اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

حضور و غياب القانون


الأفوكاتو

Recommended Posts

بمناسبة الإعتداء على القضاة أما ناديهم, و اعتقال بعضهم, رأيت أن ايد نشر مقالى عن " حضور و غياب القاتوت" لنرى كيف تردت الأحوال, إلى درجة التعدى على صرح العدالة, فى بلد كانت منار العدالة فى فى الماضى القريب.

الأخوات, والإخوة الأعزاء,

سوف أدلى بدلوى فى هذا الموضوع, رغم أنى تقدمت سابقا بمشروع لدراسة مشاكلنا, و دراسة ظاهرة الفساد و أسبابها, و مدى تغلغلها فى حياة المصريين السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية.

و لن يكون رأيى جامعا شاملا, فلن أتكلم هنا بأى تفصيل عن دور المحاكم, و نظامها, وأحكامها, حيث أنى كتبت أكثر من اللازم فى هذا الموضوع, و لكن سأكون سعيد بالرد على أية إستفسارات عن المحاكم, متى كان هذا ضروريا.

و لأنى من أنصار مقولة: " خير الكلام ما قل ودل, " فسوف أعرض فكرى فى أقل مساحة يتيحها هذا الموضوع.

حين نتكلم عن حضور أو غياب القانون, فقد يظن البعض أننا نتكلم عن القانون الجنائى, الذى يكون الردع فيه من ضروريات وجوده, و لكن القانون بمعناه الواسع يتضمن أمورا كثيرة غير جزئية الردع, فالقانون يُقصد به إنشاء إطار عام لنظام للمجتمع, بتيح للمواطن أن يعيش فيه بأمان واطمئنان, وهو ما يشار اليه بكلمة " التلحخم الإجتماعى".

بدون هذا الإطار, لن يفهم الفرد ما هو المطلوب منه لكى يكون سلوكه مقبولا من بقية المجتمع, و لكى يكون لهذا الإطار تأثيرا فى سلوك الفرد, فإن القاعدة القانونية المتضمنة لهذا الإطار يجب أن تتوافر فيها العناصر الآتية:

· قواعد يُقصد بها حماية الشخص و حقوقه داخل المجتمع,

· منها حقه فى الحياة الآمنة الكريمة,

· و حقه فى التمتع بممتلكاته الشخصية التى حصل عليها بطريق مشروع,

· و حقه فى عدم التعرض للإيذاء أو الإعتداء من شخص آخر,

· وحقه فى التعبير عن رأيه بحرية,

· و حقه فى التحرك بدون قيد أو رقابة على حريته فى حدود ما يسمح به المجتمع,

و فضلا عن وجود هذه القواعد فى القوانين الجنائية, فهناك عديد من الحقوق تنظمها قوانين أخرى, مثل القانون المدنى, و القانون التجارى,

و نرى ذلك فى قوانين التعويض عن الضرر الناشئ عن الخطأ, و قوانين التعاقد, .. الخ

· هذه القواعد التى أشرنا اليها يجب أن يُقصد بها توقير أنماط للسلوك المقبول إجتماعيا, فمن خلال هذه القواعد, يُمكن للفرد أن يتعرف على التصرف الذى يتوقعه المجتمع منه, كما يمكنه التعرف على ما يتوقعه هو من المجتمع.

· و تتضمن هذه القواعد آليات لحل المشاكل و النزاع بين الأفراد بعضهم بعضا, و بين الأفراد و السلطات الحكومية, وذلك قبل أن يستفحل الخلاف, فإذا إستفحل الخلاف, فإن هذه الآليات تتيح له الإلتجاء الى الجهات التى لديها إختصاص حل النزاع إداريا, أو قضائيا. مدنيا او جنائيا.

· كذلك يجب أن يتضمن القانون آليات تسمح له بالتغيير لمواجهة التغيرات التى تطرأ على المجتمع المحلى و العالمى, ولمواكبة التطورات العلمية و القإتصادية التى لها تأثير على المجتمع البشرى على الإطلاق.( سوف أشرح هذه النقطة لاحقا )

· كذلك يجب أن تُشجع هذه القواعد المواطن على أن يصبح طرفا فى صناعة القانون, و فى تنفيذه, فلا يكفى أن أن تحس أن القانون موجودا, بل يجب أن تحس بأن القانون يجب نم يُطاع, لأن فى إطاعته فائدة للجميع.

· و حين نتكلم عن القواعد و ما تتضمنها من خقوق, فلا يجب إغفال القاعدة القائلة أن مقابل كل حق, هناك إلتزام مقابل له.

و عادة يتقبل الفرد القوانين المفروضة من قبل المجتمع متى توافرت فى هذه القوانين هذه الصفات:

أولا: القبول الشعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبى

هناك زعم أن المواطن يحترم القانون لأنه يخاف من العقوبة, و رغم صحة هذا الزعم, فإنه هناك كثير من المواطنين على إستعداد لإحترام القانون لأنهم يرون فيه حلا لمشاكل معينة, و متى كانت هذه هى نظرة المواطن للقانون, فإنه سيكون أول من يلتزم به .

و الأمثلة على ذلك كثيرة, ففى البلاد التى لا يُحرم فيها تعاطى الكحوليات, يلتزم المواطن (برضاء) بالقاوانين التى تُحرم قيادة السيارات بعد تعاطى الكحول, لأنهم يرون الحكمة فى سن هذه القوانين, و قد ترتب على قبول المواطن هذا القانون أن قلت نسبة حوادث السيارات التى يسببها تعاطى الخمر.

من يكره التدخين سوف يوافق على القوانين التى تُحرم التدخين فى الأماكن المغلقة, أو التى فيها مأكولات, و سوف يقبل المدخن ضغط غير المدخن, لأن التدخين عادة مضرة للصحة.

من يريد أن يأمن على سلامته, سوف يرحب بقوانين تفرض صيانة سنوية على سيارته.

من لا يطيق الضوضاء سيكون أول من يخفض صوت موسيقاه.

من لا يقبل القذارة فى الطريق, لن يلقى بها من نافذة منزله, أو شباك سيارته.

ثانيا: الوعــــــــــــــــــــــى بوجود القانــــــــــــــــــــــــون

لكى نتوقع من المواطن أن يحترم القانون, فإن علينا أن نتأكد أنه على وعى بوجود هذا القانون . و أن هناك عقوبة أو جزاء, أو ثواب لمخالفته او إتباعه.

و رغم أن الجهل بالقانون ليس عذرا , إلا أن دارس القانون يعرف أن هذا الإقتراض مقبول فقط فى الدول المتمدينة, حيث من المفروض أن لا يوجد من يجهل القانون, و هذ لا يتحقق فى مصر, لأن حتى بعض رجال القانون هم فى الواقع جهلاء به.و هذا يسرى أيضا على معظم شعوب دول العالم الثالث.

و قد اقترحت فى مداخلة سابقة ضرورة إدخال مادة القانون المبسط فى منهج التعليم الثانوى, كما هو متبع فى معظم دول العالم المتحضر, و لكن , و كالمعتاد, توفى المقال, و تم دفنه فى مدى يومين,

و لا يكفى نشر القانون الجديد فى الجرائد,و الإذاعة و التليفزيون, , بل يجب أن يُمكن للمواطن الحصول على نسخ منه , من مطابع الحكومة, و بأسعار زهيدة, تشجيعا للعلم بالقانون.

ثالثا: وضـــــــــــــــوح القانـــون و بساطـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة لغتـــه.

إبتعدت بلاد كثيرة عن إستعمال اللغة القانونية المعقدة التى حتى رجال القانون يجدون صعوبة فى فهمها, و استعملوا لغة مبسطة يستطيع رجل الشارع فهمها, و لكن فى مصر, و حتى يكون القانون حكرا للمحامين, فلقد تفننوا, عند صياغة القانون, فى إستعمال كلمات لغوية معقدة, أصبح حل طلاسمها يعادل محاولة قراءة اللغة الهيروغليفية.

فيجب أن يكون الغرض من القانون واضحا, من النص, و لا يحتاج الى مختار الصحاح.

رابعا: قابلية الـــقانون للـــــــــــــــــــــــتغيير عند الضرورة.

إن الضرر الناشئ عن تطبيق فانون خاطئ أو فاشل, سوف يُفقد المواطن ثقته فى القانون, فمتى بان الخطأ, أو تغيرت الظروف التى صيغ القانون لمواجهتها, فيجب أن تقوم آليات التغيير بالبدأ فى مراسيم تغيير القانون.

خامسا: أستـــــــــــــــــقرار القانـــــــــــــــــــــــــــون.

قد يبدوا هذا مناقضا لما قلناه سابقا, و لكن يجب أن يشعر المواطن أن حقوقه المستقرة لن تتغير كلما رأت الحكومة أن هناك داع لتغيير القانون, فهذا يُجبرالمواطن على فقد الثقة فى القانون و الحكومة معا.

و لكن الإستقرار و الثبات مقصود به عدم لجوء الحكومة الى تغيير القانون أو تعديله كلما تغيرت الوزارة, أو تغير الوزير, كما يجب أن يكون التغيير مطلبا شعبيا ضروريا لتفادى أضرارا, أو لحماية مصالح شعبية.

و من المستحسن عند تغيير القانون, التوسع فى مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية, و رجعية القوانين المدنية و التجارية التى تضيف مزايا للمواطن . بدون إضرار بالإقتصاد القومى.

سادسا: ( وهى أهم صفة يجب توافرها فى القاعدة القانونية)

قابليـــــــــــــــــــــــــة القانون للتــــــــــــــــــــــــــــــــفيذ

إذا كان القانون صعب التنفيذ, فإنه لا يساوى قلامة ظفر, و للأسف الشديد, معظم التسيب فى نظامنا القانونى يرجع الى هذه المشكلة, فعديد من القوانين الجنائية, و حجم كبير من القوانين المدنية و التجارية و الإدارية, أصبح تنفيذها مستحيلا, لأن المشرع لم يضع فى الحسبان آليات تنفيذ الأحكام, وخاصة مشاكل التنفيذ النابعة من الروتين الحكومى, و فساد أحهزة التنفيذ, و إنتشار الرشاوى, و عدم وجود المصادر المالية و الآدمية التى تكفل تنفيذ سريع للأحكام.

ومن أمثلة الفشل فى تطبيق القانون, أو تنفيذ الأحكام:

إذا صدر قانون بوجوب الحصول على رخصة لتركيب هوائى للتليفزيون, أو استعماله, أو وضع صحن لإستقبال القنوات الهوائية, فإن هذا سيتطلب جيش من رجال البوليس للتفتيش على على الهوائيات, و التصنت على أصوات التليفزيون, هذا إذا كانت هذه الهوائيات ظاهرة للعيان.

و إذا فرض القانون غرامة على قيادة السيارة بسرعة تزيد عن سرعة محددة, و لم تكن هناك الأجهزة التى تقيس السرعة, فالقانون هنا اصبح عنينا.

و إذا صدر قانون بمنع القاء قاذورات فى الطريق العام, و لم يكن هناك جبش من موظفى المجلس المحلى لتنفيذ هذا القانون, فهذا القانون لا يساوى نكلة. وسيصبح الشارع مقلبا للزبالة, رسميا.

ليست هذه الدراسة شاملة جامعة لكل ما اريد أن أقول, و لكنى أرجوا لفت نظركم الى أن ما أعتقده سببا أساسيا فى فوضى القانون عندنا, هو .......... الجهــــــــــــــــــل.

ليس فقط الجهل بالقانون , و إنما " الجهـــــــــــــــــــــــــــل "

فمعرفة القانون تتطلب وعى, و ثقافة أفضل مما هو متاح حاليا للمواطن المصرى. حيث نسبة الأمية حاليا تزيد عن 60%

و سوف أترك موضوع الثقافة لمن لديهم الخبرة فى هذا المقام.

و السلام عليكم.

تم تعديل بواسطة الأفوكاتو

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

ليست هذه الدراسة شاملة جامعة لكل ما اريد أن أقول, و لكنى أرجوا لفت نظركم الى أن ما أعتقده سببا أساسيا فى فوضى القانون عندنا, هو .......... الجهــــــــــــــــــل.

ليس فقط الجهل بالقانون , و إنما " الجهـــــــــــــــــــــــــــل "

فمعرفة القانون تتطلب وعى, و ثقافة أفضل مما هو متاح حاليا للمواطن المصرى. حيث نسبة الأمية حاليا تزيد عن 60%

و سوف أترك موضوع الثقافة لمن لديهم الخبرة فى هذا المقام.

و السلام عليكم.

أستاذي الأفوكاتو

مقالة رائعة زي العادة ولما بتكون المقالة بالعمق ده بيكون صعب أو مستحيل الإضافة لها

وانا متفق معاك في أن الجهل سبب أساسي في فوضي القوانين وطبعا حضرتك أخترت اللفظ بدقة لانه مش السبب الوحيد

واللي انا شايفه بوضوح ان الحكومة عاجبها الوضع كده (يعني أحسنلها شعب جاهل أو على الاقل يبدو متعلم على شعب فاهم ويدري جيدا ما هي حقوقه وواجباته )

رابط هذا التعليق
شارك

أستاذنا الكبير دكتور محمود

نشكرك شكرا جزيلاً على هذا الشرح الوافي المستوفي

وهذا الأسلوب السهل الممتنع

وهذه الإفادة البالغة

متعك الله بالصحة والعافية

ودمت لنا معلما

رابط هذا التعليق
شارك

بمناسبة الإعتداء على القضاة أما ناديهم, و اعتقال بعضهم, رأيت أن ايد نشر مقالى عن " حضور و غياب القاتوت" لنرى كيف تردت الأحوال, إلى درجة التعدى على صرح العدالة, فى بلد كانت منار العدالة فى فى الماضى القريب.

الأخوات, والإخوة الأعزاء,

سوف أدلى بدلوى فى هذا الموضوع, رغم أنى تقدمت سابقا بمشروع لدراسة مشاكلنا, و دراسة ظاهرة الفساد و أسبابها, و مدى تغلغلها فى حياة المصريين السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية.

و لن يكون رأيى جامعا شاملا, فلن أتكلم هنا بأى تفصيل عن دور المحاكم, و نظامها, وأحكامها, حيث أنى كتبت أكثر من اللازم فى هذا الموضوع, و لكن سأكون سعيد بالرد على أية إستفسارات عن المحاكم, متى كان هذا ضروريا.

و لأنى من أنصار مقولة: " خير الكلام ما قل ودل, " فسوف أعرض فكرى فى أقل مساحة يتيحها هذا الموضوع.

حين نتكلم عن حضور أو غياب القانون, فقد يظن البعض أننا نتكلم عن القانون الجنائى, الذى يكون الردع فيه من ضروريات وجوده, و لكن القانون بمعناه الواسع يتضمن أمورا كثيرة غير جزئية الردع, فالقانون يُقصد به إنشاء إطار عام لنظام للمجتمع, بتيح للمواطن أن يعيش فيه بأمان واطمئنان, وهو ما يشار اليه بكلمة " التلحخم الإجتماعى".

بدون هذا الإطار, لن يفهم الفرد ما هو المطلوب منه لكى يكون سلوكه مقبولا من بقية المجتمع, و لكى يكون لهذا الإطار تأثيرا فى سلوك الفرد, فإن القاعدة القانونية المتضمنة لهذا الإطار يجب أن تتوافر فيها العناصر الآتية:

· قواعد يُقصد بها حماية الشخص و حقوقه داخل المجتمع,

· منها حقه فى الحياة الآمنة الكريمة,

· و حقه فى التمتع بممتلكاته الشخصية التى حصل عليها بطريق مشروع,

· و حقه فى عدم التعرض للإيذاء أو الإعتداء من شخص آخر,

· وحقه فى التعبير عن رأيه بحرية,

· و حقه فى التحرك بدون قيد أو رقابة على حريته فى حدود ما يسمح به المجتمع,

و فضلا عن وجود هذه القواعد فى القوانين الجنائية, فهناك عديد من الحقوق تنظمها قوانين أخرى, مثل القانون المدنى, و القانون التجارى,

و نرى ذلك فى قوانين التعويض عن الضرر الناشئ عن الخطأ, و قوانين التعاقد, .. الخ

· هذه القواعد التى أشرنا اليها يجب أن يُقصد بها توقير أنماط للسلوك المقبول إجتماعيا, فمن خلال هذه القواعد, يُمكن للفرد أن يتعرف على التصرف الذى يتوقعه المجتمع منه, كما يمكنه التعرف على ما يتوقعه هو من المجتمع.

· و تتضمن هذه القواعد آليات لحل المشاكل و النزاع بين الأفراد بعضهم بعضا, و بين الأفراد و السلطات الحكومية, وذلك قبل أن يستفحل الخلاف, فإذا إستفحل الخلاف, فإن هذه الآليات تتيح له الإلتجاء الى الجهات التى لديها إختصاص حل النزاع إداريا, أو قضائيا. مدنيا او جنائيا.

· كذلك يجب أن يتضمن القانون آليات تسمح له بالتغيير لمواجهة التغيرات التى تطرأ على المجتمع المحلى و العالمى, ولمواكبة التطورات العلمية و القإتصادية التى لها تأثير على المجتمع البشرى على الإطلاق.( سوف أشرح هذه النقطة لاحقا )

· كذلك يجب أن تُشجع هذه القواعد المواطن على أن يصبح طرفا فى صناعة القانون, و فى تنفيذه, فلا يكفى أن أن تحس أن القانون موجودا, بل يجب أن تحس بأن القانون يجب نم يُطاع, لأن فى إطاعته فائدة للجميع.

· و حين نتكلم عن القواعد و ما تتضمنها من خقوق, فلا يجب إغفال القاعدة القائلة أن مقابل كل حق, هناك إلتزام مقابل له.

و عادة يتقبل الفرد القوانين المفروضة من قبل المجتمع متى توافرت فى هذه القوانين هذه الصفات:

أولا: القبول الشعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبى

هناك زعم أن المواطن يحترم القانون لأنه يخاف من العقوبة, و رغم صحة هذا الزعم, فإنه هناك كثير من المواطنين على إستعداد لإحترام القانون لأنهم يرون فيه حلا لمشاكل معينة, و متى كانت هذه هى نظرة المواطن للقانون, فإنه سيكون أول من يلتزم به .

و الأمثلة على ذلك كثيرة, ففى البلاد التى لا يُحرم فيها تعاطى الكحوليات, يلتزم المواطن (برضاء) بالقاوانين التى تُحرم قيادة السيارات بعد تعاطى الكحول, لأنهم يرون الحكمة فى سن هذه القوانين, و قد ترتب على قبول المواطن هذا القانون أن قلت نسبة حوادث السيارات التى يسببها تعاطى الخمر.

من يكره التدخين سوف يوافق على القوانين التى تُحرم التدخين فى الأماكن المغلقة, أو التى فيها مأكولات, و سوف يقبل المدخن ضغط غير المدخن, لأن التدخين عادة مضرة للصحة.

من يريد أن يأمن على سلامته, سوف يرحب بقوانين تفرض صيانة سنوية على سيارته.

من لا يطيق الضوضاء سيكون أول من يخفض صوت موسيقاه.

من لا يقبل القذارة فى الطريق, لن يلقى بها من نافذة منزله, أو شباك سيارته.

ثانيا: الوعــــــــــــــــــــــى بوجود القانــــــــــــــــــــــــون

لكى نتوقع من المواطن أن يحترم القانون, فإن علينا أن نتأكد أنه على وعى بوجود هذا القانون . و أن هناك عقوبة أو جزاء, أو ثواب لمخالفته او إتباعه.

و رغم أن الجهل بالقانون ليس عذرا , إلا أن دارس القانون يعرف أن هذا الإقتراض مقبول فقط فى الدول المتمدينة, حيث من المفروض أن لا يوجد من يجهل القانون, و هذ لا يتحقق فى مصر, لأن حتى بعض رجال القانون هم فى الواقع جهلاء به.و هذا يسرى أيضا على معظم شعوب دول العالم الثالث.

و قد اقترحت فى مداخلة سابقة ضرورة إدخال مادة القانون المبسط فى منهج التعليم الثانوى, كما هو متبع فى معظم دول العالم المتحضر, و لكن , و كالمعتاد, توفى المقال, و تم دفنه فى مدى يومين,

و لا يكفى نشر القانون الجديد فى الجرائد,و الإذاعة و التليفزيون, , بل يجب أن يُمكن للمواطن الحصول على نسخ منه , من مطابع الحكومة, و بأسعار زهيدة, تشجيعا للعلم بالقانون.

ثالثا: وضـــــــــــــــوح القانـــون و بساطـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة لغتـــه.

إبتعدت بلاد كثيرة عن إستعمال اللغة القانونية المعقدة التى حتى رجال القانون يجدون صعوبة فى فهمها, و استعملوا لغة مبسطة يستطيع رجل الشارع فهمها, و لكن فى مصر, و حتى يكون القانون حكرا للمحامين, فلقد تفننوا, عند صياغة القانون, فى إستعمال كلمات لغوية معقدة, أصبح حل طلاسمها يعادل محاولة قراءة اللغة الهيروغليفية.

فيجب أن يكون الغرض من القانون واضحا, من النص, و لا يحتاج الى مختار الصحاح.

رابعا: قابلية الـــقانون للـــــــــــــــــــــــتغيير عند الضرورة.

إن الضرر الناشئ عن تطبيق فانون خاطئ أو فاشل, سوف يُفقد المواطن ثقته فى القانون, فمتى بان الخطأ, أو تغيرت الظروف التى صيغ القانون لمواجهتها, فيجب أن تقوم آليات التغيير بالبدأ فى مراسيم تغيير القانون.

خامسا: أستـــــــــــــــــقرار القانـــــــــــــــــــــــــــون.

قد يبدوا هذا مناقضا لما قلناه سابقا, و لكن يجب أن يشعر المواطن أن حقوقه المستقرة لن تتغير كلما رأت الحكومة أن هناك داع لتغيير القانون, فهذا يُجبرالمواطن على فقد الثقة فى القانون و الحكومة معا.

و لكن الإستقرار و الثبات مقصود به عدم لجوء الحكومة الى تغيير القانون أو تعديله كلما تغيرت الوزارة, أو تغير الوزير, كما يجب أن يكون التغيير مطلبا شعبيا ضروريا لتفادى أضرارا, أو لحماية مصالح شعبية.

و من المستحسن عند تغيير القانون, التوسع فى مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية, و رجعية القوانين المدنية و التجارية التى تضيف مزايا للمواطن . بدون إضرار بالإقتصاد القومى.

سادسا: ( وهى أهم صفة يجب توافرها فى القاعدة القانونية)

قابليـــــــــــــــــــــــــة القانون للتــــــــــــــــــــــــــــــــفيذ

إذا كان القانون صعب التنفيذ, فإنه لا يساوى قلامة ظفر, و للأسف الشديد, معظم التسيب فى نظامنا القانونى يرجع الى هذه المشكلة, فعديد من القوانين الجنائية, و حجم كبير من القوانين المدنية و التجارية و الإدارية, أصبح تنفيذها مستحيلا, لأن المشرع لم يضع فى الحسبان آليات تنفيذ الأحكام, وخاصة مشاكل التنفيذ النابعة من الروتين الحكومى, و فساد أحهزة التنفيذ, و إنتشار الرشاوى, و عدم وجود المصادر المالية و الآدمية التى تكفل تنفيذ سريع للأحكام.

ومن أمثلة الفشل فى تطبيق القانون, أو تنفيذ الأحكام:

إذا صدر قانون بوجوب الحصول على رخصة لتركيب هوائى للتليفزيون, أو استعماله, أو وضع صحن لإستقبال القنوات الهوائية, فإن هذا سيتطلب جيش من رجال البوليس للتفتيش على على الهوائيات, و التصنت على أصوات التليفزيون, هذا إذا كانت هذه الهوائيات ظاهرة للعيان.

و إذا فرض القانون غرامة على قيادة السيارة بسرعة تزيد عن سرعة محددة, و لم تكن هناك الأجهزة التى تقيس السرعة, فالقانون هنا اصبح عنينا.

و إذا صدر قانون بمنع القاء قاذورات فى الطريق العام, و لم يكن هناك جبش من موظفى المجلس المحلى لتنفيذ هذا القانون, فهذا القانون لا يساوى نكلة. وسيصبح الشارع مقلبا للزبالة, رسميا.

ليست هذه الدراسة شاملة جامعة لكل ما اريد أن أقول, و لكنى أرجوا لفت نظركم الى أن ما أعتقده سببا أساسيا فى فوضى القانون عندنا, هو .......... الجهــــــــــــــــــل.

ليس فقط الجهل بالقانون , و إنما " الجهـــــــــــــــــــــــــــل "

فمعرفة القانون تتطلب وعى, و ثقافة أفضل مما هو متاح حاليا للمواطن المصرى. حيث نسبة الأمية حاليا تزيد عن 60%

و سوف أترك موضوع الثقافة لمن لديهم الخبرة فى هذا المقام.

و السلام عليكم.

المشكلة ليست قى حاجة الى كل هذا السرد، مشكلة مصر هى ترقيع القوانين فكل قانون لايلغى ويصدر بدلا منه قانون جديد لا يرقع حتى اصبح هناك الوف النصوص عن قانون واحد فتاه المواطن وكثرت الثغرات وضاع الحق

اما احاس الواطن باهمية القانون فذلك لان الدولة منذ احكام المماليك لاتسعى لاشعار المواطن بوطنيته وتعمق انتماؤه واحاسه وشعوره بحقوقه وهناك فرق بين الامية والثقافة فهناك فى الريف المصرى رجال اميون لكتهم يعرفون كيف يستخدمون القانون جيدا ولقد عمل معى رجل لايحمل سوى الابتدائية وكان يحاجج مستشارين فى مجلس الدولة بمكتبى وبسلموا له بتخريجاته وفقه فى القانون

وكنت اعرف امراءة فى القاهرة دوخت محاموا خصومها لانتزاع حقوقها وفشلوا وكانت بالكاد تقراء وتكتب

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }آل عمران173MOHAMEDDESSOUKI

رابط هذا التعليق
شارك

أشكر الأخوة " متفائل" و " طارق " على تعقيبهم الكريم,

و أشكر للأخ محمد دسوقى مروره الكريم , وتعقيبى على هذه الجملة:

المشكلة ليست قى حاجة الى كل هذا السرد،

هو أن هذا المقال كان قد سبق نشره هذا الباب ضمن سلسلة من القالات التى أشرح فيها بتبسيط بعض جوانب القانون.

و إذا لم تجد سيادتكم فيه أية إضافة لمعلوماتك القانونية, فهذا أمر يسعدنى, و لكن بعض القراء ربما يستفيد من نشرها.

تقبلوا جميعا تحياتى.

تم تعديل بواسطة الأفوكاتو

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...