اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

قراءة في يوميات مهاجر (2)


Recommended Posts

قراءة في يوميات مهاجر (2)

كنت أحلم بالسفر إلى فرنسا، ربما لشعوري بالأمان اللغوي، فلغتي الأولى كانت الفرنسية، فوقع حظي في لندن(1972) حيث كانت انجليزيتي ضعيفة.

كنا في مدرسة العروة الوثقى برأس التين من الذين أسعدهم الحظ باختيار اللغة الثانية من بين الانجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والايطالية.. كان ذلك في عهد الرئيس جمال عبد الناصر عام 1958!

واخترت الفرنسية وكنا تسعة عشر تلميذا، واختار 300 تلميذ الانجليزية واثنان اختارا الروسية وواحد فقط وقع اختياره على الايطالية، وكان الصفر من نصيب الألمانية!

يكتسب المرء صفات البحر إذا سقط من بطن أمه قريبا من شواطئه، لذا يمكنك أن تجمع صفات مشتركة كثيرة بين سكان 130 مدينة تنام في أحضان الأزرق الكبير، منها تونس ووهران والجزائر وطنجة ومارسليا ومونت كارلو وفانتميليا وكان، مدينة السينما، وأثينا وكريتا وفاليتا وبيروت وماربيا ونيس وجبل طارق وبنغازي وطرابلس الغرب وطُبرق و .....

البحر هو الحرية بكل منطلقاتها، وهو النافذة التي تطل على العالم برمته، وهو المتنفس للثوار والمتمردين والعشاق ومقاومة الاستعمار التي تعطي إحساسًا بقرب النصر حتى لو جاء بعد 130 عاما كما حدث مع الجزائريين في وهران والجزائر العاصمة.

أول مرة أخرج من مصر كانت في العيد الأول للثورة الليبية، سبتمبر 1970، وكنا اثنيـّـن يغامران في الصحراء ويوقفان السيارات ( أوتوستوب )، وبعد تسعة أيام أعلنا فشلنا بما بقي معنا من دولارت( 22 دولارا) ركبنا بها سيارة أجرة بيجو من طرابلس الغرب إلى الاسكندرية.

في مدينة مصراتة الليبية، زليطن، ركبنا سيارة يقودها ألمانيان، وكان عداء القذافي لألمانيا الغربية شديداً، فتم توقيفنا وأخرج عسكري ليبي مسدسا، وأجبرنا على التوجه إلى قسم الشرطة وقام بتهديدنا لأننا كنا في صحبة جواسيس! استفسرت عن هذا الاتهام فقيل لنا بأن أي أوروبي من أوروبا الغربية هو جاسوس!

انتهت التجربة المُرّة، وفي بنغازي لم نجد بيتا من بيوت الشباب لنقضي ليلتنا فيه؛ فذهبنا إلى قسم الشرطة وطلبنا المبيت في تخشيبة لأننا ( شابان مصريان لا يملكان ثمن الإقامة في فندق ). بعد استدعاء ضابط كبير جاء على عجلٍ، وتحادث معنا، ثم وافق أخيرا على مبيتنا في التخشيبة. في المساء كنا نرتشف الشاي الأسود مع عساكر لطفاء يحلم  كل منهم أن يشاهد جمال عبد الناصر.

في طرابلس الغرب ذهبنا إلى السفارة التونسية لطلب تأشيرة عبور فقط تمكننا من الوصول للجزائر، حُلمي منذ طفولتي. تم رفض منحنا تأشيرة بحجة أن ( الرئيس بورقيبة لا يحب الرئيس عبد الناصر!)، وطبعا لم يكن بإمكاننا عبور الصحراء الجنوبية للوصول إلى غدامس ومنها للجزائر.

وفشلت رحلتنا، لكنها كانت أول خبرة خارج مصر، بعدها بعامين كانت وجهتي عاصمة الضباب، لندن، وبعدها بعام كانت هجرتي إلى بريطانيا فسويسرا فالنرويج التي استمرت 46 عاما!

محمد عبد المجيد

طائرالشمال

عضو اتحاد الصحفيين النرويجين

أوسلو في 17 مارس 2019

الحلقة الثالثة قريبا بإذن الله

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...