اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

خدعوك فقالوا أن " الاعتراف سيد الأدلة"


محمود تركى

Recommended Posts

خدعوك فقالوا أن " الاعتراف سيد الأدلة.

القراء الأعزاء,

نقرأ هذه الأيام عن قضايا متعلقة بأحداث يقال أن مرتكبيها قد اعترفوا بارتكابها, ثم تبين بعد ذلك أن هذه الإعترافات قد تم الحصول عليها بوسائل تعذيب وحشية, بل أن بعض المُعترفبن قد ماتوا فى المعتقل نتيجة لتعذيب غير آدمى.

و قد كتبت فى موضوع سابق مقال يحمل نفس عنوان هذا الموضوع الذى أعرضه عليكم الآن, و قد كتبته كرد فى موضوع لأحد الزملاء الأعزاء فى منتدى آخر, علقت فيه على جملة ذكرها سيادته تفيد بأنه:

" يُقر و يعترف......" بشيئ ما

و كان تعقيبى مداعبة قانونية, حيث قلت أن "الإعتراف سيد الأدلة", و لكنى ذكرت له بعد ذلك أن ردى كان مداعبة, و أنى سوف أقوم بشرح تلك العبارة, و قيمتها الفعلية فى الحقول القانونية و القضائية, و المحلية و الدولية.

كان الاعتقاد بأن الاعتراف هو سيد الأدلة سائدا إلى وقت قريب, و يُعزى البعض قوة الاعتراف, إلى حرمة الاعتراف الدينى, و الذى يلجأ إليه الشخص الذى يرغب فى النجاة من العقوبة الآلهية, بالإعتراف بالذنب, و طلب المغفرة.

و الاعتراف يكون دائما مُرحّبا به من طرفين:

الأول:

المُعترف, الذى يرغب, فى النجاة من العقوبة, أو تخفيضها, أو إراحة لعذابه النفسى لارتكابه الجريمة المتهم بارتكابها.

الثانى:

مُتلقى الاعتراف, و عادة يكون المحقق( وكيل النيابة مثلا) الذى يعتقد أن الإعتراف سيحل مشكلة إثبات الجرم, أو على الأقل, سيقلل من عناء البحث عن الحقيقة.

و لكن الكلمة النهائية ستكون لقاضى الموضوع, كما سأشرح لاحقا.

ولكن, نظرا لما يحدث حليا ( بعد ثورة 25 يناير) من هروب بعض الأشخاص من المحاسبة الجنائية, و تبرير بعض تصرفاتهم بأن ما قاموا به من إجراءات كان نتيحة اعترافات من مذنبين, مما استوجب التحفظ عليهم, و تسليمهم للسلطات المختصة, التى لم تتحرى صحة و شرعية الإعتراف, بل تعاملت معه على أنه الحقيقة, بدون تطبيق القواعد الموجودة فى قانون الإجراءات الجنائية.

و لكن, ما هى الشروط الواجب توافرها لضمان صحة الإعتراف؟


الشرط الأول:

أن يصدر الإعتراف من المتهم نفسه, و اعترافه على شخص آخر لا يكون له أية قيمة , حيث أن الاعتراف يجب أن يختص بالنفس, و ليس بالغير. و لكن لاعتراف على الغير قد يجعل المعترف شاهدا على واقعة معينة, و لكن المحكمة لن تعتبره إعترافا يدين مقدمه.

الشرط الثانى:

يجب أن يكون الاعتراف محددا وصريحا, و لا يخضع لتأويل أو تفسير لأكثر من معنى.

كما أنه لا يجوز اعتبار بعض الأفعال, أو السلوكيات تعبير عن الاعتراف الضمنى, مثل التخلف عن حضور جلسات التحقيق, أو المحاكمة, أو تقدمه بعرض للصلح, أو حل الخلاف بشكل ودى, فهذه التصرفات لا يجوز تفسيرها على أنها اعتراف , كما لا يجوز اعتبار صمت المتهم بمثابة قبول ضمنى (عملا بمقولة" السكوت علامة الرضا")


الشرط الثالث:


يجب أن يكون الاعتراف بإرادة صحيحة :

ويخرج بذلك الشرط كل اعتراف يتم انتزاعه من المتهم بالقوة أو تحت تأثير التهديد أو بالإكراه أو بالإغراء .

وحتى يكون الاعتراف سليماً يجب أن يصدر عن إرادة صحيحة وإدراك واعٍ وتمييز كامل , وبالتالي لا يمكن الأخذ باعتراف الطفل أو الصغير الغير مميز على نفسه وكذلك اعتراف المجنون أو من هو تحت تأثير المسكرات . وقد تتعدد أساليب الإكراه كتعذيب المتهم أو إرهاقه بأسئلة الاستجواب أو حرمانه من الماء أو الطعام أو النوم , فإن جميع أساليب التعذيب تلك تعتبر قديمة ومفلسة ومما لا يصح معها الاعتراف.


الشرط الرابع:

أن يكون الاعتراف أمام المحكمة :

ويشرح البعض هذا الشرط بالقول أن الاعتراف يجب أن يكون قضائياً , ويعني ذلك أن اعتراف المتهم يجب أن يكون أمام القاضي ولا يمكن الأخذ بما نُسب إلى المتهم من أقوال خارج نطاق المحكمة باستثناء بعض الأقوال التي يدلي بها المتهم أثناء التحقيق بواسطة الإدعاء العام إذا رأى القاضي إمكانية الأخذ بها وتتوافق مع باقي الأدلة , أو اعتراف المتهم أمام محكمة أخرى في قضية ترتبط ارتباطاً وثيقة بالقضية المنظورة من المحكمة .



الشرط الخامس:

توافق الاعتراف مع الحقائق الأخرى :

وتكمن أهمية هذا الشرط في أن الاعتراف قد يصدر أحياناً عن المتهم لأسباب نفسية أو لخلل عقلي أو لتنجية أشخاص آخرين من العقاب , ففي هذه الحالة لا يجب الأخذ بالاعتراف على علته وإنما لابد من التحقق من صحته ومطابقته للحقيقة وللوقائع الأخرى وما هو متاح من أدلة , كأن يعترف المتهم بأن فلان كان بصحبته بينما يثبت أن هذا " الفلان" فى عداد الموتى !!

أو أن يقر بأن ذلك قد تم في يوم محدد أمام الموظف المختص في دائرة حكومية ويكون ذلك اليوم الذي حدده عطلة نهاية أسبوع, او عطلة رسمية ...وما إلى ذلك ,

فمتى تم ثبوت تعارض الاعتراف مع أي من تلك الحقائق فإنه يفقد قيمته كدليل إثبات ولا يمكن الأخذ به.



حجيّة الاعتراف وقوته كدليل إثبات :

مما تقدّم ذكره من تعريف للاعتراف والشروط الواجب توافرها به , فإن مسألة الأخذ بالاعتراف من عدمه كدليل إثبات يخضع لإرادة المحكمة , أى لقناعة القاضي وما يستقر في ضميره .

و حيث أن (الاعتراف) يشترك مع بقية أدلة الإثبات الجنائية التي يترك أمر تقدير حجيتها للقاضي , فإن للمحكمة الرأي الحاسم في قبول أي دليل أو هدر قيمته, فالاعتراف ليس سوى أحد تلك الأدلة.

كما أنه يجوز تجزئة الاعتراف كأن يعترف المتهم بعدة وقائع وترى المحكمة الأخذ بجزء منها وترك الباقي بحسب ما تراه منسجماً مع متطلبات الوصول إلى الحكم الصحيح , وفي جميع الأحوال وحتى يكون للاعتراف حجيّته فإنه لابد أن يكون وليد إجراءات صحيحة وسليمة من حيث ما يسبقه من إجراءات تحقيق , و إجراءات المرافعة, إلى صدور الحكم النهائي.


نخلص مما سبق عرضه, أن الاعتراف ليس دائما سيد الأدلة, و لكنه يمكن أن يكون دليل إثبات متى توافرت فيه الشروط التى استقر عليها الفقه القضائى, و قواعد الإجراءات الجنائية.

تقبلوا التحية.

تم تعديل بواسطة محمود تركى

مع تحيات محمود تركى..... "متفرج" سابقا

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...