اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

لهذه الأسباب .. تَخَلَّفَ التعليم في مصر


Sherief AbdelWahab

Recommended Posts

نح جانبا هذا الكم من التصريحات والبيانات التى تصدر عن مسئولى التعليم تزف إلينا بشرى غير صحيحة إلى حد كبير بأن التعليم قد تقدم ، وأن جهات دولية وهيئات أجنبية تشيد بما أحرزناه من تقدم مزعوم ، وأن مصر أصبحت تشكل نموذجا تعليميا يحتذى 00

ونح عنك كذلك ما يصدر عن تلك الفئة التى يمكن تسميتها بجماعة المنتفعين ، سواء بالاغتراف من المكافآت التى أصبحت الآن بالآلاف من المنح والقروض التى تنهال على مصر فى السنوات الأخيرة حرصا من الأجانب ، وفى مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية على تقدم مصر ونهضتها ( !!!) ، أو فى صورة مواقع مهمة وعالية هنا وهناك تكون السبيل كذلك للنفوذ والمال ، أو فى صورة جوائز وسفريات وخدمات منظورة وغير منظورة 000

ودع عنك كذلك آلاف الصفحات التى كتبها عبر سنوات طويلة واحد مثلى ، وكتب مثلها ، أو أكثر منها غيرى من المهمومين بهموم التعليم منبهين إلى خلل هنا وعيب هناك ، وصارخين بما حدث ويحدث من هدر فى هذا الموقع أو ذاك ، فأمثالى محرومون دائما من جنة السلطة ودفء أحضانها ، مما يجعل أحاديثهم تبدو فى صورة غير تلك التى أرادها بها أصحابها ، تبدو فى نظر الفريقين الأولين ، وقد امتلأت بالحقد وفاضت بالحسد فلا يرون إلا سوادا ، ولا يسمعون إلا فحيح أفاعى ، يصمون أذانهم عن تغريد العصافير والبلابل فى مؤسسات التعليم 000

دع عنك هذا وذاك ، ولنتوقف سويا وقفة صدق مع النفس ، فالحال التى يصفها لك ابنك أو ابنتك ، أو جارك أو زميلك ، أو أحد أقربائك ، مما لا يسر ، وعندما تسمع لأحاديث هذا وذاك ممن مروا بخبرة التعليم منذ عشرات السنين ، تجد الحسرة تملأ القلوب ، وتتخيل وكأنك تسمع فصلا من فصول السندباد أو مصباح علاء الدين أو ألف ليلة وليلة 0

ولنسع إلى محاولة الإجابة عن مثل هذه التساؤلات :

كيف لحالنا التعليمى أن يكون هكذا ، ونحن قد بدأنا التعليم الحديث منذ أوائل القرن التاسع عشر ، وأمم تسبقنا الآن لم يكن لها وجود على خريطة الدول المتعلمة ؟

كيف بدأ الوعى بخطورة مشكلة الأمية أمام مجلس شورى القوانين عام 1866 ، وعدد الأميين الآن يفوق العدد الإجمالى لجملة سكان مجموعة دول عربية ؟

كيف بدأنا التعليم العالى فى الجامع الأزهر منذ عام 972 ، أى منذ قرن وربع من الزمان ، وبدأن التعليم الجامعى الحديث منذ عام 1908 ، وجامعاتنا اليوم أقل قامة من جامعات دول قريبة لم يكن لها أصلا وجود على خريطة العالم ؟!

كيف حظى التعليم فى مصر بقيادات تاريخية فذة مثل : أحمد لطفى السيد ، الدكتور محمد حسين هيكل ، الدكتور طه حسين ، إسماعيل القبانى ، الدكتور عبد الرزاق السنهورى ، والدكتور عبد العزيز السيد 000 وغيرهم ، ثم نرى جهودهم إن كانت قد تركت آثارا ، فإلى حين ، ثم إذا بالرياح تذروها ، ونراوح مكاننا أو نسعى بخطى السلحفاة ؟

وبدلا من أن نعدد التساؤلات بتعدد مجالات التعليم وتنوع قضاياه ، واختلاف مشكلاته ، فلنجمع كل هذا فى تساؤل مركزى واحد وهو :

لماذا نتأخر نحن ويتقدم غيرنا فى التعليم ؟

هو سؤال بسيط الكلمات ، لكنه يتطلب إجابة مطولة ، يمكن بقدر من الجهد أن نجملها فى نقاط تعد على أصابع اليد ، وهى :

1-أننا لا نعرف ماذا نريد بالضبط من المسيرة الكلية للجماعة المصرية ، بغض النظر عن هذه الكلمات المفعمة بتفاؤل طفولى ورنين لفظى مخادع ، بحيث تسمع كلمات تعبر عن الرخاء والتقدم واللحاق بالأمم المتقدمة ، والتغلب على المشكلات القائمة ، وما دار وسار حول هذا وذاك ، وما يعبر عن غموض الرؤية الكلية العامة ما ترامى إلى سمعنا منذ سنوات عن مسئول ينكر على هؤلاء الذين يعيبون على الدولة أنها لا تملك " مشروعا قوميا " ، مشيرا إلى ما قامت به الدولة – مشكورة – من عمل ضخم فى مجال المجارى ، باعتباره مشروعا قوميا !!! ومثل ذلك قيل عن مشروع التطوير الضخم الذى حدث لشبكة الاتصالات ! وعندما يفتقد نظام الرؤية المجتمعية المستقبلية ، تتشظى سياسات التعليم ، فتتبدد الجهود ، وتتطاير الأموال ، وتتبعثر المشروعات والتجارب 0

2- يترتب على هذا تلك النتيجة المنطقية من حيث افتقاد التعليم لمنطق الاستمرار فى التطوير والنهوض 0 صحيح أنه ما من عهد ، وما من مسئول يتولى أمر التعليم إلا ويقول أنه راغب فى الإصلاح ومهتم بالتطوير ، ويسير على هذا الطريق بالفعل ، لكنه ذلك الطريق الدائرى الذى يجعله يبدأ من حيث بدأ سابقه ، فلا يكون هناك " تراكم " فى مسار الخبرة يجعل حاضرنا التعليمى أفضل من ماضينا ، ويجعل مستقبلنا ارقى من حاضرنا ، ولعل أبرز ما يظهر لك مما يترتب على هذا من فجيعة قومية هى وحدها التى اكتسبت عنصر الاستمرار ، أن مصر دون كثير من الدول المتقدمة عليها الآن قد بدأت مسيرة التطوير والنهوض ، كما أشرنا لك من قبل منذ أوائل القرن التاسع عشر ، وفى عهد محمد على بالتحديد 0 سوف تبادر – ربما – بالتذكير بالضربات الاستعمارية الخارجية ، سببا منطقيا للتوقف أو التراجع ، ولكننى أذكرك على الفور ، بأن هذا لم يكن ليمنع أبدا هذا المسئول أو ذاك من ألا يسعى لهدم الجهد السابق عليه أو يتركه جانبا ، ويسعى إلى دراسته والاستفادة مما قد يكون فيه من مزايا وفوائد 0

3- وربما يكون أحد الأسباب المؤدية إلى هذا ، هو أننا – فى معظم الأحوال – لا ندرى شيئا عمن يجئ فجأة ليتولى مسئولية التعليم ، وأقصد بالدراية هنا أن تكون للشخص " خبرة سابقة " فى المجال ، سواء بالعمل ، أو الكتابة والتأليف ، أو التخصص ، ألسنا نشترط فيمن يتولى عملا ما أن تكون له " خبرة سابقة " ، وقد نقدم إغراء ، بأن الأفضلية تكون لطول الخبرة ؟ حتى فى حرف كالسباكة واللحام والكهرباء وغيرها من حرف ، وأذكر – مثلا – فى صيف 1991 أن جاءنى صديق سائلا أن خبرا أذيع بأن الذى تولى وزارة التعليم شخص اسمه حسين كامل بهاء الدين ، فهل تعرفه ؟ صديقى هذا أستاذ أيضا فى كلية التربية ، وبحكم عمله وتخصصه واهتماماته لابد أن تكون لديه فكرة واضحة عن هؤلاء الذين لهم عطاء فى عالم التربية والتعليم ، وبعد جهد ، تذكرت أمرا ، وأجبت صديقى بأن هناك طبيبا كان مسئولا عن منظمة الشباب منذ الستينيات كان اسمه هكذا ، وما زلت متذكرا ، قولى عقب هذا : لكن ، هل من المعقول ، أن يكون هو ؟ إذ ما علاقته بالتربية والتعليم ؟ وتكرر الموقف من قبل عندما ذهب هذا وجاء ذاك ، حيث لم أجد أبدا أحدا من زملائنا أساتذة التربية – فى الغالب والأعم - قد سمع عن هذا الاسم أو ذاك شيئا ، ويستمر المسلسل ، حتى بالنسبة للوزارة الأخيرة 0

4-على الرغم من أن مصر تعرف منذ سنوات غير قليلة مراكز بحث علمى متخصصة فى شئون التعليم ، لكن من النادر أن يستعان بالدراسة العلمية كمقدمة لابد منها لاتخاذ القرار ، خاصة عندما يكون القرار متعلقا بخطوة مصيرية 0 لقد كتبت بنفسى الكثير فى استراتيجية تطوير التعليم فى مصر التى قدمها د0 سرور عام 1987 فى مؤتمر قومى أمام رئيس الدولة ، وكان ما فيها يؤكد على طول فترة الإلزام فى التعليم ، لكن ، لا يمر عام إلا ويصدر الوزير قانونا بإنقاص مدة التعليم الابتدائى عاما ، على عكس ما كتبناه فى الاستراتيجية التى قدمت أمام رئيس الدولة ، ويصدر مركز البحوث التربوية التابع للوزارة تقريرا يؤكد مضار ذلك ، فيتم التعتيم عليه ! ثم يعود العام المحذوف بعد سنوات ، أيضا دون أن تسبق ذلك دراسة علمية تبرهن على أننا قد أُضرنا بإنقاص السنة 0وتجرى دراسة ضخمة أواسط التسعينيات تحت إشراف الوزارة ، يشارك فيها مئات الباحثين وتسمر عامين ، فلما جاءت النتائج مصورة لسوء حال التعليم ، أُخفى التقرير ، لولا أن كتبنا عنه فى إحدى الصحف ، وكذلك الأستاذ فهمى هويدى فى الأهرام بعد أن استطعت أن أحصل – سرا – على نسخة ، أتحتها لكاتبنا العظيم 0 وهناك أمثلة أخرى كثيرة ، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ، أننا لا نحرص على أن تقوم القرارات التعليمية على قاعدة بحث علمى ، فإذا ما أجرى بحث ، وجاءت نتائجه على غير هوى المسئول ، ألقى به فى سلة المهملات 0

5- لقد شكى كثيرون مما حدث طوال الخمسينيات والستينيات من أن الدولة فى التعليم قامت بدور الكفيل الكامل ، مما أضعف عنصر المبادرات ، وزرع التكاسل والاعتماد على الغير ، وبذر الخوف فى قلب القطاع الخاص من أن يتقدم ليشارك فى تحمل الأعباء بإقامة المشروعات التعليمية ، لكن الحلول التى تمت حتى الآن تذهب إلى الطرف المضاد ، حيث تسير جهود الدولة فى اتجاه التناقص ، تاركة المجال يتسع شيئا فشيئا لرأس المال الخاص ، دون أن تتوافر منظومة قيم أخلاقية ، ومجموعة نظم تشريعية تلجم ما نلمسه من توحش تدريجى لرأس المال ، حيث لا يهمه إلا الكسب ، حتى ولو كان ذلك على حساب أمور أخرى أساسية يضيق المقال عن أن يفصل فيها 0 ترهلت أجسام متعددة بالغنى والثروة ، وظهرت قصور وفيلات متنوعة ، لكننا ننسى ظهور أضعافها من الأكواخ والأرصفة مأوى ، والقبور ، وأنياب الجوع والفقر تكاد تخنق ملايين 0 إن هذا يفرض علينا أن نتوقف وقفة بحث وتفكير ، ولحظة صدق مع الذات ، ونتساءل : ما الحدود بين القطاع العام فى التعليم والقطاع الخاص ؟

إن هذه النقاط بعض من كل ، نسوقها على سبيل المثال لا الحصر ، لعلها تشير إلى الإجابة عن التساؤل المطروح ، ذلك أن معرفة المشكلة ربما ترسم الطريق الصحيح على الحل المطلوب 0

http://almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?New...ge=1&Part=2

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...