر والعصا أغلظ ليشاهدهم الجميع ويحدد موقفه وما تميل إليه نفسه ،ولقد أثبتت الأحداث أن الذى فضل العصا على الجزره عاش ، والذى فضل الجزره على العصا ... مات !! فهل نتعظ ؟!!

إن اللعبة ما زالت مستمرة وقد استبدل فيها الحبل والسيارة النصف نقل بسيارة "الجولف" التى قادها على أرضنا الجزار بوش بعدما استبدل جلباب الجزار بالبذلة الأمريكية ، واستبدل البرسيم بالابتسامة ، والعصا الغليظة بصواريخ كروز ...

لقد قاد قاطرة "الجولف" الرئيس بوش حاملاً فيها الذبائح من كل جنس ولون : أمير ـ ملك ـ رئيس ـ ولى عهد ... قادها وهو سعيد بالغنيمة والضحايا سعداء بعدما صور لهم خيالهم المريض بأن بوش يعمل سائقـًا لديهم !!

بوش يقود السيارة وخلفه الضحايا وإلى جواره يجلس "أفندينا" صاحب العزبة الذى عمل وسيطـًا بين الضحايا والجزار ، ورغم إدراكه انه من حيث التصنيف يُعَد من الضحايا إلا أنه كان سعيدًا لكونه سيعيش طويلاً نظرًا لما يقدمه من خدمات ستطيل فى عمره وتجعله فى آخر قائمة المطلوبين !!

يومها نزل بوش من "سيارة الجولف" منتشيًا وأمر بنزول الركاب ثم مسح عرقه مثلما مسح العراق من على الخريطة وتأمل المكان الرائع وسال لعابه وحوله أفندينا وطفل الأردن وعميل البحرين وخانق الانتفاضة وخائن الحرمين .. جلسوا كالولايا حول بوش مُرتعدى الأبدان والكروش حاملين الأكفان والنعوش .. وصمتوا إلى أن تحدث المجرم ـ إبن المجرم ـ بوش وقال بكل صلف وكبرياء ويداه ما زالت ملطخة بالدماء : جئتكم الآن من النجف وكربلاء ..

قالوا وهم فى وضع الإنحناء : مرحبًا يا أمير الأمراء ..

قال : ماذا تظنون أنى فاعل بكم ؟!!

قالوا : أخ كريم وابن أخ كريم .. أطلب ما تشاء ...

قال : أريد أولاً أن تحمدوا شارون وتكونوا له شاكرين ، فقد أمرنى ألا آتى بكم مكبلين ..

قالوا : ولِما يا أمير المؤمنين وقد أتيناك طائعين .. إن أردت بلادنا فنحن لك خادمين ..

قال متعجبًا : من غير قتال !!

قالوا : ونعطيك ثمن الإحتلال ..

فتبسم ضاحكـًا وقال مازحًا : أفٍ لكم يا أندال .. وهل يقوى على قهر شعوبكم إلا العِقال ؟!!

قالوا : إذًا تريد المال ..

قال : أموالكم فى خزائنى من قبل أن تصبحوا بغال ..

قالوا متعجبين : وماذا تريد يا أبا الرجال ؟!!

قال : أريد أن أثبت أنكم عيال ..

قالوا : لن تأت بجديد على أية حال ..

ضحك بوش وقال : مالى لا أرى سوريا ولبنان ؟!!

قالوا : سل الوسيط الذى نجح معنا وفشل معهم ..

قال : يا مروض الأسود .. أين سوريا ولبنان ؟!!

قال : يا سَيدى .. ربما ضلوا المكان ..

قال بوش : وهل لكم شرم غير هذا الشرم ؟!!

قالوا : أشرامُنا كثيرة ولكن أشهرها ما أنت فيه الآن ..

قال : دع هذا الكلام الآن وهيا بنا إلى المؤتمر الصحفى فقد آن الأوان .

قرأ الرئيس مبارك ورقة العمل الأمريكية وقال : ( نريد أن نغتنم الفرصة التاريخية للسلام وأن يتكفل محمود عباس بإنهاء العنف وحفظ النظام ... وإننا نؤكد رفض ثقافة التطرف والعنف فى أى شكل كان بصرف النظر عن التبريرات والدوافع وسوف نستخدم قوة القانون لمنع وصول الدعم إلى المنظمات غير الشرعية بما فى ذلك الجماعات الإرهابية ) .

كل كلمة تريد ألف علامة إستفهام !!

صفق بوش كثيرًا وأخذ الكلمة وقال : ( أعبر عن شكرى الخاص للرئيس مبارك فالولايات المتحدة تـُثمن روابطها القوية مع مصر .... إن الرئيس الراحل أنور السادات كان قائدًا للسلام وكانت له الرؤية فى أن يرى الفرص وكان له القلب الجرئ لاغتنامها ، وهذه الروح هى التى نحتاجها اليوم ... فى هذا الصباح أسعدنى أن أقف مع قادة العالم العربى الملتزمين وقد أعلن الزعماء اليوم رفضهم الثابت للإرهاب بصرف النظر عن مبرراته ودوافعه ... وليبارك الله أعمالنا المهمة وشكرًا جزيلاً سيادة الرئيس ) .

إتفق الإثنان على رفض العنف مهما كانت مبرراته ودوافعه ، وهذا لا يعنى غير الإستسلام الكامل للإحتلال حتى لو ضُربنا بالنعال والأحذية !!

أنهى الجزار كلمته واطمئن لسير مبارك على نهج السادات ، وسير الملك عبدالله الثانى على نهج أبيه الملك حسين ، وسير الأمير عبدالله بن عبد العزيز ولى العهد السعودى على نهج الأسرة الحاكمة ... واطمئن بوش أخيرًا على رعاية النبت الشيطانى المتمثل فى أبو مازن وحمد بن عيسى عاهل البحرين ، وسعد كثيرًا بالتنازل العربى لأمريكا عن كل ثوابتنا الدينية والقومية دفعة واحدة حتى نرتاح من الملاحقة الأمريكية المتواصلة !!

لقد بلغنا فى مؤتمر شرم الشيخ أعلى قمم العار وأشد مراحل الترهل والتدنى والسقوط وما هو أقسى من الموت ...

بلغنا ما أفقدنا شرف الحياة وشرف الموت وما أفقدنا الحس الدينى والوطنى والأخلاقى ...

بلغنا ما أفقدنا حتى الإيمان بالله خشية الشرك بأمريكا ...

وحسبنا الله ونعم الوكيل ...

الصورة باتت واضحة ... والكرة الآن فى ملعب الشعوب ... فإما الحياة وإما الردى .

http://www.alshaab.com/GIF/14-06-2003/Shanab.htm

" إملأ عيناك بوجه من تحب فسوف تفتقده كثيراً فى يومٍ ما"

رابط هذا التعليق
شارك

انضم إلى المناقشة

You are posting as a guest. إذا كان لديك حساب, سجل دخولك الآن لتقوم بالمشاركة من خلال حسابك.
Note: Your post will require moderator approval before it will be visible.

زائر
أضف رد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   تمت استعادة المحتوى السابق الخاص بك.   مسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...