اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مقال يستحق القراءة و التعقيب


الأفوكاتو

Recommended Posts

هذا المقال المنشور اليوم فى الأهرام, قد وضع الأصبع على التطورات التى طرأت على الشارع المصرى, و التى قلبت الحياة رأسا على عقب.

تعليقكم مرحب به:

قضايا و اراء

44199 ‏السنة 132-العدد 2007 ديسمبر 11 ‏2 من ذى الحجة 1428 هـ الثلاثاء

الشوارعيزم‏..‏ وثقافة السهر‏!‏

بقلم د‏.‏ عمرو عبدالسميع

عرضنا علي امتداد الشهور المنقضية ـ الي تجليات متعددة لـالشوارعيزم أو الشوارعية‏,‏ التي باتت بمثابة نظرية تلخص ما يحفل به مشهد الحياة العامة في المحروسة ويغص‏,‏ من مظاهر سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية ومزاجية‏,‏ تنبني ـ أجمعين ـ علي منطق الاستقواء المادي والإداري والعضلي‏,‏ الذي يمارسه بعض المتنفذين من رجال الإدارة والحكم‏,‏ وبعض المتمولين من رجال الأعمال‏,‏ فضلا عن بعض إرهابيي الصوت والقلم من رجال الصحافة والاعلام‏,‏ ضد العدالة والقانون والجمال والمعايير وقواعد الالتزام الوطني‏,‏ لصالح وجود بديل اجتهدوا لصناعته موافقا أذواقهم وأمزجتهم ومصالحهم‏,‏ وهو الذي يشعر الناس بالخوف والتوقع‏,‏ والرغبة في الانسحاب الي أبعد بعيد‏.‏

هذا الملف يأبي أن ينغلق‏,‏ وصفحاته تومئ ـ كل نهار ـ الي مشهد أو تجل جديد لـالشوارعيزم‏,‏ يكمل النظرية‏,‏ ويراكم اثباتات فروضها‏!‏ ومن جانبي‏,‏ لست في عجلة‏,‏ ولا يضغط علي بند آخر في جدول أعمالي‏,‏ فيدفعني الي ضبضبة الملف‏,‏ أو فض الاشتباك‏,‏ اذ أدركت ـ من خلال المواجهة ـ ان الشوارعيزم اتسعت لتشمل عشرات القضايا التي درجت علي التعاطي معها‏,‏ بمعني أنني اكتشفت ـ فحسب ـ معاملات الارتباط بين تلك القضايا‏,‏ والتي دفعتني الي تصنيفها تحت عنوان‏:‏ الشوارعيزم وكأن ذلك هو المفهوم الجامع الذي يضم في نطاقه معظم ما أسطر ـ هنا ـ في‏(‏ حالة حوار‏)‏ الصحفية‏!‏

واليوم‏..‏ أنا بصدد تناول ملمح آخر حاكم في شكل السلوك المصري الجمعي‏,‏ اللحظة الراهنة‏,‏ وهو السهر‏,‏ أو اهانة وانكار فكرة وجود مواعيد للنوم‏,‏ وأخري للاستيقاظ‏,‏ حتي لتشعر أنك في بلد قوام أهله ـ من كل الطبقات ـ رهط من‏(‏ الصيع‏)‏ ليس لديهم عمل في الصباح يسعون من أجله في مناكبها‏,‏ أو يذهبون إليه يجرون الأقدام من فرط الاجهاد‏,‏ وعلي نحو لا يمكنهم من الشغل علي أي نحو‏.‏

نحن بصدد لوحة ليلية صاخبة عجيبة توحي بأن قرارا جماعيا اتخذه هذا المجتمع‏,‏ باستبداله النهار بالليل‏,‏ حين ضغطت ـ علي بسطائه ـ قسوة ووحشة الحياة التي أنتجها لهم محتكرو صناعتها وصياغتها‏,‏ أولئك الأقوياء الذين أرادوا الدنيا هكذا‏,‏ فصارت‏,‏ وركعت علي ركبتيها تحت أقدامهم‏.‏

قطعة مقرفة من الزمن لم يشعر فيها البسطاء بأنهم مهمون‏,‏ أو بأن هنالك من يوقر أو يعتبر أدوارهم في الحياة‏,‏ أو بأنهم يتحصلون ـ فيها ـ ما يستحقون من القيم والأهداف طبقا للمعايير التي تعني العدالة الناجزة وانما اعطتهم التفضيلات التي تعني الظلم البين‏.‏

الناس قرروا الارتحال من نهارها الي ليلها‏,‏ وحين يذهب جلادوهم‏(‏ الذين يضغطونهم بقوتهم الادارية أو المالية أو بإرهاب الصوت والقلم‏),‏ الي سهراتهم المتلألئة بالضوء‏,‏ فاجرة الثراء والمظهر‏,‏ هاربين ـ هم أيضا ـ من حياة تجمعهم‏(‏ مضطرين‏)‏ بفقراء البلد في مشهد نهاري واحد‏,‏ أو حين يخلد أولئك الي خدر النوم اللذيذ بعدما يوسعون المتع استمتاعا‏,‏ يخرج البسطاء الي فضاءات لياليهم البسيطة كذلك‏..‏ يستنشقون بعض هواء يبقيهم علي قيد الحياة‏,‏ خلوا من ملوثات البيئة الثقافية‏,‏ والاجتماعية والسياسية التي تعج بها صباحاتهم‏!!‏

مئات آلاف من المتبطلين والشباب مكسوري النفوس‏,‏ ومجهضي الأحلام‏,‏ مئات آلاف ـ غيرهم ـ من مخضرمين يشعرون بالهزيمة‏,‏ وبتآكل عوالمهم التي احتضنت أشياءهم الحميمة‏,‏ وبتلاشي أزمان كانت تراهم أرقاما في حياة هذا البلد‏,‏ ثم صار حضورهم العام وقيمته لا يعني سوي صفر كبير‏..‏ لاشئ‏..‏ خلاء تصفر فيه الريح‏.‏

مواقعهم علي مكاتب دواوين الحكومة كانت تعني وجودا يمنحهم قدرا من الأهمية والاعتبار‏,‏ فأصبحوا ـ بين عشية وضحاها ـ منتمين الي أكثر عناصر المشهد العام جدارة بسخرية المستقوين‏(‏ متنفذين أو متمولين‏),‏ والذين أبلغوهم ـ في افادة مقتضبة وباترة ـ أن حكاية العمل في مكاتب الحكومة لم يعد لها أي وزن أو قيمة‏,‏ وأنهم صاروا عبئا وفائضا يزيد عن حاجة المجتمع‏.‏

استمات هؤلاء الي حد الاستشهاد ـ تقريبا ـ من أجل العبور بأبنائهم عمليات الدراسة متنوعة الدرجة والمستوي‏,‏ ثم وجدوا أنفسهم مطالبين بإعادة تأهيل الأولاد والبنات بناء علي شروط ومتطلبات وأوامر السوق‏,‏ بل ومطالبين بإعادة صياغة أنفسهم ليتواءموا مع واقع جديد‏.‏

كل من هؤلاء حمل حلمه صريعا علي كفيه‏,‏ فيما لفه سؤال وجودي كبير عن سبب حياته‏!‏

بداخلهم يقين لا يتزعزع‏(‏ وقد أحسست به من مئات أحاديث جمعتني بناس من مختلف مشارب الحياة وأجيالها‏),‏ بأن الأقوياء يلهون بهم‏,‏ دافعينهم الي إعادة صوغ أنفسهم حتي يتحصلوا فتفوتة‏,‏ أو شقفة‏,‏ أو نصف فرصة في هذه الحياة‏,‏ ثم يستمتع أولئك الأقوياء بمشهد المستضعفين يقتلون أنفسهم في عمليات إعادة الصياغة‏,‏ وحينها ـ كذلك ـ لن يتحصلوا شيئا‏,‏ وسيأتي من يخبرهم بأنهم يحتاجون الي إعادة صياغة أخري‏,‏ فيبدأون الرحلة من أول وجديد‏!!‏

القصة أشبه بمسرحية ألفها الرئيس التشيكي السابق فاتسلاف هافيل قبل أن يصير رئيسا‏,‏ اسمها‏(‏ المذكرة‏)‏ وقد عرضت ترجمتها في مصر الستينيات‏,‏ وتقول المسرحية إن لغة ما تم اختراعها في أحد المجتمعات هي‏:(‏ الباتادب‏)‏ وأجبر الناس علي التحدث بمفرداتها وقواعدها ورطانها‏,‏ واضطهد من لا يجيدونها أو قاوموها‏,‏ فلما خارت قوة المقاومين‏,‏ وتآكلت قدراتهم علي الصراع أو الدفاع‏,‏ وقرروا‏(‏ مهزومين‏)‏ تعلم لغة الباتادب واستماتوا في اجادتها ليعوضوا ما فاتهم‏,‏ فوجئوا بأن القائمين علي أمر المجتمع استحدثوا لغة جديدة اسمها‏:(‏ الشوروكوه‏)‏ مؤكدين أن من لن يتعلمها سيتعرض للتهميش‏,‏ والنفي‏,‏ والحصار‏!!‏

أنظروا ـ أيضا ـ الي البنات‏.‏

ترنو نظراتهن الي‏(‏ العادي‏)‏ وقد أصبح‏(‏ مستحيلا‏)‏ وإلي‏(‏ الطبيعي‏)‏ وقد بات‏(‏ حلما‏),‏ صرن يشخصن إلي الزواج والبيت‏,‏ والتحقق‏,‏ والي حياة مرصعة بمشاعر ما‏,‏ تستدعي ـ من جديد ـ واحدا من الأحاسيس المنفية‏,‏ المضروبة بالزجر والابعاد واعني به الحب‏!!..‏ هذا ـ فقط ـ ما يردنه‏.‏

البنات تريد أن تحب‏,‏ وأن يحبها الأولاد مثل ملايين البني آدمين علي سطح هذا الكوكب‏.‏

يصحون حين يمسي الليل ويتكأكأن ويتجمعن في شقة إحداهن‏,‏ واذ اكتظت فيها أجسام قاطنيها‏,‏ فقد تلمهن جلسة سمر يمسكن فيها بأكواب الشاي الأسود ويجلسن القرفصاء علي سطوح البيت‏,‏ أو بسطة السلم‏!‏

حلقات من رغي وبوح‏(‏ أشبه بعملية تفريغ لطاقة احتشدت في صدورهن متململة‏),‏ أو هو نواح وجداني يسررن به الي بعضهن البعض حتي يبلغن حواف أو تخوم الانهاك‏,‏ فيما تحمر السماء تحت وطأة شروق الشمس‏,‏ فيعرفن أن الدنيا الأخري علي وشك الامضاء في دفتر الحضور‏.‏

لم يعد سهر الليالي يعني تلك المعاني الموغلة في رومانسيتها والتي أفصحت عن نفسها في عدد لا ينسي من الوثائق الغنائية‏(‏ أسهر وانشغل أنا‏..‏ سهران لوحدي‏..‏ تسهر عيوني الليل وعيونه يرتاحوا‏..‏ ياحيرانين يا‏,‏ ياسهرانين يا‏..‏ ازاي أنا أقدر أسهر وانت تقدر تنام‏)‏ ولكنه بات هروبا متواصلا من احساس خانق مفاده أن النهار لا يدفع فواتيره للبسطاء‏,‏ أو صار تعبيرا عن انفصال انساني حقيقي بين فئتين صنعت كل منهما ليلها الذي تريد‏,‏ رافضة النهار الذي يسمح للأخري بمجاورتها أو مشاركتها الوجود أو الحضور‏!‏

في الليل تفتح المقاهي أحضانها لأناس لا يفعلون شيئا‏,‏ ومسجلات الصوت تصدح بأغان باتت أكوادا وشفرات دالة علي العبثية والاحتجاج‏,‏ ورمي الحياة بأحجار عدم الاقتناع‏.‏

والناس يمشون في الشوارع الي غير وجهة‏,‏ فتجد أحدهم وقد استدار في مشيته ليمضي في اتجاه معاكس‏,‏ أو يقف ليشخص الي الأفق بشكل شبه فلسفي‏,‏ ثم يعبر الطريق ـ بغتة ـ ويقف علي الضفة الأخري للشارع مراقبا بعض مشاهد تلك الحياة الليلية‏.‏

أما الأقوياء‏..‏ الأغنياء‏..‏ المبسوطون‏,‏ فهم ـ أيضا ـ يغرقون أنفسهم في سهر ولكن من نوع آخر‏,‏ وفي أماكن ذات طبيعة مغايرة‏..‏ سهر تلف فيه ثياب السهرة‏(‏ المنتسبة الي بيوتات التصميم الدولية الكبري‏)‏ نساء رصعت عقود الألماس واللؤلؤ وأقراطه رقابهن وآذانهن وصدورهن‏,‏ فيما غطت حليات الريش أو الفراء الأكتاف‏,‏ وشقت الأثواب من كل مكان يحتمل فتحه أو شقا لتبرز كل لحم لا يجاور العظم ورديا أو أبيض أو أسمر‏.‏

والرجال تضغط السترات المنحصرة الداكنة علي أجنابهم بينما تبرق في معاصمهم الساعات والانسيالات‏,‏ لتحيل الجو كرنفالا من السعادة يهتف‏:(‏ هذا من فضل ربي‏)!‏

هم ـ كذلك ـ يفرون الي عوالم لا يظهر فيها الفقراء الذين يخدشون جمال المشهد كما أراده وصممه كل مستقو ذي بأس شديد‏.‏

ضغطوا الناس الي ليلهم الموحش هناك بعيدا وسط منازلهم المتكومة فوق بعضها‏,‏ ومضي المستقوون الي ليلهم البراق‏,‏ الوضاء‏,‏ الي حيث رقص الصلصة‏,‏ واحتساء الأنبذة الفرنسية من زجاجات لكل منها تاريخ وحكاية‏,‏ والأحاديث المتقاطعة عما أذاعته‏CNN‏ أو أفشاه إعلامي جعل من هلهلة البلد‏(‏ تليفزيونيا وفضائيا‏)‏ صناعة وعلما يمارس أحدهما أو كليهما كل مساء‏,‏ أو ما جري في البورصة‏,‏ أو خلع فنانة‏,‏ وحجاب ثانية‏,‏ ويقطع ـ كل ذلك ـ ضحكات صارخة‏,‏ وموسيقي صاخبة‏,‏ وتجليات رقص يتمكن من نفوس صاحباته فيدفعهن الي الانصياع لحتمياته‏!!‏

الناس خاصموا نهارا يسيء الي وجودهم الانساني‏,‏ وأداروا له الأكتاف‏,‏ وعاشوا ليلا أمموه فلم يعد فيه حضور للمتنفذين الاداريين والحكوميين الذين لا يحبونهم ولا يهتمون بالتواصل معهم‏,‏ وليس فيه حضور للمتمولين الذي يذلونهم ـ في كل لحظة ـ بتلك الهوة الآخذة في الاتساع‏,‏ والفاصلة بين شكل حياتين تتبلوران في هذا البلد‏,‏ أو ـ أخيرا ـ بحضور ارهابيي الصوت والقلم الذين وظفوا قنوات التأثير لصالح أي طرف داخلي أو إقليمي أو دولي‏,‏ ولكن ليس من أجل الناس الذين يحيون بين ظهراني مصر‏!‏

والناس الآخرون يغرقون في ليلهم الذي أمعنوا خصخصته‏,‏ وأزالوا من لوحته حضور الفقراء‏,‏ ومن ثم ما يومئ الي نصف تجل لحقوقهم‏.‏

.......‏

كل نادي علي ليله وليلاه وهجر نهاره‏...‏ وغرقت مصر في شوارعيزم ثقافة السهر‏!!

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

أستاذ أفوكاتو صباحك ورد

صدقنى الليل هو اجمل صديق للنفس دون اى خدع او نفاق او اكاذيب هذا الزمان مقلوب معكوس مجنون

الشباب عجز ووهن وقلة حيله لذلك اقولك المفروض نشيل كلمة شباب نمحيها من كل القواميس لان القلب شاخ مش لازم حب بالعكس الحب دلوقتى سلعه عرض وطلب . الاحلام وهم لذلك الشباب هربوا الى الليل بعيد عن هذا العالم المجنون

كل معانى الدنيا اصبحت لا قيمة لها ان كانت شهاده او اخلاق او حتى خبرات وعواطف الله يرحمها ماتت مع اول معركه مع الواقع والواقع يقول ان كل ماهو مرتفع عن الارض مسيره هيقع بسبب قانون الجاذبيه لذلك تجد ان جميع الشباب او اغلبهم يصدمون بارض صلبه عند اول مواجهه بينهم وبين الحياه

اصبح المواطن دلوقتى بيفكر فى العشاء ياترى هيقدر يوفره ولا لا صعوبة الدنيا عملت على تشتيت الافكار اصبح الجميع تائهون فى الدينا مترجلون يخطون خطوات بلا تخطيط (تيجي زى ماتيجي)

دلوقتى العالم تحت السلم والفاسد فوق السحاب الطبيبه تبحث عن عمل والراقصه لا تلاحق على توقيع الاوتوجرافات للمعجبين

بنات لم يكتب اليهم السعاده فى انتظار شباب تائه يبحث عنهم لكن ارض الواقع تلاحقهم ان كان غلاء معيشه او صعوبة الظروف علشان كده تلاقينا ديما نروح المحطه بعد القطار مايعدى بسنين وللاسف يكون اخر قطار ممكن يوصل او لا

عموما مقاله اجدها معبره واشكرك واحييك على اختيارك وعرضها وكنت بتكلم عن العادى لانه شريحه عريضه اوى فى مجتمعنا

شكرا

عمرو

تم تعديل بواسطة amrhoras

الدنيا يومان

يوم لك ويوم علبك

فافعل ماشئت

لكن تذكر

كما تدين تدان

رابط هذا التعليق
شارك

استاذنا الغالي / افوكاتو

اختيار صائب دا تعبير بسيط أوي بصراحه مش لاقي تعبير يدل على قدر توفيقك

المقال من أروع من قرأت من فترة

رغم تحفظي على شخص كاتبه كنت قريت في المنتدى هنا من فترة أنه بيقدم برنامج على القنوات الحكومية ويبدو انه كان برنامج سىء فكرهته سمعاً ........... لكن المقال بيقول أنه راجل عارف مفاتيح اللغة والنقد كمان

أنا لا أكتب الأشـــعار فالأشعـــــــــار تكتبني

أريد الصمت كي أحيا ولكن الذي ألقاه ُينطقني

رابط هذا التعليق
شارك

أعزائى الأساتذة عمرو و لخبطة,

سعدت جدا بتعليقكما, فهذا المقال يلقى الضوء على بعض من مشاكل الشارع المصرى, التى كتبت كثيرا عنها, و مازلت أتمنى أن يشارك فى محاولة فك رموزها جميع الأعضاء.

و لكى نشفى أى داء, و نقرر الدواء, يجب أن نشخص هذا الداء, و نتأكد أنه مضر بصحة الشعب المصر و مصلحته, ثم نقترح حلولا للتخلص منه.

فى الغرب, النقد الذاتى هو الطريق الآمن للتصحيح, و علينا أن نواجه عيوبنا بصراحة, و نعترف بوجودها , ثم نحاول علاجها.

و أعتقد أن الإعتماد على النظام الحاكم لكى يبدأ المبادرة, هو حلم بعيد المنال,

لهذا, علينا أن ننظر حولنا, و نسأل أنفسنا, ماذا يحدث لبلدنا؟, و كيف نوقف هذا التدهور؟

شكرا لكما,

تقبلا تحياتى.

تم تعديل بواسطة الأفوكاتو

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

أستاذ لأفوكاتو

كيف حالك ،

ماذكره الكاتب هو واحد من اشياء كثيرة مقلوبة فى مجتمعنا ، حتى يخيل الى ان اى شيئ تظنه خاطئ سيفاجأك الجميع بان هذا هو العادى ، واذا ظننت فى شيئ انه صحيح ويجب ان يعمم ستجد من يقول لك الكلام ده كان زمان ، باين عليك مش من البلد دى.

للاسف الحكومة والشعب مشتركون معا فى صياغة هذا الحال والمنطق المقلوب ، ولكن حيث ان السلطة دائما بيد الحكومة ، التزام الحكومة بالقانون وتطبيق القانون على نفسها قبل الشعب ، يجب ان يكون الخطوة الاولى فى سبيل الاصلاح.

--

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}(11){اَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}(12)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ}(11)

new-egypt.gif

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
***************
مشكلة العالم هي أن الحمقى والمتعصبين هم الأشد ثقة بأنفسهم ، والأكثر حكمة تملؤهم الشكوك (برتراند راسل)
***************
A nation that keeps one eye on the past is wise!A
A nation that keeps two eyes on the past is blind!A

***************

رابط القرآن كاملا بتلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل برابط ثابت مع رابط للقراءة
***************
رابط
القرآن كاملا ترتيل وتجويد برابط ثابت مع رابط للقراءة
***************
رابط سلسلة كتب عالم المعرفة

رابط هذا التعليق
شارك

استاذي الفاضل.....

اشكرك شكرا جزيلا على ما تفضلت به من نقل هذا المقال الهام ......

املا مني بأن يفتح باب النقاش حول الأوضاع المقلوبة....ليصحح الكثير من المفاهيم المقلوبة...

ما ألمسه حقيقة من خلال التعامل مع البشر....شكوى ضيق ذات اليد ... وقلة الربح .... وغلاء الاسعار

وبقليل من التدقيق ... سهل إكتشاف اسباب الضيق ... فقد زهد الفلاح أرضه ... وزهد العامل مصنعه ... ورفض الموظف ان يتقن عمله

كل ذلك تحت نزح الكثير من اليأس ... وإنتفاء القدوة .. والقادة ... فأنمحى الهدف من الحياة ... واصبحت مأكل ومشرب وتسلية

لذلك تعاظمت ادوار المسليات ... والملهيات .. وفي نفس الوقت انهارت الهمة لأداء اي عمل بذمة ...

كما تعاظم دور التليفزيون والمسلسلات والفوازير ... ((طبعا بدون اي فوائد طبيعية - ولكنها كلا من باب التسلية)) ورويدا رويدا اصبح السهر عادة ... والقيام ساعة الصبح بدعة ...

وتطور الامر بتساهل الكل ... في غياب دور العقلاء وإنغماس المعظم فى الاهواء ... وغناء الكثير بدون تعب ... فترك الكثير قيمة العمل ... واصبح الثراء بدون عرق هو الامل ... فيسلك المعظم اسهل واقصر الطرق ... بدون نتائج مؤكدة حيث تخضع هذه الطرق السهلة الى قوانين المقامرة

وكان لهذا اثرا ودورا اكثر بكثير من دور المسليات ... لهروب اصحاب الاعمال والمصانع من التزامهم بالعمل الشريف ... وعزوف العمال والفلاحين والموظفين عن رزقهم الصعب ... فلم لا والفهلوة - قد - تأتي بأضعاف الرزق السهل

وبهرت الاعين العادية بعض النماذج الشاذة لنجاحات مؤقتة ... تماما كما يحدث فى الروليت ... فاندفع الباقون ليقامروا برزقهم عسى ان يربحوا مثل غيرهم ...

فغيرهم ممن تربحوا بالطرق السهلة يسهرون ويلعبون ويعيشون ....

اعتقد ان معظم المشكلة يكمن فى عدم الرضا ... فقليل ما اجد من تملؤه القناعة ... رضا بعمله وبرزقه وقنع بنصيبه من الدنيا

واعتقد ان سر هروب الناس من النهار الى الليل ... هو ان الليل يعتبر الغطاء يستر عيوبهم وافعالهم ومايخافون من مواجهته ... يسحب المرء دائما نفسه الى الليل حينما يريد ان ... ينام ... او يحلم بلا قيود او التزامات ... وهو ما ينهار اما عظمة النهار ...

فالنهار هو الحقيقة .... بلا مواربة

رابط هذا التعليق
شارك

أرى أن الطرح فى هذا المقال يكرس لأنسحاق الفقراء بصورة سوداويه مبالغ فيها ولم يفتح أى نافذه أمل للقارئ فالشاب العاطل يبحث عن نصف فرصة ليحقق ذاته فى حين أن صاحب الوظيفة يرى نفسه خارج الزمن وحتى إذا طور أدائه فليس له أمل و وجوده غير مهم وغير مؤثر وأصحاب المعاشات فقدوا كل هذا العز و الهيلمان ( اللذى يتمتع به الموظفون أعلاه) وأنهم صارو عبئا و فائض عن حاجة المجتمع - والتى لم يذكر المقال أى منها- فالمجتمع لا يحتاج العاملين ولا العاطلين ولا المتعلمين وليس به مكان للأمل ولا للحب شبابه يسير بلا هدف وفقراؤه ضائعون تائهون و كلهم فى محل جر مفعول به دائما

أما أغنياؤه فهم يعيشون فى قصورهم وحفلاتهم ولا يحتكون بالفقراء و البسطاء إلا ليتلذذوا بتعذيبهم و خلق المعاناه لهم وهم فى هذا المقال الفاعل الوحيد فى هذا المجتمع ولكن للأسف فاعل شرير للشر فقط

لاأنكر وجود كثير من السلبيات ولا أنكر كثير من المظاهلر التى رصدها الكاتب ولكن لا أتفق معه فى هذا الطرح الموغل فى اليأس.

رابط هذا التعليق
شارك

شكرا لأخى الأستاذ محمد على تعقيبه الكريم,

و أقدر رأيه فى هذا الموضوع,

كما أشكر الأخ الفاضل سييم شرحة لكيفية إحباط المحتمع لإستيعاب المتغيرات التى ظرأت عليه, بحيث جعلت كثيرا من التصرفات, و القرارات تتسم بالمغامرة, و المراهنة على المستقبل.

و أخيرا أشكر الأخ جوبى على تجاوبه, و اعتقاده أن كاتب هذا المقال قد جلب اليأس للقارئ, و أعتقد أن نشر الموضوع مقصود منه نشر وجهة نظر يقبلها أو يرفضها القارئ, و ما علينا هو أن نعرض وجهة نظرنا, و قد عرضها العزيز جوبى بوضوح,

شكرا لكل من اطلع على الموضوع أو شارك فيه.

تقبلوا تحياتى.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

اجمل ماأعجبني في هذا المقال الوصف الرائع والدقيق والمعبر عن سبب هذه الظاهرة التي انتشرت جدا في الشارع المصري وانا أصبحت استغرب من أن السهر طال الفتيات ايضا والى ساعات متأخرة من الليل في المولات وشوارع وسط البلد............

المقال يحمل لغة ادبية راقية وجميلة ولااستبعد ذلك على كاتب ألف روايات صدرت من هيئة الكتاب

رابط هذا التعليق
شارك

أخشى أن تكون هذه الروايات قد صدرت عن المؤسسة الحكومية بصفته الصحفية لا بصفته كاتباً ولا روائياً ..هذه واحدة.. كان هناك صحفيون روائيون من أمثال مصطفى أمين وإحسان عبد القدوس وموسى صبري وفتحي غانم ومن قبلهم محمد التابعي.. لكن أعتقد أن هذا الزمن قد "جَبَر"..

ثانياً.. هل هناك علاقة بين الشوارعيزم الذي صدعنا به على مدى خمس أو ست أسابيع وبين الطريقة التي يقدم بها برنامجه "حالة حمار"؟

أي مصداقية يحملها كاتب يتنافى أسلوب عمله وطريقته الفكرية مع ما يكتب؟ كثير مما يقوله الرجل من نافلة القول ولم يضف فيه شيئاً جديداً..

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

بغض النظر عن شخصية الكاتب ومصداقيته فهو شخصيا لا يعنينا بقدر رغبتنا في تفسير ما يحدث. فالسهر الجماعي والإغراق في الحياة الليلية أصبح ظاهرة لا تخطئها العين سواء في الصيف أو الشتاء وهذا يحدث نتيجة وجود خلل ما في المجتمع العاطلون عن العمل في ازدياد والمتعيشون من المصالح والسبوبة أصبحوا كثر وهم لا يحتاجون للإستيقاظ مبكرا إلا في حدود قضاء المصلحة ومن ثم العودة للنوم والإستيقاظ ليلا فالليل ستار العيوب والهدوء أصبح صعب المنال في مصر لذلك بدأ الكثيرون يلجئون للحياة الليلية.

الخلل كما أوضح المشاركون قبلي هو في تناقص قيمة العمل كوسيلة للحصول على مكانة في المجتمع أو حتى مكان فيه فالقيمة الوحيدة هي ما تملك وليس ما تصنع وهذا يمثل كارثة فالحصول على المال بأي وسيلة هو الوسيلة الوحيدة للحصول على الإحترام والتقدير بغض النظر عن طريقة الوصول لهذا المال وأصبحت الفهلوة والشطارة هي الوسائل الطبيعية والغير مستهجنة للوصول للأحلام.

مفيش حياة إلا عند غيرك تعيش في خيره ويعيش في خيرك

"فؤاد حداد"

رابط هذا التعليق
شارك

أشكر جميع من شاركوا فى هذا الموضوع, و أرجوا أن يستمر هذاالنقاش الإيجابى, لكى نتعرف على الأخطاء, و ماذا نعمله لتصحيح الأوضع المتدنية.

مزيد من المشاركة سوف يسمح بمزيد من الحلول.

مرة أخرى و شكرا لكل من ساهم.

تقبلوا تحياتى.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

كان زمان .. أيام "البلدية" .. قبل توزيع دمها على قبائل الأحياء .. وعلى رأس كل حى عميد أو لواء ... أقول أن أيام أيام البلدية كان القانون نافذا .. كان هناك مواعيد لإغلاق المحلات التجارية والمقاهى .. وكان الناس يحترمون ذلك القانون .. القانون ما زال موجودا .. ولكنه لا ينفذ

كان الجلوس على الشواطئ بعد غروب الشمس ممنوعا .. وكان جندى خفر السواحل يمر إما راجلا أو راكب حصان على الشاطئ ليطلب من الناس مغادرة الشاطئ .. وكانوا يلبون طلبه بكل رضى وأدب .. الآن عندما أذهب للتصييف فى العجمى لا نستطيع النوم لأن "الأولاد" يلعبون الكرة حتى الشروق .. ليست الكرة فقط .. التجمعات التى لا تعرف الحديث إلا بالصوت العالى والصراخ تسهر حتى الصباح .. أهدأ وقت على الشاطئ هو من الساعة التاسعة صباحا حتى الثانية بعد الظهر ..

هؤلاء فى إجازة .. ليسوا محبطين .. ليسوا متمردين رافضين لحياة النهار هاربين منها إلى الليل .. ليسوا كل ما جاء فى المقال أو معظم التعليقات .. إنهم شباب .. "أولاد ناس" .. ولكنهم لم يجدوا من يعلمهم الالتزام بالحياة الطبيعية لبنى البشر .. لم يجدوا من يتلو عليهم ويفسر لهم قوله تعالى : " وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا ايه الليل وجعلنا ايه النهار مبصره لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا " .. أو قوله تعالى : " فالق الاصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم "

لابد من احترام القانون يا سادة وتطبيقه بكل حزم ودون استثناءات ..

ولكنى أشك فى أن حكومة تنافق شعبها قادرة على تنفيذ القانون كما ينبغى وليس بشكل انتقائى .. هو نفس السبب الذى يجعل الحكومات المتعاقبة تجبن وتحجم عن رفع الظلم البين عن فئة من المجتمع نفاقا وخوفا من ثورة فئة أخرى .. فى حين أنها تبرز أنياب القانون لكل من يقترب من أمن "الدولة" وهذه من صفات الحكومات التى أكبر همها هو كرسى الحكم

أنا أخذت هذه الزاوية البسيطة للنظر إلى الموضوع .. وكانت ستغيب لو حاولت أن أفلسف الظاهرة

نحن فى حالة حرب لم يخض جيشنا مثلها من قبل
فى الحروب السابقة كانت الجبهة الداخلية مصطفة
تساند جيشها
الآن الجيش يحارب الإرهاب وهناك من يطعنه فى ظهره
فى الحروب لا توجد معارضة .. يوجد خونة

تحيا مصر
*********************************
إقرأ فى غير خضـوع
وفكر فى غير غـرور
واقتنع فى غير تعصب
وحين تكون لك كلمة ، واجه الدنيا بكلمتك

رابط هذا التعليق
شارك

كان لدينا منزلا فى سيدى بشر, و كنا نؤجر كل شققه, ماعدا الشقة الأرضية التى احتفظنا بها خالية , لأجازاتنا, حيث أن الحكومة كانت تنتقل إلى الأسكندرية فى عصر الملكية , لمدة 4 شهور فى فصل الصيف.

و كانت الحياة فى سيدى بشر من أجمل الأوقات التى عشتها خلال إقامتى فى مصر.

بعد عدة زيارات إلى مصر, أصبحت نادرا ما أزور الإسكندرية, فقد تغيرت معالمها, ليس فقط عمرانيا, و ليس فقط توسعها العشوائى, و لكن الفوضى التى تميزت بها أيام الصيف, و أصبحت الحياة لمن عايشوا الماضى جحيما كما ذكر أخى أبو محمد.

تسيب فى الشارع,

تسيب فى السلوك,

تسيب فى الحضارة

و تسيب فى حماية البيئة

فالأسكندرية التى كانت أنظف مدينة فى مصر, قد فقدت هذه الشهرة, فمتى خرجت من شارع رئيسى تعتقد أنك دخلت فى كفر كعبوشة.

و فى القاهرة, أصبح الشارع كابوسا لا يحتمل, فلا تستطيع السير على الرصيف, ليلا أو نهارا, و لا تستطيع السير على أرصفة الكبارى,

لقد أنتهى عصر اأرصفة الكبارى للسير و التريض, فقد أصبحت مقاهى مفتوحة طوال الليل, تسد طريقك بالمقاعد, و الحلل, و الطواجن, و البوتاجاز المتنقل, فضلا عن كم الزبالة الناتج عن هذه السهرات الليلية, التى تمتد للصباح فى الليالى الملاح.

لا ترى وجود للقانون الذى يتم كسره كل مرة تريد أن تستنشق نفسا. و إذا وجد, فلأغراض أخرى غير تنفيذ القانون, بل لزيادة الدخل لمواجهة زيادة الأسعار و الغلاء

البيضة, و الفرخة.

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

الاستاذ الفاضل الأفوكاتو

لن أعقب علي هذا الموضوع , فما أضافه الزملاء به معظم ما كنت أود أن أكتبه , لذا سأكتفي بنقل خاطرة أخري تضيف جزء آخر من الموزايكو الذي يشكل حياتنا الآن ...

تغرق القاهرة يوميا بين تراتيل الصباح و أذكار المساء، وربما لهذا أحبها وأخشاها.

* * *

في القاهرة، أتابع مشاهد يلعب فيها الناس أدوار البطولة, بينما أقف كومبارس في الخلفية أبتسم لهم أحيانا بينما أجمع ما تيسر من أرواحهم العابرة.

فتافيت من خبز التدين اليومي, تلوكها أفواه العابرات و العابرين مثل علكة يستحلبونها باستماتة: علٌهم يلحقون بشيء من أثر سكَرِها .

نتوسل إلي إلهنا بطرق شتي، ربما لم يمارسها غيرنا، ونكاد نقسم في كل وقت وحين أننا المفضلون لديه لأننا جادون في محبته لدرجة الموت غرقا في التفاصيل.

* * *

الناس في بلادي طيبون يبعثرون نظراتهم المترددة في الطرقات, و يجمعون بحرص رذاذ الصبر المتساقط من السماء في جيوب ملابسهم قدر طاقاتهم.

الناس في بلادي هنا واضحون يتركون بقايا زهور نرجسهم و شعارات التدين والتقوى علي أبواب منازلهم أو زجاج سياراتهم الواقفة علي جانبي الطريق.

الناس في بلادي حائرون بين السماء و الأرض, تضربهم الفصول الأربعة في اليوم الواحد بينما يبتهلون مطولا للسماء و ينتظرون جديدا.

الناس يتشبثون بمدد إلهي يرونه تقريبا، و لا يكفون عن التلويح بأياديهم إلي السماء، حتي هؤلاء الذين لم يلوحوا قط أو كفوا عن التلويح سئما أو انشغالا, كانوا بإمعانهم في رفض التلويح يعبرون عن غضبهم الطفولي من السماء لأنه لم تستجب للآخرين، و لم تأبه بتلويحهم المستمر الذي كلٌت منه أياديهم الضعيفة. و ربما تمني هؤلاء الغاضبون أن تتحقق بعض أحلام الملوحين ليصبح لتلويحهم معني.

* * *

في طريقي اليومي, وربما لأننا مصريون ومتدينون بالفطرة أري الله حاضرا في كل وقت, حتى في تعاملنا مع أحذيتنا التي لا نستطيع تأدبا تركها و كعوبها لأعلي حتى لا تواجه سماءه. كما نتصنع الاستماع للمتحدثين باسمه الذين يزوروننا في المواصلات العامة، أو يطلون علينا من شاشات صغيرة احتلت أماكن متميزة في بيوتنا، أو يضعون ملصقات بكلامه علي الجدران و في محطات البنزين وعلي أبواب منازلنا التي طرقتها أياد حانية لملائكته فلم نسمعها, لأنها دوما طرقات خافتة ورقيقة يتسرب صوتها في الفضاء قبل أن يصل إلي آذاننا الصماء تقريبا.

* * *

هنا في بلادي لا يهم أن تكون رجلا أو امرأة مسلما أو مسيحيا, آثارك تتركها خلفك، و دينك تحمله شارة علي رأسك أو صدرك أو باطن رسغك، أما القلب الغارق في الحيرة, فهو للجالس في السماوات يزنه و يحكم عليه كيفما شاء.

* * *

أتصل بها في الصباح الباكر قبل خروجها من المنزل لإبلاغها بأمر ما، ترفع زميلتي سماعة تليفونها بينما ينساب صوت المقرئ في الخلفية. تمتد يدي ويدها في اللحظة نفسها لخفض الصوت لنسمع بعضنا البعض: إذ مؤخرا اعتدت وكثيرات الاستماع لإذاعة القرآن الكريم قبل الخروج من المنزل، بينما ننشغل في ارتداء ملابسنا غير الإسلامية، ووضع الماكياج أو العطر الفواح المحرم، ثم نركض وراء أوقاتنا، و نتجاوز عن أخطائنا التي تبدو لأعيننا صغيرة، و نتمتم بالمعوذتين في أثناء هبوطنا سلالم منازلنا ، و نردد دعاء الركوب في المواصلات العامة، أو في مقار أعمالنا بينما تتحرك مصاعدنا لأعلي غافلين عن رفض بعض المتشددين و المتشددات لركوب المصعد منفردين مع أفراد من الجنس الآخر خوفا من خلوة .

جارتي المسيحية عزة أنيس تمارس الطقس نفسه، وتهتم بسماع تراتيلها في الصباح لمباركة زوجها الذاهب لعمله، وابنتها التي تستعد لامتحانات الصف الثاني الابتدائي باعتبارها "شهادة يا ناس".

* * *

واصل زميلي الذي لا يصلي تقريبا ­ إلا في رمضان ­ هوايته في إتباع الأفكار الجديدة، حيث قام بطلب طبع أجزاء من القرآن لتوزيعها علي روح والده الراحل, و أضاف اسمه عليها لينال بعض الدعاء.

كما حرص جاري الشاب الذي اعتاد قضاء أيام آحاده نائما في سريره، علي طبع كاسيتات تتضمن مواعظ ويحمل غلافها صورة لوالده تتوسط أيقونتين للعذراء ومار جرجس، ووزعها كدعوة مبتكرة لحضور قداس الأربعين علي رحيل أبيه.

* * *

اعتدت أن أبدأ صباحات الأحد، بالاستماع لموسيقي التراتيل التي تصلني عبر نافذة غرفتي من منزل عائلة أنيس اسطفانوس أبو عادل جارنا منذ عقود، مثلما اعتدت الاستماع لمثلها كلما ذهبت في إحدى الصباحات القاهرية لتصفيف شعري عند كوافير "تيمو" لقربه من سكني و اعتدال أسعاره , ومعرفتي بصاحبيه الشقيقين لوقا و ميخائيل الشابين المسيحيين المتدينين . يحرص لوقا بمجرد دخوله إلي المكان علي تشغيل جهاز الكاسيت الرابض علي مكتب مزين بالأيقونات، لتخرج منه تراتيل باللغة القبطية القديمة التي لا يفهم لوقا منها سوي كلمات, و لكن صدره ينشرح لسماع التراتيل المباركة التي جلبها من أحد الأديرة لدرء أعين الحساد عنه: و خاصة بعد أن عاني و شقيقه ومحلهما الكثير من صاحبات العيون المستديرة.

و لا يختلف حال لوقا عن حال جارنا عبد الفتاح صاحب محل منتجات الألبان الصغير, الذي لا يكف مذياعه صباحا أو مساء عن بث برامج إذاعة القرآن الكريم للإئتناس وجلبا للبركة. و هناك عم عادل ساعي مكتبنا الذي اعتاد العمل في الصباح الباكر علي صوت أحد المقرئين السعوديين أو المصريين المشهورين, و ذلك قبل أن أصل و زملائي إلي مكاتبنا, إذ سرعان ما يقوم بخفض الصوت و يواصل عمله متمتما بالصلوات علي النبي. كما يكون أول المنطلقين لأداء الصلاة جماعة في أحد طرقات مؤسستنا التي اشتهرت في الستينيات بعلمانيتها, و لم يتوقف مطعمها عن تقديم الخمور إلا في منتصف السبعينيات بعد سوء سلوك أحدهم نظرا لإفراطه في الشراب، بالإضافة إلي أن رئيسنا قال وقتئذ أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة.

* * *

باعتباري إحداهن، أستطيع القول إن للنساء في بلادي سمة خاصة تتعلق برغبتهن في الكشف عن هويتهن الدينية. وعلي سبيل المثال، في عربة السيدات بمترو الأنفاق، أستطيع التعرف ببساطة علي المصرية المسيحية طفلة أو شابة كانت أم عجوز بوشم الصليب المدقوق علي رسغ اليد اليمني, أو صليب معدني ­ذهبي في الغالب ­ يتأرجح فوق الصدور المؤمنة. ولا بأس من القراءة في الإنجيل أو صلوات الصباح من كتيب صغير يحمل في باطنه عادة صورة للبابا شنودة أو أيقونة للمسيح أو لمار جرجس قاهر التنين الشرير.

أما المصريات المسلمات , فهناك عدة طرق للتعرف عليهن، و أكثرها شيوعا: الحجاب الذي ارتفعت معدلات ارتدائه، و هناك القلادة أو الخاتم الذي يحمل اسم الله أو جزء ا من آياته , في يد تلوذ بمسبحة جاءت هدية من امرأة صالحة عادت لتوها من حج أو عمرة، أو ربما منحة من شيخ صوفي .

أما إذا لم تكن المرأة ترتدي الحجاب، ولا صليبا، فالأمر يستلزم النظر إلي الحقائب عند فتحها حيث يستقر في الغالب إنجيل أو مصحف كامل أو أ جزاء منهما للبركة أو كتيبات صغيرة تضم أدعية مختارة, أما إذا كانت طالبة فمن المتوقع أن تضع علي حافظة كتبها ملصقا يحمل أيقونة أو آية إنجيلية أو قرآنية أو دعاء.

و لا بأس من متابعة حركات الأيدي, إذ اعتادت المسيحيات رسم إشارة الصليب علي الصدور عند العبور علي محطات الزيتون أو منشية الصدر أو غمرة أو الملك الصالح حيث تستقر في تلك المناطق كنائس بأسماء القديسين و القديسات. يتساوي في هذا الرجال و النساء في المواصلات العامة أو في سياراتهم الخاصة التي لا تخل من مصحف أو إنجيل يوضع علي تابلوه السيارة الأمامي أو الخلفي بالإضافة إلي كاسيتات القرآن و الوعظ للدعاة القدامى والجدد، أو تراتيل كنسية ومواعظ أو تسجيلات قداس العيد. وحدث ولا حرج عن حمالات المفاتيح التي قد تنتهي بصليب أو آية الكرسي وما شاء الله تتوسط كف فاطمة.

* * *

في مترو الأنفاق, و في عربة السيدات تحديدا حيث الأغلبية في الأيام الدراسية من طالبات جامعتي حلوان و عين شمس اللاتي اعتدن التنقل بين طرفي خط حلوان/ المرج. ومنذ العام 2002، ابتدعت المختمرات منهن أسلوبا جديدا لاقتناص الحسنات بترديد دعاء الركوب، وأصبح تقليدا متبعا أن تشرع إحداهن فور دخول العربة في رفع عقيرتها بدعاء السفر، لتردده خلفها الراغبات من راكبات المترو، بينما تتابعهن الراكبات المسيحيات في صمت يبدو محايدا.

* * *

فسيفساء

تتشكل حياتنا اليومية في مصر من التفاصيل الصغيرة، تلك التي تتراص كالموازييك قطعة بجوار أخري. ترسم تلك الفسيفساء صورة مصر المتدينة التي يتحول فيها الدين أحيانا إلي غلالات تحجب عنا رؤية السماء بوضوح رغم النيات الطيبة.

باطل الاباطيل الكل باطل و قبض الريح

ما الفائدة للانسان من كل تعبه الذي يتعبه تحت الشمس

دور يمضي و دور يجيء و الارض قائمة الى الابد

و الشمس تشرق و الشمس تغرب و تسرع الى موضعها حيث تشرق

وجهت قلبي لمعرفة الحكمة و لمعرفة الحماقة و الجهل فعرفت ان هذا ايضا قبض الريح

لان في كثرة الحكمة كثرة الغم و الذي يزيد علما يزيد حزنا

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 أسابيع...

المقال رائع ولو أني أيضاً لا أحب كاتبه والردود أروع لم تتركوا لي شيء أكتبه عم صابر جميل كلامك و الأفوكاتو أول ما أشوف إسمه أفرح بحبه لولد الولد الله يخليه ويحميه و أفرح أكثر بكلامه العاقل المؤثر أما عمرو حورس شهادتي فيه مجروحه ابن الشرقية كل كلمة بيكتبها حلوة

أحبكم في الله جميعاً

قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا

رابط هذا التعليق
شارك

<br /> أما عمرو حورس شهادتي فيه مجروحه ابن الشرقية كل كلمة بيكتبها حلوة<br />أحبكم في الله جميعاً<br />
<br /><br /><br />

ارجوالمعذره عن الخروج عن سياق الموضوع

لكن من حقى اهتم بهذه الكمله وارجو ان تكون فى غير ذات المعنى فليس عليا بالسهل كلمة جرح حتى ولو بدون قصد ....

يابنت بلدى سوء تفاهم وبعتلك رساله وبيقولوا صافى يالبن .....

بعتذر مره اخرى عن تحييد الموضوع

الدنيا يومان

يوم لك ويوم علبك

فافعل ماشئت

لكن تذكر

كما تدين تدان

رابط هذا التعليق
شارك

يا عمرو شهادتي مجروحة يعني زي الأم ما تقول على بنتها الأجمل يعني زي شهادة الأقارب لا تجوز يعني اتنين من الشرقية لازم يقولوا على بعض أحلى كلام ..................... وصلت!!!!

قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...