اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

أسئلة و أجوبة, عن القانون,


الأفوكاتو

Recommended Posts

أسئلة و أجوبة, عن القانون,

سعدت كثيرا عندما سألنى الأخ الفاضل شوشانك بعض الأسئلة التى تعبر عن رغبة جادة فى المعرفة, و البحث عن حقائق الحياة.

و قد رأيت أن المكان المناسب للرد على هذه الأسئلة هو فى باب "القانون و القضايا" حيث يمكن تجميع المواد القانونية فى مكان واحد يمكن الرجوع إليه يسهولة.

و قبل أن أجاوب على أسئلته, رأيت أن أعرضها كما وصلتنى, و كانت الآتى:

عزيزي الفاضل الأفوكاتو

أستفيد و أستمتع كثيرا بالحوار مع حضرتك ، لذلك سأستكمل الحوار ، حتى و إن أخذ مناحي أخرى تبتعد بنا عن الموضوع. لكني سأمد يدي إليك قائلا "أفدني ، و أشكرك" ، محاولا استفذاذك لأحصل على أكبر استفادة و أكثر الردود تفصيلا من قلمكم الشيق.

و إلى المزيد من الأسئلة ...

فما هي إذن مرجعية القانون؟

هل هي الخبرات الإنسانية التي بها نستخلص الصواب و الخطأ ، الحق و الباطل ، و التي تطورت على مر العصور؟

هل هي أذواق الناس الذين يوافقون على تطبيق القانون عليهم؟

أم أنها شيئ آخر؟

و لو كان شيئا مما سبق ، هل يلتقي مع فطرة البشر ، بافتراض أن الفطرة السليمة تفرق بين الحق و الباطل؟

و في جميع الأحوال ، ما هي مرجعية تلك المرجعية؟ أو بصيغة أخرى ، ماذا يضمن صواب تلك المرجعية ، و من ثم صواب هذا القانون؟ أم أنه لا يوجد في ذلك صواب و خطأ طالما ارتضى الناس تطبيق هذا القانون عليهم؟

أم أنه ليس للقانون مرجعية على الإطلاق؟ فلا يعنينا صواب أو خطأ القانون ... ما يعنينا هو أننا ارتضيناه و نطبقه ... و ارتضاؤنا له هو بمثابة إعلان صوابه بتعريف جديد للصواب. و إن وجدنا عدم صلاحيته ، عدلناه ، و افترضنا صوابا جديدا.

شكرا جزيلا على سعة صدرك للرد على أسئلتي الكثيرة و المستفذة ,و آمل أن أكون متحليا بالحِلم في حِواري مع حضرتك.

و اليكم الرد علىالأسئلة.

يعمد البعض منا, عند الرد على أسئلة مركبة‘لى الإ‘شارة إلى كل مقطع منها, حيث يوردون الرد المناسب لهذا المقطع, ثم يكررون هذا مع بقية أجزاء السؤال, حتى نهاية الرد.

و رغم أن هذا الأسلوب قد ينجح فى الرد على أسئلة الموضوعات العلمية, مثلا الفيزياء و الكيمياء, و علم وظائف الأعضاء, و العلوم الهندسية, إلا أن العلوم الإنسانية تتطلب عدم تشريح السؤال, حيث أن كل جزء منه, هو جزء من موضوع حيوى متكامل, لا يمكن التعامل معه بطريقة التشريح.

لهذا, سوف أرد على كل أجزاء السؤال, برد مستفيض, لن يتبع بالضرورة الترتيب الذى أتى به السؤال.

قوانين الطبيعة:

خلق الله الكون قبل أن يخلق الإنسان, أو هكذا تعلمنا, و كان, و ما يزال الكون يتبع نظام ثابت , واستمر هذا النظام لملايين من السنين قبل أن تبدأ الحياة البشرية كما نعرفها الآن.

كانت الطبيعة, التى تتبع نظام كونى دقيق, هى أول ما تعرض لهإلإنسان من صور لقانون, فقد فرضت الطبيعة حكمها على الإنسان, الذى إضطر صاغرا ‘لى الإمتثال لها, و إلا عاقبته.

فعرف الإنسان الأول أنه يجب أن يأكل و يشرب كى يعيش, و عرف أنه يجب يحتمى من حرارة الشمس, باللجوء إلى الكهوف الرطبة, و يحتمى من البرد بتغطية جسمه بجلود الحيوانات التى اقتنصها ليتغذى على لحمها.

تعلم الإنسان أن جسمه يحتاج إلى الراحة بعد النضال و الكفاح فى صيد قوته, و تعلم الإنسان أن يواجه اليوم الأسود بادخار بعض الذى حصل عليه فى اليوم الأبيض.

تعلم الإنسان كل هذه الدروس من الطبيعة, فلم تكن هذه القوانين الطبيعية مكتوبة, و لم يقرأها عليه أحد, و لم يطلب منه أحد أن يتبعها.

مع تطور الحياة, و تكون مجتمعات, و قبل ظهور الديانات, تعلم الإنسان كيف يتكاثر, و تعلم كيف يعول أسرة, و ربما تعلم معظم هذه الخبرات من مراقبة الطبيعة, و مشاهدة الحيوان, و مراقبة الطيور, و النظر إلى السماء,.

نقول أن هذه المرحلة هى مرحلة الفطرة, التى لم تأتى من مصدر سلطوى, سوى الطبيعة التى خلقها الله لكى تعلم الإنسان ما لم يعلم.

عندما تشابكت الحياة, و لم يصبح الإنسان مجرد أسرة واحدة, أو قبيلة واحدة, كان من البد أن تحدث منازعات و مشاجرات بين أفراد الأسرة او القبيلة الواحدة, و بينهم و بين أفراد القبائل الأخرى.

تعلم الإنسان حينئذ , و بالفطرة, حق الدفاع عن النفس, و حق رد الإعتداء, و لكن ذلك أتى بعد أن حدث بعض التظيم البدائى للمجتمع, حيث تولى الفرد الأقوى جسما, أو الأكبر سنا, أو الأرجح عقلا, مقاليد الأمور فى مواجهة الكوارث و الأزمات.

يكات لا بد أيضا أن يتولى كبير العائلة تصريف أمور أسرته, و ذلك بتفريد واجبات و إلتزامات على كل فرد من أفراد الأسرة, لا يستطيعون مخالفتها, و إلا تعرضوا للعقاب, أو الطرد من القبيلة.

و كانت الحلول التى يقترحها كبير الأسرة قابلة للخطأ و الصواب, و كان رد فعل أفراد القبيلة هو معيار تقييم ما يؤاه كبير الأسرة " نموذجا" لما يجب أن يتبعه بقية أفراد هذه الأسرة.

دور الدين فى تطوير القوانين:

كان للأديان دور كبير و أساسى فى تطوير القوانين, بحيث أصبحت المظلة الكبيرة التى يحتمى تحت ظلها المجتمعالإنسانى بأكمله, و بدلا من تقاليد و أعراف متفرقة و مشتتة, أتت الأديان بقواعد محددة, أصبح لها قوة الإلزام بحكم صدورها من الرب, و صاحبتها عقوبات دنيوية و سماوية, وشاءت حكمة الله أن تنزل قواعده على البشر بتدرج يسمح للإنسان أن يستوعب القانون الإلهى, و يمتثل له.

و مهما اختلفت الشرائع, فما يلاحظ أن جميع الأديان قد حرمت كبائر الذنوب, فمينما أختلفت الشرائع فى بعضالأمور الروحية, إلا أن أغلب أحكامها تشابهت عندما نظمت العلاقة بين الأفراد, و بين الأفراد و الحاكم, و بين البشر و الرب.

فى العصور الحديثة نسبيا, و بعد أن انتشرت و تنوعت طرق المعشة, و تطورت أساليب الحكم, تمكنت المجتمعات من تطوير طرق التعايش بين أفرادها, بإبجاد توليفة من الخبرات المكتسبة, التى امتزج فيها حكم الطبيعة, و حكمة كبير السن, و الحكيم, و جبروت السلطة, و حتمية التعاون, و الرغبة فى حياة أفضل.

و ظهرت فكرتان من مصدرين مختلفين, نادتا تقريبا بنفس المضمون, أى الحكم طبقا لما يريد الشعب, أى بمعنى آخر, " إشراك الشعب فى حكم نفسه"

و لن نعطىهنا درسا فى الديمقراطيةأو الشريعة,لإسلامية, و لكن الشعوب نحت أخيرا إلى ‘شراك أفرادها فى صياغة و تطوير قوانينها, و ذلك عن الطريق الشورى, أو خلال المجالس النيابية( أى نيابة عن الشعب بطريق الإنتخاب).

هذا الإتجاه المعاصر ساعد على أيجاد أسلوب علمى لقياس درجة تقبل الناس للقوانين, أو إستيائهم منها, كما وفر طرق لتغييرها, أو تعديلها, لكى تواكب التطورات التى تطرأ على الحياة, نتيجة للتقدم العلمى و الفكرى, و التغيير الذى يطرأ على المستوى الوطنى و العالمى, نتيجة لتغير الظروف السياسية, و الجغرافية, و الديموغرافية.

أصبح القانون الآن علما , و أسلوب حياة.

فقانون دولة ما, يمكن بسهولة إعطاء فكرة عن أسلوب حياة أفراد مجتمعها, و مدى حضارتها, أو تخلفها, مقارنة بالمستويات العالمية.

فالقانون يعبر عن القيم التى تسود, أو القيم التى يتمند الشعب أن تسود, فى حياة هذا المجتمع.

و القانون, فى حد ذاته, ليس له أنياب, بل هو كلمات مطبوعة فى مجلدات, و هذه الكلمات لا تخرج إلى الشارع و تقول للمخطئ: أنت مخطئ.

تكمن قوة القانون فى مدى إيمان الناس به, و مدى إصرارهم على تطبيقه بالصورة التى تضمن تحقيق أهذافه.

لهذا , لا تقاس حضارة الأمة بجمال ما تتضمنه قوانينها, و إنما بمدى إحترام شعبها لهذه القوانين, و قدرة الدولة على تطبيقها تطبيقا عادلا.

الخلاصة هى:

إن القانون هو ضمير الشعب إذا كان يحكم نفسه, و سيف مسلط عليه, إذا سُلبت حريته.

و القانون ليس دائما على صواب, لأن ديناميكية الحياة تجعل ذلك مستحيلا, لذلك توجد دائما ميكانيكيات مضادة لتغيير القانون. و كما يتغير أسلوب الحياة و نمطها, فإن القوانين تتغير , لمواجهة هذا التطور, و طبقا لأمانى و متطلبات الشعوب

و تطبيق القانون ليس بالضرورة ضمان لتحقيق العدالة, و لهذا, تتضمن الدساتير المتقدمة نصوصا تسمح لقاضى الموضوع أن يطبق بعض قواعد العدالة الطبيعية فى أمور لا يكون فيها النص القانونى واضحا.

و كما أن القانون يعكس القيم الأخلاقية للمجتمع الذى يُطبق فيه, فإن الدور الصامت للقانون هو أنه يساعد أيضا على تغيير قيم و معتقدات أصبحت لا تواكب التقدم الحضارى, و لكن ذلك سيكون موضوع مستقل.

هذه هى خريطة عامة , أو مدخل لفهم القانون, و سوف يسعدنى أن أجيب على أية أسئلة تتعلق بفكرة, أو نظرية " سيادة القانون" حتى يمكن أن نفيد و نستفيد.

و تقبلوا أحر تحياتى.

تم تعديل بواسطة الأفوكاتو

أعز الولد ولد الولد

إهداء إلى حفيدى آدم:

IMG.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...