عندما يصبح عشاء الفقراء .. ياسمين !

[عادل أبوزيد]

العنوان عنوان مقال أعجبتي و إستفزني في جريدة الأهرام عدد الثلاثاء 30 أكتوبر 2012 و الغريب اليوم عندما إستدعيت موقع جريدة الأهرام منذ دقائق جائني عدد الغد و إستخدمت آلية البحث في الموقع ووصلت إلى الموضوع بمعنى وجود قفزة نوعية في موقع الأهرام على الإنترنت.

ما سبق كان إستهلالا لابد منه

دعوني أولا أضع لكم نص المقال الذي جذبني اليوم :

<br style="margin: 0px; padding: 0px; ">ذات مرة‏..‏ أنقذتني رواية رائعة من الانهيار العصبي‏,‏ فكانت بالنسبة لي علامة فارقة في حياتي‏,‏ تبين أهمية الاستفادة من الأفكار التي نعجب بها ونقتنع بها‏,‏

فلا تبقي في مجال الوهم والنظرية, ولا نستفيد منها في حياتنا العملية, فنحصر ممارستنا للحياة في الفقر الفكري الذي يغرقنا في المشكلات, بينما الحلول الذكية أبسط وأسهل من الفكر المعقد المتعنت والخشن, المعبر عن فقر الفكر, رغم ثرائه الشكلي, الذي يجعل من صاحبه كذلك الذي يحمل أسفارا!<br style="margin: 0px; padding: 0px; ">أما الرواية فهي( مذكرات قسيس في القرية), للكاتب الفرنسي( جورج برنانوس), وأتمني أن تقرر علي الطلبة في المدارس, واسمها بالفرنسيةjaurnald,uncure`decompagne) وفاز بها الكاتب بالجائزة الكبري للأكاديمية الفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية, ويحاول فيها قسيس طاعن في السن, أن يقنع قسيسا متحمسا في بداية الشباب, أن حتي القديسين لا يمكنهم أن يحولوا الناس إلي أتقياء تماما, وأن يتحدوا الطبيعة البشرية, التي تحمل من الخير مثل ما تحمله من الشر, وأن من العبث التصور أنه بالإمكان الوصول إلي المستحيل, وأن تجربة الحياة ماهي إلا محاولة مستمرة للوصول للأفضل بقدر المستطاع, مع إدراك حقيقة الواقع وفن الممكن, وأعطاه نموذجا لراهبة أرادت أن تجعل كنيستها مضرب الأمثال في النظافة بإحدي القري, فلم تدخر جهدا في التنظيف والترتيب والطلاء ليلا ونهارا, بلا كلل أو ملل, فكانت ما تنظفه نهارا يتسخ ليلا, والعكس, وكانت أتربة الريف تطاردها علي الكنيسه فما أن تنظفها حتي تعود إلي سيرتها الأولي, فيملأ الغبار والأوساخ الأمتعة والأثاث والطرقات والحوائط واللوحات... حتي جاءت الأعياد وازدحمت بالناس فقتلتها فكرتها المستحيلة عن النظافة قتلا.. فيشير القسيس العجوز أن مشكلة الراهبة ليس في حبها للنظافة بالقطع, ولا إخلاصها في العمل, ولكن عدم إدراكها لواقع الريف المليء بالقاذورات, فمن الممكن التقليل منها قدر المستطاع, ولكن من المستحيل التخلص منها تماما, فالريف قذر بحكم الضرورة!<br style="margin: 0px; padding: 0px; ">لقد وقعت أنا شخصيا في الفخ الذي وقعت فيه هذه الراهبة, في الحرص أن أبدو مثالية, وأن أقوم بكل الأدوار علي أكمل وجه, فلا أتعرض للوم لائم, فأقوم بالتنظيف, ورعاية أطفالي, والقيام بعملي, وقيادة سيارتي, وشراء لوازمي, وإكمال دراستي العليا, ولا ترضيني أي مساعدة في أي من هذه المجالات, لأنها لا تتحقق بالشكل اللائق بطموحاتي الكاملة, التي لا يحققها إلا القيام بها بنفسي, حتي خارت قواي وتقطعت أنفاسي اللاهثة!<br style="margin: 0px; padding: 0px; ">وضعت أدوية الشد العصبي والمنومات والمهدئات كلها جانبا, وتذكرت حكمة هذه الرواية, وأخذت أعيد النظر في صحة طموحاتي المثالية, المنافية للقدرة وللواقع, والتي تعكس فقر الفكر. بكل ما يحمله من معني!<br style="margin: 0px; padding: 0px; ">هدف الرواية لم يكن كشف فقر الفكر لدي الأفراد فقط, ولكن لدي السياسيين والأحزاب والأمم, بعد أن مرت أوروبا بحربين عالميتين راح ضحيتهما الملايين, بسبب فقر الفكر الذي ينشد طموحات عالية, دون النظر للأثمان الباهظة, التي يمكن أن يدفعها الناس من أرواحهم وتقدمهم, لانجرارهن وراء سياسيين ضحوا بالأوطان في سبيل نظريات, ومبادئ مثالية في مجال الخيال, ولكنها باهظة التكاليف غالبا, ومهلكة أحيانا في الواقع, ومع ذلك لا تتحقق أبدا.أهلكت الطموحات العالية الأغنياء, فما بالنا بالفقراء!, والعيب ليس في فقرهم, ولكن بفقر فكرهم, الذي يعتمد علي الأوهام, أكثر من الحقائق والمعلومات وتجارب الآخرين والأولين, أي التفكير العلمي المنظم, القادر علي إدراك المشكلات, ولا يهرب, أو يتعالي مع الحلول العلمية العملية, الفكر الفقير يضحي بعشاء الفقراء من أجل الأهداف العظيمة, التي لا تتحقق أبدا, فكانوا مثل من قالوا فيهم.. عرايا مقفقفين اشتروا بعشاهم.. ياسمين!

رابط المقال هو : http://www.ahram.org.eg/1067/2012/10/29/4/180000/219.aspx

في مشاركتي التالية سأحاول أن أعلق قدر الطاقة على هذا المقال

[عادل أبوزيد]

قلت لكم أن هذا المقال إستفزني فعلا ببساطة أنا من جيل تربى على الأماني و الحماسيات بدءا - بالنسبة لي بالحماس لحرب الفدائيين سنة 1950 ضد الإنجليز في قناة السويس - و بعدها طموحات ثورة يوليو 1952 و المبادئ الإشتراكية و القومية العربية و أفكار التحرير التي ملأت رؤوسنا حتى قيلت النكت مثل " صدور بيان من الرئاسة يتضامن فيه مع الثوار على السفينة بونتي" عندما ظهر فيلم سينمائي إسمه ثورة على السفينة بونتي.

ما سبق كان إستهلالا لابد منه

هل يمكن أن نكون مخطئين في كل أحلامنا هذه هل يمكن أن حماسنا للأفكار المثالية نوع من الفقر الفكري ؟ أكيد هذا ناحية متطرفة من الفكرة التي يطرحها المقال و لكني أرفضها كما رفضها ألبرت شفايتزر الذي ترك "الكل و الكليلة" و ذهب إلى أعماق إفريقيا و أنشأ فيها مستعمرة لمرضى الجذام و قضى باقي حياته هناك و لم يفكر أن طموحاته العالية تتطلب أثمانا باهظة دفعها و كله سعادة.

تعرفون أني مسكون بمواجهة الفساد و كنت - و مازلت - أحلم بتحصين المواطن المصري من الفساد و الإفساد و تصورت مرارا برنامج تدريبي كبير و جاد للشعب المصري و كان في ذهني نموذج ماليزيا و مهاتير محمد و نموذج محمد علي في مصر و أحيانا فكرت في ما حدث في الصين و الذي أسموها الثورة الثقافية.

تعجبني مقولة الأمر الذي لا يدرك كله ... لا يترك كله " إنها الوسطية ....

ما رأيكم دام فضلكم ؟

[نورالعين]

ربما لاءم حضرتك المقال لأنك والكاتبة من جيل تربى على الحماسة

طموحات عريضة وسعي مستمر وما العيب بذلك

حتى لو لم تصلوا لمبتغاكم يكفي انكم حاولتم

وكما يقال على المرء ان يسعى وليس عليه ادراك النجاح

حقيقة انا لا اعرف لما تريدون التخلى عن هذه المنحة التى وهبكم اياها المولى

أري أنكم تستطيعون انتشال العديد من جيل اخر

كان اقصي احلامه (شراع يعدينا)

[Advisor]

إكتشفت هذا الموضوع القديم  و شعرت أنه يستحق الرفع