اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

المكارثية المصرية


Sherief AbdelWahab

Recommended Posts

في وقت من الأوقات، عانت الولايات المتحدة طويلاً، من وباء اسمه «المكارثية» نسبة إلي السيناتور «جون مكارثي»، الذي شن حملة إرهاب فكري واسعة، ضد كل من يعتنق أفكاراً مخالفة لما كان سائداً ومستقراً في أمريكا، أو لما كان «مكارثي»، يتصور أنه يجب أن يستقر ويسود!!.. وقد وصلت حدود الحملة، وقتها، إلي درجة أخذ الناس بنواياهم، فكان «مكارثي» إذا سمع مثلاً، عن أن فلاناً من المواطنين، كان في مرحلة من مراحل العُمر، يقرأ صحيفة من الصحف، التي تتبني أفكاراً شيوعية، اتهمه علي الفور، بأنه شيوعي، وراح يطارده، ويفتش عما في قلبه، وعقله، وضميره، ويطالب بعقابه، لا لشيء، إلا لأنه يطالع جريدة، غير الجريدة، التي يري مكارثي، أن عليه، وعلي الآخرين، أن يقرأوها معه!!..

وكان إذا تناهي إلي سمعه، أو نمي إلي علمه، أن أحداً من الأمريكان، انتمي في أي وقت، إلي اتحاد للعمال، كانت التهمة الجاهزة، أن الرجل اشتراكي، وأن عقابه علي هذا الانتماء، مثل القضاء والقدر، لا مفر منه!!.. وقد ضجت أمريكا كلها، بأجواء المكارثية، التي سببت رعباً للكثيرين، وتصدت شبكة (c.b.c) لمكارثي، وحملته المسعورة، ووقف رجل اسمه «مارفي» في هذه الشبكة، يعلن مقاومة المكارثية، حتي النهاية، واستضاف «مارفي» مكارثي نفسه، في برنامج شهير، علي الشبكة، ولم يقاطعه طوال الحلقة، فيما قال، غير أنه عاد، في الأسبوع التالي، وفنَّد تماماً، ادعاءات مكارثي، وأسقطها، واحداً، وراء الآخر.. ولم تسقط المكارثية، نهائياً، إلا بفعل أجواء الحرية الحقيقية، التي قضت عليها، ولم يتبق منها شيء!.

وقد كان من الممكن، التماس العذر، للسيناتور مكارثي، علي اعتبار أنه، بصورة من الصور، كان وطنياً، في دوافع حملته، ولكن وطنيته بلغت حد الهوس غير المقبول، وغير المعقول!.

ولكن.. ما الذي يمكن أن نقوله، وما هو العذر، الذي يمكن التماسه، لمكارثية مصرية، موجودة حالياً، وتطارد كل صاحب اجتهاد، وتحاول تجريده، من مجرد حق الاجتهاد نفسه.. فأنت في نظر المكارثية المصرية، إذا اقترحت حلاً، لمشكلة قائمة، بأسلوب مختلف، عما تريده الدولة وتراه، فلابد أنك في هذه الحالة معارض، بل وخائن!!.. ليس هذا فقط، وإنما هناك من يقف وراءك، ضد البلد!!.. وتصل المكارثية المصرية، التي تتفشي يوماً، بعد يوم، إلي حد اتهام الشخص الواحد، بعدة تهم متناقضة مع بعضها البعض..

فمن الممكن مثلاً أن تكون اليوم، في نظرها إخوانياً.. وغداً، تكون أمريكياً.. وبعد غد، تصبح ممن يدمرون أو يسعون إلي تدمير وتخريب العلاقات المصرية الأمريكية.. وتسأل نفسك، والحال هكذا، عن الطريقة التي يكون الشخص نفسه بها، أمريكياً، ومدمراً لعلاقة أمريكا مع القاهرة، في وقت واحد، فلا تجد جواباً مقنعاً!!.

وإذا كان مكارثي، قد أسس لحملته، ثم قادها، لأسباب وطنية مجردة، فإن المكارثية المصرية، مختلفة قطعاً، عن الطبعة الأمريكية، لأن كل مكارثي مصري، يمارس هذا الجنون، إنما يفعله، ويواصله في الغالب، من أجل مصلحة مع الدولة، حصل عليها، أومصلحة سوف يحصل عليها مستقبلاً.. وفي سبيل ذلك، يصبح من السهل جداً، اتهام الشخص ذاته، بأنه شيعي.. وشيوعي.. فالاتهام هنا، ليس هو الهدف، في حد ذاته.. كما أن ممارسة هذا العمل الفاحش ليست خالصة لوجه الوطن!!.

http://almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=91198

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 3 سنة...

في وقت من الأوقات، عانت الولايات المتحدة طويلاً، من وباء اسمه «المكارثية» نسبة إلي السيناتور «جون مكارثي»، الذي شن حملة إرهاب فكري واسعة، ضد كل من يعتنق أفكاراً مخالفة لما كان سائداً ومستقراً في أمريكا، أو لما كان «مكارثي»، يتصور أنه يجب أن يستقر ويسود!!.. وقد وصلت حدود الحملة، وقتها، إلي درجة أخذ الناس بنواياهم،

خلص الكلام

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

مقالة مفيدة جدا استاذ شريف...و جزي الله حضرتك خير استاذة ام زايد

الحقيقة مع مشاعر الخوف اللي ممكن تعتري الواحد لما يقري مقالة زي دي....و خصوصا اللي لونته باللون الاحمر

بس اتفاءلت....لان ببساطة بالرجوع للتاريخ هنكتشف ان كل اللي بتمر بيه مصر دلوقتي ده طبيعي...و بالتالي لازم نفوق من مرحلة الصدمة....و ندخل في مرحلة الافاقة

الافاقة الحقيقية في مواجهة اي ارهاب فكري...ممكن ينتج من رحم الثورات او من خلال اتجاه لمحصلة القوي في اي مجتمع ما

هي المزيد من الوعي....المزيد من الطرح لكل وجهات النظر....مهما قابلها من قمع

ايمان الشخص بحقه في طرح افكاره مش هيوقفه...اي قمع سياسي...و بخاصة لو كانت اهدافه بتتسق مع القيم الانسانية زي العدالة و الحق و الخير

يمكن المناحي في الوصول اليها تختلف و كل فرقة تري في نفسها انها اكثر وطنية من سواها....و لكن متي ما تم التفرغ ل"تخوين" نوايا الاخرين....فلازلنا لم نصل لمرحلة الافاقة بعد

الحل

العمل علي حلم قومي......للوطن اكبر من "عنتريات" سياسية واحدة

لو اشتغلنا علي الحلم...ووصلنا ليه....هنركز علي اليات البناء و هنكون اكثر قدرة علي تعلم و استيعاب اخطاء التاريخ

لكن لو ركزنا علي اليات الانتماء لافكار اشخاص دون الانتماء لحلم اكبر....هنسقط مش بس فس المكراثيات....هنندثر تماما...لان بكده هيكون التاريخ بيعيد نفسه

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...