اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

محمد بن سلمان و أمل "الإصلاح السعودي"


عادل أبوزيد

Recommended Posts

معلوماتنا عن منظومة الحكم في السعودية ضئيلة جدا  إن لم تكن موجودة أصلا ، و يمكن تنسج أساطير حولها  بل يمكن القول فعلا أن هناك أساطير أقرب إلى الخيال عن الحكم في السعودية.

منذ أسابيع و ربما شهور تناقل الإعلام العالمي أخبارا عن تغييرات كثيرة في السعودية ما زال معظمنا لا يصدق أغلبها أو لا يتصور إمكانية حدوثها.

هذا مقال للكاتب كامل داوود في صحيفة نيويورك تايمز و ترجم و نشر اليوم في جريدة المصري اليوم المقال يستحق القراءة :

كامل داوود يكتب: محمد بن سلمان وأمل «الإصلاح السعودى» 

       ١٨/ ١١/ ٢٠١٧

نقلاً عن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية

منذ فترة من الزمن، لخص رسام كاريكاتير جزائرى الوضع فى السعودية من خلال بعض الرسومات القاسية، ففى إحدى رسوماته أظهر العاهل السعودى وهو يعلن عزمه على مكافحة الإرهاب، فى حين يشير ببندقية إلى رأسه، حيث أظهرت هذه الرسمة الكاريكاتيرية المفارقة السعودية بأكملها، فالبلاد تنتج، وترعى، وتؤوى، وتغذى الإسلاموية، التى تهدد أسسها ومستقبلها.

ولكن كيف يكون ذلك؟ للإجابة عن هذا السؤال يتعين على المرء أن يعود إلى ما يقرب من ٣ قرون للوراء، ففى حوالى عام ١٧٤٤، شكّل زعيم القبائل، محمد بن سعود، تحالفاً مع رجل الدين المحافِظ، محمد بن عبدالوهاب، وأنشأ أول دولة ملكية فى شبه الجزيرة العربية. فمن ناحية، كانت عائلة آل سعود تحكم البلاد بحق الدم والخلافة، ومن ناحية أخرى، كانت هناك الوهابية، وهى نسخة متطرفة للغاية من الإسلام، وهكذا باتت هناك عائلة ورجل دين يعملان معاً، على مدى عقود، من خلال عائدات النفط والشرعية المستمدة من تواجدهم بالقرب من أقدس المواقع الإسلامية.

ولكن الوهابية بالطبع إحدى ركائز الجهاد العالمى، اليوم، فهى المصدر الأيديولوجى والمالى لقوة الإسلاميين، كما أن الوهابيين يعملون على تأسيس المساجد الأصولية، وشبكات التليفزيون المُكرِّسة للدعوة، ومختلف الأحزاب السياسية فى جميع أنحاء العالم الإسلامى، ولذا فالسعودية تغذى اليد التى تقتلها وغيرها من البلدان، شيئاً فشيئاً.

وقد استغرق الغرب وقتاً طويلاً والعديد من التهديدات الإرهابية الإسلامية الضخمة كى يدرك مدى خطورة الأمر، ففى الواقع، حتى عندما كان القادة السعوديون يصافحون ويبتسمون فى وجه نظرائهم الغربيين، كانوا يستضيفون الدعاة الذين يدعون للجهاد، لكن، اليوم، بات الجميع يرون الوضع بشكل أفضل.

صحيح أن عملية الإصلاح فى السعودية، الآن، باتت ضرورية، إلا أنها، فى الوقت نفسه، مستحيلة، فكيف يمكن للأسرة المالكة أن ترفض دعم رجال الدين، وتوقف تمويل الشبكات الأصولية؟ ولذا فإن استقرار المملكة بات معرضاً للخطر، وبالتالى، المنطقة بأسرها أيضاً.

وظهور وريث العرش السعودى، البالغ من العمر ٣٢ عاماً، الأمير محمد بن سلمان، الذى يُلقب أيضاً باسم «الأمير الحديدى»، يشير إلى أنه قد يكون هناك حل للمشكلة السعودية، فقد ظل هذا الشاب المفعم بالحيوية، والذى يُنظر إليه باعتباره مُصلحاً، يُجرى تغييرات فى البلاد منذ أن وضعه والده فى مقدمة المشهد السياسى منذ عامين، فهو يقترح، على سبيل المثال، نموذجاً اقتصادياً جديداً يختلف عن النموذج الحالى، الذى يتعلق بالنفط والغاز فقط، كما أعلن عن مشاريع تطويرية كبيرة، وخطط لفتح البلاد للسياحة دون شروط.

ويبدو أن الأمير الشاب على استعداد لمحاولة تطبيق ما لم يكن ممكنا تصوره فى السعودية، وهو منح المرأة الحق فى القيادة، أو الذهاب إلى الملاعب الرياضية، وإعادة فتح دور السينما، وقبل كل شىء فرض الرقابة على رجال الدين.

وكافة هذه الاقتراحات محفوفة بالمخاطر، فما يحدث فى السعودية اليوم- خاصة بالنظر إلى عمليات التطهير الأخيرة ضد الحرس القديم- يشبه ما يُسمى «ثورة القصر» و«الثورة الدينية»، على حد سواء، وتتزامن هذه التغييرات مع تحذيرات الحكومة السعودية المتجددة بشأن الخطر الإيرانى وتقاربها مع إسرائيل.

وأيا كان التأثير الحقيقى لهذه التغيرات فى السعودية، فإنها ستؤثر بالفعل فى أماكن أخرى، ففى حال تم تطبيق عملية الإصلاح فى هذا البلد، وطن الفتاوى، فإنه سيتعين على الإسلاميين فى جميع أنحاء العالم إما أن يحذوا حذوها أو أنهم سيخاطرون بتصفية جماعاتهم.

ففى الجزائر، على سبيل المثال، يبدو عدم ارتياح المتشددين مما يجرى فى المملكة واضحاً تماماً، حيث تنتشر نظرية المؤامرة على وسائل التواصل الاجتماعى، فيُنظر إلى الإصلاحات باعتبارها أوامر أمريكية، لكن الصحف المحافِظة والكُتاب الإسلاميين، الذين يحرصون بشكل عام على جميع المسائل السعودية، هم فى الغالب هادئون هذه المرة، أو خجولون فى دفاعهم عن الوهابية، كما يسود الصمت فى المساجد أيضاً.

وينتمى الإسلاميون فى الجزائر إلى أحد المعسكرين، إما هؤلاء الذين يدَّعون القرابة مع السعودية، وهؤلاء يشعرون بالقلق من الإصلاحات التى يقودها محمد بن سلمان، خشية أنها قد تشير إلى إنهاء تمويلهم، أو أنها ستضر بشرعيتهم، أما المعسكر الآخر فهم مَن ينتمون إلى جماعة الإخوان والمقربون من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وتتسامح الحكومة الجزائرية مع الأحزاب السياسية الإسلامية التى يشكلها هذا المعسكر، لكن أعضاءه يشعرون بالقلق أيضاً، لأنهم يرون أن تطبيق الإصلاحات فى السعودية سيُفقدهم عباءة الإسلاميين المتسامحين وموقفهم من رقعة الشطرنج السياسية فى الجزائر، حيث إن ظهور ولى العهد السعودى- باعتباره أكثر اعتدالاً من المعتدلين فى أماكن أخرى- يسحب البساط من تحت أقدامهم.

وهكذا يشعر كل الإسلاميين، على مختلف طوائفهم، بالقلق من أن يصبحوا وحيدين، وقد يحاول المخيم المعتدل اللحاق بركب الأمير، لكن المخيم الأصولى قد يحاول الوقوف ضد المملكة للمطالبة بشرعية جديدة، وقد يشن ما يشبه الحرب المقدسة ضد الأرض المقدسة نفسها.

إن الوهابيين يعملون على تأسيس المساجد الأصولية، وشبكات التليفزيون المُكرِّسة للدعوة

ترجمة- فاطمة زيدان

مواطنين لا متفرجين


رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...