اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

برلماننا و أخلاقيات النزاهة .. المسافة كبيرة


Recommended Posts

أصبح لدينا برلمان حقيقي ، منتخب بكل نزاهة و شفافية - قدر الإمكان - و أصبح في رقبة هذا البرلمان ضمان تفعيل النزاهة في كل مفاصل الدولة ... و منها مجلس النواب نفسه.

ما سبق كان إستهلالا  لابد منه

عندي حلم كبير  أو بمعنى أدق تحت جلدي حلم كبير ألا و هو  الحياة في ظل قيم النزاهة و الشفافية ، و هنا في محاورات المصريين  كدت أتحول إلى فارس  يحارب طواحين الهواء.

بذلت جهدا  لإنشاء جمعية أهلية  يكون هدفها هو  تفعيل النزاهة و الشفافية ، و من الطرف وقتها  في إحدى الإجتماعات  أن أحد الحضور  سألني بكل جدية  عن صعوبة تفعيل النزاهة  في وجهة نظره النزاهة  هي الشياكة في الملبس و لبس كرافتة و بدلة   ... و لكم أن تتصوروا  حجم الإحباط الذي ألم بي حينئذ.

أقرأ و أتابع  آليات الديموقراطية  النموذج  في بريطانية  من خلال  وسائل الإعلام البريطانية ، و  يعجبني تمسكهم إلى حد التعصب  بقواعد النزاهة و الشفافية ،

هنا مقال للكاتب محمد سلماوي عن أداء برلماننا :

اقتباس

 

هل يفيق البرلمان من غفلته؟
salmawy1.jpg
 
 
 
 

 

أتمنى للزيارة التى يقوم بها اليوم العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز للبرلمان أن تجعل النواب يفيقون أخيرا من غفلتهم، ويشعرون بأهمية المجلس الذى يجلسون تحت قبته، ويتمثلون التاريخ العريق الذى ينتسبون اليه، ويتكفلون للقيام بالمهمة التاريخية التى قدر لهم أن يضطلعوا بها.

فحين يختار زائر كبير يمثل دولة عربية شقيقة ان يلقى بخطاب أمام مجلس النواب المصرى فهو فى الحقيقة يمثل أكبر سلطة تشريعية فى الوطن العربى والتى من تشريعاتها المرتقبة ستستمد بقية الدول العربية اتجاهاتها التشريعية فى المرحلة المقبلة، فتأثير التشريعات المصرية على الكثير من تشريعات الدول العربية تشهد به ذاكرة التاريخ، ابتداء من القوانين التى تنظم الحياة اليومية للناس فى الوطن العربى وحتى دساتير الدول ذاتها والتى كتب الكثير منها عظماء الفقهاء القانونيين المصريين، فهل يدرك نوابنا ذلك؟ وهل هم على مستوى تلك المسئولية؟

الحقيقة أننا حتى الآن لم نجد من هذا البرلمان الذى تمضى الشهور سريعا منذ أولى جلساته، الا ما يشبه عروض فرق السيرك الجوالة، ولم يتصدر أداءه امام الرأى العام الا المهرجون والبهلوانات الذين لا يبدو أنهم يدركون تاريخ وجلال تلك المؤسسة العريقة التى ينتسبون لها.

ثم كانت الطامة الكبرى حين انتفض النواب أخيرا وبمجرد انتهائهم من إقرار اللائحة التى لم تكن تتطلب كل ذلك التلكؤ الذى طال بأكثر مما ينبغي، فإذا بأول قرارات المجلس هو قرار اعفاء مكافآت أعضائه من الضرائب التى هى الواجب الوطنى الذى يلتزم به المواطنون جميعا، كما انها من أهم أدوات تحقيق العدالة الاجتماعية التى نادت بها الثورة والتى مازال الناس يتطلعون لتحقيقها، كما قرر المجلس أيضا تخصيص مبلغ 30 مليون جنيه لتقديم قروض مالية للأعضاء لا تحتسب لها فوائد!!!

لقد كنا نتصور أن هؤلاء النواب جاءوا إلى البرلمان متطوعين لا مستفيدين، جاءوا لخدمة الناس وللدفاع عن مصالحهم، لا لجمع المزايا المالية، لكن ها هى المزايا تتصدر أعمالهم التى من أجل ضمانها اتخذوا قرارا آخر لا يقل فداحة عن الاعفاء من الضرائب، وعن تخصيص30 مليون جنيه لقروض النواب وعدم احتساب فوائد لها، ذلك هو القرار الذى أصدروه بعدم اخضاع ميزانية البرلمان للمساءلة وإدراجها فى ميزانية الدولة كرقم واحد بلا تفصيل.

لقد أصبح البرلمان بذلك هو الجهة الوحيدة فى مصر التى لا تخضع ميزانيتها لأى مناقشة أو مساءلة من أى جهة كانت. ان هناك جهات أخرى فى الدولة تدرج ميزانيتها ضمن الميزانية العامة كرقم واحد حسب نص الدستور الحالى والدساتير السابقة، وهى القوات المسلحة والقضاء، لكن ميزانية القوات المسلحة ان لم تناقش فى البرلمان حفاظا على سريتها، إلا أنها تناقش داخل مجلس الدفاع الوطني، وميزانية القضاء تناقش داخل المجلس الأعلى للقضاء، لكن ليس هناك بين مواد الدستور ما ينص على سرية ميزانية البرلمان وعدم جواز تفصيل بنودها وبالتالى عدم إمكانية مناقشتها.

إن هذا البرلمان يختلف عن كل برلماناتنا السابقة فى أنه هو المنوط به تحقيق المجتمع الجديد الذى طالبت به ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو، والقائم أولا وقبل كل شيء على الشفافية، التى لم يعرفها تاريخنا الحديث طوال نصف القرن الماضي.

ان على هذا البرلمان إصدار التشريعات اللازمة لتطبيق الدستور، وهى المهمة التى قارب الفصل التشريعى على الانتهاء دون أن يكون البرلمان قد بدأ فيها، ولا أقول أنجزها.

ان الدستور الذى أقره الشعب بأغلبية كاسحة منذ سنتين ونصف السنة مازال حبرا على ورق رغم أنه أكثر دساتير مصر تقدما لأنه استلهم روح الثورة والمبادئ التى نادت بها من أجل تحقيق المستقبل المشرق الذى نتطلع اليه، لذا جاءت به 48 مادة غير مسبوقة فى أى من دساتير مصر السابقة، والمهمة التاريخية الملقاة على كاهل هذا البرلمان هى تحويل هذه المواد الدستورية الى قوانين تنظم حياتنا اليومية، ومن ثم تبدل حياتنا بالكامل، فهل يدرك البرلمان ذلك؟

لقد تخاذل البرلمان حتى الآن عن القيام بهذه المهمة التاريخية، التى اختصه بها القدر من دون البرلمانات السابقة واللاحقة، وأخشى ما أخشاه أن تنتهى دورة هذا البرلمان كما بدأت والأعضاء مشغولون بتحقيق المزايا وبتقديم الاسكتشات الهزلية أمام كاميرات التليفزيون.

ان ذلك وضع مؤسف ومخجل، وما يزيد من أسفه أن هذا البرلمان نفسه يملك من أسباب القوة ما يؤهله لهذه المهمة التاريخية الجليلة، وبه من المميزات ما يجعله الأقدر على ذلك، فهذا هو أول برلمان يحظى بما يزيد على 90 امرأة من بينهم 14 نائبة فقط معينات والباقى منتخبات من الشعب سواء بالقائمة أو بشكل فردي، وهذا هو أول برلمان به حوالى 50 عضوا يمثلون المواطنين الأقباط بمختلف طوائفهم، بينما فى البرلمانات السابقة كان رئيس الجمهورية يضطر لتعيين شخصية قبطية أو اثنين ذرا للرماد فى العيون وحتى يكون هناك فى البرلمان صوت قبطي، وهذا هو أول برلمان ينجح فيه ما يربو على 40 عضوا من الشباب الذين تقل سنهم عن 35 عاما، وذلك بعد ان تم تخفيض الحد الأدنى للترشح الى 25 عاما.

يضاف الى ذلك أن هذا البرلمان تتنوع فيه الاتجاهات بحيث يمثل جميع الاتجاهات السياسية والفكرية الموجودة فى المجتمع، بما فى ذلك تيار الاسلام السياسى الذى يحظى بما يقترب من 20 عضوا سواء أفصحوا عن ذلك أو لم يفصحوا.

ان تلك المزايا تنطوى فى الحقيقة على رسائل مهمة من الناخبين وواضحة الدلائل، فالشعب الذى ينتخب لأول مرة 90 امرأة فى ظل انتشار الفكر المنحرف الذى ينادى ببقاء المرأة فى البيت وعدم خروجها الى الحياة العامة إنما يبعث برسالة واضحة تؤكد تأييده للدولة المدنية الحديثة ورفضه للدولة الدينية المتخلفة، والشعب الذى ينتخب لأول مرة 50 قبطيا إنما يبعث برسالة تؤكد رفضه للطائفية البغيضة التى تسعى لتقسيم المجتمع الى مسلمين ومسيحيين، ثم لتقسيم المسلمين الى سنة وشيعة، والشعب الذى ينتخب لأول مرة 40 شابا إنما يبعث برسالة واضحة تؤكد رغبته فى التجديد من خلال ضخ دماء جديدة الى الحياة العامة.

ان مجلس النواب مؤهل لا شك للاضطلاع بالمهمة التاريخية الجليلة التى اختصه بها القدر، فهو سليل تقليد برلمانى راسخ يعود الى أواسط القرن الـ 19، لذلك فالشعب لن يقبل منه هزلا ولا تكاسلا، فهل يفيق من غفلته ويصلح من حاله؟


لمزيد من مقالات محمد سلماوي

 

 
 
 
 
 
7
 

 

 

 

 

 
 

مواطنين لا متفرجين


رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...