اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

قمة الثمانية الكبار احتيال وسيرك منصوب


assawy

Recommended Posts

قمة الثمانية الكبار احتيال وسيرك منصوب

جون بيلجر

23 يونيو 2005.

أعلنت الصفحة الأولى في الأوبزرفر اللندنية في الثاني عشر من يونيو، "صفقة دين أفريقيا بخمسة وخمسين بليون ’انتصار للملايين‘". عبارة "انتصار للملايين" هي اقتباس عن بوب جيلدوف، الذي قال، "غدا سوف يستيقظ 280 مليون أفريقي من النوم لأول مرة في حياتهم وهم غير مدينون لي أو لك بقرش واحد..". الهذر في ذلك سوف يحبس الأنفاس إذا لم تكن أنفاس القارئ قد سحبت منه توا بسفسطة جيلدوف، وبونو، وبلير، والأوبزرفر وآخرين. مأساة أفريقيا ونكبتها الإمبراطورية تحولت إلى سيرك من أجل منفعة ما يسمى قادة الثمانية الكبار المقرر اجتماعهم في اسكتلندا الشهر القادم ومن أجل منفعة هؤلاء من بيننا المستعدين لصرف انتباههم للمنادين الذين يثيرون الضجيج على باب السيرك: مؤسسة الميديا السائدة و"أعلامها المشهورين". وهي حملة صليبية مناهضة للمؤسسة يقودها مغني شعبي – صورة متحضرة ومسيطرة للتمرد – تخدم في إذابة حركة سياسة عظمى من الغضب. في قمة بعد قمة، لم يحفظ فيها "وعد" واحد له ثقله من وعود الثمانية الكبار، و"انتصار للملايين" لا يختلف عن السياق. إنه احتيال – واقعيا نكسة لمحاربة الفقر في أفريقيا. "الحزمة كلها"، مشروطة بالكامل بواسطة البرامج الاقتصادية الشريرة الفاقدة للمصداقية التي يفرضها البنك الدولي وصندوق النقد، سوف تضمن أن الأمم "المختارة" سوف تنزلق بشكل أعمق إلى الفقر. هل هناك أي غرابة في أن المشروع يدعمه بلير ووزير خزانته، جوردون براون، وجورج بوش؛ حتى البيت الأبيض يسميه "حجر زاوية"؟

بالنسبة لهم، تلك هي واجهة هامة، يشيدها المشهورون، والسذج، والتافهون. بعد أن يضفي البريق على بلير، يصف جيلدوف بوش بأنه "متحمس ومخلص" في إنهاء الفقر. أطلق بونو على بلير وبراون "يوحنا وبولس مسرح التنمية الكوكبي". خلف هذه الجبهة، سلطة الطمع والشره تستطيع "إعادة تنظيم" حياة الملايين لصالح الكوربوريشن الشمولي وسيطرته على ثروات العالم الطبيعية.

ليست هناك مؤامرة؛ الغرض ليس سرا. ينطقه علانية جوردون براون في أحاديثه حديثا تلو الآخر، وهو ما يختار الصحفيون الليبراليون أن يتجاهلوه، مفضلين نسخة وزارة الخزانة المنقحة.

البيان الرسمي للثمانية الكبار معلنا عن "انتصار للملايين" جاء جليا واضحا. ففي قسم من البيان تحت عنوان "اقتراحات الثمانية الكبار من أجل إلغاء ديون الـ HIPC "، يقول البيان أن تخفيف ديون الدول الفقيرة سوف يمنح لهم فقط إذا ما ظهر أن هذه البلاد "سوف تضبط تدفقات المساعدات الكلية الممنوحة لها بواسطة الكميات الممنوحة": بكلمات أخرى، المعونة المقدمة لهم سوف تخفض بنفس قيمة تخفيف الدين. لذا لم تربح هذه الدول شيئا. تنص الفقرة الثانية على أن "من الجوهري" أن البلاد الفقيرة "تعمل على ازدهار تنمية القطاع الخاص" وتضمن "إنهاء العوائق أمام استثمار القطاع الخاص، الداخلي والخارجي كليهما". الـ "55 بليون" التي تدعيها الأوبزرفر هبطت، بالكاد، إلى بليون واحد موزعة على 18 بلدا. سوف يقسم ذلك بشكل أكيد تقريبا إلى نصفين – موفرا ما هو أقل من خدمة ستة أيام من أقساط الديون – لأن بلير وبراون يريدان صندوق النقد الدولي أن يدفع نصيبه من "تخفيف الديون" بإعادة تقييم مخزونه الكبير من الذهب، وبوش المتحمس والمخلص قد قال لهما "لا". أول الأشياء الغير قابلة للذكر هي أن الذهب يتم نهبه أصلا من أفريقيا. وثاني الأشياء الغير قابلة للذكر هي أن أقساط الديون من المنتظر أن ترتفع بشكل حاد من العام القادم، وتصبح أكثر من الضعف بحلول عام 2015. وذلك سوف يعني ليس "النصر للملايين"، ولكن الموت لهم. حاليا، مقابل كل دولار من المعونة المقدمة لأفريقيا، تؤخذ ثلاثة دولارات من أفريقيا لصالح البنوك، والمؤسسات والحكومات الغربية، ولا يدخل في هذا الحساب الأرباح التي تحولها الكوربوريشن المتعدي الجنسيات لبلادها خارج أفريقيا. خذ الكونغو مثلا. اثنان وثلاثون كوربوريشن، تقع مقراتهم الأساسية في بلاد الثمانية الكبار، يهيمنون على استغلال البلد المفقر بعمق، والغني بالمعادن، حيث تموت الملايين في قضية إمبريالية الـ 200 عام. في الكوت دي ايفوار، ثلاثة من كوربوريشن الثمانية الكبار يسيطرون على 95% من عمليات تصنيع وتصدير الكوكا: الثروة الطبيعية الرئيسية هناك. أرباح شركة أونيليفر، الشركة البريطانية التي تعمل في أفريقيا منذ زمن طويل، هي أكبر بثلاثة أضعاف من الناتج الإجمالي المحلي في موزمبيق. احدى الشركات الأمريكية، مونسانتو – شركة علم الهندسة الوراثية الشرير – تسيطر على 52% من بذور الذرة في جنوب أفريقيا، وهو الغذاء الأساسي في هذا البلد. بلير لا يستطيع إعطاء دفعتين من غازات بطنه لشعوب أفريقيا. استخدم أيان تيلور من جامعة سانت أندرو قانون حرية المعلومات ليعلم أنه بينما كان بلير يعلن عن رغبته في "جعل الفقر شيئا من الماضي"، كان يسرح سرا موظفي مكتب أفريقيا في حكومته. في نفس الوقت، كان "قسم التنمية الدولية" في حكومته يجبر، من الأبواب الخلفية، حكومة غانا على خصخصة المياه لمصلحة المستثمرين البريطانيين. تعيش هذه الوزارة بواسطة ما تمليه "وحدة شراكة البزنس"، المكرسة لإيجاد "وسائل تستطيع بها الـ DfID تحسين المناخ المساعد على إيجاد استثمار منتج فيما وراء البحار و... تساهم في عمليات القطاع المالي".

تقليص الفقر؟ بالطبع لا. فزورة تروج الأيديولوجية الإمبراطورية المعاصرة المعروفة باسم الليبرالية الجديدة، إلا أنه لم يخرج تقرير أبدا عن تلك الطريقة ونادرا ما تنسج العلاقات. في قضية إعلان الأوبزرفر "للنصر من أجل الملايين" كانت هناك أخبار فرعية عن مبيعات السلاح البريطاني لأفريقيا التي تجاوزت المليار. أحد زبائن السلاح البريطاني هي مالاوي، التي تدفع فوائد لديونها أكبر من كل ميزانيتها المرصودة للرعاية الصحية، برغم حقيقة أن 15% من سكانها يعانون من الإيدز. يعجب جوردون براون استخدام مالاوي كمثال على لماذا "ينبغي علينا أن نجعل من الفقر تاريخا ماضيا"، إلا أن مالاوي لن تتلقى قرشا واحدا من حكاية "النصر للملايين" للتخفيف من الديون. التمثيلية هي هبة لبلير، الذي سوف يحاول أي شيء لإقناع الجمهور "بعدم التوقف أمام" الشيء الثالث الغير قابل للذكر: دوره في الفضيحة السياسية العظمى في الحقبة المعاصرة، جريمته في العراق. رغم أن بلير بشكل جوهري شخصية انتهازي، كما يصور كذبه ذلك، فإنه يقدم نفسه كإمبريالي من عصر كيبلينج. "رؤيته من أجل أفريقيا" رؤية السيد الراعي ورؤية السيد المستغل كمسرح مملوء بمغني البوب البيض (برموز سوداء أضيفت الآن). إشاراته بالخلاص المسيحي "للعبة قطع الزجاج الملون" التي هي مجتمعات يفهم بلير عنها القليل وبينما هو يشاهد قطعها الصغيرة تنهار واحدة تلو الأخرى، تلك الإشارات ترجمت نفسها إلى سبعة تدخلات عسكرية عنيفة في الخارج، أكثر مما قام به أي رئيس وزراء بريطاني آخر في نصف القرن الماضي. جيلدوف، الأيرلندي في بلاط بلير، والذي ارتفع إلى مرتبة فارس في الوقت المناسب، لا يقول شيئا عن ذلك.

المحتجون الذين سوف يذهبون إلى قمة الثمانية في جلينيجل ينبغي ألا يسمحوا لأنفسهم التلهي بهذه الألعاب. لو كان الإلهام مطلوبا، مصحوبا بدليل على أن العمل المباشر صحيح، يجب أن يتطلعوا إلى الحركات الشعبية القوية في أمريكا اللاتينية ضد الحماقات الرأسمالية كلها (locura capitalista). ينبغي أن يتطلعوا إلى بوليفيا، أفقر بلاد أمريكا اللاتينية، حيث أجبرت حركة السكان الأصليين هناك أصدقاء بلير وبوش من الكوربوريشن على الفرار. وفنزويلا، البلد الوحيد في العالم حيث تحول عوائد النفط لمصلحة الغالبية من السكان، وأوروجواي والأرجنتين، وإكوادور وبيرو، وحركة الفلاحين بلا أرض في البرازيل.

عبر أمريكا اللاتينية، يتصدى الناس الاعتياديون للنظام القديم الذي ترعاه واشنطن. القوا بهم كلهم إلى الخارج! (Que se vayan todos! ). هكذا يهتف الحشد في الشوارع. كثير من الدعاية التي تمرر من خلال الأنباء في مجتمعنا تبث من أجل منعنا من التعبئة والتحرك ومن أجل تهدئة الناس وحرفهم عن فكرة أن باستطاعتهم مواجهة القوة.

الهذيان الحالي حول أوروبا، والذي لا يعطيه الكتاب بكتاباتهم أي معنى، هو جزء من ذلك؛ إلا أن الفرنسيين والهولنديين الذين قالوا "لا" في الاستفتاء هم جزء من نفس الحركة الموجودة في أمريكا اللاتينية، بإرجاع الديموقراطية إلى بيتها الحقيقي: بيت السلطة المسئولة أمام شعبها، وليس "السوق الحرة" أو سياسات الحرب التي يتبعها فجرة هائجون. وتلك هي مجرد البداية.

نشرت المقالة أولا في موقع النيو ستيسمان - www.newstatesman.co.uk

تم تعديل العنوان بمعرفتى

تم تعديل بواسطة عصام شوقى
رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...