اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

خطة الرئيس السادات لحماية الدكتور محمد غنيم


Advisor

Recommended Posts

 

إذا شاهدت المصريين يجمعون على شخص انتبه فربما هى حالة تمرد على الجمود وتعطش لمبدع حقيقى، وعندما يعثرون على المبدع يتفننون فى التعبير عن طاعته ورضاه، هذا هو الدرس الذى خرجت به من قراءة مسيرة عطاء الدكتور محمد غنيم فى كتاب محمد المخزنجى «السعادة فى مكان آخر». من الغلاف يستقبلك غنيم بابتسامة صافية وانحنائة تواضع وتبجيل ولمعة ذكية تطل من نظرة العينين وكفين تستريحان فى دفء، علامات تشعرك بأن مضيفك الجليل مرتاح وراض عن رسالته، إنسان اكتشف أن المكان الذى تعشش فيه السعادة غير تلك الأماكن الذى يتزاحم عليها التعساء، ويظنون تارة أنها ترتبط بالمنصب، وتارة فى المال والجاه، وتارة فى السلطة والشهرة، الصورة تجسد حالة إنسان قرير العين يشعر ببهجة ممارسة مهنته بإنسانية وكرامة. والدكتور غنيم فى مشوار مجده المهنى خاض حروبا على ثلاث جبهات، ليس من بينها حربا مع نفسه، فقد كان هذا الأمر محسوما فى وجدانه والرحمة عنده رسالة وليست وسيلة للتجارة والربح، وعن أول الحروب يدلنا محمد المخزنجى على “المكان الآخر للسعادة” بوعى المحب العاشق لصاحب«اليسارية الإنسانية»: ففى زمن السبعينيات سادت قيم الانفتاح الاستهلاكى والشره للفلوس بأى ثمن، ظهر على مسرح الحياة الطبية والاجتماعية والسياسية طبيب شاب لا يسعى للفلوس والتربح من الطب مكتفيا براتبه الجامعى رغم مهارته الجراحية وسطوعه العلمى، ليس فقط ترفعا عن الاغتناء من جيوب المرضى لكنه, وهذه ثانية حروبه, ضرب المثل فى محاربة ازدواجية الارتباط بين العيادة الخاصة والعمل الحكومى، عن رؤية للارتفاع بالأداء المهنى وفق معادلة تقديم أفضل خدمة مجانا لعموم فقراء الفلاحين فى قسم 4 بمستشفى المنصورة العام، والمقابل هو نظام صارم بنظافته وانضباطه، أطاح, فى الجبهة الثالثة للحرب, بما كان معتادا من زوار المرضى وما يحملونه من أطعمة وألبسة، فعل ذلك دون التفاف أو تحايل كما يحدث فى التعليم أو مستشفيات العلاج السياحى هذه الأيام لتحصيل رسوم زيارة مستعجلة أو إقامة سوبر، ولكن المعجزة فى عنبر غنيم هى قيم التحضر التى كانت قاصرة على مستشفيات «بلاد برة» فإذا هو يحققها وكاف مرضاه من ثياب نظيفة ومعقمة وطعام صحى مشبع وطيب المذاق يراجع مواصفاته بنفسه، والأهم أنها سياسة استقرت واستمرت، صارت حكاية مدهشة يرويها المرضى وزوارهم، وقد وجد الدكتور غنيم دعما من رئيس الجامعة ووزير التعليم العالى، ولم يجد غنيم حرجا حين سمع عن زيارة الرئيس السادات للوحدة فى نفس اليوم، وعندما وصل السادات فى الصباح دوت زغاريد العاملات والمريضات ثم توجه الى عنبر غنيم مباشرة وجلس فى مكتبه الضيق منبهرا بما شاهده وأصدر أمره لفوزى عبد الحافظ سكرتيره الخاص: يا فوزى يعين غنيم مستشارى الطبى، و(رغم حالة السعادة على وجه السادات إلا أننى شعرت بخوف لأن معنى ذلك أننى سأنتقل إلى القاهرة وأغادر حلمى وأترك المشروع الذى بدأته، وفى اليوم التالى ذهبت للرئيس السادات فى القناطر وسألته عن عملى بالضبط، فقال أنا مش ناقص دكاترة حولى، بل قررت ذلك لتطبع المنصب على كارت يسهل أمورك عند المالية ورئيس الوزراء).. وأسهم قرار الرئيس فى تغطية التكاليف المالية وإنشاءات الصرح الجديد الذى انتقلوا اليه عام 1983، فقال غنيم لزملائه: لابد أن نطور طريقة العمل، وفعلا مع تطوير اللوائح ونجاحهم فى تحقيق الاستقلال المالى والإدارى عن الجامعة رغم المعارضة الواسعة من أساطين الروتين فى الوزارة، أثبتوا أن مايقال عن المصريين بأنهم لا يعرفون النظام ولا يحترمون قواعد العلم مجرد خرافات، بل أجبروا العالم على احترامهم، (وانتشرت سمعتنا فى أنحاء المعمورة، وجاءتنا حالات من أمريكا وأوروبا، حتى الزعيم الزيمبابوى جوجوانكومو جاءنا للعلاج بعنبر غنيم بتوصية من مستشفى بجنوب إفريقيا)! وفى ملحق كتابه يحكى المخزنجى قصة المجد مرتبة بالصور، توقفت عند صفحة «رباعى النجاح» وهم: فريق عمل «قسم 4 مسالك»، وفتاة ميت بدر خميس الشجاعة فى الموافقة على إجراء أول عملية نقل كلى من والدتها، وتفاعل المصريين مع أي مبادرة مخلصة، والرئيس السادات الذى منح النجاح الحماية من الروتين!

وخلال حفل التوقيع الذى دعتنى اليه الكاتبة الصحفية جيهان أبو العلا بنقابة الأطباء سألت الدكتور غنيم: أظنك تجاوزت الآن راتب مدربى الأهلى والزمالك؟ فحكى ضاحكا ولاذعا: عندما جاء الدكتور كمال الجنزورى لزيارتنا سعيدا بالمركز وإدارته وعرض أى مساعدة طلبت منه مفاكها: نريد أن ننتقل من وزارة التعليم لنتبع وزارة الرياضة حتى يحصل على راتب يساوى راتب مدرب المنصورة، لكننا الآن بعد مركز الكلى بالمنصورة وتحويل تبرع أحد فاعلى الخير إلى مستشفى بأرقى التقنيات العالمية فى «منية سمنود» الحمد لله عدينا الأهلى والزمالك ونسعد بمنافسة محمد صلاح.

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/649233.aspx

مواطنين لا متفرجين

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...