اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

أحن إلى وابور أمي


عادل أبوزيد

Recommended Posts

في العيد بحثت عن صورة ترسم البسمة على وجوه الأحباب و الأقارب و أنا أهنئهم بالعيد و توصلت للوحة ظريفة و أرسلتها للجميع مع تهنئتي بالعيد.

ما سبق كان إستهلالا لابد منه

بحثت في جوجول عن أصل هذه الصورة فلم أجد و لكني وجدت موضوعا أدبيا يتكلم عن ذكريات الحمام :

اقتباس

"احن إلى وابور أمي"

محمد كامل
 
 
 

 

في غرفة بدور ثانٍ وأخير.. لمنزل في منطقة أُزيلت من الوجود في القرن الماضي.. لتتحول إلى مكتبة طفل “لا يرتادها أحد” وحديقة.. يحرص بعض أبناء “عرب المحمدي” على الجلوس فيها.. استعادة لذكريات حياة.. سلبتها رغبة حاكم.

كانت “أمي” بارك الله في عمرها.. ومنحها من الصحة والأعوام عدد ما تدوسه بقدمها من حبات الرمال.. تحرص جيدا على غلق الشباك الوحيد في غرفتنا بإحكام.. إلا أن ذلك “الإحكام” لم يمنع خيطا رفيعا من الهواء البارد من الدخول كـ”سرسوب” بارد محدثا صفيرا مزعجا.

إغلاق الشباك جيدا.. والتأكد من إحكامه.. كانت بداية مراسم “الحموم” المقدسة.. يليها إحضار “وابور الجاز”.. والتأكد من تسليكه بإبرة “الوابور”.. تلك الصفيحة الطويلة في طول قلم رصاص.. تنتهي بسن إبرة رفيع لتسليك الفونية “عين الوابور”.. ثم غلق “محبس” و”ابور الجاز” جيدا.. وتذخيره بدفعات متتالية لـ”مكبسه”.. ليشتعل.. بصوته الرخيم المستمر.. الذي يجلب الدفيء والنُعاس.

عقب إشغال “الوابور” يأتي دور “الطشت” ليوضع في منتصف الغرفة.. وأمامه كرسي الحمام الخشبي الصغير تجعله “أمي” نقطة انطلاق لبدء المعركة.. وفي متناول يدها حلة كبيرة و”بستلة” ممتلئة بالماء.. توضع فوق “الوابور” لتدفئة المياه.. وأخرى.. بها ماء بارد تخلطه مع الماء الساخن في الطشت.. كان ذلك عهدنا سخاننا الأول.. وبداية عهدنا مع “خلاطات” المياه الحديثة

تبدأ “والدتي” في محاولات اقناعنا بـ”خلع” ملابسنا.. فمنذ أسبوع لم تعرف المياه إلى أجسادنا سبيلا.. كانت تركز عليّ.. لأني لين العريكة.. وأنا الكبير.. فإذا نجحت معي.. فإن أخي الأصغر يكون صيدا سهلا.

تبدأ محاولات الاقناع بكلام معسول.. “يا بني يا حبيبي”.. “ربنا يهديك”.. لتتحول إلى شكوى.. “حرام عليكم أنا تعبانة”.. “صوتي اتنبح اسمعوا الكلام”..

لتصل لمرحلة التحذير.. تعالى يا بن الـ^%** و ^%%& اقلع هدومك.. لتنتهي بهجومها المباغت على جسدي النحيل لتنزع ملابسي .. و”تنحشر” رأسي “الكبير” وشعري الخشن “الشطاوي” نسبة إلى “شطة” لاعب الكرة الشهير بالنادي الأهلي في السبعينات في رقبة “الفانلة”.. لم تكن صرخاتي وتهدج أنفاسي واقتراب انقطاعها.. نتيجة انحشار رأسي يشفعان لي عند “أمي”.

كنت وأخي ننتصف “الطشت” ويبدأ “حمومنا” من الأعلى من الرأس.. وصولا للأقدام.. كان الصابون المستخدم وقتها قطع مكعبة بنية اللون سُميت فيما بعد “صابون غسيل” بعد أن ظهر صابون “الريحة” أو “الوش” في بداية الثمانيات.. كان ذلك الصابون له أثر قاتل.. مثل مدفع صوب طلقاته نحو عيني وأخي.. كان صابون “مُسيل للدموع”.. فكان الصراخ.. وكانت ضربات على الظهر تجبرنا على الصمت.. لتسافر يدها في جسدينا الصغيرين بالليفة الحمراء.. المنزوعة من نخلة “مقتولة”.. فلم تكن الليفة البيضاء تجدي نفعا مع أجسادنا الهزيلة.

موجات من صابون الليفة.. يتعقبها إعادة تذخير وتعمير لـ “وابور الجاز” من كباسه.. تنتهي بوضع كل منا “منفصلا” في “بشكير” أبيض.. يليها إدخالنا في ملابس نظيفة.. عملية لا يقاطعها إلا عودة صرخات الألم من محاولة إدخال رأسي الكبير ذي الشعر الخشن بالقوة في رقبة “الفانلة”.. كان أخي الأصغر يتجاوز تلك المحنة سريعا دون ألم.. لما ميزه الله بشعر “شديد النعومة” عكس شقيقه “شديد الخشونة”.

كانت بارك الله في عمرها.. بعد أن تضعنا في ملابسنا.. تضعنا على السرير “العواميد” الذي كنا نفخر به على أبناء حارتنا.. فمنه سرير.. وأسفله خيمة “لعب” ومخبأ لنا.. وفي عواميده إمكانية لوضع ناموسية.. ثم تغطينا بـ”اللحاف” القطن لنتدفأ جيدا خشية البرد.. وكانت تستجيب لنا فلا تغلق “وابور” الجاز.. حتى يستمر استمتاعنا بالدفء وصوته “الرخيم”.. وكانت تفعل ذلك بمفردها.. ففي تلك المرحلة.. كانت كما هي الآن.. أمنا وأبينا.. كان أبي وقتها.. يكافح في بلاد “الزيت”.. ليضمن لنا فقط “حياة”.. كريمة كانت.. أو ضنينة.

كان لـ”وابور الجاز” منافع أخرى.. إضافة إلى انضاج الطعام وتسخين المياه.. وتدفئة الحجرة.. كان وقوده من أشهر وسائل الحرب الكيمائية ضد النمل والقمل والبق أو ما يعرف بـ”الأكلان”.. الذي كانت من طرق مقاومته في الحائط والسرائر الخشبية.. “عجينة الدقيق”.. كما كان وقود “الوابور” من أشهر وسائل التجميل في المناطق الشعبية.. كان “الجاز” يستخدم في تسليك الشعر.. وقتل ما به من “قمل” للجميع.. ما عدا الرجال.. الأطفال والبنات والسيدات والعجائز.. كان منظرا متكررا.. “وابور جاز” مفتوح “محبسه”.. لوضع نقاط من الجاز على شعر سائب.. وقطعة قماش بيضاء.. و”فلاية” ضيقة الأسنان.. تمر بالرأس لتجمع “هائش” الشعر في حلقات صغيرة تلم بيد.. وتخرج ضحايا “الجاز” التي تنفذ فيها عملية الإعدام بين ظفري الإبهام.. في الصباح الباكر والمساء المتأخر.. كل يوم.. في طريقي لعملي.. أشاهد من نافذة السيارة “حديقة عرب المحمدي”.. فأتذكر طفولتي.. واشتم رائحة “الجاز” في رأسي.. وأحن إلى وابو أمي

اشتقت إلى “وابور” أمي

 

 

مواطنين لا متفرجين


رابط هذا التعليق
شارك

hqdefault.jpg

 

فين أيامك 

ياوابور الجاز

هل يمكن أن أكتب كلاما مثاليا 

أو أن اصل لمثالية كلامي 

ولا يوجد كلام مثالي 

ولا مثالية لمتكلم

 

رابط هذا التعليق
شارك

الصورة فى الاقتباس غير مرئية يا أستاذ عادل

يكونش قصدك على الصورة دى ؟

:giverose:

كل سنة وانت وجميع "المحاوراتية" طيبين

Image result for ‫صورة حماية العيد‬‎

نحن فى حالة حرب لم يخض جيشنا مثلها من قبل
فى الحروب السابقة كانت الجبهة الداخلية مصطفة
تساند جيشها
الآن الجيش يحارب الإرهاب وهناك من يطعنه فى ظهره
فى الحروب لا توجد معارضة .. يوجد خونة

تحيا مصر
*********************************
إقرأ فى غير خضـوع
وفكر فى غير غـرور
واقتنع فى غير تعصب
وحين تكون لك كلمة ، واجه الدنيا بكلمتك

رابط هذا التعليق
شارك

ههههههههههههه اللي في الصورة دي حُماية العيد 

ما حضرتش حُماية بابور الجاز بس حضرت  يوم الغسيل على البابور 

ايام ما كان فيه ست بتيجي تغسل مخصوص ومعاها عصاية طويلة وقدامها طشت 

و الميه تغلي في صفيحة على البابور .. بس مش عارفة كنا بنستخدم ليه البابور مع ان كان عندنا بوتجاز 

كانت ذكريات حلوة جدا و لها ريحة  كمان مميزة 

كا حُماية عيد وانتم طيبين 

 

 

تم تعديل بواسطة Grandma

خير الكلام ما قل ودل وإتكتب بالمصري الفصيح

رابط هذا التعليق
شارك

8 ساعات مضت, عادل أبوزيد said:

بحثت في جوجول عن أصل هذه الصورة فلم أجد

انها بحق إختيار الأسبوع الموفق للغاية ...

الصورة من إبداعات الفنان التشكيلي المصري الجميل " محسن ابو العزم " ...
هذا رابط به مجموعه كبيرة من أعماله المصرية الصميمة ..

9at6ol9hkr0z.gif

... أن واحدة من آساليب النُظم الديكتاتورية هى :

liberte_dexpression-28365515.jpg

وهى بكل أسف كانت ومازالت مٌنتشرة ومُستخدمة في بلدنا الحبيب وعلى كافة المستويات بلا إستثناء !

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...