اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

فى الفلسفة السياسية.. خريف الديمقراطية أحمد المسلمانى


عادل أبوزيد

Recommended Posts

ليست هذه سطوراً فى العداء للديمقراطية، ولا الترويج لسواها.. ولكنها ضمن سطور عديدة كتبها كثيرون حول العالم.. من الذين باتوا يرون «تآكل النظرية».. وتراجع شرعيتها ومكانتها بعد أن أطبق عليها «مثلث الشر»

إن التحدّى الحقيقى الذى يواجه علم السياسة ويجابه كل باحثى الفلسفة السياسية.. هو دراسة هذا المثلث.. ودراسة كيفية تجاوزه.

يحتاج الأمر إلى إبداعٍ نظرى جديد، وابتكار فكرى جديد.. يحتاج إلى جيل من الفلاسفة السياسيين الجُدد يشبه ذلك الجيل من الفلاسفة السياسيين السابقين الذين وضعوا أُسس «النظرية الديمقراطية» ذات يوم.

المال والإعلام والخارج.. أخطارٌ ثلاثةٌ عَصَفتْ بحرية الشعوب فى الاختيار الحرّ.. لم تعُد الديمقراطية حُكم الشعب بالشعب «وحده».. النظرية فى خطر.

ما سبق هو خلاصة هذا المقال الذي يلخص مأزق الديموقراطية الذي نعيشه الآن

 

(1)

 

إنها قصة مثيرة للغاية.. لكنها ليست بقلم أديب أو رواية كاتب.. ولكنها بلِسان وزارة الخارجية الروسية.. وهى بمثابة قصة جديدة ضمن مجموعاتٍ قصصيّة لا نهاية لها.. عن الخلل الذى أصاب «النظرية الديمقراطية»، وعن الخلل الذى لم يعد ممكنًا علاجه فى «الآليّة الانتخابية».

فاجأت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة والعالم بهذه القصة الجديدة القديمة.. قالت الخارجية إن واشنطن قد تدخلّت فى الانتخابات الروسية 1996.. وقامت بدعم وتمويل المرشح الملائم لها.. وأنها- فى هذا الصدد- قامت بإرسال (500) مليون دولار فى أكياس إلى السفارة الأمريكية فى موسكو.. وأن الحجّة الظاهرة كانت تبديل مخزون الدولار لدى السفارة بأوراق جديدة فئة المائة دولار.

 

 

تقول الخارجية الروسية إن ذلك لم يكن صحيحًا، وإن الأموال القادمة اتجهت كلها إلى تمويل المرشح القريب من واشنطن.. وقد قضَى مسؤولو السفارة الأمريكية أوقاتًا «نائمين على أكياس الدولارات» حتى تمّ تسليمها إلى شخصياتٍ روسية لتمويل الحملة الانتخابية لـ«المرشح الأمريكى».

 

 

(2)

 

 

على الجانب الآخر.. يتحدث أمريكيون كبار من الحزب الديمقراطى، ومن رجال دولة وقادة أمنيّين عن التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية 2016. ويتحدث هؤلاء عن نجاح الحرب الإلكترونية التى قادتها روسيا ضدّ الحزب الديمقراطى ومرشحته هيلارى كلينتون، وهو ما أفشل حملتها، وأضاعَ فرحتها- التى كانت مؤكدة- فى الفوز بالانتخابات الرئاسية. كما يتحدثون عن لقاءات بين «رجال ترامب» و«رجال بوتين» من أجل التنسيق للانتخابات الأمريكية.

 

 

يُنكر الأمريكيون تدخلهم فى الانتخابات الروسية، ويُنكر الروس تدخلهم فى الانتخابات الأمريكية.. ويعتقد مراقبون كثيرون حول العالم أن كلا الاتهاميْن صحيح.. وأن الدولتيْن قد تدخلتا فى الانتخابات الرئاسية لدى الطرف الآخر.. من أجل دعم المرشح الأقرب لمصالحها للفوز بالمنصب الكبير.

 

 

(3)

 

 

إن هذه القصص وغيرها.. باتتْ تمثِّل عبئًا ثقيلاً على «النظرية الديمقراطية».. وربّما لا تتمكّن هذه النظرية من البقاء لعقودٍ قادمةٍ.. وهى فى اللحظة الراهنة- وحتى قبل هذه العقود القادمة- قد فقدت الكثير من سحرِها وبريقِها.

 

 

لقد باتت «النظرية الديمقراطية» محاصرةً داخل «مثلث الشر» الذى بات يُطبِق على أنفاسها يومًا بعد يوم.. ولا يبدو هناك أفق لكسر هذا المربع وإنقاذ النظرية من محنتها.

يتشكل «مثلث الشر» الذى يواجه النظرية الديمقراطية من: سطوة المال، وسطوة الإعلام، والتدخل الخارجى

لقد بلغت سطوة المال حدّ ظهور نموذج جديد هو «الديمقراطية الماليّة». لم يعد المرشح هو من يخلق التمويل.. بل أصبح التمويل هو من يخلق المرشح.. حلّ «صراع الأموال» محلّ «صراع الأفكار».. سقط العقل السياسى، وتراجعت مهارات الحديث والخطابة.. كما تهاوت شرعيّة العلم والمعرفة.. وأصبح المال هو كل شىء تقريبًا.

يتوازى مع «سطوة المال» ذلك الدور الكبير الذى باتتْ تمثله «سطوة الإعلام».. وقد تمدّدت سطوة الإعلام من الوسائل التقليدية إلى الإعلام الجديد.. وفوضى وسائل التواصل الاجتماعى.. التى يمتلكها آخرون يعيشون فى دولةٍ واحدةٍ ويديرون كل «مساحات الثرثرة» فى العالم.

أصبح على كل مرشح وكل حزب وكل تيار أن يمتلك من المال والإعلام ما يكفى لإدارة المعركة.. وحيث إن كل الأطراف باتتْ تفكر بالطريقة ذاتها.. فإن النجاح لم يعد لمن يمتلك المال والإعلام فحسب.. بل لمن يمتلك أكثر.. ومن يدير ذلك الامتلاك باتجاه الهدف.. وفى كل الأحوال لم يعد هناك مكان لأولئك الذين لا يمتلكون المال أو الإعلام.. ولا أولئك الذين لا يمتلكون سوى النقد الأخلاقى.. أو ثقافة الغضب.

إن الضِّلع الثالث وهو التدخل الخارجى.. والذى يدخل هو الآخر بالمال والإعلام.. مضافًا إليهما.. المساندة المعلوماتية والاستخباراتية، وصناعة الصورة.. قد أطاح هو الآخر بحرية الشعوب فى الاختيار الحرّ.. والإرادة الصَّافية.

لقد دفعت الأضلاع الثلاثة إلى تنامى «الوطنية العنصريّة»، و«الشعبوية الغوغائية».. وإلى صعود اليمين المتطرف.. ومن ثم ازدراء المنظومة الانتخابية، واحتقار النظرية الديمقراطية.

(4)

ليست هذه سطوراً فى العداء للديمقراطية، ولا الترويج لسواها.. ولكنها ضمن سطور عديدة كتبها كثيرون حول العالم.. من الذين باتوا يرون «تآكل النظرية».. وتراجع شرعيتها ومكانتها بعد أن أطبق عليها «مثلث الشر»

إن التحدّى الحقيقى الذى يواجه علم السياسة ويجابه كل باحثى الفلسفة السياسية.. هو دراسة هذا المثلث.. ودراسة كيفية تجاوزه.

يحتاج الأمر إلى إبداعٍ نظرى جديد، وابتكار فكرى جديد.. يحتاج إلى جيل من الفلاسفة السياسيين الجُدد يشبه ذلك الجيل من الفلاسفة السياسيين السابقين الذين وضعوا أُسس «النظرية الديمقراطية» ذات يوم.

المال والإعلام والخارج.. أخطارٌ ثلاثةٌ عَصَفتْ بحرية الشعوب فى الاختيار الحرّ.. لم تعُد الديمقراطية حُكم الشعب بالشعب «وحده».. النظرية فى خطر.

حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر

تم تعديل بواسطة عادل أبوزيد
إضافة خلاصة المقال في المقدمة

مواطنين لا متفرجين


رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...