اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الشعب والسيد و.. الاسم!


Recommended Posts

الشعب والسيد و.. الاسم!

أوسع الأبواب التي تؤدي مباشرة لأيّ ساحة تتواجد فيها الجماهيرُ هو باب الاسم الذي يُسحر الرعيةَ ويجعلها تلتصق بالرأي الجمعي.
في كل الاجتماعات والمؤتمرات والإذاعة والتلفزيون والحوارات يقفز اسمُه ليُغطي على ما عداه، فهو الأول والآخر!
عندما يتحاور اثنان ولا يأتي ذِكْرُ اسمِه في ثنايا وحشايا وظواهر وبواطن الحديث يُسمَع جرسُ الإنذار لدىَ أجهزة الأمن والاستخبارات ويتلقفه المرشدون والحرس الخفي؛ فهناك قنبلة موقوتة من معارض أو متمرد أو ثائر أو ربما حالم بالإطاحة به حتى لو كان الحالمُ غيرَ قادرٍ على إخافة عنزة أو..  إدخال الفزع في أذني أرنب.
الاسم في الأغنية الوطنية والعاطفية، ولعلنا نتذكر (ما يطلبه المستمعون) في فضائية الجماهيرية العظمى فقد كان المستمع مضطرا لإهداء الأغنية إلى قائد الثورة قبل أن يُهديها لحبيبته، فغيابُ اسم السيد هو محاكاة لانقلاب مستقبلي على القصر ومن فيه.
الاسم في المؤسسات، العملاقة فقط، والصروح والأبراج والمشروعات الضخمة، فغياب اسمه عنها إشارة واضحة للتقليل من شأنه، فهو قبل الله والأنبياء والكتب المقدسة!
الاسم في نشرات الأخبار ينبغي أن يكون صفعة على الوجه أو القفا وغالبا ما يحجز الإعلام الخبرين الأوليّن ليحشر اسمَ السيد لئلا تظن الجماهيرُ أنه غائبٌ عن المشهد أو لا يسمع أحلامَها ولا يتنبه لما تجيش به صدورُها، وقد تكون كراهية دفينة.
الاسم في الدين فالسيد يدخل مع المؤمنين إلى المسجد والكنيسة، ويطل علىَ آذانها في الخطبة والقدّاس ملتصقا ومرتبطا بالذات العليا دونما جرح لمشاعر المبتهلين إلى الله رغم أن السيد يرتدي ملابس القداسة الدينية أو يونيفورم الوطنية الذي يسحق الجماهير قبل أن تبتهل إلى الله حتى يختلط الأمر عليها.
مع صيحات التأييد وتصفيق الانتصارات الحقيقية أو الوهمية؛ تتصدّع طبلة الأُذُن باسم السيد، فإذا وصلتْ الجماهيرُ إلى الابتهالات الوطنية للجيش عصرتْ اسمَ السيد مع العــَــلـــَـم والحذاء واليونيفورم والحروب التي لم تقم ولن تقوم، فالمهم أن لا تكون هناك مسافة خالية أو نقطة فراغ ليست قابلة لوضع اسمه.
إنه يستيقظ في الصباح فيختار نجاحا في أي مؤسسة أو اختراع أو اجتماع فإذا لم يجد اسمَه فيه ظن أنها توطئة لانقلاب يطيح به، وإذا شاهد مصادفة حوارًا متلفزًا لم يُشر فيه المذيع أو الضيف إلى توجيهات السيد؛ دفع المسؤولُ عن القناة ثمنا غاليا.
وفي النهاية يحتل الاسمُ صيغةَ المعبود بغير إشارة صريحة؛ فالجماهيرُ تقبل الشركَ بالله شريطة أنْ لا يتنبه أحد إلى الرجل الثاني الذي يقف، كما يظن، عن يمين الله.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 16 يونيو 2019

 

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...