اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

أطفالنا وأطفالهم


غادة

Recommended Posts

للشيخ : مازن الفريح

إن ركائز الأمة في مستقبلها هم أطفالها في الحاضر، وإن الذين سيحملون رايتها، ويأخذون بناصيتها ويتولون

قيادتها في الغد هم صغارها اليوم..

و بقدر صفـاء عقيدتهم، وسمو أخلاقهم، وسلامة نشأتهم بقدر ما تحقق الأمة من آمالها و أهدافها.. فمن صحت بدايتـه أشرقت نهـايته... ولذا فإن تسطيح اهتمامـات الطفل فلا تتجـاوز أفلام الكرتون و تحجيم ثقافتهم فلا تتسع لأكثر من أخبار الرياضة والرياضيين، و تلويث آمالهم فلا تتعدى أن يكون كأحد المشهورين في مستنقعات السفاهة، كل هذا يعني جيلاً من أشباه الرجـال في المستقبل تتهـاوى أمـام أعينيهم عزة الأمة ورفعتها فلا تهتز لهم شعرة، ولا تتوقد لهم غيرة.. وهذا العدد الضخم من أشباه الرجال في الأمة اليوم إنما هو بسبب سوء التربية بالأمس، وسيظل هذا العدد يتصاعد كثرة حتى يلتفت المسلمون إلى فلذات أكبادهم، وزينة حياته. التفاته تتجاوز الاهتمامات البهيمية من توفير الأكل والشراب وتستعلي على التربية القاصرة التي لا تتعدى تعليم الطفل القراءة والكتابة. تتجاوز ذلك كله لتغرس فيه معالم هذا الدين و العمل له...

أيها الأخوة الأحباب...

أطفالهم كيف و لماذا...

أما أطفالهم.. فهم أطفال خير القرون، أطفال سلف الأمة من أمثـال عبدالله بن الزبير، وابن عباس وابن عمر و أسامة وغيرهم ممن غيبت أسماؤهم عن كثير من أطفالنا اليوم لانشغالهم أو لإشغالهم بسفاسف كثيرة حجبت عيونهم بدخانها عن رؤية أولئك النجوم في سماء الطهارة والعفة والرفعة.. وصمت آذانهم بباطلها عن سماع صوت التاريخ الذي ردد مآثر أولئك الأسلاف.. الصغار في أعمارهم الكبار في أعمالهم و آمالهم وهممهم.

كيف كانت طفولة هؤلاء؟

نقاء عقيدتهم... ذلك لأن كل مولود يولد على الفطرة الإيمانية: [إني خلقت عبادي حنفاء...] حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم و لكن في ذلك الجيل عندما جاءت الشياطين لتجتال وجدت آباءً قد حصنوا أنفسهم و أطفالهم و أهليهم بذكر الله :

كان ابن عمر في سفر فرأى غلاماً صغيراً يرعى غنماً فقال له: أتبيع من هذه الغنم واحدة ؟! فقال الطفل إنها ليست لي، فقال: قل لصاحبها إن الذئب أخذ منها واحدة – يريد أن يختبره بمنزلة المراقبة.. منزلة الإحسان: أن تعبد الله كأنه يراه، فقال الطفل الموحد: فأين الله.. إذا غاب صاحب الغنم فإن رب العالمين لا يغيب..

أما اهتمامهم بهذا الدين والعمل له والجهاد في سبيل الله لرفع رايته.. فقد كان همهم الأول، يسري في كيانهم مجرى الدم في العروق..

جاء عبدالله بن الزبير وهو ابن سبع سنين ليبايع رسول الله فتبسم الرسو ل حين رآه مقبلاً إليه ثم بايعه

.. قال الإمام النووي في شرح مسلم: "هذه بيعة تبريك وتشريف لا بيعة تكليف فإنه دون سن التكليف" وصدق والله، فقد بورك بهذه الطفولة فأصبح الجهاد أكبر همها، والموت في سبيل الله أسمى أمانيها.

يحدثنا عبد الرحمن بن عوف فيما يرويه البخاري وهو في قلب معركة بدر فيقول :وقف غلام على يميني يسألني:

يا عم دلني على أبي جهل، فيقول له: مالك يا بنيّ من أبي جهل، فيقول له: والله لو رأيته لن أفلته، لقد كان يؤذي رسول الله e، ثم غلام على يسـاري، فسألني مثل الأول، ثم تحتدم المعركة ويشتد بأسها، فيلتفت عبد الرحمن بن عوف إلى الغلامين ويقول لهما: ذاك الذي تبغيان، ذلك أبو جهل، فينطلقان مسرعين بسيوفهما الصغيرة، كل منهما يريد أن ينال شرف السبق في طعن عدو الله و رسوله، فيضربانه ضربة قوية، فيسقط أبو جهل على الأرض، فيتسابقان إلى زف البشارة إلى رسول الله e ويقول كل واحد منهما: أنا الذي قتلته يا رسول الله ! فيقول لهما: أرياني سيوفكما، فيرى عليهما آثار الدماء، فيقول لهما: كلاكما قتله فيذهبان والسعادة تغمر قلبيهما لأنهما شعرا أنهما قدما شيئاً في خدمة هذا الدين...

قال سعد بن أبي وقاصر رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله يوم بدر يتوارى، فقلت

مالك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله فيستصغرني، فيردني، وأنا أحب الخروج.

يحب الخروج.. الخروج لماذا؟! لعرس من الأعراس، للنزهة في البر؟! كلا.. إنه الخروج لمجالدة السيوف وطعن الرماح حيث الدماء تسفك، والأرواح تزهق..

فاستعرض الرسول الجيش فتطاول عمير فوقف على رؤوس أصابعه.. فرده الرسول وهنا عبر الطفل الغلام عن رد فعلة

ببكاء شديد، ودموع حرّى سالت على وجنتيه الغضتين، فرقّ له رسول الله

. فأجازه.. قال سعد بن أبي ..عليه حمائل سيفه من صغره.. فقاتل فقُتِل.. فهو من شهداء بدر..

أما أطفالنا اليوم.. فقد شغلهم عن هذا كله.. متابعة مسلسل بشار و بحثه عن أمه الضائعة.. وأخر أخبار المعركة القائمة بين توم و جيري..

أما عن سعة ثقافتهم وفقههم وإدراكهم للأمور فهو لا يقل عن عاطفتهم تجاه هذا الدين..

.

عن ابن عمر وكان طفلاً صغيراً.. قال رسول الله إن في الشجر شجرةً لا يَسقطُ ورقُها وإنها مثل المسلم،

. فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي.: ووقع في نفسي انها النخلة فاستحييت.. ولماذا استحي ابن عمر أن يبدي للناس علمه بالشجرة؟!

قال في رواية: فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم.. وفي رواية ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم.. فلما قمنا قلت لعمر: يا أبتاه.. لقد وقع في نفسي أنها النخلة، فقال عمر: لئن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا و كذا..

.. هذه هي طفولتهم.. أو شيئاً من معالم طفولتهم وقد أعرضنا عن المقارنة بين أطفالهم و أطفالنا لقول القائل:

لا تعْرِضن بذكرهم في ذكرنا ليس الصحيح إذا مشى بالمقعد..

وبقى أن نقول لماذا كانت طفولتهم هكذا..

أولاً: لأن آبائهم و أمهاتهم كانوا صالحين، فكانوا قدوة حسنة لأبنائهم.. ليس هذا فحسب بل أدركوا أن تربية أبنائهم على الاستقامة تحتاج منهم إلى جهد كبير، وعمل دؤوب.. فقاموا بذلك خير قيام.. سبيلهم في ذلك سبيل الأنبياء.. ]و وصى بها إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ يا بَنِي إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون[، وهي وصية الله عز وجل لهم في أبنائهم و أهلهم ]يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم ناراً[

كما إنهم أدركوا أنهم مسؤولون عن أولادهم فهم أمانةٌ في أعناقهم. [إن الله سائلُ كلَّ راعٍ عما استرعاه أحفظ أم ضيع ؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته]..

ولأنهم ضحوا بكثير من شهواتهم و رغباتهم التي أحلها الله لهم في سبيل تربية الأطفال تربية قويمة

أخرج الخمسة عن جابر أن رسول الله .

قال له: [هل تزوجت بكراً أم ثيباً؟ قال جابر: بل ثيباً.. قال: هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك؟ فقلت: توفى والدي ولي أخوات صغار، فكرهت أن أتزوج مثلهن "أي في السن" فلا تؤدبهن، ولا تقوم عليهن، فتزوجت ثيبا لتقوم عليهن و تؤدبهن].

كانت الطفولة في ذلك الجيل كذلك لأن همّ أحدهم حين يجامع زوجته أن يرزقه الله الغلام الذي يرفع الله به هذا الدين.. فال عمر إن لا كره نفسي على الجماع رجاء أن يرزقني الله الغلام المجاهد في سبيل الله.

كانوا كذلك لأن الأباء ينظرون إلى أبنائهم نظرة الصدقة الجارية التي يرجون الله درّها و غِنْمَها..

[إذا مات ابن آدم انقطع عملُه إلا من ثلاث.. و ولد صالح يدعوا له]

أيها الأخوة الأحبة..

أما القدوة عند أطفال الصحابة شأن عظيم إذ حرص الأباء على غرس وتثبيت اقتداء أطفالهم برسول الله

إن ما نلاحظه اليوم من أجيال منحرفة تعيش فراغاً في شخصيتها، ومسخاً في عقليتها، وفقداناً لهويتها، تلهث وراء الموضات المتغيرة بتغير الفصول، وتركض وراء الممثلين المائعين، وتهرول خلف المخنثين من الشرق أو الغرب.. إنما هو بسبب فقدانها للقدوة الصالحة و الأسوة الورعة.. وما وجدت أمامها إلا حثالات الغرب أو الشرق الذين يعرضون في الإعلام صباحَ مساء..

أما أطفال الصحابة، فتعلقت قلوبهم بالمعصوم صاحب الخلق العظيم

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      فى واقعة مأساوية هزت الرأى العام خلال الأيام الماضية هو وقوع حادث مؤلم فى مركز للألعاب الترفيهية ملاهى من هعرض المقال كاملاً
    • 0
      ما الذى تعلمه وتغرسه فى أطفالك منذ الصغر هل تنشئهم على تذوق الموسيقى والغناء والرسم والإبداع أم تلقنهم أن ال عرض الصفحة
    • 49
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأمر كما قلت ضحك على طريقة شر البلية ما يضحك أو قل هو من المضحكات المبكيات حوار صغير دار بين أب ( طبيب) وابنه الذي يبلغ العاشرة من عمره يكشف عن انحدار أخلاقي جديد في مجتمعنا المصري آخذ في الانتشار بسرعة رهيبة وإن لم يتداركنا الله برحمته وإن لم يكن لنا دور وجهد كبير فلا أدري إلى أين نحن ذاهبون أتركم مع الحوار الابن : بابا وصل لنا النت الأب : لا مش هوصل النت الابن : ليه ؟ الأب : علشان النت يا حبيبي فيه حاجات وحشه. الابن : متخفش يا بابا مش هدخل عل
    • 0
      الإنترنت في وقتنا الحاضر عنصر مهم وحيوي من عناصر الإعلام ومصادر المعلومات التي أصبحت في متناول الجميع، والأطفال بطبيعة الحال جزء من هذا المجتمع يتأثر بما هو موجود في بيئته، ومع توافر أجهزة الحاسب الآلي ومراكز الخدمات التي تقدم خدمة الدخول إلى عالم الإنترنت أصبح الإنترنت من الأمور التي يستعملها الكثير من الناس، والأطفال من ضمنهم بطبيعة الحال. وإن الأطفال يجدون في الإنترنت متعة وتشويقًا من خلال التراسل عن طريق البريد الإلكتروني، والتخاطب مع الآخرين باستخدام غرف التخاطب، وأيضًا يحب الأطفال الاستكش
    • 6
      في مناظرة بين طفله ووزير التربيه و التعليم المصري تمت منذ فترة قالت الطفله (أو الشابه الصغيرة كي لا تغضب مني) لسيادة الوزير انها كانت تدرس في الخارج مع اهلها...بإحدي البلاد الاوربيه...وكانت تحب المدرسه جدا و كانت تقوم بناشاطات..كثيرة..سواء علي المستوي العلمي...من تجارب...وزيارات...للمتاحف...واخذ عينات من الغابات...و طبعا نشاطات المكتبه...وغيرها..و كانت تجد وقت لتستذكر..وتتفوق أم هنا في تكرة الدرسه...و من كثرة الواجبات و المناهج...لا تجد وقت حتي لإنهاء الواجبات المدرسيه...ولاتقوم بأي نشاط
×
×
  • أضف...